أدونيس
في حضن أبجدية تحضن الأرض، يسهر قاسيون وأستيقظ
أقرأ وأكتب وأقول كلاما للنبذ: ليس شعرا وليس نثرا،
لكن إلي بالبخور،
الشمس تلتصق بأحشائي، وأريد ظلك أيها الليل
ألن تتعظ؟ كثر بخور بيتك أيها العاشق، وهاهو الهواء يهمن كمثل بحة في حنجرة الفضاء
عوذني، ابتكر طلسما لأحوالي أقدر أن أرقيك أيها العاشق، لكن من يشفيك؟
سأقول لمهب الرغبات جسدي غابة تلائم رياحه
خرج من عزلته فدخل إلى المنفى
دائما تفصله عن الأمام بضع خطوات إلى الوراء: لا يصله إلا ما يفصله
ليس له طفولة؟ الشعر طفولته
من مسحوق الكبد هذه الخمرة، لا من العنب
لا تحيا دمشق إلا إذا أعادت بناء السماء
-
أبواب
في صباح تحطه الجراح، هربت من سور دمشق ضاحية، وتنزهت في بساتين الزينبية قالت لن أعود، وسميت نفسي حي القصاع
جاء،
نزل في هذا الحي، في قبو بناية تنحدر من سلالة الإسمنت فرش القبو سريرا لأحلام كان أكثرها يتبخر بين حمامات
قرأ عنه
حمام الزين
حمام الورد
حمام المسك
حمام الجوزة
حمام الحاجب
حمام السلسلة
حمام الملكة
حمام القيشاني
وتلك هي الأسماء اكثر طيبا
الشداد؟ أهو حمام آخر؟
معجون تدلك به المستحمة جسدها
زيت ولسان عصفور زنجبيل وقرفة
دبس وبيض وآس
ا وتضيف بعضهن أشياء تبدو مرافئ لموج الجسد
كثيرا، شبه له القبر غارا ينزف دما،
كثيرا، رآه كهفا يضطرب ويترنح ويكاد أن يهوي
يظن - الكلمات التي رددت معه أسماء الشجر والنجوم والأصدقاء، تجلس الآن في كوة تحيا وحيدة في القبو،
أو تتمشى على الرصيف الذي يتاخمه،
تتحالف مع الهباء أو مع الهواء
تنتقد سلطة الورق، أو تتواطأ مع الحبر
شفتي هذه الكوة، يهبط عليه كلام عصي على البوح. آسفا، يعتذر لها
ليس سيد الطبيعة لكي يضع الآن رأسه لمحت كتفيها
جاء كمن يبدأ تاريخا. هكذا وجد نفسه يتموج في محيط أسرار
جاءت النساء سفنا، ولهن جسد الماء
" جاءوا. كل محتسب طامع. جرت الدماء في الماء " البلاذري، فتوح البلدان " الفتوح ثلاثة: فتوح عبارة، و فتوح حلاوة، و فتوح مكاشفة" ابن عربي
لا تدخلوا البحر إلا إذا كانت الأشرعة نساء
الغوطة خيمة والشهرة حبال تشد أوتادها
السماء في عقل النملة، نملة
لكي تفهم الرمل، لست في حاجة إلى أن تكون موجا
سواء تحريك الراء وتسكينها: لن تقدر أن لمحول الكلمات إلى أشياء
تكلموا على ما مضى، لا على ما يأتي. وخوضوا ما شئتم من الحروب،
لكن بين
شفاهكم العليا وشفاهكم السفلى
جاء، في حديثه مع الكواكب، كان يؤثر الزهرة. تستقبله، وهي في سريرها
ولم تكن تحاوره إلا بعد أن تطفئ شموعها
يعفيك أيتها النبوءات من التوجه إليه. وجهه مأخوذ بجهات
لا تذهبين إليها ولا تجيئين منها
أقطار الحبر، ليست له على الورق أية محطة
اتركوه يتوسد ذراع هذه الكلمة: الحب
لم يفهم بعد الحجر، لكي ي!حسن الكتابة عن الأجنحة الدم هو الذي يفكر، والجسد هو الذي يكتب
توقن أن التاريخ دغل ملي ة بأعشاش الختل من كل نوع، فيما تخرج من باب الفرج إلى باب السلام - يسمى
