اتصالاً بما سبق من حوارات أجريناها مع رموز الساحة الثقافية العربية في هذا المنبر، إيماناً منا بتشابك الهموم والقضايا الثقافية والإبداعية على المستوى العربي والأفريقي، ابتدرنا في الملف الثقافي لـ(الصحافة) مشروع حوارات مستمرة مع الكتّاب والمبدعين في المحيطين العربي والأفريقي للتعرّف على تجاربهم في الحياة والكتابة. منهم على سبيل المثال: الروائية المصرية سلوى بكر، الكاتب أسامة انور عكاشة، الشاعرة السورية جاكلين سلام، الشاعرة التونسية لمياء المقدم وآخرين.
هذه المرة نحاور، عبر البريد الإلكتروني، شاعرة لبنانية مقيمة في الولايات المتحدة الأمريكية ذات تجربة متميزة في كتابة القصيدة الحديثة. هي الشاعرة أمال نوّار التي أصدرت قبل أسابيع قليلة ديواناً شعرياً جديداً تحت عنوان "نبيذها أزرق ويُؤنس الزجاج"، عن دار النهضة العربية. فإلى تفاصيل الحوار الذي طوف مع الشاعرة في شتى الهموم والقضايا.
* هناك اتجاه عام في الأوساط الثقافية العربية يقول بتراجع الشعر. هذا الإتجاه يرى أن الشعر العربي ربما يكون قد وصل إلى منطقة مسدودة، وخصوصاً بعد تسيّد قصيدة النثر للساحة الشعرية عربياً. كيف تقاربين وجهة النظر هذه؟
- لا أفهم ما المقصود هنا تماماً "بتراجع الشعر". هل ثمة إحالة إلى تراجع في الشعرية العربية نفسها، أي في مستوى ما يُكتب عموماً، أو إلى انحدار في مدى أهمية الشعر للإنسان العربي المعاصر. أنا لست مع هذا المنحى التهويلي السائد منذ مدة، الذي يقول بموت الشعر في عالمنا المعاصر، أو يتنبأ بموته في المستقبل القريب. قد يعاني الشعر من أزمات، (وهذا لا ينطبق على زمننا الراهن وحسب) غالباً ما تكون نتيجة قصوره عن مواكبة الحساسية الشعرية لدى الإنسان في تجددها وتطورها الدائم من زمن إلى آخر. وهذا ما قد يخفّف من وطأة حضوره وقوة تأثيره في النفوس. على أن حاجة الإنسان إلى الشعر لا تموت أبداً، مهما تشيّأت طبيعة عالمه أو تمَكْنَنَت (من ماكينة) أو تحجّرت. لكن ثمة تغيّر يطرأ على عالمه السيكولوجي، حيث أن للشعور صيرورته أيضاً كما للفكر. ولذا على الكتابة الشعرية أن تكون قادرة على رصد الحساسيات الشعرية المتجددة لدى الإنسان والتجاوب معها بطريقة تمكّنها دائماً من إصابة الوتر الحسّاس فيه. وعليها كي تحقق ذلك أن تنفتح على تلك المكونات والعوالم (لغة ومضموناً) التي تستثير مشاعر الإنسان الراهن وتشحذ حواسّه وروحه.
