ديباجة
كتابة لجيل شاب ومتحرر, يمضي بأكثر من طريق, جيل يتيم الوصاية لحسن الحظ
متخفف من الصرامة العفنة والتقليد , يكره الوعظ القاتل حد قصيدة يكتبها..
جيل يشبه شتلات تخرج من الإسمنت, يتكئ على النص بحياة حادة الهشاشة , ويمضي نحو وميض الشعر والبقاء هكذا: يركض او يزحف , يعبر ما تيسر من الأبواب , "الشبكة العنكبوتية" بيت البعض فتنته كحيز راقي للكتابة الجديدة ,حضور بلا جدران , جسر يحتفي بكل العابرين !
جيل شاب يتبعثر للكتابة ويخلص لها , من نفحة التمرد المفتوح ,من الدهشة باستيعاب التجربة الحياتية كاختلاف غير "مقنن", و ورواق للكتابة المغايرة المتكئة على الصورة والدهشة عند البعض - لأيقونة الفتنة والإبهار العاطفي والوجداني عند البعض الأخر بطريقة شعرية لا تقل في المغايرة ايضاً.
لن اطيل في الكلام هنا , فقد تخلصت من مفهوم الـــ "ديباجة" , واحباطها لديناميكية التجاوز والتجديد بشكل واضح, بل اني سأتخلى عن اغلب قواعد الأنطولوجيا التقليدية تقريباً ..كحيثية موازية لغرض الأنطولوجيا نفسها واكثر جدوى وحضور للسائرين بجسدها ثملين بالشعر , بالبقاء والصيرورة..
لذا سأدع الشعراء يتحدثون عن انفسهم هنا, بالأحرى سأدع نصوصهم تتحدث عنهم وعن نفسها ,عن وجودها الشائك , مع تأويل نقدي "موازي" قصير من عندي, كتعويض عن اغفالي متقصداً :سرد السيرة والمنجز للمبدع فالكل هنا ينتمي لرئة النص نفسة , فلا الجوائز او عدد الدواوين واحصاء مناقب لا علاقة لها بملامح تجربة مغايرة ,كفيل بصنع او تمييز مبدع ما ,خصوصا في "وطنا العربي" , بقدر افساد موهبته واجتهاده لما يمثله هوَ
تأويل وضعته اسفل كل اسم : كقارئ اولاً وكشاعر ينتمي لهذا الجيل ثانياً , بذائقة مفتوحة على كافة الأصوات, الأشكال , و التجارب الإبداعية.
رَتق..
برز ظهور وتواجد الشعراء ادناه بالكتابة بعد العام 2000م ومازال الشعر بيتهم الأول ,حتى تاريخ النشر لهذه الأنطولوجيا ..وهذا هو المعيار الأساسي الذي بنيت عليه عملي " بعد دراسة وتقصي للمشهد الشعري اليمني في العقد الأخير ,كما اني اتحمل مسؤولية عملي هذا ,بلا مشورة من احد, فمصادري كل ما نشر وكتب واصدر خلال هذه الفترة, دون الرجوع حتى للمعنيين انفسهم ".
غَاية..
- الوصل بهذا الصوت الى المبدعين والمهتمين والقراء في الوطن العربي, والعالم ربما..
كصوت مختلف وممتلئ بالنضج من بلدي الغائب الحاضر في الخارطة الإبداعية العربية "كنتاج لحالة التردي والخراب في الوضع الحياتي والاجتماعي ,السياسي والاقتصادي الذي ينهك هذا البلد كما ينهك المبدع ويعيق موهبته ,لا يوجد مجلة ثقافية اليوم في اليمن ,او موقع, او حتى ملحق ثقافي ,لا توجد فعاليات او امسيات ولا احد يهتم لأمر الشعر بما في ذالك المبدعين انفسهم ومنهم البعض هنا" .
صورة..
-لا يعتبر عملي هذا معيار نهائي للقياس "انما هو الزبدة والخلاصة لـــ "تجربة", اثبتت وجودها وصيرورتها في العقد الأخير, بما حملته من تحولات واضافة للمشهد الشعري اليمني والعربي ..
و مهمتي في الأساس: هو العمل على تداخل المسافات وتقاربها, من خلال المعرفة وتنوع التجارب في الشعرية العربية , بالخصوص الشعرية الشابة والحديثة .
-ترتيب الأسماء والنصوص هُنا "تلقائي" ولا يخضع لأي تأويل اخر..
ليلى إلهان
مواليد العام 1987 بمدينة صنعاء
لها العديد من الدواوين الشعرية ومجموعة قصصية واحدة ,تعمل موظفة ببيت الثقافة اليمني
لدى ليلى قدرة خارقة على ترويض فائضها من الحياة والشعر اذ تُرتق النص بذكاء مدهش , يتسع لأكثر من الشعر ذاته, بانفعالات مثقلة بالحب والكراهية في آن .تضحك ليلى بسهولة لخيارات الحياة الضيقة , كي ترمم اشياءٌ متعددة للبقاء ,, لملامح اللحظة والذات , الشعر حين يكترث لملائتنا ,لخبثنا الوسيم بعناية...
نصوص
"دون حياء"
يتدلى جسدي
من غفوته
مستنداً على مرض الروماتزم
كل شيء من حولي تسجيلي
كأسطوانة الديسكو
لكي يجعلني جسدي
أرقص حتى النهاية
( دون حياء )
هكذا استيقظ
من أورام السرطان
العالقة بين عظمتي أصابعي
عندها فقط انتهيت
من ممارسة البكاء الدائم
وسماع الجيران لصرخاتي العالية
عندما انتابني شعور
بالسقوط من أعلى رأسي
وصولاً إلى فردة حذائي الراقص ...!
"شارع سبعة"
1-
في شارع سبعة يتكئ الجوع
تتكئ امرأة على وسادة التسول والدموع .
2-
في شارع سبعة أمشي بجسد عار
كميت يطوق لقبره
كفراشة تلتف حول عنق القنديل وتغادر .
3-
في شارع سبعة أتخيل اولاداً يلعبون
وأناساً يضحكون
وبيوتاً أبوابها متسعة للفضاء
لخبز/ لقهوة
لامرأة جميلة
تعد الابتسامات
تخطف وردة لتهديها لحبيبها العائد من المهجر .
4-
في شارع سبعة أقرأ الكثير
أسمع "سيد درويش "
أسمع مواويل عراقية" أسمع ناظم ."
5-
في شارع سبعة
الكل يتنفسون" ينجدلون "
لا كهرباء مقطوعة
لا رؤوس مفصولة
ولا حتى أطفالاً يبكون
غير أني هناك حامل في شهري السابع .
6-
في شارع سبعة
المطارح لا تلوذ ربما تبتسم لإيابهم
لإحياء ذكريات عربية
لإحياء تجربة مرت سهواً
وعبثت بي دون قصد
ربما لعدالة الله ..
7-
في شارع سبعة
أعاشر جنسيات مختلفة
فتيات / ديانات
وأرجو مباركة العائلة .
8-
في شارع سبعة
حمامات بخارية
سوق أشبه" بسوق الحميدية"
لهجات / حارات شعبية
حبال معلقة على شرفات المنازل
وغسيل الجارات منشور على بعد طرف من نظري .
9-
في شارع سبعة
يتصبب مللي / حبي
يبدو كبشر يركضون كمن يغادرون حياة عريضة
مليئة بغيث التعاسة
يبدو لذوي الوجوه الفقيرة شارعاً عريضاً
لذوي حاجات مرمية لا تسعى للطيران
يبدو كهواء يعيد تمارين الهبوط .
10
في شارع سبعة
لا عطلة رسمية
لا ضجيج يصافح الفراغ
ولا فراغ يصافح نفسه
يلهو بنزهته القصيرة أيام السبت والأحد
مبارك
يتهاوى حباً يلتقطه عاشق ويهديه للجميع
طرياً /وسعيداً
يطلق فرحه للكثيرين
ويواسي لحظات
كادت تتساقط بدوران الأرض الخاطفة .
11-
في شارع سبعة
يرتفع الضوء ليعود "عيسى ابن مريم "
ويعود رأسي
وتعود الكرامة .!!
"قليلاً ما أكون.."
الوجوه التي غادرتني
ذات مساء
هي الأخرى
لاذتْ إلى الموت ...
قليلاً ما أبكي
قليلاً ما أضحك
وقليلاً ما أراك
تأتي عارياً
من الشعر والحسد
والكراهية
وتظهر عظامك النحاسية
كي أعلقها
على شماعات الملابس
وخزائن المطبخ القديم ... ؟
- وقليلاً ما أكون -
أريد فعل ذلك ...
فتحي أبو النصر
مواليد العام 1976م بمحافظة تعز
صدر له اكثر من ديوان شعري , يعمل ككاتب صحفي بالعديد من الصحف اليمنية, وناشط حقوقي
مشاغب لا يكف عن مراقبة النباتات الغريبة بدمة فيرويها بتعب ومحبة , عن نزيف متمرد ,يطوع اللغة بشفافية الذات و والذات بخرز ملون للرغبة , للأصدقاء , للتشرد, صانع زجاج متمرس , يوشم الأشياء واليوميات بشعرية صارخة, مطرزة بلذة الألم والبوح.
نصوص
" نص شفاهي"
بغريزة ذئب وحيد في غابة ضائعة
(نص شفاهي )
الكاسيت الأول
( 1 )
تعلوني ريشة والنعاس حيويتي لأتواصل مع الديمومة في صوت الموج الواثق هذا
وأغنية قرصان أخير كان يطل من كوابيسي ولا يعتذر .
إن الحب مواجهة ,
والقصيدة استمرار نهاية,
و مع الانتقال فإن حاجتي لابد تتجدد ,
غير أنني مصاب بنظرات ذلك النورس المجنون .
يصحو النورس في تنهداتي ويعلقني عابرون في خطواتهم واكرر أن الحب مواجهة !.
مواجهة مع من ؟
قد يكون مع الذي لانعرف ..
بينما آخر ما سيتبقى لي في هذا الوجود صرختي الأولى .
..إن الفراغ تحت جفوني فسيح ألان وكحتي تنتهكني بلا نشوة وثمة انطفاء يعتزم مفاجئتي .
لكم أريد أن اجر الأضواء المنعكسة تحت جلدي إلى أخر الكون .
إنني بلا أصدقاء وهذا ما أخبرتني به العزلة ,
لكنني كثير وهذا ما حمله لي صوت حارسي :- النورس المذعور.
..في مستشفى الأمراض العقلية ظل (محمد شكري )يتبادل رسائله مع (محمد زفزاف) ,
أنا سأتبادل رسائلي مع من ؟.
سأتبادلها معي فالرسائل هي للحرق والحرق هو للزمن والزمن هو للانفلات.
يبدو أنني لا استوعبني أبدا ..
هنالك خاصية السحر في رفرفات النورس .
النورس يتحالف و طمأنينتي الغائبة .
له قبيلة من القصائد في حلقي .
قد يصل وقد لا يصل.. لكننا في مستوى واحد سوف نرتاح.
..بإمكانه أن يعتربني سخيفا وبإمكاني أن انزع عنه أي معنى .
بإمكاني أن ألتم وإحساس الريشة التي بدأت بالسقوط أيضا ,
أن انتقي موتي وعلى مجزرة العدم ألح .
ياااااااااه ..
أنا قلق ومريب .
مجموعة أمكنة تحس بالهول أنا ولا أريد أن أنجو من أي شيء .
قالت لي صديقتي الروسية -التي تعرفت بها قبل ساعتين فقط - أن اسمها ( نتاشا ).
شعرت بالاسم يذوب تحت لساني و يرتلني .
لها خاصية الطبيعة, فهل تدري ألان بهذياني المرير ؟.
أكثر من معنى يصيغها في علبة سجائري وابعد من رؤيا تغلفها في عرقي ,
فيما أثارتني منابت الشغف في لثغتها المسائية وهي تنطق اسمي هكذا وبكل رقة (فاتهي ).
لقد أعطتني ثلجا وابتسمنا في وقت واحد ..
قالت أنها ممرضة فتمنيت أن أموت على يدها .
ضحكت من أمنيتي وبكيت .
كنت سأطلب منها أن تقرأ باللغة الروسية وصية (مايكوفسكي) التي كتبها قبل انتحاره ,لكنني لم أجرؤ..
(مايكوفسكي) كذلك اهتزت روحه لمنظر النوارس .
ترى هل تعرف صاحبة الأرداف العتيدة هذه وجع الشاعر ؟.
داخلي ألم الخليقة كلها يا(مايكوفسكي) ..
أرى شجرة في قاع كأسي السابعة وأريد أن أتسلقها!.
..النورس لا يضطرب .
يتقدم , يتحسس , ولا يتحسر .
يتلكأ قليلا ويرتمي جميل اللعنة .
يسرح ,يتآلف ,ينخرط ويتمكن بدون تأويل .
كثيرا ما اغتنى بظاهرة المعرفة .
صادني ,سلخني, فارتعشت ناصعا و مازلت اشتعل .