باب الشريف وباب السلامة. كان عصيا على الغزاة يحرسه شجر يشبه العصي السيوف البنادق وفقا للغزاة والغزو. تحرسه كذلك عرائس الماء- بردى، العقرباني، الداعياني. " وكان كمثل اسمه باب التسليم والتحية. يجيء الناس أفواجا للسلام على خلفائهم " القوس التي فيأت رقابهم هي نفسها تظلل رقابا أخرى لسلام آخر. الضوء نفسه يتلألأ مرآة يكتشف الناس فيها وجوههم فيما يدخلون ويخرجون. وثمة جنود كالملائكة لا تراهم العين
دمشق، بذارك ، لا بين يديه، ولا في خطواته، ماذا، اذن، ستجديه الحقول؟ في كل صندوق، يوقظ وضاح اليمن، ويدعوه إلى نزهة سرية
هوذا جرير يولم حياته للخليفة. في سرادق الشعر. وأرى إلى الأخطل يقدم لأصدقائه، على مشهد من الخلافة، أعتق خوابيه. وأسمع الفرزدق يتلعثم في حضرة امرأة لا تمدح لا تهجو لا تقول إلا الحب. اشربوا من ينابيع ذي الرمة- انظروا إليه يرتجل ما يمسك بالأفق. والخلفاء يتوارون: كلأ منهم ينكمش في شعرة، أو في درهم، أو في سيف
سمائي- لا فوق رأسي بل تحت كتفي: سلام للشيخ الأكبر " يا للغرائب في هذا المكان الذي يناديه ابن تيمية: يا بستاني الأفق يروز أصوات المآذن، فيما تنبسط الجنة تحت قدمي قاسيون
إنتسب إلى زحل، لكي تحسمن المكاشفة في باب كيسان، أو لكي تنزل في سلة ا شأن القديس بولس، متدليا من السور، خارجا إلى يونان وماء وراء البحر. كمثله، لا تقصد الباب لذاته، بل لما يخبئه. تفتحه لكي تشاهد ما ينغلق عليه. وربما سألت: هل الباب جسد؟ وما باب الجسد؟ وأين؟ ما هوية هذا الذي تذهب إليه في الجسد؟ نقطة لاشيء بعدها، أم طريق بلا نهاية؟ ولماذا لا يسكن إلا بوصفه زائلا؟ هل أجمل الأشياء التي تسكنها في الجسد وتسكنك هي التي لا تراها؟ ولا تنس أن تتصور بابا مليئا بالجمال مشرعا على عالم ملي، بالفراغ. ولا تنس الحلقة التي تقرع بها الباب لكي تسمع نعم أو لا. يتيح لك أن تسبح في أجمل بحيرات الضوء، أو يبقيك في ظلامك الأليف. هل الحياة باب- واقعا ورمزا؟
أقواس
خطوط تستقيم تنحني تتلولب
دوائر و أنصاف دوائر
مربعات
مستطيلات
مثلثات
مخمسات
مثمنات
أشكال على هوى الخط
التقينا- لم نتكلم، غير أننا ترامزنا
شوارع،- أنهار تحك ضفافها بموسيقى التاريخ
يغني الياسمين بصوت خافت، ويدور في الأزقة حافيا
دم أبيض على فراش القمر
لا تضع سلة الغبار في يد الريح
يجيء الشقاء معجونا بيد الله، مختوما بخاتمه،
ويجيء الفرح هاربا في ثياب
وردة تكاد أن تذبل
لكل نجمة طبل والفجر ناي مكسور
تسبح ملائكة سود في أحواض من الفضة
شوارع،- حقول نباتات تقتات باللحم
استيقظت السماء وأخذت توزع جرائد الصباح
يخص إليك الواقع ويجلسك على أطراف أظافره لحجاره حبال صوتية و أتى توجهت فيه يبدو وجهة سرابا يقبل الأرض. أيامه لدائن ينمر فيها عشب التاريخ هل الحياة هنا بريد ينقل في جعبة الرمل؟ وأين ذلك الخنث الغزل المترف الذي يعرف كيف يضم السرير إلى السرير، وكيف يتسلق لطيف الشهوات وخفيها؟ يفرح وهو يظن أنه يحزن. يتلذذ وهو يظن أنه يألم. اكتبي، دمشق، من جديد، تاريخك على عسيب النخل وعلى أكتاف الإبل. طريقي فيك وعرة، وحافيا أمشي
باب الشاغور
