ترجمة : أمين صالح (أجوبة الناقد ج. هوبرمان): - كنت مفتوناً بالأفلام وصانعي الأفلام منذ مرحلة المراهقة قبل ثلاثين عاماً. درست الإخراج السينمائي وحققت بضعة أفلام طليعية، غير أنني توقفت عن ذلك واتجهت الى كتابة النقد والمقالات السينمائية، إضافة الى تدريس مادة السينما، كوسيلة للمشاركة في بناء ثقافة سينمائية. بالنسبة لي، الأفلام كانت التعبير الجوهري للقرن العشرين، ولا شيء قد حل محلها حتى الآن. إن أحد الأمور العظيمة بشأن الكتابة عن الأفلام، وبالنظر الى اتساع المجال السينمائي، أن ذلك يتيح لنا الكتابة عن أي شيء.
- أنا أثمن الكتابة الجيدة والتفكير الشفاف. إن تركيز الناقد على ذاتيته وإطلاقه العنان لأهوائه،. أمر يثير لديّ الضجر.
- صناعة الفيلم، كنظام، تنظر الى الكتابة عن الأفلام بوصفها شكلا ثانويا وغير هام من أشكال الدعاية المجانية. في أفضل الأحوال، الوضع المثالي هو البرنامج التلفزيوني المخصص للسينما. لكن هناك سينمائيين حقيقيين يهتمون بالنقد السينمائي. أنا لا أخدع نفسي بشأن حجم تأثيري كناقد. قد تحرض المقالة قارئاً معيناً، لكن أي تأثير للناقد على صناعة السينما هو هامشي.
- بعد سنوات من العمل استطعت أن أتكيف تقريباً مع مقتضيات مواعيد تسليم المادة أسبوعيا. طبعا أود أن تتوفر لدي مساحة أكبر لتوسيع أفكاري. وهناك أيضا بعض الأفلام التي تثير اهتمامي أكثر من غيرها. الوضع المثالي هو أن يكون القارئ قد شاهد الفيلم قبل القراءة عنه. وربما هذا هو الفارق بين الكتابة عن فيلم ونقده. الكتابة تكون معلوماتية أساسا (مع المحافظة على سرية عناصر معينة من الحبكة) بينما النقد يستلزم إطلاعاً جيداً من قبل القارئ. وأنا لا أشاهد كل العروض التجارية، فالحياة قصيرة جداً والأفلام ليست مصدري الوحيد في التحفيز. لذلك أعوّل على كتّاب آخرين في تنشيط أمور قد أغفل عنها.
- بوسعي أن أشاهد وأن أكتب عن كل أنواع الأفلام، وبالتأكيد سأكون سعيداً لو أن الجمهور أكثر جسارة، ولو أن المجلات والمحررين هم أقل شغفاً بالعروض التجارية الرائجة أنها نتاج جيل الستينيات السينمائي، وحقا أفتقد تلك الفترة. لقد تعلمت من العديد من الكتّاب والمنظرين والمؤرخين. قال سيجفريد كراكور مرة: »الناقد السينمائي الجيد هو أيضا ناقد للمجتمع«.. ولا زلت أعتقد أن هذا صحيح.
(أجوبة الناقد ستانلي كوفمان): - أن تكون ناقداً وتنشر على نحو متواصل منذ 8591 في المطبوعة ذاتها، فذلك أشبه بامتلاك مسكن آخر. وأنا أذهب الى هذا المسكن مرة في الأسبوع للتفكير في الأفلام التي شاهدتها خلال الأسبوع واستقصاء ما فعلته بي تلك الأفلام. هذا ما أحاول أن أوصله الى قراء المجلة الذين هم راغبون حقاً في المعرفة.
- في العقود السابقة كانوا يعتبرون الناقد الفني أو الأدبي جاداً ورزيناً فقط عندما تكون انطباعاته عن العمل سلبية في الغالب، وإذا عارض النظرة العامة. إن المظاهر الاجتماعية أو السياسية للفيلم يتعذر فصلها عن خاصياته السينمائية إذا كان العمل جيدا وكلما كانت الخاصيات أكثر قابلية للانفصال، صار الفيلم أقل جودة.
