بحوارات قليلة، وممثلين غير محترفين، وعملياً بلا سيناريو مكتوب، يرسم عباس كيارستمي عالماً بريئاً فيه تعيش الشخصيات البسيطة، المتواضعة، حيوات مركّبة ومتعددة الطبقات. وفيما يمزج الوثائقي والدرامي بسلاسة ورشاقة، يعترف كيارستمي بإخفاقه في الكشف عن "الحقيقة" من خلال السينما. لكن بحثه يأخذه من فيلم إلى آخر.
بعد فيلمين صورهما في كوكر، المنطقة الريفية، وهما: أين منزل الصديق؟ (1987) والحياة تستمر (1989) يعود كيارستمي إلى كوكر لينتج "عبر أشجار الزيتون" حيث يواصل تقديم ألغازه المعقدة من الحكايات المتشابكة، المتداخلة في بعضها البعض، حيث كل فيلم يفشي ما كان ملفقاً في الفيلم السابق، لكنه يقوم أيضاً باختلاق كذبة جديدة. فيلم "والحياة تستمر" يزور ثانية مناطق "منزل الصديق": ويُظهر أن لشخصياته حياة خاصة خارج الفيلم. "عبر أشجار الزيتون" هو بدوره عن كيفية تحقيق "والحياة تستمر" ففيه يُظهر تصوير مشهد من الفيلم السابق حيث حسين وطاهره، اللذين يؤديان دوري الزوجين، يتجادلان في وقت الاستراحة. بعد تصوير المشهد، يعود حسين إلى دوره كمساعد في إنتاج الفيلم ويحضّر الشاي للعاملين ثم يصعد إلى الأعلى ليضع زهرة قرب كوب الشاي. طاهره تحافظ على صمتها وموقفها السلبي. وكما يحدث غالباً في سينما كيارستمي، الدراما الحقيقية تحدث بعد أن تتوقف الكاميرا عن الدوران.
* * *
* أود أن أعرف المزيد عن فكرتك عن الفيلم والكذب. لنبدأ مع فيلم "لقطة قريبة" الذي فيه يختلق الرجل كذبةً بدافع شغفه بالسينما ومن ثمَ يحقق فيلمه الخاص. واحدة من النقاط القوية في الفيلم، بالنسبة لي، هو حقيقة أنه يدمج الفيلم والحياة. فيلمك "عبر أشجار الزيتون"، من جهة أخرى، يقدّم نفسه بوضوح كصنع للفيلم. ما هو الاختلاف في الطريقة الثانية؟
- عملنا يبدأ بكذبة على أساس الروتين اليومي. عندما تحقق فيلماً فإنك تجلب العناصر من أماكن أخرى، بيئات أخرى، وأنت تجمعها معاً في وحدة هي في الواقع لا توجد. أنت تختلق تلك الوحدة. تسمي شخصاً زوجاً أو ابناً. ابني كان ينتقدني لأنني في فيلم "والحياة تستمر"كنت ألمّح إلى أن هذين الشخصين هما متزوجان، وهذا ما جعلت الجمهور يصدقه في نهاية ذاك الفيلم. في "عبر أشجار الزيتون" توصلت إلى فكرة أنهما غير متزوجيْن، وأن الشاب فقط هو المفتون بالفتاة. في فيلمي التالي، ربما سوف أظهر طبقة أخرى من الحقيقة تفيد بأن الشاب ليس مغرماً حقاً بالفتاة، إنها هي التي تحب الشاب. ابني ينتقدني بسبب استمراري في الكذب على الجمهور، وأنني أغيّر باستمرار. وهو يستنتج بأننا لو حللنا مظاهر مختلفة من الكذب، فلربما نتمكن من بلوغ الحقيقة.
في السينما، أي شيء يمكن أن يحدث سيكون حقيقياً. لا يتوجب عليه أن يتطابق أو يماثل الواقع، ولا يتعيّن عليه أن يكون حادثاً حقيقةً. في السينما، باختراع الأكاذيب نحن ربما لن نصل أبداً إلى الحقيقة الأساسية، لكننا سوف نكون دوماً في طريقنا إليها. ليس بإمكاننا الاقتراب من الحقيقة إلا من خلال الكذب.
