أي نهضة؟
نهضة العقل، الحس، و الوجدان.
ألف عام من الضغط، ألف عام ونحن عبيد وجهلاء وسطحيون. لكي يتم لنا الخلاص علينا - ياللواجب المسكر- أن نقف أمام هذا السد، و نبجّه.
بين القارئ الرجعي و القارئ الرجعي حلف مصيري. هناك إنسان عربي غالب يرفض النهضة و التحرر النفسي و الفكر من الاهتراء و العفن، وإنسان عربي أقلية يرفض الرجعة و الخمول و التعصب الديني و العنصري ويجد نفسه بين محيطيه غريباً، مقاتلاً، ضحية الإرهاب وسيطرة الجهل وغوغائية (النخبة) والرعاع على السواء.
لدي هذا التشبث بالتراث (الرسمي) ووسط نار الرجعة المندلعة، الصارخة، الضاربة في البلاد العربية والمدارس العربية و الكتاب العرب، أمام أمواج السم التي تغرق كل محاولة خروج، وتكسر كل محاولة لكسر هذه الأطواق العريقة الجذور في السخف، أمام بعث روح التعصب والانغلاق بعثاً منظماً شاملاً، هل يمكن لمحاولة أدبية طرية أن تتنفس؟
إنني أجيب : كلا، و إن أمام هذه المحاولة، امكانين، فأما الاختناق أو الجنون. بالجنون ينتصر المتمرد و يفسح المجال لصوته كي يسمع. ينبغي أن يقف في الشارع ويشتم بصوت عال، يلعن، وينبئ. هذه البلاد وكل بلاد متعصبة لرجعيتها وجهلها، لا تقاوم إلا بالجنون. حتى تقف أية محاول انتفاضية في وجه الذين يقاتلونها بأسلحة سياسية وعنصرية ومذهبية، وفي وجه العبيد بالغريزة و العادة، لا تجدي غير الصراحة المطلقة، ونهب المسافات، والتعزيل المحموم، والهسترة المستميتة.
على المحاولين، ليبجّوا الألف عام، الهدم الهدم و الهدم، إثارة الفضيحة والغضب والحقد/ وقد يتعرضون للاغتيال، لكنهم يكونون قد لفظوا حقيقتهم على هذه القوافل التي تعيش للتوارث الانحطاط، وهاهي اليوم تطمح إلى تكريس الانحطاط وتمليكه على العالم.
أول الواجبات التدمير.
الخلق الشعري الصافي سيتعطل أمره في هذا الجو العاصف، لكن لابد. حتى يستريح المتمرد إلى الخلق، لا يمكنه أن يقطن بركاناً.
سوف يضيّع وقتاً كثيراً، لكن التخريب حيوي ومقدس.
عن مجلة (النقطة) باريس - العدد الأول - أيلول 1982