- العلاقة بين الناقد وصناعة السينما هي، أو ينبغي أن تكون، لمصلحة وخير هذه الصناعة فقط. إذا اهتم صانعو الفيلم بعمل الناقد لأي سبب كان، فسوف يمارس ذلك تأثيره عليهم.
- ليس هناك أي عقبات، من أي نوع، في كتاباتي للمجلة. أي قصور هو شيء يتعلق بي، فأنا من يختار الأفلام التي أرغب في مشاهدتها. وغالباً ما أشعر بخيبة الأمل، وأحياناً اكتشف انني قد تجاهلت فيلماً جديدا بالاهتمام لكن، بوجه عام، الغريزة والتجربة عناصر مرشدة وموجهة على نحو مفيد.
- النقد السينمائي، أو أي شكل فني آخر، يمكن أن يكون أدباً بذاته، وبمعزل عن الاعتبارات الأخرى، بوسع النقد الجيد أن يعزز الوعي الثقافي لدى القارئ.
(أجوبة الناقد جودفري شيشاير) "الفنانون هم قرون الاستشعار للسلالة البشرية.. هذا ما قاله إزرا باوند مبتكراً المجاز الذي يشير أيضا الى جدوى النقاد الذين هم، في أفضل أحوالهم، فنانون من نوع كذلك أكد باوند على المسؤولية الاجتماعية للناقد الذي يعمل كضوء مرشد ومعيار أساسي. مهمة النقد باختصار، وبكلمة واحدة: التمييز. النقد يكون في أكثر حالاته حيوية عندما يخلق العلاقات الفارقة الحاسمة. من منتصف الخمسينيات وحتى منتصف السبعينيات تقريباً، شهدت السينما الذروة العظمى لموجة من الأفلام التي تم التعامل معها باعتبارها فناً صارماً ومصقولاً، وكانت بحق متماهية مع مرحلة الحداثة السينمائية حيث بلغ الوعي الفردي درجة عالية من استيعاب مسألتي القراءة والتأويل. فكرة: »مؤلف الفيلم« لم تعد تتصل حصرياً بمخرج الفيلم بل اتسعت لتشمل المشاهد - القارئ والناقد - المفسر. في تلك الفترة ازدهر النقد السينمائي وصار النقاد نجوما أيضا، وفيها أيضا نشأ أغلب النقاد البارزين في الوقت الحاضر. الأمور تغيرت لكن هذا ما تفعله الأمور: إنها تتغير السينما، بوضوح، إنزلقت من موضعها في المركز الثقافي، ولم تعد الفكرة التي تلهب المخيلة المتقدة، على نطاق واسع، والتي تضع جودار في مصاف سارتر وفيلاسكويز وهوميروس. غير أن الأفلام تظل، مع ذلك، شعبية وشائعة على نحو استثنائي. والأكثر أهمية، أنها لا تزال قادرة على نقل أفكار توحد العاطفة والحدس والروح والمنطق. أحد الأخوين لوميير (اللذين ساهما في اختراع السينما) قال في بداية القرن العشرين عن السينما بأنها »اختراع بلا مستقبل« ويتضح الآن أنه كان محقا بعض الشيء مع ذلك، وبدلا من الافتراض بأن مستقبل النقد السينمائي هو بالمثل غير مضمون، فإنني أفضل أن أشير الى أن النقد الذي يهمني أكثر (والذي أحاول أن أمارسه) ليس هو الذي يركز بؤرته، حصرا أو حتى في المقام الأول، على الفيلم، بالأحرى هو الذي يوظف الفيلم - الوسط للبحث في قضايا تتصل بالناس والأفكار والعالم. هل النقد السينمائي يعمر أكثر من الفيلم نفسه؟ هل يعيش بعد زوال الفيلم، نعم بالمعنى الحرفي من المؤكد أن هذا صحيح فعليا. وهو صحيح أيضا بالمعنى الأوسع. الأشكال الفنية التكنولوجية هي قصيرة الأجل على نحو متأصل والحاجة الى النقاش والبحث والفهم تستمر ولا تتوقف. (أجوبة الناقد مايك كلارك) - إني أتابع الأفلام على نحو دؤوب ومثابر كل يوم في حياتي منذ أن كنت في السادسة من العمر سنة 3591. وكنت أحب مطالعة الصحف، لذا كانت لدي قناعة بأن الأمر يمكن أن ينتهي بي الى مراجعة ونقد الأفلام على الأقل. إذن، على صعيد »السبب« الشخصي فقد كنت أحسب أن اتخاذي من مشاهدة الأفلام وظيفة، سوف يتيح لي ذلك ساعات من أوقات الفراغ يمكن استثمارها في ومتابعة أو ممارسة اهتمامات أخرى كالقراءة والموسيقى والرياضة.