* فكرة تحقيق فيلم يتنامى في فيلم آخر يمكن لها أن تستمر على نحو غير محدود. إلى أين تريد الوصول بهذا؟ هل هو مجرد دافع لتحقيق فيلم آخر؟
- طالما أن هذه السلسلة طرية ولديها طاقة، فسوف أستمر معها حتى يصيبني الإرهاق. لدي سيناريوهات أخرى ملتزم بتحقيقها، لكن حين أنتهي من فيلم، أكون لا أزال مرتبطاً عاطفياً بعناصر من ذلك الفيلم. لذا يصبح دافعاً لي أن أعود إلى تلك القصة وأحقق فيلماً آخر بحيث أتمكن من إخراج ذلك من نظامي. عندما أخرجت الفيلم الأول من تلك الثلاثية، "أين منزل الصديق؟"
لم أشعر أبداً باليقين والحميمية التي أشعرها الآن بشأن تلك البيئة، وذلك المحيط. في حينه، الفيلم قدّم بيئة جديدة، أناساً جددا، موضوعاً طازجاً.. لكنه لم يمتلك الطاقة نفسها. الآن، أشعر بأنني متورط على نحو أكثر عمقاً مع ممثلي هذا الفيلم.
* كيف ارتبطت بقصة "عبر أشجار الزيتون"؟
- كان هناك مشهد مدته أربع دقائق في "والحياة تستمر" والذي فيه الشخصية الرئيسية، حسين، يكون منجذباً إلى طاهره، وهي نفسها التي ظهرت في "عبر أشجار الزيتون". كان مثيراً للاهتمام، بالنسبة لي، أن أرى الفتاة غير متفاعلة معه بسبب تكوّن انطباع لدي بأن في مجتمع القرية ستكون هناك مساواة أكثر في ما يتصل بالعلاقات. لن يكون بوسعك أن ترى ذلك النوع من الخيارات التي يقوم بها الناس في البيئات المدينية. لكنها تقول: "أنت لا تصلح لي". إنه أمر مثير للاهتمام أن شيئاً كهذا يوجد في محيط القرية.
* كيف تطورت القصة من تلك النقطة؟ قرأت أنك بدأت بـ معالجة للسيناريو مؤلفة من 15 صفحة. ما الذي تغيّر بين المعالجة والفيلم؟
- لقد أردت حقاً أن أتجنّب إتباع بناء الفيلم داخل الفيلم لكنني لم أستطع التوصل إلى أي شيء آخر. لذلك اتبعت المعالجة ذات الصفحات الـ 15 التي ركّبتها معاً، لكن ذلك كان أساس الفيلم. لقد كتبت تلك الصفحات الـ 15 كنوع من التشجيع للممثلين والفنيين بحيث يكون بوسعهم بناء عملهم على شيء ما. لكن في ما يتعلق بي، كنت قادراً على العمل بمادة مؤلفة من خمس صفحات. ذلك يوفّر ما يكفي من أساس سردي. لو أنك كتبت شيئاً جيداً مقدماً، فسوف تنمّي تعلقّاً وولعاً به، وإحساساً بالالتزام به، قد يقيّد حريتك في ما يتصل بالارتجال أو التوصّل إلى أفكار جديدة. أحب أن أدّخر ذلك النوع من الحرية حين أصوّر الفيلم. عندما تكتب سيناريو وتظن أنه ينبغي أن يتحوّل إلى فيلم كلمةً كلمةً، إذن ما هو الدافع للخروج وتحويله إلى فيلم؟
* قلت بأنك كتبت حوار "تحت أشجار الزيتون"، لكن في الحقيقة هو ينتمي إلى الممثلين في فيلمك. هل تستطيع أن تتوسع في توضيح ذلك؟
- أنا أقدّم لهم الموضوع العام في الليلة التي تسبق التصوير. وأبدأ الاتصال معهم بحيث يكون بوسعهم حقاً تنقية عقولهم من أي تعريض سابق للسيناريو. بهذه الطريقة هم يأتون إلى الموقع بأذهان طرية. في اليوم التالي، أثناء البروفات قبل التصوير، أشتغل عليه معهم من زاوية مختلفة تماماً. بعدئذ، في اللحظة التي تسبق البدء في التصوير، أمارس هذه الحيلة عليهم. أقول لهم: "انسوا كل ما ناقشناه للتو، ولنعد إلى ما ناقشناه ليلة أمس".
