ترجمة: أحمد فاروق
موضوع المشهد هو علاقة الحب قبل الزواج. ومن الظاهر أن ثمة رغبة موجودة في مثل هذه العلاقة، وتتراوح درجتها من حالة إلى أخرى. ولا بد أن فرص تحقيقها ليست معدومة تماما. حتى ولو كان من الصعب إقامة علاقة قوية مع رجل. رغم ذلك لم تبدو هناك رغبة في إظهار حماسة كبيرة للأمر- هل يعود ذلك إلى أن المرء يسترجع خبراته الذاتية، أم أن هذه الحماسة لم تظهر رغم أن المرء يحكي عن نفسه؟
شتيفن: تحدثنا عن الطريقة التي يتعرف بها الشباب والشابات على بعضهم البعض. كيف تسير الأمور بعد ذلك؟ هل يصبحان إذن حبيبين؟ ما هو الشكل الذي تأخذه علاقة الحب؟
- عزيزة: في الواقع ليس لدى أي منا صديق. لقد قلت لك إنني أرغب في ذلك، لكن ليس لدي الآن ولا أعرف ما الذي يتوجب علي عمله. أعتقد حتى لو كان عندي صديق، ما كنت سأشعر بارتياح. ربما سأرغب أحيانا في أن أقبله أو أحتضنه، لكن أتعرف، سأمنع نفسي، لن أفعل ذلك. أتعرف هذا الإحساس، عندما تريد شيئا لكنك لا تستطيع فعله؟ شيء تعيس.
- جميلة: في مصر صعب جدا أن يعيش اثنان سويا قبل الزواج، أن تدخل امرأة في علاقة حقيقية مع رجل. سيتقابلان في السر، لكن لن تصبح هذه علاقة سليمة أبدا، ولن يعيش سويا بشكل سليم، مثلما هو الحال عندما يتزوجا.
- فيروز: كثير من البنات هنا يجدن أنه شيء جيد أن يكون لديهن صديق. يمكنك عندئذ أن تقول أن لديك إنسانا ما في حياتك. كثيرات يفكرن بهذه الطريقة، بأنه ينبغي أن يكون لديهن شخص ما في حياتهن. على سبيل المثال تحب البنات الحديث مع أخريات عن أصدقائهن الذكور. وأنا لا أحب ذلك على الإطلاق.
- لمياء: لو تعرفت فعلا على الشاب الذي أتمناه وأصبحنا صديقين، ثم جاء إلي عندئذ وسألني إن كنت أريد أن أصبح "صاحبته" حسب تعبيرهم، ربما سأرغب في المحاولة ... لقد حاولت وكان الأمر غريبا بالنسبة لي، يعني، لم يكن في الأمر شيء. الفارق الوحيد هو أن كل أصدقائك سيتحدثون عن الموضوع. لكن بخلاف ذلك لم يكن في الأمر شيء. يعني إنه يهتم وهناك نوع من الحميمية بيننا، وهذا هو كل شيء.
- منى: عندما أكون في الجامعة وهناك شاب، طالب مثلي، مهذب، ومن عائلة محترمة، يأتي إلي ويقول "أنا معجب بك حقا وبشخصيتك وأريد أن أتعرف عليك". هذا شيء مقبول أنا لا اعتبر ذلك أمرا سيئا، سأقول له نعم أو لا. لكن ما أعنيه هنا فقط هو الصداقات بين الأولاد والبنات في الجامعة والتي لا تستمر، عادة لا تتعدى فصل دراسي أوفصلين، ثم تنتهي. هذه ليست علاقات جادة، لأنها قائمة على الإعجاب.
- شريف: كثير من هذه العلاقات لا تنتهي بالزواج، لأننا في مجتمع تقليدي، وكثيرا ما يحدث أن المرأة تُغرم بشخص لا ترحب به عائلتها. ويحاولون أن يجدوا لها زوجا. هذا يحدث طوال الوقت، لا تتزوج المرأة من تحب، ولكن الشخص الذي تريد لها عائلتها أن تتزوجه.
- حامد: لأن الفتيات يكن صغيرات السن جدا، لا يستطعن الحكم إن كان الشاب جيدا أم لا. وأعتقد أن ذلك صحيح بشكل عام. وأيضا عندما يحب الشاب فتاة، فمن الممكن أن يكون سلوكها سيئا وأن تكون لها سمعة سيئة. يمكنها أن تدمر مستقبله، وتعطله عن الدراسة بحيث لا ينجح، هناك احتمال أن يرسب ويضيع عاما من حياته، ويترك واجباته. إنها دائما النتيجة نفسها.
- لمياء: وخاصة في الـ AUC (الجامعة الأمريكية بالقاهرة)، أنت تبدأ الدراسة في سن 16 عاما وعندما تتخرج يكون سنك واحدا وعشرين عاما. هذه السن حرجة جدا وبعض الفتيات لا يحببن الشعور بأنهن تجاوزن مرحلة الشباب، ويعجبن بشاب لمظهره أو لملبسه وأشياء من هذا القبيل. هذا ما يجذب الفتيات في هذه الفترة. لكنني غير متأكدة إن كانت هناك فتاة في الرابعة والعشرين من عمرها يمكنها أن تُغرم بشاب لمجرد مظهره، أو ما يلبسه. أعتقد، مثل هذا الأمر سيكون طفوليا.
- ثريا: المسؤولية الحقيقية هي الزواج. أما الحب، الحب ترف.