- أنت لا تستطيع أن تعيش في فراغ. وإذا كان الفيلم نفسه يتضمن موقفاً سياسيا فينبغي أن تخاطبه بطريقة أو بأخرى. لكن في هذه النوعية من المطبوعات التي تنشر مقالاتي، ذات »النفع العام«، فإن القراء سوف يبادرون، سريعاً، الى إخبار هيئة التحرير بأنهم لا يريدون من الناقد أن يحشر في حلوقهم أية آراء أو ميول سياسية، بصرف النظر عما تقوله أو تعبّر عنه هذه الآراء.
- العلاقة بين نقاد السينما وصناعة السينما هي حذرة على نحو متبادل، مع أنني شخصياً لم أختبر أبداً تجربة بغيضة حقاً في هذا الصدد. أعتقد أن على الطرفين البقاء كلٌ في جهته دون القيام بأي محاولة للإلتقاء.
- المساحة المتاحة في المطبوعة (أو الافتقار إليها) هي المسبب الأول لصراع الناقد. الحيز دائما ضيق ومضغوط الى أبعد حد. وهو يستمر في التبدل (أو الانكماش والتضاؤل عادة).
- أظن أن العديد من النقاد يهملون ملاحظة الى أي مدى تغيرت مشاهدة الأفلام. لقد أضحت المشاهدة الآن تجربة ملموسة أكثر مما كانت عليه في السابق. الآن بوسعي أن أتمدد على السرير وأدير أجهزة الفيديو المتطورة وأتابع الفيلم وحدي - مثلما أفعل عندما أقرأ كتاباً - وبالطريقة التي أحبها وبمرات عديدة حسب مشيئتي.. إذ لا يتطلب الأمر سوى ضغط بسيط على زر. الآخرون يتحدثون عن التجربة الاجتماعية لمشاهدة الفيلم في صالة السينما، لكن بالنسبة لي، ذلك لا يعني غير وجود شخصين، جالسين أمامي، ولا يكفان عن الثرثرة بصوت مسموع ومزعج. وطالما أن المراهقين لا يرغبون في البقاء في بيوتهم فإن صالات السينما لن تخلو أبداً من الجمهور.
