نادرة عبدالله
(السعودية)
غياب
لو لم تسافر
لاحتفظت بنظرتي التي تركتها هناك خلف الباب، لاحتفظت بصورتي
المسروقة من ألبوم المراهقة وبقت عندي دون أن يمسها وحشه
لولا سفرك ذلك المساء،
لما نسيت المفتاح.......
لتذكرت ورد الندى والأصابع، وأيقظت نظراتك في الليل لتنتبه
العصافير
ثمة من سيفتح الباب
ثمة من سيستقبل وجه القمر في الطريق، لكن أينا سيسرع ليسكب دمه
للنداء
ربما نسمة دم تحمل أسماءنا على عجل ليخضر الأثر،
فضع أطراف الحديقة هنا وأدعي أن تفاحة سقطت منك سهوا وتدحرجت على
العشب ولم تستطع الالحاق او الإمساك بها
عل ورد أحمر ينفض رحيقه ويتمدد بيننا كظل سماوي حنون،
علّ قصيدة ترتدي سترتها وتتنكر بجسدها المضيء عن غربة الشوق
لا تضحك ودَعْ الغياب يضحك نشوة لأنه جل ما يسبقنا
إلى الذاكرة ويكتب محوا لئيما على الريح
قل لي كيف أودع الغياب وعيناك تعبر الشوارع كل يوم مثل حلم، وكتجمع
النجوم في منتصف الليل
وتمطر كلمات من وراء جدار
في امتداد خطاك أكنس الريح بالأبيض،
ليكون للصباح قصيدة تشبهك، تشبه الغوايات،
فاترك خطاك
مد يديك
.......
كان الوقت رحبا بما يكفي للحب
الساعات وادعة لتمنحني شيء من بهجتها المخبئة في الغيم،
كان كل شيء يتجه إلى عدمه
أما قلب أمي فبقي ينظر إلى من خلف نافذة عالم لا أعرف
كنهه ليقرأ على الصلوات
كنت اتأمل شلال الشمس في عينيها حيث مطر الله يتساقط على بشدة،
أرشف عسل القلب يجري من محجريها بنظرات لا تخطئها الحواس
أتلذذ بوجهها كلما رفعت كفها للسماء وهي تنظر هالة قدسية تضيء
قلبي العاشق وتقدمه قرابين لآلهة لا تعرف سهوها والنسيان
أرجوحتها التي نصبتها لي بين نخلتين في حديقة البيت قد كانت تعويذة
تذكرني نافذتها التي تتكثف كندى على قلبي وتهزه
نافذة تتكئ على القناديل وتتوكأ على النجوم
يشعلها الصمت حينا، وتتوهج بها الضحكات
الآن الصباحات نفسها لكنها تقايضني فسحتها تتشبث بجنازة الضوء
أمامي
تغني شهقة العصافير على الشجر
وشمس تعزف نوتة النهار بندى يأخذ في الاحتراق
الآن أردد ...
ضوء سماويا،
حكاية للقناديل، خريفا هادئا
دما خالصا لظمئ النهر يجري بين قبر وذاكرة وجع نسيان،
صمت يلون عين الشرفات بخشوع معاند يلملم مرافئ تعوي، رذاذ ضوء يعوي
خلف خطوي كالصخب العريق، فصول ترتدي خشخشة الأوراق، وتجلس وراء المنضدة تكتب
صامتة كطيف هناك، تتمايل أوراقك كموج لانهاية له، ظلام يغمر الأفق،
يمتلئ بغيم يعبق برائحة مطر لا يهطل أبدا
اي ايها الحضور الذي يرفرف بأجنحته يبحث عن كرسي ليستريح
عليه
مد يديك
كوهج الأجنحة أبدأ وأنتهي
كنعيم يوشك أن يصعد إلى المنتهى
مد يديك
،،،،،،،،
اعتذار
،،،،،،،
أيها الأطفال الذين لم نخلق لكم أجنحة ليهربوا من الموت
أيها المسنون الذين لم نصنع لكم طيارات لتهربوا بها أيضا من الموت
أيتها المنازل التي لم نعلم حجارتك كيف تنجوا من الخراب
أيتها الأشجار الباسقات التي لم نعلمك كيف تطفئي النيران لتلوذي من
الجحيم
أيتها الشوارع التي لم نعلمك كيف ترممين الموت من فناء الخطوات
لا نستيقظ
كل الصباحات تجعدات أصواتها المجللة للحياة في هذا العالم
كل النداءات اختنقت في غمرة الدخان، في صراخ الرصاص، في هرولة
الغبار
كل النهارات أومضت بالرعب
وحده الانتظار أضاء أثم الانتظار
لا مكان لزهرة الأرجوان
أعتذر!
