يعود الشاعر يحيى البطاط إلى إصدار مجموعته الشعرية الجديدة “دلال الوردة” بعد ثماني عشرة سنة من صدور مجموعته الشعرية الأولى “تموت الشظايا” في عام ،1988 وهو زمن يتجاوز كما يبدو حدود التريث الطبيعي أو المراجعة الذاتية، ليثير أسئلة مشروعة، ربما يتولى المتن الشعري الجديد الإجابة الضمنية عنها. تكشف المجموعة الشعرية الجديدة عن عدد من الأساليب والاتجاهات والملامح المختلفة المتنوعة التي أريد لها التعايش فيما بينها، وبما يوحي بتمثيلها مراحل زمنية مختلفة، حال دون التحقق منها إغفال الشاعر ذكره تواريخ كتابتها.
على مستوى التلقي، تتفاوت القصائد فيما بينها، ما بين وضوح سافر وانكشاف للموضوعة، مرورا بالغموض الشفيف الموحي بما وراءه للقارئ المدقق، وانتهاء بضروب التجريب المختلفة، ممثلة في الإفادة من معطيات الفانتازيا وعوالم السريالية.
من هنا وجدنا التعبير عن العالم الواقعي في قصائد الشاعر يبرز إلى جانب تشييده عوالم وهمية. بل إن ذلك لم يمنع من رؤيتنا قصائد بعينها، تزاوج في معطياتها، بين العالم الواقعي والعالم التخييلي.
وكما جمعت المجموعة الشعرية بين عدد من الاتجاهات والأساليب المختلفة وجدنا لغتها، وإن غلب عليها الطابع الإيحائي، تتفاوت بين لغة ذات استخدام خاص ومظاهر انزياح ثر في معظمها، وأخرى واضحة، وثالثة وصلت إلى حواف اللغة الإشراقية:
“أقرؤني فيك
لماذا لا أقرؤك فيّ
أنت مرآتي التي لا أراني فيها
(...)
لا أرى غيري
وكل غير سواي”.
وإذا كان طول القصائد في المجموعة الجديدة يتفاوت في عمومه بين (1-3) صفحات، بوصفه ملمحا غالبا على جل القصائد، فإن هذا الملمح لم يخل من استثناءات تمثلت في قصائد تراوحت صفحاتها بين (5-6) صفحات، كما في “غراب” و”سيرة مرآة”، في حين لم يتجاوز النص الشعري”ندم” ثلاث عبارات “6 كلمات” فقط:
“لك أنت
وليس لسواك
تتألم النظرة”.
لا ريب في أن هذا التمثيل البانورامي للملامح والأساليب في مجموعة الشاعر يحيى البطاط لا يعبر عن انتماء قصائدها إلى مراحل زمنية مختلفة وحسب، وإنما يعبر، في جانب منه، عن رغبة الشاعر في التحرر من أسر المواقف الجاهزة أو الانحياز إلى أسلوب دون سواه، في محاولة لجعل بنية القصيدة معادلا وفيا لتجربتها المعيشة ومضمونها الدال عليها.
أولا: مستوى البناء الفني:
1 تقنية الحوار الداخلي:
لعل من أبرز ملامح البناء الفني في قصائد المجموعة اتخاذها تقنية الحلم وسيلة فنية للتعبير عن رؤية الشاعر. ففي هذه الوسيلة- كما هو معلوم- فرصة للنفاذ إلى مساحات العقل الباطن وتجلياته التي جاءت مزيجا من التهويمات والعوالم المستندة إلى منطق النفس أكثر من استنادها إلى منطق العقل، ما أكسبها قدرا من الشفافية لا تخطئه عين القارىء:
“كم أراني..
أحلم بهذه اليد
تشبه فزاعة
أراها تلوّح من بعيد
لكم أيها الموتى
وأنتن تنقّرون
في حقل أحلامي”.
