القسم الثاني . الفصل الرابع 6
رغم أن عبدالله خليفة لم يخرج عن الامتداد الأيديولوجي الذي ارتكنت إليه الواقعية النقدية في هذه الفترة، فإنه جاء مستوعباً من الوجهة النظرية لبعض مقولات الواقعية الاشتراكية كما طرح ذلك في بعض مقالاته النقدية التي يرفض فيها الأساليب التجريدية والتبسيطية باعتبارها انحرافاً وليس تطويراً أو بديلاً يعتنق آمال الجماهير العريضة في المجتمع . ويؤكد في نفس الوقت على ضرورة تجاوز التحجر والجمود، والتسجيل الفوتوغرافي . وضرورة توجيه فاعلية الأدب في المجتمع وجهة فنية غير مباشرة تدعو إلى التغيير، من غير أن تكون محتوى للتعاليم السياسية، وتحافظ على مصالح القوى الاجتماعية من غير أن تركض وراء الأحداث وتلهث في نقلها من الواقع إلى الفن (56).
وقد حاول عبدالله خليفة أن يضع كل ذلك موضع تطبيق وممارسة في إنتاجه القصصي حتى يحقق للقصة الواقعية تجاوزاً وانتقالاً لا في الأسلوب فحسب بل في الموقف الاجتماعي الذي ارتكز عليه التصور الواقعي في أغلب الإنتاج القصصي خلال هذه الفترة، وهذا ما جعل معظم ما نشره من قصص قصيرة يأتي اختباراً لموهبته وصدق مقولاته النظرية، وليس نتاجاً لها أو استيعاباً لتأصلها في ذهنه ووجدانه . وندرك أثر ذلك في عدم استقرار منهج الكاتب مع تصور مطرد وأسلوب مميز يمكن أن يدرك مع وضوح رؤيته وموقفه الاجتماعي، فهناك بعض القصص تعكس لنا علاقة وثيقة تشد الكاتب بمنابع الواقعية الاشتراكية، ولكنها في نفس الوقت تكاد تنطلق من ظروف تاريخية غير متحققة في المجتمع المحلي، أو أنها ثابتة فوق أحداث يمكن اعتبارها تجريداً للواقع أكثر منها تحليلاً واستكناهاً للظواهر والعلاقات الاجتماعية، أو قد تستغرقها زاوية الرؤية السياسية لتكون عاملاً مؤثراً في متن القصة والصياغة
السردية، وخاصة إذا اقترن ذلك بحرص الكاتب على التنقيح المتزايد للأفكار والتصورات التي تترجمها العناصر الدرامية الصارخة في تحديد مواجهة الموقف التقدمي للنظام السياسي والاقتصادي . وكل ذلك يأتي مع كثير من مظاهر فقر البناء الفني وضعف التحليل الاجتماعي . في وقت يفترض موقفاً يتبنى الدعوة إلى تغيير الواقع في ضوء التصور الاشتراكي في الفن. إنّ التصور الاشتراكي للفن لابد أن (يتضمن الموافقة الأساسية من جانب الكاتب أو الفنان على أهداف الطبقات العاملة والعالم الاشتراكي الناهض) (57). إذ أن منهج الإبداع في هذا التصور يرتبط مباشرة بنمو الوعي الاجتماعي في الطبقة العاملة، ويرتبط من ناحية ثانية بإدراك الكاتب للدور العظيم الذي تلعبه هذه الطبقة في النضال من أجل تغيير المجتمع. أو النضال من أجل المحافظة على أهداف الاشتراكية . لأن الفنان (إذا كان لا يشارك الطبقة العاملة في مفهومها للعالم، كما هي الحال في البلدان الرأسمالية، أو لا يشارك في هذا المفهوم الطبقة العاملة التي أصبحت مسيطرة في المجتمع الاشتراكي فلا يمكن أن يكون هناك منهج واقعية اشتراكية) (58).
ومن هنا يساير عبدالله خليفة موقفه التقدمي مع الطبقة العاملة، ويصور وعيها ونضالها اليومي مع أشكال الاستغلال الاقتصادي كي تتخلص من عبودية الارتهان بالواقع البرجوازي . فأودع في كثير من القصص جملة من الوقائع والتناقضات التي قد يكون لبعضها اتصال ما بالواقع، وقد يفقد بعضها هذا الاتصال لتكون أقرب إلى التقليد والمحاكاة الشكلية وأبعد من أن تكون تعبيراً أصيلاً واستبصاراً عما يتحقق في واقع المجتمع المحلي، وهو ما يحيل طبيعة التصور الاشتراكي في قصصه إلى رؤية تعليمية سياسية مجردة، تفصل فصلاً متعسفاً بين الموضوعات التقدمية وجماليات الشكل الفني في القصة القصيرة.
