زيارة
لم أجئك
بالمناديل التي طلبت
بالأباجور الذي تعودت
القراءة عليه
بالفستق المالح
والجوارب التي اشتريناها
ذات تخفيض.
لم أجئك
بأكواب اليوغورث
بالبيجاما الزرقاء
وأخبار العائلة.
لم أجئك
ب" بحيرة البجع "
والعدد الأخير من " الكرمل".
لم أجئك
بنتيجة التحاليل.
جئتك فقط
بجمرة القلب
ضد صقيع العزلة القادمة.
عودة
كاملاً كان العناق
في ذلك الفجر البعيد.
كنت أشحن بنبضك النافر القلب
فيما دموعك التي من ضوء
تنهمر
علي
كتفي
ومضة
ومضة
مرشحة هكذا صدري
لكل النياشين المطفأة.
أي كلام تغلقين الباب بعده؟
أي كلام
وأنا أدفع ببقية العمر إلي قطار
ُيصَفِّرُ
جنوبًا.
كان العناق كاملاً...
...
...
وها إني
بعد دهر من الغياب
أعود إليك
بكتف معطوبة
ونصف عناق.
انكسار
بعد نصف ساعة
ستأتي التي وعدت بأن تأتي
ستنقر الباب ثلاثاً
(مثلما اتفقنا أمس)
وسأتلكأ قليلاً
قبل أن أفتح
قبل أن أفسح
لخطوتها الحاسمة
أن تقود مملكة الكرز
إلي عرش المساء.
سنقول كلاماً قليلاً عن :
المزهرية
الكتب المبعثرة
فوضي الوسائد
وحساسين القلب التي جمعتنا
قبل أن نعطي لأصابعنا الفصيحة
أن تفتتح كلاماً غيره
يضرم الماء في أقاصي الروح.
بعد ساعة
كنت أفتح علبة سجائر أخري
لأطلق النار علي ذيَّاك المساء.
حسرة
لو مزهرية فوق الطاولة
لَبُحْتُ بالحب كاملاً...
ولربما اشتعلت مني الأنفاس
وأنساغ الأصابع
حين ازدهار الهمس.
ولربما أسفرت اللحظة
عن عناق مثمر
فكانت عناقيد القبلات
عسليةً
وبيضاء...
لو مزهرية...
كتلك التي هشمت ذات غضب
ولم يبق منها سوي ما يصلح منفضة لي
ساعة الكتابة
وساعات الندم.
أجراس الغياب
محض امرأةٍ
تلك التي سبقتني إلي المصعد
بزهاء خطوة
ولما دلفتُ
كانت سبابتها الباسقة
تضغط علي الزر المؤدي إلي الطابق الثالث
...
نفس السبابة التي
- ونحن أمام نفس الباب -
ضغطت علي الزر الذي يستنفر عصافير الجرس.
أعن يوسف تسأل؟
أعن يوسف تسألين؟
الجرس ثانية:
الإصبع إياها تزيح نصف غيمة سوداء
عن نصف القمر.
الجرس ثالثة:
وحدها شقته كانت مضاءةً.
الجرس رابعة:
وحدها عصافيره كانت تغرد في ليل البناية.
ثم الجرس خامسة:
...
فالمصعد ثانية
فالزر المؤدي إلي العالم
حيث:
مطر خفيف وامرأة
محض امرأة
تناولني قصتها مع:
المصعد
والطابق الثالث
والجرس الذي لم يعد
- مذ شهرين ونيف - يجدي
والرجل الذي اختفي فجأةً
وقد يظل...
وربما لم يمت.
مداهمة
السيارة " اللاندروفر"
والفتيان الأربعة ذوو المناكب العريضة
والكلب المتأهب خلف السائق
والسائق المتأهب خلف المقود
والمقهي الذي ظل صامتاً
والعجوز التي تمتمت:
اللهم إن هذا منكر
والمارة الذين انشدهوا
والمارة الذين لم يأبهوا
والبائع المتجول
وعربة المَنْدَِرين التي تهشمت
(تماما مثلما يقتضي المشهد)
والإسفلت البارد
والكدمات
والقطع النقدية القليلة التي تناثرت
والثرثرات التي جاءت متأخرةً
...
...
والرجل؟
تري
أين
ذهبوا
بأحلام
الرجل؟
القدس العربي
14-9-2007