ترجمة : أمين صالح (أجوبة الناقد ديفيد دينبي): نحن النقاد محظوظون لأننا نكسب رزقنا من فعل ما نحب. في البداية، لا احد كان يريدنا او يحتاج إلينا، وقد فرضنا أنفسنا إزاء اللامبالاة والازدراء. وقد ناضلنا حتى أصبحنا ما نحن عليه. بالتالي، فإن بقاءنا بحد ذاته هو نوع من الانجاز، نوع من المأثرة، بما ان أحدا - باستثناء القلة من المحررين المتنورين والقلة من القراء المتحمسين للمعرفة - لا يرغب في نقد سينمائي جاد في هذه المرحلة. بالطبع هناك دائما أمور حسنة تتجلى في النقد، أمور مثيرة للاهتمام يمكن الكتابة عنها. لكن النقد الآن، على المستوى الثقافي، مجرد صورة باهتة لما كان عليه في السابق. نعم، سيكون أمرا سارا لو استطعنا العودة الى العام 1986 حين كان جو دار لا يزال ينطلق بجواده، او العام 1972حين كان كوبولا ودي بالما وسكورسيزي يحققون اختراقاتهم ويقرأون بشراهة ما يكتبه النقاد، ويتجادلون حول الأفكار المطروحة. لكننا الآن بعيدون جدا عن تلك العهود الغنية وليس من المحتمل ان يظهر مثلها في المستقبل القريب. إني أتساءل: أي الأفلام الأمريكية التي عرضت هذا العام تنتمني الى ما يمكن تصنيفها - على نحو لا لبس فيه - في خانة الأفلام الممتازة؟ او حتى الخلاقة او الجريئة او المثيرة للاهتمام؟ ان إحدى نتائج الانهيار هو المغالاة في إطراء أفلام عادية او متوسطة الجودة. ان الانخفاض الحاد في النوعية والجودة يرتطم بالناقد الطموح مثل فأس. وهو لا يستطيع ان يلهب عمله ما لم يكن مأخوذا بالموضوع، وهذا أمر صار نادر الحدوث. النقد السابق كان غاضبا، والغضب حالة صحية. كان يعبر بصدق عن خيانة آماله عندما يكون ممكنا إنتاج شيء أفضل، لكن ذلك الغضب وتلك الآمال تبخرت الآن. لم يعد النظام بحاجة الى فيلم جيد، لا احد يريد ان ينتجه. والنظام لا يعرف ماذا يفعل به لو أنتجه شخص ما. إذن ما الغاية من الكتابة عن أفلام سيئة، أسبوعا بعد أسبوع او يوما بعد يوم؟ وسواء أحببنا ذلك أم لا، فنحن واقعون في شرك التسويق الذي هو ليس فقط طريقة لتوصيل النتاج الى المستهلكين بل أيضا وسيلة حياة، قانونا. لكن الشيء البغيض بشأن التسويق هو ان غلبه مشوش وغير متجانس، وبلا إحساس خاص بالنتاج او الجمهور. ان دائرة التسويق تتحكم في الغالبية.. وحتى في النقاد. لقد تمكنت الاستوديوهات من تهميشنا بوصفنا مهووسين ونزقين، او حولتنا الى أفراد غير ضروريين عن طريق محاصرتنا بمأجورين خلقتهم الاستوديوهات وغذوها وشجعوها بالمآدب والرحلات والدعايات. الوضع قد يكون كالحا وقاسيا على نحو خاص في الجريدة اليومية. فالجرائد في حالة تنافس يائس مع وسائل الاتصال الأخرى من اجل البقاء فحسب. والمحررون والكتاب في بعض الجرائد ربما يعملون تحت ضغط هائل قد يربك تغطيتهم السينمائية. وقد يطلب المحررون من النقاد الضغط على مقالاتهم واختزالها بحيث تبتعد عن ان تكون نقدا حقيقيا. وقد يخبرون الناقد بأنه "فقد اتصاله" بالقراء، او ينشرون أراء عادية لقراء او طلبة لإظهار صوت "الشعب". أنهم يعتقدون بان القراء لا يحتاجون الى النقد بل الى تغطية عامة للأفلام ولقاءات مع النجوم. النقد مهنة غريبة. والناقد هو كائن المدينة المغموس في العتمة مرافقا الظلال وباحثا عن السحر. انه مخلص بالضرورة لمهنته. وفي عمله ليس ثمة انتصار، فهو يؤدي خدمة ملبيا النداء الباطني. نقاد السينما يترهلون ويعيشون في خمول، لكنهم يحرثون ذاكرة لانهائية، ويحرثون الأمل أيضا. أجوبة الناقد بيتر رينر: - اكتب النقد السينمائي لأني استمتع بعملية تحقيق أفكاري وما أشعره من تشوش - بشأن فيلم ما - على الورق. استمتع باكتشاف ما أفكر فيه بشأن الفيلم.. في تفاصيله وليس في عمومياته. قد يبدو هذا أنانيا، واعتقد انه كذلك، لأنني أظن ان اغلب النقاد الذين يزعمون بأنهم يكتبون لجمهور خاص ونوعي وليس لأنفسهم، يكذبون. بالطبع، لا بد من ان تضع القارئ نصب عينيك، لكن لا ينبغي للنقد، كأسلوب وأفكار، ان يكون خاضعا للتغيير حسب مزاج الآخرين. وإذا استبعدنا قيود الحيز المتاح لمادتك، فإنني دائما أتحدث بالصوت ذاته.. الخاص بي.
