ماذا نطبخ غداً
في القدر أطهو تعبه
وسخافاته
وحنانه
وحبّه البارد
كي يجد الأطفال طعامهم عند الظهيرة
في الليل،
تنبعث من شعري رائحة القدور بما فيها
وعطر ذكي، يوحي بالسذاجة
نلتحف بالخرق والاعتياد
المذياع رأس ثالث قرب رأسينا
يشتمنا..
العرق يبلل الفراش
وجهينا الخاليين من التساؤل
أسأل: ترى ماذا ستحمل قدور الغد..؟
أي سخافات ستملأها
أي سخافات سنطهوها
يتحشرج سؤال: تضعين عطراً ؟
أغمض عينيّ، يغمض عينيه
والمذياع يعلن عن نفط يمشي
بلا حذاء
نفط يندسّ بيننا في الفراش
وينفخ على الشمعة
كي يطفئها
وينــام؟؟!
***
أميركا
لا تسأليني رجاء أميركا
لا أذكر
في أي شارع
أو مع من
أو تحت أية نجمة
لا تسأليني
لا أذكر لون الناس
ولا تواقيعهم
لا أذكر إذا كانت لديهم وجوهنا
وأحلامنا
إذا كانوا يغنون أو لا يغنون
يكتبون من اليسار أو اليمين
أو لا يكتبون
ينامون في البيوت
أو على الأرصفة
أو في المطارات
يمارسون الجنس أو لا يمارسون
لا تسأليني رجاء أميركا
لا أذكر أسماءهم
ولا أماكن ولادتهم
الناس حشائش
تولد في كل مكان يا أميركا
لا تسأليني..
لا أذكر
كم كانت الساعة
ولا تحت أي طقس
أو لغة
أو عَلَم
لا تسأليني..
لا أذكر كم ساروا تحت الشمس
وكم ماتوا
لا أذكر شكل القوارب
أو عدد المحطات
-كم حقيبة حملوا
أو تركوا
جاءوا بتذمرات
أو بلا تذمرات
كفي عن السؤال يا أميركا
وأعطي يدك
إلى المتعبين في الضفة الأخرى
أعطي يدك دونما سؤال
أو قوائم انتظار
فما جدوى أن تربحي العالم
وتخسري الروح يا أميركا ؟
من قال أن السماء
تخسر نجومها
إذا مضى الليل دونما جواب ؟
اتركي استماراتك للنهر
واتركيني لحبيبي يا أميركا
مضى وقت طويل
ونحن نتموج ضفتين بعيدتين
والنهر بيننا
" مثل سمكة ناضجة"
مضى زمن طويل يا أميركا
(أطول من حكايات جدتي في المساء)
ونحن ننتظر الاشارة
لنرمي الحارة في النهر
ندري أن النهر ملئ بالمحار
ولا تعنيه هذه المحارة الأخيرة
ولكن المحارة يعنيها ذلك
فلماذا تطرحين كل هذه الأسئلة ؟
تريدين بصمات أصابعنا
بكل اللغات
وأنا كبرت
صرت أكبر من أبي
كان يقول لي في الأمسيات التي بلا قطار:
سنذهب يوماً إلى أميركا
سنذهب يوماً
ونغني أغنية
متّرجمة أو غير متّرجمة
عند تمثال الحرية
والآن يا أميركا الآن
أتيتك بلا أبي
فالموتى ينضجون قبل التين
لكنهم لا يكبرون يا أميركا
يأتون ظلاً وضوءاً بالتناوب
في منامنا
أو مع الشهب
أو يتقوسون قزحاً
فوق البيوت
التي تركناها
هناك
ويزعلون أحياناً
لأننا نتأخر عليهم قليلاً …
كم الساعة الآن ؟
أخشى أن يصلني بريدك المسجل يا أميركا
في هذه الساعة
التي لم تعد تصلح لشيء
فأداعب الحرية قطة أليفة
ولا أدري ما أفعل بها
في هذه الساعة
التي لم تعد تصلح لشيء..
وحبيبي الذي هناك
عند الضفة الأخرى
من النهر
يحمل لي زهرة
وأنا - كما تعرفون-
لا أحبّ الأزهار الذابلة.