ويمكن رصد هذه المسايرة في كثير من قصص الكاتب منها (الخبز) و (أغاني البحار العجوز) و (مقهى الرضا) و (ذات مساء جميل) و (جفاف) و (ضوء الصباح) و (الطين) و (القادمون من العالم السفلي) و (حامل البرق) و (لحن الشتاء) و (الوحل) و (الكلاب) و (هكذا تكلم عبدالمولى) و (القبر الكبير)، وقد نشر بعض هذه القصص في الصحافة المحلية وضم بعضها في مجموعته القصصية التي صدرت بعنوان (لحن الشتاء) في عام 1975.
في قصة (الخبز) (59) يرسم الكاتب البديل الذي يجب أن تواجه به الطبقات الشعبية الفقيرة ما يفرضه النظام الرأسمالي من سخرة واستغلال فلا يلجأ الكاتب إلى ما يتمثل في الواقع المحلي من علاقات نابضة بالحياة، ومظاهر التناقض القائمة بين رأس المال، والعمل، وإنما يلجأ إلى تأليف واقع يبث الحياة فيه على نحو تقريبي أو افتراضي، فيصور لنا حياً من الأحياء الشعبية الفقيرة يكتظ بالحياة، تؤدي إحدى طرقه إلى (الخباز) الذي يعتمد عليه الأهالي، وفجأة ينهار المخبز وبعض البيوت المهدمة ليحل محلها مخبز حديث وبناية حديثة بألوان زاهية، فيتشرد ساكنو البيوت القديمة، وينتقل العمال مضطرين إلى العمل في المخبز الجديد . وفي حين يبتهج الناس بمجيء الخير يفاجئون بارتفاع سعر الخبز إلى مائة فلس، فيذعر فقراء الحي ولا يجدون مخرجاً لذلك سوى في تكاتفهم مع العمال بتوجيه نضالي من أجل أن يتم لهم تصفية الاستلاب ونيل الحقوق.
والكاتب في هذه القصة لا يبتعد كثيراً عن أسلوب (نمذجة) الواقع، حيث يختزل صفاته وينقل علاقاته وتناقضاته من الإطار الخاص إلى الإطار العام، فالحي الشعبي الذي تفاجئوه الحضارة الرأسمالية إنما هو صورة مصغرة من الواقع، والمغني الأعمى الذي طرد من بيته القديم نموذج لمعاناة مظلمة لم تستطع أن تعوق انثيال النقمة على الواقع الجديد، وإبراهيم صاحب المخبز القديم يتحول إلى نموذج من البرجوازية التي تقوم بدور الوساطة بين رأس المال والمستهلك المطحون، وسلمان نموذج للثوري الذي يدرك معاناة الجماهير، ويدرك كيفية انتزاع النصر بالالتحام مع الطبقة العاملة (عمال المخبز)، ثم يدرك أسلوب النضال الهادئ الذي يمكنه من تحديد هدفه ومواقع أعدائه.
كل هذه نماذج ذات بناء محدد، ولكنها في الحق لا تشتق نفسها من الواقع، ولا تبدو لبوساً لحركته الاجتماعية، فالنماذج السابقة لا تحمل صدق ارتباطها بالواقع لأنها لا تنبع من الظروف التاريخية التي تمر بها القوى الاجتماعية، وخاصة فيما يتصل بالوعي السياسي بين فصائل الحركة العمالية، قد يكون أمام الكاتب إمكانية واسعة في أن يستمد من هذه الحركة ما يدل عليه وعيها الاجتماعي ليستشرف منه آفاقاً بعيدة لا تبدو في عزلة عن سياقها التاريخي في الفترة الراهنة، أما أن يجعل(الطبقة العاملة) تنتقل في يوم وليلة إلى الإمساك بزمام المبادرة لانتزاع حقوقها من النظام مباشرة فهذا ما يمكن اعتباره مجرد افتراض ورؤية نظرية تنفصل تماماً عما يتألف من علاقات الواقع وحركته الاجتماعية . وهذا التمثل النظري المجرد للفكرة الاشتراكية هو الشرك الذي يوقع الكاتب فيما لا يتلاءم مع الضرورات الجمالية في الفن، فهو مع سيطرة الفكرة النظرية، وعدم استيعابه وخبرته بالأساليب الفنية، القادرة على استبطان المواقف الأيديولوجية بقدر من الذكاء والإقناع .. مع كل ذلك يتخذ تمثله النظري طابعاً تعليمياً يفقد الكلمة والعبارة والموقف أهابها الفني، وقد دخلت في القصة السابقة كثير من العبارات الرنانة . وخاصة على لسان (سليمان)، وصديقه، حيث يتكفل أحدهما بإيقاظ العمال وتحريضهم، ويتكفل الآخر بتحديد أسلوب العمل والمواجهة.
