قاسم
حداد يعلن ذهاب
«
جهة
الشعر
»
إلى
"
سرير
الأرض
"
بيد
واثقة الرجفة يغلق قاسم حداد الباب الموارب
لجهة الشعر أحد أهم مراجع الشعر العالمي
الإلكترونية بكلمة لا يكتنفها شعر بل
يأس، لكنها على نحو غامض وفاتن أشعلت
قريحة أصدقائها
.
أصدقاء
الجهة فجاءت ردود الفعل شاعرية إلى حد
يتأكد معه أن هذا الموقع الإلكتروني
البحريني العالمي
-
الذي
يغلق لضيق ذات اليد
-
لا
يصدر عنه أو له إلا الشعر وهذا ما جعله
مرجع الشعراء العرب الأهم
.
يعلن
غلقها حداد لرحيل الداعمين عنها، بعد
22
عامًا
.
الجهة
التي قال الشاعر السعودي سعد الدوسري
احتفاءً بها في عامها العاشر
«
قبلها
لم يكن للشعر جهة
.
بعدها
صارت، جهة الشعر
».
بينما
قال عنها الكاتب الإعلامي المصري سيد
محمود حزنًا على خبر إغلاقها
«
سيبقى
الشعر باحثًا عن الجهة
».
يقول
حداد
«
بدأنا
عام
1996
بفكرة
صغيرة عبر مشروع فردي وشخصي في الوقت
نفسه، لكن سرعان ما أصبح مشروعًا جماعيًا
تسهم فيه كائنات لا تحصى من شتى أصقاع
العالم
.
بدأنا
بفكرة نشر الشعر العربي في لغته فاشتبكنا
بجماليات التعدد اللغوي لنشر الشعر العربي
في أكثر من سبع لغات
.
بدأنا
كمن يتعثر في نوم موحش ولكننا الآن نسبق
أحلامنا
».
ويذكر
حداد المراحل قائلاً
«
يمكنني
إيجاز عدد منعطفات التحول والتحديثات
للجهة في الانطلاقات التالية
:
الانطلاقة
الأولى عام
1996
،
ثم الانطلاقة الثانية عام
2001
حيث
تم تغذيتها بمجموعة جديدة ومبتكرة من
الملفات تحدث بصورة مستمرة، بعدها
الانطلاقة الثالثة عام
2003
حيث
تحويل الجهة إلى مصدر عالمي من مصادر
المعلومات عن الإبداع الشعري العربي،
أما الانطلاقة الرابعة عام
2005
فتحولت
الجهة خلالها إلى ورشة عمل شعرية عالمية
بالمعنى الأدبي والتقني للكلمة
».
منذ
الانطلاقة الخامسة التي تزامنت مع الذكرى
العاشرة للتدشين أي قبل
12
عامًا،
أخذت جهة الشعر مكانها العالمي كمصدر
للمعلومات تستعين بها كافة المهرجانات
والمسابقات والفعاليات الثقافية والإبداعية
الدولية عن الشعر والشعراء والمبدعين
.
كما
صارت المساهمة والنشر في الجهة أحد طموحات
المثقفين والشعراء العرب باعتبار أن
مساهمتهم في الجهة تسافر بهم للعالمية
عبر بوابة رصينة ذات اتصال ثقافي كوني
جاد وتكون بمثابة الاعتمادية للمنتج
الإبداعي للشباب
.
يبدو
أن مغادرة الداعمين لصرحنا الشعري العالمي
«
جهة
الشعر
»
قد
ورطت حداد مع أحلامنا جميعًا فبماذا
سنفتخر في الأوساط الثقافية الكونية دون
الجهة؟ هل يقترح علينا حداد أن نتلو عليهم
نص رسالته الإلكترونية التي عممها كإعلان
للموت الفادح للجهة؟ هل تفي لشاعر وأديب
من المغرب والعناية بأسئلته حينما يقول
عن خبر إغلاق الجهة
«
سيدي
قاسم
.
قرأت
هذا الخبر المفجع وأنا ممدد فوق الفراش
من تعب الجسد
.
أقول
لك
:
شكرًا
على بطولتك التي لم تندحر، وأقول لنفسي
:
ما
الذي بقي بعد للشعر؟
».
وكذلك
الأديب والشاعر الكويتي عبد الله الفلاح
حينما يعلق بحرقة المغدور
«
من
المعيب أن تدعي الحكومات والمؤسسات
والكثير من الشخصيات في الخليج دعمها
للثقافة
...
وموقع
#
جهة
الشعر يتوقف بسبب قلة الدعم
!».
نص
رسالة قاسم حداد لإعلان إغلاق الجهة
:
«
الأصدقاء
الأعزاء
سوف
يتوقف موقع
«
جهة
الشعر
»
عن
البث لأسباب تتعلق بعدم توفر الدعم المالي
.
ونود
هنا أن نتوجه بالشكر لكل من وفر الدعم لها
على مدى العشرين سنة السابقة، والاعتذار
لأصدقاء
«
جهة
الشعر
»
الذين
بمشاركتهم النشر في الموقع، أسهموا فعلاً
في الإنجاز الذي تحقق طوال سنوات عمل
الموقع منذ انطلاقه عام
1996».
كل
ردود الأفعال على هذه الرسالة من قبل كافة
الأدباء والشعراء العرب والتي تفوق في
عددها العشرات، تقول يا قاسم ما هو الحل؟
لماذا تفترض أنك عند سدرة المنتهى؟، لقد
وضعتنا أمام حقيقة مفزعة بأن كل الجهات
الثقافية بدون أمل بعد أن كنت ولاتزال
صاحب ورشة الأمل
.
لماذا
لا تستجيب يا قاسم للشاعر السعودي حينما
قال لك
«
يا
له من خبر حزين وكئيب
...!
ألا
يمكن التفكير بإنقاذه مرحليًا من خلال
إسهامات أصدقاء الموقع، كل وفقًا لطاقته،
حتى نجد في المستقبل من يقدر على تحمل
أكلافه المالية ومواصلة رسالته؟
هذا
مقترح
.
واعتبرني
أول المساهمين
...!».
كل
الشعراء والمثقفين الصادقين الذين تفاعلوا
مع رسالة إغلاق جهة الشعر يعلمون أن يأس
حداد والقائمين على الجهة هو يأس بالمعنى
الثقافي العميق وليس بالمعنى الهش والخفيف
لبقاء أو عدم بقاء جهة الشعر
.
كما
أنه ليس الأمر الفاجع هو ذهاب جهة الشعر
إلى سرير الارض مبكرًا
-
كما
يطلق قاسم حداد على الموت
-
فحسب،
بل الأمر الكارثي يكمن في دلالة التفريط
البارد لمنجز يكاد يكون اهم مكون للاشتغال
الشعري والثقافي العربي، ولصيرورة الجهة
جزء رئيس من الذاكرة الثقافية العربية
وبالتأكيد الخليجية والبحرينية، فيما
تكلفة بقائها تقع في حيز الزهيد من المال،
وهذا ما يبرر الشكوك في نوايا عالمنا
العربي تجاه كل ما هو ثقافي جاد ورصين
.
إغلاق
جهة الشعر اضافة لفقد البحرين نجم يدل
على وجودها على الساحة الثقافية فإنها
إشارة لا تخطئها عين لمرحلة من تراجع
النشاط الثقافي المحلي والعربي وان النشر
الثقافي ذاهب مرة أخرى لما قال عنه حداد
التعثر في نوم موحش
.
أقول
نوماً لئلا أقول موتاً
.
--------------------------
الأيام
-
العدد
10556
الأحد
4
مارس
2018
الموافق
16
جمادى
الآخرة
1439
****************************************************
قاسم
حدّاد
:
وداعاً
"
جهة
الشعر
"
خليل
صويلح
(
سوريا
)
أعلن
قاسم حدّاد
(1948)
أول
من أمس عن إغلاق موقعه
«
جهة
الشعر
»
،
أحد أعرق المواقع الشعرية العربية وأقدمها
.
وبرّر
الشاعر البحريني المعروف قراره المفاجئ
«
بعدم
توافر الدعم المالي
».
الموقع
الذي انطلق في العام
1996
كان
«
غرفة
كونية
»
لاستقطاب
أهم الأصوات الشعرية العربية والعالمية،
في أكبر موسوعة شعرية الكترونية
.
كأنّ
هذا التوقيت الذي أتى مواكباً تقريباً
لـ
«
اليوم
العالمي للشعر
»
(21
آذار
/
مارس
)
مرثية
للشعر نفسه واندحاره إلى الصفوف الخلفية
بالمقارنة مع الأجناس الإبداعية الأخرى،
كما أنّ حشود الشعراء الطارئين الذين
خرجوا من ماكينة الميديا أطاحوا الذائقة
الشعرية من جذورها، ما جعل
«
جهة
الشعر
»
البوابة
الوحيدة لحراسة أسوار الشعر، بعيداً من
جحافل هؤلاء الغزاة
.
لن
نجازف إذا قلنا إنّ من لم تلتقط نصّه بوصلة
الجهة، لن ينال شهادة الاعتراف بشعريته،
ذلك أن هذا الفضاء انخرط باكراً في تأسيس
حداثة شعرية منفتحة على كل الجهات، كما
كان مرجعاً للغات الأخرى
(7
لغات
)
في
معرفة أحوال الشعر العربي وتياراته
المختلفة
.
هكذا
انطفأت أيقونات جهة الشعر في ليلة ظلماء،
من
«
أنطولوجيا
عربة النار
»
،
مروراً بـ
«
منسيات
الآلهة
»
،
وانتهاء بـ
«
الجهة
الخامسة
».
كان
قاسم حدّاد قد كتب لحظة انطلاق المشروع
:
«
بدأنا
كمن يتعثّر في نوم موحش ولكننا الآن نسبق
أحلامنا
»
،
وها هو ينسحب بهدوء وألمٍ، تاركاً أحلامه
تغرق في كابوس عدم توفّر الدعم المالي،
فيما تتكاثر المواقع الأخرى، كما لو أنها
حظيرة أرانب
!
-------------------------
الاخبار
-
السبت
3
آذار
2018
**********************************************
يا
للعار
:
موقع
"
جهة
الشعر
"
قد
سُدّت في وجهه الأبواب
عقل
العويط
(
لبنان
)
كتب
الصديق العزيز الشاعر قاسم حداد ما يأتي
:
"
الأصدقاء
الأعزاء، سوف يتوقف موقع
"
جهة
الشعر
"
عن
البثّ لأسباب تتعلق بعدم توافر الدعم
المالي
.
ونودّ
هنا أن نتوجه بالشكر إلى كل من وفّر الدعم
له على مدى العشرين سنة السابقة، والاعتذار
لأصدقاء
"
جهة
الشعر
"
الذين
بمشاركتهم في الموقع، أسهموا فعلاً في
الانجاز الذي تحقق طوال سنوات عمل الموقع
منذ انطلاقه عام
1996".
بعد
التحية، تحية التقدير والإعجاب، للموقع
وللشاعر الذي أداره، أقول ما يأتي
:
لا
أريد أن أرثي
"
جهة
الشعر
".
كما
لا أريد أن أرثي أيّ موقع شعري وأدبي
وثقافي يتعرض للمصير نفسه
.
قَدَر
الشعر، بل قَدَر الأدب مطلقاً، أن يكون
أعزل، وأن تقوده عتمة عينيه المغمضتين
إلى الضوء، الضوء الذي ينغمر بالحبر،
بالحبر الأسوَد الذي من شأنه أن يعلن
الفجر، ويسبق صياح الديك
.
ليس
من عادة الشعر أن يكون مدجّجاً
.
ومحميّاً
.
ومحصّناً
.
ليس
من عادته أن يكون له بيت
.
أو
سقف
.
أو
مخدة
.
بل
هو يزدري الأمان، والترف، والبحبوحة،
والطمأنينة
.
قوّة
الشعر الخلاّقة، والفريدة، تكمن في أنه
حرٌّ، حرية الهواء الذي لا بيت له يؤويه،
ولا نجمة يحتاج إليها لتقود خطاه إلى
القصيدة
.
عبقريته
أنه شريد ذاته، وأن لا يكون ثمّة بوصلة
تقوده، إلاّ بوصلة حبره العمياء المبصرة
.
فهل
يجب أن نرثيه، لأنه اكتشف أن العالم قد
بات يضيق ذرعاً به؟
والحال
هذه، أيّ عجبٍ، يا عزيزي الشاعر، ويا
صديقي قاسم حداد، في أن تضطر إلى أن تغلق
– بيدك
-"
جهة
الشعر
"
،
وفي أن يُغلَق، كلّ يوم، منبرٌ إضافي
للشعر، للأدب، أو للحياة مطلقاً؟
!
العجب،
كلّ العجب، أن تبقى هذه المنابر مفتوحةً،
كما لو أن كلّ شيء على ما يُرام في حياتنا
العربية
.
لا
.
كلّ
شيء، ليس على ما يُرام في حياتنا، وفي
سياستنا، وفي اجتماعنا، وفي ثقافتنا،
وفي إعلامنا، وفي صحافتنا
.
وأراني
سأقول الآتي من الآن فصاعداً
:
لن
يبقى مكانٌ، ولا موقعٌ للشعر، ولا للأدب
في هذا العالم
.
وخصوصاً
في العالم العربي
.
خصوصاً
في هذا العالم العربي التعس والنتن
.
ستتدحرج
المواقع والأمكنة، الواحد في إثر الآخر،
وستنبئ على التوالي، بأن الزمن، في العالم
العربي، هو زمن الأفول والموت
.
هذا
العالم العربي يتقدّم إلى الأمام بالطبع
.
لكنه
لا يتقدّم إلاً صوب هاويته
.
هاويته
هذه، لا تشبع
.
إنها
تفغر فاهها على الدوام، من أجل أن تزداد
التهاماً
.
وكلّما
ازدادت التهاماً، ازدادت جوعاً وفراغاً
وخواءً وعدماً
.
في
مقدورنا أن نتخيّل كلّ شيء، على صعيد
مستقبل الأدوات والمنصات الشعرية والأدبية،
في العالم العربي، ومصيرها
.
كلّ
الافتراضات ممكنة في هذا المجال
.
الأسوأ
بينها هو الأكثر احتمالاً
.
بل
الأقرب إلى اليقين
.
بل
هو اليقين مجسَّداً
.
من
الآن سأقول ما يأتي
:
لن
يبقى مقهى للشعر، وللأدب
.
ولا
رصيف
.
ولا
مكتبة
.
ولا
مأوى
.
ولا
ملجأ
.
في
هذا العالم العربي الثقيل الدم، البشع،
والصفيق الوجه
.
ستُصادَر
الكتب
.
والمجلات
.
والمواقع
الافتراضية
.
وسيُصادَر
الحبر
.
فقط
لأن الشعر يُكتَب به
.
وإذا
استُغنيَ عن الحبر، فسيُصادَر الكومبيوتر،
لأنه هو أيضاً لا يطيق الاكتفاء بميكانيكا
التكنولوجيا، وبتبسيطيتها المادية، وقد
رأيناه يصطفّ – افتراضياً
-
إلى
جانب فكرة الشعر
.
لأن
الشعر هو وحده يخلّص العالم، ووحده يخلّص
هذا العالم العربي الذي لا يريد أن يخلّص
نفسه
.
الآن،
مع غلق موقع
"
جهة
الشعر
"
،
الذي جاهد صديقي قاسم حداد، الجهاد الحسن
طوال عشرين عاماً، من أجل أن يكون موقعاً
للجمال والخلق والدهشة، يهمّني أن أقول
للشاعر المتألم بسبب ما آل إليه هذا الموقع
الشعري الممتاز، إني أزداد اقتناعاً بأن
الشعر سيكون أقوى، وأمنع، كلّما تكاثرت
عليه الظلمات، وسُدّت في وجهه الأبواب
.
----------
النهار
-
لبنان
***************************
جهات
الشعر التي لا تنسدّ
صبحي
حديدي
(
سوريا
/
باريس
)
أعلن
الصديق الشاعر البحريني الكبير قاسم حداد
أنّ موقع
«
جهة
الشعر
»
،
الذي أسسه وظلّ يشرف عليه ويترأس تحريره
منذ عام
1996
،
سوف يتوقف عن البثّ
«
لأسباب
تتعلق بعدم توفر الدعم المالي
».
هي
خسارة أخرى جديدة
«
في
مشهد الخسارات الأكبر
»
كما
كتب إليّ وهو يبلغني الخبر، المحزن حقاً؛
الذي يعنيني بصفة شخصية أيضاً، لأنّ
العزيز قاسم كان قد شرّفني بمهامّ تحرير
الأقسام الأجنبية في الموقع، وتلك
الإنكليزية والفرنسية بصفة خاصة، طيلة
سنوات
.
وكنتُ،
كما ذهب بي الرأي في مناسبة الاحتفال
بالذكرى العاشرة لانطلاق الموقع، أفضّــل
إخراج تسمية
«
جهة
الشعر
»
من
صيغة المفرد إلى صيغة الجمع؛ متكئاً في
هذا على ذريعة أولى شكلية هي العنوان
الإلكتروني للموقع، أي
jehat.com
،
الذي يتيح ــ صوتياً، على الأقلّ ــ نطق
حرف التاء، وافتراض جمع المؤنث
.
كأنّ
قاسم كان يستبطن هذه الحال مسبقاً،
وغريزياً؛ أو كأنّ عقله الباطن انحاز إلى
نوع من الالتباس الإيجابي، إذا جاز تعبير
كهذا، فرجّح صيغة هي منزلة ليست بين
منزلتين، بل تضمّ المنزلتين
:
جهة،
وجهات
!
غير
أنّ ذرائعي الجوهرية كانت أقلّ شكلانية
وأكثر وجاهة، كما أرجو وأعتقد
.
فهذا
الموقع الفريد، الذي بدا نسيج وحده
(
بمعنى
انفراد المفرد المنفرد، حقاً، وهنا
تحديداً
!)
في
السبق والريادة والمفهوم والتصميم والخدمة
والديمومة والتحديث والتطوير والتبدّل؛
لم يكن جهة واحدة في واقع الأمر، بل جهات
متعددة ومتغايرة متقاطعة
.
وللمرء
أن يبدأ من شكل القصيدة، حيث في وسع المتصفح
أن يقرأ نماذج من الأشكال الثلاثة التي
يُكتب بها الشعر العربي اليوم
:
قصيدة
العمود، وقصيدة التفعيلة، وقصيدة النثر
.
وإذا
كانت الغلبة واضحة للشكل الأخير، من حيث
الكمّ والنسبة العددية في الأقلّ، فليس
هذا لأنّ تحرير
«
الجهة
»
كان
يميل إليه دون العمود والتفعيلة، بل
ببساطة لأنّ قصيدة النثر كانت وتظلّ الشكل
الغالب في الكتابة الشعرية العربية
اليوم
.
للمرء
أن ينتقل، بعدئذ، إلى أجيال الشعر بمختلف
مستويات ومعاني
«
الجيل
»:
السنّ،
في تصنيفاته الشائعة
(
شباب،
كهول، شيوخ…
)
؛
والانتماء إلى حقبة زمنية أو تاريخية
محددة، أو طور مميّز جمالياً أو فكرياً
أو سياسياً؛ وصولاً إلى انخراط الشاعرة
/
الشاعر
في تيّار جمالي أو أسلوبي يسمح، على نحو
جزئي، بتحقيب خاصّ لا يتكئ بالضرورة على
معطيات السنّ والزمن
.
و
«
الجهة
»
في
هذا لم تكن متعددة وتعددية ومفتوحة على
أربع رياح الأرض، وكلّ أطياف الكتابة
الشعرية، فحسب؛ بل كانت، بحقّ، جمهورية
ديمقراطية من طراز فريد
!
أمّا
اللغة الشعرية، بمعنى جنسية اللغة وليس
خصوصيتها التعبيرية أو الدلالية أو
البلاغية عند هذه الشاعرة أو ذاك الشاعر،
فإنّ
«
الجهة
»
لم
تستضف شعراً بالعربية فقط، بل باللغات
الفارسية والإنكليزية والفرنسية والإسبانية
والإيطالية والهولندية
.
ويخطئ،
بل يتعسّف حقاً، من يظنّ أنّ اعتماد هذه
اللغات كان تفصيلاً شكلياً لا يتجاوز
زخرفة الموقع، أو ادعاء العالمية، أو
دغدغة بعض اللغات الأوروبية، أو تكلّف
الانتماء إلى العولمة
.
لست
أعرف أسباباً أخرى يمكن أن يسوقها المرتاب
ــ عن حسن نيّة، غالباً ــ في أمر اعتماد
«
الجهة
»
ستّ
لغات أخرى غير العربية؛ وأعرف، في المقابل،
عشرات الأسباب التي لم تكن تبرّر هذا
التدبير الخاصّ في تصميم
«
الجهة
»
،
فحسب؛ بل تجعل منه سمة
/
وساماً،
واجباً، وامتيازاً في آن معاً
.
ولكي
أختتم الحديث عن تعدّد الجهات في مضمار
الشعر كنوع كتابي، أتوقف عند ميّزة جوهرية
لعلها لم تلفت انظار البعض بصفة محددة،
أو لم يمنحها الكثيرون ما تستحقّ من قيمة؛
وأعني القسم الخاصّ الذي أفردته
«
الجهة
»
للشعراء
بأصواتهم، أو لإلقاء الشعر، وللجانب
الصوتي ـ الأدائي من حياة القصيدة بين
الشاعر والقارئ المستمع
.
وفي
يقيني، وهذا رأي سبق لي أن شدّدت عليه
مراراً؛ أنه إذا كانت معادلة الإبداع
الإنساني تحتاج عموماً إلى طرفَين اثنين
هما المرسِل والمستقبِل، فإنّ معادلة
الشعر
(
على
نقيض من الرواية مثلاً
)
تحتاج
إلى ثلاثة أطراف
:
الشاعر،
والقارئ، والمستمع
.
لكنّ
«
الجهة
»
كانت
جهات خارج نطاق الشعر أيضاً، كما في
الأبواب المختلفة التي أفردتها للنثر
الفنّي، غير قصيدة النثر بالطبع، وللنقد
الأدبي والتأمّل الوجداني والنظري
.
وفي
حدود ما أعلم، وفوق كلّ ذي علم عليم، لست
أعرف موقعاً عربياً استضاف هذا العدد
الهائل من الكتابات المحدثة، النقدية
والنظرية والشهادات الشعرية والبيانات
.
ولعلّ
موقع
«
الورّاق
»
كان
نظير
«
جهة
الشعر
»
الوحيد،
ولكن في احتضان التراث وليس الحديث أو
المعاصر
.
ثمة،
كذلك، ذلك الباب السخيّ الذي أفردته
«
الجهة
»
للتشكيل،
والآخر للتصوير الضوئي
.
صحيح
أنّ الوشائج بين الفنون قائمة أصلاً،
خصوصاً بين الشعر والتشكيل والموسيقى،
إلا أنّ هذه القرابة تحتاج دائماً إلى
تظهير وتمثيل
.
هل
انسدّت جهات الشعر بتوقف
«
الجهة
»
؟
كلا، بالطبع، رغم أنّ الخسارة فادحة
ومؤلمة
.
ثمة
مشاريع شتى طموحة، قائمة بالفعل أو في
أطوار التحقق، تستهدف الإبقاء على جذوة
الشعر العربي متقدة في النفوس، ومدّ تلك
الأمثولة الجميلة ــ أنّ الشعر ديوان
العرب ــ بأسباب الإحياء والتجدد
.
-------
القدس
العربي
-
Mar
05, 2018
****************************************************
طريق
الثقافة الوعر
عبدالهادي
شلا
(
فلسطين
/
كندا
)
حين
تأتي صرخة مكتومة على استحياء من شاعر
كبير فيصرح بأنه
"
لا
يملك موهبة التسول
!"
،
وهو شامخ بحزن شديد، عن إغلاق موقعه
الإلكتروني لعدم توفر الدعم المالي،
ويشكر كل من ساهم في دعمه خلال
22
عاماً
...
في
رسالة قصيرة تردد صداها بين الأدباء، فإن
هذا يعني أن هناك خللاً كبيراً في منظومة
الثقافة العربية الجادة رغم كل ما يقام
من معارض ومسابقات ومهرجانات تحت اسم
الثقافة والإبداع، وأن علينا أن ننظر إلى
كل هذه المظاهر بإمعان، لأنها لا تسير في
الجادة الصحيحة، وأن نلفت نظر القائمين
عليها، لأن ذلك لا ينطبق فقط على ما جاء
في رسالة الشاعر البحريني الكبير قاسم
حداد، من أسفٍ على جهد تجمد تحت وطأة
الحاجة إلى قليل من دعم مالي يمكن أن يوفره
شخص واحد أو مؤسسة ثقافية ذات ميزانية
فيها الفائض الذي يمكن أن يبقي صرحاً
شعرياً قائما
.
بالنظر
حولنا إلى ما يتفرع عن عالم الإبداع من
مسرح وموسيقى وفن تشكيلي جاد ورفيع، فإننا
سنصاب بخيبة أمل كبيرة، لا من قلة عدد
المطروح على الساحة الإبداعية ولكن من
المستوى غير المبشر لما يعرض على العامة،
لاسيما المتلقي الذي يجتهد في البحث عن
كل ثمين يغني به ملكة التذوق عنده، إضافة
إلى جيل نطمح إلى أن يكون قادرا على تحمل
المسؤولية والرسالة العظيمة من وراء الفن
الرفيع وما يتفرع عنه
.
أن
تُفتح أمام هذا الغث أبواب على مصاريعها
فترفع أسماء وتفرد لها صفحات في الصحف
والقنوات الفضائية فإن هذا يجعلنا نعيش
صدمة لا تقل عن تلك التي نستشعرها في كثير
من مناحي الحياة في وطننا العربي
.
سيقول
البعض إن الحياة في تطور واستمرار في
البحث بما يتوافق مع متطلب العصر ونحن
نضم صوتنا إليه، ولكن أليس من الواجب أن
يكون لهذا التوافق مع العصر ومراحله
أدواته الحاضرة بإيجابية، وأن تُستغل
بأفضل صورها وإمكانياتها؟ أليس من حقنا
أن نقول إن هذه الأدوات والإمكانيات
العجيبة التي توفرت لنا في عصر التقنيات
يجب أن تكون عاملا مساعدا على الارتقاء
بمستوى الثقافة والمعرفة التي باتت في
متناول اليد بمجرد الضغط على مفتاح صغير
في جهاز بحجم ساعة اليد؟
!
كيف
يكون الحال إن تعطلت عجلة العطاء، ولم
نجد هذا المفتاح الصغير ليدلنا على مواطن
الثقافة الرفيعة، في وقت كان يمكنها أن
تصل إلى كل من يبحث عنها، لكنها توقفت
لسبب مادي لا يعجز عنه إلا صاحب مبدأ لا
يجيد التسول
!
