ذخيرة
لقد كنت اجمع اخبار القتلى وامشي
تحت المطر دون عناء
لم يحد ثنى احد عن وباء النسيان
كان الوقت غائرا فى القلب
والقلب ومضة ينتهزها محارب عنيد
كانت الارصفة تعرف قدمي
وهى تستجلي طالع الجهات الاكثر احتمالا
من شمس حاقدة
ومن ذيول الغد المتدلية من الاحداق
لاشىء فى جيبي
وفى جيبي كل الروائح العالقة بذيل حصان
كل طلقة تجهل اليد التي تسدد
كلمات
78
ايها الاخرق
عد الى الارض
أو عُـد الى السماء
كل حفلة هباء
كل مزلاج خائن.
شارات البرصى
فى غمرة ليلة مترعة
بالصمت وضجر الفئران والموسيقا
انهار جدار كان قد بُـنيَ سهواً
لذلك استهوتني فكرة البقاء بعيدا
وكما يحدث احيانا
ان يتهاوى حصان فى ظهيرة قائظة
او شلال يتناسخ فى صحاري تحسب
الماء اكثر هولا من الكتب،
سمعت البرصى وهم يجرجرون
قارات تتحشرج كما لو انها امرأة
قد باعدت ساقيها عمرا كاملا
وسمعت صوراً منسية منذ مليون عام
وصوراً اخرى لاسلاف لم يسبق
لهم ان عاشوا
وفى طقس اشبه بابتكارات الاطفال
سمعت بزات انيقة
يعلقون عليها شارات اليوم التالي.
كلمات
79
عين الرحيل
عندما افقت كان الجميع قد رحل
تنبهت الشمس الى دوران الارض
وكذلك امرأة خلاسية الى تصريحات الصحف
والى حياة اشبه بالاعتراف
والمغامرة الى رجلها صنيع الجنون
وغمرت الاودية صرخات الرعاة
و الألم فى أقصى حالاته اللغات.
عندما افقت كانت البشرية معلقة
من رجلها على باب المفاجأة.
بلاد تتنزه ، عجوز يهذى
أتمدد كظل شجرة
أدحرج المساء الى خارج الغرفة
وافند كل المزاعم الذاهبة الى احشائي
ثمة دهشة العالم كأعضاء مريض
وثمة انا واشياء بلا قيمة وطاعون البقاء
بالامس مرت بالقرب مني بلاد
رفعت رأسي قليلا ثم اندلقت فصلا تائها
يزنر السنوات بلعاب من هباء
أصدقاء معدودون يعبرون جسر الرغبة إليَّ
او الى هاوية أليفة
قد نلتقى فى منعطف لكن تنقصنا المعرفة
قد نسقط كالأنبياء فى قاع بئر معدة منذ البدء
كلمات
80
لكن ينقصنا الغرق
ابتلعت نيزكا واسما، ماء وحقدا
حتى خلتني كونا او شرفة تناطحني الخلاص
فى لحظة قفزت الى قلبي
وفى اللحظة التالية لم اسع نفسي
وحتى تتوالى اللحظات باطمئنان اكبر
عليكم ان تتيحوا الطريق
لرجل مغمض العينين ، حافي القدمين
يخبئ أسراراً غامضة منتقاة
يساوم بها الهواء الطلق
القبر
واحيانا بعقلانية شديدة
امرأة بلا مستقبل، ومستقبلا بلا نحن
انها فكرة بامتياز، هبة غير مشروطة
من معدم رائق وثري
مني انا، عندما اهذي كعجوز ثمل .
قاسم حداد
تشبه ذهاب الصدفة الى سهول
مليئة بالذهب والنعاس
ودوما تبدو معتما فى كوخ النزوات
ذلك عندما يكون الموت
فكرة مرتجلة
او يكون الرقص فى حلبة التوقعات
كلمات
81
سلاحك الاخير
لا تفكر كثيرا
فأنت تشبه الطريق .
شرفات خرساء
كلما عنت لك فكرة
او كلما تغوط الموت فى مصحة
تتعثر خطواتك بالضباب المكدس في الطريق
أو على حافة فراشك.