- لمياء: أقصد، يكفي ذلك، هذه الفترة انتهى منها المرء، الفترة التي كنت تحاول فيها الخروج وأخذ مواعيد ومثل هذه الأشياء، يعني لن تفعل هذه الأشياء مرة أخرى. بالنسبة لي شخصيا، يكفيني، أنا عملت كل هذه الأشياء. الشيء الوحيد المفروض أن يحدث الآن عندما أتعرف على شخص عن قرب، إن يكون بيننا علاقة رسمية، يعني بدل الخروج، تكون الخطوبة، وربما نتزوج فيما بعد.
- ثريا: لا أستطيع أن أدخل كده ببساطة في علاقة، لا أستطيع ذلك. لو أردت أن أحب أحد الأشخاص، فلا بد أن يكون الشخص الذي سأتزوجه. أتعرف، نحن هنا لا نستطيع أن ندخل في علاقة لمجرد العلاقة. لو كانت عندي علاقة مع شخص فلا بد أن أحبه وأتزوجه. ليست لدينا هنا الحرية في أن نقيم علاقات بكل بساطة، ليس لدينا ذلك...لكننا نفعل ذلك بدون علم الوالدين. لا أستطيع أن أقول لأهلي إنني أحب شخصا وأخرج معه، لا لا لا! لن يقبلوا بأي حال من الأحوال أن أفعل شيئا من هذا القبيل. سيقولون "طيب، لا بد أن يتقدم ويطلب يدك" والدين يقول ذلك أيضا. من الخطأ إقامة علاقات مع الرجال. إذا أحبني رجل، Okay، يمكنه أن يأتي ويتكلم مع والديّ.
- فاطمة: هناك نوع من الشباب، يريدون فقط التسلية، يريدون الخروج مع البنات، لكنهم لا يفكرون في الزواج. ألم تسمع أبدا عن مثل هذه الأشياء؟ نحن هنا في مجتمع شرقي، والفتاة التي تخرج مع شاب، تصبح سمعتها في عيون الناس سيئة جدا.
- منى: لا أعتقد أن الفتيات يخرجن مع أشخاص دون معرفة جيدة بهم، لا بد للفتاة أن تعرف الشاب بقدر كاف يسمح لهما بالخروج سويا، بحيث تشعر معه بالأمان ولا تخاف من نواياه. أتفهم ما أقصده؟
- فيروز: بعض الرجال يفكرون بهذه الطريقة، يظنون أنه لو خرجت فتاة مع شاب دون أن تربطهما علاقة رسمية وليسا أقارب ولا مخطوبين، يقولون عندئذ: "Okay، سأخرج مع هذه الفتاة فقط لكنني لن أتزوجها، لأنني أريد أن أضمن أنها ستظل وفية لي. لكن إذا قبلت الخروج معي، بدون أي علاقة رسمية، كيف يمكن لي أن أثق فيها فيما بعد". خاصة إذا تطورت الأمور إلى أكثر من الخروج سويا، ربما تبادل القبلات أو أكثر من ذلك، ثم يقولون عندئذ: "لا". لذلك لا تستطيع فتيات كثيرات الخروج ببساطة مع شاب لأنها لا تثق في طريقة تفكيره، وما يظنه بها.
- نجيب: ربما تكون المرأة أكثر اهتماما بموضوع الزواج، عندما تحب شخصا ما، تتبع ذلك دائما خطط للزواج. حتى ولو لم تتكلم عن هذا الأمر، الخطط موجودة في الرأس، في رأسها هي وفي رأسه أيضا. عندما يتجنب الرجل موضوع الزواج، فربما تخمن هي أن نواياه سيئة، ويمكنها أن تسيء تفسير علاقته بها، وتظن أنه يستغلهاأو يتسلى بها. من وجهة نظر معينة يمكن النظر للحب على أنه مرادف للزواج.
- رشيد: المرأة في مصر تفكر دائما في أن الشخص الذي يحبها هو الذي سيتزوجها. إذا كان حبك حقيقيا فلا بد أن تتزوجها. إذا لم تتزوجها فإن حبك ليس حقيقيا.
- عائشة: إذا لم تنته علاقة الحب بالزواج، تشعر الفتاة أنها اسُتغلت وتشعر بالمهانة وتخجل وبذلك يبدأ الشعور بالذنب ومشاكل نفسية كثيرة أخر.
- سلوى: عادة يشعر الرجل بأنه عندما لا يتحدث عن الزواج، فستعرف المرأة "أن هذا الشخص غير جاد، وأنه يريد فقط أن يتسلى." هذا هو تصورنا عن الرجال السيئين. الرجل السيئ يريد فقط أن يتسلى، يريد علاقة عابرة، وأن يخرج مع بعض النساء، وعندما يريد الزواج، يتزوج عندئذ من امرأة ظلت طوال الوقت محبوسة في بيتها ولم تخرج مع رجل قط. عندما يخرج رجل مع امرأة ويظل لفترة طويلة لا يحدثها عن الزواج، فستظن هي أنه لا يكن لها احتراما. سيظن أنني فتاة يلهو معها، لكنه سيتزوج فتاة أخرى. ليس لدينا تصور عن علاقة جادة بين رجل وامرأة لا تنتهي بالزواج.