*مقطع من نص طويل
"كلاكيت"
سيموت كثيرا
سيموت متعثرا بجثته
سيموت ليس حائرا
سيموت في رؤياه
سيموت بترف كالهواجس
سيموت عموديا وأفقيا
سيموت بالقرب من ضحكة عينيه المنتصبتين
سيموت كجملة مختصرة
سيموت قبل مطلع النهار وبعد مغيب الشمس بقليل
سيموت قادما
سيموت ناعما وبقسوة
سيموت وهو ينحر الأغنية بينما ينتحر فيه المغني
سيموت كممر
سيموت أولا وثانيا وثالثا ورابعا وخامسا وسادسا وسابعا
سيموت من الخلف ومن الأمام أيضا
سيموت بعد بكاء أصابعه على مصير العمى في باقة الورد الأخيرة
سيموت عاريا
سيموت معي
سيموت قرب الرائحة
سيموت بلا اسمه
سيموت بالشهقة الحمراء
سيموت في الشمال
سيموت في الجنوب
سيموت وهو يغوي قصيدة جديدة
سيموت شاردا
سيموت قبل أن ينظف الغبار من حنجرة مواعيده القادمة
سيموت صوب الشبق تماما
سيموت بلا غيمة تحت أجفانه وبلا حنطة في اليد اليسرى
سيموت هنا
سيموت هناك
سيموت ضاحكا
سيموت كفأس منسي وحزين
سيموت وهو لم يصالح الإطارات بعد
سيموت بلا أسلاف أو أحفاد
سيموت من أجل كل الذي لم يعرفه
سيموت في الأسرار المقشرة
سيموت كدودة قز أحيانا
وأحيانا كما سيجارة
أو مخلب.
نوال الجوبري
مواليد العام 1986 بمحافظة تعز
حاصلة على ليسانس ادب عربي من جامعة صنعاء
شاعرة يمنية , اختفت عن المشهد فجأة بعد ان تركت كتابين شعريين , ابرزا موهبة مقتدرة , بشاعرية مفرطة في الإدهاش, ومسارات مبتكرة لفتت نظر الجميع , لدى نوال كاميراتها الخاصة بحيث تأوي ذاكرتها الكثيرة للنص كمايسترو متمكن من ترويض استنساخ العازفين , تمارس فجائعيه الغياب, تجاه التجربة و تجاه المتابع للتلاشي بنصوصها جدياً , بأثر لا يكف عن الولادة والتجدد ,هي نوال اذاً مشاغبة بقساوة الأطفال ,, للحلم , للألم ,وللبقاء هكذا :كنص مفتوح..
نصوص
"المكعبات متشابهة باحتمال إحداها"
ليس بوسعة الانتشار كما يفعل
طلاب المدارس الابتدائية.
وأنت غير قادرٍ على احتوائي
ربما تصبح ضيقاً كما لوكنت
هكذا
داخل علبة بيبسي
بيمنا أنا
قد اكون كثيرةً,
وأصابعي ستغطيني بالعد يوماً ما,
وهذا ما يجعلني أقل ارتباكاً
في خوفك من الانتماء إلي
الموت ليس مهمة صعبة
وأنا لست مخيفة أيضاً.
فقط:
كن كما أنت!
ثم لا تنسى أن تخلع رأسك في
مكاناً محايد,
ربما أحتضنها قليلاً وأنام
كم من الرؤوس استبدلت بها رأسك,
وكم من الأسماء تكفي لأن تتذكرني؟
فالرأس التي دفنتها قبل مدة
استعادتني مرة ثانية
لكنها لم تنتقِ وجهي الذي كنت قد نسيته
الوقت لم يكن كافياً لأن أجر
وجهاً آخر
لأن المكعبات تبدو متشابهة
باحتمال إحداها
وحتى لا أتدحرج
ستبقى عالقاً هناك
حيث لا أحد يظن على أي
مربعٍ أنت!!
" فكرةٌ تعبر ظنّي"
كنتُ كبرت هكذا
إلاّ أنني نسيتُ عدد أصدقائي
لم أحاول حصرهم في يومٍ ما،
ولم أتذكر جيداً تفاصيلهم
فقط:
جمعتُ أكثر من حلم
رسمتُ ما يكفي
لخلق شيءٍ ما
فكرةٌ كهذه : عبرت ظني
حلقت بي في الأعالي
فتلمستُ بأصابعي السماء
قبَّلتني نجومٌ كثيرات
تركتْ أكثر من وشمٍ على وجهي
أتأملني في المرآة
آهـ : لقد كَبرتُ،
ونَضُجَتْ فيّ الأنثى
لو أنني ولدٌ : لعشقتُ هذه
الصبية التي هي أنا
بالمناسبة !!
هل عليّ الاعتذار عن
فعل حدث في الحلم ؟!!
أنا قتلتك مرات عدة
تأكد من ذلك
غرزتُ أكثر من نصلٍ
في قلبك
كن شجاعاً، واعترف
أنك لست حقيقياً
إنما أنت ظلك الآن
يستقبل التعازي
كم كان عمري حينها ؟!
لم انتبه لذلك
إلاّ أن هذه الأرقام ليست أنا بالتأكيد
لو كنتَ أنا
ما الذي ستفعله ؟!
ستحكي عن الدفاتر الملونة مثلاً
الوردة التي أهدتني أمي
في عيــد الميلاد
عن أخواتي البنات
لا يأبهن لما أكتب من شعر
أيضاً عن عجائز الحارة،
والحديث عن أهمية الزواج المبكر،
لو كنتَ أنا ..
ربما تخليت عن أنوثتك فوراً
واكتفيت بالبقاء عارياً
أمام المرآة
تتأمل أعضاءً فاسدة
لم تعد صالحةً للاستخدام
لو كنتَ مكاني:
ربما اعتذرت عن موتك المبكر
وقبلت بأول عرض زواج
بدلاً عن كتابة الشــعر
أنا الآن أصعد الدرج بدوني
هكذا أحب أن أظلّ وحيدةً
قبل أن تنفد كمية الهواء
جرّب أن تفرغ رأسك منك
واكتفِ بالقول :
أنك لا أحــد
اعتقد في ظنك أنك رفيق سيء
واترك أعضاءك في أقرب حانة
أرتجل الحياة خفيفاً
ربما في هذه الحالة
لن تضطر للبحث عنك
والتفكير بشيء يخصّ أجزاءك
في لحظةٍ ثملة
أشياؤك التي تركتها هنا
سأفعلُ ما يخفف عنها الضجر
لا تنسَ أنها عائلتي
أركنها أحياناً بين أواني المطبخ
بهذه الحـــالة :
أتوحد بك دونما الشعور بالفقد
ثق تماماً
أنني قد أحبّك
وأعرف أنك رجلاً مزيفاً
تقريباً هذا ما يمنحني الرغبة
في الإصغاء لرواياتٍ
تفسِّر تأخر العربة
بارتباك إشارات المرور
أنا لم أكن بطيئة في السير
وهذا المعطوب :
ليس أنا بالضرورة
حدث أن لامست أمي
مواء ليلة باردة
ظنّت أن حلماً ما
يزعج قطتي
ارتبكت عيوني
وأنت تحاول اجتياز الفراغ
بإتلاف الوقت في الممشى
سقطت رهاناتك في محو أمية العالم
حين اكتشفتَ أن مؤخرته الضخمة
لا تتقن التعلم
عليك إذن :
أن تتعلم الغباء
الغباء رفيقٌ سهل
ربما يمنحك ما تظنه السعادة
غير أنك لن تستطيع الصمت
وأنت تقبِّل امرأةً حقيقة..
" أقل من امرأة ، أو أكثر من رجل "
هذه المرة ..
لن أراوغ كثيراً
ما سأحكيه يعني أنني
غير مستعدةٍ للبكاء
ما سأقوله لا يعني
أنك حبيبي
فهل عيونك لازالت تتحدث إلىَّ؟!
اسأل الزهرية مثلاً
لازال لديها متسع من الوقت
بالأمس لم يكن حديثها سيئاً
فلا تقل لأمك عمّا دار
بين النجمات
لا تحكِ لها ما حلمت به
تلك الليلة
ثم ضع وسادتك المهترئة
في مكان آخر
ريثما أقلّم أظافري
حاول أن تساعدني هذه المرّة
اجمع ما تبقى من أماسينا الباردة
أو خادعني بحكايةٍ ما
ما قالته بنت الجيران
أصبح يعنينا
قد لا يكون هذا مهماً
إلا إنني لم أكن أقصد ما يحدث
في الشارع المجاور
حتى فتورك لم يعد
يستفزُّني
على أي حال كل ما مضى
رديءٌ بالفعل
ولسنا نملك سوى
ما تبقى من فائض الكلام
أيها البعيد:
ما ذا لو أنك كنت حبيبي
هل معنى هذا
أن الدمع ليس ممكناً
ماذا يعني أن نضحك معاً
أن نشتم كراريس المدرسة
أو أن نقيس حرارة الأغنية
العاطفية ؟!
قس مسافاتنا جيداً
ثم احكِ لي عن :
"عبد الوهاب، أم كلثوم ، عبد الحليم"
أو أي شيء آخر
حاول الغناء بمفردك
أنا لن أتحدث بحبالك الصوتية
كل ما سأفعله :
هو أنني سأحتكرها
لبعض الوقت
فلماذا لا تجرّب الغناء بصوتي
أو نشترك معاً
بقُبلةٍ واحدة ؟!
لو كان بإمكانك العودة ثانيةً
ربما ابتهجت الشوارع
هذا ما أعدك به
لأن مصابيحها النائمة
ستظلٌ كما هي
قل لي : ما يقوله الشعراء عادةً
عمّا توشوش به تلك الأوراق العمياء
الوقت معطوبٌ تماماً
ونحن نتعب في الغالب،
حتى أنه لم يبق فينا سوى القليل
وهذا لا يعني
الخيانة أبداً
الخيانة : أن ننسى،
ننسى ما تقوله أمنا للشمس
الخيانة أيضاً:
أن نترك أحلامنا عارية هناك
ثم نصدّق ما علق من همس الأصابع
أنت لم تكن مستعداً لذلك
كما أنني لم أكن
قد انجزت ما يليقُ
بوداعك الأخير
لقد نسيتُ أن أرتبَّ
يومك المليء بالحمّى،
ونسيتُ أيضاً
أنك كنت حبيبي
أنا لم أقل لأمي بعد
أقصد لم أحكِ لها عن أشيائنا
هذا لم يكن ممكناً
نحن فقط معنيون بذلك
كما أنني لا أحبَّ الموت
على دفعات
لذا سأبدو أقل من امرأةٍ
وأكثر من رجل
في حال أخطأتني البنات
ستبكيك أوردتي بالتأكيد
إذا ما كشفت عن
ثوبك المتدلي من النافذة
لقد أمسى متسكعاً في الممرات
حملته الريح ،
وألقته في وجهي
حتى أبصرك جيداً
أظنّ هذا ما حدث
وأظن هذا ما سيحدث
إن كنت تحلم بذلك
احفظ رأسك عن
التفكير أكثر من الممكن
ربما أغرتك الشمس بألبستها
الضيــقة،
أو أن جبل صبر غيّر أقمشته
هذا العـــام
لقد قلتُ هذا
حتى أنني نسيت :
نسيتُ أن أستمع إليك
نسيتُ أن أتحدث إليّ
ونسيتُ أنني استبدلتُ
مفكرتي بواحدةٍ أخرى
من غير اللائق إذن،
استعادة ما حدث بالأمس
لقد كان ممتعاً بالتأكيد
لكن ما حدث
لم يكن يعنينا تماماً
ما حدث كان ينتمي لكائناتٍ أخرى
عالمٌ لم يَتحْ لنا
فــرصة الموت
هل نصرخ حتى ننتمي إلينا
علينا أن نفعل ذلك،
فالصراخ دليلنا في السير
لو أننا نسيرُ معاً
وننسى أننا فقدنا أقدامنا
ثم لن نكترث لذلك
فهل كنت ستحبني؟!
محمد عبيد
مواليد محافظة الحديدة
له اكثر من ديوان شعري , ويعمل في الصحافة الثقافية
شاعر لا يكف عن السير في النص , لا يبارح بستان كلماته كثمار لا نكف عن التهامها دون تخمة, يكتب للحبيبة كأنها وطن , كأنها كون _. يكتب للحظة الكتابة نفسها ,مسارات الأنسان في العزلة والحضور, ككأس من الموسيقى والضوء ينسكب بشرنقة النص, يكتب عن حياته اليومية فيغمرنا بشعرية لا تنتهي من العثرات والتفاصيل...
نصوص
"أوقات تتثاءب بيقظة"
1- لم يمل بعد
من صحوة ينهض لينام
يتثاءب بيقظة
ويحلم بغسل وجهه
برائحة قهوة لم تبرد
في صباح يمضي
كشمس خرافية
تغري الأمهات
بنشر الغسيل باكراً
والتلاميذ
باختصار جداول الحصص ..
سيرش السلام
على البنايات اليابسة
وأصدقاء دون ملامح
يركضون في نهار
أو نساء يتعثرن
بنظرات العابرين..
يقرر النوم ليصحو
حسب المزاج
مثل شاعر يحترف الموت
أو خاطرة استدرجتنا إليها
كصلاة تؤديها أم تحب الله
كحبنا للسجائر
أو أكثر ..
قد لا نتخيل
أن المزاج السكران
يثمل بأغنية لإديث بياف
ربما نستغيث
ونستنجد بدعاء
ليكون وسيطاً
لسماء أكثر صفاءً
من الماء المعالج
بأحدث وسائل التحلية..
سنكون أكثر لذةً
من حلوي العيد
في آخر مرةٍ ذقتها
قبل مصادقة اليتم..
هو خلاص من موت
احتراق سجادة
أطلنا عليها السجود
ولم نلبث أن عاودنا الموت
الذي كررناه أكثر من مرة
الموت الذي مللناه
لكنه
لم يمل بعد!