الغبار حصان جامح وهيهات أن يروض. والطرق مغطاة بحيض الأقدام
باب الفراديس
ادفنوه في دمه. انسوا لا تنسوا
باب الجابية
دوار في رأس اللغة
كيف يتصالح ياسمين دمشق مع جسد لا تنبت فيه غير الشقائق؟
ما لهذه السماء
لا تقدم غير البلسم، وليس في جسدها غير الجراح؟
اتكئي، أيتها الأحلام، حزينة على نوافذ أهدابي
قاسيون، أيها السائر واقفا، هل تعرف أن الفصول أعطت لغيري كل شيء،
وخصتني بخطواتها؟ دمشق
ظلك لابس قامتي، وأبوابك محيطة بي. هبط سرك إلي
لا يسكن الفرح إلا الثنية والطية والزاوية
-
خلوات
-
نافذة - مثلث، ينحدر منها ضوء الطبع. يتسرب منها هواء يحمل أشكالا كمثل الخيول
الخلوتية الشافعية
-
سلالم من أرداف وكواحل. حناء وزعفران ينتظران شهابا أخضر
الخلوتية القادرية
-
نسي الملح قدميه في الماء. ظل الدنيا رصاص مغموس في الجمر. لا فرق فيها بين الكلام والطين. إن كان
هناك شقاء فهو الفرح. يجلس الغبار على هذه العتمة، منذ قرون، ولم ينهض بعد
هل تجامع الإنسية جنيا؟
مسألة فيها خلاف لكن جائز عقص الشعر، وتجوز الضفائر
المرأة في الآخرة هي دائما لآخر أزواجها، وقيل لأولهم
الخلوتية التقوية الحنبلية
-
للزمن يدان رخوتان، وللأبدية فم لا يتوقف عن التثاؤب
أفراس تجيء من كل صوب ولمجلس بين الركب. أشار ورد جوري تخلع ثيابها الداخلية آه، اللذة يسيرة والحيرة كثيرة
الخلوتية المولوية
-
أكاليل نجوم تتدلى من السقف. ترفرف الأرض كالأجنحة. والعناصر خلايا أحلام الوحدة حبر السفر
الخلوتية النقشبندية
-
إمش فوق رؤوس الأزهار، وامتزج ببراعمها. يداك بنفسج وعلى جسدك يتسلق غبار الطلع. هنا تعرف أن للأيام قشرة أكثر حنانا من اللب
الخلوتية الرفاعية
-
تمسك يد الزاوية بريشة وترسم الفراغ
ما أحن هذه الأشرعة التي تقبل من السماء
هنا يدخل العاشق في الفصيلة الشفوية كمثل الريحان
الخلوتية البكتاشية
-
تمثل بالوردة وعش صامتا
إن كان لا بد من الكلام، فلا تتفوه
إلا بالعطر هل الكتابة شهد يابس في قفير مهجور؟
الحجر
كتاب يعلم التسامح
-
مكاشفات
أمن سوق الوراقين، تجيء هذه الحنجرة؟ أمن أنين خشب تفتت وبعث، تصعد هذه الكلمات؟
هل عرفت سوق الكتب؟ زرها لترى كيف تتمدد العقول على بساط من الهبر، ولكي تتملى شحوب الأيام. زره - احتفل بكيمياء التحول
رأس في القدم
وقدم تقطر العطر
والتحية لمن قال: " القدم لا الرأس، نهاية الشكل وغاية الهيئة "
إنه ركن العنبرانيين في سوق النساء. قبائل أعشاب، أفخاذ نباتات وزهور، والعطور تتناسل. وفي سوق الحرير وسوق الصاغة، سترى الرغبة جسدا وروحا. نسا" يسرن كأنهن يتنقلن في أسرة النوم. شم!من مبلولة بماء القمر. وترى الموت يتقلب ويزحف واهنا. وفى سوق المزامير وسوق الأبازير وسوق الفاكهة، تتنهد في مناخ تقول إنه هابط لتوه من فراديس المخيلة. وبين أهدابك تختلط الملاءات والسراويل والزنانير في بهاء يسرح معك بين الظاهرية والعادلية حيث ينهض أبو العز مائدة يتحلق حولها الأقصيان الشرق والغرب وتتلألأ اليد الصانعة
