أوقدتُ للعامِ الجديد سيجارةً
وأتحتُ كرسيّاً، وقلتُ: بلا اعتذار
من قد كسا الشحاذَ معطفيَ المعار؟
***
الساعةُ التعبى، الكبيسة
ليلاً تتكُّ، تدقُّ أقبيةَ الكنيسة
والعالمُ الزلِقُ المطيرُ قرونُ ثور..
***
المركبُ الشبحيُّ يا إدغارَ بو
متجمدٌ إلا ذبالا
هو آخرُ الأُفق انبعاجاً وابتلالا..
***
يا من يؤرخُ أشيباً، متغّضناً
هلا أتّركتَ سجلّكَ الضافي، المنيف
للطفلِ يمحو أو يُضيف؟
***
ما أنصفَ الخّمارُ، وهو يدقّقُ
سكرَ السقاةُ، ونحن والديكُ الصحاةُ
سلمانُ، تلك هي الحياةُ..
***
ِرْ، طِرْ أبا الهولِ، الرياحُ خفيفةٌ
والأرضُ ثقلي بالأضابيرِ الثقيلة
الأرضُ فيِلْه..
***
تلفازيَ العكرَ، المحابي
تصفرُّ أو تحمرُّ مُنتفشَ الصحابِ
السقفُ لم يبرحْ يسُحُّ ..
***
الآنَ أذكرُ كالصدى الواهي مُعلّمةً رؤوم
لم تلقَ مني غيرَ ما تلقي الحدائقُ من بنيها
ذكراً كما يتنفسُ الطلعُ الكتوم..
***
عْ عنكَ، يا قلمي، الرواية
أغفي تولستوي ارتياحا
ورمي إلينا بالنصيحةِ بالنفاية ..
كالذئبِ أشهبَ، عاريا
هو ذا الشتاءُ جواريا
يُقعي، ومدفأتي كأصباغِ البغايا
***
السطحُ للريحِ الصقيلةِ ،للصقيع
فرّ القطيع
يا رحلةً للصيدِ، إلا دميةً تعبي، نؤوما..
***
نا كنتُ أيّ فراشةٍ
يا مولويّ، وكنتَ مصباحاً بحان
في السكرِ، يا شيخي، الأمان..
***
الآن، والخمرُ الرخيصةُ لم تعدْ
إلا صداعاً أو دُوارا
فأقعدْ إليكَ وقُصّ، واستقصِ الحوارا..
***
لمانُ، يا طيراً إلي الشفقِ الكليل
من جاء بالريشِ الثقيل
يُلقي عليّ دماً وطينا؟
***
لم يفتأ الجُندُ (المغولُ)
ليلاً يدقون ابتهاجاً وابتدارا
والعالمُ الخربُ الطبولُ ..
***
هو أحمرٌ كأبٍ بقنديلٍ وطيء
بالسائلاتِ يُجسنَ كالشبحِ البطيء
يا بارَ هلتونَ، هكذا كن دونما ثاوٍ عداي
***
البابُ يطرقُ ــ من هناك؟ ــ أنا أرسطو
والشيخُ أفلاطونُ يُقريك السلاما
شكراً! أضاع كلاكما المعزي احتلابا أو فطاما
***
فرجيلُ، في الخمارةِ السفلي يبيع
إكليلهُ الذاوي لقاء
(رُبعٍ) يُطيلُ له البقاء
***
قُطاعُ طُرْقِ بلوكَ في الغاباتِ أو عَبْرَ السهوب
يترنحون ،يصُفرّون
والريح عالقةٌ بأذيالِ الغروب..
***
في القاعِ من حانٍ (وموسكو لم تزلْ تتضبّبُ
والضوءُ في أطماره)
أبصرتُ (ماركسَ) سائحاً يتحدّبُ..
***
فوجئتُ بامرأةٍ، يحِفُّ بها البياضُ
حبلي، وقد قرُبَ المخاضُ
وأنا الوليدُ، وثوبيَ البالي القِماطُ..
***
من كُوّني أتسمّعُ
العالمُ (الجملُ الهلوكُ)
يتجشأُ المعني المعقمَ أو يلوكُ
***
هبطَ العباقرةُ الشيوخُ مُكللّينا
ثلجاً، تنوءُ به الجباهُ، وتقطرُ
قلتُ: أغربوا عني إلي حيثُ الرؤى تتخثّرُ..
***
ابَ أيدي الريحِ، حفّار المرايا
يا طائراً يتلقّطُ
الشعرُ ملئ شِباكهِ يتخبّطُ
***
لم أدرِ، هل مرّ الإوزُّ علي المدينةِ عاليا
بعد انقطاعِ الضوءِ، ليلاً يجأرُ؟
أم إنني أتذكرُ؟
***
هو ذا (الفضاءُ)
قفصٌ يدورُ بهِ (القضاءُ)
يا صائدَ الزيزانِ مركبةً إلي زُحلٍ، تمهّلْ..
