كنا على فترات سابقة في هذه الصفحة، قدمنا عدة ترجمات لبعض الأصوات الشعرية من اليونان، ولأجيال مختلفة، هنا ترجمة لبعض الأصوات الجديدة (أربعة شعراء) هي: «أندونيس فوستييريس» و«ديميترا كريستودولو» و«يانيس فارفيريس» و«ديميتريس هولياراكيس» وثاناسيس هادزوبولوس.
أندونيس فوستييريس: من مواليد عام ,1953 مدير أهم مجلة أدبية يونانية «إي ليكسي». من أعماله «الرحلة الكبيرة أو العشرون» (1971)، «فضاءلت داخلية» (1973)، «شعر الشعر» (1977)، «حب غامض» (1977)، «الشيطان أجاد الغناء» (1981)، «موت قادم» (1987)، «الفكر ينتمي للحزن» (1997). كذلك ترجم إلى اليونانية أعمال ماكس جاكوب وبوريس فيان، وبول ايلوار، ولوتريامون.
ديميترا كريستودولو: ولدت عام .1953 من أعمالها: «أحصنة ميروفليتوس» (1974)، «أرض» (1984)، «صلاة الوقح» (1991).
يانيس فارفيريس: ولد في أثينا عام .1955 شاعر وناقد مسرحي. من أعماله «عبر الخيال والفعل» (1975)، «المنقار» (1978)، «شارع أنفاليد الحرب» (1982).
ديميتريس هولياراكيس: من مواليد عام ,1957 يمتاز بنبرة غنائية قريبة من العبارة اليومية. من أعماله «دفاع عن النهود والمناقير» (1983)، «معادن الرغبة السوداء» (1985). ترجم إلى اليونانية أعمال ييتس وجيمس جويس وكيبلينغ.
أندونيس فوستييريس
شعر الشعر
(مقاطع)
(1)
على البيت الذي سأكتبه أترنح
الى البيت الذي كنت أكتبه أستند
القصيدة غصن متين
حيث أعلق أحياناً أرجوحتي
وأتأرجح فوقها في السواد.
(3)
أنت يا قصائدي
ما هذا الحبل الذي يصلنا ببعضنا حتى الموت
أنت، يا لبلاب برج متصدع
أكرهك يا قصائدي
هذا الكره اللعين الذي نحتفظ به لأنفسنا
(6)
نلعب هذا المساء بهذه القصيدة
أرميها لكم وتردونها إليّ
نقسمها قسمين، تنتشر الكلمات
غدا علينا ـ أيتها القصيدة القذرة ـ أن ننزع سلاحك
للتو، وإلا سترديننا كلنا.
حلت الذكرى
ليس لإبليس ماض
لا شيء سوى مستقبل
مغطى بالخبز
بالانتظار المضمون
ليبتهج به.
لا يعرف معنى التلف
تلف الحب، الجلد المحزز
عبر إبر الوقت
الناعمة؛
لا يعرف معنى الحاجة
ولا عدد الأفواه التي يتنشق عبرها الهواء
لا يعرف، الغياب الكامل
الإذلال، حلول الذكرى
حين تقشر بصلة الوقت
كي تجد القلب الحنون
ودموع الحواس تهطل مدرارا
ـ تبحث عن الضائع، أيها الأعمى ـ
أنت الذي تملأ، منذ عهد قريب، كيس اللقى
لا شيء الآن، لا شيء.
في العمق، لا شيء سوى الثقوب.
الأصدقاء
هنا تبدأ الرحلة.
عبر هذه المنحدرات التي تتنفس
بلا روح. عبر هذه الأشجار
التي سامحتني منذ الأزل على كل شيء
والتي لا تسمع شيئا
سوى نزول المياه في الحلق.
سأذهب. سمعت النعمة الباطلة
في كلام الله:
كان لا يزال يمشي على الأمواج
يبكي بينما المياه تصعد
عند الجزر، لم أجد شيئا
سوى الزغب.
هنا تبدأ الأبدية الصديقة
حيث للتنهيدة مكافأتها
حيث يبتسم الدم في مرارته
حيث كل حرمان يصمت
وحيث العصفور في القفص يتذكر
شجرة بلوط تمتد جذورها إلى النهر
إلى أبعد أولى طلقات بندقية
وإن وقعت في الحبّ، من دون مكان
شرعي أضع فيه حياتي
لدى جنسي شيء من النبل
ثمة ذهب في أصولي.