زجاج معشق، شرابات، مساند، أرائك، نحاس مخرم، وسائد، بسط، نارجيلة إنها الدنيا وعائلتها تحت سقف يتتلمذ على حكمة الدهر
غير بعيد عن رأس يوحنا المعمدان، تتدلى أذنا تيمورلنك. هل يحدث حقا للبقل أن يصير نخلا ؟
ليس هناك نور لا ظلمة فيه
لا تنكروا خرق العادة
استسلم للواقع إن شئت أن
يستسلم لك الممكن ربما كان الوحل الذي تهرب منه،
يسيل في الماء ذاته الذي تشربه
بلى، تتذكر النار أنها كانت ماء
الفضاء هنا نار، والطيور قصدير
قتلهم جميعا، تحقيقا للحكمة
القائلة " ما أكلته وأنت تشتهيه، فقد
أكلته وما أكلته وأنت لا تشتهيه، فقد
أكلك" ازداد البرد والثلج، منذ قتل المتنبي
لا يستقيم هذا المربع إلا إذا أصبح مثلثا
" رب اعوجاج أفضل من الاستواء "
أطلقت العنان للقيافة والزجر و العيافة،
للسانح والبارح،
للتفاؤل والتطير
وقلت: أنا القطن المتدرب، غير أنني أميل إلى النظر في الكتفين، وفي
الردفين وفي ما أوتي السر
-
مشاهدات
ساحة الشهداء
لبست أسماء كثيرة: الجزيرة، بين النهرين، المرجه، الميدان الكبير، ساحة السراي غير أن دم أبنائها الذين شنقهم السفاح محا هذه الأسماء كلها وأعطاها اسمها الأخير الشهيد. على أطرافها وفيها. تعانق اليونان والغرب والخلاسية العثمانية مسرح للتحول- وضعت الحداثة عليه أولى خطواتها: السيارة، والحافلة الكهربائية وعندما كان بردى يفيض، كان فيضانه يذكر بالدم الذي تدفق من أبنائها دفاعا عنها يصغون إلى أحشائها التي غطاها الإسفلت لكي يسمعوا آباءهم. وترى حنينهم يطرف حولك في كؤوس غير مرئية
نجمة تربط بخيوط أشعتها دمشق- شوارع وأزقة وأحياء. تجلس غالبا في استرخاء كمثل امرأة تستحم في العراء. مسرح. قلة هم الذين يتابعون المشهد جالسين. بضعة أطفالي بضعة شيوخ
ما هذه المسرحية؟
هواجس وأسئلة
الأكل قليل، والشراب نادر
إسراف، لكن في المنع
تكاد كل نقطة في جسد هذه الساحة أن تكون…
الأعمار بيد الأجور والأسعار
هل البياض سواد نسي اسمه؟
عمر بيتا لغاية واحدة: أن يسجن فيه الريح التي يقبض عليها
يظن حي القدم أنه رأس لحى الصالحية
كتابة كمثل زهر يزرع في حقول من الزجاج
لا تتأخر أيها المطر، تأخري أيتها السماء
ينام! الشارع والحارس ساهر على عنقه
!ئ! شفتيك إن شئت أن تتكلم
أيتها المادة الشآمية، هل الشعر، وحده، روحك العاصية؟
الخلوتية الشافعية
تنمو على جانبيه، وعلى أطرافه من جهة القيمرية وباب جيرون، أشجار للمعرفة لا يراها غير تلامذة الشيخ الأكبر. كل شجرة سرة من الكلام تحسن بك لكي يحسن فهمه أن تجلس في مقهى النوفرة. حول المقهى، ترك الأسلاف آثار خطواتهم في حفر وشقوق يصعد منها غبار يكاد أن يكون ذهبا .نقرأ معك، أيها الحكواتي، ليل الماضي
بضربة واحدة من سيفه، قطع خمسين رأسا
والويل للفة إن وقع في الأسر عنترة. لا تهدأ كلمة فيها، قبل أن يفك أسره. يتوكأ الزير سالم على أنصاره. يتوكأ جساس على صوته