إن
الخوف الذي يحتل عقولنا وقلوبنا يكاد
يصيب كل طموحاتنا إلى ثقافة مستنيرة
تخرجنا من ضلال المرحلة وما بها من تضارب
وتناقض وضجيج تعلو فيه الأصوات الغريبة
وصرخات الجياع والمنكوبين وقد تحولوا
إلى مادة تشغل بال الإنسان الذي يتخبط
بين ما يسمع وما يرى، وكأن الطحن في الماء
هو القانون السائد الذي يفرد جناحيه
!
قد
تكون هناك أصوات استغاثة أخرى في فروع
ثقافية مماثلة لا تصل إلينا الآن، لكنها
حتما ستصل في وقت نتمنى ألا يكون الأوان
قد فات عليها، لتجد من يمد إليها يد
الإنقاذ
!
*
كاتب
فلسطيني من كندا
***********************************************************
********************************************
"
جهة
الشعر
":
صمت
المغنّي
عباس
بيضون
(
لبنان
)
يوم
ظهرت
"
جهة
الشعر
"
كانت
الميديا الجديدة في أوائلها، وكان الشعر
في بداية أزمة لا تزال تتفاقم حتى الآن
وتعجّبنا يومها لهذه المجازفة
.
كانت
بحقّ أعجوبة أن توصل فناً متراجعاً بأكثر
الوسائط تقدماً
.
خيّل
إلينا يومها أنّ الشعر سيستعصي على هذه
التجربة وأنه لن يتكيف معها
.
لكنّ
شاعراً واحداً، شاعراً واحداً خرج عن
الصف وحمل هذا الفن القديم الى أحدث السبل
.
قاسم
حداد فاجأنا بدون شك حين أقدم على هذه
المغامرة
.
بدأت
"
جهة
الشعر
"
بدون
ضجيج وبدون ادعاء وبدون معارك تعجّ بها
الفنون عادةً
.
كان
لها طبع صاحبها وهدوؤه ورفقه، هو الذي
عاش حياته صاحب قضايا، ودفع من حياته ثمن
قضايا
.
والشعر،
بدون شك كان يومها قضيته الأولى، وبالتأكيد
وضع الشاعر كل جهده وكل حميته، في هذه
القضية
.
هكذا
نشأت جهة الشعر ونمت وكبرت، ونحن، وقد
استطاع قاسم حداد بأن يشركنا جميعاً في
قضيته ويجعلنا نؤمن بها قدر إيمانه هو
بها، كانت أمامنا مؤسسة تزداد إبهاراً
عاماً بعد عام
.
كانت
أمامنا مؤسسة فيها خفة وسلاسة وجمال
ورشاقة ومستوى لا نظنّ، أنّ الشعر وجد
لنفسه محلاً يشبهه أكثر منها، محلاً يقدمه
حديثاً وراهناً وابن يومه وابن ساعته
مثلها
.
لقد
كانت
"
جهة
الشعر
"
جزءاً
حقيقياً وفاعلاً من مغامرة الحداثة، ولا
أظن أن الحداثة الشعرية وجدت تعبيراً
وتقنية أفضل
.
لقد
بدا الشعر بها يسابق زمنه، بقدر ما يمتلك
هذا الزمن ويتحقق فيه، وبقدر ما يوجِد
مدارات أخرى للقصيدة ومنصات أخرى لها،
وبقدر ما يقدم الشعر بما هو عليه من لمح
وعمق وحلم وانخطاف
.
ظلّت
"
جهة
الشعر
"
تنمو
وتتطور بدون أن تتعثر، وبدون أن تطالبنا
نحن جمهورها وقارئيها بشيء
.
لقد
ازدادت أبوابها حتى وصلت الى الشعر
العالمي
.
زادت
فجمعت الى القصائد حوار الشعر وتنظيراته
والشعراء وأحوالهم
.
كل
ذلك ونحن لا نعرف إلا أن وراءها قاسم حداد
وأنها على عاتقه بدون أن نعرف شيئاً عن
تمويلها وعن جهازها، وبدون أن نعرف شيئاً
عن ظرفها حتى صار لدينا ما يشبه اليقين
أن
"
جهة
الشعر
"
باقية
وأنها، على نموها واتساعها، لا تواجه ما
تواجهه مؤسسات نشر أخرى نكاد نسمع صراخها
من كل مكان
.
كانت
الأزمة في ذروتها والصحف تتساقط واحدة
بعد أخرى والمواقع تتبعها في ذلك، و
"
جهة
الشعر
"
صامتة
لا تتشكى ولا تستغيث
.
كان
هذا غريباً لمؤسسة مدارها الشعر، والشعر
بحد ذاته في أزمة نشر وأزمة استهلاك وأزمة
جمهور
.
كان
غريباً لمؤسسة هي في حد ذاتها أعجوبة، أن
تستمر على أعجوبتها
.
خلنا
مع ذلك أنّ لجهة الشعر حظاً ليس لغيرها،
وأنّ الشعر لا يزال معها ديوان العرب
وكنزهم
.
لكنّ
ما خلناه راسخاً ووحيداً لم يكن كذلك وها
هي
"
جهة
الشعر
"
بلسان
منشئها الشاعر قاسم حداد تعلن أنها لم
تعد قادرة على الاستمرار وأن شكواها لا
تختلف عن شكاوى المؤسسات الأخرى
.
إنها
نقص المال وصعوبة التمويل
.
هكذا
يقف قاسم حداد ليقول إن الأعجوبة انتهت
وأن علينا أن نجد لأنفسنا جهات أخرى
.
يقول
قاسم حداد أنه لا يحسن التسول، الأمر الذي
نعرفه عنه، لقد استطاع أن يحفظ جهة الشعر
سنيناً طويلة ما زلنا نعجب من ذلك ونعجب
من أنه تم طوال هذا الوقت، غير أن قاسم
حداد لا يتسوّل ولم يعتد التسول ولو في
سبيل قضيته الأولى
.
"
جهة
الشعر
"
خلال
عقود وأعوام، نجحت في أن تؤسس للشعر
المعاصر ديواناً حديثاً، بل نجحت في أن
تشكّل له متحفاً وأرشيفاً
.
إذا
كان الشعر يعاني ما يعانيه فإنه لا يزال
قمة الآداب العربية ولا يزال رمزها
.
قضية
قاسم حداد هي هكذا قضية الثقافة العربية
بل وقضية اللغة العربية
.
"
جهة
الشعر
"
المتواضعة
القليلة الجلبة هي ركن، تركه وإهماله
سيكونان على عاتق العرب جميعاً
.
إنهما
ما يشبه الخيانة بحق اللغة وبحق الثقافة،
وبالتأكيد فإن وزارات الثقافة العديدة
ستكون مع حدث كهذا عديمة الفعل وعديمة
الإدراك
.
لنحيّي
قاسم حداد ولنحمل عنه بعض خسارته وخسارتنا
.
*******************************************
هنا
تقبل التعازي في
-
جهة
الشعر
-
للشاعر
قاسم حداد
(
السعودية
)
كلمة
التأبين
...
انها
لخسارة كبيرة للشعر العربي في العصر
الحديث وهي توقف موقع جهة الشعر بإشراف
الشاعر البحريني قاسم حداد
.
لقد
صدمت من الخبر ولم يخطر ببالي يوما انني
لن ادخل اليه لا بحث عن الادب الرفيع
والكلمة الراقية والخطاب الخلاب
.
انني
كشاعر عربي من هذا العصر البائس أعلن
احتجاجي على هذا القرار الذي قرر بسبب
عدم وجود تغطية مالية للموقع ليستمر،
وانا أعجب الى ما ال اليه حال الشعر
والشعراء في وطننا العربي الاكبر، فأمة
تربو على الثلاثمائة مليون ليس في مقدورها
دفع نفقات تشغيل أحد أكبر واعرق وأشهر
وارصن المنابر الثقافية الحديثة على شبكة
الانترنت وهو الموقع الذي لطالما نشر
جديد المئات من الاسماء الشعرية والادبية
والثقافية لعشرين عاما هي عمره فهو أطلق
في العام
1996.
كلمة
الشاعر ماجد ساوي
عن
موقع جهة الشعر
.
في
العام الفين وثلاثة تعرفت الى موقع جهة
الشعر صدقة وكنت مقلا في قراءاتي للشعراء
العرب المشهورين وكنت اعرف هذا الاسم
جيدا
"
قاسم
حداد
"
,
فقد
وقعت على عدة نصوص له منشورة على الشبكة
التي كانت مصدر مطالعتي الدائم لضعف
امكانية شراء الكتب والدواوين عندي اثناء
الدراسة
,
وقد
اعجبت بشعره الرائق حقا
,
وتصفحت
العديد من دواوينه المنشورة في الموقع
لاحقا
,
ورأيت
فيه شاعرا استثنائيا
,
عذبا
جم المخيلة غزيرة الصورة كثيف الاوصاف
,
ومن
يومها اصبحت متصفحا او زبونا دائما للموقع
فلا يكاد يمر يومان الا وانا اقضي فيه
الساعات الطويلة احيانا للقراءة
,
ففيه
منشورات كثيرة وزواياه الناشرة قاربت
المائة وعشرين زاوية
,
ومنشورات
لأكثر من مائة اسم ادبي وثقافي وشعري شهير
ومنقطع النظير مداومين على النشر فيه
.
ويحتوي
عل ارشيف ضخم للكتابات لأكبر الشعراء
العرب المعاصرين ومنه تعرفت الي فكرهم
ونظرتهم ورؤيتهم للأمور المتعلقة بالشأن
الثقافي والادبي
.
في
البدء لا اعلم ان كان مجرد العسر المالي
هو الدافع لإيقاف الموقع عن النشر والعمل
على الشبكة
,
وهل
هناك اسباب مخفية غائرة لا نعلمها
,
الا
انني لا يسعني هنا الا احترام قرار الشاعر
المؤسس قاسم حداد بإيقاف الموقع عن العمل
والنشر على شبكة الانترنت
,
وان
كنت اطالب بلا توجس او خجل بان تقدم يد
العون والمساعدة من ابناء هذه الامة الى
المشرف السيد قاسم حداد
,
والقيام
بتوفير التغطية المالية الكافية لاستمراره
على الانترنت
,
وانا
هنا ادعوا هل السعة المالية والمهتمين
,
بصيرورتنا
الثقافية وخصوصا على المنبر الجديد
"
الانترنت
"
,
الى
النفير لإيقاف القرار المصدر من لدن السيد
قاسم حداد
,
وان
يبقى هذا الافق المضيء من ثقافتنا عاملا
ونشيطا وناشرا على الانترنت
.
--------
لحوار
المتمدن
*************************
هل
من استجابة سريعة
محمد
عبدالملك
لم
أَفقْ من دهشتي الأولى حتى جاءتني الدهشة
الثانية، بين الدهشتين فاصل زمني قصير
جداً هو مسافة يوم واحد فقط، ولا أدري كيف
تعبث بِنَا الأقدار
.
كلنا
نعرف موقع جهة الشعر للشاعر الصديق قاسم
حداد فهو أكبر وأفضل وأقدم موقع عربي
للشعر، تأسس عام
1996
،
هذا الموقع الذي مضى عليه قرابة الربع
قرن أعلن الشاعر عن توقفه مؤخراً
.
فوجئت
بالخبر بالأمس، وأنا أتصفح جريدة الشرق
الأوسط، باحثاً كعادتي عن الصفحة الثقافية
.
وُرود
الخبر في جريدة عربية واسعة الانتشار هو
دلالة على أهمية هذا الموقع الشعري عند
المثقفين العرب في الأقطار العربية
.
وهو
الموقع الأكثر شهرة عربياً وقد تجاوزت
شهرته النطاق العربي فذهبت الى آفاق
عالمية، فمواده تترجم الى عدة لغات
أجنبية
.
بكل
وضوح، أقول إن هذا الموقع الشعري، بالغ
الثراء، وهو قبل كل شيء مفخرة بحرينية
بامتياز، تؤكد عنايتنا بالشعر والثقافة،
وهو إعلان واسع الانتشار عن هويتنا كشعب
تعني له الثقافة الشيء الكثير
.
هذه
الثقافة التي يعتبرها الكثيرون عنواناً
للتحضر والتقدم
.
الموقع
إستمر كل هذه الفترة الطويلة بجهد متواصل
وحثيث بعناية واجتهاد من الشاعر قاسم
حداد، الذي كرس وقته وحياته لكي يكون هذا
الموقع متألقا وثريا وفاعلا، فاستحق بذلك
انتشاراً واسعاً، واستقطب اهتمام الشعراء
والمهتمين بالشعر
.
الموقع
قدم ولائم شعرية دسمة تمظهر المشهد
الشعري العربي والعالمي
.
ويفد
الى ولائمه واحتفاءاته واحتفالاته الشعرية
الكثير من المهتمين والمتابعين للشعر
العربي، من الأقطار العربية والأجنبية
.
بعد
كل هذا التاريخ الحافل والثري لهذا الموقع
توقف قلبه أخيراً عن الخفقان
.
الخبر
المفاجئ علق عليه كاتب العمود الثقافي
الدائم في جريدة الشرق الأوسط فاضل
السلطاني، متحسراً علي الموقع الذي يغذي
الشعر العربي في منصة رفيعة ومزدهرة
.
المفاجئة
الثانية جاءتني الْيَوْمَ
[
وما
أقرب الليلة بالبارحة
]
،
في جريدة الأيام تعلن عن موت آخر، لموقع
ثقافي آخر، الخبر يعلن عن إغلاق
[
الرواق
للفنون
]
الموقع
التشكيلي الشهير في العدلية الذي نال
حظوة واهتمام كبيرين على مدار سنوات، من
المهتمين بالثقافة والفنون حتى أصبح
واجهة ثقافية متميزة، طالما أسعدت عشاق
الثقافة بمعارض فنية عبرت عن هويتنا
واهتمامنا بالفن التشكيلي
.
الخبر
يذكر أن سبب احتضار هذا الموقع هو رغبة
استبداله بمطعم، وما أكثر المطاعم من حول
هذا الموقع في حي العدلية السياحي، وأنا
أتساءل ماذا سينقصنا لو لم يتحول هذا
المكان الى مطعم، في منطقة مزدحمة بالمطاعم؟
وماذا عن غذاء الروح؟ وهذا الموقع تأتي
أهميته من وجوده في مكان يرتاده قطاع واسع
من الناس يتأملون رسوماته ويحضرون أنشطته
الفنية، كما أنه يعتبر واجهة فنية تنم عن
اهتمامنا بالفن والابداع والثقافة
.
وهو
رمزياً يحمل دلالات نريد تأكيدها في ذهن
الزائر، في وقت نتحدث فيه عن رغبتنا لتنمية
السياحة باعتبارها ثقافة في أحد وجوهها
.
كما
أنها واجهة يتعرف فيها ضيوف البحرين على
الفن التشكيلي المحلي، وهو أيضا يحمل
ضمنا دلالة اهتمامنا كشعب متحضر بالثقافة
.
هذا
الموقع هنا أصبح رمزاً لهويتنا الجديدة
الحديثة التي نريد أن يعرفنا بها العالم
.
وجود
هذا الموقع في مكان مزدحم يتيح اتصالاً
مباشراً بين الفن والمجتمع، ألا نقول
دائماً إن على الفن والثقافة أن يذهبا
الى الناس إن لم يأتِ الناس إليهما؟ ألا
نريد تقريب المسافة بين الناس والثقافة؟
إغلاق هذا الرواق هي خسارة كبيرة أخرى
لنا جميعاً، وأتمنى أن نتدارك ما يحدث
لموقعين ثقافيين معاً في وقت واحد، وأن
تتحرك الجهات المسؤولة لتعمل ما في وسعها
.
ودعوة
أوجهها الى تجارنا الأفاضل لأن نثبت أننا
مجتمع يجل الثقافة ويعزها ويكرمها ويضحي
من أجلها بالجهد والمال، تماماً كما تفعل
المجتمعات المتحضرة، وأذكر هنا أن المؤسسات
التجارية في كل المجتمعات الغربية دون
استثناء تدفع بسخاء بالغ للمشاريع
الثقافية، كلنا يعرف ذلك جيدا، وقد أنشأت
الشركات الكبيرة في بريطانيا صناديق
مشتركة لدعم الثقافة
.
شركات
أخرى تمول فرق مسرحية ومدارس فنون جميلة،
وأخرى تدعم مسرحاً يقدم فيه عروض مسرحيات
شكسبير
.
وجائزة
البوكر البريطانية الشهيرة للرواية رعتها
شركة بوكر للأغذية في العام
1967.
وجائزة
نوبل العالمية تمولها مؤسسة نوبل
.
إن
الاهتمام بالثقافة أصبح عنواناً لتحضر
المجتمعات، ودعم مؤسساتنا التجارية
للثقافة هو دعم للمجتمع البحريني
.
الغربيون
يعتبرون خدمة الثقافة واجباً وطنياً
واجتماعياً وإنسانياً، فالثقافة بجميع
أنواعها تحث الناس على التقارب والاندماج،
وهي تحمل ضمناً وعظاً إنسانية وتذوقاً
جمالياً، فهل تأتينا استجابة سريعة تثلج
صدورنا؟
---------------------
الأيام
-
الثلاثاء
13
مارس
2018
*********************
جهة
الشعر
.
جهتنا
سعدية
مفرح
(
الكويت
)
فوجئت،
ومجموعة كبيرة من أصدقاء الشاعر قاسم
حداد، قبل أيام، برسالة قصيرة أرسلها
إلينا عبر
"
واتساب
"
،
ينعى فيها موقعه الإلكتروني الشهير
"
جهة
الشعر
":
"
الأصدقاء
الأعزاء
.
سوف
يتوقف موقع جهة الشعر عن البث، لأسباب
تتعلق بعدم توافر الدعم المادي
.
ونود
هنا أن نتوجه بالشكر لكل من وفّر الدعم
المادي له على مدى العشرين عاما السابقة،
والاعتذار لأصدقاء جهة الشعر الذين
بمشاركتهم النشر في الموقع أسهموا فعلا
في الإنجاز الذي تحقق طوال سنوات عمل
الموقع منذ انطلاقته عام
1996".
أعادتني
الرسالة المحبطة إلى شهادتي في
"
جهة
الشعر
"
التي
كتبتها
بمناسبة
مرور عشرة أعوام على إنشاء الجهة، باعتبارها
حدثاً غير مسبوق في فضاء الإنترنت العربي
يومها
.
وقلت
فيها إنه لا يمكن أن تتجه البوصلة نحو جهة
الشعر، من دون أن يكون قاسم حداد هو الهدف
الأول، والعنوان الأخير، وربما من دون
أن يكون
البوصلة
أيضا
.
فليست
لهذه الجهة جهة واحدة تركن إليها، ولا
اتجاه بعينه يكون الطريق نحوها
.
إنها
الجهات الأربع كلها، وبعدها جهات أخرى
غير مكتشفة، وما زال
الشعراء
يبحثون
عن مفاتيحها السرية في آبارهم الأولى
.
عشر
سنوات، والحلم الذي بدأ متحققا في فضاء
المستحيل يكبر في فضاء الشعر الجميل، وهو
يمارس لعبة الإغواء، باعتبارها اللعبة
التي اخترعها الشعراء أصلا، في خيلاء
القافية، وزهو البيان، وخفّة الموسيقى
وبهجتها المعلنة، ليشاغب أهل الكلام فيما
يملكون وما لا يملكون، فيوجز لهم المسافات،
ويختصر لهم ما تبقى من زمنٍ في قصائدهم
الجديدة، مقترحا عليهم أزمانا مستقبلية
لا بد أنها ستأتي، فيما هم يذهبون إلى حيث
لا يذهب الشعر بالضرورة
.
جهة
الشعر، إذن، هي جهة القلب، وهي جهة الشاعر،
أعني جهة قاسم التي اتخذها بديلا عن قبره
المقترح في أقاليم الكون وأقانيم الكلام،
فأصبحت هذه الجهة، بكل من حاول أن يلج
بوابتها المفتوحة على الكون، في احتمالاته
الأجمل شعرا ونثرا وكلاما وتشكيلا وألوانا
وحياة إضافية، كافية لاستمرار البهجة في
ضواحي القول، جهة مستمرة في رحلة الخلق
الشعري، عبر الاستعانة بآخر الاقتراحات
البشرية، لكي تكون
الحياة
أكثر
سهولةً وبساطةً واخضرارا وجمالا وكمالا،
ولتكون السماء أكثر قربا، والبحر أكثر
اتساعا، والأرض أرحب صدرا، وربما ليكون
الشعراء أوسع رؤيةً، وأكثر تماسّا مع
الكون ومفرداته التي لا يراها الآخرون
إلا عبر القول الشعري، ومفازاته السرية
بالضرورة
.
ولعل
قلةً من الشعراء، ومن تبعهم من الغاوين،
يتذكّرون بداية هذه الجهة في فضاء الإنترنت،
قبل أكثر من عشر سنوات، بوصفها من ألعاب
التكنولوجيا الحديثة، حيث لم ينظر أكثر
من حاولت أن تلفت نظرهم إلى لمستها الحانية
في صيغتها الأولى، حيث أطراف الأصابع
تناوش أطراف الأصابع في بحر من اللون
الأزرق بدرجاته المتموّجة، إلا باعتبارها
لعبة ملونة من الألعاب التي يزدهر بها
عالم التكنولوجيا، بكل إرباكاتها لذاكرتنا
المحتشدة بالشفهي والمدوّن من القول،
والتي لا تصلح إلا كي يتسلى أطفال الشعر
وطلبة المدارس بالتنقل بين وصلاتها في
لحظات النزق وساعات الدرس الأخيرة
.
لكن
الجهة كانت في بدايتها المجرّدة أكثر من
هذا كله، وأوسع من الحلم المستكين في
الذاكرات المتعبة
.
ففي
سنوات قليلة جدا، كان الإنترنت يقدم نفسه
فيها عنوانا للكائن البشري في آخر تحولاته
التكنولوجية، وصارت هذه ملاذا للقصيدة
العربية ووطنا لأصحابها من دون التزاماتٍ
مسبقة، ولا شروط مسبقة غير شرط الإبداع
المتحقق، مكتشفا أو غير مكتشف، وحرّرت
كل من صار من أهلها، من كثيرٍ من تبعات
النشر الورقي
.
وما
زال للشهادة بقية قبل المشاركة في النعي
الجماعي لجهتنا التي لا نريدها أن تموت
.
------------------
8
مارس
2018
*****************************************************
أسسه
قاسم حداد قبل
22
عاماً
وأصبح نافذة لتعارف الشعراء العرب
«
جهة
الشعر
»
يتوقف
بسبب الدعم المالي
..
وأدباء
يتأسفون
!
علي
فايع
(
أبها
/
السعودية
)
لم
يجد أدباء وشعراء سوى التأسف على إعلان
موقع
«
جهة
الشعر
»
التوقف
عن العمل بعد
(22)
عاماً
منذ افتتاحه بسبب الدعم المالي
.
إذ
اكتفى المشرف على الموقع الشاعر قاسم
حداد بأنّ قال لـ
«
عكاظ
»
الأمر
مؤسف، لكنه تعذر بعدم رغبته في التصريح
الصحفي حول هذا الموضوع في الوقت الحالي
!
فيما
عبّر شعراء آخرون وأدباء ومثقفون بكلمة
«
للأسف
»
وربما
كانت لازمة لأكثرهم، لأنّ الموقع كما
يقولون يحمل أضخم أرشيف للشعر العربي
الحديث على الشبكة العنكبوتية، وقليل
منهم بادر بحلول واقتراحات لتجاوز التوقف
!
الشاعر
والمترجم شريف بقنة قال لـ
«
عكاظ
»
إنّ
جهة الشعر كان بمثابة المرجع الرئيس للشعر
العربي الحديث وخاصة قصيدة النثر على
مدار العشرين عاماً الفائتة، إذ كانت
انتقاءاته بغاية الدقة والحياد لم يكن
مرتعاً لكل ما كُتب ونشر في الشعر الحديث
.
لا
أبالغ إن قلت إن الكثير من الأسماء الكبيرة
الآن في الشعر السعودي الحديث كانت تنشر
قبل
15
أو
20
عاماً
في جهة الشعر بداياتها أمثال أحمد الملا،
سعد الدوسري، محمد حبيبي، عبد الله السفر،
إبراهيم الحسين وغيرهم
.
أعتقد
أن غياب مثل هذه الواحة الأدبية والمرجع
الغزير للشعر العربي الحديث خسارة فادحة
للمشهد الشعري العربي على شبكة الإنترنت
لا زلنا نتذكر الكثير من المواقع الإلكترونية
التي غيبتها الأيام عن الشبكة العنكبوتية،
مثل موقع قصيدة النثر ومنتدى مدد وجسد
الثقافة ومجلة أفق وغيرها، إلا أن جهة
الشعر كانت بمثابة الشجرة العتيقة الباسقة
التي نستظل بفيئها ونتكئ على جذعها الفارع
منذ بدايات الإنترنت خسارة جهة الشعر
خسارة لمئات المجلدات من الشعر العربي
الحديث، خسارة تبعث على الأسى
.
فيما
بادر الأكاديمي والشاعر محمد حبيبي إلى
اقتراح الحلول لتفادي هذا التوقف بعد أن
وصف الأمر بالمحزن للغاية بأن تكون هذه
النهاية فيما لو حدثت لموقع جهة الشعر لا
قدر الله
.
وأضاف
حبيبي، جهة الشعر أضخم موقع يحتوي نصوصا
وأسماء شعرية عربية وقام ويقوم بدور حيوي
في التعريف بالشعر الحديث العربي للقراء
العرب وغير العرب، إذ يحتوي على ترجمات
بأكثر من لغة وعلى أسماء شعرية من مختلف
أجيال الشعرية العربية الحديثة ومن مختلف
الأقطار العربية ومن مختلف المهاجر التي
يتواجد بها الشعراء والشاعرات العرب
.
وعدّ
حبيبي الموقع نافذة أولى لإطلالة الشعر
العربي الحديث وتعارف الشعراء العرب على
مختلف تيارات كتابة القصيدة الحديثة
ويحتوي أرشيفا مهما من القصائد والمجموعات
الشعرية فقدانها خسارة فادحة للأدب العربي
الحديث، وتأسف على كلّ المبادرات الجادة
في وطننا العربي لأنها تنطلق وتعتمد على
الجهود الفردية في ظل عزوف العديد من
المؤسسات الثقافية عن تبنيها ودفعها
لمواصلة رسالاتها النبيلة
.
كما
شكر حبيبي الشاعر قاسم حداد على اضطلاعه
بالموقع منذ تأسيسه وطيلة
22
عاما
على نفقته وحسابه الخاص دون شكوى أو تذمر،
ووعد بأنهم لن يتخلوا عنه وسيتبنون
المبادرات لاستمراره قولا وعملا، فيما
لو لم تقم المؤسسات الثقافية بدورها تجاه
موقع جهة الشعر أقدم وأضخم أشيف ومنصة
شعر عربي حديث على شبكة الإنترنت
.