أحب خط حبيبي
يشرق كل يوم
في البريد
أنتشله من بين إعلانات تجارية
وعروض خاصة
بأن " إشترِ واحداً
وخذ الآخر مجاناً "
وخبر مستعجل
بأنك ستربح مليون دولار
إذا اشتركت في هذه المجلة
وفواتير الحساب
للدفع بالتقسيط
أحبّ خط حبيبي
ولو يزداد ارتعاشاً كل يوم
عندنا صورة واحدة
صورة واحدة فقط يا أميركا
أريدها
أريد تلك اللحظة
الهاربة أبداً في الصورة
أعرفها من جميع الزوايا
اللحظة الدائرية ذات السماء
تصوري يا أميركا
أن يخرج أحدنا من الصورة
ويترك الألبوم مزدحماً
بالوحدة
أو أن تصبح الحياة
كاميرا
بلا أفلام
تصوري يا أميركا !
بلا إطار ستأخذنا الليالي
غداً
يا حبيبي
غداً
تأخذنا
الليالي
بلا إطار
فتوقظ المتاحف من نومها
إلى الأبد
نصلح ساعاتنا العاطلة
وندقّ في الساحات العامة
كلما فات القطار.
غداً
يا حبيبي
غداً
نزهر ورقتين
لشجرة
نحاول ألا نصبح خضرتها
وحين نتهاوى متراقصين
ستأخذنا الريح
إلى الأمكنة التي سننسى أسماءها
ونشعر بالسعادة
من أجل السلاحف
لأنها تمضي في طريقها..
غداً
يا حبيبي
غداً
سأنظر في عينيك
لأرى في التغضنات الجديدة
خطوط أحلامنا القادمة
وحينما تضفر شعري الرمادي
تحت مطر
أو شمس
أو قمر
ستعرف كل شعرة
أن
لا شيء
يحدث
مرتين.
كل قبلة بلد
لها تاريخ
وجغرافية
ولغة
وفرح
وحزن
وغزو
وخرائب
وأعياد
وساعة تدق …
وحينما يعاودك ألم الرقبة يا حبيبي
لن تملك وقتاً للتأوه
ولن تبالي
سيثبت فينا الألم
ويتدلل
مثل ثلج لا يذوب.
غداً
يا حبيبي
غداً
سيرنّ في الصندوق الخشبي
خاتمان
طالما التمعا
في يدين
مرتجفتين
من تشابك
في الغياب.
غداً
سيعلن الأبيض
عن ألوانه كلها
فنحتفل بما كان ضائعاً
أو مختفياً في البياض
من أين لي أن أعرف يا أميركا
أي الأوان
كان أكثر ابتهاجاً
أو صخباً
أو غربة
أو تفاعلاً مع باقي الألوان ؟
من أين لي أعرف يا أميركا ؟
*****
قصيدتان
شلل نصفي
أحلم أنني أجلس على نصف كرسي
وأمامي نصف قلم
ونصف ورقة
لهذا كتبت نصف قصيدة…..
أحلم كذلك أنني أركب باصاً
قاطعاً نصف تذكرة
لهذا أيضاً ترجلت في منتصف المسافة
أحلم كذلك أنني أعاتب نصف صديق
لأتلقى نصف اعتذار
أتبع نصف غيمة
لأشجع نصف مطر
ألغي نصف مواعيدي
لأتخلّص من نصف انتظاراتي
هكذا بقيت أحلم
في الصباح
عثرت في بيتي على
خطوة غافية
ويد ذابلة
ونصف فم عاطل
وهي أشياء تعود لامرأة هي أمي
عندها وللمرة الأولى
فسّرت لصحوي حلم الليلة الماضية..
في الطريق إلى المقهى
في الطريق إلى المقهى
إستلفت مبلغاً ضخماً
مفترضاً أنني أمتلك قافلة
اشتريت لها صحراء
عثرت فيها على أدلاّء مزاجيين
طرقهم هواء..
وتائهين ملّت منهم النجوم
وامرأة اشتهرت باللوعة
فنسيت ظلّها فوق الرمال
وغيمة لم يكتمل في رأسها الشتاء..