يتحد الغضب والسرور كمثل ونجه الورقة وقفاها. لا عداء في تباد" الكلمات بين المتحازبين، بل حركة أيد كأنها أغصان شجرة واحدة يحركها هواة عاشق. كل يقف وراء فارسه. أو يقدم له الشاي والهتاف. ينقش اسمه بأنفاسه على بشرة الوقت اخرجوا جيادكم من أقفاص الحلم وسرحوها. ليس في المقهى سروج تليق بها. ابحثوا لها عن سهوب أخرى. للمقهى أذنان مسدودتان. وفي الصراخ تتوحد الشفاه كأنها فم واحد. كلا، "لم يمت عنترة. ولا يزال الزير سالم وجساس يتقاسمان بركة الماء الفوارة في ساحة المقهى. ما أعند الحلم بالنصر. يتخذ من الجدران والطين أهدابا يرقد تحتها. يمتلئ المقهى بجثث القتلى، غير أن الروائح التي تتنشقها طيبة كأنها طالعة من ضفائر الغوطة
ما له، حصان عنترة؟
يتساءل شيخ تبتلعه ثيابه، فيما يتابع معارك اللغة، ويرى إلى دمائها الجارية، كأنه يرى جيشا من الغيم
نسيت عبلة أن تمسح قوائمه بعرار الصحراء
للذاكرة ماء لا تتسع له بحيرة الحاضر
نعم، لا يتوقف الباب والكرسي، القهوة والنارجيلة، الماء والجمر
عن كتابة الشعر أسرار الليل أجنحة النهار
يلبس المساء قناعا ليس إلا وجها للصباح
يقال: لا تنام دمشق، ويقال: إن نامت، فنومها خفيف كالحلم
لا جذر، لا ثمرة، يتشرد بينهما
لا يعبد الشيء إلا لكي يستعبده
دمشق، أنت حياتنا،
لكن، ما هذه الحياة التي لا تعطينا إلا الموت
حييت عيواظ، وقلت لكراكوز: اسمح لي أن اقدم لك هذا الزمن في هذه الوردة اليابسة. كان خيال الظل يتسلق الشاي في الفناجين وعلى الشفاه، ويتأوه أو يمرح في صوت الحكواتي
من الخيال، جاءت الخيل
من الخيلاء، جاءت الخيل
أوحي إلى الريح الجنوب أن لمجتمع. اجتمعت. أخذ جبريل قبضة وخلق الخيل
سلام لحصان عنترة. هو من الخلق الذي به العز. لم ينعقد بناصيته غير النصر
كان الغبار الذي تثيره حوافره يتموج أعلاما على سقف المقهى. آثر عيواظ و كراكوز، ذلك المساء، أن يتحدثا همسا. كانت الوردة اليابسة تسهر على الباب، وعلى السطح، وفي الهواء. أشارا إلى العشق بين الزهور. همسا للحضور أن يلصقوا آذانهم على أكمام الياسمين والورد لكي يسمعوا شهيق البراعم وهي تخلع سراويلها . و أخذت الأشجار التي تحيط بالمقهى تنقلب كلها إلى شجرة واحدة: عطر الليل. وأخذت الحجارة تتغطى بالعطر. لم تبق زهرة إلا تفتحت من التبلل بندى الحب. صارت الأزقة نفسها كمثل أعناق تتدلى منها عقود الياسمين. ولمحول الفضاء إلى حنجرة تهتف احتفاء بالعشاق
الزائل أجمل ما يملكه الأبدي
هنا لا تقود الروح إلا إلى المادة
الماء والمال: حرب لا تنتهي بين الهمزة واللام
لا يقبل إلا شفتيه: ألهذا يقبل جميع الأيدي؟
أفهمني: كيف تقص ذيل الشيطان بجناح الملاك؟
القمر بين النهدين هلاك دائم
يتمرآى، لا لكي يرى الحياة بل لكي يرى الموت
قدم بيضاء على كتفي قاسيون: القمر
وجوه- فراشات بلا أجنحة
الأمل هنا عقد زواج مع الريح
يأبى حزنه أن يغتسل بماء عينيه
مكتبة - المماحي فيها أكثر من الكتب