الجدير
بالذكر أنّ
«
جهة
الشعر
»
انطلق
عام
1996
بإشراف
الشاعر قاسم حداد من البحرين ولايزال حتى
الآن بإشرافه، إلا أنه كان يختار رئيس
تحرير زائر ما بين فترة وأخرى وتولى رئاسة
تحريره العديد من الشعراء، منهم سليم
بركات، إذ يعدّ أحد أضخم المواقع الشعرية
على الإنترنت ينطق باسم الشعر العربي
الحديث
.
--------------------------
عكاظ
-
الاثنين
5
مارس
2018
******************************************
عن
كتاب
(
جهة
الشعر
)
سيكون
من العسير علينا الزعم بوجودنا في العالم،
بالمعنى الفني والمعرفي لهذا الوجود، إذ
لم ننتبه لتسارع ضرورة حضورنا في مهب
المستقبل الذي لا يمكن تفاديه
.
وخصوصاً
من طرف المتصلين بشؤون الثقافة وفنون
الإبداع
.
فمما
يؤسف له أن العلاقة بين الإبداع العربي
وبين التقنية لم تزل علاقة إما شبه
مفقودة،
أو
أنها مشوبة بالشك والحذر وعدم الثقة
.
ولا
نكون مغالين إذا وصفناها بعدم الاكتراث
المحرج
.
المبدع
.
عربي،
إلا فيما ندر، لم يزل بعيداً عن حقل التقنية
الحديثة، فهو غير متصل بآلية الكمبيوتر
غالباً، أو هو لم يسمح لنفسه الاستجابة
لاكتشاف عالم النشر الإلكتروني وشبكة
الانترنت خصوصاً، وهي إحدى آليات الحوار
الحضاري
.
إنها
فلسفة الوقت التي يتوجب العمل على اكتشافها
في كل لحظة فالمسافة التي تفصلنا عن حركة
الكون من حولنا، هي دائماً قيد السيطرة،
إذا توفرت لدينا إرادة إذكاء النص بشهوة
الحياة
.
من
هذه الشرفة، نرجو أن يرى زائرنا تجربة
"
جهة
الشعر
"
،
بوصفها تساؤلاً قلقاً نقترحه على الواقع
الثقافي العربي
.
نسمي
"
جهة
الشعر
"
تساؤلاً،
بأمل ألا يستمر عدم اكتراث مبدعينا العرب
بمستقبلهم الماثل
.
***********************************
جهة الشعر
..
جهة القلب
سيد
محمود
(
مصر
)
«
الشعر
وحيد
»
هكذا
تعلن نشرات الأخبار في أيامنا، تريده كأي
طائر مقتول في خرائب الحرب التي لا تنتهى
.
يقول
الناشرون
:
«
لا
أحد يقرأ
الشعر
»
لا
أحد يقترب منه، هو مثل المقاهي المهجورة
..
ليس
لديها سوى الذكرى، ذهب الرواد إلى العزلة
وظل أصحابها يجربون لغاتهم في فضاء
«
التواصل
الاجتماعي
»
،
إنهم غرباء داهمهم الضجيج ومهمتهم الآن
إعادة اختراع العجلة أو ابتكار لغة جديدة
تبنى شعريتها في فضاء المفارقة تراهن على
بلاغة القنص التي تسقط غالبًا ضحية
لمعادلات جاهزة
.
والنتيجة
كتابة قصيدة واحدة بمئات التوقيعات
.
هذا
ما يقوله أعداء
الشعر
!
أما
جمهوره القديم فيريده أليفا ناعما فهو
لا يحتمل التجريب يتحصن بنجومه القدامى
ويتفادى بهم المغامرة لأنه باحث عن الأمان،
و
الشعر
قلق
بطبيعته، لا يرضى أبدا بمثل هذا المصير
ولا يريد أن يؤدى فقط دور الوردة وينتهى
بين صفحات كتاب
.
يفضل
الشعر
التنفس
بحرية، يريد رعشة الطائر في الهواء أكثر
من دفء العش
.
يفضل
أن يعيش غريبًا ويبعث غريبًا كما بدأ من
رحم الأساطير، يحب صورته كطفل رجيم بلا
عائلة، يستظل بالوحشة ولا يعرف
غيرها
.
والغريب
أن شبكة الإنترنت التي أدت في الماضي
دورها في
«
علاج
المسافة
»
لم
تعد قادرة على أن تكون حاضنة للشعر أو
ملجأ لمقاومة الغياب، كما أنها لم تعد
رئة صالحة لاستنشاق الهواء الجديد
.
ومثلما
انتهى قبل سنوات موقع قصيدة النثر الذى
أسسه الشاعر المصري عماد فؤاد في مستقره
الهولندي ميتا بالسكتة
القلب
ية
انتهى هذا الأسبوع دور موقع
«
جهة
الشعر
»
الذى
أسسه في العام
1996
الشاعر
البحريني الكبير قاسم حداد الذى وجه قبل
يومين رسالة قصيرة إلى الأصدقاء يبلغهم
بتوقف الموقع الذى تكفل طوال سنوات بصيانة
القصيدة مستندًا على ذائقة رفيعة تفاعلت
مع أجيال الكتابة العربية على تنوعها
انحيازا للموهبة وليس لأى اعتبارات
أخرى
.
بعد
22
عامًا
من حماية
الشعر
لم
يعد قاسم قادرًا على الاستمرار، وصل صاحب
«
ورشة
الأمل
»
إلى
محطة اليأس ورفض أن يتحول لزهرة وحيدة
مهمتها أن تصنع الربيع في ظل ثقافة وقعت
مع الخريف عقد إذعان
.
كتب
قاسم في رسالته القصيرة
:
«
الأصدقاء
الأعزاء
..
سوف
يتوقف موقع
«
جهة
الشعر
»
عن
البث لأسباب تتعلق بعدم توفر الدعم المالي،
ونود هنا أن نتوجه بالشكر لكل من وفر الدعم
لها على مدى العشرين سنة السابقة، والاعتذار
لأصدقاء
«
جهة
الشعر
»
الذين
بمشاركتهم النشر في الموقع، أسهموا فعلا
في الإنجاز الذى تحقق طوال سنوات عمل
الموقع منذ انطلاقه
».
بهذا
التوقف يخسر
الشعر
اء
أرضا جديدة ويفقد
الشعر
اليد
التي تفرغت لرعايته وتبقى المفارقة التي
تؤكد فداحة الغياب أن محرر الموقع ينتمى
لمنطقة الخليج حيث الإنفاق على الثقافة
بلا حدود
!.
لكن
أي ثقافة تلك التي يدفعون لأجل
استمرارها؟
إنها
ثقافة
«
الاستعراض
»
التي
تحتفى بالركود وتمجد الضوء وتختزل مهمتها
في مشهد الافتتاح لكنها في غمرة الزحام
لا تؤسس لشيء يمكث في الأرض
.
إنها
ثقافة واجهات تخفى عطبها وراء الفخامة
وتنزعج من التقشف لأنه يكشف فتنتها
الكاذبة
.
أقول
لقاسم حداد
:
«
ما
أجملك أيها الذئب جائع وتتعفف عن
الجثث
».
هكذا
كتبت وعشت وينبغي أن تبقى كما أنت محتميا
بـ
«
فتنة
السؤال
»
،
أما
الشعر
فسيبقى
باحثا كما كان عن
جهة
الشعر
و
جهة
القلب
.
--------------------
نشر
في
:
الثلاثاء
6
مارس
2018
***********************************************
««
جهة
الشعر
»..
يتوقف
لعدم توافر الدعم المادي
المحرر
الثقافي
في
الوقت الذي يزداد فيه الحديث عن تنامي
النشر الإلكتروني وسحب البساط من وسائل
النشر التقليدية، فوجئ كثيرون أثناء
دخولهم لموقع
«
جهة
الشعر
»
بهذه
العبارة الحزينة
«
الأصدقاء
الأعزاء
..
سوف
يتوقف موقع جهة الشعر عن البث لأسباب
تتعلق بعدم توافر الدعم المادي
..
ونود
هنا ان نتوجه بالشكر لكل من وفر الدعم
المادي له على مدى العشرين عاما السابقة
والاعتذار لأصدقاء جهة الشعر الذين
بمشاركتهم النشر في الموقع اسهموا فعلا
في الإنجاز الذي تحقق طوال سنوات عمل
الموقع منذ انطلاقته عام
1996».
كان
موقع
«
جهة
الشعر
»
الذي
انطلق مع بداية انتشار الإنترنت في المنطقة
العربية، ويشرف عليه الشاعر البحريني
قاسم حداد، يقدم وجهة نظر مغايرة للثقافة
السائدة، وكان بمنزلة جهة خامسة للثقافة
العربية، ورغم أن الثقافة تأتي دائما في
آخر سلم الأولويات التي يهتم بها الدعم
المادي، فقد استمر الموقع أكثر من
20
عاما
بفضل الدعم القليل لعشاق الثقافة، ورغم
محدودية هذا الدعم فانه كان كافيا لاستمرار
الموقع، من المؤسف بعد كل هذه السنوات أن
يسدل الستار على أحد اشهر المواقع الثقافية
العربية الإلكترونية علي الإنترنت
.
----------------
3
مارس،
2018
*************************************
"
جهة
الشعر
"..
كما
لو أن الأمر كان متوقعاً
الشاعر
قاسم حداد
()
غسان
زقطان
(
فلسطين
)
لا
يرغب الشاعر قاسم حداد، كعادته، في الإسهاب
وهو يتحدث عن توقف موقع
"
جهة
الشعر
"
،
تحفظ أمام أسئلة الصحافة التي بحثت عن
"
الأسباب
الكامنة
"
وراء
توقف أحد أهم المواقع في المشهد الثقافي
العربي وأكثرها تأثيراً، ليس ثمة أسرار
هنا، الإعلان المقتضب الذي يتصدر الموقع
الآن يشير، دون تفجع، إلى ضعف التمويل أو
غيابه، كما لو أن الأمر كان متوقعاً
.
قبل
22
عاماً،
في العام
1996
،
أعلن قاسم حداد إطلاق
"
جهة
الشعر
"
،
كانت تلك قفزة مبكرة، أقرب الى مغامرة
شعرية بحد ذاتها، حين كان العالم يقف على
تخوم
"
العالم
الافتراضي
"
باحتمالاته
المفتوحة خارج الحدود وحيث تصل
المخيلة
.
كانت
هناك مبادرات شبيهة تحاول أن تخرج من نمط
"
المؤسسة
الثقافية
"
السائدة،
الرسمية غالباً، أو تلك الخارجة من أكمام
المؤسسة الرسمية ومعاييرها وهي تحمل
جيناتها
.
"
جهة
الشعر
"
ذهبت
أبعد، كانت أقرب الى اقتراح ثقافي مفتوح
على التعددية والابتكار وحرية الكتابة،
وهو ما سمح للموقع أن يستوعب مختلف التجارب
الشعرية، وأن يتحول الى مختبر يحتفى بمنجز
القصيدة العربية الحديثة بأشكالها
الرئيسية الثلاثة؛ القصيدة العمودية
وقصيدة التفعيلة وقصيدة النثر، قصيدة
النثر كانت غالبة، لأن حضورها كان طاغياً
ولا زال، ولكن ذلك لم يمنع من الحضور القوي
للأشكال الأخرى، السياق كان واضحاً
والمعيار كان الشعر
.
البوابات
التي انفتحت حملت مسميات قادمة من دلالات
عميقة في الإرث الثقافي العربي وصولاً
الى الراهن
:
عربة
النار، منسيات الآلهة، غريب يدخل البيت،
خذ الكتاب بقوة
...
خلال
مسيرته تمكن الموقع من إقامة صلاته مع
أجيال من التجارب الشعرية، الأسماء
الراسخة والتجارب الجديدة والأجيال
الشابة من الذين لم تنصفهم المطبوعات
الرائجة في ذلك الوقت، عبروا بوابة الجهة
بنصوصهم وحواراتهم وتجاربهم
.
هناك
وعبر
22
عاماً
من العمل امتدت شبكة هائلة بموازاة العالم
الحقيقي، دون مبالغة أو أحكام مسبقة،
أسماء كثيرة بدأت من هناك وأسماء أخرى
عززت حضورها، وخلف البوابات وأيقونات
الجهة تشكل الأرشيف الأكثر أهمية للشعر
العربي الحديث، فيما يشبه وثيقة تاريخية
تشمل الى جانب النصوص الدراسة والبحث
والترجمة والحوار
.
مع
توقف
"
جهة
الشعر
"
تصل
الخسارة الى المنحنى الذي كان يخفي
الانهيار
.
ليس
الأمر إغلاق موقع ثقافي بقدر ما هو إغلاق
فكرة الانفتاح والحوار والاستقلال الذي
كان الموقع يتمتع به
.
لأمر
ما أتذكر توقف مجلة
"
الكرمل
"
التي
أسسها الراحل محمود درويش وواصل رئاسة
تحريرها، وتنقلها بين بيروت وقبرص الى
أن استقرت في الطابق الثاني في منزل خليل
السكاكيني في رام الله الذي تحول إلى مركز
ثقافي
.
كانت
"
الكرمل
"
منفتحة
على المنجز الثقافي العربي برؤاه وحداثته
وجدله، وكان هناك إصرار على استقلاليتها،
الاستقلال منحها حرية الاختيار وفضاء
الاختلاف الذي تفتقر إليه غالبية المطبوعات
التي يمكن ملاحظة أنف الممول ورائحته في
ثناياها، كانت في منطقة ما تبدو محافظة
وهي تصر على جسدها الورقي وتصميمها
وأبوابها، كما لو أنها عبر ذلك تحافظ على
تلك العلاقة الجسدية مع القارئ، على
التقليد البسيط للطباعة والنشر وآليات
التوزيع ورفوف المكتبات
.
ولأسباب
يتشابه بعضها ويتداخل في متوالية من
الخسارات، توقفت
"
الكرمل
"
عن
الصدور
.
الأمر
هو
"
الخسارة
"
،
فكرة السعي التي تتعثر في سياق مؤسف من
لا أبالية طاغية، من تسونامي القيم التي
يتم دفعها نحو الشارع، سلطة الخفّة وبؤس
الاختيارات والبدائل الجاهزة
.
الخسارة
هنا لا تتعلق بتوقف موقع بهذه الأهمية
بسبب التمويل، ولكن وعلى نحو متعمد،
بإقصاء القيم العميقة واستبدالها
.
--------------------------
العربي
الجديد
-
الخميس
8
مارس
2018
/ 19:43
***********************************************
جهة
الشعر
...
جهتنا
إلى العالم
!
طالب
الرفاعي
(
الكويت
)
ربما
مرَّ ما يقارب الأربعين عاماً على معرفتي
بقاسم حداد؛ صديقاً وشاعراً، ووحدها هذه
المعرفة تجعلني أقول إن قاسم لا يتكلف
جملته الشعرية كما هو في تعامله الحياتي؛
مباشر وسهل وعميق وجريء، وأحياناً مؤلم
.
لكن
هذا القاسم هذا الحداد، كان مختلفاً وهو
يكتب كلمات نعي جهة خاصرته
(
جهة
الشعر
)
،
فقد كتب يقول
:
"
الأصدقاء
الأعزاء،
سوف
يتوقف موقع
"
جهة
الشعر
"
عن
البث لأسباب تتعلق بعدم توافر الدعم
المالي
.
ونود
هنا أن نتوجه بالشكر لكل من وفر الدعم لها
على مدى العشرين سنة السابقة، والاعتذار
لأصدقاء
"
جهة
الشعر
"
،
الذين بمشاركتهم النشر في الموقع أسهموا
فعلا في الإنجاز الذي تحقق طوال سنوات
عمل الموقع منذ انطلاقه عام
1996".
عزيزي
قاسم، هل أذكرك بما قاله الشاعر رياض
الصالح الحسين في
"
مفارقات
"
،
حين ردد قول بول فانسانسيني
:
"
أعدُّ
الأيام على أصابعي
/
وعليها
أعدّ أيضاً
/
أصحابي
وأصدقائي
/
وفي
يومٍ ما
/
لن
أعدَّ على أصابعي، سوى أصابعي
".
كان
منطقياً أن تتوجه برسالتك إلى الأصدقاء،
لكن أين هم أصدقاء الفكر والإبداع والثقافة
والإخلاص؟
عزيزي
قاسم، أنتَ وأنا على بُعد مرمى حجر من
كثيرين يملكون المليارات، ولا أقول
الملايين، لكنهم يصدون بوجوههم وبأموالهم
عن الإبداع والثقافة
!
يا
قاسم يا حداد، لك أن تعلم أن نعي
"
جهة
الشعر
"
،
هو نعي لمشهد إبداعي ثقافي عربي آخذٌ
بالتقهقر، وآخذ بالتقوقع على نفسه
...
جهة
الشعرِ كانت جهةً لكل من أراد وصلاً
بالكلمة المبدعة ووصلاً بالشعر، ووصلاً
بالآخر على الضفة الأخرى
.
لكن،
وأنتَ خير من يعرف ذلك؛ ما عاد هذه الوصل
مطلوباً، ولا عاد مرغوباً فيه، في زمن
استوحش الأخ على أخيه، وصار يقتله ويمثّل
به
!
أخي
قاسم، ليس غريباً أن تغلق
"
جهة
الشعر
"
،
بل كان من المستغرب أن تبقى
"
جهة
الشعر
"
تتنفس،
وتبث عطراً لمن حولها، في زمن تحوَّلت
فيه الكثير من المؤسسات الثقافية إلى
مبانٍ خرسانية وموظفين، ولافتة عريضة
تقول الاسم، ولا تتعدى ذلك
!
منذ
ما يزيد على العشرين عاماً، وجهة الشعر
تنطق بالإبداع والثقافة بين مجموعة كبيرة
من المبدعين، لا يجمعهم إلا ما أشرت به
في بداية رسالتك المقتضبة والمؤلمة بأنهم
أصدقاء
.
لكن
يا قاسم، حتى هؤلاء الأصدقاء ما عادوا،
وكما تعرف أنت، أصدقاء
!
فرَّقتهم
الأنظمة، وفرَّقتهم الأحزاب، وفرَّقتهم
المناصب،
وفرَّقتهم
الجوائز، وأخيراً فرَّقهم الوجع، وما
يشبه يأساً قائماً بيننا في كل المدن
العربية المنكوبة
.
عزيزي
قاسم، قبل ما يزيد على الأربعين عاماً،
يوم أصدرت ديوانك
(
خروج
رأس الحسين من المدن الخائنة
)
1972
،
قلت
:
ينتشر
الحبُ في كل مكان، ويسقط الحب
/
قتيلاً
لحظة المجابهة نحاول معرفة الخيط
/
الأسود
من الخيط الأبيض يختلط كل شيء
/
بكل
شيء
".
نعم
يا صديقي، نبوءتك متحققة منذ لحظة نطقت
بها
:
"
يختلط
كل شيء بكل شيء
"
،
وإلا كيف يمكن أن يصل الأمر إلى عوز مادي
يقف دون أن تستمر
"
جهة
الشعر
"
بالتنفس
والحياة؟
!
كيف
تتوقف وهي التي غدت وصلاً بين الإبداع
العربي وبين الآخر في كل جامعات ومعاهد
العالم؟ وبعد أن صارت مرجعاً للإبداع
العربي، وللثقافة العربية لدى الآخر، في
زمن كل ما فيه يشوّه العربي إلا الإبداع،
وحده غصن الزيتون المتبقي لنا في وجه
العالم
.
عزيزي
قاسم، لن تستجدي أنت أحداً، ولم تكن في
يوم كذلك
.
لكن
نحن، أصدقاء الشعر، وأصدقاء الإبداع،
وأصدقاء الثقافة، وأصدقاء السلام، أصدقاء
الوصل مع الآخر عبر الكلمة المبدعة، سنصرخ
بالكثيرين؛ نصرخ بالمسؤولين في دول مجلس
التعاون الخليجي، نصرخ بأصحاب الأموال
الطائلة، نصرخ بمحبي الفكر والإبداع
والثقافة، وإن لم يكن، فيا صديقي، لنا
نحن، أصدقاؤك أن نستصرخ أنفسنا، ويمد كلٌ
منا يده لكَ كي نحمل معك
"
جهة
الشعر
"
،
إلى العالم أجمع
.
عزيزي
قاسم، هل قلت لك
:
صباح
الخير والأمل
!
-----------------------------
********************************************************
توقف
"
جهة
الشعر
"
يثير
جدلًا حول مستقبل الصحافة الثقافية
البوابة
نيوز
بقدر
ما أثار توقف موقع
"
جهة
الشعر
"
على
شبكة الإنترنت من شعور بالأسى لدى الكثير
من المثقفين العرب فإنه يثير جدلا حول
مستقبل الصحافة الثقافية سواء كانت ورقية
أو الكترونية فيما يعيد للأذهان ارتباط
الصحافة بالثقافة كما يتجلى في أسماء
كبيرة في عالم الصحافة بمصر والعالم
العربي ككل
.
كان
الشاعر البحريني الكبير قاسم حداد قد
أعلن مؤخرا عن توقف الموقع الإنترنتي
"
جهة
الشعر
"
الذي
يعد أحد أعرق المواقع الشعرية العربية
وأقدمها على الشبكة العنكبوتية، فيما
أوضح هذا المثقف العربي الكبير الذي ولد
عام
1948
أن
توقف موقع
"
جهة
الشعر
"
الذي
انطلق عام
1996
جاء
بسبب مشاكل تتعلق بالتمويل
.
بقدر
ما أثار الإعلان عن توقف
"
جهة
الشعر
"
من
شعور بالأسى بين المثقفين العرب فإنه لفت
الأنظار أيضا إلى أن ما يعرف بأزمة الصحافة
الثقافية طالت الصحافة الإلكترونية بعد
أن نالت من الصحافة الثقافية ذات الإصدارات
الورقية
.
بأسى
ظاهر في كلماته قال الشاعر والناقد
والأكاديمي اللبناني عقل العويط
"
في
كل يوم يغلق منبر للشعر والأدب
"
،
فيما أبدى معلقون آخرون تحسبهم من احتمال
توقف المزيد من المواقع الثقافية على
شبكة الإنترنت
.
إذ
ظهر موقع مصري جديد على شبكة الإنترنت
بعنوان
"
موقع
مصر المحروسة
.
نت
"
فإن
رئيس تحرير هذا الموقع يسري السيد يوضح
أنه لا يمكن وصفه
"
بالموقع
الثقافي
"
وإنما
هو
"
منبر
صحفي إلكتروني مصري جديد شامل ومستقل
وساحة لجميع الاتجاهات الفكرية والثقافية
والإبداعية في مصر والعالم العربي
".
قال
الكاتب الصحفي يسري السيد رئيس مجلس
الإدارة ورئيس تحرير
"
مصر
المحروسة
.
نت
"
،
"
إن
هذا المنبر الصحفي الشامل الجديد على
شبكة الإنترنت هو موقع مستقل ومتنوع ويسعى
لأن يكون
"
صوت
كل المصريين والعرب ككل في كل مكان وهدفه
رفع وعى ووجدان وإبداع أبناء هذه الأمة
في كل مكان وربطهم بقضايا أمتهم المصيرية
".
مع
تسليمه بوجود أزمة تواجه الصحافة الثقافية
العربية وإشكالية التمويل، أوضح يسري
السيد
-
الذي
يعد من أصحاب التجارب المميزة في مجال
الصحافة الثقافية والسياسية بجريدة
الجمهورية
-
أن
هذا الموقع الإلكتروني الجديد ينشر
موضوعات تجمع ما بين الأدب والفنون
والسياسة والاقتصاد والرياضة بنظرة
ثقافية معمقة لتقديم وجه مصر الحقيقي
والانتماء القومي والعروبي
.
لاحظ
الكاتب الصحفي المصري المتخصص في الشأن
الثقافي سيد محمود أن موقع
"
جهة
الشعر
"
ليس
أول موقع ثقافي عربي يهتم بالشعر ويتوقف،
معيدا للأذهان أن موقع
"
قصيدة
النثر
"
للشاعر
المصري عماد فؤاد توقف قبل ذلك بسنوات
على شبكة الإنترنت
.
اعتبر
سيد محمود أن توقف موقع
"
جهة
الشعر
"
للشاعر
قاسم حداد يعني أن
"
الشعراء
يخسرون أرضا جديدة
"
،
غير أن معلقين آخرين رأوا أن توقف هذا
الموقع الثقافي يوضح مجددا لأزمة شاملة
تواجه الصحافة العربية مثلما تبدى في
نهاية عام
2016
عندما
توقفت صحيفة لبنانية كبيرة وشهيرة وهي
صحيفة
"
السفير
".
رأى
الكاتب طلال سلمان رئيس تحرير جريدة
"
السفير
"
أن
الصحافة العربية تعيش محنة قاسية، معتبرا
أن هذه المحنة
"
لا
تفقدها دورها التنويري فحسب بل هي تتهددها
في وجودها ذاته
"
،
وأكد على أن الصحافة العربية
"
تحتضر
".
أشارت
بعض الطروحات إلى أن توقف صحيفة السفير
يأتي في زمن عربي تتراجع فيه الثقافة
والصحافة فإن هذه الصحيفة ذات
"
النفس
القومي العربي
"
نهضت
بدور كبير في مواجهة حالة
"
الأنيميا
الثقافية
"
التي
نالت من رونق الكلمة ونضارة الصحافة وبدت
تحوي جرعة ثقافية مكثفة ودالة على قدرات
كتابها وإمكانية الكتابة الأفضل في سياقات
العولمة دون أن يغفل لحظة عن هموم الوطن
الصغير أو الوطن العربي الكبير من الماء
للماء
.
في
سياق تناوله لهذه الأزمة وبعد أن استعرض
أسماء شهيرة في عالم الصحافة اللبنانية
والعربية مثل سعيد فريحة وغسان تويني
ونبيل خوري ووليد أبو ظهر وملحم كرم، رأى
الكاتب الصحفي سمير عطا الله الصحافة هي
"
مهنة
الشغف لا الاحتراف
".
كما
لفت هذا الكاتب الصحفي الكبير إلى أن
"
كتاب
الصحافة اللبنانية كانوا كبار شعراء
وكتاب لبنان
"
مستشهدا
بأسماء مثل
"
أمين
نخلة والأخطل الصغير وسعيد عقل وفؤاد
سليمان والياس ابو شبكة والشيخ عبد الله
العلايلي وعمر فاخوري وحسين مروة وتقي
الدين الصلح وفيليب تقلا
".
في
عام
2012
توقفت
مجلة
"
الآداب
"
البيروتية
التي كانت تحظى كإصدار ثقافي ورقي بحضور
كبير لدى المثقفين العرب منذ أن أسسها
الدكتور سماح إدريس في عام
1953
وكذلك
اضطربت دورية الصدور لمجلة
"
بدايات
"
الفصلية
الثقافية اللبنانية التي أسسها في عام
2012
المؤرخ
والمفكر فواز طرابلسي
.
يعيد
ذلك كله للأذهان أسماء مجلات ثقافية عربية
توقفت على مدى سنوات طويلة ودخلت في ذمة
تاريخ الصحافة لكنها مازالت حتى الآن
تثير شجن عشاق الكلمة بل وتباع مجموعاتها
القديمة بأسعار عالية بقدر ماهي دالة على
قيمتها
.