2-موت في المجاز
حسبي الله منك أيها الشعر
في بياض الوقت
أنمحي برائحة قهوتك
أقيس زوايا الغرفة
ألملم قهقهات أصحاب
كانوا هنا..
كم أمقت الموت
والدائنين
الكون لا يوازي
اشتياقي لأمي..
أحتاج اقتراض أصدقاء جدد
يشاركونني الهزائم
عشيقات أغرم بهن
كنساء حقيقيات
كقصائد أضمنها
مجموعتي الجديدة
يلزمني
مزيداً من السخط
لألعن حظك
يا محمد عبيد
وأدعو عليك بالخذلان
كولد عاق
ثم أبكي
مثلما أفعل في حالات
مشابهة..
يلزمنا أن نثور
كأشياء كثيرة
تثور علينا
في مدن تحترف الثرثرة..
لنمقت هذا الغياب
حين لا نجدنا
حيث كنا منذ لحظات نُغني
فلا نعد نرانا
ولم يعد بإمكاننا الاعتذار
عن حماقات فائضة
سنحتاج أن نكتب
شيئاً جديداً
عن موتنا
عن أصدقاء في المجاز
أحبة خارج الكلام
داخل المعنى
ينامون دون عشاء
ويلفظون أنفاسهم
في غرف مظلمة
هل سأحصي ما التهمه الموت
من الشعر
ومن الأصدقاء
الذين استنطق أيامهم
وأنا أرقب موتي
من بعيد..?
3-عن دخان يثرثر
ببقايا نعاس تنهض الصباحات
على غفلة من النافذة،
ذهول الشاعر في المقهى
نهار آخر يتسع
الدخان يثرثر:
عن مظاهرة للطاولات
ضد لاعبي الورق ،
عن البياض
الذي كنسته الدهشة ،
عواء الجدران
في ساعة قائظة
من الليل ،
الشمس التي تنهض
بمانفيستو الحرية ،
الله الذي لا يحبه
تجار القمح ،
الكتب المفضلة للمضاجعة ،
المدية المحتفية بدم ،
الغرف التي يتذكر فيها الموتى
حاجتهم إلى التثاؤب ،
قصائد الهايكو ،
النابالم ،
نشرات الأخبار ،
غاز الأعصاب ،
الأدوية الفاسدة ،
التفكير الذي تصاحبه
حكة
في الجلد ..
….. . . . . .
. . . . . . . . .
القصيدة اتسعت
صارت برية .
"الركض خلف العربة"
الثلاثون خلف العربة
الثلاثون التي دربت أيامي على الركض
كنت أسميها الهزيمة
وأقذفها من أقرب نافذة
وأذهب برفقة صديقة
أفتقدها الآن كثيرا
وبندم أكثر
أتقدم بعزائي
للأشجار.
الثلاثون المحتفية برصيف
احتفاء طائر بشجرة
كم أحتاج أستبدلها
بفائض بهجة
أن أقايض الأصدقاء
بخلالات أسنان.
الثلاثون عناوين الندم
وأنا المحاصر بخيبة الظن
أتحرش بالنسيان
وأدلل في الصحو
أحلامي .
هكذا يحدث في الظن
أن تنمو الخيبة كندبة
أو أن أفتح نافذة
على أشجار الليل
المبتلة بالسرحان
فيما الثلاثون
تركض
خلف
العربة.
"التلصص على جثث تشبهنا"
لا سقف يأوي التعب
والشوارع الخائنة
لا تحنو على الخيبات،
لا امرأة تنتظرك خلف الباب
لتنفض عنك غبار الوحشة،
لا أصدقاء
غير قابلين للصرف،
أو إخوة لا يلقونك
في البئر
و يقايضونك بندم..
يحدث في الارتباك
أن نلبس عرينا
حين يكون في التمني
ما يستحق
شتائمنا القبيحة،
فنتلصص
على جثث تشبهنا
تضج بها حياة ميتة
كطلاب فائضين
عن حاجة المقاعد
أو كمحتالين يلاحقهم سوء الحظ ،
هكذا تكون الحكايات
دون بريق
كصبي خانته الكهولة
فراح ينش الذباب
عن صحن رغباته
أو فتاة أسلمت فخذيها للماء
لتدلل أيامها
بأحذية جديدة..
ها أنا كالعادة أمشي بدوني
متخففا من عبء
مرافقة التعب
أحاول صنع أيام
ترفل
بما يكفي من السجائر
وفائض نبيذ في الكأس
لنسيان الشراك
التي نصبتها
لاصطياد أحلام مؤجلة
فيما الجياد
تركض
حتى نهاية
سنوات الخدمة !
حميد الشامي
مواليد العام 1989م بمدينة دمت
حاصل على ليسانس ادب انجليزي من جامعة صنعاء
شاعر شاب , بدء نشر نصوصه مؤخراً , ولدية مجموعتين شعريتين تحت الطبع
شاعر يلاعب المشاغبين بداخلة برواق النص :يفضحهم في الرغبة والتجاذبات "بعد فشل بعضهم بالانتحار", بتفاصيل تبتكر دهشة مرحة في التناقض كما في الوخز.. يجترح التجربة الحياتية بمقدرات سينمائي .. بثيمات انيقة في المغايرة والاستمرار, يجترح النص لمضاعفة حياة هاربة بدلو "روحه" ,روحة غريبة الأطوار تماماً..
نصوص
"مواربة"
أحبك هكذا
كمن يحارب على جبهتين,
أحب تقاطيع وجهك
كما تحبين أنت أولادك..
احبك لحياتين كأني جسدك هذا!
لأني حين أموت
لا أحتاج لأحد ليغلق عينيّ
سيكونان هكذا: جميلتين بتحديقهن عليك
شفتاي أيضاً، كما لو يتهيأن لتقبيلك
ولا يحتاج أحد أن يخرج شيء من جثتي
لأنك بداخلي هكذا: مومياء كاملة..
قبل هذا سأغضب منك
أنت التي تنام بقرب زوجها الآن
دون ان يعنيها حدوث كل هذا
سأغضب من الله أيضاً
الذي يمنع كل هذا ان يحدث
ببساطة سأحتج عليكما معاً :
كأن ارسم امرأة أخرى بنفس الطريقة !!
"نصان"
"بضحكتي اموات.. "
خفيف حد ان لا استطيع العبور
حد الكأس الفارغة في يدي؛
أو ان تُسقط عينيّ مشابك ثيابك..
خفيف
فلا أُفرق بين الراقصين,
خفاي وحدهما يؤديان الفلامنكو
ولا ارض تحتنا
لا موسيقى..
خفيف: حد ان استبدل دمي بلعابُكّ
وافرغة في الزجاجات
اعرف من خفتي سنفترق.. واحتاج ملعقة كل يوم
كي أصبح رغبتكما..
فبضحكتي اموات وفي القبر سرير
خفيف
ولا اعرف كيف تقوم هذه الأشياء باستنساخي
او ان اجلس كل هذا الوقت
على المقعد الوحيد بقلبي ,
بساقه المكسورة!
"بُرجك الدلو يا حبيبي"
تعرف لمَ أنا كومة قش؟
لماذا؟
لأن سطل البرتقال غافلني
ومرر العاصفة من حاجات الأمير
ولأنني
أتقشر بالحزن مثل صحون صدئة
أتدلى لأصابع الخادمة الصغيرة التي طيرت الفراشات من حنكي الأسفل
ثم أنها..
شهدت بأني غيرك
دلو ابتسامتك ,رائحة زار طفولتك
يدي القابلة اللذان أتعبتهما ,وماتت في السيل
لأنها نسيت قلبك برحم الأم
ناذره دماء هذا الفجر لسنمار وحدة
لأن القصر ذاته نبه الخليفة
ولأنك ....
قليلاً ممَّا يظنون-أنا
من أنا؟
الثمرة لمواسمك
لهو المساء بحنجرتك
صوت فيروز يعدل من حزنك "كُنا تودعنا وصوتك غاب"
عرق جبينك حين تستيقظين
ألعابك المحبوبة
زيرُك العجوز بسنان حلبية.
"كأن مدينة- كأن امرأة"
تُخالط العقاقير ضحكتها
بمخيلتها طفل
اقتلعت الحرب الشجيرات عن كراسته
ورجل يترك نسخةٌ منه
على كل آلهة يصافحها,
الذي للمطر :صانع فؤوس, يبيع الفحم للغرباء
الذي للمحبة: تاجر أعضاء بشرية
الذي للخُصب: يتلصص على مراحيض الجيران
الذي للحرب: بائع وردّ خجول
الذي للنور: حانوتي الحي
الذي للأرض: سائح فضاء, يمازح الحقول بعوادم العربات
الذي للشعر: بائع لحوم ودواجن على ناصية الطريق
وحده الذي ليس شيء: جالسهم مشنوقين بغرف نومة
وحده الذي ليس شيء: ينفض الغبار عن عروقه كل صبح
ويحمم جسدين في المقهى..
لكنها لا تذكر
إذا ما كانت هي الآن
وهجرانها
مليون امرأة تقول لمليون رجل بنفس الحظة
"أحبك"
كي يخرجوا من بعضهم
ولم تختر المسافة وسامته
كانت جثثهم ,
بالأحرى :أطرافها يسليها بالشكوك..
مقامر مشئوم
فلمَ ضلت بعينين مبتسمتين
حتى النهاية؟
حين غرس دبابيس ندمه بكامل جسدها
هكذا: ليسدد بدلا عنه, ذنوبها الجديدة
كانت على وشك الوصول
كأنها مدينة.. كأنها امرأة
لو ان قطرة دمه الأخيرة
رفضت الانزلاق فجأة ، بحوض يدها
يدها التي كانت...
جلال الأحمدي
شاعر يمني ,من مواليد السعودية
شاعر شاب له اكثر من ديوان شعري ,والكثير من المشاركات والنصوص . يكتب جلال للحبيبة بوصف الكتابة اليها عالم اخر لا يكف عن التقاط ملامحة بتردد عال من الشعر والمفارقة.. يعيش الأحمدي الشاعر دور الراوي ,للنصر ,للندم لكبرياء العاشق ايضاً, بحس وجداني وغرائبي تحمله نصوصه الكثيرة.
نصوص
"اجلس الآن وحيداً"
اجلس الآن وحيداً حول طاولةٍ مستديرةٍ
أجلس الآن مستديراً حول نفسي
أجلسي الآن كطاولةٍ ليس عليها أحد
أجلس الآن..
ولا أعرف كيف
... تفوح مني رائحة التبغ والخسائر
قلبي دولاب محشوّ بعلّاقات الملابس
وبعلاقاتٍ شبه تذكارية
رأسي علبة سردينٍ صدئةٍ
كلّما هزّته ريحٌ
سمعت داخلي مواء قطٍ تائهٍ
كلّما رشقني الأطفال بالحجارة
تدحرج مثل كرة نحو برميل القمامة
كلّما سألتُ عن الوقت
انفتحتُ على العدم
وكلّما سألتُ..
صرتُ خفيفاً مثل لا شيء
عن يميني ريح
وعن يساري ريح
تأخذني ريح
وتحطّ بي ريح
وكلّما ارتفعتُ عن سطح الفكرةِ
كلّما ازداد حنيني للسقوط على حقيقةٍ حادة
أنا حجرٌ يفكّر بالطيران
أجلس كآلهةٍ قديمةٍ على عتبة حزني
وأفكّر بكتابة قصيدةٍ جديدةٍ لامرأةٍ لا أعرفها
أفكّر برسم صورةٍ لامرأةٍ لا تجيء
أفكّر بالطّريقة التي سأدعوها بها إلى كوب من الشّـاي
أفكّر في شكل ملامحها حين أخرج من جيبي منيدلا
و أدعها دون أن أقصد تسمع نباح كلبي الميت
أفكّر في الطّريق الطويل المؤدي إلى باب بيتي
أفكّر في الطّريق الطويل المؤدي إلى بيتي
أفكّر في الطّريق الطويل إلى بيتي
أفكّر في الطّريق إلى بيتي
أفكّر في بيتي
ثم أفكر بشراءٍ مقبضٍ للباب
وبابٍ للجدار
وجدارٍ لنا
لكنّني الآن جائع
وأريد أن أنهي هذه القصيدة
ثم أريد أن أبكي لوحدي
وأنام
"نصوص متفرقة"
.....
سأحبّك..
الآن فقط,
شجرة الحرب.. بالكاد
تمنح ظلاً لأحد
لكلمةِ "وداعاً ",
..أنا..
حزنَّ لأخريات.
.....
لا أعرف ما هو الوقت
هل عليّ أن أعرف؟
ما الفرق إن قلت لكِ..
التقيتكِ الساعة الماضية؟
أو الحديقة الماضية؟
أو الضحكة الماضية؟
الساعة ستتوقف
كما أن الحديقة ستموت
والضحكة تُنسى.
.....
ماذا يفعل شاعر عشاءه الليل؟
يسلقه بدموعه!
أم يغمسه بالكلمات!
من أخفى الوردة في كتاب!
والحقيقة في المسدس!
من وضع الجوعى داخل طبق!
أنت أيضاً...
لن تفهم ما يعني هذا,
أنت أيضاً.. أظاَفركَ طليقة,
وقلبكَ في قفص!
.....
هناك ,
حيث غيابك يتفتح,
فوق صدري..
على هيئة ليل
وطعنات,
خبأت في شهقة ,لك..
الأبد كله.
.....