هل رأيت ساعي البريد وهو يتشاجر لأجل
عنوان خاطىء
هل سمعت صفارات الانذار وقد
انطلقت اثر بلاغ كاذب
لعلها حيلة لنسف مؤخرة رأسك
أو ربما كانت مظلة
لتهرّب انت اخر الصفعات المحكمة.
برج السرطان
قبل ان تنام
لا تجزم بشىء
فقط تذكر ثدى المرأة التي تحب
ارْتَـدِ باباً ووشاحًا أسود لتراوغ به الليل
كلمات
82
وضع تحت وسادتك حجرا كثيرا
لترجم من كان فى النهار
قل لنفسك ان الحنين هو جرأة
التحديق فى عيني امرأة
وان ضجر الفئران
خير من عناد الارامل فى ليل الشتاء
وان عظمة الدهشة اكثر هشاشة من الذهب الاصفر
اعط الابتسامة ذعرا كفاية
و اذا كنت من مواليد برج السرطان
فلا ترقص الا في متحف.
تبدو المدينة كقعر مهجور
والفجر جيش من المطاردين
يذكرني بانني تعاملت مع الليل
كآلة حادة
اشم الآن لوني العالق بأرصفة الغياب
ابصق الغد كاملا
واتنزه كما الموت فى روح شاعر.
لست للنسيان
ماذا تفعل وحدك فى مقصورة العميان ؟
الى متى تظل تسوس
الكهنة
والهواء
والحنين الوفى الذى يتمرغ
كلمات
83
فى الاسطبل المجاور لسريرك.
لك عيون المحفات
وقلب نهشته صقور ومدن
تتداعى فى مرآتك الآن قصصا وهمية
وحدنا نعرف ان ليل طنجة
مصير معلق
فى بنطال زاهر الغافري..
لابد للشاعر من حتفٍ
أنيقٍ يلقاه
بعده على الارض ان تنسحب كثور مطعون .
مهماز
كإطلالة المشهد على عين مدربة
لم يجد هذا الصباح بدا من غيابي
لانني استحواذ حرٌّ على الحنين
استنفاذ حيّ للضجر
ولان النافذة عندما ترغب فى مجاراتي
تلمحني كالحواس التى تذرع الحياة
بعيون لا تثق الا فى سحر العابرين
وبجبين مرصع بالنوايا لخطيئة طي الكتمان
انا فكرة جديدة يطرحها الارق
لقد فهمت الظل على اني تنكيل به
آه تمثال الرتابة
لم تعد الايام مراوغة بما فيه الكفاية
كلمات
84
لم تعد الاذن تطرب للصدى
ولم اعد طيعا سوى على نهر
يفتش عن ضفة هاربة
ولم تعد الجهات تنصت الي كطفل مدلل
لم اعد المس الارض
كأنما اسافر كي لا اصل.
عُمان / 89
كلمات
85
ابراهيم الحسين
في حضرة خزعل
( فانهض الآن ..
و اجلس تحت شجرة تعلّمك الصمت الكامل ..
لأنك ستكون في كل شيء )
خزعل الماجدي
إيه يا خزعل، ها نحن نمد كفينا فوق نار واحدة، ها أصابعي تحتك بأسلاك أصابعك، نكهة أوساخنا الذائبة تخالط قماشة هذه العتمة، هاهي انتفاضاتي لأنني الآن أجاورك وأصغي الى هزيم حروفك، فيما مراوحي تذري عناصري التي تسّاقط فوقك، إنني أنظر أليك كيف تتلوى أيها الغارق في سوائلي و كيف ترفع أضلاعك واحداً واحداً لتكشف لي عن مدنك المضاءة بنوبات نزفك، كيف كنت تصرخ و أنت تحصي أقواس موتك الذي هو موتي، تلك التي كانت تزيّن شوارعك، ها أنت تردم أسوارها بطين الحواريين و شهقات الليل.
إنني أرفع قطعاً من خزائيلك في محاولات مميتة لأستر عورتي .. أخطو خطى واسعة أمام موتي.
ليتك و أنت تصغي الى خطى حروفك فوق خرائبنا التي هي خرائبك انتبهت االى هويِّ جدران دمائنا قرب وهج معادنك، حيث البريق وحده يلتهم أعشاب النعاس..
كلمات
86
هل غير نحاسك من ينهر الآن بوابات الجسد ليرتفع رنين أثدائها..