فانفردت بالمطر
لتحيطه بالعزلة..
عثرت فيها على لصوص
عاطلين عن الخيبة..
حتى أنهم وقبل أن أسأل
سرقوا مني السؤال..
عندها بعت الصحراء لأقرب سراب.
في المقهى قابلت شخصين
أحدهما طالبني بمبلغ ضخم
والثاني أخبرني
عن قافلة غريبة
سألت عني قبل قليل.. !
***
كيف غرق نصف العالم
.. فيما بعد يأتي التاريخ الحديث،
يعشش في الزوايا..
هيكل.. نفط.. قرابين.. إمرأة..
يقرع الباب شبح
/ الذروة اغتيال/..
عامل منجم يسقط،
مخالفة مقدسة من قبة الصخرة..
تنفجر إمرأة عمياء مقهقهة !
مهجور من الأطراف محور اللعنة
…….نصف العالم.. لا بدّ
متقاعد يفتح باب خلل الدموع
عبر غرف بلا سقوف
بلا نار..
يقول:
رائحة الخالدين اختطفت رجفتي !
حدقت في الصمت ..
حرّكتني قوة عذبة..
لست حبة من عنتر ..
لأضيّع على النحت قناعات !
نهضت..
أمسكت وجوها يملؤها نظري
عبر البلاد
هذه المدينة يعدّونها للرحيل..
بدونها يسافرون..
من أطلال مستقبلها يحذون بصلواتهم مهوداً..
تهزّ اشتياقهم المثقل بأسنّة الحراب
ويحلمون ………..
بالباب !
***
قصيدتان
علاقتي ببتهوفن
بينما الساعة تطلق دويّـاً مرعباً
يهتزّ على أثره الجدار
تسقط شجيرة شاحبة
فنسمع صوت ارتطام وعويل
أقول لا تفزعي يا أمي
انها حياتي
وقد أكلت جذورها الفئران
أوصيك يا أمي بالصبر والعصافير
لا تتركي اليأس يأكل صغارها
فتنقرض علاقتي ببتهوفن
مثلما انقرضت علاقتي بحبيبتي
يوم لم يكن بيننا وشاة
غير فأر كبير اسمه الإفلاس
فكيف للشاعر أن يزقزق ؟
وهو يغصّ بكلمات كبيرة
يغصّ بحقائق تسدّ عليه مجرى الفناء
كيف لحياتي أن تصبح غابي ؟
وأغلب الظن أنه اليأس
ذلك الفأس البليد
الذي يطاردني في الشوارع
ويمزق منطادي
عندما أتشبّث بالغيوم..
هبوط اضطراري
في السواقي والبحيرات
في مجرى الدموع وعيون الأبرياء
تنعكس صورة القمر
ولنه عشيّة سطع على الأهوار
ولم تنعكس له صورة
وربما أنه رمى نفسه…!
***
حتى يتوضأ فيك الحرف
حرف مهمل
وزنابق ظمأى
تلتقط السين، شفاء سحر
تشدّه، تطويه
تجلجل نغمته
حتى يغدو طيراً من وجعي
يمرح في رمش العين
وجعي يا وجعي
كم يكفيني من صخب الروح
وعناء مهادنة الريح
لأهذّب سيلك في أذني
وجعي يا وجعي
كم يمنحني حلمي الأهوج من شغب
يصقل أذني
فأدع سيلك
يا وجعي
حتى يتوضأ فيك الحرف
نتبادل سرّ البقاء
وجمر الهزائم
لك الأولى ولي آخر السطور
من غلواء الجمر… !
