عبده وازن
امام المائدة وقفنا صامتين،
الذين دعوناهم لم يأتوا،
والغرباء الذين يأتون على حين غفلة
لم يأتوا.
هناك أبصر ما لست أبصره
فراغاً يملؤني،
صمتاً يجعلني شديد التردد.
قبل قليل
كان الظلّ يواجه نفسه على الجدار
كلون النّهار غادر الظلّ نفسه.
الزائر الذي يأتي فجأة
يتوارى فجأة،
لا يدع في عيوننا إلا شغفاً
شديد الزرقة.
الصفصافة تحزن لبقائها على
الضفة،
يغسل قدميها كل يوم ماءٌ غريب.
اللّيل آخر العالم!
أرأيتم كيف أقف كشجرة ساهرة
كيف أعبر أبواب النّوم
ليلٌ آخر يمضي،
لكنَّ آخر يمضي
ليلاً ليلاً..
البرق الذي أضاء
وجوهنا،
ترك وردة على الجدار.
حين يرجعون إلى النوافذ
التي غادروها،
يدركون أن أحداً لم ينتبه
إلى البياض الذي يتركه غيابهم في الصور.
الأصدقاء وحدهم حين يرحلون
لكن ظلالهم على الكرسي
ورائحة ثيابهم تملأ الردهة.
اسمّي جسدك كي
لا أفقده،
الآن جسدك يشبهك تماماً.
لا يغيبون
إلاّ حين نفتقدهم
الأصدقاء الأخفَّ من الضوء.
حين عجزتُ عن تذكروجوههم
التفت إلى الوراء ،
في الوراء كان ورد قليل لا يكفي لنظرة .
لكن عبثاً
نعاس يسقط على
الحارس والمدينة.
الصوت الذي جاء متأخراً
لم يكن الصوت
الذي كنت في انتظاره
السماء سبب آخر لليل
النافذة سبب آخر للصمت .
الزرقة التي تسللت إلى عينيك
لم تكن إلا كآبة غيمة
لم تألفها السماء .