إذا
كانت مجلة الرسالة التي أسسها الكاتب
أحمد حسن الزيات صدرت يوم
15
يناير
1933
كانت
منبرا لأقلام كتاب وأدباء ومفكرين مثل
عباس محمود العقاد ومحمد فريد أبو حديد
ومصطفى صادق الرافعي وأحمد أمين والدكتور
أحمد زكي ومحمود حسن إسماعيل قد توقفت في
15
فبراير
1953
فإن
مجلات ثقافية أخرى قد توقفت بعد ذلك بسنوات
مثل مجلات
"
أبولو
والكاتب والجديد وسطور ووجهات نظر
".
الصحافة
الثقافية المصرية ارتبطت بأسماء لمفكرين
وأدباء وكتاب كبار مثل عباس محمود العقاد
وطه حسين وحسين مؤنس وحسين فوزي وأحمد
حسن الزيات ويوسف إدريس ولويس عوض ووديع
فلسطين والدكتورة سهير القلماوي وأحمد
عباس صالح وصالح جودت وصلاح عبد الصبور
وكمال النجمي ورجاء النقاش وجمال الغيطاني
أول رئيس تحرير لجريدة أخبار الأدب التي
صدرت عام
1993
عن
مؤسسة أخبار اليوم
.
تعد
مجلة الهلال أطول المجلات الثقافية
المصرية والعربية عمرا وهي التي تصدر في
مطلع كل شهر بلا انقطاع منذ أكثر من قرن
وربع القرن حيث صدر أول عدد منها في الأول
من سبتمبر عام
1892
لتنهض
بدور رائد في تحديث الفكر العربي ودعم
ثقافة التطور مع الحفاظ على الأصالة
.
أسس
الكاتب والمؤرخ جرجي زيدان هذه المجلة
الثقافية المصرية العريقة من قلب القاهرة
في إشارة دالة على الدور الثقافي والصحفي
الذي لعبه المثقفون من أبناء الشام في
مصر التي احتضنتهم وأتاحت لهم البيئة
الثقافية الملائمة للنجاح، فيما اعتبر
جرجي زيدان في فاتحة العدد الأول من
"
الهلال
"
أن
قيمة العمل الصحفي في الوصول للقارئ
وإرضاء ذوقه وإشباع حاجاته العلمية
والثقافية
.
المجلات
الثقافية المصرية العتيدة ومن بينها
المقتطف التي توقفت منذ سنوات بعيدة عن
الصدور كانت تشكل منبرا مفتوحا لكافة
الآراء واهتمت بقضايا كبرى مثل تحديد
هوية مصر والتركيبة النفسية والعقلانية
والذوقية للمصريين ليدلي مثقفون كبار
مثل طه حسين وعباس محمود العقاد وتوفيق
الحكيم وزكي مبارك وإبراهيم عبد القادر
المازني بدلوهم في تلك القضايا الهامة
.
واقع
الحال أن علاقة مثقف مصري مثل وديع فلسطين
مع
"
شاعر
القطرين
"
خليل
مطران كانت تعبر عن تفاعل ثقافي عربي خلاق
حيث ارتبط هذا المثقف المصري أيضا بعلاقات
وثيقة مع مثقفين من لبنان أو من كانوا
يوصفون
"
بالأدباء
الشوام
"
مثل
فؤاد صروف وفارس نمر ونيقولا الحداد وخليل
ثابت وابنه كريم ثابت وانطون الجميل ونجيب
كنعان وقد أسهموا بإيجابية في إثراء
الصحافة والثقافة في مصر
.
إذ
عرفت مجلة الهلال كتاباته الثقافية
المشوقة يقول وديع فلسطين عن هؤلاء
المثقفين الشوام إن أغلبهم كان يقيم في
حي
"
الفجالة
"
أو
"
الظاهر
"
و
"
السكاكيني
"
دون
أن يغفل ذكر الأديبة الكبيرة مي زيادة
وصالونها الثقافي الشهير في قاهرة بنجوم
ذاك الزمان مثل احمد لطفي السيد وعباس
العقاد
.
من
المفارقات في مسيرة الراحل العظيم محمد
حسنين هيكل الصحفية
-
الثقافية
المديدة أن منصب رئاسة تحرير مجلة الهلال
الثقافية العريقة عرض عليه وهو مازال في
شرخ شبابه لم يتجاوز العشرين عاما إلا
بسنوات قليلة، فيما كان نقيب الصحفيين
الراحل والكاتب الكبير كامل زهيرى الذي
قضى في
24
نوفمبر
عام
2008
قد
باح يوما ما بأنه يعتبر أن أكبر أخطائه
تركه رئاسة تحرير مجلة الهلال بمتعتها
الثقافية حتى وأن كان قد انتقل لمواقع
قيادية أعلى في الصحافة المصرية
.
أما
محمد حسنين هيكل الذي قضى في
17
فبراير
2016
فقد
ظل يحلق بين الصحافة والسياسة بزاد ثقافي
أصيل وقدم نموذجا رفيعا لاهتمام الصحافة
بالثقافة خلال سنوات رئاسته لجريدة
الأهرام
.
يقول
الناقد والأكاديمي ووزير الثقافة الأسبق
الدكتور جابر عصفور
"
عرفت
هيكل مثقفا رفيع القدر نادر الوجود وهو
صانع جريدة الأهرام في تجليها الحديث
"
،
موضحا أنه
"
أضاف
إلى ميراثها القديم ميراثا جديدا مما
جعلها منارة وقلعة للاستنارة بحق
".
أشار
عصفور إلى أن هيكل كان يرى المعرفة قوة
ليس فقط للجريدة التي يرأس تحريرها بل
قوة للأمة كلها معيدا للأذهان أن محمد
حسنين هيكل
"
كان
يتردد على الطابق السادس بجريدة الأهرام
ويلتقي بعمالقة الأدب مثل نجيب محفوظ
وتوفيق الحكيم ولويس عوض وبنت الشاطئ
ولطفي الخولي ويوسف إدريس
".
ولئن
كانت مجلة وجهات نظر قد توقفت في السنوات
الأخيرة عن الصدور فإن محمد حسنين هيكل
أسهم بدور كبير في المرحلة التأسيسية
لمجلة
"
وجهات
نظر
"
الثقافية
المصرية التي ظهرت في العام الأخير من
القرن العشرين وكان قراؤه ينتظرون الإصدار
الشهري لهذه المجلة من أجل متعة قراءة
هيكل وهو
"
يتمشى
ويتجول
"
في
أروقة الماضي والحاضر ويبحر كعادته بين
الصحافة والسياسة بقدرات ثقافية فذة
.
محمد
حسنين هيكل صاحب الكتاب الشهير عن
"
أزمة
المثقفين
"
الذي
صدر عام
1961
كمحصلة
لمناقشات استمرت
3
أشهر
مع لفيف من المثقفين المصريين كان يحفظ
عن ظهر قلب مئات أن لم يكن آلاف الأبيات
من عيون الشعر العربي وهو الذي ارتبط
بصداقة وثيقة للغاية مع الكاتب الراحل
توفيق الحكيم وكذلك مع الأديب النوبلي
نجيب محفوظ
.
إذا
كان الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس الذي
قضى في مطلع عام
1990
نموذجا
للتوهج في الصحافة والأدب معا فالكاتب
أحمد بهاء الدين الذي قضى عام
1996
بدأ
مسيرته الصحفية في
"
مجلة
الفصول
"
الثقافية
وكان صاحب ذوق رفيع في تقييم الأعمال
الثقافية والفنية وهو الذي تولى رئاسة
تحرير مجلة
"
صباح
الخير
"
قبل
أن يبلغ الثلاثين من عمره فنجح بثقافته
ومواهبه أن يجعلها مجلة ناجحة وقادرة على
الوصول
"
لأصحاب
القلوب الشابة والعقول المتحررة
"
وتولى
رئاسة تحرير واحدة من أهم المجلات الثقافية
العربية وهي
"
مجلة
العربي
"
الكويتية
.
رغم
هذا التراث المضيء للصحافة الثقافية
العربية فالشواهد والتعليقات تؤكد الآن
على أن تلك الصحافة الثقافية في محنة قد
تكون جزءا مما يوصف بأزمة الصحافة وتحديات
الإعلام في العصر الرقمي
.
وضمن
رصده للتحديات التي تواجه الإعلام العربي
يقول الدكتور سامي عبد العزيز أستاذ
الإعلام بجامعة القاهرة إن هناك تحديات
مجتمعية تتمثل فيما نسميه
"
بالأمية
التعليمية والأمية الثقافية
"
أو
"
المستوى
التعليمي والثقافي للمجتمع
"
،
فضلا عن المسائل المتصلة
"
بجودة
المحتوى
".
في
وقت يشكو فيه بعض النقاد الثقافيين
والمعلقين في الصحف ووسائل الإعلام من
ظواهر في قضايا الكتابة الإبداعية مثل
رداءة السرد وفقر الخيال والعجز عن
الابتكار والافتقار للتشويق لاريب أن
الصحافة الثقافية معنية قبل غيرها بقضايا
مثل جماليات الكتابة وطرق التعبير الفني
وطرح الجديد على مستوى الرؤى والقوالب
أو الأشكال
.
يبدو
أن تحديات العصر الرقمي بحاجة لاستجابات
إبداعية في مجال الصحافة الثقافية لإنتاج
محتوى مشوق ويحظى بجاذبية بقدر ما ينتصر
للوطن والحق والخير والجمال
.
-----------------------------------
-
السبت
10/
مارس
/2018
******************************
"
جهة
الشعر
"
..
نعي
أشبه بإغلاق تلفاز أو محطة إذاعية
يوسف
الشايب
يبدو
أن إيمان الشاعر البحريني قاسم حداد
بأهمية التعامل مع شبكة الانترنت بصفتها
طريقة للاتصال الإنساني وليست وسيلة
للانتشار الإعلامي، لم يسعفه دون أن ينشر
ما يشبه النعي لـ
"
جهة
الشعر
"
بدلاً
من نص جديد، أو حوارية، أو ترجمة، أو تعريف
بهذا الشاعر أو ذاك، فالموقع الشعري الذي
تحول مع الوقت إلى مرجع عالمي، أعلن أنه
"
سوف
يتوقف عن البث
"
في
عمر الثانية والعشرين، وكأنه تلفاز أو
محطة إذاعية، فهو لم يعلن انه سيحتجب،
المصطلح المرافق لإغلاق المواقع
الإلكترونية، ولم يقفل أو يتوقف كما في
حالة المطبوعات من صحف أو مجلات، أو تلك
التي تدور في فلك المطبوع كدور النشر
والمكتبات والمطابع وغيرها
.
وأرجع
حداد، في رسالة نشرها على الموقع، قرار
إغلاق الموقع إلى الظروف المادية، وعدم
توفر الدعم المالي، وهو أمر تعانيه الكثير
من المواقع الثقافية في الوطن العربي،
حيث كتب على واجهة
"
جهة
الشعر
":
الأصدقاء
الأعزاء
..
سوف
يتوقف موقع جهة الشعر عن البث لأسباب
تتعلق بعدم توافر الدعم المادي
..
ونود
هنا ان نتوجه بالشكر لكل من وفر الدعم
المادي له على مدى العشرين عاما السابقة
والاعتذار لأصدقاء
"
جهة
الشعر
"
الذين
بمشاركتهم النشر في الموقع أسهموا فعلا
في الإنجاز الذي تحقق طوال سنوات عمل
الموقع منذ انطلاقته العام
1996".
حداد،
كان قال من متحف محمود درويش، قبل عامين
:
لو
كان النظام العربي تاريخياً يصغي للشعراء
والأدباء والفنانين، لربما صرنا في وضع
أفضل، لكون الشعراء يسعون إلى الحلم،
وإلى الحرية، وإلى العدالة الاجتماعية
..
هل
صادفت نظاماً سياسياً عربياً يعالج ولا
يحل
..
يعالج
مشاكله بغير الوسائل الأمنية
.
وأشار
حداد إلى أن المعارضة العربية لم تكتسب
الدرس النضالي الذي ضحت له الأجيال السابقة
..
وقال
:
لطالما
أؤكد أن السلطة السياسية العربية أكثر
خبرة من المعارضات العربية، لأنها تستطيع
أن تدير مشاكلها لا أن تعالجها، باتجاه
إفشال أي مشروع إصلاحي
..
هذه
مشكلة المعارضة العربية
.
وأضاف
:
المعارضة
العربية كما الأنظمة، لا تحترم الثقافة
ولا المثقفين ولا المبدعين، وأكثر من ذلك
تنكل بهم بما قد يضاهي تنكيل السلطات
السياسية العربية بهم
..
هو
خلل تكويني موروث، فالمعارضة كما السلطة
ورثت الموقف السلبي من الثقافة والمثقف
كأنه موروث مقدس
..
لو
كانت المعارضة العربية تحترم الثقافة،
لكان حظها من التطور أكبر
.
ودلل
على ذلك بالقول
:
في
فعاليات كثيرة على المستوى العربي، لا
أصادف رموزاً من المعارضة تشارك في حضور
أمسيات شعرية أو أدبية أو ندوات أو معارض
فنية وغيرها، إلا نادراً
..
كمعارضة،
لكي تقنع الناس بأن بديلاً مناسباً
ومستقبلياً للسلطة التي تسعى إلى إسقاطها
عليك أن تمنحنا إشارات مختلفة، ودلائل
على أنك مختلف عن هذه السلطة، كأن تكون
ديمقراطياً، والمعارضات العربية تفتقد
لهذا الشرط بالدرجة الأولى، فلا تكاد هذه
المعارضات تستوعب اختلافك في تفصيلة
صغيرة معها، لذلك تكاد هذه المعارضات
تتحلل، لأنها لا تستوعب المختلفين معها
.
وشكل
موقع
"
جبهة
الشعر
"
منبراً
مهماً لرواد الثقافة والنصوص الأدبية
والشعرية، وحيث دأب الكثير منهم على نشر
أعمالهم الجديدة، وظل الموقع متماسكاً
طيلة الاثنين وعشرين عاماً الماضية
معتمداً على دعم مادي بسيط، لكن وبعد كل
هذا الجهد يسدل الستار على الموقع، وفي
قلوب الكثيرين حسرة وألم
.
وجاءت
الفكرة استجابة لاقتراح قدمه الصديق
عبيدلي عبيدلي وهو من شركة
"
النديم
لتقنية المعلومات
"
التي
تتولى الناحية التقنية والفنية في
"
الجهة
"
منذ
إطلاقها، كما سبق وأشار حداد، لافتاً إلى
ان الفكرة بدأت صغيرة وعبر مشروع فردي
وشخصي، ولكن سرعان ما
"
أصبحت
مشروعاً جماعياً تساهم فيه كائنات لا
تحصى من أصقاع العالم
".
وأضاف
حداد، في حوار يعود إلى اثني عشر عاماً،
أي في الذكرى العاشرة لـ
"
جهة
الشعر
":
كانت
البداية تقوم على نشر الشعر العربي في
لغته، ومع الوقت اشتبكنا بجماليات التعدد
اللغوي لنشر الشعر العربي في أكثر من سبع
لغات
..
بدأنا
كمن يتعثر في نوم موحش، ولكننا الآن نسبق
أحلامنا في أكثر الآفاق رحابة
.
فقد
كنا نسهر على بناء المحتوى الثقافي النوعي
الرصين في
"
جهة
الشعر
"
من
دون أن نغفل عن تطوير الناحية التقنية
وتحديثها، ولكن دائماً من أجل بلورة وسائط
عرض النصوص وسرعة وصول المستخدم إلى
المحتوى
.
طوال
أكثر من عقدين لم يكف قاسم حداد عما حققته
"
الجهة
"
وعن
تعداد منعطفات التحول والتحديث فيها،
التي انتهت الى تحول
"
جهة
الشعر
"
من
موقع لنشر الشعر الى
"
مصدر
عالمي من مصادر المعلومات الموثوق بها
عن الإبداع الشعري العربي، بصفته مرجعاً
معتمداً ورصيناً ودائم التحديث
"
،
بل اعتباره
"
ورشة
عمل شعرية عالمية بالمعنى الأدبي والتقني
للكلمة
".
وقال
حداد
:
طوال
سنوات أخذنا في الاعتبار كلام الشاعر
الفرنسي رينيه شار مأخذ الجد، عندما قال
في قصيدة له
:
"
المستحيل
لا نبلغه، لكننا نستخدمه كقنديل
"..
رأينا
في هذه الحملة تعبيراً عن أحلامنا، حتى
أننا وضعناها تعويذة للموقع في انطلاقتنا
الأولى، والحق أنها منحتنا الثقة في
قدرتنا على مستحيلات كثيرة، مستحيلات هي
في بساطة الإنسان وفي عمقه في اللحظة
نفسها
.
واعتبر
حداد أن تجربة
"
جهة
الشعر
"
في
سنواتها الاولى جاءت مملوءة بالدروس،
ومنها إمكان نجاح المشروع الشخصي في حقل
العمل الثقافي، مع حيوية المحافظة على
استقلالية المشروع واقتراح خصوصيته، في
الذائقة والإرادة، فضلاً عن تنمية الرغبة
في تجاوز أوهام أو قيود المحلية والإقليمية
التي لم تعد تناسب عصر الانترنت
.
والذهاب
بثقة الإبداع لمشاركة العالم في اكتشاف
المستقبل، واعتماد مبدأ البحث عن المعلومة
والذهاب إليها لنـراها في الموقع، وليس
انتظارها
.
من
رام الله، اعترف حداد بجرأة المبدع الواثق
:
أنا
لست راضياً عن أشياء كثيرة، وأهمها ما
كتبته، مستذكراً مقولة للشاعر التركي
ناظم حكمت يقول فيها
:
وضع
الشاعر في الجنة فقال
"
آه
على وطني
"
،
لافتاً إلى أن مقولة حكمت هذه ساعدت على
صقل معرفته بالحياة، فالشاعر لا يقترح
بديلاً مادياً نهائياً منظوراً وصالحاً
..
هو
يحلم
.
وأضاف
:
أرجو
ألا يطالب الشاعر بأن يقوم بمهمات الآخرين
ممن تقع على عاتقهم مسؤوليات لا يقومون
بها، فعندما ينهزم الساسة والعسكر يتذكرون
أن ثمة شاعراً ومثقفاً وأديباً ومبدعاً
هناك، وهو لربما سبب المشكلة والأزمات
..
الشاعر
يحلم، وكل الفلسفات في حياتنا بدأت
بالأحلام، وكل الفلاسفة يؤكدون شعرية
النواة التي يصدرون منها، والحضارات
تقوم، أو بُناة العالم يقومون على أحلام
يطلقها
:
الشعراء،
والكتاب، والفنانون، والمبدعون
.
------------------------------------------
الايايم
الفلسطينية
-
2018-03-13
*********************
في
وداع
"
جهة
الشعر
"
حسين
مرهون
(
البحرين
)
ليس
منذ الآن،
"
جهة
الشعر
"
مات
منذ سنوات
.
إعلان
قاسم حداد عن توقف بثه لعدم توافر الدعم
الماليّ، لم يكن سوى استكمال وفاة ميّت
مات أصلاً؛ لكنْ أجّل صاحبه إعلان وفاته
انتظاراً لانبعاث لم يأتِ
.
وعلى
ما يخبرنا حازم صاغية في وداع العروبة
"
لا
يكتمل موت الميت ما لم يُرفق بإعلانه
وإشهاره
".
منذ
2010
خرج
"
جهة
الشعر
"
من
اللعبة
.
لم
يعد فاعلاً ولا مرجعاً ولا موضوعاً في
النقاش؛ بل بالكاد كنت تستطيع تصفّحه
أصلاً، لبطئه
.
والبطء
هنا وصف مخفف لموقع لم يعد يعمل
!
لكن
"
لأن
الميت لم يُودّع أو يُؤبّن فهذا ما كان
يوحي أن الموت لم يقع أو لا يزال ناقصاً
".
أسدى
"
جهة
الشعر
"
خدمة
كبيرة إلى الثقافة العربية؛ لكن مثل كل
الحقائق الكبيرة في الحياة يلحقها ما
يلحق بالبشر
.
تشبّ
وتشيخ وتمرض وتموت أيضاً
.
هكذا
رأينا إمبراطوريّة إعلامية عمرها مائة
عام مثل مجلة
"
نيوزويك
"
تموت
وتفشل كل محاولات إحيائها إلى حدّ بيعها
بدولار واحد
.
هكذا
رأينا صحيفة عربية عريقة مثل
"
السفير
"
تستسلم
إلى مصيرها بعد مسيرة نصف قرن فلا يتبقى
لدى رئيس تحريرها غير مصباح يطفئه في قاطع
الختام، وأغنية
.
أما
في بلدنا الصغير والنازف فمن حسن حظ قاسم
أن الموت فيه ليس مفرداً إنما جماعيّ
.
فقد
ماتت صحيفة
"
الوقت
"
من
قبل
.
وقريباً
منا جداً، هذا الأسبوع فقط، استُكملت
عملية إماتة صحيفة
"
الوسط
"
بالخنق
.
دع
عنك من يموتون قتلى وفي السجون أو غرقى
هاربين في عرض البحر
.
هي
حادثة موت معلن إذن وسط حالة موتٍ عام
.
لعلّ
هذا يخفف حزن قاسم وحزن محبّي
"
جهة
الشعر
"
ويكون
فيه عزاء
.
فلولا
ذلك لكانت غربة الموت
(...
وحيدا
)
غربات
.
حسناً
أن قاسم لم يعاند القدر
.
التحيّة
له ولسنوات
"
جهة
الشعر
".
************************
مرثي
ة
غير مطنطنة في وداع
"
جهة
الشعر
"
حسين
مرهون
(
البحرين
)
قدّم
أصدقاء
"
جهة
الشعر
"
الأدباء
والأديبات العرب مرثية حزينة إثر انتشار
نبأ توقفها عن البثّ
.
كثيرٌ
من هؤلاء كانت
"
جهة
الشعر
"
منصّتهم
الرئيسة لنشر قطعهم الشعرية والأدبية
الحديثة خلال منتصف التسعينات وعلى مدى
نحو عقد ونصف
.
كان
من الطبيعي أن يُقابل إعلان الشاعر قاسم
حداد عن قرار توقفها النهائي بمشاعر خاصّة
وتضامن يستحق الكثير منه
.
لكن
في غمرة الرّثاء وجريان نهر المشاعر
المتدفق استُبعدت حقائق أو نُسيت
.
كما
أضيفت حيثيّات ليست من الواقع أو أُهمِلَت
.
اختار
الروائي الكويتي المعروف
طالب
الرفاعي
تذكير
صديقه قاسم حدّاد كيف أنهما معاً قريبان
من أصحاب المليارات المتلتلة إلا أنّ
هؤلاء يصدّون بأموالهم عن الثقافة
.
"
عزيزي
قاسم، أنتَ وأنا على بُعد مرمى حجر من
كثيرين يملكون المليارات، ولا أقول
الملايين، لكنهم يصدون بوجوههم وبأموالهم
عن الإبداع والثقافة
"
.
أما
الكاتب العراقي بدر السلطاني فقدّم مطالعة
يسارويّة مطنطنة حول
"
الثقافة
ورأس المال الرث
"
صبّ
فيها جام غضبه على
"
البرجوازية
العربية الطفيليّة
".
فقد
رأى أن
"
غياب
الدعم لهذا الموقع الثقافي يكشف رثاثة
رأس المال هذا الذي لا يستطيع أن يستوعب،
بسبب تخلّفه، أبعاد التنمية الثقافية
".
ولعلّ
إشارة قاسم حدّاد في إعلان التوقّف الذي
حرص أيضاً على تمريره بشكل شخصيّ إلى
العديد من معارفه إلى أنّ
"
الأسباب
تتعلق بعدم توافر الدعم المادّي
"
لعلّ
ذلك قد أسهم في أخذ بوصلة الحوار إلى هذه
الناحية
.
"
البرجوازيّة
العربية الرثة التي لا تستطيع أن ترى أبعد
من مستوى الحجارة
"
كما
يُقرّر الكاتب السلطانيّ
.
لكن
لماذا كل ذلك ليس صحيحاً؟ لأنه ببساطة
يغفل على نحوٍ مأسويّ حقيقة أنّ
"
جهة
الشعر
"
كانت
منذ النشأة مبادرة مشتركة بين شاعر مثقّف
ورجل أعمال صاحب شركة، ثم تطوّرت في وقت
لاحق لتصبح حلفاً برجوازياً يستقطب عدداً
من أصحاب رأس المال البحرينييّن وأهل
السلطة
.
لم
يتوقّف أيٌّ من الحزانى على ضياع
"
جهة
الشعر
"
عند
شخصيّة عبيدلي العبيدلي الذي يخبرنا قاسم
حداد نفسه في كتاب
"
عشر
سنوات من جهة الشعر
"
الذي
قام مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة
بطباعته على نفقته
(2008)
عن
أنه من يقف وراء فكرة إنشائها
"
انطلقنا
في تجربة جهة الشعر باقتراح من الصديق
عبيدلي عبيدلي
".
كتاب
أصدره مركز الشيخ إبراهيم في مناسبة مرور
10
سنوات
على جهة الشعر
في
26
يوليو
/
تموز
2003
أعلن
قاسم حدّاد خلال
ندوة
أقيمت في جمعية البحرين للإنترنت عن تحويل
"
جهة
الشعر
"
إلى
جمعية ثقافية غير ربحيّة وتشكيل مجلس
أمناء محلي لها يتألف من الأطراف التي
تتولّى عمليّة دعمها وتمويلها
.
وراح
يُعدّد أسماء هؤلاء، وهم
:
عبيدلي
العبيدلي، عادل محمد مطر، جمال فخرو،
الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، محمد عيسى
الزيرة وإبراهيم بو هندي
.
(
البوستر
)
وحرص
في كلمته الطويلة على خصّ المرحوم يوسف
الشيراوي بالتفاتة خاصّة قائلاً إنه عمل
ــــ مع عادل محمد مطر ــــ على تقديم دعم
سنويّ إلى الموقع
.
فمن هم
هؤلاء؟ حسناً، الأول هو الرّئيس التنفيذي
لشركة النديم لتقنية المعلومات
.
والثاني
هو رئيس مجلس إدارة شركة البحرين للاستثمار
العقاري
(
إدامة
)
الذراع
العقاري لشركة ممتلكات البحرين القابضة
وقتئذ، ورئيس شركة أوال الخليج للصناعات
حالياً
.
والثالث
هو الشريك التنفيذي لشركة
"
كي
بي ام جي
"
البحرين
وقطر، ونائب رئيس مجلس الشورى البحريني
.
والرّابع
هي رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار
وسابقاً وزيرة الإعلام والثقافة
.
والخامس
هو نائب رئيس مجموعة الشرقية القابضة
.
والسادس
هو عضو مجلس إدارة شركة البحرين للتسهيلات
التجارية
.