ميزة هذه التقنية هي أن الممثلين يكونون غير قادرين على استخدام الكلمات التي حفظوها عن ظهر قلب. هم يعرفون ما تكونه الفكرة، لكن يتعيّن عليهم أن يخترعوا طرائق جديدة في تركيب الجملة. وبفعل ذلك، يكون لديهم حالات القلق نفسها التي قد تكون لديك. لذا، أنا ببساطة أذكّرهم بالموضوع العام أثناء التصوير. إنه أشبه بالكومبيوتر: أنت تريد منهم أن يكونوا في ذهنية خالية بحيث تبرمجهم، بعد ذلك تحصل على تغذية استرجاعية مباشرة.
* كلٌ من حسين في "عبر أشجار الزيتون" وسابزيان في "لقطة قريبة" من الرجال غير الناجحين في حياتهم. حسين يرغب في الزواج من طاهره لكنها ترفضه لأنه لا يمتلك منزلاً. سابزيان فقَد عمله وزوجته. مع ذلك، كلاهما قادران على تحقيق أحلامهما من خلال تزييف الواقع: حسين يلعب دور زوج طاهره في المشاهد المصورة في "عبر أشجار الزيتون". سابزيان يختلق كذبة ويعيش لفترة قصيرة الحياة التي رغب أن يعيشها كمخرج. إن شخصياتك الذكورية بسيطة ومتواضعة جداً، ما عدا أدوار المخرجين، الذين يعملون على مستوى مختلف ويبدون قادرين على حل مشاكل أي شخص. أود أن أعرف المزيد عن الدور الذي تنسبه إلى صانع الفيلم في المجتمع.
- أستطيع أن أفهم السبب الذي يجعلك تسئ فهمي في ما يتصل بالسلطة التي أهبها إلى المخرج. في كلا الفيلمين، المخرج في الواقع شخصية توجد في الخلفية. الشخصيات الواقعية توجد ضمن تلك الخلفية. لذا فإن الخلفية مجرد أداة نقل. إني أستخدم شخصية المخرج لجلب الشخصيات الأخرى إلى مقدمة الصورة. شخصية المخرج تحتاج أن تُظهر شيئاً من القوة والسلطة، شيئاً من التحكم في المحيط. إنه أمر طبيعي أن يكونوا مرئيين كشخصيات أقوى.
* في "عبر أشجار الزيتون" هناك ثلاث شخصيات نسائية قوية: طاهره التي ترفض حسين، جدتها العنيدة، والسيدة شيفا، مساعدة المخرج. لكن هذه الشخصيات، مثل الشخصيات النسائية في أفلامك الأخرى، تبقى مبهمة، غير شفافة، غير مستكشفة.. هل هذا أمر مقصود؟
- تقليدياً، في الأفلام الإيرانية، الشخصيات الأنثوية مرسومة ضمن فئتين: كأمهات أو كعشيقات. وفي أي من هاتين الفئتين لا توجد شخصيات أرغب في استخدامها. إنها تفتقر إلى البعد الإنساني. العديد من الأفلام الغربية تعاني من النواقص نفسها. النساء تعامَل كشخصيات كونية، لمجرد زيادة مبيعات شباك التذاكر. هناك نموذجان من الشخصيات النسائية في الأفلام الإيرانية، الأول هو النموذج البطولي، الذي لا أستطيع أن أتصل به لأنه عنيف ولاذع. النموذج الثاني هو الضحية، التي لا أستطيع أن أتصل بها أيضاً. خارج هذه الفئات الأربع لا يوجد ما يمكن التعامل معه. هناك شخصيات نسائية استثنائية، غير أني لا أحقق أفلاماً عن الاستثناءات. أحب أن أتعامل مع النساء العاديات، لكنني لا أجد الكثيرات منهن. أود أن أتناول ذلك النوع من الشخصية النسائية التي لا تجعل من نسويتها أو أنوثتها قضيةً أو نقطة خلاف، لكنني لا أعرف أين أجدها. هناك ممثل إيطالي، يدعى لاندو بوزانكو، لأفلامه شعبية في إيران. شخصياته هي مزيج من الذكورية والسذاجة. في الأفلام الإيرانية تجد الكثير من النساء اللواتي تشبهن شخصية هذا الممثل. إنهن مستغرقات أو واعيات أكثر مما ينبغي لوضعهن كنساء، وثمة شيء من الإدعاء في هذا.
