مقدمة :
في الماضي كانت وسائل الترفيه في المجتمعات العربية مرتبطة ومحدودة بالمكان ، حيث كانت في أغلبها محلية خالصة يبدعها الشعب بنفسه لتعود إليه مرة أخرى: فهذه أهازيج النساء ينشدنها في الليالي الطويلة في انتظار عودة الزوج الغائب من اجل لقمة العيش ، وهذه أغانٍ لهدهدة الأبناء الصغار في المهد، وهذه أغنيات الأفراح والأحزان وغيرها .
وكان الرجال ينشدون الأغاني التي تعينهم على العمل ومواجهة صعاب الحياة والطبيعة القاسية وتحدياتها عند الصيد في البر والبحر وعند الحصاد والرعي والبناء الخ .
كما كانت الجدات تحكين حكايات الأجداد وسير العائلات ، ويلعب الأطفال ألعابهم البسيطة مع الغناء.
أما رواة السيرة فهم شبة محترفين أو هواة أخذتهم السيرة ليتلو كل منهم ما في جوارحه وما حفظه وتعلمه من الأجداد ، وكانت السيرة عنصراً من عناصر التنفيث عن الشعب، فالحكايات المرويّة والسير الشعبية تحمل حكمة السنين وموروثات الشعوب وتاريخها ، بل وأصبحت وسيلة من وسائل الشعب للنيل من الحكام الظالمين ، فتسخر من الحاكم الظالم ، وفى أحيان كثيرة تلغى إنجازاته وحسناته إن وجِدت .
وقد بدأت ثورة الاتصالات في أوائل القرن العشرين ،حيث ظهر المذياع، وتحلقت حوله الأسرة العربية في إنصات واستمتاع بالغ بكل ما يذيعه والذي كان أغلبه من الثقافة العربية المحلية، خاصة في بدايات برامجه التي اعتمدت على الموروث الشعبي والتراث العربي والحكايات الدينية والشعبية مثل حكايات ألف ليلة وليلة والسير ، وكذلك الأحاديث الثقافية والدينية التي كان يلقيها كبار الأدباء والمثقفين، هذا بالطبع علاوة على الغناء الذي انتقل من الصالات والشوادر ومنازل الأغنياء والموسرين إلى الاستوديوهات الإذاعية ، فتم تهذيبه وتشذيبه ليصبح هامساً ورقيقاً حتى يليق بالوسيلة الجديدة .
وبمرورالسنين أصبحت الإذاعة تقدم فناً إذاعياً خالصاً يتناسب مع الوسيلة الجديدة، وعاش المجتمع العربي مع هذا الجهاز الساحر وتخيل من خلاله حيوات وحيوات .
ومع ظهور التليفزيون منذ بداية الستينات من القرن الماضي ، وقعت الجماهير العربية أسيرة هذا الجهاز الجديد الأكثر سحراً، حيث استطاع أن يقدم الصوت والصورة ، وكان لزاماً عليه أن يكون أكثر انفتاحًا على المجتمعات الأخرى، فلم يعتمد على الثقافة العربية أو المحلية فقط سواء كانت تراثية أو حديثة، بل فتح آفاقاً واسعة للجماهير، وصعد إلى طبقات الجو العليا، والفضاء الخارجي، ونزل إلى أعماق البحار وطبقات الأرض أيضا، وقدم مسلسلات اجتماعية وبوليسية ونفسية محلية وعالمية، كما كان للأطفال نصيب كبير من الفن التلفزيوني العالمي الذي استهدفهم خصيصاً في شكل مبهر وممتع .
لقد أصبح هذا الجهاز السحري شريكاً للأسرة والمدرسة في تربية النشء الجديد، حيث شبّت ونمت أجيال جديدة كان يُطلق عليها اسم "أجيال تليفزيونية" ، ومع ذالك كانت لا تزال الدولة والأسرة مسيطرتين إلى حد كبير على ما يراه الأطفال والبالغون في المجتمع حيث تستطيع كل منهما الانتقاء والتوجيه بآليات وأشكال مختلفة ومتنوعة .
