(1)
أطلق هذا المدى المضطرب
أطلقُ غصن الصباح
حين تكف البلاد عن الركض المباح
الناس فضاء متبرمُ
لكنه يحتجب
كيف ينام الناس؟
وأي شيء أكسره، لأخرج؟
أي شيء يكسرني، ليخرج؟
الأرض غصني الأوحد وأوراقي الباهرة.
لا الحدائق شدتني
ولا الحيطان
النار نقشت ألواني القانية
وها أنني أطلق هذا المدى الملتهب/
هكذا قالت الوردة القاسية.
(2)
ماذا يقول الباب؟
وماذا وراءه
أو أمامه؟
القصيدة واقفة معي والعشاق والنهار والبلاد والمطر
شريط النفس جف
لكنه ما انكسر
الباب نكهة المدى وطعم الاحتباس
خروج ودخول عسير أو دخول وخروج مطير
صفتان
وأنا الموصوفة
ماذا يقول؟
وما عليه لو أنه انفتح؟
هذا الباب قمر
حلّت كل البنات ضفائرهن لأجله
ووقفن في النوافذ
فازداد ركض الخيول
وازداد دق الدفوف.
السنابك تدك الأرض
من خلفه
ومن أمامه
ماذا يضيره لو أنه استأذن هذا الجدار
وانفتح/
هكذا قالت الوردة القاسية.
(3)
صباحٌ أقل فجيعة
يفتح الدم المغلق
ويغلق الدم المفتوح
أو صباحٌ أكثر ألفةً
أو صباحُ فقط،
كي أحمل الجذوة مرة أخرى
وأدخل في البلد
أوغل في أعناق المزهريات
أعيد للشرفات بهاء القصب
وأعلم العشاق كيف يكون الجلد/
جَلَدٌ غير هذا
وأخرج من دخان الحوانيت
أحمل النكهة من دار إلى دار
ومن كف وحيد إلى صف طويل
ثم
أرشق الأطفال بالوهج/
هكذا قالت الوردة القاسية.
(4)
لماذا يضيق الشارع؟
لو أنه أوسع
لجئنا بحدائقنا
وجعلناها تفترش الرصيف
مع الناس
لو أنه أوسع
لأسرعت الأرض بدورتها
كي تتخلى عن شيء من هيبتها
لو أنه أوسع
لمات شهريار
شهريار ينام
وأنا أفيق
شهريار يفيق
وأنا لا أنام.
ناشفة، أنا،
وكسائي خدر الزمان.. ورم المكان
ناشفة
والنوم على ساقي يجرح،
ماذا يضر الشارع لو أنه أوسع
كي أرش الماء فوق الرصيف
وأنام/
هكذا قالت الوردة الطيبة.
(5)
أنا وترٌ ينتمي للأصابع
وترٌ يحتمي بالأصابع
{دوزنه}
ثم أفتح النافذة
أو دوزنهُ فقط.
لا تصدق هذا الزجاج
إنه دائم الثرثرة
والقفل
والإطار السقيم
والستارة
كلها زينة زائفة.
افتح هذا المدى
واقترِب
أنا فعل الروح وصفات الجسد.
كل أليفِ يجفُلُ
وكل جافل يصير أليفا
حين أطلق سهم الرائحة/
هكذا قالت الوردة النافرة.
12/4/1985"
تحولات الماء
التحول الثاني
غيمٌ على أرض الجزيرة
وصيف النخل على كفي.
حجازيةٌ ليلتي
ونهاري نجدي الحشا
يمانيٌ هذا النجم/
يلوح فوق مواعيد القلب
ثم يحط على الجفن
كالندى
دمي الحبيس في دمي
كيف أنزله.. يا {سهيل اليماني}؟
كيف ألبسه
واجتاز الصحاري؟
آه، يا {سهيل اليماني}
دمي الحبيس حصاني…
حجازية ليلتي
والبرق داليةٌ
تنحني
وتنثر في الأرض الشغف
آخيت بين المهجة والسيل
وضعت صبابة القول في يدي
وغنيت في حزن الصبايا:
الأرض قرط صبية
والبحر خلخالها…
* * *
شفق يسيل من لحمي- لحمي ناشف مرٌ
وصبايا الأرض مائي
آه، يا {سهيل اليماني}
كلما امتدحت ماء أصابني عطشي/
عطشي مملكةٌ
والسيل قصري الجميل.
