يقيم الروائي التونسي الحبيب السالمي في فرنسا منذ ما يزيد على ربع قرن، وطوال هذه الفترة لم يغادر لغته الأم، ولم تغره باريس في أن يكون فرانكفونيا، وقد وصلت روايتان له إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية، وهما “روائح ماري كلير” و”نساء البساتين”، وترجمت أغلبية أعماله الروائية إلى أكثر من لغة أجنبية، منها الفرنسية والإنجليزية والإسبانية .
أصدر السالمي روايته الأولى “جبل العنز” في العام 1999 ثم توالت أعماله، ومنها: “أسرار عبدالله”، “عشاق بيه”، “حفر دافئة”، “متاهات الرمل”، “صورة بدوي ميت”، وهنا حوار معه .
* تكتب باللغة العربية رغم أنك تقيم في فرنسا منذ العام 1985 فهل كان هذا سببا في تصالحك مع الغربة؟
- يقول الفيلسوف الفرنسي من أصل روماني إميل سيوران: “نحن لا نقيم في الوطن وإنما نقيم في اللغة”، وأنا أشاطره هذا الرأي إلى حد بعيد، فلا أشعر بالغربة ككاتب لأنني أكتب بالعربية، أي باللغة التي بدأت أتكلم بها، منذ أن جئت إلى هذا العالم، لم أحاول أبدا ولم يخطر ببالي أن أغير لغتي الأم، وأن أنتقل إلى الفرنسية التي أتقنها، لأنني لم أشعر بأية رغبة حقيقية في ذلك، ثم إنني أعشق اللغة العربية وأجدها واحدة من أجمل لغات العالم .
* لكن، هناك كتاب، يتخلون عن اللغة الأم عندما يقيمون في بلدان أجنبية ويكتبون بلغات هذه البلاد كيف ترى هذا الأمر؟
- إنها بالتأكيد تجربة مهمة، وقد تكون مفيدة لتطوير كتاباتهم، ولدينا أمثلة عديدة عن ذلك: بيكيت ونابوكوف، الأمر مختلف بالنسبة لكتاب المغرب العربي، فكل الذين يكتبون بالفرنسية لم يكتبوا أبدا بالعربية، وهذا يعود إلى أسباب كثيرة، لعل أهمها نوع الدراسة التي تلقوها إذ إن الكثيرين منهم درسوا في مدارس فرنسية .
* روايتاك “روائح ماري كلير” و”نساء البساتين” كانتا ضمن القائمة القصيرة النهائية للروايات الست المرشحة للرواية العالمية للرواية العربية عامي 2009 و2012 فماذا أضاف الترشح للجائزة لك كروائي؟
- تقدمت مرتين فقط إلى الجائزة العالمية للرواية العربية، وفي المرتين وصلت إلى القائمة القصيرة، ولا أعتقد أن الجوائز تضيف - بالرغم من قيمتها - شيئا مهما للروائي أي أنها يمكن أن تحدث تأثيرا على مقاربته لعملية الكتابة أو تدفعه إلى تغيير طريقته في الإبداع، فكل كاتب له تصور ما لفعل الكتابة هو حصيلة تجربة طويلة، وهذا التصور لا يتغير لأنه نال هذه الجائزة أو تلك .
* لكن الجائزة قد تؤثر على الكاتب كإنسان، أي أنها يمكن أن تفيده ماديا ومعنويا .
- بالطبع إنه لأمر مفرح أن يرى الكاتب نقاداً وعدداً كبيراً من القراء يشيدون بعمله، شخصياً كلما نلت جائزة ازددت تواضعا أمام الكتابة التي هي عملية صعبة ومعقدة وممتعة في الآن ذاته، كل كتابة حقيقية لا يمكن أن تصدر إلا عن العزلة، وهي لا تكتمل إلا داخلها، شخصياً لا أؤمن بالتراكم في الكتابة، هناك كتاب كتبوا أعمالا رائعة نالوا عليها جوائز، وفي ما بعد سقطوا في فخ السهولة وكتبوا أعمالاً محدودة القيمة، الكاتب الحقيقي كما أتصوره يظل دائماً يقظاً، وليس هناك ما هو أهم بالنسبة للكاتب من أن يسائل نصه باستمرار ويمتحن لغته لكي يختبر طاقتها على قول ما يود قوله .
الخليج :الاثنين 15/04/2013