لقد قادت تقنية الرؤيا(الحلمية) في مجموعة “دلال الوردة” إلى شيوع أسلوب (المونولوج) الذي احتوى مناجاة الشخصية المنكفئة على ذاتها، المغلبة مساحة البوح على لغة الحوار الخارجي(الديالوج):
“الوجوه التي لا تعنيني
التي ألفت تقلباتها،
تشاركني كل ليلة أحلام نومي،
وكل يقظة،
أحلام يقظتي”.
ومما يؤكد انطواء الشخصية على ذاتها، اقتران تقنية الحلم بملمح فني آخر، لا يعدو كونه وجها آخر لهذا الانطواء، ونقصد به ملمح التساؤل الذي شاع في عدد غير قليل من قصائد المجموعة ووسمها بطابع تأملي.
من هنا يمكن القول إن أبرز ما يميز البنية الشعرية للشاعر أنها بنية متمحورة حول الشخصية المأزومة التي بدت الظاهرة الأبرز، وبدت تساؤلاتها وتأملاتها الملتحفة بها تعبيرا عن محاولات جاهدة لفهم ما حولها من أسئلة وظواهر وإشكالات، تتصل بالعصر والحب والعالم والموت والصداقة والحياة والغربة والوطن..الخ. وقد تكشفت هذه التساؤلات أحيانا عن حالة من الرفض لدى الشخصية، لما حولها من تحديات:
“لماذا علي أن أشكر الآلهة،
وأذبح خيالي
تحت نظرها الحسود؟
لماذا علي أن أسقط
كلما مرّ سفاح
واستباح دمي؟”.
لقد قادت تقنية المونولوج وما حفّ بها من أسلوب تأملي وتساؤلات لدى الشخصية إلى تعميق الإحساس بالعري والوحدة التي تقرب من حالة الفصام مع الواقع المحيط بها. وقد عبر الشاعر عن حالة الفصام من خلال عدد من الأساليب الفنية غير ما ذكرناه، من بينها لجوء الشاعر إلى تجريد صوت من داخل الشخصية، في صورة أقرب إلى الانشطار، بغية خلق حالة من الحوار المعبر عن أزمة الشخصية:
“أنت أيها الغريب الذي يشبهني جدا
بوجهك الصقيل في المرآة،
حتى متى ستطاردني؟
أراك تعبت كثيرا..
وشخت كثيرا
كم أخاف عليك من الملل
عندما لا أعود”.
واضح أن الإحساس بالوحشة قد قاد إلى ظهور مظاهر فنية وأساليب تعبير، تعمق من الإحساس بها، مؤكدة حالة الفصام، منها ظهور ثيمة (القرين) التي يعكس توظيفها غربة الشخصية وانقسام وعيها، فضلا عن تماشيها مع حالة البوح التي تتسم بها الشخصية الإشكالية المهمومة، إذ تمهد لتفعيل حالة الحوار وتجاوز مشاعر الوحدة والوحشة والاغتراب، كما في “رؤى” و”الغراب” و”الوردة” و”ولا أمل لا أحد”.
ولعل هذا ما قاد أيضا إلى بروز مشاعر الإحساس بالعبث والاغتراب، وبفقدان الأشياء معناها لدى الشخصية. بل إن الشعور بالعبث واللامعنى يبدو رابضا حتى في عمق العلاقات الحميمة للشخصيات أحيانا:
“أركض في المتاهة
أركض في الفراغ الذي يتناسل في صوتك
(...)
وأنا أركض
خلف لا شيء”.
إن ثيمة الشعور بالعبث واللامعنى تبدو معطى متوزعا في جسد النص الذي يكتبه الشاعر، لصيقا بتجربة الألم والمعاناة التي تعيشها الشخصيات في التجربة الشعرية:
كلاكما بلا سبب بلا معنى ولا سلام
إن التمعن في أسلوب تقديم الشاعر للشخصية من شأنه الكشف عن حالة التأمل التي بدت ملازمة لها، وذلك من خلال مراقبة الشخصية للعالم المحيط بها، بهدف فهمه واستكناه معناه، وإدراك ملابساته:
“أبدا
للثقوب يتدفق النمل
مستمتعا بلوامسه التي لا تخطئ،
منحدرا من السقف،
يمضي إلى الجهات التي لا تحصى..”.
