ها هو الصوت القديم الجديد يعود مرة أخرى، تكفير الكتاب والمبدعين العرب، لكن التكفير هنا لا يتم عبر كتاب صغير كـ"الحداثة في ميزان الإسلام" لعوض القرني، ولا على المنابر أو أشرطة الكاسيت، ولكن عبر أكاديمية عربية إسلامية عريقة، وأساتذة أجلاء، وكتاب ضخم يقع في ثلاثة مجلدات و2317 صفحة، بعنوان:" الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها" لمؤلفه: الدكتور سعيد بن ناصر الغامدي. صدر عن دار الأندلس الخضراء للنشر والتوزيع، جدة، ط1- 1424هـ، (ديسمبر 2003م) وتم توزيعه مؤخرا، وهو في الأصل رسالة مقدمة إلى كلية أصول الدين قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، لنيل درجة الدكتوراه.. ونال بها المؤلف درجة الامتياز مع مرتبة الشرف الأولى، إثر مناقشة علمية تمت في تاريخ 26/1/1420هـ (2000م) هكذا فإن الرسالة، التي يرصد فيها ما يسميه بالانحراف العقدي للمبدعين العرب المعاصرين، حصلت على الغطاء الأكاديمي عبر جامعة الإمام، وعلى الغطاء الشرعي والنقدي والأدبي عبر لجنة المناقشة التي تكونت من نخبة من الشخصيات الجليلة.
دعوة للاغتيال
أخطر ما يتضمنه الكتاب دعوة صريحة للاغتيال ورفع عصمة الدم عن المبدعين العرب حيث يقول سعيد الغامدي: "ومع أن أقوالهم وأعمالهم وعقائدهم التي أذاعوها توجب الحكم عليهم بالردة، وترفع عصمة الدم عنهم إلا أنهم في الأجواء السياسية العلمانية المستوردة من الغرب، أذاعوا كل ما في صدورهم العفنة من كفر وإلحاد، في مراغمة ومعاندة للدين وأحكامه وشرائعه وعلمائه ودعاته !! "المجلد الثالث" ص 1740
فكيف توصل المؤلف إلى هذه الدعوة؟
إن الكتاب يبرر ذلك أولا حيث يقدم سعيد الغامدي تبريرا لموضوع كتابه - الأطروحة بالقول: "فإنه لما كثرت سهام الشبهات التي يرميها أعداء الإسلام، وتطاول أهلها، واجلبوا بخيلهم ورجلهم، وبثوا سمومهم الفكرية والسلوكية على شبيبة الأمة الإسلامية، محاولين إغراقهم في الضلالات، وإخراجهم من النور إلى الظلمات، وتبديل يقينهم وإيمانهم، وطرحهم في مفاوز الشكوك والريب والترهات، كان لزاما على من علم ذلك أن يبين لأمته وأبناء ملته خطورة هذه المسالك وفظاعة هذه المهالك "المجلد الأول" ص 1
ويضيف الغامدي: "إن من أخطر وأشنع ما فعله أعداء الإسلام لتحصيل تلك المطالب الخبيثة وتحقيق تلك المقاصد الضالة ما اتخذ في زمننا هذا من أساليب ثقافية ظاهرها "الأدب والشعر والثقافة والنقد" وباطنها الكفر والشك والنفاق"
"ذلك أن أعداء الإسلام استطاعوا أن يبذروا في أرض المسلمين بذور حقدهم، ويستنبتوا فيها نباتات الشجرة الخبيثة شجرة المادية الملعونة، فإذا بالمسلمين يرون ويسمعون من ينادي بالكفر جهرة ويدعو إلى الضلال صراحة، ويروج للرذائل الفكرية والخلقية علانية، مرة تحت قناع" الأدب الحديث" ومرة تحت شعار : "الثقافة الإنسانية" وأخرى تحت لافتة "التحديث ومجاراة العصر وتداخل الثقافات" ص 2
