جاءوا
من قرى مهجورة..
جاؤوا.
من بلاد بعيدة لا يعرف اسمها ولا
رسمها..
جاؤوا
الطرقات التي احتضنت أقدامهم
ارتفعت قليلا نحو رؤوس الأشجار
كأنهم ملؤوا جوفها بالأحلام!
والرغبات..
.. كانوا كلما نزلوا واديا
استلوا مثل نصل عظاما وحناجر
من قبور أسلافهم..
الذين تركوا الحجر ينمو تحت
مفاصلهم كزهرة
.. كانوا يجففون شعر رؤوسهم
المسدل
على الأكتاف، من رطوبة العزلة
والأفكار والحياة،
غير عابئين بالموجة التي انكسر الألم
على ركبتيها..
ذات شتاء..
وحينما وصلوا إلى التلة..
كانت أصداؤهم
قد ابتلعتها النسور
لو أنهم فتحوا نفقا
في عروقهم قالوا
ربما..
تأتي المياه الهلعة وستأخذ
خطاهم إلى العاصفة.
لكنهم ظلوا هكذا..
يلوحون بأيديهم للحقل
بينما أعينهم ظلت تحذق
في آخر رعشة من أنفاسهم
سقطت على الرمل.. إ!
من كتاب (رجل يشبهني) دار الكنوز الأدبية-بيروت-1999