حين أهاجر من جديد
سأكتب رسالة وداع مؤثرة إلى السيد الرئيس وأوقعها باسمي الكامل
سأقتلع من أصابعي جذور الحنين وقافلة كلمات فيها حرف الحاء
سأتدرب على لفظ اسم جدي: هانّا بدلاً من حنّا
ولن أقدر على تحديد معنى الكلمات التالية: حرية. حلم. خراب. خراء
سأنسى عمداً مفكرتي
سأتعلم تفكيك أحلامي من اليسار إلى اليمين،
وأرميها للكلاب
سأبصق على الثلج كل الكلمات التي تجمَّدت فوق لساني، تحت لساني، في قلبي
خفيفة، لامرئية، سأصبح
سأقول للقصّاب وبائع السكائر أنني سأدفع الحساب بالدولار
سأشارك في حملات "تبرعوا لبناء وطن"
سأقف أمام السفارة في دمشق أربعين عاماً، أقرأ الإرشادات من وجوه المهاجرين القدامى
سأحلق شعري الأسود "على الصفر"
ولن أضع نصائح أمي حلقة في أذني
سأنام في ثوبها تسعة أشهر، سنوات
وإن استيقظتُ،
سأذهب إلى مقبرة مار يعقوب في المالكية وألقي خطاباً حاسماً عن قصيدة النثر العربية والخلاص
سأتماسك كالرجال ولن أبكي.
حين أهاجر ثانية
لن أعلّقَ مفاتيح البيت في رقبتي
لن آخذ من أبي غصن زيتون انتشله من الهيكل في "الجمعة الحزينة"
سأكفّ عن المشي إلى الخلف، في المنام
سأكتب دليل الهجرة إلى الذات
الوصايا التي لم يعرها المسيح اهتماماً
هو الذي اختبر المنفى، من بيت لحم... إلى بيت أبيه
لن أنتظر القيامة.
آب 2007