2 كسر النسق التقليدي في بناء الصورة:
يغلب على بناء الصورة في قصائد المجموعة مفارقتها النسق التقليدي، إذ يعمد الشاعر فيها إلى هدم العلاقات المنطقية للصورة، مخرجا إياها من سياقها المألوف تارة، مستبدلا بعض علاقاتها ببعض تارة أخرى. وهو ملمح يكاد يطغى على جل نصوص المجموعة التي تبدو الصور والعلاقات الأسلوبية فيها وهي تمارس خروقا وانتهاكات لأنساقها القارّة في ذهن المتلقي:
“.. يحصي فراسخي، ولا يقوى على عدّي، أمضي وإياه من دوني
وأنت نائمة في بيت أقفالي، بعينين من غبار، تغزلين من نهاري جثة
(...) بيدي هاتين سفحت بهجتي على بهجته”.
إن خلخلة البناء الفني للصورة، ممثلا في تبادل علاقاتها؛ بعضها ببعض، أسهم في توليد حالة من المفارقة، كشفت عن حضور مظاهر الانزياح. وهي مظاهر قادت إلى توليد جملة من الصور المبتكرة غير المألوفة:
“أيتها الشمس، وأنت تمشطين شعرك على مرأى الألم، كان البرق مصلوبا تحت أسوارك العالية”/ نكاية بالوداع، ترك كفه تتدلى من سماء الوطن، يقشر حماقة اللغة، ويقتسمها مع نفسه!/ “يرتقون بالدخان ثقوب سهرتهم، وعلى أصابعهم ريش الطفولة”.
مع هذا اللون من القصائد المخلخلة للنسق التقليدي للصورة، المعتمدة على تقنية الانزياح ومعطيات العالم الداخلي للشخصية، لن تكون مهمة القارىء سهلة في النفاذ إلى العالم الدلالي للتجربة الشعرية وإدراك تحولاتها الفنية، إذ هي بحاجة إلى قارئ مؤمن بقيم الحداثة، مدرب على استكناه البنية العميقة للقصيدة، صابر على مراوغتها ومغالقها، بما فيها من انزياحات وفجوات واستباقات ورؤى باطنية. وهو أمر يستدعي قارئا متجاوبا مع التحدي الذي يفرضه هذا النوع من الشعر المحرض للمخيلة، المحفز للوعي، المثير للمشاركة الإيجابية القادرة على إعادة إنتاج المقروء، إعادة خلاقة في ذهن المتلقي.
3 أسلوب التتابع المشهدي:
يغلب على طريقة بناء الصورة في مجموعة (دلال الوردة)، انتماؤها إلى المنطق النفسي، واتصالها بدخيلة الشخصية. لذا فإن صورها تبدو أقرب إلى صور الحالة منها إلى الصور المعبرة عن مرجعياتها الموضوعية. ولعل هذا ما جعل هذه الصور تبدو غائمة، من غير انطفاء، ومنطوية على قابلية إيحائية، يمكن أن تمنح معها نفسها لمن يسعى إلى افتضاض أسرارها بحب وصبر وتأمل. إنها المعطيات التي تخاطب المتلقي القادر على النفاذ إلى بياضات النص وردم فراغاته؛ لإعادة إنتاجه.