والخلاصة أن الثقافة العربية و المحلية المنتشرة على كل القنوات التليفزيونية، تربط المشاهد سواء كان شابا صغيرا أو يافعا بالواقع الذي يعيش فيه، ولكن مع أواخر القرن العشرين وبداية الألفية الثالثة و تفجّر ثورة الاتصالات و تطور ألعاب الفيديو وانتشار شبكة المعلومات العالمية(الإنترنت) ، بدأت الأجيال الجديدة -والتي كانت الأقدر و الأسرع- في ولوج الفضاء الخارجي ، حيث شعرت بذاتها وعبّرت عن رؤيتها وقدرتها وتفاعلها مع التجريب بعيداً عن كل القيود التي تفرضها الأسرة أوالدولة أو المجتمع ، ولكن - للأسف- يجب أن نتساءل: كيف تعاملت الأجيال الجديدة مع التكنولوجيا الحديثة ومجتمع المعرفة والمعلومات ؟
بداية الانطلاق ..ألعاب الفيديو في الغرب :
رغم أن بداية ألعاب الفيديو في الغرب كانت في عام 1970 إلا أن الانتشار الحقيقي كان في عام 1980، حيث دخلت أجهزة الكمبيوتر الى المنازل والمدارس وتنوعت الألعاب فأصبحت رياضية أوعنيفة تحتوي على مشاهد القتل والتدمير أوتعليمية وخيالية الخ ، كما تطورت تقنية التحريك والجرافيك وكذلك الأفكار ، وهناك دراسات هامة تتناول أهمية الألعاب وتأثيرها السلبي والايجابي على الأطفال، منها بحث د.د وجلاس جنتلى D.DOUGLAS A.GENTILE في 2004 كما هناك أبحاث عديدة تتناول هذا الموضوع يمكن ان نستخلص منها ما يلي:
الآثار الايجابية :
- أثبتت هذه الألعاب أنها تعطى للأطفال واليافعين أحساسا بالإنجاز.
- تنمّى قدراتهم المعرفية.
- تنمى كذلك بعض القدرات الادراكية.
- تنمّى القدرة على التخطيط والتعامل مع المواقف التي فد تكون غير معتادة ومعقدة .
الآثار السلبية:
- إن قضاء ساعات طويلة أمام هذه الألعاب يؤدى إلى إهمال الدراسة النظامية مما يتسبب في ضعفهم الدراسي بشكل عام.
- الأطفال الذين يلعبون ألعاباً عنيفة يظهر لديهم ميل شديد للسلوك العدواني في الحياة الحقيقية.
- تسبب مشاكل أسرية، حيث يكون التفاعل بين الطفل وأسرته اقل من الطفل العادي.
- التأثير على الذاكرة اللفظية.
- في أحيان كثيرا يستغرق الطفل في الألعاب وينفصل عن الواقع المُعاش .
- زيادة الوزن بما يتتبعها من أمراض.
وقد استشعر المجتمع الغربي الخطر من ألعاب الكمبيوتر وآثارها السلبية فاجتمعت رابطة شركات البرمجيات الرقمية لوضع تصنيف للألعاب والموضوعات التي تتناولها ، يتضمن توصية بالعمر المناسب لكل لعبة مقدمة إلى الطفل وكذلك شرح محتواها.
كما أنشأ جهاز التنظيم الذاتي (أسرب)عام 1994 مستويات متدرجة لممارسة هذا الألعاب ، ووضع تصنيفا عالمياً ليكون مرشدا للأهالي عند شرائها وكذلك للمدربين والمعلمين وهو كالتالي :
- الطفولة المبكرة يرمز لها برمز (EC) وهى تبدأ من الثالثة ويكون مع الطفل مرافق اكبر سنا وتحتوى هذه الألعاب على مواد بسيطة دون كلمات لتناسب هذه المرحلة.
- الالعاب للسن الاكبر من سن 6 سنوات ويرمز لها بحرف (E) وتحتوى على رسوم متحركة بسيطة ، ويستخدم الخيال أو العنف بحرص شديد وبشكل بسيط وتكون الكلمات سهلة وغير موحية أي مباشرة ، ويجب أن يصاحب الطفل مرافق في هذه المرحلة السنيّة.