ويقرن المؤلف بين "الحداثة" و"العلمانية" التي هي في رأيه "سموم فكرية" و"مفاهيم ضلالية" و"خمور فكرية" ومن ينتمون لهذه الأفكار: "همهم ترويج أصناف الزيف" و"ضربت عليهم عماية الجهل" و "مما يزيد الأمر سوءا أن هؤلاء الممسوخين لهم نفوذ صارخ في أجهزة التوجيه والإعلام في كثير من بلاد المسلمين، ولا شغل لهم إلا نقل النفايات البشرية أو المماحكة فيما فرغ الشرع المعصوم من تقريره وإثباته قضيتهم الكبرى استيراد الآراء النظرية المتناقضة وتخدير إحساس الأمة بآلاف الدواوين والمسرحيات والرسوم والمقالات النقدية وغير النقدية، من خلال الإثارة والجاذبية والمتعة الفنية في الشعر والرواية والقصة وتهريج المسرح وأصباغ الرسوم، ومن خلال صناعة النجوم" ص . ص 3-4
ويعجب الغامدي لأن عددا كبيرا من الكتاب السعوديين تأثروا بالأدب الحديث فيقول: "ومما يفت فؤاد المسلم أن يجد لهؤلاء الأرجاس أدوات من بني جلدتنا، استقطبتهم زمزمة كهان الحداثة، في حين غفلة منهم عن دينهم، وعجز منهم عن تحقيق وجودهم بتحصيل علمي رصين فإذا هم يرددون أفكار الزنادقة والملاحدة، ويضاهون اليهود والنصارى والوثنيين - ببلاهة وغوغائية- في عبارات مطاطة وألفاظ مبهمة، وتراكيب غامضة إذا حققتها وجدتها التبعية والتقليد ليس غير" ص 5
ويستطيع الغامدي أن يؤول كثيرا من التعبيرات الشعرية وفق مزاجه الخاص حيث يكشف عن المقنع لدى رموز الحداثة بالقول: "فإذا أرادوا الحديث عن القرآن سموه صوت الألوهية، أو "نتاج الغيبوبة" والحكم الإسلامي يرمزون له بالملح والرماد والجفاف، وقرون الهجرة والفتح الإسلامي والخلافة رمزوا لها بالإبل والسفر والنخيل والبخور والتعاويذ والصحراء والهجير والرمال الضريرة والعمائم المتخمة والأعشاب الميتة، وأرض الحروف عندهم أرض النبوات والإسلام والهدى، والأغوار الخرساء يريدون بها التاريخ الإسلامي، والشريعة والصلاة والمنارة يرمزون لها بالستارة السوداء، ....والحداثة يسمونها: الشمس، وفاطمة، وفضة ونافذة الضوء، ورياح المواقع، والتضاريس والمطر والخصب والتكوين الآتي إلى آخر ما هنالك من رموز وألفاظ تحتها الأفاعي والحيات" ص 6
انحرافات كونية
يتكون الكتاب - الأطروحة من مقدمة وأربعة أبواب وخاتمة، الباب الأول بعنوان: الانحرافات المتعلقة بالله سبحانه وتعالى، ويشمل ثلاثة فصول يدرس فيها الانحرافات المتعلقة بالربوبية، والألوهية، والأسماء والصفات، والباب الثاني بعنوان: الانحرافات المتعلقة بالملائكة والكتب المنزلة والأنبياء ويضم ثلاثة فصول، والباب الثالث بعنوان: الانحرافات المتعلقة باليوم الآخر والقدر ويتضمن ثلاثة فصول أيضا، أما الباب الرابع فيحمل عنوان: الانحرافات المتعلقة بالأحكام والسلوك ونظام الحياة، وتحته خمسة فصول يتناول فيها المؤلف: العبث بالمصطلحات الشرعية والشعائر الإسلامية، ومحاربة الحكم الإسلامي والدعوة إلى تحكيم غيره، والسخرية من الأخلاق الإسلامية والدعوة إلى الانحلال والفوضى الخلقية، والانحرافات في القضايا الاجتماعية والنفسية والسياسية والاقتصادية. أما الخاتمة فيقدم فيها المؤلف بيانا بأسباب الانحراف العقدي في الأدب العربي الحديث ، ومقترحات لمواجهة الانحراف العقدي في الأدب العربي الحديث.
