. ف. ب.
القاهرة: جاءت مسرحية "عذاري" لفرقة أوال البحرانية التي عرضت أمس الأربعاء في إطار الدورة 16 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي خليطا متواضعا من عدة مدارس مسرحية كما رأي بعض النقاد. والمسرحية مأخوذة عن ثلاثية روائية بعنوان "عذاري" للروائي البحريني علي الشرقاوي وهي تتناول الصراع الطبقي بين ملاك الأرض والفلاحين الغارقين في الوحل والفقر ويأملون في تغير وضعهم. تنطلق المسرحية بصوتيات عميقة تعتمد على عمق أصوات الممثلين التي تتباين من الأنين والضعف الى الخشونة والصلابة في حين تختبئ أجساد الممثلين تحت قطعة من القماش تغطي مساحة خشبة المسرح تستغل في تشكيل أكثر من شكل أو حدث على المسرح.
واعتمد المخرج جمعان الرويعي على قطعة القماش وحركة الممثلين تحتها كنموذج للتجريب استخدمه من قبل مصمم الرقصات اللبناني وليد عوني في عرض راقص له في افتتاح المهرجان قبل عامين وكذلك كان المخرج العالمي بيتر بروك استخدمه في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.
وجاءت حركة خروج الممثلين لمواجهة الجمهور من خلال فتحات في قطعة القماش الكبيرة التي يتم تشكيلها على شكل جبل أو قاعة عرش أو بحر هائج أو قرية مسحوقة أو حريق يدمر البلاد مع الاستعانة بالإضاءة وألوانها المتعددة التي تسهم في الإيحاء بالحالة التي يمكن أن تشكلها الستارة.
تجسد المسرحية معاناة الفلاحين من الفقر والمرض والجوع المزمن ولجؤهم الى الدين لتحمل وطأة هذه المعاناة من خلال الحلم بحياة أخرى هانئة في العالم الآخر.
وخلال ذلك يتم التطرق لموضوع المرأة عبر "عذاري" ابنة الحاكم التي ترى نفسها في سجن محاط بالقلاع والحراس وتتمنى أن تعيش حياة الفلاحين حيث الحياة أكثر رحابة من القيد الذهبي الذي تعيش فيه.
لكنها تتراجع عن موقفها بمجرد دخولها قرية فقيرة حيث ترى مرارة الحياة التي يعيشها سكان بيوت الطين فتلجأ لوالدها الحاكم الذي يتمتع أيضا بحس إنساني ويحاول العمل على تغيير هذا الواقع الأليم من خلال توزيع الأراضي على الفلاحين وتسهيل حياتهم مؤمنا بان ذلك سيجعل البلاد أقوى.
وفي الوقت نفسه يميل الحاكم الى السلام ويرفض الحروب لأنه يرى في الأرض ما يكفي جميع سكانها ليعيشوا بكرامة وإنسانية إلا أن زوجته وأخاه غير الشقيق يقودان ثورة مضادة ضد الإصلاحات التي قام بها ويقومان باقصاءه عن العرش.
وقد لقي العرض البحريني ترحيبا من عدة نقاد مسرحيين بينهم كاتب السيناريو محمد علي عرابي الذي قال "رغم أن العرض الذي شهدنه لا يتجاوز العمل المسرحي المدرسي إلا انه يجب تقدير الجهد المبذول فيه من قبل المخرج". وتابع "تعاطى المخرج مع عدة مدارس للمسرح بينها المسرح الكلاسيكي في بعض المشاهد ومسرح الصوتيات في مشاهد أخرى ومحاولات محدودة غير ناجحة باتجاه الرقص المسرحي الحديث إلا أن كل هذه الملاحظات لا تلغي أن محاولات البحرانيين كانت جيدة".
الخميس 23 سبتمبر 2004
عن (إيلاف)