الآن، أسمع القمر عن قرب
دخان البواخر الكسول
التي ترمي المرساة هناك.
إنه خائف
الرجل ذو الورد على الصدر
والآخر ذو الوجنتين البيضاويتين أيضا.
لكن أنتم، يا صديقاتي العزيزات
أيتها النقاط، اللآلئ في العشب
الذي رغبت في جسده وروحه
ها أنا أبكي في خدمتكم
أين ستكنّ في هذا العقاب
في هذا العنف المطمئن
حيث لا أصدقاء للجبال...
في الغربة
في غابة السرو
ثمة مضخة وقود خفية
حيث يسهر السمين مع كلبه.
هناك، ما من شوارع كبيرة
لا يمر فوقها سوى ذئاب جائعة
وبعض سائقي الشاحنات الليلية
المكسور زجاجها على مستوى الجبهة.
فيما وراء هذا، في الجادة القاحلة
تدور العجلات في الهواء
موسيقى ثقيلة لأجل ذلك
الذي ينام لامباليا
عيناه كبيرتان مفتوحتان للصقيع
لا يسمع ضربات وابل المطر.
آه يا قمم الألم البعيدة
حيث ولد المشاؤون، حيث يعيشون
الذين ظفروا بشيء
أحيانا في عملهم الدؤوب
أحيانا عبر البيرة ولعب الورق،
واحد أقل هذا المساء.
ويسقط ندى الليل مثل
قميص نوم امرأة وحيدة.
واحد أقل. لن يعرف أحد بشيء قبل الغد
ما عدا الكلب النعس
الذي يستقبل ظلالهم الصامتة
غادروا شاحناتهم الخالدة
للمرة الأولى، من أجل فراشة.
وفي رائحة الوقود يسمعون
ثمار السرو وهي تتسرب.
لم يتحرك العجوز من مكانه
بقي ممتلئا بكرسيه الحجري
يحصّل النقود
لنعد السلحفاة إلى حفرتها هذا المساء
لكي لا تضيء أي حشرة تحت النجوم.
لأن المنازل تنتظر
تحت بخور القمر المنثور
الذي كان يقيس (....)
لن يعود إلى المضخة بتاتا. إنه حاليا
يداعب ثعلبا عجوزا. يتحدث
لغة النعيب.
مطر، يغسل الطريق.
النسيان مستحيل.
الخوف
اختبئوا في المعاطف، في القصائد
في نهود زوجاتكم، وان لم يكن لديكم ذلك
ضعوا أيديكم على وجوهكم أحرقوا مساماتكم
بأنفاسكم
وتنشقوها
ان كنتم في الشارع، ادخلوا سيارة التاكسي، صالة السينما
اغرقوا في الكرسي ولا تتحركوا
انزلقوا في حمام منزل صديق
ضعوا نبر العوض على اسمكم حتى
وان كان الأمر يتطلب نبر القصر
احتموا تحت سقفه
سيحتمل ما يستطيع احتماله
ثعلب أجدع علق في الفخ
يسمى الفخ فخ الثعالب
أعرف خوفا يخاف من ذنبه
وأصرخ لكم بخوف هذا الخوف
اختبئوا! اختبئوا!
العلبة السوداء
صندوق حياتنا الأسود
من سيجده في الحطام المتكلس
من سيخرجه بعناية، ومن
سينحني فوقه بجدية
كي يدرس أسباب المأساة؟
ومع ذلك، ما نفع هذا، ما دام
حدث ما وجب أن يحدث
ما دمنا، شاحبين، عدنا كلنا إلى أرضية
سنوات الشباب المحطمة
من دون أن نتعرف على أحد
من دون أن نبحث عن أحد.
من الأفضل إذا أن تختفي
علبتنا السوداء
لتتعفن في مكان ما من الحقول
ليمتد العشب الصامت فوقها
ليغطيها بالكامل
ليترك فوقها، انتفاخا في الرمل فقط
هذا كل شيء.
السفير
25 ابريل 2008