اعتقد ان على النقاد ان يفترضوا لأنفسهم نوعا من القراء المثاليين من اجل استنباط أفضل ما لديهم. وإذا كانت مجلتك لا توفر لك أولئك القراء فيجب عليك ان تتظاهر بوجودهم، وبالتالي تنشأ صلة متخيلة بين الكاتب والقارئ. مع ذلك فأنت لا تستطيع أبدا ان تكون صالحا او نافعا على نحو تام لهذا القارئ المثالي او لنفسك "الرضا عن النفس، بالنسبة للناقد، يساوي الموت". في الكتابة النقدية اقترح طريقتي في التفكير، في التعبير عن نفسي، آملا ان يؤدي هذا بشخص ما الى مشاهدة الفيلم بعين أكثر اتساعا وانفتاحا. - نقد الأفلام يمكن ان يكون صارما، انطباعيا، لاذعا، مسليا، رهيفا.. لكن العنصر الهام في ذلك هو ان تكون الكتابة جيدة. الناقد كاتب قبل أي شيء آخر، والأفضل ان يكون فنانا، النقد، في مستواه الأعلى، فن وليس علما. الأحكام هامة في النقد لكن ذوق الكاتب ليس معصوما، ولا يمكن حتى وضع معيار له. ليس مهما ان تتفق مع الناقد بل ان تشعر بالتحدي.
لقد كرست نفسي لدراسة تاريخ السينما وأحببت كل ما يتعلق بالأفلام. ان مشاهدة الأفلام ينبغي ان تكون، قبل أي شيء آخر، تجربة ممتعة. - رجال التسويق في الاستوديوهات نجحوا - الى حد ما - في تهميش دور النقاد، وهذا ربما ليس أمرا سيئا إذ لا أظن ان على النقاد ان يجعلوا من أنفسهم ذواقة نيابة عن الأمة.
- لدي امتياز الكتابة عن الأفلام التي ارغب في التحدث عنها وبالمساحة التي تتيح لي عادة قول ما أريد. من الصعب مجاراة كل الأفلام والكتابة عنها. الأفلام متاحة على أشرطة الفيديو لكن مشاهدتها لغرض الكتابة عنها أمر مشكوك فيه، مع أنني أدرك بان اغلب النقاد يفعلون ذلك فهي الوسيلة الوحيدة لمتابعة كل ما ينتج.
أجوبة الناقدة ليزا شوارزبوم: - اكتب النقد السينمائي بحيث يكون بإمكان قراء المجلة المقارنة بين كيفية رؤيتي لفيلم معين وهذا ما اشرحه في مقالتي وكيفية مشاهدتهم للفيلم نفسه. بالطبع أرجو استمالتهم الى جانبي من خلال القدرة على الإقناع او البراعة في العرض او الاستبصار لكنني أكون سعيدة أيضا إذا لم يتفقوا معي. اشعر أنني أنجز مهمتي على نحو جيد إذا حاولت ان أبرهن على موقفي بوضوح، وإذا اقترحت نواحي جديدة للجمهور لكي يأخذ بعين الاعتبار فيلما او مخرجا او ممثلا او أسلوبا بصريا معينا، حتى لو كان القارئ يرفض أساسا طريقتي في فهم الموضوع إني ارغب في توصيل المتعة والإثارة التي يحققها الوسط السينمائي، كما أريد ان اكسب التأييد لصالح معايير رفيعة.. خصوصا وان النقد هو الحصن الوحيد ضد الهجوم المتصاعد على الدوام والذي يشنه الهراء التسويقي الذي من خلاله يتعين على مشتري التذاكر المحتملين ان يقرروا ما يرغبون في مشاهدته.