لم أكن من {……}
لكني ورثت خطيئتها
فاختصمت عليَّ العشائر:
لا الناقة ناقتي ولا المرابع لي.
ساقني ولع
وشدتني حبال الشمس
هنا
أهل
وأحباب/
بلادي صبرت عليها
في القيظ امنحها ظلي
واستوقف المزن فوق سهولها
هي طينتي وأول قلبي
بيني وبين الشيح سرٌ أزرق
وولهُ من المطر.
أومأت للثريا بأن تقذف حليتها
وتأتي
أومأت لها
بأن الثرى يكحل الأرض
ويصعدُ
يصعد فيَّ.
وأني أهيئ من صدري حقلا.
بلادي صبرت عليها
كبرتُ
ما الذي أنزعه عني
كي أغني وأصفو
***
كبرتُ
دعوتُ الماء أن ينهي جفافي
لقد اهتديتُ/
دلتني مجاعاتٌ وأوجاعٌ
قادتني امرأة لبست كل الأساطير
قادتني
فصار شيطان قلبي ثالثنا.
أينا ساقَه هَمُّهُ؟
أينا يفكُ طقس الخرافة عن صاحبه؟
دعوتُ الماء أن يكمل هذا اللغز
أنا بدوي جفَّت مراعيه
وتحركت الكثبانُ من حوله،
ماجت، ثم أطبَقت عليه
حُريتهُ الخصبُ والتجوالُ:
هذي هضبة
كان ينازل أحجارها ليقيم متراساً
يلقى القصائد في ظله
مادحا تمر العشيقة
* لكنه لم يقل كل قصائده *
هذا واد
كان يغني لمسيله
يهيئ أشجاره للطير
ويصير ريشةً في جناح قطاه
* لكنه لم يقل كل أغانيه *
هذي سهول
كان يقذف ساقه فيها
ويطوي الشمسَ منديلا على ساعده
فيصير الفضاء نصف سرير
* لم يقل كل أحلامه
ولم يبح بكل أوجاعه
لكنه ما زال يدعو الماء أن يشاركه نصف السرير *
التحول الأول- أ
رأسهُ جرحٌ:
عطشٌ/فضاءٌ/قطاةٌ/متراسٌ/سريرٌ:
نار النار.
فضاءٌ/قطاةٌ/سريرٌ/مياه:
مياه النار
والجزيرةُ شاةٌ قبائل
اقتتلت على صوف شياهها
مدحت أمجاد عصورها
واستكانت للتراب
"الزبّاء" مازالت متحصنة بعش غراب/
غبارٌ يحتمي بغبار
ألةٌ زيتُها الرمل والدينار
حصارٌ يحاصر نفسه
والشاهد الأوحد بيض غراب.
ونار الماء ترسل طقسها تحت جفنيه
الأرض شوكته ونزوته الوحيدة
يمشي إليها بأوتادٍ وأوتارِ مدوزنه.
أي سحابة يشد عليها أوتاره،
شيطانة قلبه
أم زعفرانة يديه
صحراؤه {خزاعية الأسنان}
أي عاصمة تناصره
وأي عاصمة عليه؟
أبغداد المماليك
أم دمشق أميّه؟/
خلفٌ يسأل أين كان التلف
تلفٌ يدعي غير التلف
والشاهد الأوحد فرخ الغراب
يستنطقٌ كل العلامات
وكل الكتب الممسوخة
هنا علامة
يرتمي فوقها
هنا ماء
يغترف منه
{بصرةْ}، والبصير نام فوق الحصير
وحين أفاق
شاهَدَ الترس يدور في المزرعة
وخلف الوقت مماليك ومغول/
جثث تحتمي بجثث.