هل غير ذئاب ماسك من يعوي و يعوي بهذا الهزيع الدموي.
حين كانت لهفتك يا خزعل.. تمسح جدران مناجمك، وتقيم دعامات خلودك، لم لم تلتفت الى روحي المرتجفة يوم انفرطت آلاتها أمام هول عروقك، و أين كنت حين تهتكت أغشيتها بصوت يشبه النواح تحت وطأة تعرجاتك ..
قل لي يا خزعل .. بحق قميصك الذي ألقيته عليّ .. كيف كان لي أن أعرف عندما تصاعد صخب تفتح محاراتي أني كنت أتبعك.. أعلق حول بطني أنهاراً غسقية و أتمدد في مصبّات أناشيدي.. أيها المتوّج بالبريق، قل لي.. أمن أجل رغوة تباغت ريش أوراقنا. كنا نرفع اضطراب المياه، نتشبث بأعوادنا.. نحرك قلق الراحات الراكدة ؟
هذا زجاجي يلمع تحت وابل تويجاتك، لكنك لابد تلمح نار دفوفي.. اسدلتها فوق أغانيك التي تخرج مبللة تملأ أقاليمي ..
فأي شامات بقّعت صوتي، و أيّ ياقوت جارح سقط عن أغصاني، حين بلغت مياهك الحلقوم ...
الأحساء/ 1412--4-11 هـ
كلمات
87
علاء خالد
اختلاف المرايا
و انتظرتك أن تأتين وحيدة ،
مجللة بعار الأكاليل،
و تنحنين على أفقي .
و بالقرب من بحيرة : تخلعين وجهك
و تحدقين في الداخل .
* الثلج أخوّة .
و الطيور في عناد مروحيّ مع الضوء
و الظلام رفيقك ، و الدم ، ونصف وجهي .
* اليوم ،
انتهكت صدرك في خيالي
و غيرت من طريقة حياكتي للأزمة .
و بدلاً من طريق الأصابع ،
كلمات 88
طوّحت بقدميّ في الماء ،
ثم جمعتهما مع السفن العائدة .
و أثناء الانتظار ، كانت رائحتك تساند رغبتي الملحة في قتلك .
* اليوم ،
قبضت على جسدك ،
متلبساً بخمسة أصابع ،
و رقبة ، وعناد ، وقدمين ،
و رغبة ، و صدر جميل ،
* وردة حمراء بين الطعام و فمي.
الصراخ و جلدها الأبيض.
وردة حمراء في عروة ثدييها .
الطفل يمضغ الحليب .
وردة بيضاء في عروة الدم .
و المساء
يمضغ
الوجه
بلا
رحمة .
* الأسماك في البحر .
و الماء في الصلاة .
و الغصّة في التخيّل .
و الطرقات في قدمي .
كلمات
89
و الورد في عروة الحديقة .
و صدرك في الحليب .
و أنا .
* بحمالتيّ صدرك ،
أحفظ بصري من التهدل .
و عينيّ من الرؤية ،
و اختلاف الطفولة
* أخيراً ،
ثديك يقترب من صمت أصابعي ،؛من الشلل .
ثديك يقترب من الشفاهة .
و يتخذ من عينيّ وطناً باكياً .
و نهائياً
الاسكندرية
كلمات
90
زهرة المذبوح
لك الوردة تدعكها
الفرات أنت
و أنا الخطوة الخائفة
معصورة بدموع القحط الطفل
و ركضات حوافر أعوجية
تدقّ دقاً
خطى ثقيلة كالاثم
ترسم في الرمضاء كمال الغد
و تنقش في الجبين الأسمر النديّ آيات الحكمة
اقرأ باسم ربك الأعلى
اقرأ
في جبهة النهر و القحط و الخيل و الليل و الأخضر المقصوف
في الكفّ المسورة بحمرة الماء
اقرأ و لك أن تقرأ
فزعاً يتراكض نحو بوابات العشق و الماء
كلمات
91
يصلي .. و ينكفئ يرسم في الرمضاء كمال الغد
و يرسم العشق و الحكمة
توسدت صدر النهر فأعطاني دعوة الخروج
يا صدر النهر
تخللني إني تغزوني ضحكاتك
فلها نشوة الفجر
و جنون الصحوة لها
و وهج الفراشات.