لقد أراد عبدالله خليفة أن يطور الموقف الأيديولوجي الذي كان مرتكزاً للواقعية النقدية عند محمد عبدالملك، وغيره من الكتاب بحيث لا يقصر أهدافه على نحو من التأمل النقدي للعلاقات الاجتماعية القائمة، وإنما يتجاوز ذلك إلى إعادة خلق الواقع ضمن بدائل تحقق للجماهير العريضة واقعها القادم، وهو من الوجهة النظرية قد يحقق لبعض ما يتصوره سمتاً فكرياً معقولاً، فالطبقات الشعبية الفقيرة - مثلاً - لابد أن تطلق قواها الكامنة تحت قيادة واعية مدركة أساليب العمل الثوري ضمن واقع رأسمالي يحيط المجتمع بقوانين جائرة، وقيود شديدة . كما يمثل ذلك المعنى العجوز في قصة (أغاني البحار العجوز) (60) الذي ينتمي إلى الطبقة العاملة، ويضطهد من رب العمل، ويسرد حكاياته حاملاً نقمته على الواقع باحثاً عما يضيء له طريق الخلاص .. والشيخ المسن مع الفقير العاطل في قصة (الملاذ) يبحثان أيضاً عن خلاصهما الاجتماعي . فتبدو من القصتين نماذج تفتقر إلى من يمسك لها زمام المبادرة في كفاحها الاجتماعي بحيث لا تكون مبادرة (فوضوية) كتلك التي يمثلها الرجل الحديدي الذي (تنبعث من مسامه موسيقى صاخبة) . في قصة (أغاني البحار العجوز). وربما كان الكاتب هنا أكثر منطقية عما كان عليه تصوره السابق في قصة (الخبز) لأن عزلة الطبقة الشعبية الفقيرة عن الاهتداء إلى خلاص اقتصادي واجتماعي لا تزال ظرفاً من ظروف الواقع في المجتمع المحلي، وحين يستمد منه رؤيته في تبني مواقف القوى الاجتماعية الناهضة يكون بذلك قد خطى بضع خطوات تقرب ما بين الواقع والتصور الأيديولوجي.
بيد أن مشكلة عبدالله خليفة مع معظم إنتاجه القصصي تظل قائمة رغم ما توحي به بعض مواقفه من وضوح، مما يمنح القصة القصيرة في تجربة هذا الكاتب مجالاً للانحراف والتردد على الأساليب القصصية المستهلكة والفارغة من الروح، وذلك أن مناط مشكلته لا يعود بنا إلى إحدى الترسبات التي خلفتها الواقعية التقليدية ولكنه يعود إلى تناقض حاد يتغلغل في تجربة الكاتب، ففي الوقت الذي يبحث لهذه التجربة عن رؤية أيديولوجية واضحة يكون في غفلة عما تمنحه الأساليب الفنية الحديثة من إمكانيات واسعة النطاق للتحليل والرصد للظواهر الجوهرية في الواقع، ومما لا ريب فيه أن الكاتب (لا يكفي أن يرى الأمور السياسية والاجتماعية بوضوح، فالرؤية الواضحة لقضايا الأدب لا تقل عن ذلك ضرورة) (61)، وما ذلك إلا لأنه غير مطالب بأن يكون عالم سياسة، أو عالم اجتماع، أو أن يكون منظراً لأساليب العمل الثوري في المجتمع. ولكنه قد يلم بعمل هؤلاء جميعاً من أجل إعادة خلق الواقع على نحو فني متماسك يقدم لنا معرفة عميقة بالحقائق التي تأتي كما يقول (مارسيل بروست) : ثابتة (يجدها المرء آخر الأمر داخل نفسه) (62). بل إن مكسيم غوركي الذي يدين له كتاب القصة القصيرة في هذه الفترة بالتأثير الشديد، وخاصة عبدالله خليفة، يؤكد على وجود علاقة روحية خلاقة في مهمة الفنان الثوري، لذا يسبغ عليه صفة (مهندس الروح)، ويطالبه بالكشف عن (كيمياء فيزيائية) في تحول الطبقة العاملة إلى المجتمع الاشتراكي والكشف عن (منطق داخلي)، خلف هذه الظاهرة (63). فالعمل الفني مهما ترسبت فيه حقائق التصور الأيديولوجي، لابد أن يظل محتفظاً بطابعه الإبداعي وصفاته الخلاقة.
من خلال هذا التحديد الذي يقتضي تفاعل الرؤية الفكرية مع الرؤية الفنية في العمل القصصي يمكننا كشف مظاهر التصور الأحادي فيما سعى إليه عبدالله خليفة من تطوير لمواقفه الاجتماعية، من غير أن يردف ذلك بوعي واختبار لجماليات التعبير الفني، ووسائل الإيصال الملائمة لروح الفترة الراهنة.