* وشخصياتك الرجالية هي على النقيض من ذلك..
- هم مجرد كائنات بشرية طبيعية. نشاطهم الجنسي ليس موضع جدل أو خلاف.
* أنت تعوّل على تجربتك الخاصة في أفلامك، على الأمور التي تحدث ضمن العائلة أو تلك التي ترصدها في المجتمع. في اعتقادك، ما الذي لا يفهمه الغرباء عن ثقافتك في أفلامك؟
- أنا عادةً أنحاز إلى أكثر التجارب عاديةً، بحيث أن كل عيّنة من الجمهور تستطيع أن تتصل بها. هل يمكنك أن تحدّد شيئاً معيناً تظنه يتصل بي شخصياً ولا يكون واضحاً أو مدرَكاً لدى الجمهور؟
* هل هناك أي نوع من الدعابة، على سبيل المثال، قد يتفاعل أو لا يتفاعل معها الجمهور؟
- للجمهور توقعات مختلفة، وسوف لن يكون من الصواب تصنيفهم بواسطة المناطق التي يجيئون منها. ثمة علاقة لا أستطيع أن أتدخل فيها بين الفيلم وجمهوره. الأفلام والطريقة التي بها يتفاعل الجمهور معها لها علاقة بعقول الجمهور، وليس شيئاً نقدر أن نضبطه أو نقيسه مثل حجم حذاء الشخص.
* بما أنك عملت كثيراً مع الجماعات المحلية في إيران، هل تظن أن بمقدورك العمل في بعض المجتمعات الأخرى التي لم تعش فيها؟ هل تظن أن بإمكانك التوصل إلى حبكات بالدرجة نفسها من القوة؟
- ما هي الخاصية الإيرانية بشأن "عبر أشجار الزيتون" و "لقطة قريبة"؟ ليس هناك أي خاصية إيرانية في العلاقة بين حسين وطاهره في "عبر أشجار الزيتون". الشيء نفسه ينطبق على سابزيان والطريقة التي يتصل بها مع العائلة. هي طريقة ليست إيرانية خالصة. أنا أحقق أفلاماً عن الكائنات الإنسانية وشموليتها. في هذا أنا لا أقيّد نفسي بمنطقة معينة. قد نكون مختلفين في ما يتصل بلون بشرتنا، لكننا نعاني من أوجاع الأسنان نفسها.
* أظن أن ما يؤكد حقيقة أن أفلامك تأتي من مكان محدد، خاص جداً، الطريقة التي بها تمتحن التوتر بين ما هو تقليدي وما هو حداثي، بين الريفي والمديني. الجمهور يكون واعياً لحضور مستوطنات جديدة قرب الطريق السريع. نحن نسمع ضجيج السيارات لكننا لا نراها.
- أنا فقط أطرح الأسئلة بإظهار تلك النماذج من النزاعات والتعارضات. أنا لا أعتبر نفسي الشخص الذي أيضاً يتوصّل إلى وسيلة لحلها.
في أحد مشاهد "عبر أشجار الزيتون"، مجموعة من الفتيات بملابس سوداء وفي ما بعد مجموعة أخرى من الأطفال بملابس ملوّنة زاهية. مقارنةً بالمشهد الأول، أنا تعاملت مع المشهد الثاني بحرية أكبر لاستحضار بيئة مفتوحة. بالنسبة لي، ذلك هو التعليق البصري الذي أقدمه. إني أتفاعل بأسى مع أي نوع من التغيير الذي لا يكون متناغماً مع حرية الناس. عندما يقطعون بالفؤوس الأشجار لتشييد المباني فإنني أشعر بالحزن.