طبعاً القول بأن لكل زمان شعره، لا ينفي حقيقة ما يحويه التاريخ الشعري العالمي والعربي من أشعار خالدة، استطاعت بمكنونها الشعري العميق، مخاطبة الوجدان الإنساني في كل زمان. ولكن في المقابل، كم من الأشعار القديمة العظيمة التي نقرأها اليوم، ولا نقرّ بعظمتها وأهميتها إلاّ من منظار موقعها وصداها في زمانها. فالكثير منها لا يمتّ بصلّة إلى المناخات النفسية للإنسان المعاصر، ولا تستطيع مواضع التأثير فيه أن تشكّل محفزّات شعورية لهذا الإنسان. نعود لنقول، بأن الفجوة الزمنية بين مضامين تُعتبَر أنها محل تأثير قد يتبناها النتاج الشعري العربي في وقت ما، وبين مضامين تُعتبَر أنها محل تأثّر تنمّ عنها طبيعة الإنسان في الفترة الزمنية نفسها، هي التي قد تؤدي إلى نوع من التراجع أو الخلل في العلاقة بين الإنسان والشعر. ولكن هذا لا يعني ولا في أية حال، تراجع أهمية الشعر، بالنسبة إلى الإنسان. هذا أشبه بالقول بتراجع أهمية التفكير للعقل، والإحساس للقلب، والرؤية للعين، والمشي للقدم الخ...الشعر بمعناه الأشمل والأعمق، والحاضر في الفنون كافةً، يغذّي كينونة الإنسان، هذا الكائن المتميّز والمختلف عن سواه من كائنات الكون الحيّة. وحاجة الإنسان إليه، أساسية ومرتبطة بحاجته إلى تنمية إحساسه بذاته، وبالوجود، وبالمكان، وبالزمان، وبالماورائي، وتنمية علاقته بالحياة والخالق والطبيعة والآخر، وتنمية مقوماته الشعورية والذهنية. لنلتفت مثلاً إلى الطبيعة من حولنا، ولنرى آياتها الشعرية. لولا أن الشعر ضرورة فطرية للإنسان، ربما لما أوجد له الخالق طبيعة بهذا الجمال، تستثير مشاعره وتشعرن (من شعر) روحه، وكذلك ربما لما خلقه على هذه الصورة، وربما أيضاً لما خلق المرأة! لنتصور مثلاً الكون بلا اللون الأزرق! أو لنقل بلا شجرة الصفصاف الحزين مثلاً! أما كان للوجود أن يستمر مستغنياً عن شجر الصفصاف الحزين؟!
إذاً، التراجع في علاقة الإنسان بالشعر حالٌ مرحلية، لا تدوم، وهو رغم أن أزمنة سابقة شهدته، فقد استمر الشعر ولم يصل إلى منطقة مسدودة. وهذا ما ينطبق على ما وسم علاقة الإنسان العربي المعاصر بالشعر العمودي، الذي لم يعد ينسجم مع رؤيته النظرية والوجدانية الحديثة إلى الشعر. ولكن في المحصلة، الشعر لم يتراجع، إنما هي القصيدة العربية الكلاسيكية التي تراجعت أمام تقدّم قصيدة النثر التي لا تقلّ شعرية عن سابقتها (كما يستبطن السؤال). صحيح أن ما توحي به هذه القصيدة من سهولة في كتابتها، دفع البعض، وخصوصاً من أصحاب العقول المتزمّتة والغافية عما طرأ ويطرأ على الشعر في العالم منذ أكثر من مئة عام وحتى اليوم، إلى الإستخفاف بهذه القصيدة، والتشكيك في مكانتها الشعرية، وقد ساعدهم على ذلك، انتشار هذا الكم الهائل من النماذج الشعرية الرديئة لمتطفلين ربما ما كانوا ليتجرؤا على الشعر فيما لو حافظ على شكله التقليدي. ومع أن عدد شعراء اليوم بات يفوق عدد قراءه، إلا أنني أؤمن بأن الشعر لايزال بألف خير وسيبقى كذلك. وأرى أن قصيدة النثر بكل مميزاتها ومقوماتها (الإيجاز، الكثافة، الغموض، الغرائبية، السخرية، الغرائزية، الشكيّة، الإيحاء، البياض، البعد عن الرومنسية، اللجوء إلى المفارقة، الهبوط إلى العالم السفلي...) تجد أصداءها في وجدان الإنسان العربي المعاصر الذي باتت قِيَمه الجمالية والشعرية تقيم أكثر في فكرة التنافر لا الإنسجام، وفي النقصان لا الكمال.