إن الانفصال الظاهر بين ما ينهجه فنياً لا ينعكس على افتعال ظرف تاريخي غير ثابت فحسب كما رأينا ذلك في قصة (الخبز)، بل إنه ينعكس على العمل القصصي باعتباره عالماً متكاملاً تتجاوب في داخله شتى الآثار المتصلة بالكاتب والواقع معاً . وقد كان أكثر ما تفاقم به ذلك الانفصال هو أنه أمحل العالم الفني في القصة القصيرة، وأحاله إلى رؤية تعليمية سياسية جاهزة لا تكاد تخلو آثارها من جميع قصصه . ولا يصعب على الباحث أن يجد للكاتب آراء صريحة ومباشرة حول مشاكل الصراع السياسي الذي تخوضه القوى الوطنية مع السلطة السياسية، فهو يقدمها في شكل مواعظ وأخلاقيات تنبعث من الصياغة الظاهرية للموقف، بحيث لا تنطوي الشخصية على بناء نفسي وعلاقات اجتماعية منتشرة، بل إنها تبدو التقاطاً أو انتزاعاً يوقظ لديها المواجهة لتكون في نهاية الأمر دلالة سافرة على موقف سياسي أو اجتماعي .. ففي قصة (مقهى الرضا) (64) نجد الثوري المطارد شخصية مرتبطة بلحظتها الراهنة بكل دلالاتها الظاهرية البارقة، وهو يبحث عن شيء ما، ويدخل في مقهى يضم نماذج مختلفة الأشكال، ومذياع وشحاذ يصفع باحتقار، يقف مرات عديدة ليطلب من الحاضرين مساعدته في مأساته بعد أن طرد من العمل، وهدد بالقتل ولكنه يتعثر، بل يصرخ أحدهم في وجهه : (ليس هنا المكان الملائم للغناء أيها المجنون اذهب إلى أي مسرح يعجبك ..) وحينئذ يدرك أن الواقع الذي أراده منطلقاً لثورته واقع مستسلم راضخ لما هو كائن. وكأن الكاتب يريد أن يقول لنا في نهاية القصة : إن الثوري لابد أن يختار له واقعاً متذمراً واعياً بأسرار التناقض الهائل بينه وبين الأنظمة القائمة، والكاتب هنا رغم محاولة التكثيف الظاهرية التي جعلت من المقهى رمزاً للتسليم بالواقع. فإن صياغته لموقف القصة تظل مثاراً للصنعة والافتعال لأنها جاءت تنغيماً وتشذيباً لمغزى أو موعظة سياسية لا تستمد لها اتصالا بحركة الواقع.
ولعل من أكثر المظاهر السلبية في التعليمية السياسية التي تنهجها قصص عبدالله خليفة هو أنها تتعلق غالباً بالحقائق الأولية، الأمر الذي يوحي لنا أن الكاتب يلتصق بها على سبيل المماحكة والاختبار لتصورها النظري وقالبها التعبيري، ولعل هذا ما اتسمت به قصصه المبكرة (أغاني البحار العجوز) و (المخبز) و (مقهى الرضا) و (ذات مساء جميل). لأنه يختلق فيها شخصيات تحاور نفسها بعبارات ممتلئة بالوعظ، وكأنها تريد أن تخطط سبل العمل الثوري لا في مهماته الدقيقة التي تنبثق من صميم الواقع، ومن تعقيداته الإنسانية الشديدة، ولكن من أكثر حقائقه بداهة وتسليماً، ففي قصة (ذات مساء جميل) (65) يموت عامل في المصنع ليترك رفاقه في حوار يضرب بعضه بعضاً، حتى ليتوهم القارئ أنهم جميعاً في نزاع بينما يجتمعون حول بديهة واحدة وهي أن تغيير الواقع لا يكون بالكلام .. والصراخ .. والانفعال . و إنما بعمل آخر غير ذلك تماماً.
ونعتقد أن ارتباط الكاتب بإسداء التعاليم الأولية هو الذي يتجه بالعالم القصصي إلى الابتذال والانحراف عن المنطق الداخلي للمجتمع، والبعد عن الحس الإبداعي في بناء الشخصية، بل إن المواعظ والأخلاقيات السياسية التي يلجأ إليها الفنان لها جانب هزلي (66) كما يرى توماس مان، هذا الجانب هو الذي يتعلق عادة بتفسير الحقائق الأولية، ومعالجتها بانفعال وتردد بينما في حقيقتها لا تعدو كونها ضرباً من تحصيل الحاصل . ويمكن أن نلمس) هزلية (مثل هذه المعالجة وصنعتها في قصة (الطين)حيث يجعل الكاتب بطله في مواجهة مباشرة للعالم الرأسمالي، ويختار مواقفها من القسمة الاجتماعية السافرة بين العامل ونظام الملكية الخاصة، ويعبر عنها بأسلوب خطابي .. دعائي .. يقوم ضمير المخاطب بدور واضح في تفجير جمله السردية وعباراته التقريرية . ويسوق الكاتب بطله بهذا الأسلوب ليواجه الاستغلال الاقتصادي والاجتماعي بمفرده . فحين تستلب منه (مصيدته) في البحر (الحَظْرَة) يسترجعها بمثابرته، وحين تداهمه شركة الأسماك وتمنع عليه الصيد يتمكن من إبعادها مع عمال البحر الآخرين، ولكن حين تأتي الدولة بآلاتها الحديثة لتدفن البحر وتغطي مصيدته بالطين تتحول ثورته إلى عمل فردي تجعله جديراً بهذا الدرس السياسي :
(أنت تنطلق بضراوة وحش متعطش للانتقام ... لا هدف محدد لك ولا يدور في رأسك إلا رغبات عارمة في التحطيم والهدم .. ولكن إلى ماذا سيؤدي ذلك ؟ لن ينتج شيء غير أنهم سيضعونك في السجن بتهمة الجرم المشهود وعندئذ ستضيع عائلتك، وينهار ما صمدت في خلقه، الرجوع أفضل، العمل الهادئ أجدى (67).