* لكن أليس هكذا تسير الأمور منذ زمن طويل؟
- لهذا السبب أشرت سابقاً إلى عدم توقع أي حلول أو أحكام مني. أنا أشعر بالطريقة ذاتها بشأن فكرة وفاة جدتي. أنا حقاً حزين لكنني لا أستطيع أن أفعل شيئاً إزاء هذا الأمر. لا أملك سلطة أن أقول: "لا، أريد أن أبقيها معي إلى الأبد". عندما ماتت، لم أستطع أن أمنع نفسي من الإحساس بالحزن.
* كوكر، المنطقة التي صورت فيها، تناقص عدد سكانها، بفعل الزلزال. أنا أرى ذلك كمشكلة كبيرة، لكن يبدو أنك ترسم صورة مزخرفة جداً لمرحلة ما بعد الزلزال في كوكر. أنت سميت ذاك الفيلم "والحياة تستمر"، كما لو أن مشاكل الزلزال قد حُلّت وتم التغلب عليها، مع أن الحالة مختلفة.
- أتفق معك أنني ألجأ إلى الزخرفة. الحياة متّقدة، مفعمة بالحيوية، جيدة، وتستمر في الوجود. الحياة أقوى من الموت لأن الحياة لا تزال موجودة هناك. بعد أن حققت فيلمي الثاني، سأل شخص ما: "في اعتقادك متى الحياة العادية لهؤلاء الناس سوف تُستأنف ثانيةً؟" فقلت له: "في اليوم الثالث، عندما أشاهدهم يغسلون السجاد". لكنني اكتشفت خطأي عندما بدأت أتحدث أكثر مع الناس. اكتشفت أن لديهم قصصاً تعود إلى وقت الزلزال. هناك رجل وقع تحت قطعة ضخمة من المعدن، وفي لحظة شروعه الخروج من تحتها لإنقاذ نفسه، بدأت الحياة من جديد بالنسبة له.
* في بداية هذا اللقاء ذكرت شيئاً عن عملية صنع الفيلم وكيف أنها منفتحة جداً على التغيير. من اختيار الممثلين إلى المونتاج، الفيلم قد يتحول إلى فيلم مختلف. هل يمكنك أن تعلّق أكثر على الخاصيات التي يضيفها هذا إلى الفيلم؟ هل يمكن أن يكون الفيلم مفتوحاً أكثر على التأويل.. مثلاً؟
- لا يمكنني أن أعرف بشأن تأويلات الناس، لكنني أجده نافعاً جداً في ما يتعلق بطريقتي في العمل. إنه يتيح لي أن أقوم بتلك التغييرات. أثناء الفيلم تجعل حسين يصحح للمخرج. هو يخبره بأن الفتاة لا يتعيّن عليها أن تناديه بـ السيد حسين، حين تخاطبه، بل يكفي أن تقول: حسين.
عندما لا يكون لديك سيناريو مكتمل وتتيح لنفسك ذلك النوع من الحرية، فسوف تجد نفسك في مثل تلك الأوضاع. أحياناً نحن نذهب من طهران إلى قرى نائية، وسيكون من الخطأ أن نذهب إلى هناك مع أفكار مكوّنة سلفاً، وعدم قدرة على التغيّر.
* أردت أن أمتدحك على استخدامك للصوت في فيلمك. بالاعتماد على الأصوات المحيطة، أنت نادراً ما تستخدم الموسيقى كدليل أو مرشد عاطفي.
- بالنسبة لبعض المخرجين، دلالة ومغزى الصوت أكثر أهمية من البصري. عندما نخرج للتصوير، أحياناً الناس يسألون الطاقم الفني عن وجهتهم فيقولون: "نحن ماضون لتسجيل بعض الأصوات، لكننا نأخذ معنا المصور في حالة احتجنا أن نصور بعض اللقطات".
إذا أنت ركّزت على البصري فحسب، فسوف تتعامل فقط مع جانب واحد من المكعّب. أحياناً نضع الكثير من التوكيد على اللقطة، كما لو نقول للعالم: "صمتاً، الصورة هامة جداً". لكن لو نظرت إلينا، أنا وأنت جالسان هنا نتحدث، لوجدت الضجيج من حولنا هو الطاغي.. ذلك هو الجزء الهام من الواقع.
المصدر: Bomb magazine, issue 50, winter 1995