يحتاج القمر إلى كلاب تملأ دروبه بالنباح. )* دمشق كلمة مركبة من كلمتين: دم وشق. ح- قصر العظم ربما كان جوبيتير الذي أهرق عطره في أغوار الأعمدة، يرسل الآن من سمائه ريحانا يتفتت فوق الموتى الذين تركوا لأجسامهم أن تمتزج بالنقوش والزخارف. ربما تحول قصر الخضراء إلى مشكاة، ومعاوية إلى حصير في مأوى للعجزة. ريما صارت دار الذهب حماما، وأكاد أسمع الأمير تنكز يصدر أمرا بقتل ما تبقى من الطيور التي تربي الأفق بين أجنحتها. لا تزال هناك أسلاك خفيت على العسس، بين السلملك والحرملك حيث تأخذ الأنثى الذكر بآهاتها ويتسلل الذكر إليها في تويج وردة وعلى بساط من الروح. لا تزال الطرق إليه مليئة بغبار يسخر من الأقدام، ويعلق رأس الزمن في الهواء. حول مئذنة عيسى
سوق الحميدية. سوق مدحت باشا
لم يبق خشب يكفي النار لكي تهيئ أعراسها. التاريخ ينتحب في العباءات متناثرا على البسط كحب فلفل لم يشهد مثله امرؤ القيس. وفي أمواج من الأغاني يسبح أبناء آدم كمثل مراكب نسيت الشواطئ
يلذ هنا الضياع في موج الألوان- أصولا وفروعا. بعد البياض والسواد، الحمرة والصفرة والخضرة، تتغلغل في أفق الأزرق والزبيبي والنارنجي. وسرعان ما تشدك الشقرة التي هي الحمرة إلى الزعفراني الخلوقي، وإلى الأدبس، تدرجا نحو الأفضح والأصبح، المدمى والمذهب والأكلف. ثم تجذبك الدهمة التي هي السواد إلى الجون والأحم والأكهب، والأحوى والغيهبي والدجوجي. وتقودك الخضرة إلي الأصحم. والأطحل والأورق والديزج والأربد والأخضب. وتسلمك الشهبة التي هي البياض إلى الحديدي والخلجوني والأضحى والقرطاسي والأشهب. وترميك الصفرة في الهروي صعودا نحو المطرف. المدنر، السمند، العدسي، الغربيبي، وتنسى عينيك في ا لمطرف، والمولع والموقع، والأبلق ا لمجوز، والأنمر، والأرقط، والأربش، والأنمش، والأيشم، والأرشم
أبهى ما يلتصق بك في هذا الموج من الألوان، الأحمر الياقوتى الذي يتكون، والعلم عند خالقه، من الشمس والهواء وظل ينزل من السماء. ولا تسل عن خواص اللون الزمردي: (توقير الناس للمسك بالزمر، وتسكين وجع المعدة لمن علف عليه. والمسموم إذا شرب منه زلة تسع حبات، لم تنله مضرة من السم. والمتختم به تنافره ذوات السموم. وإذا قرب من بصر الأفعى، سالت عيناها
سوق الأبازير
أساتذة يجلسون في أحضان التوابل والعطور ويعلمون كيمياء الملذات. يزداد يقينك أن الجسد هو اكثر بقاء. ويسعدني في ذلك أن يقال: جن القائل. أو يقال: دخل غار المعنى. حيث نزلت السماء وأحرقت سلالم الصعود. لن تستطيع بعد زيارة هذه السوق أن تقول كغيرك
عجبا للمقابر في دمشق،
تزهر أكثر من الحقول
يكفي أن تقطر الصحراء في فم الكلام
ليس المعنى وراء دمشق، ليس أمامها،
لا يمينا ولا يسارا- المعنى بين قدميها
كلام ربيع دائم، عمل خريف دائم
كتابها المقبل : " كيف عشقت جنيا أسلم على يدي "
لا يليق بأحد أن يكون شاعرا كما يليق بالوليد بن يزيد
يمكن أن يكون الغبار في دمشق بيتا للشمس
أفكار تتدفأ على جمر المال
زمن أعمى يتوكأ على عكاز مليء بالعيون
الصلاة هنا أقصر طريق للذهاب عموديا إلى السماء
السحر والعلم هنا مسحوقان يقيمان في زجاجة واحدة على رف واحد
يتعذر وصف شهوة الكلام عند جدران دمشق
الدائرة هنا نبية المستقيم، والمثلث الوحي
هنا ينزل الرأس ويرتقى البطن