هل لي أن أدخل أنملتي في صدرك
و أهتك سر الذبيحة ؟!
اصعدْ بي العرش لأرى
فان لي بقايا خيوط خضراء و لفائف حيدرية
و زنجيراً من آل أحمد
و وشائج قربى
و لك الوردة تدعكها
و لك القفل و الباب و زرقة الأمكنة
هل أتاك حديث المذبحة الأولى ؟
قالوا :
كانت مسروقة الساقين
تتذرع بالعبث المجنون على عتبات الطواف
و من بين الذعر المنسوج تستل اسمه .
الخروج من بوابات الملك
أسماؤكم المتشققة ضاقت بي
من يقرأني ؟
كلمات
92
يطفئ ماء اشاراتي
يشتق اسمي من غموض الظل الضوئي
ليقفز مبتهجاً.
الكنز في الزجاجة
و الزجاجة ملقاة في اليم
من يلقها أمنحه سماوات جارية و أنهاراً أعلى .
تقدموا
خذوا رمالكم
إنها لا تنبت بذاري !
تقدموا
هاكم رمالي
طهروا بها عيونكم
الفجر يركض بين مسافات الحروف المتهمة
و شبح يهرول ....... يطبقها
يا فجر .... رحماك ..... لا تطبق حروفي
هاتف : يا أيها الفجر
من علّمك أن تخلع جلدك المضئ لتصير ملكاً ؟
كالبرق
ذلك الشئ الذي لا يمسك
الشيئ ذاك ..... لا يمسك
ككرات صغيرة ضوئية ملونة تتراقص أمامي
تشحن رقصاتها أمامي
يغادر.....
كلمات
93
و لا يمسك
يتمدد كالوقت في ذاكرتي
لكنه لا يمسك
تبقى آثار تموجاته في الفضاء بيني و بينه
تضمها عيوني
و يغرد بها قلبي
و تفتت وراء جدرانها بذوري .
الغبش
الحصير الجديد يُطوى
و حين أسرعت أخبر أبي بأن الحصير الجديد يُطوى
نَظرَ إليّ ..... بأن أسكت
لكنني صرخت :
إن هذا الحصير جديد
و جدتي لم تنم عليه
و قلت له بأن العجوز سرقت الخاتم من اصبع جدتي .
....... كان أبي يبكي
و كنت ملتصقة بعمود الطوب أحدّق في جسد جدتي الذي ينبض
بعنف
و صوت امرأة يأتيني :
عليك أن تشعري بالحزن يا صغيرتي
و حين قلت لأبي بأن جسد جدتي المهيأ للسماء ينبض
نظر إليّ .. بأن أسكت
منذ متى سكتَّ يا قلب جدتي ؟
قلب جدتي ينبضُ
و صوت امرأة يأتيني :
كلمات
94
غافلنا الوقت
و كانت اللحظة الغامضة .
بين الليل و الفجر خيطٌ
أسرى عليه الى جدتي حاملةً معي مقعدي
و بعض خوصات أنسج بها حصيراً جديداً لجدتي .
البحرين
كلمات
95
عبدالسلام الطويل
دوار ..
رأيت مصابيح الشاطئ تأخذ طريقها في انفاقي صوب آفاق لا تدركها، بينما يتدافع ضوؤها نحو اللا مكان، مثل سرب شاسع من الطرائد.
لم يعد هناك، عبر المدى، موج. حتى البحر لم يعد بحراً: قطعة رصاص هائلة قذفها الاعصار بهذا القفر، بقايا طحالب، ودع مجفف، علب صفيح، اطلال قوارب ضامرة على الرمال.. من خلفي، كانت مدينة الشرائع تنام في عرض أليم، بينما دوائر الضوء تحت اعمدة المصابيح احواضا ساكنة، كما لو انني. حينما انزل بعد قليل من تحت هذا البرج، سوف اخوض مياهها، متجردا من ظلي، ثم.. اسقط. اسقط سقوطا يفوق كل المقاييس، يفوق قدرتي على السقوط ذاتها في هاوية يتعذر عليَّ سبر أغوارها ـ من السبات او.. النسيان كما لو ان الزمن سوف ينتفي حينئذ وانني، حينما اصل الى الجهة الاخرى وقد غدوت شبحا، سوف تنفتح لي ابواب مملكة الموت فأدخلها، غير ظافر بإجابة، متلعثم اللسان بسؤال لم اطرحه.