إن الكاتب في مثل هذه القصة يفرغ الشخصية من دلالاتها الاجتماعية ومنطق انتمائها إلى الواقع ليجعل منها محتوى لرؤيته السياسية من غير أن يلق بالاً لما تكون عليه من تناقض، لا يمكن إلصاقه بالواقع الاجتماعي على نحو من تلك السهولة التي جعلت من العامل الفقير نموذجاً اجتماعياً يتغلب على استغلال الإقطاعي وشركة الأسماك، ليبدو في نهاية أمره أمام نظام بأكمله، منطلقاً كالوحش . وكل ذلك من أجل أن يستميح الكاتب لنفسه تلقين الموعظة السياسية للطبقة العاملة.
ويبدو لعبدالله خليفة بهذا الأسلوب التعليمي الذي يصوغ به رؤيته لنضال الطبقة العاملة أنه يعمل على خلق العالم الاشتراكي، كما يتصور في تعاليمه الأولية السابقة قدرة على تخطيط عملية تغيير الواقع وإعداد الإنسان لها . في حين أن الأمر يبدو عكس ذلك تماماً لأن خلق الواقع في الفن لا يكون إلا بمكابدة حقائقه الجوهرية والاندماج معها اندماجاً كلياً، أو النظر في تمثلها بشفافية ورهافة تستبطن الظواهر الخارجية، وتستخرج منها منطقاً داخلياً متكاملاً ينعكس منه مظهر الوجود الإنساني، أما التعليمية السياسية التي ينتهجها عبدالله خليفة فهي أبعد ما تكون عن إعداد الإنسان الذي يبشر بتغيير الواقع، لأن (المواعظ ليست هي القادرة على تهيئة الأدب للعمل على خلق الإنسان المتكامل الجديد الذي يستحق حمل هذا الاسم) (68). ومن هنا نعتقد أن القصص السابقة التي حاولت أن تضع لنا تصوراً اشتراكياً في نضال الطبقة العاملة تفقد قيمة ارتباطها بالرؤية الواقعية الاشتراكية، وتحتفظ بتأملها النقدي للواقع الرأسمالي. وذلك أنها استهلكت صياغاتها في محتويات سياسية جاهزة أفقدتها خاصية الالتزام بالحد الأدنى من المقولات الجمالية، وخاصة فيما يتصل بإعادة خلق الواقع الموضوعي، والتفاعل الجدلي بين الرؤية الإبداعية والمادة القصصية في العمل الفني.
وينطبق ذلك أيضاً على مجموعة القصص التي يلاحق فيها ظواهر العمل الثوري بين طبقة اجتماعية أقرب ما تكون إلى شرائح المثقفين، حيث يدخل عليها بأدوات غير أدوات التحليل، والرصد، والاستبصار، إنه ينظر إليها برؤيته السياسية، وتعاليمها التي لا تعدو كونها مزقاً من عقل الكاتب، وليس من حركة الواقع . وهذا بخلاف ما كان عليه محمد عبدالملك الذي اكتشف بوسائل التحليل وروح المبدع مواقف إنسانية جديدة نابضة في ارتباطها بالظرف التاريخي الذي ينم عنه اتساع فئات المثقفين وتسارع حراكهم الاجتماعي والثقافي.
ومع هذه الطبقة يعالج الكاتب مشاكل الانتماء إلى الحركة الثورية لا ليكتشف حقائقها الجوهرية الدقيقة، ولكن ليطبع عليها ما يعتقده من أخلاقيات سياسية تدور غالباً حول مكافحة مظاهر البرجوازية التي تفكك ارتباط الطبقة المثقفة بالقوى الاجتماعية، أو تدهور رؤيته الأيديولوجية في كيفية العمل الثوري ضمن واقع يتطور نحو الرأسمالية بسرعة ملحوظة تدفعها الظروف السياسية والاقتصادية الطارئة في سنوات هذه الفترة.