- بدون الكتابة الجيدة، حتى النقد الواسع المعرفة، الحاد الملاحظة، الأكثر إقناعا بالحجة والمنطق، يكون عرضة للنسيان او مستغلقا او منفرا او فاتراً السبب الذي جعل من ناقدة مثل بولين كايل تثير قراءها كان قدرنا على التعبير، لغتها، الشغف الذي تنقله الى القارئ بواسطة الكلمات. الأمر نفسه مع الناقد جيمس أجي. بالطبع، يمكن للأسلوب ان يكون خطيرا، متحليا بجماليات مهترئة وميول قابلة للجدل.
النقد الملفت هو ذلك الذي يحلل بثقة وعلى نحو رائع ضمن سياق يتيح للقارئ ان يدخل في المناقشة او الجدل. ذلك السياق يمكن ان يكون عالميا وشاملا كما هي القضايا الاجتماعية او السياسية التي يعالجها الفيلم او ان يكون خاصا ومحددا كما هي الخاصيات الجمالية للناقد، لكن الحجج والبراهين تحتاج الى ان تتجلى على نحو طبيعي ومنطقي. أحيانا النقد الملفت هو ذلك الذي يستطيع ان يوصل، على نحو حسي، الإحساس السينمائي الفعلي لما يراه الكاتب بحيث يشعر القارئ بأنه يرى الشيء ذاته أيضا. - علاقة التعايش بين نقاد السينما وصناعة السينما هي معرضة للشبهة او خالية من العواذق، لكن ثمة دائما إحساسا بالضغوطات. صناعة السينما تريد نقدا ايجابيا، ونحن نريد أفلاما جيدة. أحيانا نكون بالضرورة أشرارا من وجهة نظرهم. وأحيانا هم يعلمون بأننا نستطيع ان نكون ذا فائدة كبيرة لهم عندما تدافع عن فيلم او مخرج او ممثل.
- الجريدة او المجلة قد تعين الحواجز التي يواجهها كل ناقد. لكن العائق الأكبر هو الانتقاء ورغم إننا في المجلة نغطي مدى واسعا من الأفلام الجديدة، الا ان هناك أفلاما تمر دون انتباه.
***** ترجمة ـ أمين صالح أجوبة الناقد بيتر ترافرز: - أن تكون ناقدا سينمائيا يعني أن تأخذ على عاتقك مسئولية التفكير في الفيلم وفي حث القراء على التفكير أيضا، هذا وضع مرغوب فيه ومثير للتحدي، ينبغي على الناقد الجيد أن يوفر المعلومة، ويؤول، وينشط حب الاستطلاع، ويقدم منظورا تاريخيا (من السينما ومن فنون اخرى) ويطرح أسئلة تحفز استجابات معينة، كما ينبغي أن يكون النقد ممتعا، لماذا أكتب النقد السينمائي؟ لأنه بالنسبة لي أمر حتمي، النقد يقتضي حماسة، ليس بالضرورة للأفلام نفسها بما أن النجاح الفني نادر الحدوث في السوق التي تهيمن عليها التسوية التجارية، لكن لأنها المهنة المتاحة، العديد من نقاد السينما اليوم يكتبون كما لو كانوا محكومين بالوظيفة. من خلال مهنتي أريد أن أقول للقراء بأن هناك عالما من الأفلام خارج حدود هوليود، من الأفلام الأمريكية ذات الإنتاج المستقل الى السينما المزدهرة في إيران وأن هناك عناصر فنية غير النجوم - مثل المخرج وكاتب السيناريو ومدير التصوير والمونتير ومصمم المناظر - يساهمون في نجاح الفيلم أو إخفاقه، وأن هناك ما هو أكثر أهمية وقيمة من إيرادات شباك التذاكر.
- التركيز على الأوجه السلبية في نقد الفيلم ينزع الى لفت الانتباه ونيل الاهتمام وكل ناقد صادق يعرف ان إظهار الايجابيات أصعب بكثير، النقد الملفت هو الذي يوصل مشاعر الناقد ومعايير أحكامه أيضا، ثمة مفهوم يرى بأن الناقد الحقيقي ينبغي ان يظل مثالا للموضوعية، دون أن يتأثر عاطفيا، شخصيا اعتبر هذا المفهوم سخيفا على الناقد أن يكون متقدا، غاضبا متحمسا، متفاعلا مع ما يحدث على الشاشة.