البصير قام عن الحصير
صحراؤه {رومية الكفل}:
أي غدير يقود ناقته نحوه،
دمه
أم حروق جلدة رأسه
التحول الأول- ب
رأسه جمرةٌ
والهوى أرَّقه
ثم جاء به
نافراُ كماء الظهر
يلتمع ظله
أول الجسر يده
أوسط الجسر فمه
ها
قد يكون آخر الجسر دمه
أي بكاء هذا الذي جمعهُ
ثم أفرده؟
أي حزن هذا الذي أفرحه؟
هو المفرد
والمثنى
والجمع، حين تشتعل قامته.
{قرمطي} ضاع في {قرطبه}
ما الذي أبعده؟
ناولته الحقولُ ضفائرها
ناولتهٌ الحفيفَ والقلائد المرصعة بالشفق.
ربط الأرض على صلبه
وتقلد البحر من أوله
أول الجسر صُلبه وترائبه/
آسيا وأفريقيا:
مجاعات خَبَّرتهُ عن نفسه
والجرذان ما زالت ترضع ثديه وكاهله.
{قرمطي}،
كيف ضاع من {قرطبه}؟
لو أنه أطلق نفسه في عري الحقول
ونزع نفسي عني
لكنتُ هو.
بصيرٌ،
والبصرة أبصرتهُ من القرب
كان بصرتها
كان سهيل الذي مدت كفها نحوه
وأنا أبصرتُ منه أول جسري
فصرت سعفةً في حصيرته.
التحول الثالث
رأيتها تتهيأ لتتناولني من ضيق الحشا
رأيتها
تصفو
وأصفو
الماء يدخل جبتّنا
وينشر شمسه فوق خيامنا
رأيت الماء
فغنّى صفائي
وحين يغني البدوي
يَرقُ الحصى
لدمي وقتها، وقت
ولفمي طقوسه الرائعة
جسدي سمائي
فخذوه
خذوه غمية {ضاريه} لكل الفصول
ها هي وعول قلبي تركض- ترقص:
ما أطيب الماء
وما أصعبه
بأي شيء تجازف هذي الوعول؟
تجازف بالذي لا يقال
اللظى أسهل
أسهل.
رأيتها تحتشد
هي ما عناه القرمطي وما رقصته الوعول.
* * *
ها أنني أنزعني عني
وأطلقني في عري الحقول وفي صمت السهول
جسدي وسادتي
أصفو
أصفو
فتصهل خيول صدري/
تحولني المياهُ
وتكسر إناء وقتي.
"24/2/1985"
من كتابه: الجوزاء
الحنين
لم يكن الحنين سهلاً وممتعاً كما عهدناه
ولم يكن جارحاً كامرأة خافته
حين جلسنا على آرائك البعد نعاشر المكاتيب
لم نجد الحنين مطراً خائفا
ولا لهباً يعاقب الأذهان على قمة جبل
الأهلُ مثل الأهل
الأصدقاءُ مثل الأصدقاء
ونحن مثلنا: نحلم
شجيرات الجفاف التي انحنت في البال تُزهِرُ
على حافة العناق والوصايا
النسيان وحده لا يجيء
أيها النسيان.. يا قرين الشرق،
لم يكن الحنين أصابع نكتب بها.
هيوستن - الولايات المتحدة
14/3/1989
الصيف
رائحةُ الصيف تُعَرفُ الأجدادَ
وتنزلقُ أسفل الأبواب
واضحةٌ في أولادنا
خفيفةُ، لكنها
تزيح الشراشف عن الكلمات المتسخة بالأهداب القصيرة
وتُقحِمُ الرجال في ما يُنتَظَر
أيتها الرائحة، يا مضيئة
دعي الرجال يُخلِصون لأحلامهم
ونظفي الكلمات
بالحياة.
مهنة أخرى
أسمعُ خطو الطفل
في الطريق، مربوطاً بيد أبيه
مغرماُ بالعصفور الذي يغني على كل فوق
وبسرعة أنادي مَن يَسكتُ في صفحتي
أُعطيه ريشةُ.. لا ليطير، بل لينتحر أمامي
وبالمصابيح أَتبعُ خطوات الطفل
لآخذ يد الأب
إلى مهنة أخرى.