- فاطمة. كما تعلم، أنا متزوجة وأعرف أن زوجي كانت له قبل الزواج علاقة مع فتاة أخرى. لكن لو كنت أنا مثلها وخرجت معه، لما كانت العلاقة قد انتهت إلى الزواج. هل هذا صحيح أم لا؟ لو كنت مثلها، أي لو خرجت معه، وتسليت وقلت له أحبك ومثل هذه الأشياء.... وقت لنا سويا؟ شتيفن: شخصان يحبان بعضهما أو خطيب مع خطيبته، هل يمكنهما أن يخرجا سويا؟
- حامد: فلنفترض يا شتيفن أنك خطبت أختي وتريد الخروج معها؟ لا هذا غير مسموح. لا، هذا غير مسموح لدى العائلات الملتزمة.
- فاطمة: حتى لو كانت هناك خطوبة، فهناك حدود. هنا في مصر عندما يخرج شخصان مخطوبان سويا، لا بد أن ترافقهما أخت الفتاة المخطوبة أو أخوها. لا بد أن يكون أحد أفراد العائلة معهما.
- طارق: لن تعارض العائلة في أن يتحادثا تليفونيا، ولن تعارض لقاءهما لدى أصدقاء أو أقارب. سيقولون، "فلنجعل الأصدقاء والأقارب دائما بينهم"، بحيث لا تترك لهما فرصة الحديث سويا على انفراد. سيتحدثان في حضور العائلة، في حضور الأصدقاء.
- منى: وهناك عائلات أخرى أكثر محافظة، لا تسمح إطلاقا للفتاة وخطيبها أن يخرجا سويا. هذا في معتاد في الطبقات الدنيا. على الأغلب لن يسمح والدا الفتاة لها على الإطلاق بالخروج معه حتى يتزوجا. وإذا كانا مخطوبين ويريدان الخروج فلا بد أن يذهب معهما أحد أفراد العائلة، الأخ أو الأخت، يرافقهما ويراقبهما.
- حامد: كان هناك شاب يعمل كهربائي سيارات، وهناك شاب آخر خرج مع أخته، وعندما قلت له: "يا أحمد، هشام يخرج مع أختك" أتعرف ماذا فعل؟ ذهب إلى هشام وأصبحا أصدقاء. قلت له: "هل تصادقت مع هشام؟" ورد قائلا:"نعم، لم يحدث شيء!" أتعرف ماذا فعلت؟- لقد بصقت في وجهه. قلت له: "أنت لست رجلا." الشرف شيء مهم جدا في حياة المصريين.
- ثريا: سألني رجل سويدي إن كان من الممكن أن أخرج معه. وطبعا قلت له إن ذلك غير ممكن. أنا لا أخرج مع مصريين، فلماذا أخرج مع أجانب. وأعتقد أن ذلك على ما يرام.
- فاطمة: الشاب لازم تكون عنده تجربة، لازم يكون خرج مع فتاة أو اثنتين أو ثلاثة...لأن الشاب لا تُفرض عليه أية قيود، إنه حر، يستطيع الخروج في أي وقت. أليس هذا ظلما؟ ظلما في حق البنات؟ لا، أنا أستطيع الخروج ولكن في إطار حدود معينة، ليس من الضروري أن تكون لدي علاقة مع شاب، لا بالعكس، طالما أنني فتاة فلا بد أن أكون مهذبة ومحترمة. أستطيع الخروج ولكن يحب أن أتعامل بشكل جاف، بمسافة كبيرة وبسلوك محترم، ولكن ليس لأي غرض آخر. لو أعجبت شتيفن مثلا، وأراد أن يتزوجني: فأهلا ومرحبا ولكن عندئذ هناك البيت وليس الشارع. أي عائلة ستقول لابنتها: "من يريد أن يتزوجك، أهلا ومرحبا به، ولكن من الباب وليس من الشباك". "كان ذلك في عام 1950. كانت مغرما بفتاة من قبيلة المرابطين. كانت حادة الطبع ولكنها جميلة. كانت أحبها وتحبني. كنا نتواعد عبر رسائل شفوية يتناقلها أصدقاء بيننا. كنا نتلاقى لبضع دقائق فقط. ونقول لبعضنا أشعارا. لم ألمسها أبدا. كنا نتلاقى في لنتحدث. أقسم أنه لم يكن هناك شيء آخر. إننا بشر ولسنا حيوانات. إنه حب وهبه الله لنا. حب حقيقي." (حكاية بدوي عجوز من قبائل أولاد علي من كتاب ليلى أبو لغد: أحاسيس مستترة. الشرف والشعر في المجتمع البدوي.Leila Abu-Lughod: Veiled sentiments, p. 211) مسك اليدين والقبل وأشياء أخرى شتيفن: أود أن أعرف، إلى أي مدى يمكن لمحبيْن أن يتبادلا الأحاسيس والمشاعر الرقيقة؟
- منى: في الوقت الحالي يمكنك أن تجد صداقات كثيرة بين الشبان والفتيات ولكن في إطار حدود معينة. الحدود بينهما لا تتعدى ما يسمى بـ”casual sex” وما أعنيه بـ ”casual sex” هو مسك اليدين وربما التقبيل، إلى هذا الحد مقبول، لكن عادة لا تتخطى الأمور ذلك.