ولم انزل،
ليس خوفا، بل ليقيني بأن ذلك حصل مرارا، في أزمنة سحيقة لكنها، متناظرة، فقط، تساءلت: "لماذا كان الضوء ضروريا للفكر وللكائن؟ كيف نلتمس
كلمات
96
الحقيقية من غياب الشمس، نقتطف الدلالة من خراب الدال؟ بل لماذا طلب الحقيقة أصلاً؟!".
لم انزل.
ونسيت كيف / متى / استضأت بالدهشة لمجرد تردد انفاسي، لمحض امكاني في هذا العالم، حتى وان ظل سيري في شعابه متعثرا، غير مبرر حتما، وموصداً عليَّ ، وعجبت، لأنني حينما عاد الزرنيخ يكتنف دماء الافق وجدت ذلك غير كاف بشكل مدمر.
وخطر لي، وانا سارح في اللا فضاء، ان ليس ثمة امل في استرضاء الموتى هذا المساء، ولأية استشفاء كل المذبوحين، هم عائدون الليلة لا محالة، ليتفاوضوا حول غفوتي، كأنما عليّ وحدي تقع تبعتهم!
وأذكر اني غرقت في هذا البحر كثيرا، واحترقت تحت شموسه الألف، وانتفضت من رمادي، ثم عدت اخوض غماره، وأشرب من موج غموضه العكر.. اعرف مده وجزره، املاحه والمحار، المرجان الذي يرسب في اعماقه. لكم غدر بي! اغرق نوافير وجدي، غمر نواعير وجهي، بيلساني وسحلبي. لازالت دلافينه تهاجمني ليلا، أنينها في حضني، أعشيها من ضوء قلبي ومن عيوني.
نزلت..
كانت البوابة هناك، ولم اكن اجرؤ على دخولها، لعلني لم اكن ارغب في ذلك لأن غايتي كانت في هذا الخارج.
وفي يوم، وبينما كان سوء تفاهمي مع العالم قد تفاقم، دلفتها وجبت البهو، فالممر، صعدت ادراجا ونزلت اخرى. انعطفت يمينا، يسارا، شمالا، جنوبا، تهت في دهاليز البيروقراطية الكونية تواكبني اقطار الآلات الكاتبة حتى انتهت الى مكتب موظف الحقيقية ، السيد "ضجر"، فالتمست منه، بكل ما اوتيت من ظمأ لليقين، السماح لي لمقابلة نقباء التعالي وقضاة المنطق ووكلاء الدال للترافع أمامهم حول قضية، تخص الدلالة وتخصني، فأمرني بالانتظار ساعة او ساعتين، فانتظرت سنيناً الى ان امتد خيط الود بيننا فقال لي يوما: "انا افكر، اذن، فأنا موجود"! وقال لي: "لست ادري في الواقع "كيف يتشكك مع انه موظف الحقيقة؟!" ما اذا كنت موكولاً
كلمات
97
بإعاقتك، ام انك تشكل في الحقيقة مشروع اعاقة لذاتك"! ثم اضاف: "تلك، بالتأكيد هي تكنولوجيا الرغبة".
كنت اجد اقواله دائما كوكاس، وباروك، وهيرمتيك.
ونسيت الخارج.. نسيت نفسي هناك، وموعدي يهمهم، والقضية التي جئت لكي اترافع من أجلها.
وكنت اعرف انهم سوف يخرجون في اليوم الموعود، شأنهم كل سنة. وأنهم سوف يتدفقون في الشوارع مثل الطوفان، منهمرين من تحت تهاويل الانوار، من تحت الرايات المتقطعة والتيجان، امام صور الرجل وابتسامته المتكررة، وانهم سوف ىتحلقون حول النافورة الوحيدة برأس الشارع ويطوفون حولها في دأب. لن يجدوا حقلاً مفتوحا يدخلونه، ولا نساء. فقلت: انهم فيما وراء الجنة او الجحيم!