والسّابع
هو مالك شركة استشارات ووزير التنمية
والصناعة البحريني
(
من
1971
إلى
1995)
والوزير
المسئول عن شئون مجلس الوزراء السابق
.
الحقيقة
أن إطلاق مسمّى
"
حلف
برجوازيّ
"
لوصف
الموزاييك الذي تتشكّل منه هذه الكوكبة
من الأسماء ويشكّلون معاً مجلس أمناء
"
جهة
الشعر
"
هو
مصطلح قاصر
.
فأحد
هؤلاء، وهو جمال فخرو الذي يملك شركة
تدقيق حسابات عريقة تذهب لها كثير من
المناقصات السنويّة التدقيقية لوزارات
الدولة، ليس برجوازياً كبيراً فقط؛ بل
فاشيّ
.
ويمكن
بضغطة
زر وضع اسمه في محرك البحث لرؤية دفاعاته
المستميتة عبر الفضائيّات عن سحب جنسيّات
المعارضين البحرينيين وطردهم من البلاد
بنفيهم أو الزجّ بهم في غياهب السجون
.
اللّافت
في الورقة التي قدمها قاسم خلال الندوة
(2003)
والتي
لحسن الحظّ توجد نسخة منها على موقع
"
جهة
الشعر
"
نفسه
تطرّقه إلى الدعم الّذي بدأت تتلقاه
"
جهة
الشعر
"
من
وزارة الإعلام البحرينية
.
إذ
يقول
"
فبعد
المبادرة الجادّة لإدارة الثقافة والفنون
بوزارة الإعلام، من خلال اقتناع الشيخة
مي الخليفة والأستاذ عبدالقادر عقيل
لمشروع الجهة، ومبادرة بنك البحرين
والكويت بالدعم المناسب من أجل تشجيع هذا
المشروع لأن يواصل عمله بالصورة التي كنا
نتوقعها
(...)
بعد
هذا تيسّر لنا الكلام عن مستقبل الموقع
ببعض الاطمئنان
".
على
أنّ اقتناع وزارة الإعلام البحرينية
بتمويل
"
جهة
الشعر
"
قد
تطوّر مع مضيّ السنوات إلى مدىً أبعد
.
إذ
تكشف مراسلات بين مجلس الشورى البحريني
ووزارة الإعلام العام
2007
عن
أن الأخيرة بدأت تتعاطى مع
"
جهة
الشعر
"
باعتبارها
واحدةً من مطبوعاتِ الوزارة
.
فرداً
على سؤال وجهه عضو مجلس الشورى فيصل فولاذ
بشأن أوجه الرّعاية والدعم التي قدّمتها
الوزارة لقطاع الفن والفنّانين، عقّبت
الوزارة في رسالة وجّهها وزير الإعلام
آنذاك محمد بن عبدالغفار إلى رئاسة المجلس،
بتعداد قائمة المطبوعات التي تصدر عن
قطاع الثقافة والتراث الوطني على أساس
أنها واحدة من المجالات التي اهتمّت
الوزارة بدعمها وتطويرها
.
وبين
ما أشارت له الرّسالة
"
تقديم
الدعم المالي لموقع جهة الشعر على شبكة
الإنترنت الذي يشرف عليه الشاعر البحريني
قاسم حدّاد
".
(
انظر
المراسلات المرفقة
)
عضو
مجلس الشورى البحريني فيصل فولاذ يسأل
وزير الإعلام
وزير
الإعلام السابق محمد بن عبدالغفار يرد
الحاصل
أنه، على خلاف المطالعات التي قُدّمت لنا
عن تقاعس رأس المال في التّنمية الثقافيّة
فإنّ مسيرة
"
جهة
الشعر
"
تكشف
لنا العكس
.
بل
حتّى مع تراجع وهجها في السّنوات الأخيرة؛
إلاّ أنّ مبادرات مؤسّسها ظلّت تحظى
برعاية رأس المال البحريني ووداده
.
يمكن
التوقّف مثلاً عند حفل التّدشين الفخم
والاستعراضيّ لكتاب
طرفة
بن الوردة
(2011
)
في
مساحة
"
الرواق
"
للفنون
الذي يخبرنا قاسم بنفسه عن كيف أنه
"
ما
كان له أن يظهر بالصّورة التي ترونها،
لولا الموقف الرائع الذي بادر به مبكراً
الصديق جمال محمد فخرو، وبروح حضارية
نادرة ليتكفّل بإنتاج التجربة كاملة
".
لا أعرف
أيّاً من المشاريع الثقافيّة الخاصّة أو
المبادرات الفرديّة في البحرين الّتي
أتيح لها جمع هذه التّوليفة المتناغمة
من أهل المال والسّلطة في وعاء واحد لدعم
رسالة ثقافيّة ما عادت لها الكثير من
الحظوة كالشّعر
.
لقد
كان قاسم حدّاد بارعاً في جهته وفي وجهته
.
---------------------
«
الأخبار
»
اللبنانية
في
16
مارس
2018
*****************
جهة
الشعر
:
نافذة
مشرعة على الشعر العالمي
محجوب
العيّاري
(
المغرب
)
كلمة
أولى
:
هذا
المقال وافانا به، قبل رحيله، إلى جانب
مقالات أخرى، شاعرنا محجوب العيّاري
.
أرجأنا
نشره وقتها ولم نكن ندري أنّه سيغادرنا
ذات
31
مارس
2010
وهو
في الـ
49
من
عمره
.
وفاء
لذكرى شاعر لا يموت وإن ووري التّراب،
ننشر مقاله هنا عن
«
جهة
الشعر
»..
فمحجوب
العيّاري حيّ بيننا وسيبقى
.
ي
-
ر
.
***
يعتبر
موقع
(
جهة
الشعر
)
اليوم
من أهم الفضاءات الشعرية التي تلتقي على
ضفافها أهم الأقلام العربية وغير العربية،
حتى غدت من أهم مصادر المعلومة بالنسبة
إلى الدارس والناقد والمتابع
.
كما
أنها تمثل نافذة متقدمة في التعريف بالشعر
العربي مترجما إلى لغات أخرى كثيرة
.
وهي
إلى جانب ذلك، منفتحة على الأصوات الأخرى،
إذ نلحظ حضورا لافتا لنصوص كثيرة في لغات
مختلفة مثل الفارسية والفرنسية والإيطالية
والإسبانية والإنجليزية والفارسية
.
وقد
حرصت
(
جهة
الشعر
)
منذ
إطلاقها الأول عام
1996
على
مواكبة التطور التقني المتسارع، وكانت
تطمح إلى أن تتحول إلى مرجع أساسي متجدد
للشعر الحديث
(
بالعربية
واللغات الأخرى
).
وتمكنت
من تحقيق الكثير حتى الآن
.
ولتطوير
هذا الطموح وبلورته رأى المشرفون عليها
تحويل
(
جهة
الشعر
)
من
مشروع فردي
/
شخصي
إلى مشروع جماعي، وتكريسها بوصفها جمعية
ثقافية غير ربحية، مما وسع آفاق عملها
وانفتاحها
.
وبذلك
أصبح موقع جهة الشعر
«
مشروعا
جماعيا تسهم فيه كائنات لا تحصى من شتى
أصقاع العالم
»
،
على حد تعبير قاسم حداد، الشاعر البحريني
المشرف على الموقع
.
وقد
تم تشكيل هيكل إداري واستشاري وتحريري
وفريق عمل فني للقيام بهذه المهمة وكوكبة
حميمة من أصدقاء جهة الشعر
.
وتتركب
هيئة التحرير الاستشارية من الأساتذة
:
صبحي
حديدي
-
ياسين
عدنان
-
إسكندر
حبش
-
جمانة
حداد
-
عابد
إسماعيل
-
يعقوب
المحرقي
-
أمين
صالح
-
عبد
القادر عقيل
-
سيد
محمود
-
عماد
فؤاد، أما المشرف العام، فهو الشاعر
البحريني قاسم حداد
.
وضمن
عنايتها بالنشر الالكتروني، تعمل
(
جهة
الشعر
)
على
توفير فرصة نشر النصوص والكتب الشعرية
الجديدة، في الصيغة الإلكترونية قبل
نشرها الورقي التقليدي،
(
كتباً
وصحافة
)
،
دون أن يحول هذا
(
ولا
يعوق أو يقلل
)
من
أهمية الطباعة والنشر اللاحقين تقليدياً
.
وما
غاية
(
جهة
الشعر
)
إلا
السعي لوضع النص في متناول القارئ الكوني
في اللحظة ذاتها التي يقرر فيها الكاتب
أنه انتهى من كتابته، وبالسرعة الممكنة،
مع مراعاة الجانب الجمالي في الإخراج
الفني الذي يمنح الكتابة طبيعتها الكونية
في حرية الاتصال وسرعته والتحكم في نوعية
النشر وجمالياته
.
يقول
قاسم حداد
:
«
من
هذه الشرفة يستطيع الشاعر أن يقترح علينا
كتابه الكامل، أو نصه الجديد، لكي نضعه
في مهب القارئ الكوني، جديداً، جميلاً،
وفي منتهى الحرية
.
"
الشعراء
بأصواتهم
"
إلى
جانب الملفات الثرية التي تقدمها جهة
الشعر عن الشعراء والتي تشتمل على سيرهم
الذاتية، ومختارات من قصائدهم، ومقتطفات
من شهاداتهم، فإنها تقدم بعض القصائد
بأصوات الشعراء أنفسهم، مع نبذة مسموعة
عن الشاعر وأهم ما يميز تجربته الشعرية
.
ومن
بين الشعراء الذين يمكن لأي متصفح لهذا
الموقع أن يستمع إلى قصائدهم ملقاة
بأصواتهم نذكر
:
قاسم
حداد ـ أمل دنقل ـ أدونيس ـ بدر شاكر السياب
ووديع سعادة
.
كما
يعرض الموقع قائمة أخرى من القصائد
المسموعة لجملة من الشعراء بالاتفاق مع
إذاعة الشرق في باريس، وهم
:
حبيب
دنكور ـ نزيه أبو عفش ـ أنسي الحاج ـ عبد
العزيز المقالح ـ مريد البرغوثي ـ عباس
بيضون ـ قاسم حداد ـ حسن طلب ـ عائشة
ارناؤوط ـ صلاح ستيتية ـ أمجد ناصر ـ أحمد
دحبورـ بدر شاكر السياب ـ أدونيس ـ
محمد درويش ـ عبد اللطيف اللعبي ـ سعدي
يوسف ـ جاك بريفير ـ شوقي أبي شقراـ أحمد
عبد المعطي حجازي ـ فينوس خوري غاتا ـ عبد
الرحمان الابنودي ـ بدر شاكر السياب ومحمد
علي شمس الدين
.
إضافة
إلى ذلك، فالموقع يقدم ملفا يحتوي على
أصوات
63
شاعرا،
في
25
لغة،
من
48
بلدا،
من القارّات الخمس، وهم الشعراء المشاركون
في المهرجان الدولي للشعر في ميدلين
بكولومبيا، مع الإشارة إلى أن حقوق هذه
المادة محفوظة لمجلة بروميثيوس، وشركة
الفنّ والشعر بروميثيوس، ميدلين –
كولومبيا
.
الأنطولوجيات
يقدم
الموقع خمس أنطولوجيات مختلفة، هي
:
شعر
العالم – الشعر الجديد – أنطولوجيا الجهة
-
مختارات
فردية وأنطولوجيا
.
وفي
هذا الرابط الأخير
(
أنطولوجيا
)
،
يمكن أن نطلع على باقات من الشعر العالمي
مثل
:
أنطولوجيا
الشعر الدّانماركي الحديث ـ مختارات
لشعراء سوريين أكراد ـ مقتطفات من الشعر
الإسباني المعاصر
(
ما
بعد الحرب الأهلية إلى اليوم
)
ـ
أغاني الهنود الحمر ـ إلى جانب مختارات
من الشعر التشيكي وقصائد لخمسة عشر شاعرا
من اليونان الراهنة، إضافة إلى الشعر
الإنقليزي والأمريكي والشعر الياباني
والبرتغالي والمجري والألماني والكوري
والتركي والإيطالي وغيره
...
وعليه،
يمكننا اعتبار هذا الملف
-
بأفقه
الشاسع الفسيح
-
ديوانا
للشعر في العالم، وهو ملتقى مفتوح لا
متناهٍ لأهم الأصوات الشعرية في العالم
بعد كسر عوائق اللغات وحواجز الجغرافيا
.
ملحوظة
:
رغم
أن موقع جهة الشعر يعد من أهم الفضاءات
للتعريف بالشعر ونشره، إلا أن الحضور
التونسي لا يزال محتشما جدا، ولا يكاد
يقتصر إلا على بعض الإسهامات القليلة
جدا
.
جهة
الشعر
:
بطاقة
تعريفية
:
العنوان
على الشبكة
:
.
www.jehat.com
المشرف
:
الشاعر
البحريني قاسم حداد
.
البريد
الإلكتروني
:
qassim@qhaddad.com
-------------------------------------
موقع
الصحافة اليوم
***************************************************
إلى
أي جهة نرتحل من دون جهة الشعر؟
هشام
عقيل صالح
(
البحرين
)
لا
يرتحل المرء إلا إذا كان منفيًا، ماسكًا
خارطة ما في يده ليذهب إلى مكان ما
.
الكثير
ممن ارتحلوا لم يعرفوا علم المكان، لم
يعرفوا إلى أين يتجهون؛ لكنهم دائمًا
يجدون أنفسهم في مكان ما
.
بما
أنه لا يمكنك أن تكون غير متمكن
.
جغرافيًا،
«
جهة
الشعر
»
هي
جزيرة ضمن الجزر القليلة التي تحيط بعالم
يسمى، لا أدري، بالعالم العربي
.
الجزر
الأخرى واجهت جفافًا، لا ماء عذب يصلها
ولا زرع يتنفس
.
هل
جربتم طعم الدم من قبل؟ الدماء مالحة،
والكثير منها سال في البحر؛ أنه يزداد
ملوحة يومًا بعد يوم
.
«
جهة
الشعر
»
احدى
الجزر التي صمدت
.
اشرأب
عنقها من تحت الماء عندما كنت طفلاً
رضيعًا، ثم تأبطتْ الأرض فانطلقت كينونةً؛
أنا تكونتُ معها، أنا جزيرة أيضًا
.
طوبوغرافيًا،
تضاريسها غير مستقرة؛ أنت تبدأ
«
غريبًا
يدخل البيت
»
،
ثم كل اتجاه تأخذه، كل الأماكن، هي
«
جهة
القلب
»..
أترى؟
لا يوجد يمينًا أو شمالاً، أنت في المكان
المحض
.
لا
تكترث أين تكون، لأنك ستكون فيما يكون
.
تستطيع
أن تصعد فوق هضبة، تسمى
«
دفتر
أفكار
»
،
حيث اللقاءات سعيدة
.
«
جهة
الشعر
»
ليست
أيديولوجيا، أنها، على العكس، طوبوغرافيا
.
جرب
هذا
:
قارن
كل تضاريسها، ثم قل لي إن وجدت تشابهًا
واحدًا بين كل جهة ومدخل
.
كأنما
خُلقت من تضارب متفجر، من الأسود الأبيض،
من البركان البحري، من الحتمية الممكنة
.
أنت
تقرأ لافتة تقول
«
الجهة
الخامسة
»
،
ولا تدري أين هي الأولى، الثانية، الثالثة،
السادسة، العاشرة، إلخ
.
الكل
رفع صوته
:
«
فوجئنا
بخبر توقف جهة الشعر
!».
توقف؟
الكف عن؟ هذا مفهوم متصل بالميكانيكا
.
الكل
يرفع صوته
:
«
لا
مكان اليوم للمثقف، ولا مكان للعربي ليكون
مثقفًا
!»
لا
مكان؟ اليوم؟ هذا مفهوم متصل بالميتافيزيقيا
.
لنفهم
:
جهة
الشعر لم تتوقف، بل
*
دفعت
*
للتوقف
!
المثقف
العربي لم يغيّب بل ضل طريقه
!
الأزمة،
مرة أخرى، ليست أزمة المثقف
.
ليس
بمقدوره أن يلوث الثقافة، وهو أصلاً إنسان
لا حول له
.
الأزمة،
بكل بساطة، أزمة ثقافة
.
البنية
الثقافية في أزمة، بذلك توّلد مثقفًا
أزمويًا
.
لماذا
تغضب من النبتة حين لا تنمو، إذا كانت
تربتها تجرها من شعرها؟ الأمور لا بد أن
تسمى بمسمياتها، الأمور لا بد أن تكون
واضحة
.
علينا
أن نكف عن هذه العدمية، عن ثقافة التباكي،
عن ثقافة التهويل
!
جهة
الشعر باقية، هي لا تحتاج إلى دعم مالي
أو معنوي
.
انطلقتْ
من جهة الرفض، ولا يقابل الرفض إلا الرفض
.
انطلقتْ
في لا
-
تزامن،
ولا يقابل اللا
-
تزامن
إلا الوهم الزمني
.
فلماذا
نغضب؟ ولماذا نتحدث كأنما العالم يدين
لنا بشيء؟
جهة
الشعر لم تتوقف لأنها انطلقت مدركة بالأزمة
الثقافية؛ زمنها هو الآن أكثر من أي وقت
مضى؛ إذا أفُنيتْ، فأنها لن تقر، في هذا
الحدث، إلا بسبب وجودها
.
كل
مشروع ثقافي، كل محاولة زرع بذرة، تتوقع
الجو السيء الذي يمكنه أن يحل في أي وقت،
لأنه تأسس على هذه الأسس
.
وبعيدًا
عن النوستلوجيا والتذمر
:
أين
نحن من
«
كو
دي تا
»
الحاصل
في المجلات الثقافية؟ أين
«
كلمات
»
؟
وكيف نفسر انحسار الجمعيات الثقافية عن
دورها الثقافي؟ وكيف لنا أن نسامح من ظل
صامتًا، من تنبت أذناه كالحمار لا يردد
سوى
«
نعم
»
؟
كيف يمكننا أن ننظر إليهم بعد الآن؟
البحرين
تتحدث الآن بكل صراحة
:
الأزمة
الثقافية لا تخلق سوى مثقفًا أزمويًا
-
إما
يتجه نحو حل الأزمة، وإما يعززها
.
علينا
أن نتعلم ألا نعلن الموت سريعًا؛ بل نرغب،
ننزع نحو، نشتهي، الحياة
.
علينا
أن نبعث الحياة في كل مكان
.
أنا
سأبقى في جهة الشعر، ولن أقبل أن ارحل
بعيدًا عنها
.
نشرتُ
أربع مقالات فيها، وأنا الآن عازم على
نشر أربع مقالات غيرها
!
لستُ
ممن يعلنون الموت سريعًا، لستُ ممن يعززون
القنوط في من أصابه اليأس
.
أنا
باقٍ فيها، ولن أرحل بهذه السهولة؛ في
البحرين أنها فعلاً كل ما تبقى لنا
.
«
الأخبار
»
تقول
:
قاسم
حداد ودع
«
جهة
الشعر
».
«
الأيام
»
تقول
:
جهة
الشعر تنام الآن
.
أنا
أقول
:
لا
تودعوا من لا يريد أن يرحل
!
لا
تفرضوا النوم عليه، هذا الذي يريد أن
يتوحد في الليل
!
لا
تكتبوا
«
احترق
الجميل ومات ولن يبعث الققنس من الرماد
»!
لا
تتسرعوا في إعلان الموت مع الذين يسرهم
أن يلفظوا كلمات الموت
!
تجهزوا
لعودة
«
جهة
الشعر
»
(
التي
لم ترحل بعد
)
،
جهزوا اقلامكم للإحتفاء بها، لم يحن موعد
الموت بعد
..
وتذكروا
:
«
أقف
عاريًا في ثلج الريح
/
وحيدًا
/
كحرف
الألف
/
ولا
أنحني… أخرج من نار وأدخل في نار
/
ولا
أنحني
.
أعتقد
بالتقاء النقيض بالنقيض
/
ولا
أنحني
»
(
قاسم
حداد
).
--------------
اخبار
الخليج
-
السبت
١٠ مارس ٢٠١٨
**********************************************************
حداد
ينعى “جهة الشعر”
رصد
اخباري
أعلن
الشاعر البحريني قاسم حداد، إغلاق الموقع
الإلكتروني العريق “جهة الشعر”، وهو من
أهم وأقدم المواقع العربية المختصة
بالشعر
.
وأرجع
حداد، في رسالة نشرها على الموقع، إن قرار
إغلاق الموقع إلى الظروف المادية، وعدم
توفر الدعم المالي، وهو أمر تعانيه الكثير
من المواقع الثقافية في الوطن العربي
.
وكتب
حداد الرسالة التالية على الموقع
:
“
الأصدقاء
الأعزاء
..
سوف
يتوقف موقع جهة الشعر عن البث لأسباب
تتعلق بعدم توافر الدعم المادي
..
ونود
هنا ان نتوجه بالشكر لكل من وفر الدعم
المادي له على مدى العشرين عاما السابقة
والاعتذار لأصدقاء جهة الشعر الذين
بمشاركتهم النشر في الموقع أسهموا فعلا
في الإنجاز الذي تحقق طوال سنوات عمل
الموقع منذ انطلاقته عام
1996”.
وشكل
موقع “جبهة الشعر” منبرا مهما لرواد
الثقافة والنصوص الأدبية والشعرية، ودأب
الكثير منهم على نشر أعمالهم الجديدة،
وظل الموقع متماسكا طيلة الـ
22
عاما
معتمدا على دعم مادي بسيط، لكن وبعد كل
هذا الجهد يسدل الستار على الموقع وفي
قلوب الكثيرين حسرة وألم
.
5
مارس،
2018
********************************************
وداعاً
"
جهة
الشعر
"
أمجد
ناصر
(
الأردن
_
لندن
)
كنا
ذات يوم، صبحي حديدي وأنا، في ضيافة صديقنا
قاسم حداد في المنامة، فدعاني قاسم إلى
مطعم كبابٍ شعبيٍّ يعرف صاحبه
.
بدت
العلاقة بين الاثنين أكثر من مجرد زبون
وصاحب مطعم
.
جاء
الأخير، وجلس معنا بعدما أعدَّ طعامنا
.
إنه
من هذا النوع الذي يغري المثقفين
.
كادح،
على قدر من الاطلاع، ذو تجربةٍ حياتيةٍ
لا يعرفها معظم الذين
"
يمتطون
"
(
ملاحظة
:
هذا
الوصف مقصود
!)
القلم
.
نحب
هذا النوع من الحياة في الكتب فقط
.
ألم
يُغرم بطل رواية نيكوس كازانتزاكي،
المثقف، بـ
"
زوربا
"
الملاح
غير التائه، وابن الحياة من شحمة أذنها
حتى أخمص قدمها؟ فعل
.
بل
صار أشبه بـ
"
معلم
"
له
في شؤون الحياة
.
لم
يكن صاحب المطعم
"
شخصيةً
روائية
".
ليس
"
نموذجياً
".
إنه
رجل حياة يوميةٍ لا تتساءل عما أتساءل
عنه الآن، ولا تحفل به
.
كان
شخصاً داكن اللون
.
أظن
أن اسمه
:
أحمد
السنيّ
.
لست
متأكداً، فإن لم يكن هو أحمد السنيّ، فهو،
على الأقل، روى لنا حكاية أحمد السنيّ
التي صارت لازمة الحضور، كلما التقيت
قاسم حداد
.
ذهب
أحمد السنيِّ إلى إيران، أيام الشاه،
فلاحظ رجل الحدود غرابة اسمه
.
وبعنصريةٍ
تليق بنا، نحن أبناء الشرق، قال له
:
هَمْ
سياه، وهَمْ سنيِّ؟ وسياه تعني بالفارسية
:
الأسود
.
ضحكنا
ليلتها كما لم نضحك من قبل
.
ضحكنا
حتى كدنا نقع على ظهورنا
.
ولكن
ليس قبل أن يترجم لنا الرجل قولة الشرطي
الإيراني إلى ما يلي
:
أسود
..
وفوق
ذلك سنيّ؟ يا لهذا
"
الشؤم
"
المضاعف
:
ألا
يكفي أنك أسود، وسنيّ أيضاً؟
!
اللعب،
الساخر، مع الكلمات وجه آخر لقاسم حداد
.
لكن
وجهه الأول سيبقى، دائماً، لعبه، بل طرْقه
الماهر، كحدّاد أصيل، على الكلمات، حتى
يطلع منها ما تخبئه في أحشائها من مستعصي
المعاني
.
شاعرٌ
مغامرٌ بكل معنى الكلمة
.
لا
يمشي الدروب السهلة، المستقيمة
.
يخلط
ما يبدو غير قابلٍ للخلط، فتلمع هذه
العجينة الجديدة كسبيكة ذهب
.
هذه
الكلمات ليست في تقريظ شعرية قاسم حداد
.
فهي
تفيض عن ركنٍ في صحيفة
.
إنها
تحية لأول مغامرةٍ رقميةٍ ثقافيةٍ عربيةٍ
وضعت الشعر في صلب اهتمامها، من دون أن
تغفل ما تدور حوله من حقول كتابيةٍ وفنيةٍ،
لا يستوي الشعر من دونها، أعني
:
"
جهة
الشعر
"
،
الموقع الثقافي العربي، بل متعدّد اللغات،
الشامل، ذو اللون الأزرق الذي كاد يكون
علامة دالة عليه
.
هذه
ريادةٌ لقاسم حداد، وإدراكٌ، مبكِّر،
بقدوم العصف الرقمي الذي سيطيح آلة العالم
القديم، ليرسي عالماً جديداً لم نكن نتوقع
أن يبلغ ما بلغه الآن
.
كنا،
كلنا، ننشر في صحفٍ ورقية
.
هذه
التسمية، بحد ذاتها، موجعة، ومثيرة
للغرابة
:
صحف
ورقية؟
!
هل
كان هناك غير الصحف الورقية؟ هل كان هناك
وسيط للقراءة غير الورق؟ وللكتابة
:
غير
القلم؟ أهذه أشياءُ من الماضي البعيد؟
أهذه أحاديث معنعنة؟ كلا
.
هذه
ثلاثة أرباع حياة من هم في عمري، وها نحن
نرويها كما لو أنها حياة أسلافٍ بعيدين
.
جاء
موقع
"
جهة
الشعر
"
ليقدّم
لنا أكثر من
"
خدمة
".
أهم
هذه
"
الخدمات
"
الجليلة
أنك تنشر، أو تعيد نشر ما كتبت في الصحف
الورقية، على موقعٍ يخترق حجب الرقابة
العربية، يتجاوز الحدود وأختام وزارات
السيادة العربية التي لا تعمل إلا في
المنع والحجب والإقصاء
.
صار
بوسعك أن تقرأ ليس في اليوم ذاته، بل في
اللحظة ذاتها، نصاً من المغرب، يجاوره
نص من المشرق، أن تعرف ما حجبه الرقيب،
أن تتواصل مع نصوص وكتابات مثقفين عرب
شتتهم الأنظمة، وكاد المنفى يبتلعهم
.