- صناعة الفيلم، متمثلة في السلطة التنفيذية في هوليود، تنظر الى النقاد بوصفهم قتلة متأهبين للفتك بأطفالهم - أفلامهم المدللة، الحساسة، السريعة التأثر بالنقد، النقاد، الذين هم أنفسهم أطفال حساسون ومدللون، ينظرون الى رجال الصناعة بوصفهم أشخاصا ماديين، مستعدين لنهب انتقاداتهم من اجل توظيف بعض الجمل - التي غالبا ما يحرفون معناها - في حملات التسويق والترويج لأعمالهم.
أجوبة الناقد موريس ديكشتاين - أكتب النقد السينمائي لتوصيل ما أشعره من إثارة عالية واستبصار بشأن الأفلام، والتي تأثيرها عميق الى حد انها قادرة بسهولة تجاوز العقل لتحولنا الى متفرجين سلبيين ومتلصصين بوقاحة، نحن جميعا لدينا تلك المتع والرغبات السرية التي يرافقها إحساس بالذنب، والكتابة عن الأفلام هي وسيلة لتفسير ذلك لأنفسنا، ولعقلنة ردود أفعالنا البدائية.
- من الصعب كتابة مقالة نقدية جيدة وهناك موعد نهائي صارم لتسليم مقالتك، الأفلام بخلاف الروايات، تنطلق بسرعة فائقة بعيدا عنا، ونحن نحتاج الى الإمساك بها من أجنحتها، وان ندرك كيفية تركيبها معا، أفضل النقاد هم الذين يرون ويسمعون على نحو أفضل من الآخرين ويصفون ذلك بطرق تخلق لدينا صدمة إدراك عميقة، النقد الجيد هو الذي يعتمد على الحس السينمائي الحقيقي، الفن السيء ضرب من التلوث الذهني الذي له تأثير خانق على ثقافتنا العامة، وينبغي ان يثير فينا السخط والغضب، على النقد ان يحاول - على الأقل - تنقية الهواء.
- لسوء الحظ، سلطة ونفوذ نقاد السينما هي اقل حتى من نقاد الأدب او المسرح، ان آلية الدعاية للأفلام التجارية (اللقطات الإعلانية المضللة، اللقاءات التلفزيونية، القصص المبتذلة) هي مصممة ومرسومة لخلق ضجيج يجعل من النقد شيئا هامشيا غير متصل بالموضوع، ينبغي على النقاد الاحتفاظ بمسافة بينهم وبين صناعة السينما، إذا لم يمتلك الناقد أي إحساس بالنداء الباطني، أي إيمان بالهدف، فمن الممكن شراؤه بالقليل جدا: وليمة هنا، رحلة هناك.. حتى دون ان يعلم بذلك.
أجوبة الناقد جوناثان روزنبوم - أن أكون ناقدا يعني حيازة منبر للكتابة عن أشياء تهمني كثيرا، وآمل ان أصل الى أفراد آخرين يهتمون بالأشياء ذاتها بنفس القدر من الشغف والعناية، ليس ضروريا ان نتفق، بل يسعدني كثيرا ان يستخدمني القراء للانتقال الى مكان يحددونه بأنفسهم، فالحوار أفضل من المنولوج، خصوصا إذا كان يشتمل على وجهات نظر متعددة، التقييمات غالبا ما تكون المظهر الأقل أهمية في النقد.
- النقد السينمائي الملفت هو الذي يتضمن الاستفزاز والجدية والمعرفة والالتزام والإحساس بآداب المهنة والتأثير الإيديولوجي والاستبصار والعناية بالتفاصيل والدعابة والنثر الجيد والطاقة والشعور بما يمارسه الفيلم وأنت تشاهده.