- الالعاب للسن من 10 سنوات فما فوق، وتحتوى على مزيد من الرسوم المتحركة، مع استخدام الخيال ولغة مناسبة وعنف بسيط.
- ألعاب مرحلة المراهقة المبكرة ويرمز لها بحرف (t) وتبدأ هذه المرحلة من 13 سنة لأكثر وتستخدم لغة ناضجة وخشنة ، مصحوبة بمواقف العنف البسيطة مع مراعاة الحد الأدنى من مشاهد القتل والدماء وألعاب القمار و الميسر.
- مرحلة المراهقة الأكبر سنا اى الناضجة ويرمز لها بحرف (m) و تبدأ من 17 سنة ، وفى هذا السن تحتوي الألعاب على لغة فاضحة وعنف وجنس ودماء.
- مرحلة البالغين ويرمز لها برمز (a.o) وهى من 18 عاما فأكثر، وتتضمن مشاهد طويلة من الجنس والعنف والمناظر الفاضحة.
وقد قدم العلماء والباحثون النصائح التالية للآباء والأمهات حتى يقللوا من الآثار السلبية لهذه الألعاب :
- يجب أن يكون الوقت محدداً بزمن لا يتجاوز ساعتين على الأكثر .
- يجب التحقق قبل شراء اللعبة من الرموز السابقة قبل شرائها واستخدامها .
- يجب أن يكون الطفل قد أنجز واجباته المنزلية قبل اللعب على جهاز الكمبيوتر .
- عدم وضع جهاز البلاى ستشن أو الكمبيوتر في حجرة الطفل .
- ضرورة تبادل الآراء مع الطفل حول مضمون اللعبة .
- رصد الأوقات التي يقضيها الطفل في الاستهلاك الإعلامي ، سواء كان مع ألعاب الفيديو أو التليفزيون أو السينما أو الانترنت .
- اهمية أن يتبادل الأهل المعلومات حول الألعاب التي يمارسها أطفالهم حتى يساعدوا بعضهم البعض ، وكذلك زيادة المعلومات المتاحة لديهم .
من كل ما سبق يتضح أن الألعاب التكنولوجية و شبكة الانترنت بما فيها من شبكات اجتماعية تشهد اقبالا كاسحا مثل موقع (الفيس بوك) هي وليدة مجتمع لديه منظومة متكاملة يعيش فيها الطفل الغربي ولا يمارس الألعاب فقط بل كذالك يستمتع بتداول المعلومات في حرية وشفافية. فالمجتمعات الغربية مجتمعات ديمقراطية تتيح لأي فرد بمن فيهم الشباب و الأطفال الولوج إلى عالم المعرفة في أنقى صورها دون قيود أو حجب للمعلومات.
والحقيقة أنه فى عالمنا العربي و منذ نهاية الثمانينيات من القرن الماضي عرف أطفال وشباب العالم العربي بعض الألعاب البدائية الصغيرة على البلاى ستشن والكمبيوتر ولكن كان ذلك في دوائر صغيرة جداً وعلى استحياء ، حتى حدث الانفجار الكبير وازدادت أعداد الكمبيوتر في المنازل والمدارس ووصلت إلى النوادي ومراكز الشباب في مصر ... ولكن هل زيادة أعداد أجهزة الكمبيوتر والمتعاملين معها تعنى أننا دخلنا عصر المعلومات وعالم المعرفة ، أم إن
شبابنا وأطفالنا يستخدمون هذه الوسائل في التسلية وقتل الوقت وليس أوقات الفراغ ؟
لقد عاش أطفالنا وشبابنا مع ألعاب تعبر عن بيئة غير بيئتهم وعن ظروف غير ظروفهم، وإذا كان المجتمع الذي أفرز هذه الألعاب قد وضع القواعد والمحاذير التي يجب أن تتوافر في التعامل مع هذه الألعاب ، خاصة المرحلة العمرية ، فإن الحال مختلف تماماً مع العالم العربي ،لأنه مع تفشى الأمية بين الأهل وخاصة الأمهات، يتعامل الطفل دون أدنى وعي أو توجيه مع هذه الألعاب بلا حسابات للوقت ولا معايير سنيّة ولا أي مراقبة من أي نوع ، حيث إن الأقلية هي التي تملك أجهزة بلاى ستشن في منازلها أي يمكن أن يوجد لديها بعض الرقابة أو المشاركة من الأهل ، أما الأغلبية فتمارس هذه الألعاب في نوادي فيديو ومقاهي الانترنت دون أي رقابة ، خاصة أن أصحاب هذه الأندية والمقاهي ينحصر دورهم عادة في جمع الأموال فقط .