هذه
فضيلة
"
جهة
الشعر
"
،
قبل أن تصبح الصحف نفسها رقميةً، وقبل أن
"
تطوّر
"
الأنظمة
العربية آليات حجب جديدة
"
تواكب
"
العصر
.
هذا
بالضبط ما نبرع به
:
مواكبة
العصر بالمنع والرقابة والتعطيل
.
تضيق
الأرض العربية بصحيفة، أو بموقع ثقافي،
بكلمةٍ خارج السرب المنصاع، وتتسع لطائرات
التايفون، والأواكس، والرافال، والإف
16
التي
نقصف بها بعضنا بعضاً
.
أي
همالةٍ تاريخية هذه؟ تتوقف الصحف أو تحجب،
تضمحل البؤر التي تشعُّ جمالاً، ويتعملق
القبح ويشمخ
.
"
جهة
الشعر
"
أدّت
دورها، حتى لو توقف نبضُها الأزرق
.
شكراً
قاسم حداد
.
********************
أزمة
مالية وراء توقف “جهة شعر”
أزمة
مالية وراء توقف “جهة شعر”
محمد
السيد
مارس
8,
2018
اعلن
موقع “جهة الشعر” التوقف بعد
22
عاما
من العمل المتواصل، نتيجة ازمة مالية
.
واكتفى
المشرف على الموقع الشاعر قاسم حداد،
بوصف الامر بـ ” المؤسف”
.
يأتي
ذلك في الوقت الذي، عبر فيه العديد من
الشعراء عن أسفهم البالغ لهذا الامر
.
وكالة
أنباء الشعر
***************************************
اغلاق
موقع “جهة الشعر” يساهم في تراجع سمعة
البحرين الثقافية
كتب
– محمد الغسرة
اغلاق
الوقت ثم الوسط واخيرا موقع ” جهة الشعر”
الذي يحرره قاسم حداد منذ انطلاقه عام
1996
والذي
أصبح الموقع الاشهر في العالم العربي
متخصص في الشعر بل كان
«
غرفة
كونية
»
لاستقطاب
أهم الأصوات الشعرية العربية والعالمية،
في أكبر موسوعة شعرية الكترونية ينشر
بسبع لغات، يعتبر تراجع حقيقي بدور البحرين
الثقافي البلد الصغير الذي له اسهامات
كبيرة أكبر بكثير من حجمه، وبخروجه تفقد
البحرين أحد الاذرع الثقافية القوية
الشهيرة التي كسبت من خلالها العديد من
قادة شعراء العرب، وأصبح ارشيف لهم الان
بدلا من منارة
.
عن
الاسباب رفض حداد الخوض في هذا الموضوع،
مكتفيا بما نشره على الموقع “سوف يتوقف
عن البث لأسباب تتعلق بعدم توفر الدعم
المالي ”، ورفض بالمقابل عبيدلي عبيدلي
الرئيس التنفيذي لمؤسسة النديم التي
تتكفل بالعمل الفني والتقني للمشروع باي
تصريح حول الموضوع ايضا
.
فيما
اشارت مصادر مقربة من ادارة الموقع بان
تكلفة ادارة الموقع وتحرير مواده من قبل
مؤسسة نديم التي تتولى الاعمال الفنية
حوالي
30
ألف
دينار سنويا وطلبت المؤسسة مبلغ
100
ألف
دولار لاستمراره ” وهو مبلغ مبالغ فيه
كثيراً كما يزعم البعض”، وكانت وزارة
الاعلام ثم هيئة البحرين للثقافة والاثار
تساهم بنسبة كبيرة في تمويل المشروع قبل
عملية التقشف التي شملت جميع الوزارات،
بالإضافة الى رجال اعمال من القطاع الخاص
المحلي
.
البعض
ربط بين اغلاق جريدة الوقت و “جهة الشعر”
بسوء الادارة وكما قال الصحفي محمد فاضل
عن اغلاق الموقع ” المثقفون الحقيقيون
لا يعرفون كيف يحصلون على المال بل كيف
يبدعون أدبا وفناً
.
ومشكلة
تقدير الأدب والثقافة والفكر ستبقى قائمة
بأشكال متغيرة من وقت لآخر يبدو وقتنا
الراهن أسوأها لأنه “عصر التفاهة بامتياز”
.
فيما
انتقد البعض بطء العمل بالموقع، وعدم
اشراك الشباب من خلال التطبيقات الهاتفية
والالكترونية، وتحويل الموقع الى موقع
ثقافي يستطيع تمويل نفسه بنفسه من خلال
فرض رسوم على المشاركين، او غيرها من
الحلول التي من شانها تجعل الموقع قائم
.
الشاعر
والباحث في التراث علي عبدالله خليفة،
يقول بان اغلاق اي موقع ثقافي بمستوى”
جهة الشعر” خسارة كبيرة، لاسيما انه عمره
أكثر من
22
سنة، موضحا
بان الموقع يخدم الثقافة والشعر في العالم
العربي بل في العالم، ويبدو ان اغلاقه
لسبب مالي بحت، واتصور بان الحكومة ليس
لها علاقة بإغلاقه لأنه مجهود خاص
.
علما
بان عدد من الشعراء والمثقفين في لبنان
وتونس والمغرب وعدد من المغتربين في واربا
وامريكا يسعون الى خلف بدائل للتمويل،
لكن الخوف ان يتأثر بالتيارات السياسية
الذي كانت بعيدا عنها منذ انشاءه، او يصبح
ارشيف للذكرى، وكان قاسم يعمل بمثابة
سكرتير تحرير دون اجر
.
*********************************************
موقع
"
جهة
الشعر
"
يغلق
أبوابه
|
|
|
|
|
|
أعلن الشاعر البحريني الكبير قاسم حداد مؤسس موقع " جهة الشعر " عن توقف الموقع لأسباب مادية . وقال في تدوينة له أمس الاحد : سيتوقف موقع " جهة الشعر " عن البث لأسباب تتعلق بعدم توفر الدعم المالي . ونود هنا أن نتوجه بالشكر لكل من وفر الدعم له علي مدي العشرين سنة السابقة . والاعتذار للأصدقاء الذين بمشاركتهم النشر في الموقع . أسهموا فعلاً في الانجاز الذي تحقق طوال سنوات عمل الموقع منذ انطلاقه عام 1996". وقد اثار إغلاق الموقع الشعري الأهم في العالم العربي ردود أفعال واسعة في أوساط الأدباء والمثقفين الذين نعوا إلى الشعرية العربية اغلاق هذا الموقع . وانتقدوا أثرياء العرب الذين يتبرعون للاعبي الكرة بينما يبخلون بدعمهم علي الثقافة التي لا تعنيهم في شيء .
وقال الشاعر فتحي عبد السميع : تلقيت ببالغ الحزن والمرارة والغضب نبأ إغلاق موقع " جهة الشعر " لعدم توفر الدعم المالي . النبأ صاعق . لأن الموقع كأن أرخص مؤسسة ثقافية من حيث التكلفة . وأثمن مؤسسة من حيث العطاء . كما كان نموذجا فريدا للعمل الثقافي الذي تخلّص من الأمراض العربية . فلم ينغلق علي شلة . ولم يتعصب لمكان . ولم يفرط في الجدية والموضوعية والاخلاص لرسالته .
اضاف فتحي لقد راح الموقع ينمو خلال أكثر من عشرين عاما من العمل . وصار صرحا شعريا هائلا . كمَّا وكيفا . ونجح في لم شتات الشعراء العرب كما لم ينجح مكان آخر . كما نجح في أن يكون نافذة حية علي المشهد الشعري العالمي .
شكرا للشاعر قاسم حداد صاحب الموقع علي ما بذله من جهد رهيب . شكرا لكل من عاونه في بناء ذلك الكنز الجميل .
النبأ صاعق لأن العالم العربي يقبل التضحية بتحفة ثقافية لا يحتاج الحفاظ عليها إلا لدراهم معدودة قياسا بوجوه الصرف السفيهة التي تطالعنا كل يوم .
المرارة التي يخلفها غلق الموقع . تفتح الباب على مرارة أمة يصر مترفوها على ضياعها .
أكثر من ثلاثين مليونا من الجنيهات دفعها رجل عربي مساهمة في انتقال لاعب كرة القدم صلاح محسن للأهلي . ورغم أن العالم العربي لن يخسر شيئا لو لم يدفعها . لكنه دفعها وكأنه لم يدفع شيئا . وتلك قطرة من بحر الصرف العربي علي أمور مماثلة .
لماذا ينكمش البذخ العربي فجأة ويصبح قنفذا شاهرا شوكه عندما يتعلق الأمر بدعم قليل جدا لمنبر ثقافي . لماذا يكشر العربي عن أنيابه عندما يتعلق الأمر بمبلغ زهيد جدا لدعم موقع يثري الهوية . ويتحدى الخراب العربي بالجمال والابداع . والتواصل الانساني الثري الحميم .
وقد تأسس موقع " جهة الشعر " عام 1996 وكتب قاسم حداد في الاحتفال بمرور عشر سنوات على تأسيسه : كوننا نحتفل . في اليوم العالمي للشعر . بمرور عشر سنوات على إطلاق موقع " جهة الشعر ". فثمة الايقاع الكوني الذي يهندس لنا المتتاليات الروحية وهي تتناغم مع تحولات المعرفة الانسانية في نوع من الهارموني الغامض الذي يستعصي على إدراك البشر العاديين .
البشر العاديون هم اليوم تركة ما قبل الالكترون الانساني . ويتوجب عليهم أن يتداركوا تسارع انقراضهم كل يوم . فهم يقصرون عن فهم ما أحب أن أسميه " علاج المسافة ". بما يتجاوز مفهومنا الفيزيائي للمسافات .
هذا ما نحاول في " جهة الشعر " أن نواصل طرح الأسئلة حوله . عبر سنوات الدرس الأول .
إن السنوات العشر من عمر " جهة الشعر " ليست زمناً طويلا بالقياس للإيقاع الكوني الفادح . لذلك سوف أعتبر السنوات العشر بمثابة الدرس الأول .
ففي حقل من هذا النوع الجديد . وآلية بالغة الحداثة . مثل الانترنت والنشر الالكتروني وبقية الوسائط المستجدة . حيث التطور المتسارع والمعطيات اليومية الكثيفة . لابد أن نتريث كثيراً قبل الزعم بأننا يمكن أن نحقق المعجزة بمفردنا . وبأدواتنا وآليتنا ومعرفتنا التقليدية .
لذلك أري بأننا في " جهة الشعر " بالكاد نكون في الدرس الأول من المعرفة الجديدة .
وهو درس بالغ الأهمية في سبيل توفير ما يساعدنا علي تأمل تجربة مختلفة بالمعني الدقيق للكلمة . فكل ما صادفنا طوال الوقت هو نوع من المعرفة يختلف عن كافة معارفنا السابقة . بل وربما كانت أغلب الأحيان نقيضاً تماما لقسم كبير من معارفنا التقليدية .
من هنا نعتقد في " جهة الشعر " بأننا بالكاد نبدأ في استيعاب ما يحدث لنا في هذه التجربة . وضمنه ما يحدث لنا في الحياة الجديدة . وهو يضعنا جميعا في مهب المستقبل الماثل . فيما نحن نصقل أدواتنا ونشحذ مواهب المعرفة والابتكار فينا .
منذ أن انطلقنا في تجربة جهة الشعر باقتراح من الصديق عبيدلي عبيدلي في " النديم لنظم المعلومات ". وحتى هذه اللحظة . لم يهدأ لنا جناح . ولم تتوقف الأسئلة ورغبة التحديث .
بدأنا فكرة صغيرة بمشروع فردي وشخصي في نفس الوقت . لكنه سرعان ما أصبح مشروعا جماعيا تسهم فيه كائنات لا تحصي من شتي أصقاع العالم . بدأنا بفكرة نشر الشعر العربي في لغته . فاشتبكنا بجماليات التعدد اللغوي لنشر الشعر العربي في أكثر من سبع لغات .
بدأنا كمن يتعثر في نوم موحش . ولكننا الآن نسبق أحلامنا .
كنا نبتكر المناسبات لتحديث الموقع وتحقيق الانطلاقات .
كنا نسهر على بناء المحتوي الثقافي النوعي الرصين في " جهة الشعر ". دون أن نغفل عن تطوير آلة التقنية وتحديثها . لكن دائماً من أجل بلورة وسائط عرض النصوص وسرعة وسهولة وصول المستخدم إلى المحتوي .
ولخص قاسم حداد ما تم إنجازه في الموقع خلال عشر سنوات قائلا : يمكنني إيجاز عدد متعطفات التحول والتحديثات في الانطلاقات التالية : الانطلاقة الأولي في العام 1996. لكي لا نبدو متأخرين عن المشهد الثقافي في الشبكة أكثر مما فعلنا .
الانطلاقة الثانية في العام 2001 مجموعة جديدة ومبتكرة من الملفات يجري تغذيتها وتحديثها باستمرار
الانطلاقة الثالثة في العام 2003 التحول إلي مصدر عالمي من مصادر المعلومات عن الابداع الشعري العربي . بوصفه مرجعاً معتمدا ورصيناً ودائم التحديث .
الانطلاقة الرابعة في العام 2005 ورشة عمل شعرية عالمية بالمعني الأدبي والتقني للكلمة .
كانت الأحلام كبيرة لكنها اصطدمت بالعوائق المادية . فهل من جهة أو مؤسسة تبادر إلي دعم الموقع ليعاود الاصدار من جديد في زمن نحن أحوج ما نكون فيه إلى مثل هذه المواقع الثقافية المهمة؟؟
|
-----------------
جريدة
المساء
-
5/3/2018
******************************************
حداد
ينعى “جهة الشعر”
مصدر
الخبر
/
قناة
218
الليبية
أعلن
الشاعر البحريني قاسم حداد، إغلاق الموقع
الإلكتروني العريق “جهة الشعر”، وهو من
أهم وأقدم المواقع العربية المختصة
بالشعر
.
وأرجع
حداد، في رسالة نشرها على الموقع، إن قرار
إغلاق الموقع إلى الظروف المادية، وعدم
توفر الدعم المالي، وهو أمر تعانيه الكثير
من المواقع الثقافية في الوطن العربي
.
وكتب
حداد الرسالة التالية على الموقع
:
“
الأصدقاء
الأعزاء
..
سوف
يتوقف موقع جهة الشعر عن البث لأسباب
تتعلق بعدم توافر الدعم المادي
..
ونود
هنا ان نتوجه بالشكر لكل من وفر الدعم
المادي له على مدى العشرين عاما السابقة
والاعتذار لأصدقاء جهة الشعر الذين
بمشاركتهم النشر في الموقع اسهموا فعلا
في الإنجاز الذي تحقق طوال سنوات عمل
الموقع منذ انطلاقته عام
1996”.
وشكل
موقع “جبهة الشعر” منبرا مهما لرواد
الثقافة والنصوص الأدبية والشعرية، ودأب
الكثير منهم على نشر أعمالهم الجديدة،
وظل الموقع متماسكا طيلة الـ
22
عاما
معتمدا على دعم مادي بسيط، لكن وبعد كل
هذا الجهد يسدل الستار على الموقع وفي
قلوب الكثيرين حسرة وألم
.
------------
5
مارس،
2018
********************************************************************
موقع
كمال الأمير
(
لا
يقبل النسخ
)
http://alamirkamalfarag.com/show_news.php?id=1615
***************************************************************
جهة
الشعر ومعادلتنا المعكوسة
محمد
فاضل العبيدلي
(
البحرين
/
الامارات
)
في
صيف العام
1983
،
كان الصديق ابراهيم بشمي يتحدث في ندوة
عن الصحافة ضمن الموسم الثقافي الصيفي
لجمعية أوال النسائية
.
وقبل
ان يأتي دوره للكلام، قام بعمل استبيان
سريع للجمهور عبر قصاصات صغيرة تم توزيعها
على الحاضرين تضم سؤالاً وحيداً لكل مشارك
عن المجلة الثقافية المفضلة لديه
.
عندما
تم جمع القصاصات من الجمهور، قرأ بشمي
الاجابات قبل ان يعلن
:
“
لقد
قرأت كل القصاصات فلم أجد فيها أي ذكر
لمطبوعتين أدبيتين تصدران من البحرين
وتعدان من المطبوعات الأدبية المتميزة
في الوطن العربي وهما مجلة
[
كتابات
]
ومجلة
[
كلمات
]”.
في
اليوم التالي، كنت اتحدث مع ابراهيم في
مكتبه عندما قال لي أن كل الاجابات التي
جاءت في ذلك الاستبيان السريع ذكرت أسماء
مجلات أدبية تصدر في مصر او لبنان او في
المهجر
.
لكن
الأمر انطوى على مفارقة عندما ذكر البعض
اسماء دوريات ومجلات توقفت عن الصدور، بل
ان بعضهم اشار الى مجلة كان قد تم الاعلان
عن التحضير لصدورها قريبا لكنها لم تصدر
حتى ذلك الحين
.
اخذنا
نتساءل
:
“
كيف
يعرف الجمهور او المثقفين عن مجلات ودوريات
أدبية تصدر خارج البحرين ويجهل مجلات
مماثلة تصدر في بلده؟”
.
ان
ارجعنا الأمر لتأثير الاعلام، فهذا مؤكد،
لكن ماذا عن تقييم المحتوى؟ هل يلعب هذا
دورا في المفاضلة بين هذه وتلك او يمثل
دافعاً لمثقف او قارئ في بلد لأن يشير الى
مجلات تصدر خارج بلده ويتناسى اخرى تصدر
في بلده؟
لقد
أصدر الشاعر علي عبد الله خليفة مجلة
“كتابات” اعتباراً من العام
1976
واستمرت
في الصدور حتى العام
1983
وهو
العام نفسه الذي بدأت فيه مجلة “كلمات”
في الصدور عن أسرة الادباء والكتاب
.
وبمبادرات
شخصية منه، قام خليفة بنشر المجلة وارسالها
الى بلدان عربية اخرى عبر التواصل مع
ادباء ومثقفين في تلك البلدان
.
وفي
العام
1979
،
كان أحد المثقفين السودانيين الذين
التقيتهم في القاهرة، يسألني عن “كتابات”
وأبلغني انه قرأ للعديد من الشعراء
والأدباء وكتاب القصة البحرينيين والفضل
يعود حسبما قال للمجلة
.
كانت
تلك المجلة تصدر بجهد إثنين، علي عبدالله
خليفة وعبدالقادر عقيل الذي كان بمثابة
مدير تحرير للمجلة
.
أما
مجلة “كلمات” فقد بدأت الصدور اعتبارا
من العام
1983
بشكل
دوري لا بصفتها مطبوعة عامة تباع في
الاسواق بل باعتبارها نشرة داخلية، اي
يمنع بيعها للأفراد او في الاسواق
.
كان
وراء اصدار “كلمات” اثنان هما قاسم حداد
ومن جديد عبدالقادر عقيل
.
كنت
غالباً ما أزور قاسم في مقر الأسرة الذي
كان وقتذاك في منطقة “أم الحصم” لأجده
غارقاً وسط الأوراق وهو منهمك في إخراج
المجلة على الحاسوب
.
وحتى
ذلك الحين، كانت مجلة “الكرمل” التي
تصدر عن اتحاد ادباء فلسطين ويرأس تحريرها
الشاعر الراحل محمود درويش في أوج تألقها
اضافة الى تلك المجلات والدوريات التي
كانت تصدر في غالب الدول العربية
.
لقد
عدت مجلة “كلمات” اضافة نوعية لما كان
موجودا في الساحة الأدبية على المستوى
العربي، فاذا كان مفهوماً أن مجلات من
هذا النوع تلعب دوراً تعريفياً بالأدب
والثقافة في بلدانها، فإن “كلمات”
تجاوزت هذا الدور بتحولها الى منبر أدبي
عربي
.
لهذا
كنا نقرأ بعض افتتاحياتها موقعة بأسماء
مثل الراحل حسين مروة والشاعر أدونيس
والمغربي محمد بنيس وغيرهم ناهيك عن
مساهمات ادباء وشعراء عرب في أبواب المجلة
الأخرى
.
لقد
كان لعلاقات قاسم حداد مع الشعراء والمثقفين
العرب دور في هذا بلا شك
.
لكن
وعودة الى ذلك التساؤل الآنف حول ما تقدمه
المجلات الأدبية ومحتواها، فإن قيمة
المحتوى الذي كانت تقدمه “كلمات” هو ما
سيبدو غالباً عصياً على الفهم أو التقدير،
ذلك أن لدينا مشكلة قديمة متجددة
[
تعبير
مخفف عن عبارة “تبدو مشكلة متصلة بالجينات”
]
في
فهم قيمة “ما لدينا” و” ما بأيدينا”
والإنتاج المحلي” بشكل عام وتقديره
بالشكل الصحيح اللهم إلا إذا نال شهادة
أو اعترافاً على نحو ما من خارج ما
.
تتمة
القصة ان “كلمات” توقفت اخيراً عام
1991
أو
1992
تقريباً
ولم يشفع لها شيء لكي تستمر
.
فالمثقفون
لم يروا فيها ما يدفع لبذل قليل من العناء
[
مقابل
آخر لعبارة “تستحوذ عليهم سلبية من النوع
القاتل”
]
لإبقائها
موجودة ولم ترى فيها أي جهة أو مؤسسة رسمية
أو مستثمر ما يستحق الدعم لكي تستمر
.
تكررت
القصة مع موقع “جهة الشعر”، قاسم حداد
من جديد وبالكثير من المثابرة والصبر،
تحول الموقع خلال سنوات قليلة من انطلاقه
الى أهم موقع للشعر في العالم
.
لم
يكن منبراً بحرينياً او عربياً للشعر
والأدب، بل بالأصح أهم منبر عالمي للشعر
والرواية يديره ويشرف عليه شاعر بحريني
وشركة تقنيات بحرينية
.
لكن
وعلى عكس معادلة التقدير المحلية المعكوسة
تلك، لم تنفع عالمية الموقع ولا محتواه
الذي لا يضاهى في قيمته، في امكانية
استمراره بعد عشرين عاماً
.
ليست
هناك أسرار، فالمثقفين الحقيقيين لا
يعرفون كيف يحصلون على المال بل كيف يبدعون
أدبا وفناً
.
ومشكلة
تقدير الأدب والثقافة والفكر ستبقى قائمة
بأشكال متغيرة من وقت لآخر يبدو وقتنا
الراهن أسوأها لأنه “عصر التفاهة بامتياز”
.
الكثيرون
لا يعرفون ان تجارب مثل هذه تقف خلفها
تضحيات كبيرة من الأفراد الذين يعملون
فيها وسط سلبية قاتلة من الآخرين
[
على
نحو مؤكد، هي مقابل الآية الكريمة
:
“
اذهب
انت وربك فقاتلا”
].
وما
هو غير معروف ايضا ان مشروعات كهذه، مجلات
ادبية او فكرية او مؤسسات ثقافية أو فنية،
نشأت واستمرت في مجتمعات الرأسمالية
المتوحشة
[
والرأسمالية
اللطيفة أيضا
]
،
بفضل “الوقفيات” الثقافية التي تبدو
مثل اختراع لم يصلنا بعد
.
*****************************
قاسم
حداد يعلن توقف موقع
"
جهة
الشعر
"
أعلن
الشاعر البحريني الكبير قاسم حداد مؤسس
موقع
"
جهة
الشعر
"
عن
توقف الموقع لأسباب مادية
وقال
قاسم في تدوينة له عبر تويتر
""
سيتوقف
موقع
«
جهة
الشعر
»
عن
البث لأسباب تتعلق بعدم توفر الدعم المالي
.
ونود
هنا أن نتوجه بالشكر لكل من وفر الدعم لها
على مدى العشرين سنة السابقة، والاعتذار
للأصدقاء الذين بمشاركتهم النشر في
الموقع، أسهموا فعلاً في الإنجاز الذي
تحقق طوال سنوات عمل الموقع منذ انطلاقه
عام
1996"
--------------
بتـــانة
نيوز
******************************************
ليس
غريبًا أن تتوقف
«
جهة
الشعر
»
بل
الغريب أن لا تتوقف
!
هذا
التوقف، لقي صداه عربيًا، إذ كتب العديد
من الكتاب والمثقفين والشعراء العرب، عن
هذا التوقف، الذي لا يمكن أن نقول بأنه
توقف مفاجئ؛ نظرًا لكون الموقع، وقف منذ
زمن، عن تحديث نفسه تقنيًا، ومجارات
الواقع الافتراضي، في كل جديد، لكن، كيف
تفاعل المثقفون والكتاب مع هذا التوقف؟
الشاعر
والكاتب العراقي، فاضل السلطاني، كتب
تحت عنوان
«
الثقافة
ورأس المال الرث
»
في
صحيفة
«
الشرق
الأوسط
»
،
أنه
«
ليس
غريبًا أن يتوقف أقدم موقع شعري عربي وهو
الموقع الالكتروني
«
جهة
الشعر
»
،
لـ
«
عدم
توفر الدعم المالي
»
،
حسب إعلان مؤسسه الشاعر البحريني قاسم
حداد
.
بل
الغريب، والشاذ أيضًا، أن يستمر هذا
الموقع الرائد والرصين لمدة
22
عامًا،
منذ
1996»
،
مضيفًا
«
غياب
الدعم لهذا الموقع الثقافي، وعشرات
المشاريع الثقافية المجهضة، يدل على
حقيقة أكبر وأوجع، متعلقة بعلاقة رأس
المال العربي بالثقافة، أو بكلمة صريحة،
يكشف رثاثة رأس المال هذا، الذي لا يستطيع
أن يستوعب، بسبب تخلفه، أبعاد التنمية
الثقافية، وانعكاسها الإيجابي الحتمي
على التنمية الاجتماعية والاقتصادية
».
الروائي
الكويتي، طالب الرفاعي، في مقاله المعنون
بـ
«
جهة
الشعر
..
جهتنا
إلى العالم
!»
،
المنشور في صحيفة
«
الجريدة
»
الكويتية،
كتب يقول
:
«
عزيزي
قاسم، أنت وأنا على بُعد مرمى حجر من
كثيرين يملكون المليارات، ولا أقول
الملايين، لكنهم يصدّون بوجوههم وبأموالهم
عن الإبداع والثقافة
»
،
مواصلاً خطابه لحداد
«
لك
أن تعلم أن نعي
(
جهة
الشعر
)
،
هو نعي لمشهد إبداعي ثقافي عربي آخذٌ
بالتقهقر، وآخذٌ بالتقوقع على نفسه
...
جهة
الشعر كانت جهة لكل من أراد وصلاً بالكلمة
المبدعة ووصلاً بالشعر، ووصلاً بالآخر
على الضفة الأخرى
.
لكن،
وأنت خير من يعرف ذلك، ما عاد هذه الوصل
مطلوبًا، ولا عاد مرغوبًا فيه، في زمن
استوحش الأخ على أخيه، وصار يقتله ويمثّل
به
!».