يكمن قصور النقد اليساري في أمريكا الى محاولاته لفصل مظاهر الفيلم الاجتماعية والسياسية عن خاصياته السينمائية وقيمته كفن وترفيه، ثمة حساسية وتزمت تجاه الشكل تجعل من هؤلاء محافظين جماليا ان لم يكن فكريا. - أغلب من يعتبرون أنفسهم نقادا هم تحت سيطرة صناعة الفيلم، في الصحافة السائدة معظم ما يكتب عن الأفلام عبارة عن دعاية متنكرة، بصورة أو بأخرى، في صيغة أنباء وموعد تسليم المادة واختيار الأفلام للكتابة عنها، أما في البرامج التلفزيونية عن السينما فينبغي عليك ان تتعلم كيف تصمت وتدع لقطات الفيلم تتولى الحديث.
- أعتبر نفسي محظوظا في الكتابة في جريدة تفرض القليل من القيود فيما يتصل بالخبر.
- النقد السينمائي الأفضل ينبثق دائما من وجود الجماعة النقدية، أي مجموعة تشكل وحدة متماسكة تجتمع معا وتتناقش حول الأفلام وتقرأ لبعضها البعض، في الماضي، العديد من النقاد عكسوا الروح الجماعية التي انبثقوا منها او تربوا عليها.
أجوبة الناقد اندرو ساريس: - النقد السينمائي هو ما أمارسه الآن وما كنت أفعله لمدة 46 سنة.. أي منذ 1955، في البداية المال لم يكن دافعي لممارسة النقد، كنت مغمورا لذلك لم أتعرض لاغواءات صناعة السينما، كنت أحب الأفلام والحديث عنها والكتابة عنها.
- النقد البارز يمكن ان يتناول الفيلم من ناحية ايجابية او سلبية، كل الأفلام، حتى تلك الهروبية البعيدة عن قضايا الواقع ذات مظاهر اجتماعية وسياسية.
- العلاقة بين النقاد ورجال الصناعة هي متفاوتة. شخصيا، حافظت على مسافة بيني وبينها ولا اعتقد ان من واجب النقاد أن يكونوا مؤثرين في صانعي الأفلام، واجبهم الأول هو تجاه قرائهم.
- لا أتذكر أي عقبات واجهتها مع الصحافة، لكن كان علي ان أجعل رؤساء التحرير والناشرين سعداء من اجل ان أحافظ على وظيفتي، المساحة دائما محدودة، مواعيد تسليم المادة دائما مرهقة.. تلك هي لعنة الصحافة.
- لقد تجاوزت السبعين، وقد فات الأوان على التذمر والشكوى بشأن أي شيء، نصيحتي للناقد: حاول أن تكون منصفا وعادلا دون تحيز، وان تتحلى بالمصداقية قبل كل شيء.
أجوبة الناقد روجر إلبرت - أريد أن يقاسمني القراء حماستي وخيبة أملي، أحاول أن أحثهم على النظر أبعد مما تقوله الإعلانات التجارية، وأشجعهم على البحث عن أفلام معينة قد يجدونها مثيرة للاهتمام.
- ينبغي أن يكون النقد مقروءا لذاته، بصرف النظر عن موضوعه، ينبغي توظيف الفيلم لإبداء ملاحظات لا عن الفيلم فقط إنما عن الوسط والحياة أحيانا، كل فيلم يملي على النقد أسلوبه وطابعه.
- صناعة السينما لا تهتم بالنقاد الا باعتبارهم أدوات تسويق، العديد من النقاد يشعرون بسعادة أكثر عندما تغازلهم الصناعة وتقتبس بعض ما يكتبونه عن الفيلم في ترويجه مقابل دعوة الى مأدبة أو حفلة ما، لا ينبغي أن تكون هناك علاقة مع صناعة السينما بل مع الشكل الفني، غالبية من يكتبون عن السينما ليسوا نقادا بل صحفيين.
- الجريدة تفرض موعدا محددا لتسليم المادة وتعطيك حيزا محدودا.. تلك هي شروط الصحافة غير أني استطيع ان اكتب عن أي فيلم يثير اهتمامي..
- أعرف ان بعض الزملاء في المهنة مطالبون، عبر قرارات إدارية، بضرورة أن تعكس مقالاتهم أذواق الجمهور، هذا يحول الناقد الى دمية تجلس على ركبة الجمهور.
|