هويّه
بعد هذا وذاك، سنترك النور يَذهب في حبيبته
الساكنة خلف الرؤوس
لينجب نوراُ صغيراً
نناغيه
نُقبِّل خدّه الأزرق
ثم نعطيه دمعنا التي لا مثيل لها
ليرحل بعيداً عن كهولتنا
صغيراُ يضيء القفار والغابات
يتسلّق الجبال البعيدة الخالية
ويُجمِّعُ الفراشات وأصوات العصافير
بعيداً يرحل عن أبنائنا المُعَوقين
عن نسائنا صاحبات الأمومة الزائدة
وعن أسمائنا وريثة الدّم.
مُجاوَرَه
أعفاهم من مُجاوَرَة العصافير، حتى أيقن أنه منهم
فأعفاهم منهم
ومنه.
أزمة
انهَدَم الشتاء
فأرسلتِ الأنقاضُ حصاناً للعارفين،
الذاهبين بالبلاد صوب المغفرة
وحدَهُ الشتاءُ يُذَكّرُنا بالحنان الصباحي
بفنجان الأبوة
بأستاذ الجغرافيا
بأول انتظار
ها هو يتركُ حسانته على أشجار مُشَوشة في المدى
يجيءُ يمسحُ راحتيه بما في الذاكرة
فتُعاد الأقوال
ويَحدُثُ السراب.
بياض
طُرُقات تتقَبلُ هدايا البرد، بكاءه، وأنوثَتَه المختبِئَة
في البيوت
مضى بها ناسي المنكسرون المنجرفون للعتمة
وعلى أغصانهم وريقات تميل
ثم تلمع كلما زادت خطاهم ظلاما
في الليل
وفي الأفكار صورتهم مضاءة بالحنين
أتأتي قبل أوانها؟
إن بابي يخاف
ويظلم روحي المتروكة في خلاء الوئام.
انتظار
عربات الحلم تَمرُّ
وأنا في مكان الحريقة
أو إنني في البيت
أعلّقُ ساعات "دالي" على أغصان اليقظة التي حَمَلتني
وأستنشقُ بخارَ الجاهليّة……
مَن هذا الذي يَجلِد الخيول؟
وجوهنا التي تًحَلّق حولنا
هذا الجار لا أعرفُهُ
وذاك لا يعرفُني
أي جيران نحن وكل هذه الجدران والريبة بيننا؟
الريبةُ التي تُضيء مصابيحهم
وتطعمهم ليلةً أخرى
أي جيران نحن؟
لا ينام البحر إذا رآنا نخرج في الوقت ذاته
ولا يذهب الهواء إذا تنفسناه معا
ذات مساء لاهث، فَكّرتُ أن أدق بابه
أن أحدّثه عن الشموس التي أصعد إثرها للكلمات
وعن بحيرة الأشواق التي رأبت خطاي
ذات عيد دق بابي
فقلنا معاً عند حنين الجرس: كل عام.
أي جيران نحن؟
أحياناً نترك أطفالنا في خيال الشارع
كل له ساحة ومرآة ومستحيل
أحياناً نسحبهم كالأفكار
نضعهم في خزائن الأبوة
ونأخذ من كل واحد مرآته
لنرى وجوهنا التي تُحَلّق حولنا
ما أقسانا.
الوحيدة في غرفة الإخلاص
قبل ساعات أتانا الصباح
مُحَمّلاً بالسبت
لاطَفَ الأطفال بإخفاء العصافير في عُشّه
وقبل خُطى النسوة تكَلّم عن وجهٍ مضاء بالمياه المشقوقة
وأفاق نحونا
وجدنا ضالعين بالمهمة القصوى
نرتقي رخاوة الأوقات صوب ما بعدنا،
جهة التي نطقت سماءً مع الأحلام وصارت
أسيرةً في غرفة الإخلاص
بعد ساعات ذَهَبَ الصباحُ
مُحَمّلا.
انتظارهم
ليس بهم غيرنا، فمتى يذهبون؟
إنهم ليلة القَدر
ننتظرهم بعدما نفرغ من شوقنا
وبودّنا…… أبداً
أن نُحيي أبوابنا بمصيرهم
مسكينة
فينا مفاتيحها، لم يسمعوها
ليس الوريث بيننا، ولا القابض على قطب الرحى
ننتظرهم
ليسيلوا في بدائلنا.