وقد بدأ الغامدي كتابه بتبيان الانحراف العقدي - فيما يزعم- عند السياب ونازك الملائكة عائدا إلى الإرهاصات أيضا التي بدأت مع الحملة الفرنسية ومحمد علي باشا، قافزا إلى الطهطاوي ومحمد عبده والأفغاني وجبران، وميخائيل نعيمة، والرصافي، والزهاوي، وطه حسين، ولطفي السيد، وقاسم أمين، وشبلي شميل ... والرابطة القلمية، والديوان، وأبوللو، ومن الطريف أنه - حتى يبرئ ذمته- وضع الأوصاف التي يستحقها هؤلاء القوم "وتنطبق على ما فاهوا به من كلام مثل أوصاف: الضلال والزيغ والإلحاد والانحراف والسخف والتهافت والانحدار والتبعية والغثائية ونحو ذلك" ص 12
وقد أبدى الغامدي مهارته في الإلمام بكل القضايا الكونية الفلسفية والشرعية والشعرية والنظرية والتاريخية والسسيولوجية، فهو عليم بكل شيء نظري وتطبيقي، حيث بدأ دراسته من آدم وحواء ثم نوح وصالح عليهما السلام حتى النبي محمد (ص) وتحدث عن أرسطو وأفلاطون والتراث الفلسفي الإغريقي، ومصر "الوثنية" الفرعونية والرومان، والفرس والهند، والمجوس، والنصارى، واليهود ثم انتقل للحديث عن العصور الإسلامية المختلفة حتى وصل إلى الدولة العثمانية، ثم الاستعمار الأوروبي لبلاد المسلمين والعرب. إنه لا يرصد انحرافات الحداثيين، إن كان ثمة انحرافات، فحسب بل يرصد الانحرافات الكونية من إبليس حتى أبي لهب، ومن ابن عربي والراوندي والحلاج والنفري حتى جورج حنين، ومن فرويد ودوركهايم إلى حسن حنفي وعزيز العظمة وعابد الجابري وأركون والصادق النيهوم، ومن الرصافي والزهاوي وشوقي إلى الخال، وجبرا، وأنسي الحاج، وأدونيس ، ومن طه حسين ومندور وأمين الخولي ونعيمة، إلى جابر عصفور وصلاح فضل، والغذامي وبنيس ومن السوريالية والوجودية والرمزية إلى مجلة شعر، والآداب، والناقد، ومن نابليون إلى رامبو وبودلير، ومن محمد علي باشا إلى أتاتورك وعبد الناصر والحبيب بورقيبة، ومن مي زيادة إلى نازك وغادة السمان ونوال السعداوي، حتى الفنانة ماكسويل صديقة جبران لم يتركها على حالها!! إنها أطروحة كونية بحق، حيث بدأها من أول آدم عليه السلام حتى اليوم.
تكفير وعنصرية
لم يذر سعيد الغامدي كبيرة أو صغيرة في مناهج الإبداع الحديث إلا انتقدها ووصل انتقاده كعادة صفحات السفر الضخم إلى درجات التكفير والسباب والعنصرية، وحاز نجيب محفوظ وأدونيس وحسن حنفي وجابر عصفور ونزار قباني ومحمود درويش، والسياب ودنقل والفيتوري والمقالح، والغذامي، ومحمد شكري، النصيب الأكبر من هذه الدرجات .