- عزيزة: يعني، أنتما تحبان بعضكما، لا بأس، وتخرجان مرة واحدة في الشهر. لكن لا مسك يدين ولا قبلات، لا شيء من هذا القبيل فقط تتحادثان. نحن لا نحب القبل، ولا نريد ذلك إطلاقا. وهذا بالنسبة لنا شيء مقبول. لدي صديقات أجنبيات وبالنسبة لهن مسألة الخروج مع صديق والتقبيل شيء سهل جدا. لكننا نشعر بأن ذلك أمر غريب ولا نستطيع عمله، وحتى لو أردنا عمله، لا نستطيع، أتعرف، لا نستطيع ذلك حتى في غياب الوالدين.
- ثريا: هنا في مصر يقول الرجال: "إذا قبِلت أن تخرج معي وأمسك يدها، يمكنها أن تفعل ذلك مع شخص آخر." لكن طبعا عندما أخرج مع رجل، فأنا أخرج معه لأنني أحبه وليس لأنني عديمة الأخلاق. أخرج معه وأنا خائفة مما يظنه بي. وعندما يحاول مسك يدي، بالتأكيد سيفكر فيما بعد أنني عديمة الأخلاق. وهذا هو سبب خوفنا. شتيفن: هذا يعني إذن أن الفتيات والشبان في مصر لا يتبادلون القبلات؟
- شريف: لا أظن أنهم يتبادلون القبلات. عندما يريدون تبادل القبلات، يذهبون إلى السينما ويجلسون في الصف الأخير، بحيث لا يكون هناك شخص وراءهما.
- فيروز: كما في المعمورة بالاسكندرية، هناك مكان معين تجده ممتلئا بالسيارات وهناك تجد في أزواجا من المحبين. المكان هادئ هناك، بخاصة في الشتاء، ولديهم بالطبع إمكانية التقبيل، أعنى التلامس الجسدي.
- نجيب: المكان المشهور هو المقطم، خاصة عندما تكون لديك سيارة وتأخذ معك فتاة. لكنني لن اعتبر في هذه الحالة أن هناك حبا. كل ما في الأمر أن لديهم إحباطات جنسيا ويذهبون إلى مكان ما لا يراهما فيه أحد ثم يتبادلون القبل أو حتى يمارسون الجنس في السيارة.
- لويس: ثقافتنا تمنعنا من الذهاب إلى الأماكن البعيدة عن أعين الناس والتمشية في الظلام، نحن نجلس سويا ونراهم دائما مثارين جنسيا. تجدهم جالسين ملتصقين ببعضهم ولكن ليس لأنهم يحبون بعضهم ولكن لأنهم مثارين جنسيا. هذا هو رأيي.
- نجيب: كنت مرتين في المقطم، مرة في رمضان في وسط النهار، كنت أسير على قدمي وكان الجو حارا وكنت صائما ورأيت أناسا يجلسون في سيارة نصف عراة. ما رأيك في ذلك؟ يعني هل يمكنك أن تفكر في أن ذلك حب. لا، هذا ليس حبا على الإطلاق.
- ثريا: ولهذا من الخطأ تجلس فتاة وشاب في مكان مظلم. لذلك قلت لك من قبل أنني أحب أن أجلس بين الناس، إذا كنت مغرمة بشخص ما، لأن أقصى شيء يمكن أن يفعله هو أن يمسك بيدي، لا يستطيع أن يفعل أكثر من ذلك. لكن لو كنتما في مكان مظلم، ربما يحدث أكثر من ذلك، وهذا خطأ، خطأ تماما.
- سلوى: لو لم يكونوا متزوجين فربما يصل الأمر إلى التقبيل، ربما الالتحام الجسدي الحميم لكنهم لن يصلوا أبد إلى الممارسة الجنسية الكاملة، وذلك لسببين: عندما يمارس رجل الجنس مع امرأة قبل الزواج، فلا بد أنها ستظن أنه يعتقد أنها امرأة سيئة. ولذلك يحاول الرجل تجنب ذلك. وإذا كانا جادين في العلاقة، وإذا كان يحترم هذه الإنسانة التي يخرج معها ويكن لها الإعجاب، فلن يسأل عن الجنس.
- فؤاد: أذكر أنني تأبطت ذراع نسرين ذات مرة ونحن نعبر الشارع. ماذا، قبل الخطوبة؟ نعم في البداية. ونظرت إلي نظرة مفادها: "غير معقول. ما هذا الذي يفعله؟" لم أمسك بها لأنني أردت أن أشعر بشيء من ناحيتها، لا أمسكت بذراعها لأنني أردت أن أساعدها في عبور الشارع. لكنها ظنت شيئا آخر.
- حامد: أضع للفتيات اختبارا. أحاول أثناء الحديث أن أضع يدي فوق يدها، عندما تتجاوب معي لا أتزوجها. أحاول ببعض التصرفات أن أثير لديها حاجات جنسية، لو تجاوبت معي، لا أتزوجها. هنا يوجد بعض الشباب الذين يتزوجون مثل هذه الفتيات. لكن ذلك أمر لا تقبله العائلات المحترمة والملتزمة.
- عزيزة: من تجربتي كل صديقاتي اللواتي وقعن في غرام شباب مصريين أو عرب- أتعرف، ربما يحبها الشاب جدا لكن في اللحظة التي يقبلها فيها، سيكرهها. لا شك أنه سيكرر تقبيلها، لكنه لن يتزوجها.
- ثريا: وحتى لو أحببت شخصا، لن أدعه يلمس يدي أو أي شيء كهذا، هذا خطأ، خطأ تماما. ربما عندما أكون مخطوبة، ولكن حتى لو كنت مخطوبة، من الناحية الدينية لا يمكن لي أن أسمح له بمسك يدي. لكن لو كنا مخطوبين، ربما نفعل ذلك أحيانا، ربما أسمح له بمسك يدي، لكن لا شيء أكثر من ذلك.