إن من بين تجليات المنطق النفسي في بناء الصورة، عزوف آلياتها عن اعتماد بنية النسق الخطي للمعنى، إذ هي تسعى بدلا من ذلك، إلى تعمد خلخلة هذا النسق واللعب عليه، عن طريق اعتماد أسلوب مراكمة المشاهد المتتابعة التي تأخذ شكل لقطات سريعة لمشاهد جزئية، يتجاوز بعضها العالم الواقعي إلى فضاء الفانتازيا، ليس على مستوى البنية الدلالية فحسب، وإنما على مستوى الصور (دلالات ومفردات وتراكيب). بل إن ولع الشاعر في ابتداع الصور الغريبة، غير المألوفة يبدو مهيمنا على الأجواء الشعرية لتجربته، حتى ليبدو ملمحا لا تخطئه عين القارىء:
“سألفق غيمة، وأتوسد وهما”/ “أنا الكمين الرابض، في تأوهات الشوك”/ ذات حرب، أدخلوه جثة جندي (..) ثم أغلقوا الجثة دونه/ ظهري مقوس، يسبقني رمادي إلي، وتضيء في قلبي شجرة/ ليس لكم سوى خدعة البقاء، على روائح مرورنا/ أي يأس يليق بك أيتها المقصلة، يا غبار الجسد/ يرتقون بالدخان ثقوب سهرتهم/ والماضي يفتش في جيوبهم، عن تابوت لأخطائه/ وحتى تصير الغابة غزالا، والخطوة وطنا سيعلق رأسه على مشجب الغبار.. الخ.
ثانياً: مستوى البنية الدلالية.
4 المرأة.. بنية للرمز والتضاد:
يثير حضور المرأة في مجموعة الشاعر الجديدة أكثر من قضية. فعلى الرغم من الحضور الطاغي للمرأة في النسيج الفني، فإن صور توظيف هذا الحضور لدى الشاعر تكشف عن غلبة المستوى التجريدي له تارة، والرمزي أخرى، فلا يكاد حضور المرأة يطل في المتن الشعري إلا من خلل الاستحضار الذهني لصورتها “زمن المضي”، أو الحلم بها “المستقبل”. وفيما عدا ذلك، فإننا لا نكاد نقف على صورة للعلاقة الحية المتشكلة عبر إرادة طرفين:
و”حتى يطل نهارك، سأحلم، بوطن لا يضيق بي”/ أهتف بك خذيني بدال وردتك.. اتبعيني، إلى وهمي بك/ منذ أربعين وهما، تعلم أن يمسك بالمرايا، ليأسر بها طفلة الشمس/ لماذا لا أقرؤك فيّ، أنت مرآتي التي لا أراني فيها.. يثلمني امحاؤك، ويعشش البوم على لساني.. الخ.
وإذ يؤثر الشاعر اتخاذ الوردة رمزا للتعبير عن المرأة وعلامة دالة عليها، مرادفة لحضورها، فإن ذلك يضعنا مثلما يضع نصه، في مواجهة السؤال عن إمكانات الطاقة الإيحائية لهذا الرمز التقليدي الذي استهلكته قرائح الشعراء ورددته متونهم الشعرية على مر العصور، فتحول من صورته الرمزية إلى صيغة نمطية جاهزة.
لقد اكتسبت المرأة في قصائد المجموعة سمات نموذجية، إذ بدت على الدوام محط إعجاب الرجل بها، والتفكير فيها، والحلم بلقائها.
وقد قاد تعلق الرجل بالمرأة وإعجابه بها إلى تثبيت هذه السمات النموذجية التي منحتها بعدا تجريديا(مطلقا)، في مقابل البعد النسبي الذي يمثله الرجل. بل إن تأملنا في طبيعة العلاقة فيما بينهما من شأنه أن يقودنا إلى اكتشاف حالة التضاد. فإذا كان الرجل يمثل ما هو نسبي وهامشي وهابط وواقعي وطيني، فإن المرأة تبدو في المقابل رمزا لما هو أزلي وأصل ومطلق وحلمي:
“.. أنت في أزلك، وأنا في طيني، كلانا واحد”/ أما أنا فسأضع نظاراتي لأراقب تحليقك البهي/ هكذا أنت، هائلة من شدة غيابك، أبدية كصحراء..نبيلة، آسرة، نقية/ لماذا أضيق باتساعك، لماذا عاطل ظل أشجاري/ حين أبصر، لا أرى سواك سلالة للماء.. الخ.
إن هذا التصعيد النموذجي لصورة المرأة هو ما يفسر استمرار غيابها وبقائها متلألئة، في شكل وعد تارة، وحلم أخرى، ووهم باعث على الشعور بالفقد والخسران حينا آخر.