فيعقب على جابر عصفور في مقالته: "إسلام النفط والحداثة" التي يرد بها على كتاب الشيخ عوض القرني "الحداثة في ميزان الإسلام" يقول الغامدي: "يرد هذا الحداثي بمقال طويل سماه: إسلام النفط والحداثة، أسقط من خلاله عقده النفسية والفكرية والخلقية، وكشف عن مقدار ما يعانيه عقله الكليل من تشوهات، وما ينوء به رأسه من انحرافات اعتقادية تمثل صورة مكررة من انحرافات أساتذته من قبله وتلامذته من بعده" ص 41
(وجابر عصفور جاهل أخرق ص 1679 ) المجلد الثالث
(ومن أدلة هذا الجهل المركب مناقشة أبي جهل الحداثي المسمى جابر عصفور للكتاب النادر " الحداثة في ميزان الإسلام" ص 1755 " ولا يدري هذا الجاهل أنه بهذا القول ينقص كل حججه ويكشف كل مراوغاته، ويصم نفسه بالمروق والفسوق من حيث ظن أنه يمكنه الاتصاف بالحداثة والإسلام" ص 1757
"أما جابر عصفور وله في عقله من اسمه نصيب ...يتحدث عصفور العقل ص 1804
"نزار قباني شعوبي خليع سلط سياط ألفاظه النتنة على تاريخ المسلمين وأسلافهم الأخيار". ص 1695
"أدونيس باطني نصيري طائفي حاقد نشأ في جو التشيع المارق." ص 1703
ويعرف يوسف إدريس كالتالي: "يوسف إدريس طبيب مصري وأديب وقصاص حداثي علماني متفرغ لذلك وللعمل في جريدة الجمهورية ولد في 1927م وهلك سنة 1991 بعد أن كتب كثيرا من القصص والدراسات والمقالات المليئة بالمضامين اللادينية" ص 1685 ، ويسمي فرج فودة (أحد طواغيت العلمانية في مصر) ص 40 وكاتب ياسين شعوبي بربري ملحد ص 1822 ورشيد بوجدرة ملحد ص 1834
ومحمد أركون متفرنس متغطرس ص 1897
وينتقد عبده وازن لثنائه على رواية :" ليلة القدر" لابن جلون في مقالة عنوانها: "الانتقام من الماضي"، الناقد العدد الثامن شباط 1989 ص 1787
"لم يعد نزار قباني داعية المجون والخلاعة والدعارة والإباحية فحسب بل أصبح داعية الردة والمروق" ص 1729 ، والغذامي "حاخام الحداثة" في السعودية، ولم تسلم من لسانه مجلات: الناقد، والآداب، وشعر، وإبداع، وأدب، وأصوات، ومواقف وكلها "عميلة" و"أوكار ثقافية للمخابرات المركزية الأمريكية" وغيرها من المجلات الأدبية والثقافية حتى الجوائز الأدبية العربية حظيت بشتائمه. وترد لدى المؤلف تعبيرات مثل: "عصابة السفور في مصر" و"عصابة شعر ذات الهوية الأمريكية والسراديب الصهيونية" ص 1693 ، أما كتاب أدونيس: الثابت والمتحول فهو "تلمود الحداثة" ص 42
ويحدد سعيد الغامدي أفكار الحداثة في 21 نقطة منها:
- الهجوم على التراث والثقافة الإسلامية
- دعوتهم إلى الرفض والتمرد.
- تأليه الإنسان والدعوة إلى الإنسانية مبدأ وغاية
- الدعوة إلى الخروج عن المألوف ونفي السائد ورفضه ومخالفته
- ممارسة التعمية والغموض، وتأليه العقل، وتبني الهدم والفوضى، واختراق المقدس وتدنيسه، وتفكيك كل القيم والمعايير.
ويشير إلى أن "أخطر الفئات التي قامت بتنفيذ مخطط الانحرافات " فئة المثقفين العلمانيين والحداثيين" ذوي العقول المسترقة والنفوس المستعبدة التي قامت ومازالت تقوم بترويج الركام الوثني"، ويتحدث عن بعض الخطوط العامة في مسيرة الانحراف الثقافي والأدبي والفني وتتمثل هذه الخطوط في : التخلف الاعتقادي والثقافي والحضاري الداخلي في الأمة الإسلامية، والحملة الفرنسية على مصر 1798 وولاية محمد علي على مصر، وهو في رأي المؤلف:" المؤسس الأول لدولة العلمانية والحداثة والممهد الأكبر للمشروعات التحديثية التغريبية المعاصرة" ص 67، ثم مرحلة الاحتلال البريطاني الذي بدأ باحتلال مصر 1882
وتتضمن جل صفحات الكتاب سبابا وتكفيرا، لايتسنى لنا في هذا المقام ذكرها، بيد أن فقرات التكفير في الكتاب كثيرة ، ومنها ما يدعيه سعيد الغامدي: "وبهذا الكلام وأشباهه زين للذين كفروا في هذا العصر ضلالهم وكفرهم وجهلهم وانحرافهم فصدوا عن السبيل، وتمادوا في الغواية ورتعوا في ظلمات الكفر والإلحاد وانتكسوا إلى أسفل سافلين في العقل والفكر والاعتقاد والأخلاق والسلوك (إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا).
