عُدنا نُلَملِمُ ما تبقّى من جِراحِ
الأَمسِ ، نَفْتَتِحُ القَصيدةَ مَطلَعاً
نَنسى عَليهِ صُراخَنا وَ بُكاءَنا
وَنُطِلُ من تَعبٍ لخاتمةِ العَناءْ .
* * *
أُفُقٌ لنا ...
والبَحرُ أَجملُ من كَلامِ الحُّبِ
يَسكِبُهُ لِعاشقةٍ عَشيقٌ والسَّماءْ .
أَحلى من الأَسماءِ
يَخلقُها على عَبثٍ شَقاءْ .
* * *
لا شَيء يَفصِلُ بَينَنا وَغناءَنا
إِلا قَصيدتنا الأَخيرة و البُكاءُ المرُّ
تقذِفُنا البلادُ إِلى البِلادِ إلى
مَحَطَّةِ نَفينا الأُولى فَنرتَجِلُ الغِناءْ .
* * *
عُدنا لنَفتَتحَ القَصيدةَ مَطلعاً حُراً
نُدَوْزِنَهُ ، وَنَنسى فَوقَهُ جَسَداً مِنَ الكَلماتِ
نَمضي للبِلادِ مُعَبَّئينَ بِقِصَّةٍ
لكِنَّما ذَهَبُ السُّكوتِ يَخونُنا
وَالبَحرُ يَسرِقُهُ المَساءْ .
* * *
في الَّيلِ نَعبرُ - هَكذا -
لا فِضةٌ في الصَّوتِ تَصهَرُ صَمتَنا
لا شِعْرُ في رَحِمِ القَصائدِ
لا جِهاتُ ، وَلا سَماءْ .
* * *
أَسماؤُنا .. أَسمالُنا الأُولى
نُعَلِّقُها على عُمُرٍ تُلوِّثهُ الزِّيوتُ
فَنَمتَشِقْ خِرَقاً ، وَنَرفَعُها ..
وَنرفَعُ قَهرَنا هَرَماً ، وَنَنتَظرُ الهَباءْ .
* * *
وَنُطلُّ في وَجْهِ البِلادِ .. تَغَيَّرَتْ ؟!!
تُهْنا بِأَلفِ غَريبَةٍ
صِحْنا وَقَد صَدِأَ الصَدى ، وَيَخونُنا
بَطَلُ الحِكايةِ حَيثُما وَطَأَتْ بدايَتُنا النِّهايَةَ
مَن نَكونُ ؟ وَمَن تَكونُ ؟
تَغَيَّرَتْ ..
لا صُبحُ في غَبَشِ الصَّباحِ يُضيئُنا
فَيُضيئُنا سِرٌ نُخَبِّأهُ ، وَيَفضَحُهُ البُكاءْ .
* * *
هَل نَحنُ مِن هذا المَكانِ كما نُريدُ ؟
كَما يُريدُ ؟
فَنَحتَفي بالأَزرَقِ المَغسولِ من تَعبٍ
يُمَسِّحُ شاطِئَيهِ ويَرْتَعِشْ بَحراً بِمُنتَصفِ الشِّتاءْ .
* * *
أَم نَحنُ خِدعَتُها الجَميلةُ
أَخرَجَتنا من مَتاهَةِ صَمتِنا للصَّمتِ
يَشفَعُ بَعضُنا للبَعضِ
لا نَلِجُ الحُروبَ مَخافَةَ القَتلِ الجَماعِيِّ
البَطيءِ ، الرَّخْوِ ، لا للسِّلمِ تُسلِمُنا الدِّماءْ .
* * *
عُدنا نُلَملِمُ جُرحنا لُغةً
فتَنفَجِرُ القَصيدَة من نَكونُ ؟ ومن تَكونُ ؟
تَغَيَّرتْ ، وَتَغَيّرتْ عَنّا كَثيراً
لَم يَعُدْ أَبناؤُها إِخواننا
وَنساؤُها أَخَواتنا
نَحنُ الّذينَ تَمَرَّغوا بالصَّبرِ والتاريخِ فَرطَ مَهابةٍ
لا شَيءَ يُشبِهنا سِوى رَملٍ وَماءْ .
* * *
لُغَةٌ نُلَملِمُها رُؤىً للنَّزفِ
بينَ مَدينَتينِ صَغيرَتينِ تُحارِبانِ بَقاءَنا
وَغِناءَنا ، فَنلوذُ من عَطَشٍ إلى عَطَشٍ
مِن الصَّحراءِ للصَّحراءِ نَحتَرِفُ البُكاءْ .
* * *
عندَ الرَّحيلِ الصَّعبِ ، نَترُكُ صورَةً عَنّا
صَدى يَتلو مَجاعتنا لأَرضٍ تَحْتَرِفْ نَفياً
فَنَحتَرِفُ البَقاءْ .
* * *
كُنّا ذَريعةَ مَن أَطَلّوا
شُرفَةً للقَتلِ فَوقَ ظِلالنا
أُفُقٌ لَنا ...
وَلَكُمْ قُصورَكُمُ الّتي لَو دامَ مَرمَرُها
لما احْتَفَلَتْ بنَرجِسِها الدُّمى
أُفُقٌ لَنا ...
وَلكُم مَعاركَكمْ هُنا
وَلكُم مَقابرَكمْ هُنا
وَلكُم حَديدَكُمُ الإِلهْ .
وَلَنا إِلهٌ واحِدٌ يَهَبُ الصَّفاءْ .
* * *
أُفُقٌ لَنا ..
مِن أَيِّ ناحِيَةٍ سَينطَلقُ الرَّصاصْ ؟
في أَيِّ زاويَةٍ سَيَختَبِئُ الخَرابُ
تَفَجَّرَتْ أَصواتُنا عَبَثَ ارْتِطامٍ في الفَراغِ
نُلَملِمُ الأَعوامَ إِرثاً للخَلاصْ
أَوَكُلّما جُعْنا نَذَرْنا طِفلَنا المَوهوبَ أَلسِنَةَ الفِداءْ ؟
* * *
مِن أَيِّ ناحِيَةٍ سَينطَلِقُ الرَّصاصُ ؟
وَلَيسَ ثَمَّة رَجعَة لِمَدينَةٍ إِنْ أَفْرَزَتها الحَربُ
عاهِرَةً تُسَرِّحُ شَعرَها للغَزْوِِ ، أَيُّ مَدينَةٍ
خَطَأً سَيمْنَحُها الجَحيمُ حَياتَها الأُخرى
فَتَحتَفلُ النِّساءْ .
* * *
لا شَيئَ أَقْسى مِن حَريقِ الدّارِ
إِلا رَقصَةُ المُحتَلِّ فوق حَريقِنا
لا شَيئَ يُنجي مِن خُطى الطّوفانِ
إلا لَهفَةُ السَّفانِ ، لَمْلَمْنا الهَدايا كُلَّها
مِنْ كُلِّ زَوْجَيْنِ اثْنَتَيْنِ ..
فأَرْجَأتْ سَفَراً سَماءْ .
* * *
مِن أَيِّ زاويَةٍ نَفِرُّ من الرَّصاصِ ؟
سَنلتَقي والمَوتَ ، ثَمَّ رَصاصَةٌ
أُخرى مِنَ المَجهولِ تَخْتَطِفُ الرَّجاءْ .
* * *
أُفُقٌ لَنا ..
وَلَنا نِهايَتُنا الأَكيدَةُ
إِنَّما أُفُقٌ لَنا رَحْبٌ يُزَيِّنُ ما يَشاءْ.
أوتاوا - كندا