هناك بقعة من الزيت لا تزول
فوق أرضية المطبخ
بقعةّ صغيرةّ على الملاءَةِ
بقعةّ أصغر بحجم كلمةٍ, تحرق
على مزهرية من خزفٍ داخل القلب
هناك أشياء صغيرة,
أهملناها,
تدوم
أكثر من الحبّ.
"حقدٌ أقلّ"
بحقدٍ أقلّ من هذا بكثيرٍ
توصّلنا إلى الدّببة وأسماك القرش والتّماسيح
وجلبنا الغابة من العدم!
بأقلّ من هذا
صقلنا السّيوف واخترعنا البنادق
زوّدنا رؤوسها بالسّكاكين وقلوبها بالرّصاص
وخضنا معارك لأجل أشياء تافهة
حاربنا كالجراد
كالخفافيش في وضح النّهار
كالطّاعون!
الطّاعون تماماً
قّتلنا وقُتلنا
ولم نجد صيغةً نهائيةً لما نريد
بأقلّ من هذا
طاردنا الهنود الحمر
حوّلناهم بمحض أمزجتنا إلى كائناتٍ متوحّشةٍ
آكلي لحومٍ ومصاصي دماءٍ
سلخنا فرواتهم
انتزعناهم من أحلامهم
من ضحكاتهم
من التّبغ
من أغانيهم الدّافئة
ومن هذا العالم للأبد
وعلّقنا أعناقهم على بوّاباتنا
فعلنا كلّ ذلك وأكثر
بحقدٍ أقلّ!
خرجنا في العتمة
في منتصف أحبّكَ
في شدّة أحتاجكَ وأريدكَ
وتركنا ظهوراً كثيرةً عاريةً خلفنا
تركنا أياديَ تتمدّد وحدها في النّدم
أياديَ جريحةً تموء
تحت مسامير الفقد
ذهبنا إلى الشوارع
إلى المساجد
إلى العرّافات
إلى الكتب
إلى (…)
تبادلنا الظّلم
تبادلنا الحافّة والفراغ
تبادلنا القدَر
أخذناه معنا إلى السّرير
خبّأناهُ في أحشاء أطفالنا
وبكينا
بأقلّ من هذا بكثيرٍ!
بحقدٍ أقل!
أحمد العرامي
مواليد محافظة ذمار
عمل كمعيد بقسم اللغة العربية جامعة ذمار, وحالياً يعمل في الكتابة الصحفية
شاعر ماهر في الإيحاء ,و التواطئي مع النص ,لخضاب ذاكرة ملونة , تنزف حواف اخرى للطرقات والأبواب ..وميض من ماء ونضوج غير تقليدي , يكادوا ان يغطوا ما كتبه وما يكتبه
من نصوص زاخرة بالحنين , بانزياح زهري للمكان والذات..
نصوص
"كأنّ نبيًا خلف الباب "
"مقاطع"
قمرٌ يرتبنا لغيمته، وسيدةٌ تُقَاسِمُنا خرافتَها، وليلكَ صمتِها المشروخَ، ضحكتُها الفُجاءَة فضةٌ رقصت على حقل الحنين......
و(كان يا ما كان) غربالي:
أضيعُ مثل الندى المهووس، ذاكرتي نصفُ الغياب، وكلُّ البابِ مَـوَّالي:
(رُويح البالْ يا منْ يريدَ البالْ جا لهْ
قمرْ يا أختَ الغزالةْ..
وُلَيدْ والليلْ بالةْ(1))
والآن يا(لِزَّابُ)(2)
أنتَ معلَّـقٌ مثلي
على حبلِ النقائضِ...
كلُّ شيءٍ مائلٌ
كحكاية الشَّجَنِيِّ
حتى الباب!
هل هذا هو المعنى
لأتركَه وأمضي
....؟؟!!
إنما أصبحتَ أنتَ حكايتي...
وأنا يَدَاكَ
فلا تقلْ شيئاً لجارتِنا،
ولا تُغْضِبْ أبي
هذا الصباح
أضاعَ قهوتَه
ففتَّشْنـا القصائدَ كلَّها
والياسمينَ،
وضحكةَ الزُّوارِ،
والمرآةَ،
والبابَ الذي مازال يُطرَقُ،
صوتَ جدي وهو يسأل:
هل تؤثر في مزاج (السُّمَّيـَاتِ)(3)
تقلباتُ الطقسِ
والإيقاعِ؟؟
كان الوقتُ
يُشبهُنا إلى حدِّ الفراشةِ...
والفراشةُ
نصفُ قهقهةٍ
ستصغي للمعادنِ
وهي تهمسُ صدفةً
في جوفِ ماءٍ مائلٍ
"متفاعِلُن متفاعِلِن"...
كان الردى حجراً وكان....
وكان جدِّي
كلَّ يوم لا يجيء،
تجيء جدتي القصية
من تثاؤبها
وتصحبنا إلى حقل (التناص)،
فنسرقُ المعنى من الوادي
ونهربُ.....
كانتِ الأبوابُ
تَفْتَحُنَا
لريحٍ في مهبِّ (وُرَيقةِ الحِنَّا)(4)
وتُغْلِقُ نفسَها
في وجهِ جَارتِنا
كأنـَّا ما أتينا
منذ رائحةِ(الشَّذَابِ)
وصرخةِ(اللِزَّابِ)
من أَلِفِ القصيدةِ نفسها
والياسمينةِ نفسها...
مرَّ الغيابُ
ولم يعدْ
حتى (الشَّذاب)
إلى الكنايةِ!!
كلُّ شيءٍ مائلٌ :
قمرُ العتابِ،
طفولةُ الأحزابِ،
جمهرةُ (الشَّذَابِ)،
حكايةُ الشَّجَنِيِّ
حتى الباب!
مَنْ في الباب؟؟
هل هذا هو المعنى....؟
أم المعنى
تَنَكَّرَ تحتَ قبعةِ المُهَرِّج؟
والمهرِّج
سَيِّدٌ أدَّى مُهِمَّتَهُ
ونامَ
إلى جوارِ المَزْهَرِيَّةِ
مرةً أخرى...
ونامْ.
والآن سأمضي
قال (اللِزَّابُ)
وخدَّرَنِي حتى شِخْتُ
وقلتُ كلاماً
يشبهُ هذا المكتوبَ
على ورقِ اللعناتِ
وريحِ الفجرِ،
وعاليةِ الـنَّهدين
كحزنِ إلهٍ مغمورٍ
كسماءٍ بحذائين
وقافيةٍ واحدةٍ،
كهسهسةِ الكلماتِ
المنقوعةِ
في زيتِ اللهِ،
كطينٍ يشردُ
حينَ تمرُّ الملكةُ
حافيةً
تتسربُ
من بين أصابعه
وتطيرُ بعيداً جدًّا
مثلَ سحابة.
الخيلُ
تكاثرتِ الآنَ
تناثرتِ
الآنَ
تعثَّرَ طينُ الغيمِ
بأحجارِ النسمةِ
بالسَّحَرِ
الآسنِ في الملهاةِ،
الموتُ
تكلسَ فوق الرفِّ،
لمن تكتبُ
رائحةً أخرى في الماءِ؟
لمن تفتحُ
جرحَ العطرِ
وتكسرُ شباكين
بأغنيةٍ واحدةٍ؟
لا أنتَ سواكَ
ولا المعنى معناك
لعلَّك
خلفَ الغيمِ تنامُ
هناك...
هنالك...
خلف الهمسةِ...
خلف الوردةِ و(المارينـز)
تَهُبُّ علينا بالتدريجِ
كأنك شارعُنا المرسومُ
خريطةَ نارٍ أو ماءٍ،
عمَّا خيلين
وليلٍ
يثمرُ رماناً موتاك
جنوداً وكمائنَ،
عمَّا خيلين وليلٍ
تورقُ......،
يا صيادَ الماءِ
وصيادَ اللونِ المتطايرِ
من عُمقِ البالونات
لمن تشعلُ وردَ الحائط؟؟
تَحْشُرُ
في صمتِ المرآةِ المعطوبةِ
سبعَ جهاتٍ
بلياليهن؟؟
وسبع سماواتٍ
بلياليهن؟؟
وسبع نساء...؟؟
الماءُ تعثَّرَ
بالريحِ الهشةِ..
بالريحِ الـ تجلسُ
قربَ الشرفةِ...
بالريحِ الملقاةِ
على الطرقاتِ...
وحيداً
سوف أمرُّ عليك
وألقي قمراً
في كفيْ
وأغيبُ،
لي المعنى النائمُ
تحت الصخرةِ/قبعةِ اللهِ
لي الآه
لي الله..
ولي أن أمضي ....
- قال (اللِزَّابُ) -
وخدَّرَنِي
الشجرُ الفائضُ،
قلتُ:
تعلمْ منكَ:
عبورَ يديك،
عبورَ الماء
- سريعاً -
مثلَ قطاةِ النومِ،
تَعلَّمْ منكَ:
جهاتٍ أخرى،
قمحاً آخرَ،
ثم احزمْ أطيافَكَ
ثم اخلعْ قدميكَ
وضعْ
قمراً آخرَ
في الصندوقِ
وقلْ:
هذا ربي
هذا أكثرُ
من مرآةٍ
وأقـــلُّ
أقـــلْ...
والآنَ سَأمضي
- قال (اللِزَّابُ)-
ورتَّبَ بضعةَ أمواتٍ
وغيومٍ
وحرائقَ،
ثُمَّ تلا أورادَ حقيبتِه الحجريةِ،
ضمَّ الماءَ إلى كتفيه
وحلَّق...
حلَّق....
قلتُ له:
اذكرني إن متُّ،
فماتَ
لكي لا يَذْكُرَنِي...
.....
هذا (اللِزَّابُ)
أخي في الصمتِ،
أخي في الموتِ،
أخي في لونِ الخجلِ البحريِّ،
أخي في خجلِ البحرِ،
أخي في البحرِ،
أخي في البحرِ بما فيه
أخي في (اللِزَّابِ)
وحسبي أن أخي قال:
سلاماً
يا ليمونَ الشجرِ الأسودِ،
يا ليمونَ الحجرِ الضامرِ
في التقويمِ
الحجرِ الغائرِ
في كفِّ صديقةِ أمي/بنتِ الجيرانِ:
لنا ما ليس لمولاتي
-قالت-
ثم توارتْ خلف حدودِ الطين
وخانتني سنتين،
وعادتْ كَيْما تفعلها ثانيةً
في البستانِ الواقفِ
في وجهِ الشُّـبَّـاكِ
كجنديٍّ
عادَ من الحربِ...
*"نصوص مقتطعة من ديوان للشاعر"
"الأشياء النافقة..."
كما لو أن الفتيات اللواتي أحببتهن يأكلن المرايا في الجوار
ويطعمن الغرباءَ رسائلي
كما لو أن امرأةً تتسرب من بين أصابعي
فلا يوقف نزيفي أحدكما لو أني أفتح هدية حبيبتي الأخيرة
فلا أجدها بداخلي
كما لو أن خللاً في المرايا لم يحدث
ولكن وجهكِ _ككل الوجوه
لا يستطيع أن ينزل في المرآة الواحدة مرتين،
تماماً
كما لو أن البحر لا يحتفظ بالجثث في جيبه
لسببٍ بسيط ومنطقي :
الأشياء النافقة لا تصلح للذكريات...
ونيس المنتصر
مواليد محافظة الضالع
شاعر شاب , لدية الكثير من النصوص المنشورة وغير المنشورة
يتنفس الشعر لحظاته كلها , يكتب دون توقف كأن الشعر ظله الأخر فلا يتوقف هو عن مراقصته ,ان يبادله مساراته للحلم , للحبيبة وللسؤال .الصدق الشعري في نصوص ونيس تكفي لأن نتوقف مراراً, عند موهبة نادرة , ترسم القصيدة لوحة أخرى , ملاجئ تتسع لأكثر من اصابعه, من سحرّ في الحزن والتجربة..
نصوص
"فراغات لا يملأها احد"
رحلة
لا تحتمل العودة
سهام
عالقة في الذاكرة
انا مجرد كمان
بإمكاني أن اصير جيتاراً
لتعيدين العزف على اوتاري
قلبي
مازال رابضاً على فراشك
ضعي يدكِ على خدكِ
واقطفي ازهار الخجل
من تسمينه ذئباً
اظافر الغزال ناشبة في جلده
حتى اكثر الحيوانات افتراساً
استسلم الوداع
ذراعيه اصبحتا خاليتين من الارواح
يعض الثلج والاحجار،
تخلى عن الغابة وذهب الصحراء
الأمل بالاعتقاد خطيئة
لم نكن نفكر بأن القمر سيكسف يوماً
الا حين رأيناه بعيوننا
كنت خاتماً
لا يرتديكِ احد إلاّ انا
والان منحت جوهرك
لغيري
وكسرت اصبعي
بحديدتك
مرتين على التوالي ذهبت
بيد اخرى
وتركتني اسرح ستائر الليل
لأجلك
"غيمتان لظل احدانا"
بعدتِ
وماذا بعد؟
الافضل ان يغلق الكتاب نفسه
قبل ان تقرر الكلمات مغادرته
اخاف من ظلك القريب
لا تتركين الكلام
يجف في القلب
ولا تجعلي جسدكِ
ممحاة
يجفف به المطر
انا وانت
غيمتان
لظل احدانا
أمسكي بيدك المغلفة الحجاب
واغلقي على مخك
بنظراتي
ليرى الاخرون نورك
الذي هجر نافذتي
الحرق
الذي في عباءتكِ
اثر للحرارة
التي تحاولين حبسها
حان وقت الاجازة
لنتفرغ للملمة الاوراق
التي رسمنا فيها احلامنا
نحولها الى حدائق بدلاً من الاوهام
قلت لك ذات مرة:
يا اميرتي
وقلتِ لي انك بحاجة الى اخ يمنحك
فرصة العيش مع اخر
انا اخ البستان تزرع
فينا اشجار
تجلب فواكهها للأخرين!