ويحتل الانشداد إلى المكان المفتقد والحنين إليه، بوصفه الحاضنة الأولى والماضي المعطوب والمهاد الذي يأتي فراقه قسريا، يحتل مكانة مهمة في التداعيات النفسية التي تعرضت لها الشخصية وقادتها إلى مسارب الوحشة والاغتراب:
“أحن إلى الأزقة، إلى ضجيج الخطوات الطفلة.. أحن إلى نظرات حارس ليلي مرتاب بظلي”/ حسنا أيتها الشمس كيف حال طرقاتنا هناك، أما تزال خطواتنا تنبض فوق وجهك/ وحدك الآن، يا صولجان الهباء، تراود جمر المنافي بجمر خطاك، وتحرث رمل الفيافي برمل رؤاك.
بل إن الفراق يتجاوز حدود المكان لدى الشخصية، ليبدو ثيمة تمتد إلى الأصدقاء والأحبة والمرأة. ولعل من الطبيعي أن يستحضر ذكر الفراق واحدا من أكثر مظاهره في المتن الشعري للمجموعة، ونريد به حضور ثيمة (الموت). لكن اللافت في حضور ثيمة الموت في نصوص مجموعة الشاعر أنها لا تقف عند حدود المعاني الجزئية له، كما أنها تتجاوز حدود فقد الناس، من أحبة وأصدقاء، إلى موت المعاني والأشياء فيما حول الشخصية، وفقدانها معناها:
“.. اليوم لست معنيا بكل ذاك الرنين، فليست لدي شظية مرآة”/ بعيدون.. بعيدون، يفكرون بلا قلب، ويموتون بلا حكمة، يتبعهم عويل، وتفتقدهم ذكرى.
يلوح لقارئ مجموعة (دلال الوردة) أن عنوانها لم يكن العنوان القادر على احتواء طبيعة التجربة الشعرية للشاعر أو البوح بها، وأن ما ورد من استخدام لرمز الوردة للتعبير عن المرأة الحلم، في المجموعة، لم يشكل سوى بعد واحد(تجريدي) لثيمة لم تستطع أن تتجاوز التساؤلات الفكرية الكبرى والتأملات الإنسانية الشفيفة التي شكلت أساس التجربة الشعرية والملمح الرئيس في هذه المجموعة، فضلا عن أنه يبدو أدخل في آليات التسمية التقليدية منه إلى روح التجربة الحداثية التي عبرت عنها نصوص المجموعة.
لقد أضحت العنونة تقنية ذات دور وظيفي متسع الأبعاد والدلالة، إذ ترتبط مع بنية النص بوشائج وعلاقات تسهم في نمو النسيج الدرامي له، حتى ليبدو الحديث عن القصيدة بمعزل عن عنوانها ضربا من ضروب العبث والنقص. فالعنوان هو العتبة الأولى الممهدة للكشف عن عالم القصيدة، أو ثريا النص كما يرى دريدا.
لقد بدت نصوص يحيى البطاط في مجموعته الجديدة(دلال الوردة)، على اختلاف همومها وتعدد مستوياتها، نازعة نحو الإخلاص للقصيدة التأملية، الملحفة في السؤال، الملفعة بغلالة الحزن والانكسار، وإن بدت بعض تساؤلاته وتأملاته وقد اتخذت شكل الأمشاج المتعددة واللوحات المتفرقة في نصوصه المطولة نسبياً.
وأحسب أن الشاعر متجه في تجاربه اللاحقة نحو السعي لجعل النص الشعري بكليته بما في ذلك نصوصه المطولة تعبيرا عن فكرته الرؤيوية الموحدة التي تتجاوز المعطيات الجزئية للنص وتقنية المشاهد، لصالح البنية الموحدة. ويزداد الأمر أهمية إذا علمنا أن أكثر نصوص الشاعر أهمية وتعبيرا عن اشتغاله الجديد في المجموعة هي تلك التي امتازت بالامتداد وطول النفس، أمثال: الغراب، أمطار النائم، مفازة.. الخ.
الخليج
20-11-2006
إقرأ أيضاً:-