لم تتبقَ لي سوى البقيـِّةِ من خوان العالمْ
لم يبق سوى الزهرةِ البنفسجيةِ فوق الشرشف الأبيض
ليس سوى الحمامةِ الساهرةِ على انبلاج الفجر
الحمامةُ التي نقرتْ، مرةً، خدِّيْ
فانفجرتْ أكتافي بالعافيةْ
وانفجرَ الفجرُ أمامي
لم يتبقَ لي من سحرِ الساحرِ إلا الدخانْ
المتصاعدُ فوق يـقـطينـة ساقيها
لن أمتلك من جواهر العالم
إلا حفنةً من الحِنطةْ
سأنثرها على رؤوس الأشهادْ
احتفالاً بطلوع الفجر وطيران الحمامة
لم أمتلك من غِـنـَى البلدانْ
إلا حكمة الفراشات في الطيرانْ
من أجل بـهاء التحليق حول شـَعْرِها السعيدْ
آه أيها الفجرُ
اخترقْ بسكينتك قلبي..
18-7-2001 جنيف
نتِ سوسنٌ أضاءَهُ البرقُ
قبل أن يمرَّ ظلُّ الغُراب
على حفيراتِ الحديقةِ ذاتِ التُراب المجيد
هل تسمعينَ خرير الأرواح المَرِحَة
الجارية في مياه السّاقية قرب الحَوْش؟
هل ترين ظليَ قربَ ظلكِ الطويل الذي ينامُ المجدُ في برودته
يا صديقةَ الشجرهْ
ويا راعيةَ الرُعاة
التي يوسوسُ الماضي بين ضُلوعِها
يا عشيقتي المستسلمهْ
لذِرَاعِ البُطولةِ الذي يُعلن بيارقَهُ البيضاءْ
أيها المُعلّمَةُ التي لم تعلّمني إلا السهو
أيتها الفصيلةُ النادرةُ من شَجَرٍ كونيٍ
لستُ زهرةً في يدِك المرتجفهْ
لستُ وشماً على حنككِ البدويِّ
لستُ راعياً في إقطاعياتِ الشِعر التي استوليتِ عليها
لستُ قمَراً يُضيءُ العقاربَ في سهلك المشوَّك
لستُ النارَ في مشاعلكِ الليلية
ولا الرمادَ في كانونكِ العائلي
تطلَّعي إلى عُلوِّ الفنارهْ
الباردةِ القدمين
نامي في الهواء العليل الذي يمرُّ في فتحات قميصك الصيفي
استمعي لبكاءِ المنارهْ
الواقفةِ في الدرب الترابيِّ المؤدي إلى الريف
استمعي لهذا الرفيفِ الناعمِ للثوب الملوَّن
الذي لا يؤذي أحداً على الحبل
للجارات المثرثراتِ قُرب النبع
للقططِ السائبة في درْب التبّانه
لا أشكو إليك ولا منكِ
بل أتمتم وحيداً بأسماءِ الحَياةِ الغامضهْ
أبو ظبي في 6-10-2002
نحنُ عُبـــَّاد الوردة
التي يُعشي ضوؤها
حَدَقة الجُعل الماشي في البرية وحيداً
نحن عُبّاد انحناءاتها في الظل
سنمضغ تويجَها الأحمرَ قبل أن ننام
سنشمُّ أصابعَها الألف بأنفنِا الوحيد
سنلثمُ ظلَّها الملقيَّ على الوجه النحاسيّ
سنمتدح عزلتَها بين الكائناتِ الشرسه
نحن عُبّاد الورده
التي توقَّفَ أمامَها الجَمَال طويلاً
قبل أن يتكوَّنْ
التي كان الشفق يقلِّدُها
والحمائمُ تخفقُ فوقَها وتهزُّها
قبل الهدنة الأخيرةِ للقلوبِ الخائنهْ
خَصْرُها رملةٌ ساخنهْ
تنثُّ على عتباتنا
نحن عُبّاد الزهرهْ
نَمَوْنا بين رطوبة الندى فوق أوراقها
ومُتْنا ميتةً فاتنهْ
في متاهاتها الأربعينْ
القمرُ يتأملها
والأرخبيلاتُ تتحرّكُ عند سكونها
عِطرُها طلسمُ العاشقْ
وجذعُها دعامةُ القلبِ المنكسرْ
الذي لا يسمعه أحدٌ في ليلة الحربْ
الزهرةُ الواقفةُ عزيزةً في الحقل
المرتجفةُ بين عُروقِ الأصابع العجوز
سجينة السُلطانيةِ المزخرفة
الزهرة الضائعة في الضباب الشتائي وسط الأيكهْ
الأمُّ التي مرّغتْ خدَّها بتراب الجَبـَّانهْ
الذابلة في قطار منتصف الليل
نحن عُبّاد الزهره
المنفجرهْ
بين رُكب السيدات الجليلاتْ
وبين شِفاه الخُلاسيات اللواتي أمضين
في حُمرتها ليلةَ العيدْ
الزهرهْ
المـُهداة إلى العالم من دون مُقابلْ
الدوحة 14-2-2002
لكم سيظلّ الحطـَّاب
ساعياً في التقاط قُشيشات العدمْ
بين مـمرّات غابتكِ الـمُوَسْوِسَهْ
لكم سأظلُّ يتيماً من الخالِ
الـمُشعشعِ فوق حُلمتك السوداءْ
لكم سَيَدُوْمُ وقتُ الساهي
عن البدر الباكي فوق سريرِك
عن النجوم المتمرغة فوق قطيفتك القرمزيهْ
ساقُ النبتةِ يبكي قرب ذراعك
والطفلُ يحدِّق في مرايا وجهك
والأثمارُ تنضج أثناء مشيتكِ الـمُتَبَطـِّرهْ
آه أيتها الـخَفِرهْ
احتضنـي بذراعيك المائيتينْ
ظـلالَ الشاعرِ الـمُسْتقوي بوجودك
11-7-2001 جنيف
شاكر لعـيـبـي - وُلد في 21 مارس (آذار) سنة 1955.