* ثمة من يقول أيضاً أن قصيدة النثر غير جماهيرية – ربما لأنه من الصعب القائها في المنابر – وهي بالتالي لا يمكن أن تخدم أية قضية، وليس ثمة احتمال لالتفاف الناس حولها؟ ما رأيكِ؟
- قصيدة النثر ليست قصيدة صوتية منبرية بالمعنى التقليدي. فهي تنأى عن التطريب والتموسق والإطناب والتكرار، مرتكزةً على إيقاعها الداخلي الذي يمنحها صوتاً ونبرة تستطيع من خلالهما أن تُسمَع. صحيح أنه ليست كل قصائد النثر قابلة للإلقاء، لاسيما تلك التي تعتمد على الجانب البصري (من حيث طريقة تقطيعها وترتيب مفرداتها)، وأيضاً تلك التي تحتاج إلى قراءة متبصّرة للتفاعل معها. لكن في الإجمال، لم تعجز هذه القصيدة عن فرض حضورها سُماعياً مثلما بصرياً. والأغلب أن افتقارها إلى المؤثّرات الصوتية الخارجية الجاهزة، هو ما يحرّض الصوت الذي يلقيها على التركيز على إيقاعها الداخلي، وكذلك على ذاك الإيقاع المتأتي من المعاني، فيعرف أين ومتى يقف، أو يُسرع، أو يعلو أو يخفت...ولذا فإن تفاعل الجمهور معها يجري على مستوى الباطن لا الظاهر. فهي تستحثه على الإصغاء إلى صوت معانيها لا ألفاظها وحسب، وبذلك تضع نفسها أمام امتحان أصعب وأعمق، إذ عليها أن تثبت وجودها بشعريتها لا بخطابها وبأنينها لا بطنينها ورنينها، وفي هذا كله في رأيي انتصار للشعر.
أما في خصوص عدم قدرة قصيدة النثر على خدمة قضية، وتالياً على استقطاب الناس من حولها، فأنا لست من المؤمنين بأن على الشعر أن يسخّر نفسه لخدمة أي من القضايا. لا بل أكثر من ذلك، بتّ أجدني أنفر من كل شعر أشمّ فيه رائحة قضية وخصوصاً إذا كانت سياسية. الشعر في نظري مثله مثل الرسم او الموسيقى، هو منطقة حريّة، يطلق فيها الإنسان العنان لأحاسيسه وأفكاره وأهواءه وانفعالاته دون شروط. وهي منطقة مشرّعة على الخيال والميتافيزيقيا، وليس على الواقع وحده. قد يكون الشاعر فيها خارج مكانه وزمانه، وهو دائماً غير خاضع فيها لأية سلطة غير سلطة الذات في صدقها مع ذاتها. على أن كل ما يعايشه الشاعر من تجارب واقعية أو غير واقعية، يترك أثره في لاوعيه، وهو حين يكتب، لا يكتب من فراغ، إنما تحديداً من مطارح انفعاله، وعليه قد يكون ما يكتبه الشاعر في جزء كبير منه نتيجة تفاعله مع قضايا حياتية عديدة، منها السياسي والإجتماعي وغيره، ولكن التعبير عنها يأتي بطريقة غير مباشرة، بحيث أن الشعر لا يسخّر لها نفسه، إنما هي التي تتخذ لنفسها، تلقائياً، حضوراً شعرياً في نفس الشاعر، ينعكس في كتابته. وطبعاً، شتان ما بين شعر تسكنه قضية، وشعر يسكن قضية.