في قصص(جفاف) و (لحن الشتاء (و (الوحل) و (الكلاب) ينتقد عبدالله خليفة الظواهر الاجتماعية والفكرية المتحللة التي ينتجها الواقع الرأسمالي، وهذا البعد الانتقادي هو أكثر ما يصل الكاتب بالمرحلة الواقعية لأنه ملتقى التصور النظري الذي بنى عليه غالبية كتاب القصة القصيرة طرقهم التعبيرية ووسائلهم الفنية، ولكن كاتبنا يختلف عنهم من الوجهة الفنية لأنه يستخرج ذلك التصور من زاوية موقف سياسي تعليمي شديد الانفعال والتوتر، بما ينظر إليه من تزعزع وتحلل في تلك التركيبة الاجتماعية، فهو ينطلق من أن فئة كبيرة من المثقفين الذين يستظهرون لهم انتماء منفعلاً مع القوى الاجتماعية إنما يعيشون انفصالاً نفسياً وعزلة اجتماعية كبيرة عن تلك القوى، وذلك لتأثرهم بالواقع البرجوازي، وعدم قدرتهم على تحقيق تلازم واضح بين القيم النظرية وممارساتها الفعلية في المجتمع، وهذه نفس منطلقات محمد عبدالملك في قصصه السابقة (قوس قزح) و (في القرن العشرين) و(زمن) مع فوارق كبيرة في المعالجة الفنية، يتناولها عبدالله خليفة ليجعلها في مواجهة مباشرة مع رؤيته السياسية في التغيير، فالشباب المثقف في قصة(الوحل) يهرب من أهالي القرية الذين عرضوا عليه أن يكتب لهم (عريضة) يشكون فيها ظلم الإقطاعي واستغلاله لهم، ثم يذهب لحضور (بروفة) مسرحية مع رفاقه ليتحدث عن التغيير والتحام البطل مع الواقع والطبقة العاملة . وهنا يجعل الكاتب من (البروفة) المسرحية في الغرفة الصغيرة تمثيلاً موضوعياً لواقع البرجوازية التي يذعرها العمل الثوري، فهم يخططون للتغيير في تلك الغرفة . بينما العمال في الخارج تسحقهم هراوات السلطة السياسية، ومن هنا يتداعون جميعاً مع خوفهم وهروبهم من الواقع الحقيقي (استغلال القرية - انسحاق الطبقة العاملة) . ويصور الكاتب سقوط شعاراتهم وكأنهم يتقيئون من الغثيان شيئاً مقرفاً . ومع ذلك لم تستطع مثل هذه الصورة المتشنجة أن تغير شيئاً من طابع الأسلوب التعليمي بكل ما يتشبع به من تقريرية نرى جانباً منها فيما يلي :
(- إننا يجب أن نغير كل الواقع، الناس والأرض.
يقترب منه صديقه :
- كيف نغير كل الواقع ونحن في هذه الغرفة نثرثر، ونثرثر :
صاح الآخر :
- نحن لا نثرثر، نحن نخطط ونبرمج التغيير، التغيير ليس لعبة، إنه حياة أو موت، أتعرف ذلك ؟
يضحك صديقه بشدة، ينظر إليه الآخر بغضب :
- أهذه قضية مضحكة ؟؟
يتوقف الضحك، يجلس على الكرسي.
- إنني أضحك على نكتة تذكرتها . هل تتذكر السنة الأولى التي استأجرنا فيها هذه الغرفة ؟
- نعم أذكرها، كانت سنة عصيبة.
- نعم كانت سنة عصيبة، تكلمنا فيها كثيراً، هل تعرف ماذا كان يحدث في أسفل الشارع ؟ طبعاً لا . كان هناك إضراب لعمال البلدية . لقد سحقوهم في الشارع . سحقوهم) (69).
ويستمر الكاتب في تصويره لعزلة المثقف البرجوازي في قصتي(جفاف) و (الكلاب) لا في ممارساته الثورية بل في عزلة ادعاءاته وتنظيراته عن القوى الاجتماعية، وهو يلقنها الدرس الذي يتصل بموقفها الاجتماعي والفكري، فالبطل في(جفاف) (70) يذعن لرئيس التحرير فيعرض عن تصوير الواقع المشوه بالمجرمين والمومسات والعاطلين والمفلسين، ليعيش لحظات تمزق وجفاف تفصله تماماً عن الواقع الحقيقي، فالجفاف هنا هو جفاف الانتماء والفكر وليس جفاف الواقع.