و المؤسف أنه لا توجد حتى الآن أبحاث أو إحصائيات عن عدد الساعات التي يقضيها الشباب العربي أو الأطفال أمام هذه الأجهزة لممارسة الألعاب ولا أهم الألعاب والمواقع الالكترونية التي يفضلونها.
ولكن نتيجة المشاهدة والمتابعة الميدانية في العمل ومراكز الفيديو ومقاهي الانترنت وكذلك بعض المشاهدات العائلية ، توضح أن الجميع يكاد يجزم بأن الطفل والشاب العربي يمارسان هذه الألعاب ساعات تفوق نظيرهما الغربي بكثير، حيث وسائل المتعة محدودة في بعض البلدان ومعدومة في بلدان أخرى ، وان وجدت فهي لا تشبع المراهقين والشباب اليافع ، لأن الاهتمام يكون في العادة بالمرحلة العمرية الصغيرة .
أهم الألعاب:
أهم الألعاب التي يمارسها الأطفال والشباب العربي ، تتضمن ألعاب السيارات والحروب وألعاب الكرة وغيرها.
أولا: كرة القدم:
تنفرد لعبة كرة القدم (الفيفا) بشعبية جارفة ، حيث إن شعبيتها جاءت من شعبية كرة القدم الحقيقية ،علاوة على محاكاتها لكل ألعاب كرة القدم في العالم، حيث تتضمن ما يلي:
- تشمل هذه اللعبة منتخبات العالم ومن ضمنها بالطبع بعض المنتخبات العربية الحقيقية، وهى من المرات القليلة التي تصور فيها الألعاب العربي المسلم في صورة حقيقية طبيعية بعيداً عن الصورة النمطية التقليدية التي تصوره بشكل إرهابي أو محارب مهزوم حتى إذا لم يحدث حوار مباشر يعبر عن ذلك ، حيث تعوض الحوار بدلالات بصرية عديدة مثل الملابس الفضفاضة ، أغطية الرأس ، لون البشرة أو البيئة المحيطة .
- تشمل كذلك دوري البلاد الكبيرة مثل الدوري الإنجليزي والإيطالي والأسباني وغيرها ، اضافة الى دوري الدرجة الأولى والثانية في تلك البلاد.
- تحاكي الواقع في الملابس والتصرفات والبيئة ،حتى اللاعب الذي يجيد التسديد برأسه في المباراة الحقيقية مثلا نجده يفعل نفس الشيء في اللعبة، مما يعطى الشباب والطفل المصداقية كاملة.
- يستطيع الطفل او الشاب ان يلعب هذه اللعبة بمفرده ، أو مع خصم واحد أو مجموعة.
- يستطيع أن يختار لنفسه إما أن يكون لاعبا ضمن الفريق أو أن يكون مدربا يضع الخطط ويقوم بتنفيذها في الملعب.
من هنا يتضح أن هذه اللعبة حياة كاملة قد يعيش فيها اللاعب الشاب أو الطفل فيعوض خيبات أمله في منتخب بلاده ، أو تعثّره هو ذاته حينما يلعب مباراة كرة قدم حقيقية ، حيث يصبح اللعب الافتراضي بديلا للعب الحقيقي والحياة الحقيقية .
ثانيا : الفيس بوك
رغم عدم وجود معلومات كافية عن واقع العالم العربي السياسي والثقافي والاجتماعي ، نتيجة غياب الديموقراطية وعدم الشفافية ،كما أسلفت من قبل، الا أن الفيس بوك أصبح متنفساً سياسياً شديد الأهمية للشباب، ولقد رأينا في مصر أن بعض الشباب قد دعوا إلى إضرابات واعتصامات احتجاجية وقاموا بتنفيذها على أرض الواقع عن طريق هذا الموقع مما أحرج الحكومة ووضعها في موقف لم تألفه من قبل.