النّدم
النّدم أمركَ الوحيد، طاعتكَ الكبيرة
وساعتكَ المغشوشة التي تنظر إليها كل حين
يُثمرُ فيك كنخلة
حتى تصير صوتَ حُزمَته إذا مالت على ظهر السنين
حينذاك ستتبعك النسور
وتأكل الكلمات السوداء الخارجة من أصابعك
ليعرف الملأ أنك كنت تنام
مثل قفص.
نَصيب
يقسو عليّ فجرُ ذاكرتي
ويجعلني أسحب شبكاتي العريضة
المنبسطة تحت وبَر الليل
صوته المُضخّم بريح شمالية يقتحم مصايدي
وبالأسود والأبيض يأخذني إلى قبلات أبي
التي يُسَمّرُها على باب الخروج، واثقة ومرتبكة
أُميّزُها
فألُفّ الغرفةَ على ما تبقّى من نصيبي
ألُفّ أبي بقطن الرحمة الأولى
أرى طلاء الباب لامعاً في شفتيه
ومن عينيه تتدلى خزانة معناي
رأيتُ الطلاء ذاته في شفاه كثيرة
بعضها أحبه،
وأنادي بعضها بما ليس فيّ، وباسمي مَرّات
رأيتُ الخزانة نفسها
وسمعتُ البكاء الصديق
فأين أضع يأسي البكر
لكي
أفتح ما تبقّى من نصيبي؟
أزهار
في مساءات متباعدة،
تجمعين أزهار الفلّ والياسمين في سلّة القصب
ثم تضعينها في البرّادة
السلّة جميلةٌ بلا شك
والأزهارُ هادئةٌ كضميرٍ مخلصٍ،
فأين الأريج؟
هيّا،
اتركيني أشُمُّ أصابعك.
القراصنة الضيوف
رأيتهم
على التلال، تحت سماء مملَّحة بخريف بحر هناك
يقتربون من صلابة الهمس
وعيونهم السمينة تنحدر صوب طيوري
بيديّ هاتين أَغَلقتُ زنزانة الروح على الأجنحة،
فما الذي جاء بهم؟
هل أصير صيدهم الغالي
أم قبرهم النبيل؟
شمسي لا ترفع سقفاً أطرد تأويلي إليه
فيا أيتها المعرفة التي تبتلع سفينتي، إلى متى تنحنين؟
إني أرى ليلهم وصبحهم معاً
على ظهرك
المُستضاف
أسلاك المنتهى
تناديه عبر أشواقٍ قد تنتهي في جدار؛ تسأله
عن غيبات المعنى، عن ضدّ طعن القرب بهمسٍ جديد
ناسيةُ أنها عربة الأنفاس التي تدل على ما مضى
تجعل أحزانه مغمورةً كأرض مأهولة بظل قصير
خارجة كانت أقدامه،
أيردّها إلى نارها الباكية خلف وعد الاشتعال؟
مرآة وقلبا كانت أظافره
الآن لا يستطيع أن يخدش أمنيه
داكناً يذهب، مشدوداً إلى فراشات تُحَرّك المزهريات
إنه صديقي
غَسَلَتهُُ الورقةُ بما يجعله بريئاً كشوكه.
إضافات العاطل
(1)
مضافاً إلى ألمي، أنظرُ إلى شمس صباحية
(2)
مضافا إليكَ.. يا مَن تراني بعدها،
أصيرُ محنة القنديل
(3)
مضافاً إلينا.. أيها الممر المدنّس،
تصير العتمة أكثر ضوضاءً وصدقا.
الأعوام المُهانَة
الحبُّ حفيدنا الأعزل
تحت الأيام المعتادة نعطيه نوافذنا
ولأن البيوت تُزَوّر وجودنا،
نعطيه قدوة الأحاسيس
ونذهب
أنت إلى سبورة الطريق، ملفوفةً بالنميمة وجهل الطالبات
أنا إلى جوارب العيون
حيث الصدور تصير أقداحاً لاحتساء الهشيم
يا لها من أعوام خائفة.. أعوام أقصر من رثاء
نعود بعدها أو قبلها
لكلماتٍ نائمةٍ في غرفة الجلوس ونفتح علبة الشمس
ثلاجةُ الريح وحدها المغرورة،
تُكَلّم المكان عن الأمل
تستعيرُ أقدامنا المُدانة
وتستريح إن أخرَجت حرارةُ وسيمة
يا لها من أعوام مُبَرّدة… أعوام أطول من رثاء.