ثم من قال إن الشعر يحتاج إلى قضايا كبرى كي يهزّ المشاعر ويخترق الوجدان؟! ثمة الكثير من الأشعار المُسرفة في ذاتيتها والتي لا يقلّ صداها في النفس عن أية أشعار أخرى. وإذاً، لا علاقة بين حجم موضوع القصيدة وأهميته، وبين حجم تأثيرها وأهميته. رهان الشعر يكمن في شيء آخر، إذ يكفيه دعامةً نفحة الصدق المجبولة بما يختزنه من طاقة شعرية، كي تلتف القلوب من حوله. ثم إننا نتساءل، أليست واحدة من أهم مميزات الشعر، هي انتباه الشاعر إلى ما لا ينتبه عادةً إليه أحد، والتقاط تلك اللحظات أو الومضات العابرة في حياة الإنسان (تلك القضايا الصغيرة - الصغيرة)، وتجسيدها شعرياً على مساحات واسعة من الشعور والخيال، قد تتخطى بشعريتها حدود آنية محصورة المكان إلى حدود كونية مشرّعة على المطلق. في هذا السياق، تحضرني الآن تلك السطور الرائعة للشاعرة الكوبية "دُولثِ ماريا لويناث"، إذ تقول: " أنا مثل المسافر الذي يصل إلى ميناء ولا أحد ينتظره؛/ أنا المسافر الخجول الذي يمرّ بين عِناق لا يعنيه وابتسامات ليست له.../ أنا مثل المسافر إذ يُعلي ياقة معطفه في الرصيف الهائل والبارد..."
نضيف إلى ما سبق كله، أن أحد الإتجاهات الذي اتّخذته قصيدة النثر اليوم، هو الإنشغال بالعادي واليومي والهامشي. وليس أن هذا فقط لم يحل دون الحضور المؤثّر لهذه القصيدة، بل في كثير من الأحيان كان سبباً مباشراً في تفاعل الناس معها، وخصوصاً هؤلاء الذين سئمت أرواحهم القضايا كلها لاسيما الكبرى منها!
* ثمة مقولة متداولة هنا وهناك تقول إننا عندما نفقد حبيباً نكتب قصيدة، وعندما نفقد وطناً نكتب رواية. متى تكتب أمال نوّار رواية؟
- لا أعرف ما إذا كان ممكناً الربط بين طبيعة الحدث وطبيعة الموهبة. أنا لا أرى أنهما يتقاطعان زمنياً. فالموهبة غالباً ما تكون سابقة للحدث (أي حدث) وليست نتيجة له. وهي تتخذ هويتها وتتشكل معالمها لأسباب تتعلّق بطبيعة الشخص نفسه، وكيميائه الداخلية ومقدراته، لا بطبيعة ما يجري حوله. ومن يملك نواة الشعر، سيكون قادراً على كتابة الشعر ليس بالضرورة في موضوع واحد دون سواه. وهل قليلة لدينا هي الأشعار التي كُتبت في فقدان الوطن؟! أيضاً من يملك نواة السرد، لن تقلّ موهبته في الكتابة عن فقدان الحبيب عنها في الكتابة عن فقدان الوطن أو عن أي شيء آخر. المشاعر الإنسانية، بصرف النظر عن موضوعها، قادرة على أن توقظ في الشاعر ما قد توقظه في الروائي أو العازف أو الرسام أو الراقص على اختلاف وسائلهم التعبيرية. وليس الحبّ من اختصاص الشعر وحده، وليست الحرب من اختصاص السرد. وليس الشعر بالضرورة أقدر على تجسيد الحبّ من الرواية مثلاً. المسألة ليست في أنّ لكل موضوع النوع الأدبي المختص به، وهو إذاً يستحثّ الكاتب على تبنيه، بطريقة يبدو معها أنّ الشاعرَ شاعرٌ لأنه فقد حبيباً، ولو فقد وطناً لكان روائياً!