"بكاء "
على ضفة نهر
كان متمدد
يبحث عن ملامح حقيقة في الحلم
ويخرج صوت نواحه من وسط بئر
كان يسمعنه القرويات
ويغتسلن بدموعه
يتنشفن بعباءتهن
يخنقن التنهدات في صدورهن
كي لا يبكي
ويلعبن بدموعه
كي يقتنع ويضحك
مثل كمنجة
كسرن اصوات بكائه بضحكاتهن
مثل نخلة
اسند حلمه الى جذعها اليابس
فثقبت قلبه كناي
وشبت هواها في صدره
مرتجفاً كان ينظر الى جسدها
وهو يهوي في النسيم
دموعك التي سالت
مثل الوردة التي تسيل من اصابعها
فلتتوقف عن البكاء وتسمع
الى صوت "البلابل"
تغفو بين ذراعي ليل قاسي
بعد ان دحرجك الوهم
إلى تحت السرير
تقلب اوجاعك على البساط
لعلك تخفف من الورم
المختبئ تحت جلدك
تبحث عن اكلة طازجة
في صحن قديم
البعوض
الذي امتص دمك
نجعة قبل ان يموت
الملابس المبللة بالدخان
تخنق رئتك
كلما شعرت بالدفيء
زدت اختناقاً
،الالوان
القاتمة بصورك
تلطخ الذكريات.
سوسن العريقي
من مواليد العام 1976م بمدينة عدن
تعمل في الصحافة الأدبية
ولها اكثر من ديوان شعري , وفلم وثائقي بعنوان "بحر" نال استحسان النقاد , وفلم اخر نال جائزة "طيبة" السينمائي في القاهرة.
تكتب سوسن القصيدة كأن تلقي حكاياتها لبحر في غرف منزلها, كأن للبحر يدان , يرتبان اوراقها على الطاولة, يبكي ويضحك معها ومعاً يكتبان القصيدة ,, للحبيب , للفرح ,للنزق ,للرتابة, للسخرية , هكذا تدلق كل شيء , شجيرات نص لا تكف عن ريهم بالتقطير والهدهدة..
نصوص
"قصائد"
"اكتمال "
الزهرة تموت في الثمرة
الثمرة تسقط بالاكتمال
القمر يكتمل ليرحل
القطرة تكتمل لتتدحرج
الضوء يكتمل ليتشتت
لا شيء يكتمل ليبقى .
الطفل يولد ليكبر
الشمس تشرق لتغيب
العمر يكتمل ليفنى
لا شيء يكتمل ليحيا .
الشوق يتوهج لينطفئ
الموجة تكتمل لتتلاشى
الحلم يتحقق ليموت ،
وهاهي مشاعري تكتمل
فهل أنت جاهز للفراق ؟؟!!
"غطاء"
ارتديتك ضوءاً
يواري
غزارة
برقي
تملكني الرعب
حينما اكتشفت
أنك لم تكن
سوى كوكبٍ
لقمر ٍمعتم..!!
"فلاش"
كالحلم تأتي
كسحابةٍ متعطشة
كبرقٍ يلتقطُ صوراً
ويستلذُّ
بطعم الذكريات.
"رتابة"
وجهكَ يورق
سطراً
سطراً
فأظلُّ
أبحث
فيه
عن هامش.
"سر"
أفتش حقائبي الملونة
لإستعادة
الفرح المنسي
الفرح
الذي خبأته
ذات رعشة
في مرآتي الصغيرة.
"تسلية"
شغلت وقتك بي
شغلت
وقت
فراغك
بي.
وحين أمتلأتُ بك
بحثتَ عن إمتلاءٍ آخر
وهويتُ
أنا
في
الفراغ.
"إنفلونزا"
هناك
في الزحام
حيث تقف
عند بائع الدجاج
ستنظر إلى قفص فارغ.
.........................
فجأة
ستنفض عنك الريش
وحلماً
كان يراودك
بالطيران.
"بدائل"
حين لا تسمعني
حين لا تنتبه إلى ما أقول
حين ترد بنعم
والإجابة لا تستدعي الموافقة
عندها أشعر بالوحدة
وترتد الكلمات إلى جوفي
متناثرة
باردة
حينها فقط
تنفتح لي
آذان كثيرة
في الجدران.
"سياسة"
حين ترغب النار
أن تتعطر بالورد
تغازل الفراشة.
"تعليب"
الآن
وقد خرجت من العلبة
ظننت أنني
قد نجوت
لكنني اكتشفت
في آخر الأمر
أنني ما زلت بحاجة ملحة
للمواد الحافظة.
"مغامرة"
أغامر كي أثبت
مسمار قلقي
حتى لا تغزوني الرتابة
ويمنحني الاستقرار
طعم الملح ..!!
"تماهٍ"
نخلط بين الأشياء
نتماهى في ظلال
ليست لنا
وعندما يلبسنا الضوء
نكتشف
خطايانا السبع .. !!
"موت قليل"
كيف لموتي
أن يستطيل على الشفاه
مبعثرا في الهواء فقاعات الخلود.
أية ذكرى
ستحملني على رفاتها..؟
جنوني متدفق كماءٍ
لا يعرف ألحانه
لكني لا أرتكن
إلاّ لصمت ٍ
يغرسني في دمائه.
الدماء التي من أجلها
أموت قليلاً
فتتراكم برودتي في جثة ٍ
لا تحمل حتى جوازا للرحيل.
المساء
عاجز عن لملمة هذيانه
والموت لا يفسح لي طريقاً
للعبور .
أبوابٌ كثيرةٌ
تسكب رعبها في انكماشي
وأنا مطفأة
كمقب ٍ
تضج برائحة البرد .!
منير عوض
مواليد العام 1986م بمحافظة تعز
شاعر شاب له ديوان مطبوع ,ولديه القليل من النصوص المنشورة.
منير شاعر يطرز اللغة برهافة واثقة في فضاءاتها يحيك النص كما يحاك شالاً من الحرير , اذ يدلق أنفاسه قصائد وتفاصيل مستديرة , ينفخ في النص والقارئ نبض عجيب, الإدهاش حد وردة يهديها أحد لغريب!
نصوص
"نص طويل"
المارد الذي خرجَ من قمقم اللحظة
ملأني بالكلماتِ المفقوءة،
أمرني بالجلوس تحتَ شجرةِ المعصية
هناكَ.. أمضيتُ عمري،
أعمارَ أناسٍ كثيرين ائتمنوني على أحلامهم
وعلى زوجاتهم الخائفاتِ ..!
لا أتذكَّر من بين الوجوه التي درَّبتها على نسيان الحياة
إلا وجهَ أبي
مسروراً كانَ بالقفز فوقَ جماجمِ الأجداد...
صنعَ من إحداها بيتاً لعصفور
مبكراً تخلَّص من عوسج الحزن
أحبَّ كثيرات
لمْ تكنْ بينهن هذه المرة أمّه
لقدْ تغيّر، تغيّر كثيراً،
غدا.. دودةً في تفاحةِ اليأس
وردةً في يدِ موتٍ
طالَ انتظارُه في شارعِ الصبر لحبيبته الحياة.
الحياةُ جديرةٌ بالموت
حينَ يدقُّ العالمُ كلَّ مساءٍ عظامَ صدرِك؛
فتفتحه لاستقبالِ جنازةِ طفلٍ أو امرأةٍ أو...
كلُّ من يموتُ هناك
يلقى بهِ هنا بينَ جنبيك
مؤكدٌ لستَ خائفاً منك
ولا من أسرابِ العقبانِ التي تحوِّمُ فوقك
ولا من قطعانِ الليل
أنتَ أقلُّ من حيّ أكثرُ من ميت
كيفَ لم تزلْ واقفاً
تمشي وبين فينةٍ وأخرى يذوي داخلك عصفور.. ؟!
آلافُ الجثثِ أنت:
كلماتٌ متوحشةً يزيّنُ بها الليلُ أطرافَه
نايٌ صنعَهُ أبٌ قديمٌ من عظامِ ابنتِهِ
سكينٌ شقَّ بها اليقينُ صدرَ حبيبتِه الحيرة
قبرٌ لثلاثةِ رجالٍ ولدوا برأسٍ واحدٍ
ربما لأكثر..!
لمنْ تحمل هذه الورود
الموتى لا يتذكّرون
لمنْ تشقُّ عصا الرحمة
الأحياءُ لا يتألَّمون..؟!
وحدها الأقنعةُ
قادرةً على إثباتِ وجودك
معَ كلِّ وجهٍ يتفتَّتُ تحتَ معاولِ الليل؛
تقتربُ منك
تجسُّ نبضَ فتىً خلاسي غادرتَه عندَ
أوّلِ ضحكةِ نجم..!!
ضُمَّني أيُّها الحطّاب
الآنَ أنا قريبٌ من أنفاسِ العالم
شمالَ زنزانةِ الجنوب
أمامَ البحرِ الأبيضِ والأسودِ طفلِك المدلّل
تعالْ
ضعْ رأسي برفقٍ على جلدِ حيوان
ثمَّ اهوِ بكلِّ فؤوسك
رأسٌ كهذا لن تُريحَه إلا ضربةٌ من ساعدِك المتعدِّد/ المتجدِّد.
أُناديك..
تيمناً بك أذبحُ كلَّ صباحٍ كلمة
وفي الليل أتهيّأُ لمقدمك
أطفأُ شمعةً وأهذي أهذي
أهذي إلى أن أنسى
إلى أن أتذكّر
وبعينيكَ أبصرُ اليدَ التي ستقربني منك
الأغنياتِ اللائي سيحملنني إليك.
في عالمٍ ينبتُ من ضلعِ الفوضى كلَّ مساء
أحنُّ إلى يدِك المنضبطة
الدمُ المتدفِّق من حوافِّ الكتب
ليس دافئاً كما تظنُّ
لهذا أحنُّ إلى غليانِ شرايينك..!
لقد قتلوك يا أيُّها الموت
حتّى أنتَ..
فرَّقوا دمك بين الأشياءِ كلِّها
ذرّوا رمادك
بعضاً منه في أعينِ الصباح
بعضاً آخر على طاولاتِ النبيذِ المطرزةِ وغيرِ المطرزة
مؤخراً أضافوك إلى مقرَّراتِ الدراسة
ضمنَ أناشيد الوطن..!
ثلاث ليالٍ نكّسوا أعلامهم حداداً
ثلاث ليال كان الجميع فيها يضحكُ، واستمروا..
كلُّ شيءٍ كان يضحكُ
قربَ عانةِ الأبديةِ
كان التاريخُ نفسُهُ يضحكُ، والجدرانُ تضحكُ.
فاثبتْ لهم بأنَّك لم تزل حياً
وخذني إليك أزرقاً أو أبيضاً
بعضةِ قرشٍ
أو بضمةِ شتاء
أنتظرُكَ بكاملِ حزني فعجّلْ
قبل أن أنضم
إلى مهرجانِ الضحكِ هذا
وأضحكُ أضحكُ معَ كلِّ هؤلاء..!
"من يومياتِ بودلير.."
مذ خروجي من بيضة الحلم،
وأنا مكشوف على الجهات كلها
خالٍ من ثرثرة الشجر من حليب العصافير
واثقٌ من براءة اللحظة من توحّشها
أطلُّ من على شرفة النسيان
بحمضٍ جديدٍ..
متباهياً بموتي المتأخر كلَّ ليلة.
......
مؤخراً عثرتُ عليَّ...
جثةً ملقاةً في الشارع الخلفيّ المطلِّ على كازينو.
تنبأتُ بتطوري زهرةً في إحدى يومياتِ بودلير
تغلغلتُ في ذكريات فتاةً جزائرية
فتحتُ معها غدها للغزاة.
دون سابق تخطيطٍ
تزوجتُ بي
أنجبتُ منّي عالماً مكتظاً
بصور الضحايا، ضحايا الضحايا أيضاً.
.....
لم أزلْ داخل ليل الحواس
مملوءاً بأنفاس سحرةٍ
أفتّشُ عن عشبةٍ أخيرةٍ للمعنى.
تحت ظلّ ضحكةٍ
أشعلها لي الأصدقاء ألهثُ.
إخلاصاً لكلِّ لحظةٍ أمضيتها مع الحزن
أحرسُ رفات أغنية.
......
متشككٌ من وجودي ضمن قائمة الأحياء الليلة
على استعدادٍ لمقايضتي بأيّ شيء
ولو بمراهقة متأخرةٍ لجرح!
......
أنا الأقدام المقشّرة من ملوحة البحر،
النطف الكسلى،
الرحم المليء بالفوضى.
من هنا، من جوار منزلي الملفوف بخيوط الموتى ،
مرّ بحارةٌ قدامى
استعاروا منّي بعضَ النبيذ والكتب المحرّمة .
......
عند التحدث لي عليّ أن أصمت
أصمتُ أكثر
تكلمْ أيّها الصمت
يا احتمالي المؤجل
يا كلامي الكثير المتخم بأصابع الندم، وأعين الفلاسفة
تكلمْ عن ألم الوردة
عن الأمهات اللواتي يهدين أطفالهن
شروخاً من الحكمة، رملاً من الذكريات القديمة،
عن الأحرف المصابة بالسّل الرئوي،
عن سطح الجريمة المعدّ كمتنزّه،
عن بكاء العاشقات
يفتك بأحلامهن العطش.
