مع رحيل الشاعر الإيراني م.آزاد (محمد مشرف آزاد تهراني ) يوم أمس بطهران تكون الساحة الشعرية الإيرانية قد خسرت واحدا من رموزها الكبار الذين طوروا القصيدة الفارسية في القرن العشرين وساهموا في ترسيخ الحداثة الشعرية الإيرانية .
ولد م آزاد بطهران عام1930 ولاقى ديوانه الأول صدى واسعا في المشهد الثقافي الإيراني وامتازت تجربته الشعرية بترسيخ قصيدة التفعيلة(النيمائية نسبة الى رائد الشعر الحديث نيما يوشيج) وانفتاحها على الشعر الانكليزي المعاصر على خلاف مجايليه الذين تأثرت تجاربهم بالشعر الفرنسي بحكم هيمنة الفرانكوفونية على مفاصل الثقافة الإيرانية حتى نهاية النصف الأول من القرن العشرين.
لا أحادثك عن الاضطراب
النهر الذي يكبر الطائر
و يغرّد بقصبة خضراء دامية
النهر [الذي ]يكبر العدم
يصب في البحر دون أن يفشي سرا
ولايقول: لا.
كيف يمكنني أن أحادثك عن القلق؟
أسس م. آزاد مع الشاعر أحمد شاملو مجلة "بامشاد الصغير" وأصدر في الثانية والعشرين من عمره ديوانه الأول الذي بعنوان:"بلاد الليل" وقد جاء في المقدمة التي وضعها شاملو:
"الشاعر هنا وقد عرّى مشاعره .و القصائد هنا، مخضبة بهواجس إنسان يتألم انها ليست لحية ذلك البائع المهموم بتصريف سلعته.ثمة السأم الذي يصيب بعض القصائد بالشحوب الجميل لكن الإبداع الذي يعارض الواقع والنابض بالبحث عن الحياة مهما بدا معتما سرعان ما يكتشف طريقه الى الضوء".
كيف يكنني أن أمتدح ينبوعا وهميا ؟
كيف يمكنني أن ألاطف ظامئا حقيقيا؟
كيف يمكنني أن أدعي أن هذه الثمار أجمل من الربيع؟
كيف يمكنني أن أرتّل نشيد النصر؟
أن أمتدح هذا الميت الذي كان حيا
الطيور هاجرت لمشاهدة الريح
والبراعم لملاقاة المياه الصافية
الأرض عريانة
كذلك حدائق الوهم
ونسيم حبكِ الذي يفوق محبة الشمس.
بعد إصداره الأول بخمسة عشر عاما أصدر آزاد مجموعتين هما" قصيدة مطولة للريح" و
"ان تكون عاشقا وتمضي" ثم تبعهما بإصدارين شعريين هما "ميعاد" و "المرايا الجوفاء".وسعيا للقبض على سر البوح الشعري النقي ارتأى أن يحفر في أعماق الصمت عقدا من الزمن كان حصيلته ديوانا شعريا حمل عنوان "أشرق معي!"
وقد ظل الهم الشعري الشاغل الرئيسي في منجز آزاد دون أن يوقعه في فخ استسهال الكتابة الشعرية والتعاقد مع دور النشر لإصدار مجاميع متتالية يغلب عليها طابع الاجترار .فثمة
" قصائد قليلة جيدة هي حصيلة منجز كل شاعر مهما كان عظيما" حسب تعبيره وثمة السعي الدؤوب والتمارين الشاقة والرحلات المتواصلة في الآفاق والأعماق من أجل بلوغ مستوى من القول الشعري يجاور عمق الفكرة بصفاء البوح وسلاسة العبارة.
قادم أنا من الأعالي
من ذرى قمم الجبال
من مرتفعات شاهقة هي أفضل من الأنهار
وتقول لك:
عليك أن تهبط وتصير نهرا.
رفد آزاد المكتبة الإيرانية بأكثر من خمسين كتابا في مجال تحقيق ومراجعة عيون الأدب الفارسي الكلاسيكي وفي أدب الطفل,إضافة الى ترجمات عديدة من الأدب الانجليزي.
***
وردة حديقة الألفةّ!
كوني طائرا ياوردتي وأدلفي نحو حديقة الريح
كن برعمة يا ضبابي وأرتعش في سهل الماء
وردة حديقة المعرفة ! في أي مكان أورقت
لا السرو يعرف
ولا للمرج خبر.
لاطائر جلب الى سطيحة ندائك
لا يد ريح ثملة الى صلصال الكأس
لاحمائم البشارة
لاحدائق النور.
بين ورود أي مرج رقدتِ؟
والى أي وحش أفشى الضباب سرنا
يجرّح هذا القلب المشفّر جذر المحبة
أنا عشبة وحيدة بانتظار وردة ياوردتي.
كل الأغصان تكسّرت
في ذلك البيت الأسود
انتظرنا الأمل وهرمنا بالتذكار
بألف وعد مكثنا
***