- عزيزة: لأنني لست حيوانا يشعر بأنه منجذب لشخص ما ويفعل معه هكذا ببساطة أي شيء. إذا كنت معجبا بشخص، دون أن تفعل معه "شيئا"، فسينمو هذا الإعجاب، لكن إذا كنت فقط منجذبا إليه جسديا، فستكف عن الإعجاب به. يقول الشاب: أحبها وأريد أن أقبلها، لا بأس. إذا بدأت بتقبيلها وبفعل شيء معها، فسأتوقف عن حبها، لأنها لم تعد بالنسبة لي غامضة.
- حامد: لكن هناك عائلات متحررة. يمكنك الخروج مع بناتهم وتقبيلهم. لكننا نسمى ذلك في المجتمع المصري انعدام أخلاق. إنهم من الطبقة الغنية وهي طبقة عديمة الأخلاق، كما هو الحال في الغرب- مع كل احترامي لك- لديكم أسلوبكم في الحياة وتقاليدكم، ولدينا تقاليدنا. تقاليدنا نابعة من ديننا، لكن الأغنياء يتخلون عن الدين الإسلامي ويقولون: نحن نعيش حياة تقدمية غربية. وكل شخص حر فيما يفعل.
- ثريا: ما نسميه عيبا بالعربية يعبر عن الدين. كيف يمكن لرجل أن يمسك يد أمرأة وهو بالنسبة لها حسب الدين أجنبي، هذا حرام. ولا يمكننا عمله. لا أستطيع عمل ذلك، ليس فقط بسبب الدين، ولكن لأنني لا أستطيع. إنه شيء ننشأ عليه منذ الطفولة، تعودنا أن يقال لنا: "لا أحد ينبغي له أن يلمسك، لا أحد ينبغي له أن يتحدث إليك، لا أحد ينبغي له، لا أحد ينبغي له..." إنه مفهوم لا أستطيع أن أجد له مبررا، لكنه شيء في رأسي وأنا مقتنعة به.
- عائشة: أنا عمري 26 سنة ولنفترض أنني وقعت في غرام شخص، فمن الغباء أن يفكر هو أنني لم تكن لي علاقات مع أشخاص قبله. لكن عندما أقول له: " كانت لدي علاقة مع أحدهم وربما مارسنا الجنس معا!" هل أستطيع أن أقول له ذلك فعلا؟ لا، لا بد أن أخفي ذلك عنه. فمن الغباء أن أحكي له ذلك. أنا أعرف أنه لن يقبل ذلك والنتيجة ستكون أنني دمرت زواجي وعائلتي. من هذه الناحية هناك عبء كبير وكثير من الضغوط على المرأة. يمكن لرجل أن يأتي ويقول لامرأته: "كانت لدي علاقة مع امرأة وأريد لك أن تسامحيني." لكن إذا لم تسامحه وتطلب الطلاق، وتدمر عائلتها وعلاقتها معه، عندئذ سيلعنها المجتمع، وهو شيء مجحف جدا.
- ثريا: لا أرى أن مسك اليدين عيب. إذا كانت هناك علاقة حب فالطبع يحتاج الناس إلى هذه الأشياء، كما تعرف إنها الطبيعة. لكن أكثر من ذلك طبعا خطأ. لكن تلامس اليدين، يعطيك الإحساس بأنكما كيان واحد، عندما تتلامس الأيدي نشعر بأننا شخص واحد. لكنه يسيء فهم ذلك، ولا يستنتج منه سوى أنني عديمة الأخلاق. معظم الرجال سيقولون: "لا، هذه لا يمكن أن أتزوجها، يمكنها أن تفعل ذلك مع أي شخص آخر". يتركون الفتاة تقع في غرامهم، تحبهم حبا حقيقيا ويتركونها بكل بساطة، وينكسر قلبها. أخرج معه وأنا خائفة من أن يحاول أن يمسك يدي، فيزيد خوفي. لكن لو أنه يعرف قوانين الطبيعة فسيعرف أنه من الطبيعي، من الطبيعي جدا أنهما سيفعلا ذلك.
- عزيزة: أقول لك، إنني أريد أن أحب، وأريد أن تكون لي قصة حب. لكنني لا أثق بالشبان أو الرجال، لا أثق بهم. أريد أن أثق في شخص لكنني لا أفعل، وبخاصة العرب. إنني أفضل أن أتزوج أجنبيا.
ريما أكون الوحيدة التي تقول ذلك. تعليق موضوع المشهد الرابع هو علاقة الحب قبل الزواج. ومن الظاهر أن ثمة رغبة موجودة في مثل هذه العلاقة، وتتراوح درجتها من حالة إلى أخرى. ولا بد أن فرص تحقيقها ليست معدومة تماما.