****
أيهذا الشقيّ
من يأكل بملاعق الذهول معجنات الهوس ؟
من يجعل الهباء مزهرية لوجوده ؟
من يمضغ النشوة كفستق حلبي ؟
*
سحب الازدراء تلتهب
في سمائكـ الملبّدة بالتعاسة
لكن لماذا يركض هذا الشيء
دون إرادته خلف راحة متعبه ؟
*
أيتها الحاضرة في ثياب الغياب
عيونكـ تتساقط كالبرحي في سلال الحيرة
وأنا أجثو خلف برزخ ما
لأحوك من خوص شعرك
ألف زنبقة وذكرى
يا بقايا الآه في غربال الندم
كوني مسافة بلا خطوات
وجرحاً يظين الأيدي
ويجعلها سنابل من رياح
لكـ طرد قبلات عتيقة
تخثرت في البريد
فعادت متعة قرضتها الأرضة
*
أترثي أيهذا الشقي ؟
لمواعيد سقطت أسنانها في الانتظار
فاستحمت بحزن الكستناء
سأجلدك بسوط كابوس مرّ فجأة
تعال نفكك طلسم النهاية
كوني ندمي الألذّ
أختبئ بموسم قادم * سقطت فجأة أسنان الصبر
+ أصبعكـ تشير لشيء ما
*
أيّهذا الشقيّ
ارتدي جلباب الهاجس، معلناً
هروب المعنى بلا أرجل
ومنح المتاهة زكاة الشقاء !
****
في الطريق إلى برج الأسد
لجدران المنازل ريش السحاب
حجارتها القديمة زهرة الصمت
تعزف حنينها الأبدي
تمجد ضوء الفوانيس المسال
على عمق المساء
لصمها...
ربما غسق نائم في جناح فراشة
لعلها فراشة الماضي...
خلف وثوب المعاطف المجهرية للنعاس
خلف شجيرات واهمة...
استقبل وحدتي
انحت نتفاً من أحاجي
قمر أزرق/ قمر أبيض
قمر أحمر/ قمر برتقالي
قمر، قمر، قمر
أقمار كثيرة تدحرجت من إبط المدينة
وظلال أنثى
بين يدي زهور وقمر
بين يدي، أيضاً، أطفال
يحرقون الوقت والموسيقى
أستيقظ كمن يشتهي الضوء
نيابة عن الظلال
انحت مسافرين يفرّون من ليل
بلا نساء
أنحت سكينة
أهمل عطرها خلف مقاعد عربة.
استيقظ...
لسلام أفخاذ، للحرب عيون
وعلى صراط الروح أوبئة الكتابة
أنحت المشي
كي أمشي إلى شرفة باعدت بين ساقيها
الشهوة
تفتح شقّها لطيور مهاجرة
أنحت كتبيين يحلمون بسوق الوراقين
أستيقظ...
وهم يحلمون بجدران منازلهم
أنحت اسمك
أحمل مكنسة الهواء معي
أحارب التلوث في الأقاليم القريبة من دمي
وأنتظر سفناً بعيدة
أستيقظ...
أرسم بحراً، أرسم برداً وسواحل
وأحلم لقاء صاخب فوق الرمال
أرسم رملاً وموانئ
وأنتظر السفن البعيدة
أن تعودك بالحبوب والبخور
وبالصدف البحري
أستيقظ...
وهم ينحتون الموت
أرسم برّاً وجغرافيا
وأشير
إلى سفر طويل.
****
يصهل بي برق وتنقلني الرعود
فاتحة تبدأ القيامة بها اسمي
ذاك برق الروح ومخاض النحاس
وجوهرة الأسماء المكنونة فوق
عرش الرحمة موصول بنزف
الغيم الممهور بعطش الأرض.
الأشجار متوجة بأعشاش عصافير
تسبح بحمد المبتدأ/ تشهق بالمنتهى
كل ما بعد يتقدم
عزريل ينفخ بوقه الجنائزي
غبار يتطاير
هوّة تتسع
رأس يتدلى
الحلاج يقيم في مرارة المعرفة
يتعوذ بترنيمة الفرح/ خالعاً من يرتديه. !
