كيف أسرج هذا الحنين وأي جواد تكون سنابكه من نجوم؟ كيف أخرج من أضلعي غابة الياسمين، وبئتا من الشعر قوس أطرافه فتشقق مثل جريد الصبا؟ قامة الخيزران التي أسندت هامتي تستحيل إلى وتر يستطيل إلى حتفه، والبروج التي كنت أشنقها في سقوف الحكايات تعكف ألسنة الغيظ صوب تجاعيد وجهي، المكاتيب شاخت حروف المسرات فيها، تماهت على بركة من دموع.
(عاد من عاد) خان الذي خان، أبقى كهذي الجبال التي ترقب الناس من حولها وهي جامدة لا تحن؟ الإخلاء يمضون والأصدقاء يخونون لاذوا بأغصان خضراء، ما انتظروا أن أبوح، فأي الجراح سأفتح؟
أمي التي ودعتني نقيا وخنت وصيتها لأعاقر هذا السحاب فأقعي وحيدا بمنفاي أجتر أطياف شيخوختي، هل تصدق أن الصبي الذي مسدت رأسه ذات ليل يخيط النهار بأصداغه أحرف العنكبوت،
أو تصدق أني أجهد نفسي كثيرا لأذكر أوصاف من قاسموني الأسرة.
قلت: أي الجراح سأفتح/ أي المراثي تليق لأعلن موتا بطيئا بسكينة ثلمت منذ عشر سنين؟
لا الخبوت التي علمتني الغواية تطفئ من وحشتي، لا الصغار الذين ألاعبهم يذكرون، ولا أثلة الدار أغصانها تتذكر كم ظللتني بعبد الشقاوات من فزك أذني، الرياحين في بثتنا كنت أعشقها حين تهوي عليها العصافير، هل ستبكي عليّ الرياحين أو سوف تنكر شكلي العصافير، كانت تضج لأني أشاكسها ثم ها هي تبكي فلا أخوتي شاكسوها ولا زرعوا تحت أعشاشها واحة الياسمين. لأبقى كأيل يجيد الفرار لأشراك قاتله، (كلما أبت من سفر يحتويني سفر).
من كتاب (انكسرت وحيداً) الطبعة الأولى
- دار الجديد- بيروت 1996