كما
استغرب الرفاعي صمود
«
جهة
الشعر
»
طوال
هذه المدة، مؤكدًا
«
ليس
غريبًا أن تغلق
(
جهة
الشعر
)
،
بل كان من المستغرب أن تبقى
(
جهة
الشعر
)
تتنفس،
وتبث عطرًا لمن حولها، في زمن تحوّلت فيه
الكثير من المؤسسات الثقافية إلى مبانٍ
خرسانية وموظفين، ولافتة عريضة تقول
الاسم، ولا تتعدى ذلك
!».
الشاعر
والكاتب اللبناني، عقل العويط، صرخ
«
يا
للعار
:
موقع
(
جهة
الشعر
)
قد
سدّت في وجهه الأبواب
!»
،
في صحيفة
«
النهار
»
اللبنانية،
إذ لم يستغرب إغلاق الموقف هو الآخر، بل
«
العجب،
كل العجب، أن تبقى هذه المنابر مفتوحة،
كما لو أن كل شيء على ما يرام في حياتنا
العربية
.
لا
.
كل
شيء، ليس على ما يرام في حياتنا، وفي
سياستنا، وفي اجتماعنا، وفي ثقافتنا،
وفي إعلامنا، وفي صحافتنا
».
منوهًا
«
لا
أريد أن أرثي
(
جهة
الشعر
).
كما
لا أريد أن أرثي أي موقع شعري وأدبي وثقافي
يتعرّض للمصير نفسه
.
قدر
الشعر، بل قدر الأدب مطلقًا، أن يكون
أعزلاً، وأن تقوده عتمة عينيه المغمضتين
إلى الضوء، الضوء الذي ينغمر بالحبر،
بالحبر الأسود الذي من شأنه أن يعلن الفجر،
ويسبق صياح الديك
.
ليس
من عادة الشعر أن يكون مدججًا ومحميًا
ومحصنًا
.
ليس
من عادته أن يكون له بيت أو سقف أو مخدة،
بل هو يزدري الأمان، والترف، والبحبوحة،
والطمأنينة
».
الناقد
والمترجم السوري، صبحي حديدي، كتب في
صحيفة
«
القدس
العربي
»
،
تحت عنوان
«
جهات
الشعر التي لا تنسد
»
،
متسائلا
«
هل
انسدت جهات الشعر بتوقف
(
الجهة
)
؟
»
،
وبتفاؤل يجيب
:
«
كلاً،
بالطبع، رغم أن الخسارة فادحة ومؤلمة
.
ثمة
مشاريع شتى طموحة، قائمة بالفعل أو في
أطوار التحقق، تستهدف الإبقاء على جذوة
الشعر العربي متقدة في النفوس، ومد تلك
الأمثولة الجميلة
-
أن
الشعر ديوان العرب
-
بأسباب
الإحياء والتجدد
».
الكاتب
اللبناني، روجيه عوطه، كتب في صحيفة
«
المدن
»
الالكترونية،
«
ما
عاد للشعر جهة
»
،
محملاً مسؤولية الإغلاق لترك الجهة من
قبل الشعراء أنفسهم، الذين هجروها، فهو
يختم مقاله بالقول
«
ثمة
في ورقة النعوة التي نشرها
(
جهة
الشعر
)
جملة
(
سوف
يتوقف عن البث
)
،
فلما وصل
(
جهة
الشعر
)
إلى
نهايته، لم يقفل كمطبوع، ولم يحتجب كموقع،
بل انقطع كتلفزيون
.
لقد
كان محطة شعرية قيمة، وقد رحل مشاهدوها
عنه
!».
الروائي
السوري، خليل صويلح، جعل من
(
جهة
الشعر
)
بوصلة،
في كتابته عن نبأ الإغلاق المنشور في
صحيفة
«
الأخبار
»
اللبنانية،
إذ كتب يقول
:
«
إن
من لم تلتقط نصه بوصلة الجهة، لن ينال
شهادة الاعتراف بشعريته، ذلك أن هذا
الفضاء انخرط باكرًا في تأسيس حداثة شعرية
منفتحة على كل الجهات
»
،
مضيفاً
«
الموقع
الذي انطلق في العام
1996
كان
(
غرفة
كونية
)
لاستقطاب
أهم الأصوات الشعرية العربية والعالمية،
في أكبر موسوعة شعرية الكترونية
.
كأن
هذا التوقيت الذي أتى مواكبًا تقريبًا
لـ
(
اليوم
العالمي للشعر
)
مرثية
للشعر نفسه واندحاره إلى الصفوف الخلفية
بالمقارنة مع الأجناس الإبداعية الأخرى،
كما أن حشود الشعراء الطارئين الذين خرجوا
من ماكينة الميديا أطاحوا الذائقة الشعرية
من جذورها، ما جعل
(
جهة
الشعر
)
البوابة
الوحيدة لحراسة أسوار الشعر، بعيدا من
جحافل هؤلاء الغزاة
».
من
جهته الكاتب والصحفي المصري، سيد محمود،
في صحيفة
«
الشروق
»
المصرية،
مقالاً بعنوان
«
جهة
الشعر
..
جهة
القلب
»
،
مؤكدًا أن
«
بهذا
التوقف يخسر الشعراء أرضًا جديدة ويفقد
الشعر اليد التي تفرغت لرعايته وتبقى
المفارقة التي تؤكد فداحة الغياب أن محرر
الموقع ينتمي لمنطقة الخليج، حيث الإنفاق
على الثقافة بلا حدود
!»
،
مضيفًا
«
بعد
22
عامًا
من حماية الشعر لم يعد قاسم قادرًا على
الاستمرار، وصل صاحب
(
ورشة
الأمل
)
إلى
محطة اليأس ورفض أن يتحوّل لزهرة وحيدة
مهمتها أن تصنع الربيع في ظل ثقافة وقعت
مع الخريف عقد إذعان
».
الكتاب
والمثقفون على وسائل التواصل الاجتماعي،
علقوا من جانبهم على نبأ التوقف، إذ كتب
الشاعر الكويتي عبدالله الفلاح، عبر
حسابه على
«
تويتر
»
يقول
:
«
من
المعيب أن تدّعي الحكومات والمؤسسات
والكثير من الشخصيات دعمها للثقافة
...
وموقع
(
جهة
الشعر
)
يتوقف
بسبب قلة الدعم
!».
فيما
كان للشاعر البحريني، مهدي سلمان، رأي
مخالف، عبّر عنه على صفحته في
«
الفيسبوك
»
،
إذ كتب يقول
:
«
بارعون
نحن في صناعة الآلهة، لا نستطيع أن نهدأ
قليلاً، ونعطي الأمور حقّها بالتحديد،
لا أقل، ولا أكثر
..
توقف
(
جهة
الشعر
)
خسارة
بالتأكيد، لكن هذي الدراما مبالغة، خصوصًا
إذا قيس الموقع بأمور أهم نخسرها كل يوم
دون انتباه أو رغبة فيه
».
من
جهته قال الشاعر السعودي، شريف بقنه، في
تغريدة له
:
«
خسارة
جهة خسارة فادحة للمشهد الشعري العربي
على شبكة الانترنت، جهة الشعر كانت بمثابة
الشجرة العتيقة الباسقة التي نستظل بفيئها
ونتكئ على جذعها الفارع منذ بدايات
الانترنت، خسارة جهة الشعر خسارة لمئات
المجلدات من الشعر العربي الحديث، خسارة
تبعث على الأسى
».
وتبقى
الأسئلة
:
هل
يمكن لـ
(
جهة
الشعر
)
أن
يعود إلى المشهد الافتراضي من جديد؟ وهل
من العجز بمكان، أن يدعم صرح ثقافي، بمقدار
بسيط من المال، ليعود إلى سابق عهده؟ أم
أن توقف
(
الجهة
)
،
لا يرتبط بالدعم وحده، وإنما بالعزوف عن
الشعر بصورة عامة؟
أعلى
النموذج
*****************************
أحمد
جمعة
إعلان
الشاعر قاسم حداد إغلاق واجهته
..
جهة
الشعر بمثابة إعلان لجهة الثقافة برمتها،
فالكون الذي لا يتسع للشعر لا يتسع للرواية
والحرف والكلمة، فهذا إعلان بموت أمة لا
تقرأ ولا تهتم، فأي بوابة ثقافية تُغلق
بمثابة انتحار ثقافي أو قل احتجاج ثقافي،
هذا ما قام به حداد حين أعلن إغلاق جهة
أنما كان يحتج فحسب وهو أشد من الإغلاق
بحد ذاته… هل الحل بالتضامن أم الحل هو
الانتحار للتعبير؟ وأين حرية التعبير
حين تُغلق جهة ما فما بالك لو كانت شعراً؟
الكتابة هي التي تمتلكك وبالتالي تقفز
بك للواجهة والمواجهة أمامك تتحدى أن
تواكبها وهي تنمو وتتشكل، أحيانا تجد
نفسك غير مسيطراً فتعلن الرحيل أي الاحتجاج
فهل يقف الأمر عند ذلك؟ لا أظن
.
من
لا يحتمل جهة ثقافية؟ أي كون هذا؟ بل أي
أمة لا تحتمل الشعر؟
أعلن
هنا بدوري أن الأمة التي لا تحتمل جهة
للشعر لا يمكنها الانتماء إلى هذا الكوكب
***********************************************
من
مجلة
"
شعر
"
إلى
"
جهة
الشِّعر
"..
ورشة
أمل
آمال
نوار
(
لبنان
/
أمريكا
)
"
أينما
أذهب أَجِد أنَّ شاعرًا كان هُناك قبلي
"
سيغموند
فرويد
بين
مجلة
"
شعر
"
و
"
جهة
الشِّعر
"
،
بنى الأمل ورشته لأجل أنْ ينال الشِّعر
حصته في الولع
.
هما
تجربتان تشتركان في الرِّيادة
(
كل
بطريقتها
)
وفِي
تقزيح الشِّعر بألوان الحداثة ومنحه
فضاءات من الحرية خالية من عسس الليل
.
ليس
سؤالنا المُلِحّ
:
متّى
توقّفت مجلة
"
شعر
"
؟
بل ماذا فعلت بالشعر ولأجله؟ إنّها تحضر
كحجر أساس في زلزال الحداثة الشعرية
العربية، وكذا
"
جهة
الشِّعر
"
،
في رأينا، تحضر كحركة سحريّة بارقة، حلّقت
بالشِّعر بأجنحة عصريّة، فكان فِعْلها
يتعدّى عمرها الزمنيّ بأحلامٍ تفيض من
القَدَح، ونحدس بأنّها تمامًا كمجلة
"
شعر
"
سيبقى
لأثرها ارتدادته في مستقبل الشِّعر
.
بالطبع
ثمة اختلافات صارخة بين الشاعرين
:
يوسف
الخال وقاسم حداد، سواء على المستوى
الشِعري أو الشَّخصي، فضلًا عن أنّ الأول
لم يكن وحده في المُغامرة، كما هي الحال
مع الثاني، غير أنّ وجه الشبه يكمن في
القفزة النوعية التي حلّقا فيها عاليًا
بالشِّعر صوب الفضاء الكوني، وذلك عبر
الانفتاح على عوالم الحداثةِ المتعددةِ
المسارات والآليات والتقنيات، كل بحسب
ما أتاح له زمنه
.
وإنْ
كانتِ اللُّغة وما وراءها، وقصيدة النثر،
وورشة الترجمة، مشاغل مجلة
"
شعر
"
الأساس،
فقد جاء موقع
"
جهة
الشعر
"
،
بعد ربع قرن من توقّف الأُولى، ليُجاري
مُستجدات العصر، وليقفز بالشِّعر قفزةً
أعلى بعد، فيطلقه في فضاء الإنترنت، في
محاولةٍ لعِلاج المسافة بين ثقافة ورقيةٍ
مُهدَّدة، وثقافة رقمية بدأت تُسيطّر
على المستقبل
.
لقد
أتاحت تقنيّة النشر الإلكتروني مقومات
سحريّة، أقلّها اختزال المسافة والزمن،
والتواصل العميق بين الثقافات والأجيال،
ثم ميزة النشر الفوري لمُجاراة طبيعة
الحياة المُتسارعة، فَغَزُر النتاج
الكِتابي، ونشطت حركة التبادل المعرفي
والتلاقح الثقافي، في أُفقِ الانفتاح
المُتاح في الموقع للاطلاع على نتاجات
عربية وعالمية أُخرى
.
بين
الماضي والحاضر
بالعودة
إلى الوراء سنجد
:
إنّ
هزيمة ٦٧ كانت قد قلبت المِزَاج العربي
المُتناحر آنذاك بين مدّ شيوعي ومدّ قومي،
وأبعدته
-
هو
المُتحفِّظ والتقليدي أصلًا
-
عن
مناخات شعريّة وفنيّة، لا سيّما في قالبها
الحداثوي المتقدّم والمُتحدّي، من أجل
أن يمنح الأولوية للبُندقية
.
وسنجد
أنّ مجلة
"
شعر
"
وقتها،
لم تفلح في استقطاب هذا المِزاج مجددًا،
حتّى بعد تبنِّيها لشعرية المقاومة
الفلسطينية
-
هي
المعروفة بهواها اليميني الغربي
-
فكان
أنْ وقعتْ في عَجَز مادّي، اضطّرها نهايةً
إلى الاستسلام للواقع اللامُبالي
والرَّحيل
.
وبالنَّظر
إلى الحاضر سنجد
:
إنّ
الظروف المحيطة بموقع
"
الجهة
"
مماثلة،
إنما بدرجة أسوأ
.
والحقّ
أنّ حروبنا الكونية الجارية اليوم، لَهِي
أشدّ وقعًا على المِزاج العربي الحالي
.
والمواطن
العربي عمومًا، وإنْ انفتح على آفاق حركات
التحرّر الغربية الفاتنة في الستينيات،
وإنْ حاول ُلُبْس جُلُود إيديولوجيات
عالمية متقدمة، إلّا إنّ تفاعله الحضاري
في معظمه، ظلَّ على مستوى الأزياء الفكرية
والفنيّة والأدبية، ولم يغرف معرفته من
تجربته الحَيّة، بل استعار أسئلته ومعها
أجوبته، ولذا ما إنْ واجهته أزمة وجود
حقيقية تحتاج إلى وعي حضاري متقدم، حتى
وجدناه بمعظمه يعود الى جِلْده الأصليّ،
وحتّى إلى كهوف إرثية فكرية مُوغلة تحت
جلده
.
ولذا
عادت عنده الأولوية اليوم للسيف قبل
البندقية، وبات من نافل القول
:
إنّ
الشعر ومآلاته والفن ومساراته
(
باستثناء
الكيتش والشعبي التجاري
)
لم
يعودوا ليشغلوا مساحة أُنْمُلة في المِزاج
العربي
.
وفي
هكذا واقع مأساوي، لن نستغرب بالطبع مصير
"
جهة
الشعر
"
،
وفي كونه يحذو حذو مجلة
"
شعر
".
وربما
يصبح السؤال عن سبب احتجاب الموقع بعد
مسيرة اثنين وعشرين عامًا، الأصّح
استبداله
:
بِكيف
استطاع الموقع أن يستمر طوال هذه الأعوام
وحتّى الآن؟
!
وحده
قاسم حداد أشرف على الموقع، كرّس له شموسا
زرقاء من باطن شغفه ورؤياه
.
وحاول
جاهدًا مواكبة التطور السريع في تقنيات
الانترنت مطورًا الموقع، ومضيفًا لغاتٍ
جديدة وأبواب بحث
.
ولكن
هو والخال كانا يعرفان منذ البداية أنهما
لن يبلغا المستحيل بالشِّعر
.
قاسم
عمل بمقولة رينيه شار واستخدم المستحيل
قنديلًا، فاستضاءت بفضائه الأزرق تجارب
شعرية وأدبية من أجيال مختلفة، منها أسماء
كُرِّسَت، واُخرى تُرْجِمَت، وثالثة
نَضَجَت
.
أمّا
الخال فقد ترك المستحيل لشأنه، وكان
سعيدًا بأنْ يلقى ربّه وفِي يمينه المفتاح
الذَّهبي لحركة الحداثة الشعرية العربية
.
أستطيعُ
الجزمَ من الآن بأنّ أيّ اختراقات نوعية
في مَسارات الشِّعر مُستقبلًا، لن يكون
مصيرها مُغايرًا لمصير مجلة
"
شعر
"
أو
"
جهة
الشِّعر
".
لأنّ
هذه الاختراقات عادةً ما تكون مُتجاوزة
لزمانها ولواقعها الاجتماعي بإبداعها
ورؤياها النافذة
.
إنّها
تُحدث زلزالها وتمضي
.
قد
تستنير بها النُخبة المُثقفة والمُتنورة
فقط، ولكنْ سيعجز مجتمعٌ، ما يزال في
الخلف، من اللحاق بأحلامها، سيّما في
وقتِ الحروب، حيث لا شيء حينها يستحقُ
اللحاقَ به سوى الرَّغيف
.
في
كلِّ الأحوال، ما من أحد بوسعه أن يلحقَ
بحُلم قاسم حدّاد، لا في الحرب ولا في
السِّلم
.
مَنْ
يعرف هذا الرجل، سيصله البَرْق ويليه
الرَّعد مُتأخّرين، لأنّه سيكونُ قد أصبح
في حُلم آخر
.
"
جهة
الشِّعر
"
حُلم
تحقّق، والأغلب أنّه تجاوز نفسه إلى
أحلامِ آخرين، فكان النشر فيه امتيازًا،
ثم بات أرشيفًا لكُتّابٍ، وملفات، وترجمات
بسبع لغات
.
ويومَ
اقترحتُ على قاسم إعداد ملفاتٍ حول مناسبات
شعرية على أن يمنحني جهةً صغيرة في جهته،
جاء الردُّ بأنْ فرش لي سجّادة ذَهَب؛
فكانت
"
مواسم
حصاد النبيذ
".
قاسم
والإثنان والعشرون غرامًا
لعلّ
أكثر ما سنأسف لأجله مع احتجاب
"
الجهة
"
هو
مناخ الحريّة الذي كانت توفّره لكلِّ
المُشاركات بعيدًا عن المواقف الشخصية
.
حِكمة
قاسم حداد، وسُمُوّه الفكري والأخلاقي،
ومهنيته العالية، لم تجعلنا نشعر بأنّ
هذا الموقع يُديره شخصٌ بذائقةٍ واحدةٍ،
واتّجاه واحد، بل قوس قزح من الأذواق
والمواقف التي تسعى دومًا نحو مقترحات
جديدة من دون التفريط بالشرط الجمالي
.
واليوم
برغم تكاثر المواقع الثقافية، إلّا إنّ
أُفق النشر يضيق، وقليلة هي المنابر التي
ترتقي بنفسها، وتُنقذ الأدب والفن والثقافة
من هذه المعمعة الحاصلة
.
سيبقى
"
جهة
الشِّعر
"
للمستقبل
نموذجًا يُحتذى
.
فقد
كان من أشدّ المواقع انحيازًا للإبداع
.
لم
يأخذ بغير الشَّرط الإبداعي، ونهض بالمستوى
الثقافي والنقدي، بعيدًا عن معطيات مسبقة
تتعلّق بالمُبدع
:
عمره،
عدد مؤلفاته، لقبه، تجربته، عدد ألسنته
الخ
...
هذا
كلّه لم يكن ليضيف أو ينقص من وزن المادة
نفسها في ميزان الإبداع
.
ستنالُ
الغبطة من أسارير قلوبنا إنْ نالت نصوصَنا
مقامًا لها في
"
جهة
القلب
".
سوف
نتأكّد حينها
(
نحن
الشعراء غير الوثوقيين
)
بأنّها
مادّة مُستحقة فعلًا، لأنها وقعت تحت نظر
جهة مُحايدة تصطاد الجمال بعَيْن النَّسْر
ثم تعودُ لتجعلَ من فريستها البطل
!
هكذا
دائمًا هو قاسم حداد؛ ذئبٌ جميلٌ ينحني
للجمال
.
مُحَرِّكُه
الحُّب، لا أقلّ من ذلك، لا مصالح، ولا
محسوبيات، ولا دُيون شخصية
.
بالحُّب
أخذ
"
جهته
"
صوب
الشِّعر فقط؛ الشِّعر بمعناه الأعمق
والأوسع، والذي لم يعد حِكرًا على القصيدة،
وإنّما دخل في شتّى أجناس الكتابة والفنون،
لا سيّما التشكيلية والبصرية والإخراج
الفني
.
لولا
الحُّب لما صمد الحُلم اثنين وعشرين
غرامًا
.
"
جهة
الشِّعر
"
هي
"
إلْسا
"
قاسم
حداد، هي غالا، وليلى، وهي كل عشيقة حوّلها
حُبّ شاعر الى أُسطورة
.
فهو
كان يستيقظ على سمائها الزرقاء ويغفو على
نجومها
.
ونحن
بدورنا كنا نوّجه وجوهنا شطرها، فتهدينا
بَوصَلتها إلى الزُرقة، وتُغنينا عن
الإبحار في محابر جمّة بلا زبد
.
ولذا
ستبقى
"
جهة
الشِّعر
"
في
جهةِ قلب الشِّعر، وستكون مستقبلًا محطة
مفصلية في تاريخ الحداثة الشعرية العربية،
يتناولها البحث والنقد بإسهاماتها
الجوهرية في تغيير مسار الشِّعر نحو
الأفضل، تمامًا كما نرى اليوم إلى منجزات
مجلة
"
شعر
"
الطليعية
في زمانها
.
لن
نصدِّق يأس قاسم حداد
عدا
عن الحُّب، يأتي التَّواضع سِمة أصيلة
في شخص قاسم حداد
.
هو
أَقْدَم على مشروعٍ شعريّ آخذًا بالحداثة
التقنية، وما توفّره للشِّعر العربي من
فضاءات عالمية، ولكنْ مع عِلْمه بأنّه
يُكْمِل المسار الحداثي المُتواصل للشعر
العربي الذي بدأ قبل
"
الجهة
"
،
وسيستمر بعدها، وتاليًا، فهو يضع مشروعه
في مكانه الزماني ولا يدّعي أكثر ولا
أقلّ
.
ولن
نصدِّق يأس قاسم حداد، لأنّ ورشة أمله
تتعدّى الرُؤى الراهنية والمرحلية إلى
تطلعات مستقبلية، تتغذّى من كينونة
الشِّعر نفسه، وجوهره المُتصل بالحياة
ذاتها، بصرف النَّظر عن واقع المجتمعات
العربية المُزري
.
الشِّعر
موجود، وهو يسبق اللغة، ومَنْ يقولون
بموته إنما يصدرون عن غرورٍ مَعرفيّ أصله
جهلٌ بماهيّة الشِّعر
.
قاسم
حداد أقلّ تواضعًا من أن ييأس، وأكثر
حُبًا من أنْ يدَّعي بأنّ حجب
"
الجهة
"
هو
قرار بإعدام الأمل
.
لقد
وضع الظروف كلّها في مكانها، ولم يساوم
لأجل الشِّعر أو يدخل في مقاصات؛
"
فما
أجملكَ أيّها الذئب جائع وتتعفف عن
الجثث
!".
لقد
حجب
"
جهة
الشِّعر
"
من
أجل الشِّعر، والحفاظ على مقامه الجمالي
والإبداعي الصرف
.
وهو
يعرف بأنّه ستكون للشعر في مَساره المُستمر
حرية التواجد في محطاتٍ مفصلية، وجهاتٍ
أُخرى، ربما تسبق جهته، وربما في أكوانٍ
حُلمية موازية
.
ويعرف
أكثر بأنّه سيكون للشِّعر ما نجهل، لأنه
دائمًا سيسبقنا بأحلامه
.
غير
أنّ المُقلق في هذا الاحتجاب هو أنّ عالم
النشر الإلكتروني سيفٌ ذو حدّين
.
ربما
أعداد مجلة
"
شعر
"
الورقية
الأربعة والأربعين ما تزال محفوظةً في
حوزة مَنْ اقتناها إلى اليوم
.
أمّا
السؤال المُرّ
:
ماذا
لو اختفى أرشيف
"
الجهة
"
من
الانترنت؟ أَلا يشعر واحدنا كأنما سيفقد
إحدى جوارحه؟ أَليس الأمر شبيهًا بكارثة
عصرية على نسق إحراق مكتبة بني عامر على
يد الصليبيين أو مكتبة ابن حزم الأندلسي
على يد صاحب إشبيلية أو مكتبة دار العلم
على يد الملك طغرل بك؟ لن يكون في متناول
الباحث والدارس والمُستطلع عندها أُلُوف
المواد، بأجناسها الشعرية والنثرية
والنقدية والترجمات العالمية والدراسات
لتجارب عربية وأجنبية والملفات المناسباتية،
فضلًا عن أرشيف متنوع للكتب الشعرية
.
طبعًا
مَنْ المسؤول عن هكذا خسارة فادحة سوى
أزماتنا السياسية المصيرية الراهنة، بما
تجرّه معها من ويلاتِ التقتيل والتهجير
والتجهيل والتفقير؟ ثمة موجات هائلة من
العُنف والظلاميات الجديدة التي استباحت
الإنسان وتُراثه ومستقبله، وألحقت
الثقافة برَكْب السياسة
(
أكثر
من ذي قبل
)
،
وكلّ من يخرج عن الشَّرع الجديد يُترَك
مصيرُه للشَّرع القديم
.
نهر
دجلة طفح بالجُثث، ومثله نهر الفرات،
والعاصي، ووادي حضرموت، والنهر الصناعي
العظيم
.
لا
متَّسع للكتب بعد يا تتار العصر الجديد
.
وحتّى
ولو أحرقتموها حيّة، فستخلّدون ذِكراها
إلى الأبد، وستقولون لنا غاضبين
:
"
انسوا
هيروسترات
"
،
ولن ننساه، ولن يكون بوسعنا بعد أن ننسى
من هدم معبد الآلهة القدماء، وكفل للشِّعر
حرية المُعتقد والتعبير، بلا شرط سوى كسب
مودة قلب الجَمال
.
وفي
كلِّ الأحوال، احتجاب
"
جهة
الشِّعر
"
لن
يأخذ شيئًا من رصيدها؛ يذهبُ الجسد، وتبقى
الروح خالدة في التاريخ الشعري لتجربة
الحداثة العربية، وأيضًا فِي تجارب شعرية
عديدة
(
تجربتي
بينها
)
مَدينة
لهذا الموقع برفع سقف شرطها الإبداعي
والإنساني، بحيث أنّ معظمها ما عاد ليرضى
بأُفق أقلّ من الحُرية، للنَّشر في مكانٍ
آخر
.
لذا
على أثر عِلمي بحجب الموقع، قرّرتُ ألّا
أقلق بشأن الشِّعر ومصيره، وكتبتُ من
فوري إلى الشاعر الصديق
:
عزيزي
قاسم،
إنّه
الجَّحيم، وما زلنا نتأمَّل الأزهار،
فارمِ
بمِعْوَلِكَ
لقد
حانَ وقتُ العِطْر
...
