عن إبراهيم بن فاتك قال : لما أتي بالحسين بن منصور ليصلب رأى الخشبة و المسامير فضحك حتى دمعت عيناه . ثم التفت الى القوم فرأى الشبلي فيما بينهم ، فقال له : يا أبا بكر هل معك سجادتك . فقال : بلى يا شيخ . قال " افرشها لي . ففرشها فصلى الحسين بن منصور عليها ركعتين وكنت قريباً منه.
و من بين ما قال : هؤلاء عبادك قد اجتمعوا لقتلي تعصباً لدينك وتقرباً إليك. فاغفر لهم ، فإنك لو كشفت لهم ما كشفت لي لما فعلوا ما فعلوا، ولو سترت عني ما سترت عنهم لما ابتليتُ بما ابتليت.
عن الشيخ إبراهيم بن عمران النيلي أنه قال : سمعت الحلاج يقول : النقطة أصل كل حرف، والخط كله نقط مجتمعة. فلا غنى للخط عن النقطة، ولا للنقطة عن الخط. وكل خط مستقيم أو منحرف فهو متحرك عن النقطة بعينها. و كل ما يقع عليه بصر أحد فهو نقطة بين نقطتين. وهذا دليل على تجلي الحق من كل ما يشاهد وترائيه عن كل ما يُعايَن . و من هذا قلتُ : ما رأيت شيئاً إلا ورأيتُ الله فيه .
قال أحمد بن فاتك : كنا بنهاوند مع الحلاج وكان يوم النيروز، فسمعنا صوت البوق .فقال الحلاج : أي شيء هذا. فقلت : يوم النيروز. فتأوّه وقال : متى نُنَوَرز . فقلت : متى تعني . قال : يوم أُصلَب. فلما كان يوم صلبه بعد ثلث عشرة سنة ، نظر إليّ من رأس الجذع وقال : يا أحمد نُورِزنا . فقلت : أيها الشيخ هل أُتحفت . فقال : بلى أُتحفتُ بالكشف و اليقين ، وأنا مما أُتحفت به خجلٌ غير أني تعجلت الفرح .
قال : الفكرة أسرع من لواحظ العيون .
وقال : الكفر والإيمان يفترقان من حيث الاسم ، ويشتركان من حيث الحقيقة فلا فرق بينهما.
وقال أحمد بن القاسم الزاهد : سمعت الحلاج في سوق بغداد يصيح : يا أهل الإسلام أغيثوني، فليس يتركني ونفسي فآنس بها، وليس يأخذني من نفسي فأستريح منها، وهذا دلال لا أطيقه.
وقال ابن فاتك : سمعت الحلاج يقول : في القرآن علم كل شيء، وعلم القرآن في الأحرف التي في أوائل السور، وعلم الأحرف في لام ألف، وعلم لام ألف في الألف، وعلم الإلف في النقطة، وعلم النقطة في المعرفة الأصلية، وعلم المعرفة الأصلية في الأزل، وعلم الأزل في المشيئة، و علم المشيئة في غيب الهو ، وعلم غيب الهو ( ليس كمثله شيء ) ولا يعلمه إلا هو .
قال الواسطي : قلت لابن سُريج : ما تقول في الحلاج . قال : أما أنا أراه حافظاً للقرآن ماهراً في الفقه عالماً بالحديث و الأخبار و السنن صائماً الدهر قائماً الليل يعظ ويبكي ويتكلم بكلام لا أفهمه فلا أحكم بكفره .