وماراج كفرهم وانحرافهم إلا على أصحاب العقول السقيمة والنفوس المريضة ببهرج من القول صنعوه وبشكوك ألبسوها لباس الموضوعية الكاذبة، والتحرر الزائف والعقلانية المنعدمة وبإعلام ودعاية أظهرتهم على أنهم العقلاء المفكرون المثقفون المجددون". ص 187
ويعرف شاعر الحداثة بأنه: شاعر الدعارة والعهر، والإلحاد والكفر والضلالة والظلام، شاعر الشرك النجس والفكر الدنس والانحطاط والتخلف والمادية" ص 1762، فضلا عن ذلك يرصد 25 انحرافا سلوكيا لدى أدباء الحداثة ومفكريها أقلها: الإباحية الجنسية، واحتراف ....، وامتهان المرأة، وبغض الوالدين، وأشياء أخرى كثيرة يمكن أن يضمها كتاب في الفضائح الجنسية لا يتسنى ذكرها هنا. ولا ندري حقيقة كيف أجيزت أطروحة الدكتوراة هذه وهي بعيدة عن أي منهج علمي، حافلة بالتكفير والسباب وأقذع الشتائم، فضلا عن أسلوبها الركيك الرخيص .
كلام في السياسة
ولا يقف الغامدي في مجلداته الثلاثة على مهاجمة وتكفير الأدباء والمبدعين والمبدعات العرب ، بل ينتقل إلى السياسة والاقتصاد والاجتماع والفن وعلم الأخلاق، ومن نماذج تعبيراته التي يهاجم فيها الحكام والأنظمة العربية ويكفرها أيضا باعتبارها " علمانية" يقول:
"وتخدرت أحاسيسهم تحت وطأة هذا الأفيون القاتل فراحوا يعيثون في الأرض فسادا، فقد سقط في حسهم وفكرهم أي معنى لقضية إيمان وكفر، وإسلام وردة، فانطلقوا يعبثون بكل شيء تحت حماية أمثالهم من الحكام العلمانيين الذين ملأوا السجون بعلماء الإسلام ودعاته الذين يطالبون بتحكيم شرع الله في كل شأن بدلا من تحكيم أهواء البشر وزبالات أفكار البشر" ص 1744
ويقول أيضا:
"فها هي سجون الأنظمة العلمانية في بعض بلاد المسلمين تضج بالظلم والقهر لأولياء الله تعالى الذين يطالبون بتحكيم شريعته في الأرض، وها هي مؤتمراتهم ومؤامراتهم مع دول الغرب والشرق وع دولة اليهود لمحاربة دعاة الإسلام، تحت مسمى محاربة الإرهاب ومقاومة التطرف كما حدث في شوال سنة 1416هـ في المؤتمر المسمى "مؤتمر شرم الشيخ " لمحاربة التطرف" . ومن قبل كم علق على مشانق الأنظمة العلمانية من شيخ وداعية وكم ملئت المحتشدات الصحراوية من صالح وصالحة وكم هجر من بلده وبيته وأهله من مؤمن تقي" ص 1806
ويعلق على مقولة لنصرأبو زيد بالقول: "إننا نجد أن العلمانيين الذين حكموا بلاد المسلمين هم الذين مارسوا محاكم التفتيش التي تدين بل تجرم كل من دعا إلاى الله أو طالب بتطبيق الشريعة ألإسلامية أو نادى بأسلمة الحياة، وما أنباء سجون عبدالناصر والسادات وحسني ببعيدة عن سمع وبصر هذا العلماني وغيره من العلمانيين ، وما أنباء الجزائر وتونس وليبيا وسوريا والعراق والصومال وما كان يعرف باليمن الجنوبي وتركيا والجمهوريات الإسلامية فيما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي وغيرها إلا أدلة ساطعة قاطعة على "محاكم التفتيش العلماني" التي سكت ويسكت عنها جميع العلمانيين بل ويؤيدها أكثرهم تحت حجة مقاومة الإرهاب والتطرف الديني، وليس لهم من مراد إلا إبعاد الإسلام عن الحياة بالإعلام أو بالسياسة أو بالتعليم أو بالسجن والقتل والتدمير ، وفي مؤتمر شرم الشيخ الذي عقد في شوال من عام 1416هـ أوضح دليل على الخطو المتسارع الذي يسعى فيه هؤلاء لحرب الدين والأمة تحت شعار مكافحة الإرهاب" ص 1890 - 1891
ويقدم سعيد الغامدي تعريفا جديدا للناصرية مفاده: "الناصرية: نسبة إلى عدو الإسلام والمسلمين جمال عبدالناصر، والناصرية عقيدة قومية اشتراكية علمانية، نشأت على عين الأمريكان والروس كما في كتاب لعبة الأمم لمايلزكوبلاند، وقامت بدور كبير في التمكين للادينية في مصر وغيرها، وأتاحت الفرص لدولة اليهود أن تتوسع في بلاد المسلمين، وقامت بمعاداة الإسلام والمسلمين وقتل علمائهم ودعاتهم وسجنهم والتنكيل بهم" ص 1942
تعريفات جديدة
يعرف سعيد الغامدي الشخصيات الإبداعية العربية بتعريفات جديدة حافلة بالشتائم، والأحقاد، والضغائن، وتعبر - من وجهة أخرى- عن شخصية غير سوية، وعنصرية لأن هذه الشخصية بعيدة تماما عن روح المنهج والموضوعية، فكيف عبرت هذه الرسالة إلى الأكاديمية؟ هذا سؤال نوجهه لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية؟ ولجنة المناقشة التي أجازت الأطروحة..إن التعريفات لا تخلو من سباب أو من تعيير عنصري بالشكل أو بالخلقة أو باللون ..فضلا عن المغالطات الكثيرة التي يقع فيها المؤلف، ومن نماذج تعريفاته الجديدة وترجماته للشخصيات الأدبية التي حصل عبرها على درجة الدكتوراة بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى ما يلي:
- أدونيس: علي أحمد سعيد أسبر النصيري الباطني الملحد، ولد سنة 1349هـ/ 1930م في جبال العلويين في سوريا، تسمى بأدونيس نسبة إلى وثن الخصب اليوناني، سماه بذلك أنطون سعادة زعيم الحزب القومي السوري ... نال شهادة الدكتوراه من جامعة القديس يوسف في بيروت، وكانت أطروحته بعنوان:" الثابت والمتحول" وهو تلمود الحداثة، اعتم فيه بتهديم الدين الإسلامي واللغة العربية، يعتبر أدونيس أستاذا للحداثيين وقدوة لهم، وكبيرا من كبرائهم، يحتذون أثره، ويتبعونه في تقديس وإجلال كبيرين، عقيدته خليط من أصله النصيري، وحاله المادي الإلحادي ، مغرم بكل عدو للإسلام، ومبغض بحقد طافح لدين الله وكل ما يتعلق به من قضايا، مجاهر بذلك غير مستتر به، ويرى أن الحداثة لاتقوم إلا على هذه الأسس وهو باختصار أكبر طواغيت هذا الزمن، وأشهر عتاة الإلحاد وأظهر عداة الدين والإيمان، وقد انتحل مجموعة من الأعمال الغربية ونسبها لنفسه. (ص 105)