عن قبلات الصيف الناعمة.
أيّها الصمت..!
يا نهاري الموزّع بين أعشاش الجزع،
يا يدي البيضاء المنسيّة،
يا فخاخ التذكّر،
يا آخر ما تبقّى من رماد أغنية الغريب،
يا غدي المزرق،
يا أنا!!
تحدث عنّي:
طفولتي المنهارة أمام أسوار العقل،
تعلُّقي المبكّر بعالم الموتى،
إخفاقي في تجميع وجهي من أكفِّ الجهات،
تفسُّخي بين دفاتر النسيان،
تحت شمس الجداران العتيقة
على العتبات المصقولة بالمراثي والدموع.
وابكِ ،
ابكِ كثيراً عليّ.
......
منْ جمعوني غباراً من كتب المغنيين
منْ توّجوني بكلّ هذا الألم
ملكاً لكلّ هذا الخواء
وسط كلّ هذه الفوضى.
نفايةً جديدةً
تهوي من أعلى كومة التاريخ.
منْ عرّفوني بشجرة الأسلاف
أسلاكاً شائكةً تحرس أحلام الموتى.
منْ خلّفوني هناك
قرداً أنيقاً يكتبُ قصيدةً نثريةً عن نهاية العالم.
منْ عجنوني بلعاب البحر
منتفخاً بخميرة الأمس
كاملَ التكوين بجهازٍ تنفسيٍّ يعجزُ عن إنتاج اللغة.
... شكراً ، شكراً لكلِّ هؤلاء
قلْ، يا أيُّها الصمت، قلها بالنيابة عنّي!
عمار النجار
مواليد 1977م مدينة صنعاء
لدية اكثر من ديوان شعري ويعمل كمدير لمؤسسة الشروق الثقافية.
يكتب عمار كأنما القصيدة حبيبة يداعبها بفرح على سريره الطائر
كأنها حياة يطلقها من نافذة الغرفة هكذا , الى افق الأصدقاء والجرح ,, ويمضيان : عاشقين على مقاعد الكلمات وقد يفترقا احياناً , يذرف الخيبات اقمار تذوب , مقتصد في اللغة ,بارع في صورة تعيش اكثر من الجدران نفسها..
نصوص
"الرجل الذي لا يجرؤ"
(1)
الرجل الذي ينام في الصفيح
في التأسي والصفيح
في الندم القارس والصفيح
في الأشباح الأليفة والصفيح
في ليل أرجواني يجر شجرة يابسة والصفيح
في الوحشة الطافحة والصفيح
في هواجس الموانئ والعاهرات والصفيح
في البخور المر والصفيح
في الكتيبة التي لم يعد منها إلا جندي واحد …… والصفيح
في الخريف الناعم والصفيح
في خيانة النساء المالحات والصفيح
في العربات الداخنة والصفيح
في الرب المنسي والصفيح
في الوريد الفارغ والصفيح
في معاشقة الخيبة والصفيح
في حكمة الجدات الميتات والصفيح
في التابوت المتسخ والصفيح
(2)
الرجل الذي لا يومض
الرجل الذي لا يحلم
الرجل الذي لا يجرؤ
الرجل الذي لا ينبض
الرجل الذي لا يصحو
الرجل الذي ينام في الصفيح
(3)
الرصيف مديد ومعدني
مطير بشره كبريتي
إسفلت يتشقق
باستمرار
النساء يسئمن الرجال
باستمرار
الأحذية تجوب الإسفلت
والنساء
باستمرار
ورجل ينام في الصفيح
باستمرار
(4)
برميل الصفيح مضغ
رجلاً مشرداً
ذات ليل
برميل الصفيح تقيأ
رغبات رجل مشرد
ذات صبح
رجل ينام غير آبه
في الصفيح
(5)
الرجال
الرجال معادن …
(6)
مدن موسوسة
بالمعدن
لمعان فاضح
ورجل مازال
ينام
في الصفيح
(7)
الصفيح ابتلع
رجلاً
(8)
هواء بارد
ينخر فراغ
الجثة
الصفيح فارغ من الرجل
(9)
الفراغ ينام
في الصفيح
(10)
الصفيح …
"نصوص قصيرة"
"عيون النوارس"
قبـل المرفـأ
ترسو السفن فى عين النورس.
لا يخلو العالم من منتظـِـر.
لكن النورس كان قد أغمض عينيه
وإلى الأبد
حين جاءت قنينه طافيه
من الضفة الأخرى للمحيط
وفيهـا
عين نورس آخر.
"رهــــان"
يتراهن حطابـان
يخسر أحدهما فأسه
فتبتهــج شجــرة.
يتراهن شحاذان
يخسر أحدهما زوجته
فتبتهج الأماسي الباردة.
يتراهن ملكــان
كلاهما يخســر مملكتــه
فتعم البهجـــة.
تتراهن الحياة مع الموت
نخسر متعة الرهــان
وتوارب البهجة نوافذها
المهتـرئة.
"الجريمة"
حتى الطعنة
ينمو فى حوافهـا العشب
صدقني أيها الموت
لا توجد جريمة كاملة.
الحارث محمد
مواليد العام 1986 بمدينة صنعاء
شاعر شاب , له الكثير من النصوص المنشورة
يكتب حارث القصيدة كأنها شجرة يستأنس ظلها ,كأنها ذاكرة اخرى لليقين واضداده, من حرارة الجواب والفكرة , النص عند حارث مفارقات فكرية مطرزة بوميض فاتن من الفلسفة من الشعر والتشرد
نصوص
"في مساء آخر.."
1
مضرب عن الشمس مذ جاء
مرة واحدة ــ
حين أجلسه امرئ القيس على ركبتيه ــ بكى .
في صدره تتغلغل أجنحة لا تطير
إلا اذا رُشّت بعطور
بثين وليلى وفاطمة .
2
أيها الحلم ولم أقل أيها الليل
فالليل هذا المكان المدمّى
بين دمشق وصنعاء
ليس الذي حمل العاشقين
وضمهم الى سريره
نهدةَ واحدة .
3
ضد هذه الأوجه التي لم تعد
إلا حفرا تتكوكب أنجمه
ضد هذه العتبات الميتة .
4
شهاب أنا في أول الصفوف
تقهقرت عندما عبرت نجمة عريانة
لا تلبس إلا ضوئها .
5
ليس لنا غطاء ليس لنا فراش
نستغرق في بعضنا
وكلانا يرمق الآخر
لا كلمة نقولها أو همسة نتبادلها
غير الغناء بصمت
كالذي عشق السير في صخرة الحلم
وعاد تحمله موجة من صور..
"صفات"
(جسدان يخلق أحدهما الآخر )
الرغبة شمس والظل حب
( جسدان بينهما هما )
الموت شهوة والحياة حجاب
( جسدان ينحت أحدهما الآخر )
الجنس ازميل والذروة قبر
يستلقي علي غيوم من الدم
( جسدان يسكن أحدهما الاخر )
لقاء زاد حتى تغرب واستحال إلى فراق .
( جسدان أحدهما الآخر )
شمعة قالت لها الريح :
تموتين إن أنت احترقت
لأجل غيرك
واحترقت لأجل نفسك .
(جسدان أحدهما آخر )
ماء يقول لظامئ لا أستطيع
رواء نفسي كيف أرويها
وأملك ما لديّ ؟
( جسدان أحدهما جرح الآخر )
الوقت دمعة والأجيال مناديل .
"صورة"
المعرّي :
نافذة وحيدة لملهى تطل على مقبرة .
إعجاب فاتن بالعدم ،
وتشاؤم غير مفهوم من الوجود
المتنبّي :
سعادة لا تواعد غير الألم
وحصاة من نار في حلق حكيم .
النفّري :
قصيدة تغني داخل الفكر
وتفكر خارج الشعر .
عبد الوهاب العودي
مواليد العام 1978م محافظة اب
شاعر ومترجم ,حاصل على بكالوريوس لغة انجليزية وآدابها من جامعة صنعاء.
له اكثر من ديوان , قام بجمع وتحرير اربعة مجلدات عن مناهضة الحرب في الشعر العربي المعاصر .
شاعر يحتويك بعمق اللغة والتركيب, قصائده جسور عائمة ,يمقت الحرب برهافة الشاعر وكينونة شجرة ياسمين
يشتغل على حميمية الروابط الإنسانية لسفره الطويل ومعرفته اكثر من ثقافة ولغة ,يصر ان يروي ويوصي ان المحبة في الحياة البشرية اجدى من الكرة واكثر استقرار ومعنى .
تونة البناء الشعري الدقيق خوخ نصوصه الشهي, لأكثر من حيز وموضوع
نصوص
"أنشودتان"
أنشودةُ الفَرح
غنِّ، ما اسْطَعْتَ!
وانفَذْ بروحِكَ
من لحظةٍ لا تُطاقُ
إلى زمنٍ لنْ تَمِلَّ دقائِقَهُ، أبداْ.
غنِّ، ما اسْطَعْتَ!
علَّ الغناءَ يُخفِّفُ عنكَ النَّشيجَ،
وعلَّكَ تنسَى -ولو بُرهةً-
قسوةَ الوقتِ،
أو وحشةَ الصمتِ،
أو رعشةَ الموتِ ..والموعدا.
غنِّ، ما اسْطَعْتَ!
واختصرْ العُمرَ، في:
لحظةٍ من سرورِكَ،
والشِّعرَ، في:
بسمةٍ من شفاهِكَ،
والبحرَ، في:
موجةٍ من شعورِكَ،
والأبيضَ الصرفَ،
والأزرقَ الصرفَ،
والأخضرَ الصرفَ،
واجتَزْ حُدودَ المدى!.
أنشودةُ الأمل
لستَ وحدَك
من يوقظُ الليلُ أوجاعَهُ
الساكناتِ بأضلُعِهِ،
والحكاياتِ ذاتَ الحنينِ،
وما اختزلَ الصمتُ،
أو كدَّستْهُ المسافاتُ
في جوفِ قلبِكَ
من جارحاتِ الألمْ.
لا .. ولا أنتَ وحدكَ
من تنبشُ الريحُ خيمتَهُ،
وتُبعثرُهُ كالغيومِ،
وتنثرُهُ كالرَّمادِ، بوجهِ العَدمْ.
لا .. ولستَ الأخير
الذي سُرِقَتْ منهُ ضِحكتُهُ،
وسقتْهُ السنونُ مرارتَهَا،
واحتواهُ النَّدمْ.
لستَ وحدَك؛
إنْ كُنتَ قدْ لا تَرَى!!
فالشواطيءُ ملأَى،
وكُلُّ الجهاتِ تُذَكِّرُنَا...
ويُنَبِِّئُنَا الوقتُ...
فاضحكْ،
ولو دامِعاً – يا رفيقي!
وغنِّ،
ولو صامتاً
وابتَسِمْ!.
"في الحرب"
'وما الحربُ إلاّ ما علمتمْ، وذقتمو..'
في الحـربِ..
تنتحبُ الأرضُ
تنْزِفُ من جرحِ أبنائِها الأبرياءِ دماً،
ودمـوعـاً
وتبدأُ موسمَها للحدادِ الطويـــلِ
على الأبريـاءِ/ الضحـايا
على العُشبِ،
والمـاء،
والطينِ،
والضوءِ
والكائناتْ.
' ' '
في الحـربِ..
ينحسرُ الدمعُ في أعينِ الأنبياءِ،
وينكسرُ اللحنُ في أحرفِ الشعراءِ
وينسكبُ الليلُ في ليلِهِ المستبدِّ الثقيلِ-
على كلِّ شيءٍ
يمتُّ إلى الحبِّ في صلةٍ،
والحيـــاةْ.
' ' '
في الحـربِ..
يبتلُّ وجهُ السماءِ
بدمعِ اليتامى الجريحِ جوَىً،
وحليبِ الثـكالى
الذي يتخـثّرُ
من شدةِ الحزنِ حيناً،
وحيناً يهيمُ حنيناً
إلى الراحلـينَ
بعيداً عن الأهلِ
من غيرِ ما موعدٍ للرحيلِ
ولا بدلٍ عن حبيبٍ
قضى نحبَهُ أوّلَ الحبِّ
في الحـربِ
يغرقُ وجهُ السماءِ
بِحُـزنِ العـذارى..
المدمّى بماءِ ورودِ حدائِقهنَّ
السلـيبِ
وأحلامِهنَّ المُراقـةِ
تحت دبيبِ الرصاصِ،
وفوقَ هشيمِ البيوتِ،
وبينَ فحيحِ الجنودِ السّكارى
على طرقٍ لا تؤدّي إلى اللهِ
في الحـربِ
يُدهَنُ وجهُ السماءِ
بزيتِ غصونِ السلامِ
وعطرِ الخـُزامى
المزيجِ ببارودِ أسلحةٍ لا تلينُ
وبيضِ الحمامِ
الذي يتفقّسُ من شدةِ القصفِ،
والنسفِ
والخوفِ
والزحفِ
في الحـربِ
يُغسلُ وجهُ السماءِ
بدمعِ الصغارِ
ودمعِ الكبارِ
ودمعِِ المساءِ
ودمعِ النهارِ
ودمعِ الهوى
والندى
والمدى
ودماءِ العصافيرِ
والرُّضَّعِ الجائعينَ
وماءِ الجداولِ
والأَنْهُرِ النازفاتْ.
