قال الشاعر السوري علي احمد سعيد (أدونيس) متحدثا عن مستقبل الشعر، إنه يستمر في الكتابة بالضبط لأنه لم يعد هناك من يؤمن بالقصيدة.
وأضاف الشاعر ربما أكتب الشعر لأزداد فهما لنفسي ولكي أعيش.. ربما.. لكن ليس لي جواب قاطع علي هذا السؤال. إنه كما لو سئل المرء لماذا يحب أو لماذا يعيش.
وبالنسبة لأدونيس، الذي التقي جمهوره السبت الماضي في أمسية شعرية في إطار فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، فإنه ما دام الحب موجودا وما دام الموت موجودا، فإن الشعر بالضرورة وبالطبيعة موجود (...) لو لم أكن مؤمنا بمستقبل الشعر لما كتبته .
وعن علاقاته بالحوامل المعرفية الأخرى غير الكتاب الورقي والقلم، نقلت وكالة الأنباء المغربية عن الشاعر قوله فيما يتعلق بي، لا أستطيع أن أكتب قصيدة علي الكمبيوتر. الكلمة مرتبطة بالصوت، والصوت مرتبط بالجسد، ولذلك لا أتصور أنني يمكن أن أكتب قصيدة وبيني وبين الكلمة والجسد مسافة، أحب أن أكتب القصيدة كما لو أن الكلمات مرتبطة بيدي، بأصابعي وبجسدي كله، أفضل يدي وواسطة القلم الذي هو نوع من الكلام أيضا .
وقال لم أستخدم إطلاقا جهاز الحاسوب، لكنني لا أنفي أهميته خصوصا في ما يتعلق بالتوثيق والحفظ والسرعة لكن هذه أشياء مكتبية قد تفيد في العمل الإداري، بالنسبة لي لا يفيدني ولا أستخدمه (...) لا أظن أن الكتاب سيموت، أو سيلغي كما كنا نظن جميعا مع ظهور الحاسوب .
وتساءل أدونيس هل يمكن تصور بيت ليس فيه أي كتاب ورقي؟ هل يمكن أن نتصور بيتا ليس فيه إلا الكمبيوتر؟ هذا ممكن بعد فترة طويلة، غير أنني أري هذا النوع من البيوت كالصحراء.. .
وبخصوص موقع قصيدة النثر في خارطة الشعر العربي الحديث، قال أدونيس قصيدة النثر مصطلح حديث نسبيا في الكتابة الشعرية الحديثة، وهذا السؤال العام صعب. والجواب عليه له مستويان: الأول هو أنه يجب الدفاع عن قصيدة النثر بوصفها شكلا تعبيريا جديـــدا لأن في ذلك إغناء لطرق التعبير الشعري وإغناء للغة العربية والشعرية العربية، لكن المستوي الثاني هو إلي أي حد ينجح كتاب قصيدة النثر وهو سؤال ينطبق أيضا علي كتاب قصيدة الوزن .
ومن هذا المنطلق فإن أدونيس يحبذ الحديث عن قصيدة نثر معينة خارج التعميم .
وبالنسبة للشاعر فإن معيقات الحداثة في الثقافة العربية هي الأسس التي تقوم عليها الثقافة العربية نفسها، والحداثة كسر لجميع الحواجز وانفتاح علي جميع الإمكانيات دون قيود وإعطاء الحرية للإنسان وبشكل خاص للجانب المحجوز أو المهمش أو اللامعقول في حياته وفي كيانه الجسدي وما دام الجسد مكبوتا في الثقافة العربية وما دامت الرؤية العربية السائدة رؤية وحدانية مغلقة، فإن الحداثة لن تأخذ مداها في الثقافة العربية، إذ لا نستطيع أن نكتب أو نبدع ثقافة حديثة إلا في مجتمع هو نفسه مجتمع حديث .
القدس العربي
16-2-2007