وهذه الفكرة النظرية تدفع الكاتب إلى أن يناقش وظيفة الفن في المجتمع في قصة (الكلاب) (71) ليتحول بها أسلوبه إلى مجرد حوار تعليمي بين فنان يرسم لوحاته بأسلوب واقعي، وبين صقر وعمر اللذين يسطوان على الأساليب التجريدية من الرسامين الكبار ويدعيان فيها المعاناة والتجربة . وتكشف هذه القصة عن حساسية عدوانية مفرطة تجاه الأساليب الفنية الحديثة، يعبر عنها الكاتب بحوار يتسقط له حقائق رخيصة، تدل على ابتذال واضح تنحرف إليه القصة القصيرة مع ما تخضع له من رؤية تعليمية مباشرة . خاصة أن هذه الرؤية(تتحول هنا إلى وسيلة للهجاء الشخصي مع من يختلف معه في الرأي) (72)، إذ لا فرق لديه بين أن يختبر الواقع وينتزعه تعسفاً كيفما تجري به مواقفه السياسية والاجتماعية . أو أن يختبر قضايا الفن و يماحكها بإحكام تدخل في مجال) النقد الأدبي ( بلا ريب، لكنها مع ذلك تدخل من الوجهة التعليمية عند عبدالله خليفة في فن القصة القصيرة، والحق أن ذلك لا يخرج عن وسائل الدعاية والتحريض للمثل والمعقتدات والآراء، التي كان يراها توماس مان - بمعرفة مجربة - دافعاً للاقتراب من التفاهة في الفن (73).
وربما كانت قصة (لحن الشتاء) (74) من أكثر قصص الكاتب بعداً عن التعليمية السابقة لأنها تحاول أن ترصد الجوانب النفسية التي تخلفها تجربة التحلل البرجوازي في نموذج من الفئة المثقفة، وتكون بذلك امتداداً حقيقياً لرؤية محمد عبدالملك الانتقادية، لأن بطل) لحن الشتاء (يبدو نسخة أخرى من بطل(قوس قزح) و (في القرن العشرين). فهو يعيش واقعها الاجتماعي الجديد ثمناً لخيانة موقفه الاجتماعي الأول، حين كان مع رفاقه يبحثون عن خلاص . إنه يقتني السيارة الحديثة والزوجة الجميلة، والأطفال ومباهج الحياة، ولكنه الآن تبدو له سلطة الماضي قوة تحرك وعيه الداخلي عبر التداعيات التي تفصح له عن مظاهر النقص والقبح في واقعه الجديد. وحتى الزوجة في هذه القصة تقوم بنفس الدور الذي قامت به في قصة (قوس قزح) لعبدالملك، حيث تبدو له صورة تعكس واقعها الراهن، وسلاسل قوية تشده إلى الارتباط بعناصره، إنها الحاجز بين يقظة الماضي، ونكوص الحاضر، ولهذا يصف صوتها الذي يوقظ غفوته مع الماضي على هذا النحو : (كان صوتها شرطياً يقظاً) ليجعلها دلالة وإيحاءً بسلطة الواقع الجديد على نفسه، ومن خلال هذا الرصد للتناقض بين الماضي والحاضر تنعكس صورة التناقض بين الموقف التقدمي والموقف البرجوازي المتحلل.
إن القصة السابقة تدلنا على أن الكاتب حين يتجه إلى تحليل ما هو كائن وماثل من علاقات الواقع يكون أقرب إلى الفن، أما حين يتجه إلى الواقع لكي يطوِّعه بما يعد ويسبغ لرؤيته من تعاليم وأخلاقيات، فإنه يكون أبعد عن الفن، قد تساعده بعض استعارات وحيل الأساليب الحديثة كتوظيف أحد رموز التراث في قصة (السندباد) (75)، واستعمال أسلوب الروبورتاج الصحفي في قصة) القبر الكبير (، وتيار الوعي في قصة) القادمون من العالم السفلي (، وأسلوب المذكرات في قصة) ضوء الصباح (، ولكنه يظل أيضاً خاضعاً لجاذبية الرؤية السياسية، فالأحداث المتعددة والمقاطع الحوارية التي تنقلها بأسلوب تقريري في قصة) القبر الكبير (تظل بمثابة صورة فوتوغرافية لموقفه من نضال القوى الاجتماعية، وحركة الوعي الداخلي في قصة) القادمون من العالم السفلي (تستلهم - على طريقة محمد عبدالملك السابقة -أحداث الحركة الوطنية لتسجل عبارات جاهزة قريبة من) الهتاف والشعارات (ومتضامنة مع ما يخلقه الانتماء إلى الماضي المجيد في حركة مارس 1965 من إصرار وتشبث برفض مظاهر التحلل في الواقع البرجوازي.