' ' '
في الحـربِ..
يحترقُ الحـبُّ
ينفطرُ القلـبُ
يرتعشُ التينُ، والنخلُ، والعشبُ
يرتجفُ القـاعُ والأفــــقُ
والشـرقُ والغــربُ
تنكسفُ الشمسُ
يختنقُ الغَدُ
-في حضرةِ اليومِ-
والأمـسُ
تأتي الرياحُ، بما لا نحبُّ؛
محمَّلةً بالفتائلِ والنارِ
ثم تعـودُ محمَّلةً بالرُّفـاتْ.
' ' '
في الحـربِ..
يكتئبُ اللهُ
يبكي ويحزنُ
يهذي ويلعنُ
يكتبُ.. يشطبُ
يرثي ويندبُ
لكنَّها الحـربُ
تعرفُ ماذا تريدُ
وتجهلُ ماذا نريدُ
هي الحـربُ
عمياءُ
بكماءُ
صمَّاءُ
لكنَّها تتحسسُّ أشياءَها بحواسِّ الضحايا
وتمنحُنا اسمَها: الحربَ؛
كي تأخذَ الحبَّ
تجمعُنا في الملاجئِ
كيما تفرِّقَنا في المقابرِ
أو في منافي الشتاتِ
تحرِّرُنا من روابطِنا البشريَّةِ
كيما تقيِّدَنا بحِبالِ المطامعِ،
والثـأرِ،
والاِقتتالِ
هي الحـربُ
تخلقُنا؛ فنمـوتُ
ونخلقُهَا؛ فتعيشُ بأسمــائِنا،
وبأحلامِــنا،
وبأشيـائِنـا،
والحيـــاةْ.
' ' '
في الحـربِ
يفنى الجميعُ
ولا شيءَ يبقى على حالِهِ أبداً
إنَّما الحربُ تُقتلُ بالحبِّ
فاحشُدْ لها ما استطعتَ من الحبِّ
واطعنْ بهِ راءَها؛
إن أردتَ الحياةَ
فما الحـربُ إلاّ الممـاتُ!
وما الحُـبُّ إلا الحيــاةْ!.
"صلاةُ الغبار"
هُنَا, أجلسُ
و هُنَا, يتجمَّعُ غبارُ الوقتِ
أو بالأحرى يتكدَّسُ
في الفَجَواتِ التي لم تُشْبَعْ
تلك المهجورةِ ,على حدٍ سواء
قصداً أو بدون قصدٍ
فوق أوراقي التي اُحْضِنُهَا ألمي
تلك الأوراقِ الزرقاء
الزرقاء خصوصاً, لا غيرها
و على فراشي العتيقِ؛
المُتعبِ كجسدي
و آهٍ, فلذكرِهِ, أحنُّ إلى بطنِ أمي
فكم هو أليفٌ!
و كم أحبُهُ حدَّ الارتباكِ,
حدَّ التصبُّبِ عرقاً
و حولَ ذاكرتي
أو بالعمقِ منها
حيثُ يلتقي الغبارُ بأيامِهِ الأولى
هُنَا أيضاً
بذات المكانِ,
و ذات الزمانِ ( إيماناً بالتناسخِ)
يَتَكَرَّرُ المَشْهَدُ
يَتَكَرَّرُ المَشْهَدُ
يَتَكَرَّرُ المَشْهَدُ
و من دونِ سخطٍ
اقبَلُ الوضعَ كما هو
أو كما اعتدهُ
إذ أبدو جالساً هُنَا
ليس لشيءٍ
و إنما اُصَلِّي للغُبَارْ.
ميسون الأرياني
مواليد العام 1987م بمحافظة صنعاء
حاصلة على ليسانس ادب انجليزي من جامعة صنعاء
شاعرة شابة , لها العديد من الدواوين المطبوعة والنصوص المنشورة, وتعمل في منضمات المجتمع المدني.
تكتب بلغة مرهفة , وتفاصل كأنها الماء ,عن المعدمين ,عن الحب بنقاء شغوف , عن الأنسان وعن الحياة , بروية وخفة حمامة تشرب الماء. تمسك ريشة اسطورية وتكتب بأوراق شكسبير , تفاصيل يشذبها الخيال والرصانة , ولا تخلو من حرية
نصوص
"أكثر.."
كان علينا ان نكون أكثر سكينة
أكثر من الظهيرة
أكثر من حائط أبيض
أكثر من قطه سوداء
تحزم أرواحها
كان على سجائرنا ألا تشيخ
على مقربة من الزوايا
بعيدا عن الخشب
حيث تيجان الأرض
تذوب كل عام..
كان علينا أن ننام كل ليلة
بسبعة أحلام
كيلا تصمت الموسيقى
في كهف البيانو
حيث ترقص الحيطان
مائلة كسنبلة
على قلب عاشقَين..
"نصوص"
1
هذه اليد
يدي
نفثت ريشها على عود ثقاب
وصارت يد سنجاب
في قبو منزلنا
وجدت مزهرية
حين وضعتها في الحوض
رأيت قطارا
يبكي،
زهورا خشبية
تحرك عيناها يمنة ويسرة
باحثه عن ظل
هناك أيضا جرس..
،مفتاح عاجي
وقلب مكسور
لا يهم فأصابعي
قصيرة الان
من ذا يقود العصفور
نحونا أيها القمر؟
2
كان لدي قزم
بأذنين هلاليتين
ومرآة في يده اليمنى ـ
منجل في يده اليسرى
كان يجلس حول مائدتي
يحدثني عن الغابة
كيف ستخلع أحلامها في الرابع والعشرين من نوفمبر
بالموسيقى ،
الشعر
والأسى كذلك
القزم بالمرآة المعلقة في يده
كان يرى المستقبل
حيث يأكلني ظلي
وأموت وحيدة
كان يرى
أطفالي الشقر
كيف ستخبئهم الملائكة
في جنة النسيان
لم أعد أهتم إذا ما تداعى العالم
أو أكله قندس ما
بخنجريه الكبيرين
اللذين يمنعانه عن النوم
حين يغنيان لذات الغابة التي ستسرق أقدامي أيضا
بعد أن أرممهما
بسلم من خشب
3
حيث ينام المشعوذون
كنت أخرج الفراشات من أذني
والأزهار من فمي
كنت أفعل كل هذا
بينما الغابات تدّعي قدرتها الهائلة على انتزاع المفاتيح
الجوز
جنيات الماء
النجوم أيضا
لا تقل يا حبيبي أني بلا فائدة
عندما أخاف دس أحلامي من ثقب الباب
الذئب الذي مات البارحة
ما زال يعوي
"الموارب من النجمة "
هل كان اليل
مالمني
على الموارب من النجمة
أعرفك عاشقا كعصافير نيسان
نائما في النهر
كبتلة كرز مرهقة,
كشمس قلبي
أعرفك حينما تغني
في الأيام العاصفة..
حينما ترقص
على وتر الحَرّ..
حينما يغزو قلبكَ العالم
باحثا عني في صخب الضوء
بين أعمدة القمح
وعيون المساكين..
أعرفك بأحلامك الحافية
على ضفاف الشوق
متخفيا بشارب أرنب
شاردا في جيبك الخلفي
تنتظر القصيدة
لأهمس:
لا أعرف في الحظ,
الا ضحكتك.
نبيل سبيع
من مواليد العام 1978م بمحافظة صنعاء
له ديوان مطبوع ونصوص منشورة, يعمل بالصحافة
نبيل شاعر يوشم النص بسخرية بيضاء ومؤلمة, يصنع حواف بسيطة لرعونة التفاصيل ,الغياب والحضور, يكتب الشعر كمن يخرج الماء من اليراعات ليسقي نارجيلة القصيدة , ويطوق خاصرة حانة في العروق.
نصوص
"حيث ينبغي أن يترك الواحد أصابعه تـتـقدم في العـمر"
هوى ملاك من ثقب الأوزون
فعرفنا أنه كان يتلصص على أرداف شادية
هوى طالب مُجدّ من اختبارات التِـرْم الثاني
فعرفنا أن حمولته الأكاديمية كانت أرداف شادية
هوى موظف رفيع من سلّمه الوظيفي
فعرفنا أن المسألة لا تخلو من أرداف شادية
هوت مدينة من نظارات العالم الطبية
فعرفنا أنها غادرتها، للتو،
تلك الأرداف بالذات
نحن أباطرة العادة السرية
الصامدين خلف تحصيناتنا في الغرف والحمامات
مع طلائعنا المنتفخة جينزاتهم- ببسالة- في الشوارع والأزقة
وكل حلفائنا في العاصمة
نتطلع، دوماً، إلى الأمام
لأننا نسير خلف شادية
وسيكذب أي واحد يقول لك
إنه لا يتحسس في رأسه، من حين لآخر،
تلك المؤخرة بالذات
المؤخرة الأكشِن
الملعوبة بمزاج وحرْفَـنَة
التي تصفق لنفسها في الممر
وتضبطها الجارة في رأس الزوج
فتفقِش صلعته بـ"حَـرَضَة" الفاصوليا
وستكرشه، بملابسه الداخلية، خارج البيت
لتتعقَّـبه الكلاب واللعنات
حتى مضيق باب المندب
المؤخرة الوَثـبَة
المصوَّبة عليك، باستمرار
التي تعلك نفسها أمامك، بحرقة
وتتعرَّق في رأسك، طوال اليوم
وستبصم عليك
وأنت نائم
المؤخرة الوعرة، للغاية
التي تحرثها عيناك، على مدار الساعة
وتحفظها عن ظهر قلب
ومع ذلك،
تذهب إليها مدجَّجاً بالبراشيم
وترسب فيها، بكل ما أوتيتَ من قوة
المؤخرة الساونا
الملفوفة بمنشفة نعسانة
والمَـمْرُوخَة، على الدوام،
بالكِرِيم
والعشاق
الواقفة أمامك، برباطة جأش
والمعضوضة بأسنانك المتخيلة، على طول
المُحْـمَـرَّة، كلياً، في نوايا الناس
والفائرة، جداً، في أكثر من رأس
التي تحضن نفسها، بحميمية منقطعة النظير
وتشهق، بجنون،
إذا ما ركزت فوقها ذقنك الكث
المؤخرة
التي لابد أن سفيهاً مثلك
فكر، مراراً، بتدوين رقم موبايله
على إحدى فلقتيها
وسيطبطب عليها، في نهاية المطاف،
قائلاً:
"نعيماً يا مدموزيل!"
المؤخرة الفيدرالية
التي تتمتع بشخصية مستقلة عن شخصية شادية
وبرج حظ لا علاقة له ببرج شادية
التي لديها هوايات وذكريات ومعاريف
ليسوا، بالضرورة، من معاريف شادية
المؤخرة التي على أهبة الاستعداد، دوماً
ولابد لك من التعاقد معها، حالاً، على أي شيء
ستقنعها، مثلاً، أن تصبح مستشارتك النفسية
وتصارحها بحروقك العاطفية، على الفور،
ولاشك، ستناديها بـ"الدكتورة"،
حفظاً للمقامات
المؤخرة الكزموبوليتية
التي تتمتع بكاريزما طاغية
وترمش، أخيراً،
في مبارزتها مع العالم
المؤخرة المترجمة إلى عدة لغات
حاصدة الجوائز والأوسمة
والمغطاة كلها
بالنياشين
مؤخرة غير مسبوقة:
تمتاز بسرعة البديهة
وحسّ الدعابة
وهدوء البال
مؤخرة على غير العادة:
بلا قواعد نحوية
أو ضغائن
أو عقد نقص
وليس لديها وقت تضيعه
مؤخرة لديها، باختصار،
مافيا من العشاق
ويدفع لها كل من في المدينة
الإتاوات، بانتظام
مؤخرة خدومة، كما يعرف الجميع:
تساعد المطروحين أرضاً على النهوض
وتستخدمها شادية للإشارة على الـ"OK"،
بدلاً عن الإبهام
المؤخرة العصامية 100%
التي لا تعرف التأتأة، أبداً
ووحدها من يحق لها النظر إلى العالم
بطرف العين
صاحبة أفضل "C.V."، على الإطلاق
ومن تستضيفها شبكات التلفزة العالمية
للحديث حول التنمية المُستدامة
في الشرق الأوسط
المؤخرة البروفيشينال، إنْ أردتَ الحق
التي تسمي الأشياء بأسمائها
وتتمتع بمصداقية كبيرة لدى الرأي العام
ويعتبرها الجميع ضميرهم الحي
المؤخرة الجماهيرية
التي تُـؤدَّى لديها خدمة الدفاع الوطني
بعد التخرج من الثانوية
ويشعر الخارج من ذِمَّتِها، على الفور،
أنه في منفى
المؤخرة المانشيت
أبرز مساحة إعلانية في الجمهورية
وقد ربطوا حولها العلم الوطني
كي يحييه الجميع بحماس
أهم منبر في العاصمة
وقد تدافع إليه مرشحو الرئاسة
لإلقاء خطبهم من علٍ
المؤخرة التي تحتل الصدارة
في نشرات الأخبار
وتخصص لها أكثر من قناة
نشرة عن أحوال الطقس
وتوقعات الخط البياني
لمعنوياتها غداً
المؤخرة النووية، إذا صح التعبير
التي تتمتع بغمَّازتين
وحق الفيتو
وبالطبع،
موقف الحياد من الصراع العربي الإسرائيلي
التي لديها، أيضاً،
أجواء إقليمية مُعترَف بها دولياً
وقوات خفر سواحل يقظة
وفِرَق زرع ألغام
ضد القوَّادين
مؤخرة يتمنى كل واحد
لو كانت مسقط رأسه
ويحلم كل من رآها
أن تمنحه الـ " Green Card"
أو حتى الفيزا لمدة شهر
وثق أنك ستكون محظوظاً
بمجرد المرور بها ترانزيت
مؤخرة يانعة وبشوشة ومعروقة، على طول
وتستطيع القول إنها ساخرة وصريحة وديبلوماسية وعاطفية، في آن
وهي يقظة وحنونة ولاذعة وفورية، إنْ أردتَ
وستجدها بوهيمية ومخاتلة ولبقة ومحنكة، في سائر الظروف
مؤخرة خلاَّبة، بالطبع:
تطل على عدة منتجعات
وأكثر من بحر
مؤخرة هي- بكل ما تعنيه الكلمة-
إطلالة بلا هموم
على العالم
ويتوجب تحويلها، فوراً،
إلى محميّة طبيعية
المؤخرة النيرفانا حرفيّاً
تكوُّر الدفء على نفسه
واستيقاظ البهجة، توَّاً، من النوم
مزرعة أسنان المحظوظ، بالتأكيد
وحيث ينبغي أن يدع الواحد أصابعه
تتقدم في العمر
المؤخرة التي صارت في رأسك
أكثر مما في بنطال شادية
وسيمر عمر طويل
قبل أن تكتشف المسكينة
أن أردافها المسروقة من زمان
تموء، الآن، في رأسك
المؤخرة المُـعافاة
والمليئة بالوعود
التي ليس من الأخلاق ألاَّ تحرثها أصابعك
بوضاعة حقيقية
وسيكون من المشين، جداً، أن يمر يوم
دون أن تنهشها أسنانك
بدناءة وخِسّة
المؤخرة الواقفة أمام حياتك
كـ بلنتي
المؤخرة التي تقول لك، بالحرف:
"كِشْ ملك!"
