شعر أليخاندرا بيزارنيك
ترجمة سيلفيا بارون سيبيرفييل وكلود كوفون
(دار أكت س ود 2005)
سعت سيلفيا بارون، رفقة كلود كوفون، أن يظهر مجموع العمل الشعري لبيزارنيك بالفرنسية، بما فيه ما سبق أن تُرجم لدى غرانيت سنة 1986 برعاية فرونسوا كزافيي جوجار مدير الدار، إضافة إلى نصوصها الأخرى، ومن ضمنها تلك التي لم يسبق لها أن نُشرت.
أليخاندرا بيزارنيك إذن شاعرة أرجنتينية، ولدت سنة 1936 بمدينة بوينيس إيريس، ونشرت أولى قصائدها قبل أن تبلغ العشرين من عمرها.
أقامت لزمن في باريس منذ وصولها إليها سنة 1961. والتقت ضمن كل الذين عاشرتهم خوليو كورتاسار وأندريه بير دو مانديارغ، اللقاء الذي كان له، بعد ذلك، الأثر الحاسم في تجربتها الشعرية.
سجلت أليخاندرا في دفتر يومياتها يوم 25 أيلول 1972 ما يلي: لا يجب أن أنسى أن أنتحر! لم تنس وانتحرت بالفعل في نفس الشهر. منقادة للشعور الذي ملأ قصائدها، وخاصة الأخيرة منها، بحدة إطباق الموت عليها: "إنه أفقي الأوحد".
خلال قراءتنا لقصائدها نحس فيها بذلك المغص الذي نخال في البدء أن يكون مجرد لوثة رومانسية، لكن سرعان ما يتردد ويطّرد ليتحول إلى حرقة الوحدة، الفراغ وألم الخوف من الليل. كي تتسلط عليها فكرة الموت. تقول، في الأول، أن الموت ما يزال جد بعيد ولا يعنيني في شيء، في قصائد (1956). إلى أن يتحول ذلك في "الأعمال والليالي" (1965) إلى تأكيدها على قوة رغبتها في الموت وأن "الموت يوجد دوما على مقربة منا".
ف شعر أليخاندرا ذلك القلق الفلسفي وتلك الرغبة في اكتشاف سبب القسوة التي نعاني منها. قالت بأسى: "أحدٌ في الحديقة يؤخر مرور الوقت!"
"بقرات" فريديريك بوييه منشورات P.O.L. 2008
بعد العديد من الكتب الشعرية وبعض روايات ومباحث، يصدر بويي كتابه الجديد حول "البقرات". جعل العنوان جمعا نكرة، ما يعقد عملية ترجمته إلى العربية. اعتنى بويي إذن في كراسه الشعري هذا بتأملاته الجميلة عن حياة أليفة في المزرعة وعلى مروج وروابي أرض قريبة. أن يفتتحه بقوله: "البقرات هن أول من يمتن!". ويسترسل في القول بأنه " في البدء، تحدث بقرة ميتة إزعاجا هائلا"، لهو علامة، غير هينة تدل على ما يتدافع في أعماق الشاعر من تأملات، مستحيل البوح بها بيسر. غير أن "البقرات يحببن المطر". "كان بودهن أن يتعلقن، بسهولة، بأشياء أخرى مثلنا، العقل، المنهج والقوة. غير أنهن لسن يرغبن سوى في ماء السماء"!
يحاول بويي أن يلتفت بذكاء إلى الشتيمة التي تشير إلى "البقر، أبقار" (على عكس جمال بقرات)، وقاد تقريظه الجميل بعذوبة وتخللت عمله بالتالي عبارات غنية في عمقها. أراد أن يغوص في سكينة حياة هذا الحيوان واستطاع أن يقتسم معنا اكتشافه الجميل ولم ينس أن يكتب "ترى البقرات أن من الرتابة ألا يحببن أحدا"!
اثنتا عشرة، النصوص والرجال لأليكساندر بلوك
(ترجمة أوليفييه كاشلير، صدر عن أليا. 2008)
لقد ظهرت أول ما ظهرت الطبعة الروسية الأولى من كتيب بلوك هذا في بيترسبورغ سنة 1918. وقد تخللتها رسومات يوري أنينكوف، وحافظت عليها طبعة الترجمة الفرنسية المزدوجة، التي أصدرها أوليفييه كاشلير هذه الأيام.
