الأدباء المتخصصون في كتابة السيرة الذاتية ببريطانيا، يواجهون مشكلة بسبب الإنترنت، خاصة وأن ما يكتبونه في رواياتهم يمكن للقارئ أن يجده بكل سهولة علي مواقع كثيرة أهمها الويكبيديا الذي يشكل خطورة علي مستقبل هذا النوع من الأدب، من أجل ذلك إجتمع عدد كبير من أدباء السيرة الذاتية في مؤتمر نظمته جامعة « إيست أنجيليا« في نورويتش بانجلترا ضم مجموعة كبيرة من الأكاديميين والأدباء من جميع أنحاء العالم خاصة أدباء السيرة الذاتية البارزين أمثال ريتشارد هولمز، وكلير تومالين اللذين بحثا مؤخرا تاريخ حياة تشارلز ديكنز، ومارجريتا جولي، وتشارلز نيكول، وميراندا سيمور، وجيرمي ترجلون، وفرانسيز ويلسون، وبرئاسة كاثرين هوجز، إجتمعوا معا لبحث ما إذا كان الإنترنت قادرا بالفعل علي التسبب في أزمة لكتب السيرة الذاتية ، خاصة وأن مبيعات تلك النوعية من الكتب شهدت تراجعا ملحوظا في السنوات الأخيرة، حيث انخفضت من 7,3 مليون نسخة في سنة 2006 إلي 2,7 مليون نسخة في سنة 2012، طبقا لإحصاءات مركز نيلسون بوك سكان، الذي أشار إلي أنه بالرغم من انخفاض مبيعات الكتب عموما إلا أن كتب السيرة الذاتية الأكثر تضررا، بالإضافة إلي أن السيرة الذاتية التي يكتبها صاحبها أفضل حالا من التي يكتبها أدباء محترفون في هذا النوع والتي كانت تمثل 40 بالمائة سنة 2001 وأصبحت أقل من 30 بالمائة في 2012.
مما دعا الأدباء إلي طرح عدة تساؤلات خلال المؤتمر من أهمها: هل يمكن لكتب السيرة الذاتية الحالية أن ترضي رغبات القراء؟ وهل يقضي الإنترنت علي كل ما هو موثق ورسمي في تاريخ حياة الشخصيات الهامة، و في عصر الإحتفاء بالمذكرات الأكثر مبيعا هل لا يزال هناك من يهتم بما كان يتناوله شكسبير في وجبة الإفطار؟
وما نوع السيرة الذاتية التي نريدها حين نغوص داخل أعماق تلقي بظلال واسعة المدي في حياته من المهد إلي اللحد؟ وكيف تصمد المقتطفات الحياتية الأقصر والأكثر حميمية بشكل واضح وحاسم لدي الإنسان؟ وكيفية تغيير السيرة الذاتية وتناولها أدبيا كي تلائم العصر؟
رئيسة المؤتمركاثرين هوجز وهي أستاذة تدريس السيرة الذاتية وصاحبة كتاب «الحياة القصيرة والأوقات الطويلة لمسز بيتون وجورج اليوت آخر الفيكتوريين« تقول : «إذا كان في استطاعتك الحصول علي كل ذلك من الويكبيديا فماذا يتبقي لأدباء السيرة الذاتية؟«، لذا تعتقد أن هناك تحول في الآونة الأخيرة من كتابة الحياة التقليدية إلي ما أطلقت عليه «حياة جزئية« وهي تلك التي تتناول مجموعة بعينها من الأشخاص ممن عاصروا الشخصية أو حدثا بذاته أو مرحلة عمرية محددة للهروب من هذا المأزق.
وأضافت: «ما يبدو حدوثه هو أن السير الذاتية عليها أن تقوم بشيء مختلف، وإن كتابة تاريخ حياة شخص لم يعد كافيا، وبلورة جدول زمني وحده لن يفعل ذلك، وهو ما يعني إضافة قيمة ما، وهوفي رأيي منتهي الحرية، التي تدفعني للشعور أنني لست بحاجة إلي الحصول علي التفاصيل اليومية المعتادة، بل محاولة الحصول علي شيء لا يمكن لأي شخص آخر العثور عليه، عبر سنوات من البحث في الأرشيف، وعدة أشهر من التحري والفحص، وكلي أمل في ترك سيرة ذاتية جيدة، وأعتقد أن ذلك سيدفع الجميع أن يصبح أكثر مهارة ووضوحا و ابتكارا، وهو شيء جيد، فعلي الأقل أكون قد حصلت علي سيرة ذاتية بشق الأنفس، وبأسلوب خيالي، وإذا سار الأمر علي هذا المنوال أعتقد أكون قد حققت شيئا عظيما«
يبدو أن هذا الشعور بالقلق انتقل إلي الجوائز حتي أن جائزة «صامويل جونسون« وهي إحدي أكبر الجوائز في بريطانيا المخصصة للأدب الواقعي والتي تمنح جوائز لمواهب مختلفة نحت جانبا أي سيرة ذاتية تعتمد فقط علي علي السرد من المهد إلي اللحد، فكان الفائز بها العام الماضي كتاب »داخل الصمت« لوادي ديفز، الذي تناول فقط محاولات جورج مالوري تسلق قمة إيفرست، بينما شملت الأعمال الفائزة الأخري السيرة الذاتية لفيليب هور، وكتاب «1599، سنة من حياة شكسبير« لجيمس شابيرو، أما آخر سيرة ذاتية نمطية فازت بتلك الجائزة كانت «مثل فيل ناري« لجوناثان كو المعتمدة علي سيرة حياة بي إس جونسون الصادرة سنة 2005، بينما ذهبت جائزة كوستا للسيرة الذاتية لرواية جرافيك هي« ماري و بريان تالبوت، إبنة في عيون والدها«.
اخبار الادب
22/02/2013 08:35:02 ص