أنفاسكم على كتفي، نظراتكم بقلبي
أصابعكم لا زالت هناك.
صوت
.......
ضوء خطاك....
مشع كعصف أنثوي
يوزع المعنى لحن شذى
ويغرف الورد كأنه طلل
يا للطيور إذ به تشدو على أغصانه
يا للفراشًات اذ تهمي على وقع قناديله عطرُ
صوت من المستحيل يكتب نصه قِبَلُ
يا للفخاخ ... خميلات من الريش، مرمر من الغيم، نعنع .... وهج
يا للفخاخ تصطاد فاكهة الوجود لا سر ولا علن،
وتشتكي من مزاميره الشجر
أبحّة الماي هذا الذي يصيخ له الحضور؟!
نوافير!
أم ظلال تبطش بالقلب أم سحبُ
نبيذ!
صوت رخيم،
رغيفه مغموس بماء الحياة
ومعجونه رهفُ
وأنا مغزولا على الهواء كالريح
أتكي الفراغ به ويصطفيه دمُ
وفي مكان حيث الأبد لا ينظر من خلف السياج، وحيثما تقرع الأجراس فم
أرى ما لا أرى
أبيض خالص، يتراءى للزجاج
عم صباحا أيها الشعاع
عم مساءا أيها الحلم
أعود من الشعاع تلو الشعاع على قيد الحياة مفعما بالموت ومسحوبا
على البريق...
لا عودا ولا غياب!
أعود من الصدى إلى الصدى
أتوق لسرد الضحايا هنا وكم من ضحايا سقطوا
أعود ...تحملني الظباء سفرا وأحملها شغف
ويتقيني من فرط هذا الشوق طرائد... لهب
أقداح أخيلتي تكاد تشربني وأشربها
كأن هذا السراب عرس وعرسه عبث
أعود عاكفا على ورق البردي، مطبقا على سر العناقيد حين اليأس وحين
الغبار وحين الريح تلتف، وحين بعضي هباء وحين الندامى يمشقون مشق السهام بعض نداء،
وحين العويل مملوء بشهقة الأرض، وحين السديم يغسل ظلي، وحين المرايا تسرق الفجر،
فلا أنت أنت ولا هذا الهبوب وهج
...................................
مرور
........
تبتسم
تعرف إن الشوق ينتظر قهوة صوتك،
تدرك ان وردة تعبر النهر الان
هذا هو صوتك، صوت يتقصف تحت برق الجسد
هذا هو صوتك، عابث في الحنو، عابث في المدى
عابث في النشيد، عابث في المساء الرجيم
يا للنبرة إذ تغري عشبة البحر
ترتدي النهر بجناح مرسلا للهدير
يا للنبرة تفتح الشبابيك برفيف هادئ للجمر
نشيدا كالنشيد، وصديقا كالصديق، ويقينا كاليقين، ومديحا كالمديح
يا للنبرة تبعث الأقمار في ليلها الحلو، تعبد الريح ريحا بعد ريح،
تحتفي أٌذني بعرس، جسدي بالتيه، طيشي بالماء، مرفئي بالشعاع، غيمي بالبهاء،
هاويتي بالفراغ
يا للمسافة ....
بين هذا الصوت وبيني!
خزفي كالعناقيد، كمرايا البحر، كحلم الطفولة
أيها الصوت
أفقك الأبعد، بعيد
قل لقلبي يتعدى البحر
لا تمل بهودجك نحوه ككفٍ توقظ العنبر في بيداءه
أجفل القلب، خار النرجس، أشهر الرمل سيفا من غمد الروح،
وإذا الغيم يبطش بالغيم،
والغيم يبطش بالمسافات التي قد أغلقته،
وقالت هيت لك
كيف يُطفى الشوق؟!
هل جنى الشوق علينا، إذ جرى على أفلاكنا بحمى الرغبة قمر
معطف انت فلم بلل البرد حوافك والسهر؟!
مثخنا بالظلال!
تزهو بعبق الورد، واقفا تنظر الغامض أن يمضي شهبا ونجوم
كنت وماكنت
كنت تهمس للأرض بجوف الزهر أن تعالي وخذي شكي المتعب للينابيع
والبسي قرطك الماسي كي آتي
ماذا بعد أيها الصوت
أيتها النبرة البيضاء من شرفة الرب،
يا دفء الغيب،
ويا دثار السماء إذ تهمي
أمطريني،
فما عاد للقلب مسافة نبض
والصباح لم يعد إلا ضوء منذور لخطى تكسر المفتاح
****