حتى ولو كان من الصعب إقامة علاقة قوية مع رجل (جميلة: 2). رغم ذلك لم تبدو هناك رغبة في إظهار حماسة كبيرة للأمر- هل يعود ذلك إلى أن المرء يسترجع خبراته الذاتية، أم أن هذه الحماسة لم تظهر رغم أن المرء يحكي عن نفسه؟ ليس ثمة هيام بحالات المشاعر الرومانسية، بل هناك تقليل من شأن هذه العلاقات لتصبح شيئا تافها. صحيح أن هذه الصداقات بين الشبان والفتيات تعد "أمرا مقبولا" تماما وليس فيها ما يسيئ (منى: 5) ولن يكون هناك "فارق" يذكر (لمياء:4) لكن لماذا تبدو فرص تحقق السعادة عبر العلاقة قبل الزواج محدودة، بعد أن تبين ميل الطرفين لبعضما، وسعيا بشغف وحماس للتعرف على بعضهما؟ أو هل يبرز هنا المسعى المتعقل لضمان تقليل الأضرار. لأن الجميع يعرف من البداية "أن هذه العلاقة لن تنتهي بالزواج" (شريف:6) عندئذ يكون المرء محصنا بشكل أفضل بحجة أنها لم تكن علاقة جادة، وطبقا لذلك لم تتأسس على الحب بل على "الإعجاب" (منى:5). لا يبدو أن فترة الربيع تترك أثرها هنا على مشاعر الحب، بل تفضل الحفاظ على جدية الأمور. المصير المتخيل للمحبين على الكورنيش هو: " المسؤولية الحقيقية هي الزواج. أما الحب، الحب ترف" (ثريا). تبدأ علاقة حب ثم تعرف بعد ذلك بقليل ما هو الحمل الذي سيثقل السعادة الناشئة: "إن كان الحب حقيقيا فلا بد أن تتزوجها." (رشيد 16). ويتبين بجلاء أنه لا يوجد لمستقبل علاقة الحب، سوى طريقين إما إنهائها أو الزواج. وحتى من كان ينبغي عليه اتخاذ مسافة ما من مسألة الحب، لا يبدو أن بإمكانه أن يظل فقط متفرجا على كيفية سير الأمور: "نحن لا نعرف علاقات جادة بين الرجل والمرأة، لا تنتهي بالزواج." (سلوى 18). من أقلع ليبحث عن الحب، سيعرف الآن على أبعد تقدير أين سيرسو. أو لنتحدث بلسان نيكلاس لومان "المحبون يبدءون- وتصبح قصتهم مبرمجة عبر الشفرة الخاصة بها." في بادئ الأمر ربما لا نشعر بالاقتناع بأن المرء يدخل علاقة حب ويتحتم عليه على الفور الانشغال بمسألة الزواج والحياة الزوجية. لماذا لا يدخل المرء في علاقة حب من أجل الحب، علاقة من أجل العلاقة؟ لماذا يكف الحب عن أن يكون حبا، إذا لم يعد بالزواج؟ من وجهة النظر الدلالية يمكننا أن نستنتج أن الارتباط البنيوي بين الحب والزواج، لا يمكن له التحقق إذا ما تعارض أفقاهما الزمني والاجتماعي. وسيعني ذلك من ناحية أن التشفير الدلالي ل"الحب الحقيقي" يقضي بأن المرء لا يستطيع أن يعلن أن الحب قد انتهى ببداية الزواج- بشرط أن يكون المرء قد خطط للزواج ولم يتشكك في أن هذا الزواج سيتحقق قي يوم ما.
ومن ناحية أخرى لا بد أن يكون من المستبعد أن يدخل المرء في علاقة حب وفي ذات الوقت يكون متزوجا من شخص آخر. على أية حال سنوضح في موضع تال (بداية من المشهد السادس) بدقة التطلعات الزمنية والاجتماعية المميزة للمعاني الدلالية للحب في مصر.
لكننا يمكننا الآن أن نتوقع النتائج المترتبة على هذه التطلعات: على شاشة مستقبله الحاضر لا يستطيع الحب أن يمر غاضا الطرف عن الحاضر المستقبلي للزواج. الحب يجب أن يبرمج بشكل يجعل الزواج جزءا من هذا البرنامج. وإذا فتح المرء موضوع الزواج فغالبا لن يتمكن من الخلاص منه. ومن يظهر غموضا أو ترددا، وربما "تُقل" كما يقولون بالعامية المصرية فإنه يتهم بسوء النية. وعلى كل حال يستطيع الرجل أن يدرك الطريقة التي تفكر بها المرأة- لكن ربما لا يتحدث عن ذلك- عندما يتجنب موضوع الزواج، يعرف أنه "يستغلها أو يريد فقط أن يتسلى بها" (نجيب:15).
ولا بد أن المرأة تخمن أيضا ما يفكر فيه الرجل- لكن عندما لا تجد من قبله اهتماما بأن يتحدث عن الزواج، لن تقول عن نفسها إنها "فتاة غير محترمة" بل "فتاة للتسلية" (سلوى:18).
بهذه التوليفة سيصبح الوضع دراماتيكيا بالنسبة للحب. ربما يحاول المرء أن يحب بصفاء وإخلاص، لكن في كل مرة يصبح عرضة للاشتباه بأنه طويته غير سليمة، أي أنه لا يحب حبا حقيقيا، بل يطارد الآخرين بنوايا خبيئة وسيئة. يعرف المرء إذن أنه بالإمكان أن ينقلب وضعه في أي وقت، فيصير بعد أن كان المحبوب، هو الخائن الغشاش.