كما هو واضح فالنصوص التي يحتويها الكراس قد كتبت في ظروف الثورة البلشفية. ما تعزى إليه لهجتها المنفعلة، دون أن ندرك تماما إلى أي حد كانت النصوص توالي التغيير، الذي سعى إليه البلاشفة إبان خروج قواهم إلى الشوارع، أم أنها كانت متألبة عليهم. ما عبر عنه، منذ البدء، ماياكوفسكي بقوله أن البعض يرى في القصيدة تهجما على الثورة في الوقت الذي اعتبرها آخرون تغنيا بمجدها. وحسم بذلك الشكل الاستعصاء الذي نواجهه لدى كل اقتراب من هذا النص.
غني عن الذكر أن هذا العمل الشعري هو آخر ما كتبه بلوك إذ خلد بعد ذلك إلى صمت مطبق حتى موته سنة 1921 ربما صريعا بمرض الزهري.
ينتمي بلوك كما هو واضح إلى ما يسمى بالرمزيين الروس، مع ميله إلى التخندق أكثر ضمن "الشعراء القرويين" إلى جانب الشاعر الفذ سيرجي يسنيين. كما نلحظ في قصائد هذا الكتيب تجريبا شعريا جديدا، على مستوى تطور رؤيته الإيقاعية.
كتب بلوك بصدد حضور البعد السياسي في نصه هذا، أنَّا لسنا من سيصدرون، الآن، الأحكام التي سوف يطلقها علينا الآخرون فيما بعد!
أوراق العشب لوالت وايتمان
(ترجمة إريك أتينو، صدر عن جوزيه كورتي. 2008)
لقد حظي كتاب "أوراق العشب" بترجمات فرنسية سابقة. فالترجمات غير الكاملة والتي تكتفي ببعض مختارات من وايتمان فهي كثيرة جدا. أما التي أخذت على عاتقها ترجمة مجموع أوراق العشب فقد اضطلع بها، حتى الآن، رجلان. الأولى من وضع ليو بازالجيت وذلك سنة 1909، وقد أعيد طبعها لمرات عديدة. أما الثانية فقد أنجزها سنة 2002 جاك داراس، والتي أعتبرها، شخصيا، موفقة.
ما الحاجة إذن إلى إعادة ترجمة وايتمان إلى الفرنسية اليوم؟
نعرف أن كل حرص على معاودة تناول النصوص المترجمة سابقا في ترجمات جديدة لابد أن تكون لها دوافع واضحة. ذلك أيضا، بالتأكيد، حال إريك أتينو الذي لا يجهل بتاتا أي شيء حول كل ترجمات وايتمان إلى الفرنسية. ذلك أنه يجد لنفسه مبررات جديدة لإعادة إخراج أوراق العشب. وفوق ذلك لدى دار جوزيه كورتي العتيقة، في طبعة أنيقة تليق بالرجل.
يرى إريك أتينو أن وايتمان من أشد الشعراء تشذيبا لنصوصهم، ذلك أنه يعيد صياغتها، كل مرة، إضافة، إسقاطا، تحويرا، وغير ذلك من التغيير الذي يوقعه بنصه الأول. من هنا يرى أتينو أنه أحاط بكل التغييرات التي لم تؤخذ بعين الاعتبار في ترجمات سابقة، وأراد بذلك رفع هذا الضرر. أمر آخر، هو أن الترجمات السابقة، في نظره، لم تهتم سوى بالمضمون وأهملت خصوصية لغة وايتمان وصعوبة وضع المفارق فيها بسهولة في قوالب لغوية بالفرنسية، ودون مخاطر. فتراه يتحدث عن التكرار والتوكيد الذي نجده في البيت الأول I celebrate myself. وصعوبة ترجمته مع عدم المس بالتركيب الويتماني للجملة.
تبقى طبعة جوزيه كورتي أكثر ترجمات وايتمان الفرنسية أناقة، زيادة على احتوائها للنص الإنجليزي مع المقدمة التي وضعها الشاعر على شكل أعمدة. أما مبررات إريك أتينو فليست تقنعني حقيقة.
إيلاف
11 فبراير2008