إن إعادة خلق الواقع تظل في رصد عبدالله خليفة وسرده القصصي مرهونة بما يتفق في ذهنه من أخلاقيات سياسية، وخاصة حين يريد أن يبحث عن موقفه الأيديولوجي ضمن وقائع ثورية مفتعلة كي يقيم فوقها دعائم رؤيته السياسية، أي أنه لا يبحث في الواقع عما يترجم مواقفه الاجتماعية ولكنه يبحث لرؤيته واقعاً يترجمها مهما كلفه ذلك من تكلّف وانفعال . وقد رأيناه يرسم لنا واقعاً سياسياً متطوراً للطبقة العاملة من أجل أن يرينا على أي نحو يكون التغيير الأيديولوجي، رغم أن مثل هذا التغيير لا يمكن رفد ملامح صادقة لكيفيته إلا مع تطور داخلي متكامل للموقع السياسي والاجتماعي بين فئات القوى العاملة،) فالنظرية الثورية لا تكون ممكنة إلا مع وجود واقع ثوري) (76) . ولكن رغم ذلك فالكاتب يستوعب تعاليم ثورية يصر على أن يحقق لها شخصيات ومواقف تعبر عنها، وتجعل منها صورة متكاملة لكيفية التحول الثوري، فهو في قصص) ضوء الصباح (و (حامل البرق (و (الطين (يرينا كيف أن البطل الثوري الذي تنتظره القوى الاجتماعية لا ينبغي أن يتأتى من فوضوية وعنف وشعارات، بل لابد له أن يدرك كيفية الالتحام مع الطبقات الشعبية، ويدرك كيفية تحديد الأعداء كما فعل بطل قصة) الخبز (السابقة. ومن هنا تأتي شخصيات القصص الثلاث تعاني الانهزام، والسقوط، والانتهاء، بعد أن أرادت أن تعصف العالم بثورتها وشعاراتها. فبطل (حامل البرق) (77) يسقط في الخيانة عند أول ضربة لأنه ما إن يسجن حتى يعلن اعترافاته ويخرج إنساناً آخر. وبطل قصة) ضوء الصباح (يتجرع هزيمته وانتهاءه في السجن ليكتب لزوجته عن مأساة اندحار مثله السياسية بهذا الأسلوب التعليمي:
(حياتي كانت مظلمة، عفنة، كنا نأكل من التفاهة حتى التخمة ونشرب الزيف حتى الثمالة، وفجأة تغير كل شيء، وأصبحنا نقتات الشعارات الهائلة، تبدل غذاؤنا اليومي، لم يكن النقد، بل القفزات البهلوانية، كنا نسخر من أولئك الذين يمشون بمهل وحذر، وكنا نطلق صواريخ نارية من الكلمات الجوفاء، وعندما قفزنا أخيراً وجدنا أنفسنا هنا، في الوحل) (78).
وفي كل ذلك يبدو للكاتب أنه يخطط (على طريقة أولئك الذين يمشون بمهل وحذر) للعالم الجديد الذي ستندمج فيه القوى الاجتماعية في ظرفها التاريخي الراهن، في حين أنه أبعد ما يكون عن ذلك، لأنه كما رأينا يشتق موقفه التقدمي من رؤية تعليمية جاهزة ومتشنجة، وليس من علاقات الواقع وتناقضاته، ومنابعه الاجتماعية المتمثلة أمامه بكل مظاهرها المنقسمة والمعقدة، لقد ظل الهدف الأثير لدى الكاتب هو أن يترجم هذه ا لرؤيا ويتصل بها مع جمهرة القراء، أو يترجم امتدادات التأثر ببعض كتاب الواقعية الاشتراكية كغوركي، وبريخت الذي يجاريه بعض طرائقه وتقنياته في قصة (القبر الكبير ) و قصة (الطين). وهذا ما يجعلنا نذهب إلى القول أن التصور الأيديولوجي والجمالي للواقعية الاشتراكية لا يتحقق في قصص عبدالله خليفة في وعي وانتقال فني تتكافأ مقولاته مع ظروف الواقع . لأن تجربة الكاتب إما أن تنبثق من افتعال أحد الظروف التاريخية، أو مما تستدعيه الرؤية السياسية من دعائية تفصل فصلاً حاداً بين نموذج الواقع الموضوعي المتحقق، وطابع الأسلوب التعليمي الذي يفرغ غايات البحث من مضمونها الواقعي الثابت . أو أنها تنبثق أيضاً من مجرد التقليد والمجاراة التي لا توجد لها جذور حقيقة في تجربة الكاتب . وكل هذه تعد ظواهر لها صلتها الشديدة بما تأثرت به القصة القصيرة من مواقف في الأدب والمجتمع لم تستطع أن تتلاءم بها على وجه متطور مع روح الفترة، وخاصة مع أكثر حالات صراعها حساسية وتعقيداً وهو الصراع السياسي المعقد والمؤطر بالأيديولوجيا في فترة الستينات .. الصراع الذي لم تجد موهبة عبدالله خليفة وغيره ممن عايشوا تجربته - كعبدالقادر عقيل - (79) سوى أن تستشف علاقاته المباشرة وتعكس مواقفها الجاهزة التي يفرضها الموقف الاجتماعي المضاد للقوانين والأنظمة القائمة .*