----------------------------------------
العربي
الجديد
-
19
مارس
2018
************************************************************
قاسم
حداد
:
لا
أملك موهبة التسول
سيد
محمود
(
مصر
)
قبل
أيام وجّه الشاعر البحريني قاسم حداد
رسالة إلى متابعي موقعه الإلكتروني
«
جهة
الشعر
»
،
كتب فيها
:
«
الأصدقاء
الأعزاء، سوف يتوقف موقع جهة الشعر عن
البثّ لأسباب تتعلق بعدم توافر الدعم
المادي
.
ونودّ
هنا أن نتوجه بالشكر إلى كلّ من وفّر الدعم
المادي له على مدى العشرين عاماً السابقة
والاعتذار لأصدقاء جهة الشعر الذين
بمشاركتهم النشر في الموقع أسهموا فعلاً
في الإنجاز الذي تحقق طوال سنوات عمل
الموقع منذ انطلاقته عام
1996».
وأحدثت
هذه الرسالة القصيرة ردود أفعال واسعة
في الأوساط الأدبية مستنكرةً ما حصل،
نظراً إلى الدور الرئيس الذي أدّاه الموقع
في نشر الشعر العربي في مختلف أجياله،
إضافة إلى اعتماده كمصدر عالمي من مصادر
المعلومات الموثوق بها في ما يتعلّق
بالإبداع الشعري العربي، فضلاً عن اعتباره
«
ورشة
عمل شعرية عالمية بالمعنى الأدبي والتقني
للكلمة
».
وانطلق
موقع
«
جهة
الشعر
»
مع
بداية انتشار الإنترنت عربياً، في العام
1996
بإشراف
قاسم حداد، الذي تمكّن من ضمانة استمرار
بثّه نحو
22
عاماً،
على رغم محدودية الدعم
.
وفي
حواره مع
«
الحياة
»
،
أكّد حداد أنه عندما اتخذ قراره بإغلاق
الموقع لم يفكر في السنوات التي عمل
خلالها؛ لأن الزمن الفيزيائي لم يعد
يشغله، فالأمور تصير إلى حدودها؛ كما أن
«
جهة
الشعر
»-
وفق
وصفه
-
«
كائن
حي متطلب، وأنا لم أعد قادراً على مجاراته
».
وجاءت
فكرة تأسيس الموقع استجابة لاقتراح قدّمه
لحداد الكاتب البحريني عبيدلي عبيدلي
وهو من شركة
«
النديم
لتقنية المعلومات
»
التي
تولت الناحية التقنية
.
وأضاف
:
«
كانت
البداية تقوم على نشر الشعر العربي في
لغته، ومع الوقت اشتبكنا بجماليات التعدد
اللغوي لنشر الشعر العربي في أكثر من سبع
لغات
.
بدأنا
كمن يتعثر في نوم موحش، وكنا نسبق أحلامنا
في أكثر الآفاق رحابة
.
ونسهر
على بناء المحتوى الثقافي النوعي الرصين
من دون أن نغفل عن تطوير الناحية التقنية
وتحديثها، ولكن دائماً من أجل بلورة وسائط
عرض النصوص وسرعة وصول المستخدم إلى
المحتوى
».
وفسر
حداد الاكتفاء برسالة قصيرة لإعلان توقف
بث الموقع بقوله
:
«
نظرتُ
إلى الأمر في شكل بسيط من دون عرض مزاعم
أو بكائيات أو الكلام عن إحباطات لا تنقص
الآخرين
».
وأوضح
حداد أن توقف
«
جهة
الشعر
»
جاء
لأسباب مالية بحتة وليس لأسباب أخرى؛
وقال
:
«
منذ
سنوات بادر بعض الأصدقاء الأعزاء في تعضيد
عملنا، وتلقينا أكثر من مبادرة من أجل
الاستمرار
».
وأشار
إلى أن الموقع حصل على دعم من وزارة الثقافة
البحرينية في عهد الوزير السابق محمد
عبدالغفّار،
«
لكن
دعم الأصدقاء توقف لأسباب اقتصادية
أتفهمها وأحتفظ أيضاً بتقدير خاص لهم
.
استمر
دعم الوزارة في السنوات الأخيرة، وإن كان
متعثراً وغير كافٍ أيضاً
.
لم
يعد كافياً للعمل الحقيقي في تطوير وتحديث
الموقع، لأن التطورات البرامجية في الشأن
الإلكتروني تتسارع وتستدعي تطوير الموقع
تقنياً، الأمر الذي يضاعف تكاليف الصيانة
والتشغيل والتحديث اليومي
».
وأوضح
صاحب
«
علاج
المسافة
»
أن
الأمر أصبح يتطلب
«
الكثير
من طرق الأبواب
.
وحسبتُ
أن هذا سلوك لا يليق بالثقافة، ولا ينبغي
قبوله، وليس بيننا من يمتلك موهبة التسول
».
وببساطته
المعتادة أقرّ قاسم حداد بأنه لم يفكر في
البحث عن مصادر تمويل لها طابع الاستدامة،
إما بطلب منحة من مؤسسات مدنية أو بالحصول
على دعم من رجال أعمال أو حتى من وزارة
الإعلام في البحرين، وقال
:
«
السؤال
عن محاولات السعي للحصول على تمويل يستدعي
مناخاً عادياً للسعي الكريم، فقد حاولنا
في الحدود التي تسمح بها الظروف
.
لكن
ثمة مسافة جهنمية بين أحلامنا واستعداد
الواقع
».
وتابع
:
«
ربما
كنّا في
«
جهة
الشعر
»
نحاول
منذ البداية اقتراح مستوى أخلاقي بين
حاجتنا وشروط الواقع
.
نحن
نرى أن الثقافة هي طريقة حياة، فلم نكن
نرى حدوداً بين النص واحترامه، الثقافة
واحترامها، فنياً وإنسانياً
.
هذا
الاقتراح ربما لم يكن يعني أحداً غيرنا
.
لم
نكن لنسعى لتغيير أحد من دون أن نسمح لأحد
أن يغيرنا
».
ونفى
نيته التوجه إلى المثقفين العرب بنداء
لطلب دعم مالي للموقع، كما فعلت منابر
شبيهة طوال عقود عدة،
«
لستُ
في هذا الوارد، ولا أشجع على ذلك
».
كما
شدد على أنه غير مستعد لمناقشة خيارات
أخرى بخلاف إغلاق الموقع، وقال
:
«
عرفت
هذه الخيارات كثيراً
.
عرفتها
طويلاً
.
لا
خيارات من دون شروط، وأنا لا أحب ذلك،
ولستُ مهيئاً له
».
ورداً
على سؤال إذا كان بلغ مع قرار التوقف محطة
اليأس وهو صاحب
«
ورشة
الأمل
»
،
قال
:
«
اليأس؟
!
لم
لا، إنه حريتنا الوحيدة
.
أعطني
سبباً واحداً في حياتنا العربية لا يمنحنا
هذا الخيار
».
ورأى
حداد في رد فعل المثقفين العرب على قرار
الإغلاق
«
الكثير
من التعويض
»
؛
فقد أحبّت
«
جهة
الشعر
»
بتعبيره
الجميع، فلا يستغرب حب الجميع لها
.
وفي
شأن المفارقة التي تشير إلى تكاثر المواقع
الإلكترونية التي تغيب فيها المعيارية
وقواعد التقييم على أسس صحيحة بينما يتوقف
الموقع الرائد في النشر الإلكتروني؛
انتهى قاسم حداد إلى تأكيد أن
«
هذه
طبيعة أشياء الحياة، ولعل لكل تجربة عمرها
الافتراضي، فلم تكن
«
جهة
الشعر
»
تنافس
أحداً، ولم تفرض حكم قيمة على أحد، لأن
كل نص جيد نشره الموقع منحه دائماً قيمة
نوعية
».
----------------------------------------
الحياة
-
الأربعاء
،
١٤ مارس
/
آذار
٢٠١٨
*******************************************************
جهات
الشعر لا تقفلي في وجوهنا
فوزية
أبو خالد
(
السعودية
)
أضع
يدي على قلبي تطلع لي جهات الشعر
أضع
يدي على تراب وطني تطل جهات الشعر
أضع
يدي على القارات تنفلت جهات الشعر من سطوة
الجغرافيا
أضع
يدي على هامتي تبرق جهات الشعر من المفارق
أضع
يدي على الغابات على البساتين على الحقول
على الواحات على الجنات يضوع عبير القصائد
أضع
يدي على البحر تتطاير النوارس والأمواج
والأشرعة من جهات الشعر
أحرك
أصابعي على المفاتيح تندفع موسيقى زوربا
وبحيرة البجع والدانوب الأزرق والنهر
الخالد وباخ وخوليو وياني ونصير شما وخالد
الشيخ
أضع
يدي على الساعة تهل الأوقات من شمس منتصف
الليل إلى حلكة العشاء ومن شفافية الشفق
إلى زرقة السحر
أضع
يدي على الفصول وبينما الشعر في منتصف
الصيف يهب الخريف يخلع عن الأغصان فساتينها
وقمصانها ويسلمها للشتاء مهيأة للاشتعال
أو الانطفاء حسب مصائر الشعراء في علاقتهم
بسؤال التحولات والتحديات معا
.
آخذ
الكتاب بقوة يتقاطر شعراء العالم عبر
كمائن الأمكنة ومخابئ التاريخ من مختلف
الحواضر والبوادي والأدغال، من مختلف
الأجيال والأعمار والغوايات يحملون ديوان
العرب بعدة لغات وبعدة أطياف وبعدة أنواع
من الجمال من الجمال الجريء الخلاّب إلى
الجمال الخجول الخلاب أيضاً
.
لا
أظن مكاناً في العصر الحديث اتسع لكل
شعراء الكون مثل جهات الشعر
.
ولا
أظن ملاذاً تسامح مع كل صعاليك الشعر
وسحرته وأساطينه مع أبطالها وأطفاله
وحواريه وحورياته مثل ما فعلت جهات الشعر
.
لا
أظن موقعاً تعايش فيه الشعراء على اختلاف
وائتلاف المشارب والأمزجة والميول وعلى
تنوّع شكل ومضمون القصيدة مثل ما فعلت
جهات الشعر
.
كانت
مفاجأة لي وربما للكثيرين من هواة الشعر
وعشاقه، ولم تزل الفضاءات الافتراضية
بعد بكر وما زال قلة أقل من القليل يتجرؤون
على الاقتراب من مفاتيحها وشاشاتها أن
نرى الشاعر قاسم حداد يغامر بالخروج على
أدوات العمل المعتادة ليكتب وقتها أول
قصيدة فردية على الفضاء الإلكتروني باسم
حركي عام وبعنوان جمعي ومتعدد في نفس
الوقت اسمها جهات الشعر
.
كان
ذلك في التسعينات بداية الألفية
.
لم
يكتف قاسم حداد في جهات الشعر بالبحرين
أو بالخليج أو بالعالم العربي، بل جعله
منبراً وطنياً وعربياً وإقليمياً وعالمياً
بامتياز وبشرط مستحيل هو شرط الاستقلال
عن بعضها والتفاعل مع بعضها البعض واحترام
مشتهى الانطلاق لكل منها
.
أخرج
جميع الدوائر الجغرافيا والسياسية من
الحدود والحواجز والجمارك والضرائب
وأطلقها أفراساً وفوارس لم تروّض وغير
قابلة للترويض لترمح في الملكوت الإلكتروني
بحرية مطلقة
.
وبقدر
ما دأب الساسة على استخدام الفضاء
الإلكتروني للتضييق والملاحقة وترويج
خطابهم مقابل تكميم الخطابات الأخرى
باعتباره المنطوق الوحيد السائد أو الذي
يجب أن يسود، بدا مشروع قاسم حداد الشعري
الخاص والعام على عكس ذلك
.
فجاءت
جهات الشعر عبر الفضاء الإلكتروني مشروعاً
لتوسيع الأفق كبديل جمالي وليس سياسياً
وحسب للتضييق، وجاءت جهات الشعر محاولة
للانعتاق بدل الملاحقة وجاءت جهات الشعر
اعترافاً وتأسيساً لتعدد الأصوات ولتنوّع
المحتوى
.
فصار
الشاعر إذا انتصر يجري ليشارك عامة الشعب
الشعري أي كافة الشعراء والمريدين والقراء
والمغامرين والغاوين مجد الانتصار عبر
شاشة جهات الشعر
.
صار
الشاعر إذا هجره الإلهام أو جافته شياطين
الشعر يستسقي بجهات الشعر كما إذا اكتشف
كنزاً أو وقع على مفردة جديدة ركض ليسجل
براءة اختراعه الشعري في جهات الشعر
.
صار
الشاعر إذا أنكسر أو انهزم يطير لجهات
الشعر ليبحث عمّا تفرفط من ريشه أو ما
احترق من أحلامه أو ما أكلته الجوارح من
مهجته
.
صار
الشعراء إذا جنت بعض خلاياهم أو دخلتهم
فيروسات مرض أو عشق لا يجدون ملجأ إلا
جهات الشعر ليأتمنوها على أمانيهم الأخيرة
أو ليستودعوها ضعفهم الإنساني وليستقوا
برياح الجهات على آلامهم كما فعلت في أكثر
من مرة ليس آخرها يوم كنت أقاوم السرطان
2011
م
.
فأين
يذهب الشعراء اليوم من طرفة بن العبد وأبو
نواس وجبران خليل جبران وأدونيس ومحمود
درويش وأحمد الملا ومن الخنساء لولادة
وليلى الأخيلية وميسون صقر وسعدية مفرح
ونجوم الغانم وهدى الدغفق
.
أين
تذهب المعلقات العتيقة وأين تذهب قصائد
الهايكو
,
أين
تذهب القصائد العمودية وقصائد التفعيلة
وقصيدة النثر والقصائد التي لم تكتب بعد
ولم تكتشف تسمياتها بعد أين يذهبون إذا
توقفت جهات الشعر وتفرّقت السبل بالشعراء
فلم يعد الشعر المكسيكي يعانق الشعر
التركي ولم يعد الشعر الإيراني يعانق
البرازيلي ولم يعد الشعر الأمريكي يعانق
الشعر الأفريقي ولم يعد الشعر العربي
يعانق الشعر العالمي بكل اللغات ولم يعد
طاغور ولا مايا إنجيلا ولا لوركا ولا علي
الدميني ولا بول فاليري ولا فاروغ فرخ
زاد يلتقون على الشاشات عبر جهات الشعر؟؟؟؟
ورغم
أن الشاعر البحريني قاسم حداد هو من افتتح
نوافذ وبوابات جهات الشعر بمبادرة ذاتية
في وقت كانت لا تزال العداوة على أشدها
بين عدد كبير من الشعراء وبين مفاتيح
وشاشات المنصات والمنابر الإلكترونية،
فإنه لم يستأثر بجهات الشعر وحده، بل
جعلها متنفساً ومتكأ وعلم على رأسه نار
تهفو إليه أرواح الشعراء والقراء من شتى
الأصقاع والحقب والمراحل من الشاعر سليم
بركات ممثلاً للتنوّع الجغرافي والحضاري
إلى روبرت فروست ممثلاً للطرقات والحضارات
غير المطروقة
.
لا
أريد لهذا المقال أن يكون تأبيناً لجهات
الشعر فطائر الشعر لا يُعييه البحث عن
جهات للشعر إن غفت جهات ولكنني أريده مجرد
سؤال يجرح حنجرتي، هل يمكن أن يكون مقبولاً
الحديث عن الاستقلالية المالية لمنابر
الشعر وجهاته كشرط ورمز لاستقلالية الفكر
والموقف إن لم يكن بوسعنا أن نبقي على قبس
من تلك الشعلة المسروقة لنستضيء بها على
جهات الشعر؟ّ
!
أطرح
هذا السؤال البسيط المعقد على نفسي وعلى
كل من أعرف ولا أعرف من الشعراء والقراء
وفي قلبي هاجس موجع خشية أن يصح فينا بيت
الشعر الشهير والشفيف للشاعر أحمد شوقي
في نتيجته النهائية فنذهب لغير رجعة في
اللحظة التي تذهب فيها عنا جهات الشعر أو
تغيب عن أعيننا تاركة كل منا وحده في وحشته
الشعرية أو أُنسها
.
-------------------------------
جريدة
الجزيرة
-
الاربعاء
28
مارس
2018
************************************************
وما
عاد للشِّعر جهة
روجيه
عوطة
(
لبنان
)
في
منتصف تسعينات القرن الماضي، لم يكن
الإنترنت، بمطافه العربي، متطورا بعد،
لكن هذا لم يمنع قاسم حداد من السعي إلى
إطلاق موقع إلكتروني يكون معنياً بالشعر
على مختلف شؤونه، كنشره، وتجميعه، وترجمته،
ومقابلة صناعه للحديث فيه
.
بهذا،
أسس حداد
"
جهة
الشِّعر
"
،
الذي، ومنذ العام
1996
حتى
الأسبوع الماضي، كان لا يزال على قيد
الحياة، قبل أن يتوقف، ويجري تعليق صفحة
فيه، تشبه ورقة نعوَته
.
فالتجربة
انتهت، وما عاد للشِّعر جهة، يركن اليها،
أو يصدر عنها، والسبب هو غياب الدعم
المالي
.
فعلياً،
كل شيء تغير منذ انطلاق
"
جهة
الشِّعر
".
فالنوع
الأدبي، الذي بشّر الموقع به، خسر حضوره
ووطأته بعدما بلغ ذروتهما في سوق المطبوعات
مع بداية الألفية الثالثة
.
كما
أن قرّاءه، الذين كانوا يتعقبونه عبره،
تبدلوا، إذ كانوا يأتون إلى الموقع اياه
من الكتب والصحف، ولا يطلون عليه من مواقع
أخرى، أي كانوا قرّاء قبل أن يكونوا
متابعين
.
مثلما
ان صناع الشِّعر، الذين طمحوا إلى ان
يتضمن الموقع نصوصهم، ما عادوا مهتمين
بما يوفره لهم، اي منصة كتابة لهم وإعلام
عنهم، فها هم يهجرونه إلى مواقع أخرى،
حيث بمقدورهم ان يجدوا منصاتهم المكتوبة
والمرئية
.
ثم
أنهم، وفي السياق عينه، اضمحلت رغبتهم
في تأليف جماعة، لها مركزها، وهامشها،
وصعلكتها، بل غدوا يمارسون شعرهم فرادى،
قبل أن يكتشفوا فقدانه للزومه
.
غير
أن
"
جهة
الشعر
"
،
وباستناده إلى الشبكة العنكبوتية لتشييد
مكان للشعراء، لم يكن منقطعاً عن مآلهم،
ومآل النوع الأدبي الذي يجهدون فيه
.
كان
فاتحة هذين المآلين، ومسجلاً لهما قبل
تحققهما
.
إذ
إن انتقال الشِّعر إلى الافتراض، كان
بمثابة تمسك بدوره في زمن التحول الآتي
من المطبوع إلى المفترض، وهو، ولما بدا
مناسباً للأخير نتيجة شكله القصائدي،
وجد محلاً فيه، بل إنه وصل إلى أوجه داخله،
حيث إما توقف، أو تزايد، وفي الحالتين،
شرع في الانحسار بعد الرواج
.
لقد
ارتكز
"
جهة
الشعر
"
على
لحظة محددة، مفادها توقع المقبل، الذي
سيؤدي إلى تراجع المطبوع وتقدم المفترض،
وبالتالي، دعا الشعراء إليه لإنقاذهم من
انهيار الأول، وشق طريقاً لهم نحو الثاني
.
وليس
صدفةً أنه، ولكي ينجز ذلك، استعان بنمط
منهم، نمط أنتجته الصحافة الثقافية، أي
الجريدة، فلا هي كتاب، ولا هي موقع، لكنها
تتصل بهما من ناحيتي طبعها وميديويتها
:
الشاعر
الصحافي
.
أدخل
"
جهة
الشعر
"
نوعه
الأدبي إلى المفترض على متن إستطيقي منسجم
ومقسم إلى خاناتٍ، تحمل عناوين غير مباشرةً
في المقصد منها، بل إستعاراتية، وغالباً
ما تدل على تصور بعينه عن الشعر، بحيث
يبينه كضرب من ضروب الأسطرة
(
عربة
النار، منسيات الآلهة، غبار الملائكة،
وعجائب المخلوقات
...).
وعليه،
قدم الموقع شعراءه كأنهم قريبون من
الأنبياء، ليس لأنهم يبشرون بالشعر لدرجة
تحويله في شهاداتهم عنه إلى مجرد وحي،
وتصويت لحديث يخطر من غامض رباني فقط، بل
لأنهم التقطوا علامة من إله جديد سيحضر
بعد أفول إلههم القديم، علامة من إله
الافتراضي بعد كسوف إله المطبوع أيضاً
.
لكنهم،
في الواقع، لم يستوفوا هذه النبوة، بحيث
أنهم انتقلوا من أرض إلى ثانية
.
لكنهم
سرعان ما رجعوا أدراجهم من خلال الكلام
عن
"
رائحة
الورق
"
و
"
القراءة
الورقية
"
،
كأنهم كانوا رسل المطبوع أكثر منهم رسل
الافتراضي
.
بعد
ذلك، عاشت
"
جهة
الشعر
"
ما
قدمته كنبوءة، أفرطت فيها، وحولت بعض
"
أنبيائها
"
إلى
نجوم
.
وهم،
كحال إلههم الآفل، غربوا، لا سيما بعدما
تعددت المواقع الأدبية وتنوعت
.
إشارة
إلى انطفاء تلك النبوءة هو حرص
"
جهة
الشعر
"
على
تجميع مواقع من قبيله، تحتوي مجلات وكتب،
إذ إنه كان في عقبه يحاول تكوين شبكة
للصمود في الافتراضي إلى أن توقف، فالأرض
التي نقل إليها الشعراء، اتسعت للغاية،
وما عاد يجذب إلا قلة قليلة من سكانها
.
فثمة
في ورقة النعوة التي نشرها
"
جهة
الشعر
"
جملة
"
سوف
يتوقف عن البث
"
،
فلما وصل
"
جهة
الشعر
"
إلى
نهايته، لم يقفل كمطبوع، ولم يحتجب كموقع،
بل انقطع كتلفزيون
.
لقد
كان محطة شعرية قيمة، وقد رحل مشاهدوها
عنها
!
---------------
|
الإثنين
05/03/2018
*********************************************
الثقافة
ورأس المال الرث
فاضل
السلطاني
(
العراق
/
لندن
)
ليس
غريباً أن يتوقف أقدم موقع شعري عربي وهو
الموقع الإلكتروني
«
جهة
الشعر
»
،
لـ
«
عدم
توفر الدعم المالي
»
،
حسب إعلان مؤسسه الشاعر البحريني قاسم
حداد
.
بل
الغريب، والشاذ أيضاً، أن يستمر هذا
الموقع الرائد والرصين لمدة
22
عاماً،
منذ
1996
حتى
قبل يومين
.
والذي
نعرفه، أن الموقع استمر طوال هذه السنوات
بفضل دعم كتاب وشعراء، هم أساساً بحاجة
للدعم
.
كانت
فكرة شخصية صغيرة من قاسم حداد، منذ بداية
انتشار الإنترنت، ومع انحسار المجلات
الأدبية، هذا إن لم نتحدث عن غياب أي مجلة
متخصصة بالشعر، وسرعان ما كبرت الفكرة
وتحولت، بتعبير حداد، إلى
«
مشروع
جماعي تسهم فيه كائنات لا تحصى من شتى
أصقاع العالم
».
تحولت
اللغة الواحدة إلى سبع لغات
.
وكان
وراء كل ذلك ميليشيا فدائية من الكتاب
والشعراء والمترجمين والمستشارين، الذين
حولوا الموقع إلى مرجعية شعرية حقيقية،
لتوفره على أرشيف غني صار مصدراً مهماً
للمعلومات عن التجارب الشعرية العربية،
خاصة للدارسين والكتاب الأجانب المهتمين
بالشعر العربي، واهتمامه بنشر الملفات
المتخصصة والشهادات والتجارب الشعرية،
والحوارات، إضافة إلى نشر مجموعات شعرية
كاملة، وقراءات نقدية لكتب جديدة، بحيث
تحول الموقع حقاً إلى ورشة عمل شعرية،
عربياً وأجنبياً
.
غياب
الدعم لهذا الموقع الثقافي، وعشرات
المشاريع الثقافية المجهضة، يدل على
حقيقة أكبر وأوجع، متعلقة بعلاقة رأس
المال العربي بالثقافة، أو بكلمة صريحة،
يكشف رثاثة رأس المال هذا، الذي لا يستطيع
أن يستوعب، بسبب تخلفه، أبعاد التنمية
الثقافية، وانعكاسها الإيجابي الحتمي
على التنمية الاجتماعية والاقتصادية
.
وهو
الدرس الذي استوعبته البرجوازية الأوروبية
قبل قرون، لأنها، على عكس برجوازيتنا
الطفيلية، قد نمت بشكل طبيعي من بطن
المجتمع نفسه، ويمكن القول إنها كانت
الرافعة الاجتماعية والاقتصادية لعصر
التنوير في القرن الثامن عشر
.
ومع
صعود هذه الطبقة، ازدهرت في المجتمعات
الأوروبية ظاهرة الأغنياء الراعين للكتاب،
ثم تطور الأمر، مع تطور المجتمع، إلى
مؤسسات وشركات، قدمت دعمها غير المشروط
لمعاهد وجمعيات ثقافية ومراكز أبحاث،
كما أسست جوائز أدبية كبرى، ومنها جائزة
بوكر، التي أطلقتها شركة أغذية على اسمها،
ثم تولت شركة أخرى
«
مان
غروب
»
رعايتها
فأصبح اسمها
«
مان
بوكر
»
،
وكذلك جائزة
«
ويتبريد
»
،
التي تأسست عام
1971.
لكن
تغير اسمها إلى
«
كوستا
»
،
على اسم شركة القهوة الشهيرة، التي أصبحت
تدعمها منذ
2006.
إنه
رأس مال ذكي يعرف أنه لا يزدهر على المدى
البعيد إلا إذا ازدهر المجتمع كله
:
اقتصاديا،
واجتماعيا، وثقافياً، وأن دورته لا يمكن
أن تكتمل إلا بهذا الازدهار
.
إنه
رأس المال العقارات، الذي راكمته البرجوازية
العربية الرثة، فلا يستطيع أن يرى أبعد
من مستوى الحجارة
.
ومن
السذاجة أن نتوقع شيئا من مقاولين صعدوا
من القاع، واجتاحوا آخر ما تبقى من قلاع
البرجوازية المتوسطة المتنورة التي
عرفناها في يوم من الأيام، والتي نمت
طبيعياً من بطن المجتمع، ونقلت لنا بعضا
من تنوير، قبل زمن انقلابات العسكر،
واجتياح الريفيين، الذين ارتدوا النجوم
اللامعة على أكتافهم، واجتاحوا شوارعنا
في غفلة منا، ليبدأ معهم زمن قد ينتمي لكل
شيء، ما عدا للمستقبل
.
--------------------------------------
الشرق
الأوسط
-
الاثنين
-05
مارس
2018
مـ
*******************************************************************