***
عكازُ الربّ
طق طق طق طق طق
طق طق طق طق طق طق
هه هه هه هه هه هه هه هه
صعوداً وارتداد
للهروات التي تقصع قملك المفعم بالحرية
لبرميلك المتآكل يثير اشمئزاز رجال النظافة
انهم يدخلون
أيتها المدينة العصية خلف أرغفة الخبز
خاف قوق الدجاج، وقلق السكينة
خلف التوحد الترملّ
خلف أقنعة مبتسمة
خلف الخط الماسك عكاز الله
خلف الخط الجاثم في نفسي
أعرت الروح لذاك الظل، فعاد إلي مساء يطلب أطرافي
خلف من فروا، ومن بقين بلا يقين لأنهم لا يدخلون، و لا يمين لكن ليبدلوا كل عاداتهم…………
سيستعدون كي يكبر الأبناء، وكي يحموا الثرى
طق طق طق طق طق
صعودا وارتداد
أيا قمر البلاد يا مجرد بسمة لعكاز ربي إن تجلى
لصحو الغواني حين يمتهن الضباب
أتنام المراكب؟
أيغرق الإغريق، والفينيق، والبطريق؟
وينسدل المطر
ان قلت لا ادري فهلوسة التجمل
خسوف
العين
يا لثقب الباب
حين ينطلق المدى، فانزويت، وتذكرت أسراب عرسي كالطيور..
هذا مخاضكِ أيتها القصيدة
مشتت الرغبات، أدارت ظهرها
(آوف هذا حظي )
أبهة قلقة
تلوحين من بعيد
مناديلك لم تعد ملونة
ماذا أفعل بالحب
أنه تحلل
مثل جثة تحت الشمس
فخرج الشغف الوله الرغبة
خرج الشوق
خرجت المواعيد
خرجت الجمل الأنيقة المهموسة
وخرجت الأحلام تبكي
لأنها بلا أجنحة أو سماوات
ماذا أفعل بالذكرى
سوف أتأملها
وبكسل أكرز الأخطاء
ماذا أفعل بالمدخنة
وهي تطلق أيامنا للريح
ماذا أفعل بالتاريخ
انه هرم
يتسلى بإعادة أيامه
فيعود الشهداء
يعود المتسلقون
يعود الجراد
يعود العيارون
تحترق الكرخ
ينهار الجسر على رأس علي بن الجهم
تفرمها الرصافة
يضيع القمر
ويهتف الفقراء
(يا حوته يا منحوته.. هدي كمرنه العالي)
تعود الأوبئة
تعود الفيضانات
تعود الجثث
الطروس في دجلة
والخيول في المدرسة المستنصرية
حكمة باشا في القشلة
الجنرال مود في باب المعظم
وجنكيز خان
يفرش خيمته الدامية
ماذا أفعل
بأصدقائي المتسخين بغبار الحقيقة
ماذا أفعل
بالفلاسفة- الشعراء-
المتصوفة-الصعاليك الأفذاذ-
المتاجرون
بكل هذا الحشد من آكلي الآلهة
ماذا أفعل بالقمة
انها مكان شديد البرودة
ماذا أفعل بالآتي
حين يحشرنا في مؤخرته
الخلاص:
في النفاذ إلى اللا محدد
إذ ما جدوى أن أخطو تحت الشمس
بأبهة قلقة
لأخلف ظلي الكئيب.!
***
إزدهارات المفعول به
- الى الشاعر موفق محمد
كديدان القز
أتشدّق بالحرير..
أدلي بكبسولات عارية من الصحة
وأتهم المرضى باصفرار الذهب..
لا أفرق بين بيوت آيلة للسقوط
وأخرى تقطر بالأيائل ..
أزعم أن شعوراً بضآلة الشأن أصاب القتيل
حين استيقظت البلدان على عثرتي ..
كما أن البحر ليس أكثر من دمعة تتخفى وراء مكبرة
وأحجار النرد بقايا فيل يراقب من خلف زجاج المقهى بياضي الفقيد ..
بقليل من الغزاة
أو بنطفة من صيام يلقّح الفصول
أصنع "نغلاً" يتقن الصيدلة
ويلوذ عن "الحصبة" بأحمر الشفاه
النعجة مقياسي في جرد " الأنا- ناس"
رؤوس تومئ بالإيجاب.
وعجيزات تشير إلى العكس على أية حال..
كنت شريفاً بالسخرة
أنسخ من فقراتي القطنية سروالاً لعصا
وأغربل الدموع لأجني الحدقات …
عود ثقاب يبحث عن معبودات من أصل خشبي - هذا أنا
وما تبقى أشباه دفوف تقدم الوجوه اعتذ1اراً لهطول الأكفّ..