- نزار قباني: شاعر سوري ...من رواد الحداثة، اشتهر بأنه شاعر المرأة، حيث جعل منها مجرد جسد، وإناء لتفريغ الشهوة الجنسية، يركز على أعضاء الجنس، والملابس الداخلية للنساء، ويأتي بعبارات صارخة مكشوفة جنسيا، ويجاهر بالإلحاد، والتهكم بالله ورسوله والدين والشريعة، ويبغض العرب لفرط شعوبيته" ص 145
- السياب: أول من سن الحداثة الشعرية...انتمى للحزب الشيوعي العراقي ثم إلى زمرة الشعراء التموزيين، وعصابة شعر، وشارك في مؤتمر روما الذي أشرف عليه اليهود والمخابرات الأمريكية، أصيب بالشلل ومكث يستجدي زملاءه وأصدقاءه فلم يجيبوه حتى مات في الكويت عام 1964، شعره مليء بالرموز الوثنية ، والانحرافات الفكرية والسلوكية. ص (162)
- أمل دنقل: ولد في صعيد مصر عام 1940م في أسرة متدينة ونشأ على ذلك وكان يلقي خطب الجمعة ثم تحول إلى معجب بالماركسية والوجودية رافضا يقينية الدين الإسلامي، متخبطا في الأوهام والشكوك، عاش متسكعا في المقاهي، متعاطيا للخمور والحشيش، مقارفا للموبقات، كان سليط اللسان، شديد القبح في منظره ومخبره، تشم رائحة الشيوعية منه عن بعد، وشعره مليء بالعقائد الضالة، ومنها التهكم بالله تعالى والامتداح للشيطان، هلك بالسرطان عام 1402هـ/ 1982م. (ص 175)
- صلاح عبدالصبور: شاعر من مصر، ورائد من رواد الحداثة، مليء شعره بالمضامين الحداثية المنحرفة، كما في قصيدته "الناس في بلادي" و"مأساة الحلاج" وغيرها، تأثر بشعراء الغرب خاصة إليوت وكافكا وغيرهما، وبذل جهدا كبيرا في نشر المضامين الحداثية والعلمانية، وكانت خاتمته الموت بالسكتة أثناء ليلة رقص وخمر في منزل أحمد عبدالمعطي حجازي ، لما عوتب عن موقفه الموالي لدولة اليهود ومسايرته للسادات في ذلك، وكان ذلك سنة 1981م.
- محمد الفيتوري: شاعر حداثي سوداني الأب، مصري الأم، ليبي الجنسية، أسود البشرة قصير القامة دميم الوجه، اثر ذلك عليه نفسيا فعاد بإحباط عليه وتعصب للزنجية وغنى للعنصر الأسود بعنصرية...له ديوان شعر حداثي مليء بالعنصرية السوداء ثم اليسارية الرعناء ، يقال أنه تاب أخيرا من الحداثة، والله أعلم بحاله الآن. ( ص 231)
وبهذا الشكل وباللغة نفسها ترجم سعيد الغامدي - الذي أصدر منذ سنوات- شريط كاسيت يهاجم فيه الحداثيين "الكفرة" في زعمه- ترجم لأكثر من 250 شخصية عربية وغربية قديمة ومعاصرة وغمرها بطوفان من الشتائم والسباب.
توصيات محاكم التفتيش
خاتمة الكتاب الضخم الذي هو بالأصل - كما نذكر أخيرا- رسالة جامعية تفرد بها الغامدي تتضمن بيانا لأسباب الانحراف العقدي في الأدب المعاصر، ومقترحات لمواجهة الانحراف العقدي في هذا الأدب، ويرى المؤلف أن الحداثة نبتة غريبة جيء بها لإكمال التسلط الاستعماري التي مارسها الغرب ضد بلاد المسلمين في القرون المتأخرة، ومن أغراضها الهدم والتخريب، وإحداث الفوضى في العقائد والأخلاق، وغرس الضلالات والإلحاد والشكوك، وتسعى لهدم الإسلام وإزاحته من القلوب، وتنفي ألوهية الله تعالى، وتحترم الكفر والإلحاد.