- أنـهى دراسته في الجامعة المستنصرية سنة 1973- 1977 متخصصاً بعلم النفس.
- درس الرسم والنحت في المدرسة العليا للفنون البصرية في جنيف 1988-1992.
- في الوقت ذاته كـرّس السنوات 1985-1999 لدراسة معمـَّقة وأكاديمية لعلم الاجتماع، خاصة علم الاجتماع الفني وتعمق رويداً رويداً في الفن الإسلامي. حاصلاً على درجة الماجستير من كلية العلوم الاجتماعية والسياسية في جامعة لوزان/ سويسرا بإشراف البروفسور بول بو (Paul Baeud)
- تخصص نهائياً في الفن الإسلامي من وجهة نظر علم الاجتماع، منهياً بحثه للدكتوراه غير المنشور المكتوب بالفرنسية عن (الدلالات الاجتماعية لتوقيعات الفنانين في الفن الإسلامي).
أصدر العديد من المجاميع الشعرية: - أصابع الحجر، مجموعة شعرية، بغداد 1976
- نص النصوص الثلاثة، مجموعة شعرية، بيروت- دار العودة 1982
- استغاثات، مجموعة شعرية، دمشق 1984
- بلاغة: نص وعشرون تخطيطاً، دار الفارزة، جنيف 1988
- ميتافيزيك، دار الفارزة، جنيف 1996
- كيف، دار المدى، بيروت 1997
- الحجر الصقيلي، دار الآن، بيروت 2001
- نشر العديد من الكتب والبحوث والدراسات في علمي الاجتماع وفي تاريخ الفن منها: - الفن الإسلامي والمسيحية العربية- دار رياض نجيب الريس، بيروت. 2001
- الشرق المؤنث: عُري عربي، دار الأرض، قبرص 1992
- جماليات الباب العربي، مجلة (نزوى)، مسقط.
- بيان من أجل قصيدة النثر، دار الفارزة، جنيف 1995
- الأصول والمراجع المحلية للفن العربي الإسلامي، مجلة (نزوى)، مسقط.
- النقطة بصفتها تعبيراً عن الكينونة الطفيفة، ملاحظات ومقاربات عن النقطة في الفن الإسلامي ولدى كاندينسكي، مجلة (أبواب)، لندن 2000
وأصدر العديد من الكتب باللغة الفرنسية مثل: - التصوف والفن البصري، دار الهرماتان، باريس 1998 (بالفرنسية)
Soufisme et art visuel, Ed. L'Harmattan, Paris 1998, p.208 - ما هو الفن الإسلامي- بحوث منتخبة لباحثين معروفين عن الفن الإسلامي قام شاكر لعيبي بإعدادها وتتضمن بحثاً مطولاً، بالإنكليزية والفرنسية، جنيف 2000
What is Islamic Art / Qu'est-ce que l'art islamique, Virgule éditions, Genève 2000 - مونوغرافيا: ضياء العزاوي، منشورات معهد العالم العربي في باريس، بالفرنسية.
ودراسات ستـُنشر قريباً خاصة: - خرافة الخصوصية في التشكيل العربي المعاصر، الشارقة.
- العمى ما الذي أبقيتَ للباصرة: محاولة لتعمير ذاكرة بصرية، يصدر عن دار (المدى)، دمشق.
- بُنية اللغة الشعرية ومعناها.
كما أصدر العديد من الترجمات : - هنري ميللر: شيطان في الجنة، دار منارات، عمّان 1986 ثم (دار أزمنة) بطبعة جديدة، عمان 1999
- إيليتس: له المجد، دار مجلة (كلمات)، المنامة، البحرين 1992
- رينيه شار: مشاطرة شكلية، منشورات المجمع الثقافي، أبو ظبي 1995
|
المصدر - موقع ألف ياء