ليس لكلماته أرجل، ليس لأفكاره معاول،
كلا، ما يقوله لا يبدأ وليمة، ولا يجلب غنيمة
يعجن الخردل بالخل ورماد البلوط، ويخلطه باللوز والزبيب،
لكن من أين له الماء؟
كيف تربد أن تكون خالقا، دون أن تكون ماحيا
دمشق ،
قل الشام وجلق، العذراء وجيرون، تل عين الشرق
إرم ذات العماد، باب الكعبة. قل، وأسلم جسدك إليها
أسلم جسده إليها
في حارة الخلخال أصغى إلى راس يتحدث عن زوايا الرجال، وجسده في مكان آخر،
في كل رباط للنساء- مهجورات، مطلقات، متعبدات، صوفيات،
حيث تجفف الأيام عظامها على خيوط الكتان
وبين باب الجابية وبوابة الله، استأثرت به طويلا زاوية كانت تحتضن بيت يهوذا. تخيل البيت، وهم أن يسأل الهجر أو أي شيء آخر: أ إلى هذا البيت لجأ القديس بولس؟ وأخذت بعض الكلمات في قاموس الأسرار، تظهر وتتحول إلى أقواس قزح وإلى أشجار وبحيرات. وأخذ بعضها يتحول إلى كائنات أكثر أيغالا في السر
وضع يده في يد كوكب الزهرة ليعرف كيف يخرج سرا من بساتين الزينبية إلى باب توما جارها القريب. لم ير فبم باب توما، أو هكذا ظن، إلا شفاها عالقة في الفضاء تتبادل القبل، وإلا مخلوقات ليست لها الوجوه والأرجل التي تكون عادة لحيوانات اللغة. كانت تشرده في رؤوس جبال وبطون أودية. ولم يتذكر عمر بن العاص الذي نزل على هذا الباب ولم يدهشه هذا النسيان
شطحات ماذا يفعل سجن ماذا يفعل شرطي ماذا يفعل دخان بين نهدين ماذا يفعل جدار
بين الكبد والعين هل الأفق هنا عمود من الملح؟
يا لهذا الهواء الذي يملأ الفضاء بالتجاعيد
ماذا تفعل بهذا الكلام الذي تنبشه متكئا على صلصال يذكر بآدم ماذا تفعل بمدن لا تطل إلا على الهاوية ماذا تفعل بشوارع ليست إلا سيولا من الدمع. خير لك أن تعطي هذه اليمامة منديلا لكي تمسح عينيها سرطان يلتهم جسد الواقع، وفي الريح ورق ليس الشجر بل البشر
وليس الرماد في الهواء بل في الرئة، وليس الوحل في الطبيعة بل في الطبع
يعتذر دائما عن الالتقاء بالآخرين، هامسا: امرأة من الجن في ضيافتي
الأصابع أزهار الجسد
يؤمنون بالكواكب، ويأخذون العلم بالشم
أجسام تتعلم الركوع قبل أن تتعلم المشي
حكمته الأولى: الناس دجاج يتتلمذون على الثعالب
فوق سريره، هذه السطور
" الله صديق للفقراء في الحلم،
وللأغنياء في الواقع "
" رزق الفقير حصاة يمصها حتى الموت "
قائل هذه العبارة قديم لا يزال حيا يصف الناس
لا لسان خصب، وقلب قاحل
وهو نفسه عين صحيحة وجسم ذائب
كان يقول: " لا ليس الإنسان جسدا، بل عدد. يمضي شيء منه مع كل يوم يمضي " يناضل، لكن كمن يريد أن يحول الحجر إلى خروف
يلزمني أن أفكك جسد الليل عضوا عضو لكي أقدر أن أكتب خطوة واحدة من خطوات الشام، هكذا لكي أعري نهارها ألبس ليلها، رما أكتبه يمليه التيه إن صح قولها: للكتابة شياطين، فأهوالها هي هذه الشياطين
أهو الوقت يتسلح بها ضدها؟
لها لهذا الهيكل الذي عاشت فيه آرتميس، انذر هذه البقع من الحبر
متى تقتنع بعشتار ؟
فرغت كأس المعنى من الثمالة وليس من يترشفها غير الشعر
(باريس. أوائل كانون الثاني 1993)