عزيزي محمد شكري.
لقد أذهلني خبر مرضك بالسرطان. ولكن أدهشني وأفرحني معا، بأنك الآن أقوى من أي وقت كان للدخول في معركة جديدة، وهذه المرة مع المرض. وكم أتمنى كما قلت أنت:
(أرجو ان لا تكون الأخيرة). أتذكر يا محمد أول رسالة كتبتها إليك؟ قلت فيها: (أنت فان كوخ العرب فلا تنتحر)!
والتقينا عدة مرات في عدة سنين. وتعلمت منك الشجاعة في عقدي السادس. تعلمت!
ان أكون تلميذا.. ان أعود طفل مرة ثانية! تعلمت والله الكتابة والقراءة! من جديد! آه كم أنا متأخر عنك أيها الامازيغي المغربي الجميل فان كوخ العرب.! وعن فان كوخ الأول ذلك الهولندي الذي بيع حذاؤه (اللوحة) بثلاثين مليون دولار حين مات جوعا ولم يبع لوحة واحدة في حياته!
عزيزي محمد شكري الورد
هكذا نقول نحن العراقيين لمن نحب. فيما أنت تصارع المرض، قرأت ان روايتك (الخبز الحافي) ترجمت الى اللغة العبرية، وبعدها تترجم الآن فقط الى لغتك الأمازيغية الأم. ففرحت بذلك رغم التأخير. ولكني دهشت ان أصحاب العمائم احتجوا لذلك.!! احتجوا لأنك تكلمت بصراحة عن القاع المغربي، حيث ملايين المشردين والمغتصبين والفقراء يأكلون الخبز حافيا من أي شيء آخر حتى الزيتون! في بلاد الزيتون! هناك حيث الفقر والمرض هناك حيث يغتصب الأطفال لقاء لقمة خبز حاف من أي شيء! هناك حيث هرب، ولست ادري لماذا حتى الله! لربما لأنه لم يتعلم من البشر البكاء!
احتج لإصدار روايتك (الخبز الحافي) في بلادك، الاسلامويون أصحاب اللحى القبيحة القذرة، التي تفوح منها رائحة العادات السرية - القتلة والمخبرون - شرطة الله على الأرض، (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)! - منكرهم: خبزنا الحافي! ومعروفهم: ان نموت حتى بلا شواهد قبور!
أقدم الشكر باسم أصدقائي من المثقفين العراقيين للرعاية الأبوية التي يحتظنك بها المليك الشعبي الشاب محمد السادس فأنت رغم مغربيتك الأصيلة واحد منا نحن العراقيين.
عزيزي محمد شكري. كن أقوى من المرض كما كنت أقوى من جميع جحافل الظلام. كن في المرض كما كنت قبله (خبزنا الحافي) و (زمن أخطائنا) و (سعادتنا) و (وجوهنا) المتطلعة الى الشمس، و (شحرورنا) المغرد رغم زعيق ونعيب الغربان والبوم.
عزيزي محمد! تقول انك تركت التدخين! حسنا فعلت. كم مرة قلت لك ذلك أيها الشيخ الطفل العنيد!؟ فهل تركت الشرب؟! أم سأحمل إليك كما ترغب كل مرة آتي إليك قنينة ويسكي من جديد؟!
صديقك المخلص
احمد النعمان.
عن (إيلاف) الجمعة 13 يونيو 2003