ولكن على نفس موقع الفيس بوك هناك نموذج للعبة أراها مثالا جيدا للحياة الافتراضية التي يعشها الطفل والشباب العربي وهى اللعبة المعروفة باسم (المزرعة) .
( المزرعة )
هذه اللعبة هي الأعلى تقريبا بالنسبة لعدد المشتركين في العالم ، حيث يشترك فيها حوالي 80 مليون مشترك ، ولم لا وهي تمنح أحلاما كثيرة للشباب خاصة حلم اقتناء الأرض وما عليها . فالمزرعة تحتوى على كل ما في المزارع الحقيقية ولكن بشكل جميل دون بعوض ولا ذباب ولا رائحة بهائم أو متاعب للزرع والحرث والحصاد ، انها لعبة تبدو بسيطة ولكن فيها مستويات من اللعب والتفكير وتتلخص خطواتها في الآتي:
- يأخذ المشترك نقودا وأرضا وبذوراً عبارة عن هدايا مجانية .
- يبدأ المشترك في العمل ، حيث يزرع ويدرس ويحصد ويحتاج إلى أموال مرة أخرى .
- يستصلح اكبر عدد ممكن من الأراضي ويجتهد حتى يصعد إلى المستوى الأعلى، فكلما عمل اكتسب خبرة وكلما اكتسب خبرة حصد ، مما يدفعه لأن يأخذ أموالا مرة أخرى ويصعد مرة أخرى .
- يواجه المشترك مطبات تجعله يخسر نقودا افتراضية .
- هكذا يظل يشترى ويبيع من النقود الافتراضية إلى أن يصل إلى مرحلة الإدمان ، وتكون نقوده الافتراضية قد انتهت .
- حينئذ يبدأ المشترك في الصرف من النقود الحقيقية ، وهكذا يعيش الشاب أو الشابة في الوهم والحياة الافتراضية التي لا يستطيع أن يبتعد عنها أبدا ، لانه يلتقي فيها بأصدقاء جدد يتعرف عليهم ، ويشاركونه حبا لمزرعته ويرسلون له الهدايا التي تكون أحيانا ثمينة جدا مثل قصر أو شجرة نادرة.
وقد أثبتت الأبحاث التي أجريت في الغرب أن هذه اللعبة بالذات تسبب الإدمان الشديد لأعداد كثيرة من الشباب بل من الكبار الناضجين أيضا .
خاتمة:
أكدت الأبحاث مدى خطورة هذه الألعاب على الشباب و الأطفال في الغرب وهو منشؤها ، فماذا نفعل نحن أمام هجوم هذه الأفكار الغريبة التي لا تنبع من مجتمعاتنا ولا تحمل قيمنا ولا أفكارنا وتستهدف عقول أولادنا وتعطلهم عن التفاعل الحقيقي مع أرض الواقع ، نتيجة الغرق في الحياة الوهمية الافتراضية التي يعيشونها بعيدا عن مجتمعاتهم الحقيقية ، حيث يصبح الاغتراب ليس مجرد اغتراب في الألعاب فقط بل في المحتوى أيضا.
ألا يستوجب ذلك التهديد الخطير أن يجتمع المفكرون وعلماء الاجتماع والمثقفون والمخرجون بهدف تأسيس أعمال ثقافية وفنية لمواجهة هذا الغزو البعيد عن أي حماية أو رقابة؟
إن التفكير في تأسيس برامج ومواقع الكترونية والعاب فيديو بديلة وعالية المستوى تنبع من حياتنا وتصب في أهدافنا وتنظر لمستقبلنا ومستقبل أولادنا بأعلى فكر ممكن وتقنية ممكنة ، وبعيدة عن التلقين السطحي او الوعظ الفج ، هي خطوة أساسية وضرورية لحماية شباب وأطفال أمة تتهددها حمّى التغريب مما ينذر بضياع هويتها ومستقبلها.
القاهرة - يناير 2010