"فواصل"
كأنما أنت حبل في جوف طبل
بشر
غيرك.
وأنت
حبل
يتدلى
في جوف طبل
يحصفون الهواء الشاغر حولك
بأصابع مدفونة بشحم الغائب
وإبر نبتت فجأة في عانة
بشر
غيرك.
وأنت
يسبلون من معدن العربة
خالطين أقدامهم بفتنة الطين
ورؤوسهم
كأنما
دخان
مدبوغ
تتصاعد في أنفك
بشر
غيرك.
قصب
إلى الماء
كأنما
من خلاله
تنظر
إلى الرذاذ الممزوج بموسيقى أول
الخلق
حيث ترى إلى الأمتار العظيمة
شفيقة تخفق في الماء
الأستار العظيمة
والمراكب المصرورة
في زغب الشمس الأولى
المراكب المحملة بالبذور والنعاس
على خوار بعيد / مشقوق كنسيان
تطفو كلمسة وثيرة
فيما كائنات تسيل في المرايا
إلى بلغة المعدن
تلتهم جذورا نائمة في جوف خامل
وتنام.
أسعد محسن
مواليد العام 1988م بمدينة عدن
له ديوان شعري واحد, والقليل من النصوص المنشورة
يكتب الشعر بإنصات غريب لوقوعه في النص , لاعتقال المطر والجرح بشرنقة مداد وملاعبتهما, يمشط شعر الحبيبة بماء القصيدة وتمشط القصيدة جسده بمشيئتها العابثة للمكاشفة , يمارس رقصة المكان وطقوسه بمفازات لغة منتقاة بعناية
نصوص
"الفارق الزمنيّ, مكانٌ كهذا.."
دبيب الخلائق لم يوقظ الموت من عمرنا
كان سرُّ السُبات عميقاً
وأجنحة الوعدِ تشبه أشباحنا
جبلتها التعاويذ
واستنسختها صفات الحطام الإلهي
لأنثى التماثيل نصف النبيَّة
أجنحة الوعدِ تهطل أسئلةٌ
ثم تصعد توقاً عجوزاً
تنازعت الريح في نفضه عن خطاي مع البحث
موتاً وأكثر
لم تلقَ أسئلةً لإجاباتها المستمدَّة
من شبق المعدمين
ومن عفَّة اللامكان
ومن غربة اللازمان
ولم يسعف السرج إلهامها
لامتطاء الخرافة أوَّل وقتٍ لها
ليس من واقعٍ
ليس من حلمٍ
ما برى قامة الأشقياءِ
ولا نظرةٌ من بريق التلاشي
تُشَكِّل رَدَّات أفعالهم
وهنا...
تستدِّل الجهات بإفلاسهم
من خيار الضياع الأخير
فمُ السّر يفضح أخطائهم
وتعوم المواسم هانئةً
في طقوسِ التَكَيُّفِ
تسقف بالقعر أسرارها
عددٌ هائلٌ من مواليد برج السرابِ هنا
وسرابٌ حديث الندى
من أحايين لا شيء أيضاً هنا
ووحوش النهاية تتبع رائحة الخوف داخلهم
كم من البؤساء هنا...!
يرفعون مظلَّة أحزانهم كلما هطل العيد
لا يملكون خيار التبلُّل والرقص
منفردين بإلهامهم
لا يجيدون وشم التجاعيد
فوق جبين الحصار
ولا يمهلون قرائحهم نظرةً
لاعتناق الوقوف
ولا يمنحون الشكوك الخياليَّة الرأي
قبل الرضا باليقين
ولا يَهَبُون الحقيقة من صمتهم ورضاهم
لتفقس أشباحهم ضجراً في مكانٍ كهذا
مكانٌ كهذا
هو الفارق الزمنيُّ الذي يفصل الغربتين.
"عزف منفرد في وجه امرأة موسيقي"
الترنيمة الاولى
أقطف من شجرة الموسيقى لحن الخلود
وأمارس فني أحتك بالزمن كما يحتك هواء العازف في رئة الوتر
هذه سيمفونيتي الخامسة وهذا جمهوري الأخير
هذه بعض غرائزي وهذا مرقدي السماوي على سطح الأثير
هذه لعنة سومرية لم تبارح لغتي
... ... ...
افرش سجادة الوحي فوق نبوءتي
وأعير الموناليزا كحل زرقاء اليمامة
... ... ...
زرقاء الجوِ كانت تمزق طفولتي
وقوف عينيها
وكنت احلم أن اقطع بحر طفولتي من جديد
ثمة شمس فقدت وعيها فوق ابتسامتها وناسك الروح يقرأ آيات الحسن القديمة
في معابد الشعر العتيقة
تتوزع في كف البصر شظايا وردة موسيقية
تخشى الوصول الى مقام منخفض
فيذبل الموال في شفة الربيع
وتغرق الانامل في وحل الكلمات
تناقشني صفحة قلب بيضاء عن أكثر الالوان روعة في الامتزاج
يكتظ البحر بموجاتي يهتاج واهتاج
تصهر خطواتي العاجية في ارصفة الجمر
اتوقف عن رسم زرافاتي المشتعلة
وساعاتي المنصهرة والمرتخية
اهتك عرض اصرار الذاكرة المبهم
واتخلى عن "كتالانيتي"
لا صبح لحنا اسبانيا لا يشي بالجراح العرقية
وهل يمكن لنيران الصحاري ان تلتهم اوراق المطر.
منى نجيب محمد
من مواليد مدينة عدن
شاعرة كامنه بتجربتها الشعرية مرآة لأشياء قادرة, بقعة هواء يستمرئ السكون, يتحدث صمتها اكثر: يوميات غيمة, غربة صغيرة وحكايات أخرى , تجديف روح مثقله بأصيص زهر , بأقمار تتفكك للقصيدة مثل علبة بسكويت..
نصوص
"خرابٌ يحدثُ دوماً"
ثمةَ شارعٌ..
لا يمرُ به أحد..
كرسيُ الخيزران
يستقرُ على رصيفه
كهواءٍ مهجور..
فيما البابُ يتثاءبُ أزيزاً..
والصِبيةُ في الشارعِ المجاور يصرخون بفرح
يسحبون خلفهم الكراسي الدوّارة
كان لعلّية البناية الراكدة في آخره سقفاً من قصدير..
وكان الهواء بارعاً في نشر رائحة الصدأ..
المواسير المتآكلة تسكنها الجرذان
ولم يهاجم القط الأسود يوماً الفأرة البيضاء..
...
كانت الوَحَشةُ دافئةٌ هناك..
خصوصاً أن الصِبيةُ لازالوا يصرخون بفرح..
و المصباح ما قبل الأخير..
يجهشُ بالبكاء..
...
تُجرِّبُ كيف تهذي ..
حتى تضيقُ بروحكَ صدورَ الأمكنة..
أن تتمنى لو أن قلبكَ كمفتاحِ بابكَ
منسيٌ في جيبكَ..
و خيالكَ الشارد يرتكن إلى عامودِ كهرباء
آيل للسقوط ..
أن تكتشف أنك الشاسعُ الوحيد..
الذي يُقدّر الكلابَ العوراء
و القطط العرجاء الشرسة
و الطيورُ التي توشكُ أن تطلق روحها بالهواء..
الوحيد
الذي يقفُ احتراماً لعِشةٍ تأوي المتسول
-من تراقِصهُ فجراً من الشارعِ الآخر-..
الذي تُلقِّم الوردةُ - التي تهددُ بالذبول-
الغفرانَ لاحمرارِها المُنحسر..
و أنك من لا تنامُ ليلاً
كي لا تتركَ النجوم وحدها..
ثمةَ شارعٌ لا يمرُ به أحد!!..
"بين الشقوق.. ثمة حياة"
لعلي سأتفرغ لكتابة مذكرات نملة..
تكيّفتْ ورائحة المبيدات الحشرية..
خلقتْ علاقة بينها وبين الحائط الذي تصعده كل يوم..
وسّعتْ الشِّق الذي تدخل وتخرج منه بخطواتها السريعة..
عرفتْ أين تجد الخُبز المُهمَل..
والبسكويت منتهي الصلاحية..
وعلبة عصير التفاح المثقوبة..
طوّرت قرون استشعارها لتعرف أين خبّأ الناس قوارير العسل..
وأين يجمعون علب المرطبات الفارغة..
سأكتبُ عن شجاعتها وحسها الاستكشافي الجريء ..
فلم تعد تخش أقدامهم..
سأكتبُ عن ضرب النمل الباقيين لها في صغرها..
ورفضهم اللعب معها..
وتركها وحيدةً تجوبُ أرجاءَ المطابخ..
عن بذرةِ الرمان التي حملتها وحدها و لعبتْ بها مع حائطٍ كتبوا عليه "
ممنوع الاقتراب أو التصوير "..
سأكتبُ عن مراهقتها كيف كانت خاوية..
وأن رسالة الحب الوحيدة التي تسلمتها كانت من نملةٍ انتحرتْ مقلوبةً
وملتفةً حول نفسها..
سأكتبُ عن محاولتها الانتحار هي أيضاً..
عن تسلقها جدران العمائر الشاهقة.. لتقفز دون أن يصيبها شيء..
سأكتبُ عن حلمها أن تتحول إلى فراشةٍ أو نحلة..
عن توبيخ والدها لها حينما تأخرتْ بالعودة مساءً..
وعن نصائح أمها لها بألاّ تعبث بيدها تحت ملابسها الداخلية..
سأكتبُ عن أول حبٍ لها وقد كان نملةً أيضاً.. ولكن من نوع آخر..
سأكتبُ عن بكائها كل مساءٍ حينما حمل آخر كسرةِ خبزٍ و رحل إلى
مستعمرةٍ أخرى..
عن دموعها الكثيرة بعده ..التي أغرقتْ بيوض النمل الباقيين..
سأكتبُ عن إعلانها العصيان و حقيبتها التي حملتها على ظهرها وغادرت
وحيدة إلاّ منها ..
سأكتبُ .. عن آخرِ نعلٍ دهسها ولم تعش بعدها.."
"جدارٌ قصير.. يتحدث جيداً"
على دهسها في إشارة الشارع الحيوي صباحاً
كانت مستديرةً تماماً و مكتنزةً بالهواء و أقدام الصبية في الشارع الخلفي
الصبيةُ البُنيّة الأصل
تمسح زجاج السيارات
بخرقتها النتنة
بللتها بماء مُطحلَب و اصفر
يملأ سطلاً يقف بصبرٍ تحت مُكيّف الكافتيريا الـ يتصبب عرقاً
كانت الكافتيريا قريبة من وجعها
تركل الكرة المثقوبة – كثوبها- إليها
فيما تسأل المارة ثمن الساندويتش
مساءً
تلتحف الرصيف
لا تنسى أن تربط الأشياء بخاصرة هاويتها
المساء الذي يلف يديه بالحرير
يلمعُ في عين الصبية التي تبيع قناني المياه الباردة في الإشارة
ويدعوها قبل أن تنام لتناول نجمة..
كانت ترحب بالألم..
تصنع من قناني الكحول فوانيس
يوقظها الإسفلت بضجيجه
تتطاير مع العصافير صباحاً
لتحمل في فمها خيوط الضوء
فترفع الشمس بزاوية تناسب ظلها
ترقص لتصبح أجمل
الجدار الذي تفرد ظهرها عليه
يتشبث بمساميره كيلا يسقط
استمرارها في الحياة
كما كذبة ذكية
تدخل عقولنا من النافذة
كذبة صغيرة
كفيلة بأن نحيا و أن نموت.
صنعاء:2014