***
الَ الجلوسُ علي البيوض
يا شاعرَ المقهى ارتقابا
قُمْ وأقطعِ الطرقاتِ، علّ بها المتاهةَ والغموض..
***
نا كلّما قلتُ التقيتُ مداريا
أبصرتُني في اللاّ مدار
حبلاً عتيقاً ، هاريا ..
***
في (الطائرِ) المنفي، وفي (المنفي) القصيدة
زرقاءَ ملحاً أو زبد
تتصيّدُ (الألقَ) الشريدَ إلي الأبد..
***
يا أيها الفأُرُ الرصينُ
لكَ، في الحفائر، تُرتجي هندٌ وصينُ..
ــ والسمنُ؟ ــ للأولمبِ آلهةٌ سمانُ..
***
لمانُ،كالصخر الصدى
كالوشل، في السمع، الندي
كالخمر في (جفناتِها) تنصبُّ آنيةُ المطر..
***
ُنّا التقينا، مرةً في البارِ، وهي إلي أوديسا
وأنا إلي بارٍ سواه
لم ألقَ وجهاً غيرها، فيبَشّ لي وجهُ الحياة
***
يا سيدي الصحفيّ، كالصدفِ (البيانُ)
يلتفُّ أو يعري ائتلافا
أو كالقشور يُزاحُ أو يُرمي اصطفاقا..
يا عالماً مُلقيً، علي كتفيَّ، نعشا
جنيّتي الشقراءُ لم تكُ غيرَ قَشٍّ
في ثوبها الإلِقِ الموشّى..
***
نشّالَ جيبِ عجوزِ شعرٍ
لم تلقَ غيرَ الأسبرين
كالصحنِ مبيضَّ الجبين..
***
وأنا جليس خياليا
من جاءَ بالجِلباب أبيضَ خاليا؟
بالسدرِ غُسلاً والتفافا؟
***
نا أم قميصُ أبي (الغريق)
ما أنفكَّ ينضحُ للرياح معُلّقا
خلقاً، رتيق؟
***
يا لؤلؤاً متفحّما
عُجفَ النُحاةُ (تورّما)
يا شِعرُ، يا مُتفلّياً (صُحفاً) عجافا..
***
وّفتُ كالقعداءِ، كالكسلى القلم
وقد التقي الرعدُ القمم
سلمانُ، للريح النُشاره..
***
أنا طائرُ (السوقِ) الكسيحُ
عريانَ يُنتفُ، ملء زنديّ (الفصيحُ)
ويُعافُ أو يُرمي انتثارا..
***
ئتُ المصارفَ بالصكوك
ممحوّةً بيضاً، أجرُّ دثاريا
وخرجتُ منها كالخليقةِ عاريا..
***
ارَ الغرابُ كأيّ حرفٍ أو أقاما
بيضاءَ تُختتمُ القصيدة
بيضاءَ تُفتتحُ اختتاما
أنا في اجتيازي (البابَ) كالساعي علي
حبلٍ، وقد جنّحتُ بالصمغِ اللصيقِ
كتفيّ، فاتسعي حنايا البارِ رفقاً أو فضيقي..
***
يا ديك لا تُفصحْ، ولا تُصحِ النياما
يا أنتمُ الشعراءُ، يا أعناقَ عيد
للسلخِ شبعي أو صياما
***
من قد يجيءُ، ويقرعُ ؟
أزري بسلمانَ (البديعُ)
متحفّياً فجراً، تدورُ بهِ الرياحُ الأربعُ..
***
يا طائرَ البحر، الصحاري
كالبحر ملحاً وانحدارا
عُدْ، عُدْ وقُلْ للشيخ: لا تُطفيْ مناراً، علّ نوح..
***
عطّارُ ، هلاّ بعَتني
ما يمنحُ الماءَ القراح
طعمَ ابنةِ الزقّ المصفّقةِ ، الصراح؟
***
يا ريحُ يا ريحاً طريّه
منديلَ ليلِ فجرَ صيفِ
مُرّي علي وجهي، قُبيلَ تشهُّدي، إرخاءَ طيف..
***
يا شاعراً يتعثّرُ
بالذيلِ من كلماتهِ
كلّ الجناحُ، ولم تعُدْ (تتسنقرُ)(1)
***
لو كنتُ ، يوماً، في المنامِ خليفةً
لأقمتُ لي خُصّاً وريفا
أرعي الدجاجَ، وارتعي شطّاً وريفا
- السُنقر: طائر جارح
المصدر : ألف ياء