ولكن لماذا يعتبر المرء في هذه الحالة سيئا؟ لماذا ينبغي على المرء تمثيل أنه يريد الزواج، بالرغم أنه لا يريده. ما هي الصفات المكروهة التي تتكشف في هذا الموقف؟ ما هي الدوافع الخفية الكامنة؟ ما الذي يمكن للمرء كسبه من خلال خداع الآخر بنوايا كاذبة؟ وماذا سيخسر الشخص الذي وقع في الفخ؟ لماذا من الضروري أن تكون هناك لعبة خسارة ومكسب؟ علينا إذن أن نسأل بدقة أكثر عما يدور الأمر بالضبط وعن أي سياق دلالي ينظم هذه الهوة بين المميزات والعيوب، وهذا الخلل في التوازن بين مصالح الطرفين.
المنطلق كان هو الشباب السيئون الذين يريدون التسلية، والفتيات السيئات اللائي يسمحن لأنفسهن بالتسلية. اللهو المرغوب يبدأ في اللحظة التي تأخذ الأمور فيها مأخذ الجد. أثناء الكلام لا يمكن أن تحدث أشياء كثيرة، لكن عندما تلمس يد الشاب ذراع الفتاة، لا بد من توقع حدوث ارتباك.
يمكن للمرء على المستوى الشخصي أن يحدد موقفه الخاص من التقارب الجسدي سواء تعلق الأمر بمسك اليدين أو التقبيل أو الملامسة الجسدية أو ربما حتى الجنس. ومن يريد أن يضع حدودا فلديه مبرراته: لأن هناك حدودا معينة (منى:27) لأن الدين والتقاليد والثقافة والوالدين يحرمون ذلك، لأن الشخص لا يحب ذلك أو لا يريده أو ببساطة لا يستطيع، حتى لو أراد (عزيزة:28)، لأن المرء يعرف أن هذا التصرف خاطئ بالرغم أنه طبيعي، وبالتالي ليس خاطئا (ثريا:45)، لأن الإنسان ليس حيوانا، يفعل شيئا ما (عزيزة:41) أو لأنه قد تكرر على مسامع الشخص في طفولته أن ذلك خطأ وصار الآن مقتنعا بالأمر بلا أي مبرر. (ثريا:43).
مبدئيا هناك احتمالات قائمة للمشاركة في مداعبات جنسية مختلفة قبل الزواج، وستكون لدى كل شخص قناعاته الخاصة جدا، حتى ولو لم تكن متأصلة تماما، ومحصنة ضد فنون وألاعيب الإقناع بتغيير الرأي. لكن إذا ما توافقت رغبات شاب وفتاة، فإن هذا لا يعني أن الصعوبات ستزول في كل الأحوال. لأن ما يحرمه المرء على نفسه لا يعني بالضرورة أن الآخرين يسمحون به.
ومن لا يضطر إلى إخفاء علاقاته عن العائلة، لا يجد في وجود الإخوة أو الأقارب المساحة المنشودة من الحرية. الأماكن المتاحة للتواجد سويا دون إزعاج نادرة، وحتى على كورنيش النيل لا يريد المرء أن يجرح الشعور العام أكثر من اللازم ولذا لا يتعدى الأمر سوى مسك اليدين.
من يريد أكثر يبحث عن مكان مظلم. إنك تجدهم في المقاعد الخلفية بالسينما أو داخل سياراتهم في مناطق نائية. لكن من المفروض أن المشكلة لا تكمن هنا في كيفية فرض المرء لعلاقة الحب على المستوى الاجتماعي والعوائق التي تقف في طريق ذلك، فحتى لو اتحد المحبان ضد بقية العالم، فعلى ما يبدو أن التضامن ما بينهما سيكون مثقلا بضغوط غير متحملة، يحدث ذلك رغم اعتقادهما أنهما صارا أكثر قربا من بعضهما، مع ازدياد الملاطفات الجسدية.
"ربما يحبها الشاب جدا لكن في اللحظة التي يقبلها فيها، سيكرهها." (عزيزة:39). أحب الشاب والفتاة بعضهما- ثم تبادلا القبلات- بعد ذلك يتبين للرجل أنه لا يمكن له أن يستمر في حبه؟ كلاهما أعطى قبلة وأخذ قبلة، وفجأة يعرف الرجل أن المرأة لا تحبه حبا حقيقيا، لم تحبه على النحو الذي تحب به امرأة مستقيمة؟ الرجال "يتركون الفتاة تقع في غرامهم، تحبهم حبا حقيقيا ويتركونها بكل بساطة، وينكسر قلبها." (ثريا:45)؟! لماذا تجعل القبلة حب المرأة غير صادق، فيما لا يفقد حب الرجل من خلالها أي شيء من صدقيته وأمانته؟ هذا يجعلنا نتساءل عن المشكلة من المنظور الداخلي لسياق دلالي جزئي يعرض للعلاقات العاطفية. كيف يمكن للحب أن يكف عن كونه حبا، إذا ما دخلت الرغبة الجنسية في الموضوع؟ يبدو أن البرنامج الدلالي للحب يجذب فعليا الانتباه إلى مسألة الرغبة الجنسية. يرى المحبان في بعضهما البعض شخصا متميزا، ولكنه لن يكون شريكا جنسيا إلا في المستقبل. حتى ذاك الحين يكون المرء مثقلا بالمحرمات.
لكن ذلك لا يمنع القبلة. لكن على الأغلب أن استمرار علاقة الحب بعد الذهاب سويا للسرقة أسهل من استمرار العلاقة بعد تبادل القبل.يشعر المرء أن الآخر قد خانه بالإثم وعلى ما يبدو يترتب على ذلك أنه لا يتم الكيل بمكيال واحد، وهذا يعني أن القبلة لا تعادلها قبلة مثلها، جزاء الحب ليس هو الحب. عندما نتحدث عن "الحب الحقيقي" على النحو الأمثل، فهذا يعني أن الرجل الذي يحب، لن يحب ولن يتزوج ألا المرأة التي لم يقبلها ولا قبلها أحد قبله.