رسالة
أمس،
أرسلوني إلى سواحل جريحة
لا تعرف من الكلام غير النظر إلى البحر المتوفر لها
لكنها تَسمعُ من تَتبَعهم أحلامهم
الوحيد بينهم، الذي لا تتبعه أحلامه كنتُ
زميلي الساكت لم ير وجهي.. فيما كنا وجهاً لوجه
أي دابة مّرت من هنا
وأشعَلَت ظل جنازة لم ندفنها؟
يا له من أمس
نَسيتُ الرسالة، عدتُ
وكل مزاجي ليل.
فَرَح
بعمرٍ جاءَ
من مطرٍ شتائيّ فتحت البابين
ليخرج خريف المكان مطعوناً بربيعكِ
ومدوياً في ولاداتٍ آتيه
انظري إليه، يتعلّق بقفل المدينة، يتلوّى، يسيلُ
كغروبٍ نساه فمي.
إعادة
عند ملتقى أناملكم بالعواطف الغامضة تجلسون
نجومكم لا تعرف كيف تظهر
رنينكم خافت
أو لا رنين لكم،
اختًلقوني
وأعطوني مزيداً من وعدي
إنكم أخلاقي.
ابتلال
كلُّ يوم أرى هذا الرجل
لم أعرف أنه مبتلٌ بالحنظل غير اليوم
ما أسعدني
الآن، أعمل بروح جزلة
والهواء مثلي
يبتّلّ بالأرض.
حديقة
أنحني
يَلتَقِطُني غَبنُ اليوم الواسعُ
ونسير..
صَخَبً الزوجة يَخرُج
من بوابة شمسنا
صَخَبُ الزوج يَخرُجُ من نافذة عالية
لا قيظ يَحرُث المنحنى.. غير الخادمة
تَرُشًّ النباتات بما تَبَقّى
وتَغسِلُ دمعها مع ثياب الرضيع
صَخَبُ الزوج يستمرُّ
بينما اختفت المرأةُ
في الحديقة.
بريد
صندوق البريد بَحري اليومي
فارغاً أراه
لكنني أفتحه؛
ربما
لكي تهبط العزلة
وينام القلب
أدري أن هناك من تُحَفِّز عينَهُ الأمطارُ
فيراني عبر الهطول البعيد
وأدري أن بعض ما يأتي يجيء في أغلفة ممزّقة
يربطها بالترقب شريطٌ لازقٌ
أدري أن البكرات تدفع الأشرطة بسرعة الإشاعة
وتغفو كدمعة
فوق الطاولات الممسوحة بالفزع
المشتراة بثمن حذاء لاعب مشهور
غير أن يدي مع العيون تمتدًّ
في جوف القطيعة.
الصمت
إلى: عبد الرؤوف الغزال إننا نتعلم الظل بعد الحليب الملوث بالطعنات
ونترك الأمطار على كرسيها العالي
مهجورةً ومُنكَرَه
لقد أصابنا اليتم من كثرة آبائنا
ومن نحيبهم المتواصل في الليل
ها هو أبونا الجديد
لم يجد موقعاً في دمائنا
فتأمّلَ حنانه
واغرورقت عيناهُ
بنا.
الأرض الفاضلة
هذه الأرضُ ليست لظل الرأس
ولا لدم الولادة
ولا هي لهواء الآه
ولا لصوت الأنين
فما الذي يقوله النهبُ؟
محمد عبيد الحربي مواليد 1955 المدينة المنورة - له: الجوزاء رياح جاهلة عنوانه : أرامكو - ص . ب : 5799 الظهران 31311 المملكة العربية السعودية هاتف 055825913 |
من كتابه: رياح جاهلة