فجراً تنام المعاجم أصفاراً في شمال
وفي المساء أستنبط لغة من خرس يستطيل
هكذا:- أخوض غي عفن الأبواب وأطرق "ما"
فترد العرصات كعادتها " كو"
" ماكو".. أي لا "يوجد" ما يصلح للهضم
كي تحتاج إلى دورات مياه
أو "ماكو" مياه في قائمة الماء، ولا جيوب في كفن الضوء
كذلك "ماكو" حليمات في السوق، ولا رسل من نسل الـ "ببسي لاك"
وأيضاً "ماكو" غيابات في تاريخ الركة، ولا كرة في "حي العكازات"
لذلك "ماكو" قطارات تصل، غير حصان يبحث في ظهري عن سوط
وعليه "ماكو" حريق في الجلنار، ولا صباح في السعال الديكي..
نعم..
أنا مشبوه كالغيم
كلما ترنو المظلات إليّ، أهدد الحقول بالجفاف
مولع كسواي بإزالة النقاط من الذي
وكشراع يحبل بالريح، أتوحّم بالجاليات …
***
عاهات الكينونة
(1)
أقعد محتشماً بعزلتي
أقعد على حافة الأرض
أكرّس حبّ عين الشمس
وأفكر بكل هذا القرف الذي يبتلع الروح
*
بكل السنوات التي تتغوّط على القلب
وأشيائه الثمينة
بشقاء يعود أصلعاً من طرف الأرض
أتقهقر إلى الخلف
أحلامي فارغة كفم يعطس
*
إبطاي يسلان برائحة كريهة
يسيلان إلى جسد إمرأة تبكي على
قبر حبيبها الذي لم
يبقَ منه غير الرماد
وبعض كلمات في الحبّ.
*
من تاريخ أعور تأتي هذه الإشارة
الباردة
أخرج مسرعاً إلى شوارع العالم
ومسرعاً أعود
*
الريف أجمل مما كنت أتصورّ
لكنه أكثر قرفاً وعفونة ..!
(2)
أنظر من السطوح
حيث أفخاذ النساء معلّقة في الهواء
والأطفال يخرجون من كهوف إلى أعمارهم..
يكبرون بسرعة
ويذهبون إلى الحرب
الذين لم يموتوا تزوّجوا
والآن هم ينظرون معي
من السطوح …!
****
زهرة الوهج
في بلوره حلوى ثملة
ذلك ما يعنيه النور
الشاسع في عيني
تنغلق الصحراء
تنفتح قصور
ألج وحدي
معي احمرار القنص
يلقي النديم البهجة
ألقى الجهات
تنفتح الصحراء
هذه النار تهندس دلوي
هذا الوهج زهرة
منكسرة اللجة
سأسبح - أسبح
التويجة في الريح تروح
والفتنة في السماء تتبصّر
وأوراقي تقوّض
الحيلة
الشفاعة
الفراغ
واستتب النور
أدخلني في اللّب
وغلّف قشره !
****
إختلاجات
يلزمني وطن أخرس
وعصا كجحيم الإسفلت
إسفلت حدائقنا.. تنبت أشجاراً فوق ضلوع الأموات
إسفلت بيادقنا.. هربت من أول رقعة شطرنج
إسفلت وسائدنا.. تطبع بصمات القمل على جبهتنا
إس … فل … ت …. بلادي
إسْ …. هنا شرطي فأسكت
فلْ …. عرق فل تتفصّد من جبهته بغداد
تاء هربت من وطن
فأضاع عراقه
كي أولد قنديلاً فوق شفاه الليل
فماذا أحتاج لأحرق كل بلادي ؟
يتبعني بغل …
يصرخ: قفْ .
فأزمّ قلاعي
تنكّب خاطرة الوقت.
فأرمي أطفالي في بوتقة مهجورة
وكالعصفور..
ألقط حبّات الدمع
أوزعهن على الشرفات
لأزرع أزهاراً في جسدي !
صفاء ذياب {1975} : من ذيقار.خريج المعهد الطبي لعام 1999، يدرس الأدب العربي في جامعة بغداد. له مجموعة شعرية بعنوان: قلق.