يقبل اعزل كالغابة وكالغيم لا يرد ، أمس حمل قارةً ونقل البحر إلى مكانه. يرسم قفا النهار ، يصنع من قدميه نهاراً ويستعير حذاء الليل ثم ينتظر ما لا يأتي. إنه فيزياء الأشياء ـ يعرفها ويسميها بأسماء لا يبوح بها . إنه الواقع ونقيضه. الحياة وغيرها. حيث يصير الحجر بحيرةً والظل مدينةً ، يحيا يحيا ويظلل اليأس ، ماحياً فسحة الأمل ، راقصاً للتراب كي يتثاءب وللشجر كي ينام . وهاهو يعلن تقاطع الأطراف ، ناقشاً على جبين عصرنا علامة السحر . يملأ الحياة ولا يراه أحد . يُصيّر الحياة زبداً ويغوص فيه . يحول الغدُ إلى طريدة ويعدو يائساً وراءها . محفورةُ كلماته في اتجاه الضّياع الضّياع الضّياع . والحيرة وطنه ، لكنه مليءٌ بالعيون . يُرعب و يُنعش يرشح فاجعةً ويفيض سخريةً إنه الريح لا ترجع القهقرة والماء لا يعود إلى منبعه . يخلق نوعه بدءاً من نفسه ـ لا أسلاف له وفي خطواته جذوره . يمشي في الهاوية وله قامة الريح . ليس نجماً ليس إيحاء نبيّ ليس وجهاً خاشعاً للقمر هوذا يأتي كرمح وثني غازياً أرض الحروف نازفاً ـ يرفع للشمس نزيفه ، هوذا يلبس عُريَ الحجر ويصلي للكهوف هوذا يحتضن الأرض الخفية . مَلكٌ مهيار ملكٌ والحلم له قصرٌ وحدائقُ نار واليوم شكاهُ للكلمات صوتٌ مات ملكٌ مهيار يحيا في ملكوت الريح ويملك في أرض الأسرار صوت مهيار وجهٌ خانه عاشقوه مهيار أجراس بلا رنين مهيار مكتوبٌ على الوجوه أغنيةً تزورنا خلسةً في طريقٍ بيضاء منفيه مهيار ناقوس من التائهين في هذه الأرض الجليليه ضيع خيط الأشياء وانطفأت نجمة إحساسه وما عثر حتى إذا صار خطوهُ حجر وقورت وجنتاه من ملل جمع أشلاءه على مهل جمعها للحياة ، وانتثر
في الصخرة المجنونة الدائره تبحث عن سيزيف تولد عيناه تولد عيناه في الأعين المطفأة الحائره تسأل عن أريان تولد عيناه في سفر يسيل كالنزيف من جثة المكان في عالم يلبس وجه الموت لا لغةٌ تعبره لاصوت تولد عيناه
تعبت عيناه من الأيام تعبت عيناه بلا أيام هل يثقب جدران الأيام يبحث عن يوم أخر أهنا أهنالك يوم أخر؟
يضربنا مهيار يحرق فينا قشرة الحياة والصبر والملامح الوديعة فاستسلمي للرعب والفجيعه يا أرضنا يا زوجة الإله والطغاة واستسلمي للنار
يهبط بين المجاديف بين الصخور يتلاقى مع التائهين في جرار العرائس في وشوشات المحار يعلن بعث الجذور بعث أعراسنا والمر فئ والمنشدين يعلن بعث البحر
باسم تاريخه في بلاد الوحول يأكل حين يجوع جبينه ويموت ويجهل كيف يموت الفصول خلف هذا القناع الطويل من الأغنيات وحده البذرة الأمينه وحده ساكنٌ في قرار الحياة .
لاقيه يا مدينة الأنصار بالشوك أو لاقيه بالحجار وعلقي يديه قوساً يمر القبر من تحتها ، وتوجي صدغيه بالوشم أو بالجمر وليحترق مهيار أكثر من زيتونةٍ ونهرٍ ونسمةٍ تروح أو تجيء أكثر من جزيرة وغابه أكثر من سحابه تركض في طريقه البطيء تقرأ في سريرها كتابه
يجهل أن يتكلم هذا الكلام يجهل صوت البراري إنه كاهنٌ حجريُّ النعاس إنه مُثقلٌ باللغات البعيده هوذا يتقدم تحت الركام في مناخ الحروف الجديده مانحاً شعره للرياح الكئيبه خشناً ساحراً كالنحاس إنه لغةٌ تتموج بين الصواري إنه فارس الكلمات الغريبه
بين الصدى والنداء يختبئ تحت صقيع الحروف يختبئ في لهفة التائهين يختبئ في الموج ، بين الأصداف يختبئ وحينما يغلق الصباح على عينيه أبوابه ينطفئ يُلجىءُ مصباحه إلى جبلٍ ضيعه يأسه ، ويلتجئُ
النخيل انحنى والنهار انحنى والمساءُ إنه مقبلٌ إنه مثلنا غير انّ السماء رفعت باسمه سقفها المُمطرا ودنت كي تُدلِّي وجهه ، فوقنا ، جرساً أخضرا
يحلم أن يرمي عينيه في قرارة المدينة الآتيه يحلم أن يرقص في الهاويه يحلم أن يجهل أيامه الآكلة الأشياء أيامه الخالقة الأشياء يحلم أن ينهض أن ينهار كالبحر ـ أن يستعجل الأسرار مبتدئاً سماءه في آخر السماء .
وجه مهيار نار تحرق أرض النجوم الأليفه هوذا يتخطى تخوم الخليفه رافعاً بيرق الأفول هادماً كل دار هوذا يرفض الإمامه تاركاً يأسه علامه فوق وجه الفصول
لأنه يَحار علمنا أن نقرأ الغبار لأنه يَحار مَرَّت على بحارنا سحابه من ناره من عطش الأجيال لأنه يحار أعطى لنا الخيال أقلامه ، أعطى لنا كتابه .
يمدّ راحتيه للوطن الميت للشوارع الخرساء وحينما يلتصق الموت بناظريه يلبس جلد الأرض والأشياء ينام في يديه يحمل في عينيه يأخذ من عينيه لألأةً ، من آخر الأيام والرياح شرارةً ، يأخذ من يديه من جزر الأمطار جبلةً ويخلق الصباح أعرفه ـ يحمل في عينيه نبوّة البحار سمّاني التاريخ والقصيده الغاسلة المكان أعرفه ـ سمّاني الطوفان
الليل أبواب وساحرات في رئتي مهيار في وجهه الأصفر في يديه مُت مثلنا ضِع معنا يا آدم الحياة أبحر بنا إليه نشتاق نحيا له ـ مهيار توأمنا وتوأم النهار. عرف الآخرين فرمى صخره فوقهم واستدار حاملاً غُرّة النهار والسنينَ التي تهرول عُذريّةَ الجنين وجههُ عالقٌ بالحدود الغريبه ينحني فوقها ويضيء حيث لا يلتقي بسواه يجيء حيث لا يلمح الآخرون استدار حاملاً غُرّة النهار ماحياً صفحة السماء القريبه
ذاك مهيار قدّيسك البربري يا بلاد الرؤى والحنين حاملاً جبهتي لابساً شفتي ضدّ هذا الزمان الصغير على التائهين ذاك مهيار قديسك البربري تحت أظافره دمٌ وإلهُ إنه الخالق الشقي إن أحبابه من رأوه وتاهوا . |