ترجمة: عبدالقادر عقيل
في الخامس من نوفمبر 2005 توفيت الشاعرة الأفغانية المعروفة ناديا أنجمن ذات الخمس وعشرين ربيعاً، متأثرة بإصابات بليغة جاءت من لكمات قاتلة في وجهها على يد زوجها فريد أحمد مجيد (27 عاماً)، الذي تم توقيفه بولاية هيرات الأفغانية بعد أن أعترف بفعلته، ودانت الأمم المتحدة الحادثة بوصفها نموذجاً مأساوياً للعنف الذي لا تزال تتعرض له العديد من النساء الأفغانيات، على الرغم من بوادر الانفتاح التي تشهدها البلاد منذ الإطاحة بنظام حكم حركة (طالبان) المتشددة نهاية عام 2001.
اكتسبت ناديا أنجمن (المولودة في 27 ديسمبر 1980) شهرة واسعة في الأوساط الأدبية في أفغانستان، ونشرت في عام 2005 ديوانها الشعري الأول (غولي دودي) أو " الزهرة القرمزية ".
1 - غزل
في الليل تأتيني الكلماتْ،
تلبي نداء صوتي،
أي نارٍ تتقد في جسدي،
أي ماء؟
شذا روحي تأتي إليّ،
من أين تأتي الكلماتْ؟
كيف يقصي النسيمُ العليلُ الوحدة عني؟
هل يأتي الضوءُ من سحابة الضياء؟
هل بقتْ لي أمنيةٌ أخرى؟
قلبي الحزين يتلألأ كالنجوم،
وطائري المحلّق يلامس السماء.
جنوني يكمن في كتابه،
يا سيدي لا ترفضني،
انظر إليّ مرة أخرى.
صمتي يأتي إليّ،
مثل يوم القيامة،
مثل يوم الحساب.
سعيدةٌ هذه الليلة،
فالواهبُ وهبني الحرير،
والقصائد طوال الليل تأتي إليّ.
2 - النحيب الصامت
أصغي لخطوات المطر الخضراء،
ها هن يأتين،
عطشى،
بثياب الزفاف المغبّر،
بأنفاسهن الملوّثة بالوهم المخاتل.
ها قد وصلن،
فتيات خلقن بأرواح مكسورة،
أجساد مجروحة،
وجوه لم تذق طعم السعادة،
قلوب شاخت وتهشمت،
شفاه لم تعرف الابتسامة،
وعيون جافة لا تذرف الدموع.
يا إلهي،
لا أعرف إن كان نحيبهن الصامت
يصل إلى السحاب، إلى السماء؟
فأنا أصغي لخطوات المطر الخضراء.
3 - قصيدة حب لم تكتمل
لا رغبة لدي في فتح فمي بالغناء،
ماذا يمكن أن أغنى،
وأنا المدانة طول الحياة؟
سيّان عندي إن غنيتُ أو لم أغني.
عن أية عذوبة أحكي،
وأنا أتجرع المرارات،
لا رفيق عندي في الحياة،
كي أمنحه بهجتي،
سيّان عندي إن تكلمتُ، أو ضحكتُ، أو متُّ.
في عزلتي العميقة، الحزينة، الموحشة،
كأني ولدتُ للعدم،
وفمي لا بد أن يبقى مغلقاً،
ها هو الربيع يا قلبي،
ها قد جاء وقت الفرح،
كيف أحلّقُ بجناحي المهيض؟
كنتُ صامتة لفترة طويلة،
لكنني لم أنس الألحان أبداً،
في كل لحظة أهمس بالأغاني التي في صدري،
أمني نفسي في اليوم الذي أحطم فيه قفصي،
وأطير بعيداً عن عزلتي وأحزاني،
لست ضعيفة مثل شجرة الحور،
التي يهزها النسيم،
أنا امرأة أفغانية،
اعتادت على النواح دائماً.
***