لم تكن ليلة مثل كل الليالي
ولا قمرا كالقمر
كان وجه الصغيرة مثل القصيدة
وكان دمي نافرا كالغزال
وكنت أخبئ في معطفي شجرا وظلالا
وأحكي لقلب الرصيف عن البحر والموجة العائدة
وأحكم ذاكرتي حول وجه الصغيرة
أين التقينا
أمنحها فرصة للعبور خ
وأطلق كل الطيور التي اختبأت في جيوبي
وأمنحها فرصة للعبور
حين يشردنا خطونا ونمنح أسماءنا لنساء الهوى
للشوارع والبرد والأرصفة
حين نطع قبلتنا فوق خد الرغيف ونملأ أفواهنا بالهواء
نسمي الظلام فضاء
ونطلق فيه الطيور التي اختبأت في الجيوب
ونصطادها بالرصاص وننسى
قادم من بلاد الرصاص
وأنت تنامين في معطفي كالغزال الصغير
وما بيننا خطوة في الممر
أقاسمها ما تبقى من الليل والخبز والموت
أين التقينا
على كومة من رماد الصنوبر
أو رعشة جمدت بيننا في حلم
وكيف تجيئين في غفلة
تحملين تراب البلاد التي أنكرتني
ومن شفتيك تنز الخرائط
ينز فتات القصائد والرغبة الفاضحة
وكيف تجيئين في غفلة من عيوني
وتفترشين الفضاء الصغير
وما بيننا خطوة في الممر
وتجمعنا اللغة الجارحة
خطوة من بكاء العصافير
أو قمر فوق بابي أهدهده كي ينام
وأنتظر اللحظة السانحة
غرفتي ملجأ للذنوب الكبيرة
مئذنة للغواية
نافذة لانتحار الرصاص
وخارطة للوطن
وفوق سريري تنام المرايا
وتحت سريري تنام السفن
غرفتي مرفأ لانتحار البراءة
يعوي دمي حين أنهش ذاكرة للخراب
وتفاحة من شجن
أين التقينا
أفي مرفأ لانتحار البراءة
أم ملجأ للعفن.
من كتاب (لؤلؤة المساء الصعب) دار الانتشار
الطبعة الأولي -بيروت 1998