تقف الزجاجة، شامخة، هيفاء، مزهوة بامتلائها الخصيب، خضرتها عميقة، يستكين في اعماقها لعاب الدوالي الاصهب المفجر. بتؤدة استبيح اسرارها، باستغراق اسلب نيرانها فتطفح على الدورة مندلقة فوق الطاولة، مندلعة في الاشياء.
لا. حتى الانتظار فقد نياشينه، وسعاة البريد مضربون، لا نجدة تأتي، لا رصاصة تثقب حوائط هذا الصمت المعدني بطلقة واحدة. وحده الحصار الذي سوف يظل يعتمر القلب دائما بخوذاته، ويعتمرالليل منيخا على الروح بثقله، فمن يعاقر الآخر اذن؟
ثم متى حصل هذا التعاقب القرف؟ ما لزوم هذا العود المستنفذ لكل افيونة؟ لماذا هي الارض مدمنة على كل هذا الدوران الخرف حول نبيذ الابدية وشموس الألوهية المعلقة، وحول لاهوت ليلها؟ لماذا لا تتنكر لشرائع الجاذبية؟
كانت الاشياء منفصلة ومثقلة بالاسماء والاتربة. وكان المصباح يلقي نوءاً متشككاً حول "أنساب الآلهة"، فيما كانت "الإلياذة" مفتوحة على حرب طروادة. وفجأة دخل عليَّ الثعبان "أوفيون"، ثم طلْ غفوتُ حينما بدأ المكان ميزان / العدالة، يحتشد بالعقعق ..، حينما وجدتني كما الدائر فوق صحن يسبح بي في فضاءات لامتناهية، تسربلني النجوم وتدور الكواكب من حولي، في مدار يتجه في عكس مداري.. كنت في سرعة الضوء ادور، وتدور بي المقبرة، المحكمة، الاضرحة، الانظمة، اعمدة الالوهية، مدونة الاحوال الشخصية، الواح حمورابي، المذنبات، النيازك،
كلمات
98
الشهب...
.. وسوف انخرط، قل ان تغمرني المياه، في أرق عريض.. سهادٌ في شساعة المجرراااااات ..
المغرب
كلمات
99
أحمد مدن
مشمولاً بالهدوء
فقط
أشعلَ ماءه
و رمى حافة الورقة
جلس قريباً من الذاكرة
و مضى بعيداً
يهزّ شبّاك ليلته
تسّاقط الفضاءات
و النوافذ تصبو إليه
كأعناق القرى
كمن يخيط الرأس
متحفاً للعبور ،
و النظرة الطائرة
يشفّ الكلام ،
و يرشف الحزن
و يستقي جلسة المطر
ها هو يعلق النقطة في الخاتمة .
كلمات
100
غفلة
أول الروح
شمس تتفقد الحديقة
شجر ترسمه الرياح
وظلٌ ينوء بوصفه
نبتكر الحلم و الزهر و ماء الضحى
و نرشّ بعض القصائد
ندهن الروح بنبتة القول
و نلغو
نلوي عنق الأخضر ،
و البسرة اليابسة
نتداول هذه الغفلة
و الوقت ملقى كالسرائر
في جبين النهار
فنفّرك آخر الضوء ،
و أول العناق .
صحبة
فارغان
سوى من باب الدخول
من وهم المعركة
ليس لنا غير مرايا النهار ،
و غير هذا العراء
فارغان
في آخر الليل
كنا نجيئ
كلمات
101
و نكسر رتابة الحزن
نغرق في فناء الجسدين
فارغان
تدخلنا الشاشة الصغيرة
تدخلنا الشاشة الكبيرة
يخرجنا الصمت مسموعاً في السكوت
ونبدأ فيك الظل و النار
فارغان
سوى الأماني لديك
نبدو كالمعاني في جملة الظلمة
نشتهي صحن الصلاة
نشتهي أبجدية الخروج
و نعشق فينا الغسق .
مـــوت
يغادرنا
يلم أوضاعه
و يحزم وجهته
حقائبه
نخل الظهيرة
و كفته
سنوات التعب
و دون أن يرشف راحة
و بلا دفقة ظل
كلمات
102
أو ضجيج
مضى
كما جاء
مشمولآً بالهدوء .
البحرين