وبالنسبة للمرأة لن تقف علاقات الرجل السابقة عائقا في سبيل زواجهما، بل ربما من الأفضل تكون للرجل "تجربة، لازم يكون خرج مع فتاة أو اثنتين أو ثلاثة" (فاطمة:26)، ويظهر هذا الاختلاف في الاهتمامات أيضا ما يتبع ذلك على مستوى المحصلة الداخلية لعلاقة الحب. قبلات المرأة كعلامة على الحب تعد لدى الرجل أخف وزنا، إنها رخيصة، لأن الرجل يحصل عليها من نساء عديدات. وقبلة الرجل تعد بالنسبة للمرأة أكثر قيمة، لأنها لا تحصل طوال حياتها على القبل إلا من رجل واحد. وهذا يعني أن التواصل من أجل تأكيد الحب المتبادل يعاني من الانهيار، إذا ما ارتبط التواصل بالرغبة الجنسية وتحول بالتوازي معها. يتبع الحب لحظة من اللاحب، وعلى المرء أن يرى إن كان بإمكانه إصلاح ذلك. ورغم أن الأمر يبدو مأساويا إلا أن الطرفين يستطيعان أن يريا في الأفق ما يمكن أن يقع من سوء فهم. على الأقل تستطيع المرأة أن تتحلى بالنصح القائل بتأجيل أي نشاط جنسي حتى تتزوج.
أو على الأقل ألا تظهر ذلك للشخص الذي يريد أن تكون هي أهلا لحبه. إنها تعرف سبب ذلك جيدا: "فمن الغباء أن أحكي له ذلك" (عائشة:44). بالنسبة لهؤلاء الذين يجرؤن رغم ذلك على الاستجابة للرغبة الجنسية، تبقى المخاطر أيضا موزعة بشكل غير متساو. الرجال لديهم هنا حجج أفضل. لأنه في حين أن المرأة تعرف أنها لا تستطيع أن تبرر موقفها أمام الرجل إذا ما اتهمها بسبب تقبيلها له باللاأخلاقية- أي أنه لا يستطيع أن يحبها لأنه اشتهاها جنسيا- يستطيع الرجل إذا لزم الأمر الانسحاب من العلاقة قائلا بأنه بإغوائه الجنسي لها كان يختبر صلابتها وقدرتها على المقاومة. أحاول ببعض التصرفات أن أثير لديها حاجات جنسية، لو تجاوبت معي، لا أتزوجها.
(حامد:38). والعكس ليس صحيحا. والنتيجة هي: "أقول لك، إنني أريد أن أحب، وأريد أن تكون لي قصة حب. لكنني لا أثق بالشبان أو الرجال، لا أثق بهم. أريد أن أثق في شخص لكنني لا أفعل" (عزيزة:46). حتى لو كان من المفترض من نقاشات المشهد الرابع أن الجيل الشاب في مصر على وجه الخصوص يحمل في داخله الرغبة في تحقيق مزيد من الحرية في علاقات الحب والرغبة الجنسية-بالصيغ المتنوعة للتقارب الجسدي بين المحبين، تبدو الأجواء غير مهيأة لذلك. ويبدو من الصعب الابتعاد كثيرا عن المنطق الصارم جدا لنموذج علاقات الحب المرسوم هنا، والرغبة في شق طريق جديد، دون أن يتحول هذا الحب بذاته إلى كارثة. في الختام سيكون من المفيد أن نلخص بإيجاز الآراء التي قُدمت خلال هذا المشهد: من يتحرك على أساس السياق الدلالي لـ"الحب الحقيقي" ويدخل على هذا الأساس في علاقة حب، سيرى أنه مطالب بسرعة بالانتباه لمسألة الزواج والرغبة الجنسية. والسياق الدلالي موضوع على أساس أن كلا الموضوعين سيصبحان حتميا موضوعا للحديث عن الحب، موضوعا للسؤال إن كان المرء يحب أم لا يحب. هذا الحب يجذب بقيمته الخاصة الاهتمام بمشكلات إضافية. يمكن القول إنه يضع لنفسه العوائق في الطريق ويصعِّب الشروط التي يتوجب في ظلها أن يستمر الحب أو يتوقف. توجه الشفرة الدلالية بمسارها الضيق الأبعاد الثلاثة للعلاقات أي الحب والزواج والرغبة الجنسية نحو دمج هذه الأبعاد في المستقبل في وحدة ثالوثية. وبالنسبة لشكل العلاقة ما قبل الزواج يمكن القول: يمكن اتهام المحبين بأنهم يتصرفون وفقا لمنطق متناقض: هو أن الطرفين يؤكدان الحب لبعضهما، ومع ذلك لا يستطيعون التخلص من الشك في أنه من المحتمل ألا يكون هذا الحب حقيقيا على الإطلاق.
د. شتيفن شترومنغر باحث إثنولوجي في جامعة هالّه، ويعمل حاليا على موضوع "تصورات من الخارج عن الحياة اليومية في مصر".
هذا النص مقتطف من كتاب "القاهرة: أحاديث عن الحب. كولاج اثنوغرافي في اثني عشر مشهدا"
عن مجلة (فكر وفن)