ومن توصيات الكتاب- الأطروحة التي هي أشبه بتوصيات محاكم التفتيش: إعادة النظر في موقف المتخصصين الشرعيين غير المبالين بالانحرافات في الأدب، تركيز الاهتمام بالأدب الإسلامي، ودراسة الانحرافات العلمانية والحداثية وكشفها، وتشديد الرقابة على وسائل النشر والإعلام والمجامع الثقافية والأندية الأدبية، والحصول على فتاوى من علماء الإسلام البارزين عن حكم الإسلام في الانحرافات الاعتقادية المعاصرة.
وبعد التكفير والشتائم الذي طال كل ما يمت إلى الأدب والفكر الحديث بصلة وبعد هذه التوصيات المثيرة يختتم سعيد الغامدي كتابه بقوله: "لست أدعي الكمال والإحاطة بهذا الموضوع ولا المقاربة، وحسبي أني بذلت من الجهد ما أرجو معه الثواب من الله الكريم" بلى إنه جهد مشكور، وجرأة شديدة يحسد عليها بتكفير هذا العدد الكبير من المبدعين والكتاب. وفي سياق هذا الجهد فقد ذكر الغامدي في المقدمة أنه قرأ " مايزيد على خمسة عشر ألف صفحة من كتبهم، - يقصد الحداثيين- ولا يدخل في هذا العدد ما قرأته من مجلات وملاحق ولا ماسبق لي قراءته طوال ثلاثة عشر عاما من أواسط المرحلة الجامعية حتى تاريخ تسجيل هذا البحث" فإذا كان الأمر كذلك فإنني أسأل هنا الغامدي: ما هي "كفارة" هذا الوقت الطويل الذي قضيته في قراءة الموبقات والانحرافات التي جاء بها هؤلاء الحداثيون؟؟!
من الأسماء المكفرة والمذمومة بكتاب الغامدي
محمد أركون، محمد بنيس، جابر عصفور، حسن حنفي، عبدالصبور، أمل دنقل، أدونيس، محمود درويش، محمد علي شمس الدين، إبراهيم نصرالله، عبده وازن، شوقي بزيع، أحمد دحبور، سميح القاسم، محمد دكروب، محمد جمال باروت، غادة السمان، نوال السعداوي، هدى الصدة، حنان الشيخ، الفيتوري، البياتي، نزار قباني، سعدي يوسف، عقل العويط، عبدالرحمن منيف، طه حسين، حسين مروة، كاتب ياسين، الطيب تيزيني، قاسم أمين، رياض نجيب الريس، عادل ظاهر، أنسي الحاج، يوسف الخال، توفيق صايغ، نازك الملائكة ، هشام شرابي، معين بسيسو، توفيق زياد، عبدالعزيز المقالح، نصر أبو زيد، فاضل العزاوي، هاشم صالح، هشام شرابي، محمود المسعودي، نبيل فارس، جبران، أمين الريحاني، معين بسيسو، غسان كنفاني، عبدالوهاب المؤدب، عبدالله البردوني، أسيمة درويش، مظفر النواب، اميل حبيبي، رشيد بوجدرة، محمد بنيس، عزيز العظمة، أحمد دحبور، علاء حامد، شوقي عبدالحكيم، حسين أحمد أمين، سعيد عقل، رياض نجيب الريس، رفاعة الطهطاوي، سعيد عشماوي، علي عبدالرازق، خير الدين التونسي، حسين أحمد أمين، يوسف إدريس، نجيب محفوظ، لويس عوض، إداور الخراط، جمال الغيطاني، أحمد بهاء الدين، الطاهر وطار، الطاهر بن جلون ،الطيب صالح، عبدالكبير الخطيبي، توفيق الحكيم، نجيب محفوظ ، سعيد السريحي، عبدالله الغذامي، سعد الدوسري، محمد العلي، عبده وازن، غالب هلسا، لطيفة الزيات، محمود العالم، عبدالعظيم أنيس، رجاء النقاش، حسين مروة، مهدي عامل، عبدالمنعم تليمة، محمد دكروب، حنا مينه، عبدالرحمن الخميسي، عبدالرحمن الشرقاوي، أحمد سليمان الأحمد، غالي شكري، ، فيصل دراج، غالب هلسا، منيف الرزاز.