1
العاصفةُ على باب يناير بهيمةٌ
تئنُ.
وأبوابي في جسدي مغمورة بحقبِ
بردٍ وأرقٍ وأم كلثوم.
والخوفُ هو الآخر ..
عربتي تتقدمُ في الدم سريعاً للترويج
عن بضائع تالفة .
تلك اللحظات ليست من حطام زمن.
كانت صخوراً
تتصادمُ متخبطةً بجدران لحوم قباطنةِ
مساءٍ بيروتي.
حيث كنا نستحضرُ الأرواحَ الشريرةَ
على جبال كاراكاس.
2
لم يكن من قمر في سماء بيروت .
هناك موزةٌ رمت ثوبها بعيداً
وأعطت للمصور حقوق التأليف في الوحشة.
الليلُ ترابٌ أسودٌ في الأعماق.
والشوارعُ سلاحفٌ بقمصان مبللة بالذكريات.
صعاليكُ ورقٍ..
كانوا يُعدون الموائدَ للشياطين.
أمراءُ صحفٍ ..
يملأ الهواءُ الأصفرُ جيوب سراويلهم.
كؤوس راديوات ..
يتراكمُ حطامها دبقاً في فوهات مداخن الأجساد.
والسلاجقة يمرون في الرؤوس تحت الأقواس
المكسورة.
يتبعهم بلاشفة مع كتبٍ دون عضلات.
وبوذيون بملابس جندرمة تقودهم كلابٌ
سلوقيةٌ في مضيق أول الأرض .
كنا نرى المراكبَ في بُرك ،
تضرب بها مجاديفٌ لطوائف وأسلحة
ونسائيات قيد الصيد.
الموسيقى بخارٌ يتقطعُ.
ولم تكن لنا أقدام لنمتطي البحر.
طاولة .
طاولتان.
ثلاث...
وكرسيّ من شجرة تفاحٍ بعيدة.
وليس من ظلال لجنةٍ لنلجم الخيل
ونجلس مع آدم .
كنا كما صناديق البريد،
ممتلئين بالرسائل والطرود وبقصص عشاقٍ
تبددت عظامُ قلوبهم في أعلى مراتب
الضباع.
الحانةُ حافةٌ.
تقولُ مربيةُ البعل.
الحانةُ حافلةٌ بنظارة سوداء
على طريق جبلي .
حيث اللقالقُ ترضعُ الويسكي من القمم.
ثم الليلُ يسقط جذعهاً على وسادة
عبد الحليم حافظ الخالية لينام .
أيضاً ثمة نسوانٌ وهلاك .
أقصدُ الليلَ سريراً للهباء.
3
كم سأتذكر الآن..
إن الليلَ عبدٌ ضال في كامل
الزنوجة.
وإن الأصابعَ أغصانٌ مغموسةٌ في الكتابة..
ومرميةٌ على طاولة فقدت مخيلتها الذات .
كم سأحلم إن ما بين النفس وصخرة الروشة
بيانو أحمر ينتظر .
لعل البكاء يأتي بشوفيره من بواطن الغروب،
ونبلغُ تلال موسيقى سبق وإن حنطها فلاسفةُ
السيمفونيات داخل أجسادنا طويلاً .
الشتاءُ الأعمى.
سأتذكرهُ سمكةً ملبدةً بالجليد .
ونحن في الكؤوسِ كؤوسٌ تُلوّحُ لكؤوس
بمناديلَ محمومةٍ ببخار كؤوس.
ويسكي وفودكا وعرق ونبيذ لاتيني.
جزرٌ ولوبيا وورق عنب ولسان ثور تروتسكي.
مجدرة حمرا وفجل وتبولة وسمك مدخنٌ
براجمات تاريخ ليس بالبعيد .
ليلٌ يفيضُ بسفن.
وليليون يسبحون غرقاً في زلزال يغني
الأوبرا في منزل لم يبق على قيد الخراب.
4
كان التبغُ طاحونةً.
والشهواتُ النائمة أفرانُ غازٍ على طريق
اللغات الميتة..
أحواضُ الكلام.. هناك.
تتسربُ منها الحشراتُ والبنادقُ وعقاربُ
ساعات حزبيةٍ مرمية سلسلة إبلٍ في صحراء.
