غسان الخنيزي
وفي باحة المسجد،
مددت يديَّ إلى أقصاهما
أطوّقُ العمود الذي من رخام.
فما قدرتُ…
تميلين على حبل الغسيل
تديرين جذعك نصف دورة
باتجاه السلالم.
سيكثرون من الذِّكر
عازمين على دفع الحزن خارجاً
والنهوض نافضين أثوابهم مرَّة أو مرتين.
صبية كنّا
نلوي شفاهنا حين يحتدم الرهان
ونلغي براءة وجوهنا متقمصين
نكهة البالغين.
ستراني جالساً إلى المناضد
ذاتها،
كأننا يا مُحمد ثالثنا الطريق.
أي ظلال وارفة تستبد بأيامي؟
أيةُ سطوة للأشجار تملكني هذه اللحظة؟
.. أية بهجة؟
الجير المطفأُ في الجدار مازال
حتى نخاع العظم ينصع
بالبياض.
أوليست الرّيح التي تذر الغبار في العيون
ساطيةً؟
أوليست تلوِّن ماتبقى من حياتي؟
أعرفها:
لها همسُ المراجل
واضطراب الدخان.
نبصر وجوه صويحباتنا توهن قليلاً قليلاً
ثمَّ إن أولئك، بمكر، يذهبون
تاركين اليقظة تلهو
كيف تشاء.
البارحة أيضاً،
مرَّر ذلك الشقُ زفيرَ اللّيل
وأصواتَ العابرين.
البحر - الوليمة البحرية- النِّعمُ- الهواء- الزَّبد-
الوجهُ الصبيح - العيون التي ترتقي الأسراب والصيف-
ثمَّ إن الرّيح تغلغلت في أشداقنا
الممدودة للتنادي.
وتصطف بضع نساءٍ
في الدهليز وأنياتٍ،
صوتهن سيكون مبحوحاً قليلاً أو كثيرا.
ذات إثنين،
سألتجئ إلى المياه التي خلف القلوب
وأقصد بيوتاً تهمس بالضياء
وألاحظ تلك الرأفة على الأرصفة.
إني سأجلس في المنتأى
أحن دون انقطاع،
حسبي الوقت الذي ألفناه حارساً للحنين.
ماكانت النيران
بل سهوباً ناضرة
روادها اخشوشنت مآربهم
يهرِّبون سباياهم إلى طمأنينة حافية.
أجنبية تربط الوقت على الأصابع
تنظرني،
كأنني شارع متهدل الشرفات.
رجال سيقفون أيضاً
والمصافحة ستكون باليدين، حينها القليلُ
سيمدُّ يداً وحيدة،
أو ستخذله سيماء المهابة والوجوم.
كان وجلي أن لا يفصلنا ساتر أو تراب
فأي كَمَدٍ سأزدهي به
لو آن لهذا أن ينتهي؟
ولأعصرن ملامح وجهي بشدة
كيما أتذكرك
تمشين على مهلٍ متبوعة بي.
أيهن أيُّها البحري، تحمل رائحتها وتأتي
تحمل الأملاح والعناصر
واللّيلَ إذا استتبَّ؟