لا فقدان الحبيب كان ليجعل مني شاعرة، ولا فقدان الوطن كان ليجعل مني روائية. أنا شاعرة لأسباب تتعلّق بطبيعتي الذاتية، لا بطبيعة ما فقدته أو سأفقده وما يجري في محيطي الخارجي. وما من موضوع على الإطلاق (أكان فقدان وطن أم غيره) يستطيع أن يستكتبني رواية ما دمت لا أملك موهبة السرد. وقد حصل فعلاً، ومن باب اللعب فقط، (ودون أن أفقد شيئاً) أني كتبت شيئاً سردياً (أسميته موزاييك) لم يرقَ في نظري إلى مستوى رواية وانتهى إلى سلّة المهملات.
* ما هي محفّزات الكتابة الشعرية لديك؟ وتالياً متى تكتبين القصيدة وتدخلين في طقسها الخاص. هل ثمة إرهاصات للقصيدة؟
- انتظار الشعر أجمل من الذهاب إليه. أنا لا أستجديه أبداً، لأني أعرف أن ثمن ذلك ستتكبّده الكتابة نفسها عبر فقدانها تدفقها التلقائي، وذلك البرق المنبعث من لحظة إشراق سماوية في وجدان الشاعر، وهو ما لا يُمكن اختلاقه من لحظة كتابة مفتعلة يسيطر فيها وعي الشاعر على لاوعيه. في رأيي أن قوة الشعر تعتمد أولاً على أصالة انطلاقته، وعلى تلك الومضة الأولى التي تضمن لفعل الخلق دينامية عفوية تنطلق من اللاشعور لا من أي محفزات خارجية. من هنا، على الشاعر أن يتمتع بجهوزية ذهنية عالية لاقتناص مثل هذه الإرهاصات الأولى واستخدامها كمفتاح لبابٍ يطلّ على فضاء شعري ساحر تتلهف الروح لملاقاته والتحليق فيه. ثقافة الشاعر، وعمق وعيه، وقدراته الدلالية واللغوية، وشساعة مخيلته، وطاقته الروحية، وأصالة موهبته، كلها مجتمعةً لا تستطيع اجتراح شعراً حقيقياً في غياب لحظة الإشراق الأولى تلك، التي ستجعله يرى في عمائه.
رصد هذه الومضة الأولى والإستسلام لها بطواعية يضمنان للشاعر، آلية الكتابة بشكل حيوي، وانسيابية اللغة بشكل تلقائي، وللنص الشعري تدفقاً للصور والمعاني بشكل متساوق، وفي نسق وجداني متناغم وحميم وغير متقطع أو مبتور بفعل إعمال الفكر فيه كبديل لفقدان النداء الأصلي. علاوةً على ذلك، الومضة الأولى هي التي تحدّد موضوعة النص الشعري التي يأتي تناولها مبنياً على صدق الإحساس الأولي وعلى رغبة دفينة في استنطاق المخزون الدلالي والخيالي وفتح باب التأويل على مداه. وإنْ كنتُ لا أفتعل لحظة الكتابة، فإني أنفعل بها بشدّة حين تأتيني. أمنحها ذاتي كلياً ودون تحفظ إلى درجة أني أكتب غالباً وأنا مغمضة العينين وفي شبه غيبوبة. الكتابة تتدفق على السطح، إنما بلغة باطنية، تخرج من مناجم سحيقة، وتعبر أنفاق طويلة وضيقة، ومع هذا فهي تحضرني بسرعة البرق كما لو جِنّي يخرج من قمقم، مشعّة في كياني ومتوهجّة، مثل كل ماسة ربّتها العتمة.
amalnawwar@yahoo.com
أمال نوّار، شاعرة ومترجمة لبنانية مقيمة في الولايات المتحدة الأميركية.
لها مجموعتان شعريتان:
"تاجٌ على الحافّة" دار الفارابي 2004
و"نبيذها أزرقُ ويُؤنس الزجاج" دار النهضة العربية 2007
* تُرجمت بعض قصائدها إلى اللغات: الإنكليزية، الفرنسية، السويدية، الإسبانية والكردية.
جريدة الصحافة السودانية
23 أكتوبر 2007