ووجهاً لوجه..
مياه المعاني تجفُ.
5
جدلٌ بيزنطي
لعرّاب مغسلةِ الأجساد شبيب الأمين.
وكثيرٌ من الخمر يُشعلُ الكهرباءَ
في اللاهوت والأدلجة وفنادق الحداثة الطالعة
على قوائم من البارود السرّي.
6
جدلٌ بيزنطي
عن خط سير المدافع في بحيرات الكتب.
عن القطار الصوفي
و..إلى أين عنادلُ بيروت ساهرة
في الظلام المتورم.
7
جدلٌ بيزنطي لقنابل افتراضية،
وهي تسّاقط على الطاولات
وما من درع صاروخي ينقذُ من مذلة
التعفن بالسكوت.
8
النساء قنابلٌ ثاملات بالطرنيب
إلى الطاولات.
وأخريات يستخرجن زيت اللذة الخامل
من قناديلهنّ الباردة.
لا خاسرَ في التيه.
الحبّ لوحُ زجاج مُهشم في فاترينة
الوجه.
والمقامرون أطباءُ معرفة..
ينتشلون الأرواحَ من قيعان الموت،
ويؤسسون قراءةً جديدةً للشروخ.
9
جدلٌ بيزنطي لأزياء بيروت..
للهائمين بخياطة ملابس تذكارية
للحرية المعدلة وراثياً ..
للنائمين في المطار مع الحقائب وأكياس الصعتر
وعلب المكدوس وضفادع اللغة وعرق زحلة .
10
جدلٌ بيزنطي لهياكل الربيع العظمية
بعدما اكتمل نموها في العيون
وصارت من لقي الأنثروبولوجيا.
11
جدلٌ بيزنطي في مقبرة الحزب
أو في ساعة الجدار..
وأفضلية المرور للسكران مع حيواناته الضاحكة
بأمراض الشمس والتفكيكية وبأجراس
السكس بيكس.
12
جدلٌ بيزنطي..
السناجبُ والأحلام حقيبة واحدة
في المترو السياسي.
الديناميت و الجماجم وجهان لدولار
يرّنُ في جهنم .
والرغبةُ سمكرةٌ لمعركةٍ بين النيران.
ما طعم الثمالة عندما تذهب في اتجاه
وأذهب في آخر.
ستسألُ.
أين تذهب بعد أن يصبح النوم
خيطاً يُعلقُ عليه السكارى جلودهم .
ستسألُ أيضاً
قبيل أن تخطف العاصفةُ قبعتك من على مشجب
التاريخ.
13
جدلٌ بيزنطي..
أبن الليل يمرُ.
في الكؤوس تظهرُ المتاريس التي كانت مضطجعةً
في الثلاجات.
قال آخر:
للدمع صحونٌ ..
ستتقافزُ الضفادعُ على سطوحها .
14
جدل بيزنطي
الخمرُ بثياب الجيش.
وبيروتُ لحيةٌ مَكسورّةٌ في كأس.
15
سأرى كيف يمكن التقدم خطوةً
نحو البحر.
أنا الصلصالُ في نفسي
ولن أغرق إلا في الشمس.
سيقول بيزنطيني ذلك.
وسيهتفُ آخرٌ من على ظهر البواخر العالقة
في الهواء قائلاً:
سأصفُ الزهورَ وكيف ترتجفُ من ثقل
شيخوخة اللغة .
ولن يتمادى القلبُ بالعنب الخائن .
في الغد البلادُ تتبللُ وتجفُ .
وسيَسكرُ الأعدقاءُ بالشامبو الأحمر.
16
الباكي على حبّ
دمعهُ كرزٌ.
17
آخر البزاطنة
يخرج رجلّيه من أضابير الويسكي
متطلعاً لمتاهته في نساء .
ومقترحاً شمساً يدوية للمشي تحتها مع التبغ
والسمك وشطائر الزبد بالقصائد والعجول.
مُغادَرٌ آخرٌ
يشهدُ سينمائية اغترابية لحواسّ شبيهة
بأراملَ فارغة في نهاية الجدل.
18
يا للهول
الهاربُ من نفسهِ
عدّاءٌ تملأ ركبتيهِ المساميرُ.
دنمرك
تموز 2008