(شعر هنود الإنكا القديم: ترانيم باتشاكيوتيك المقدسة)
الأشعار والأغاني مع تقاليدها محفورة عميقاً في ثقافة هنود الإنكا. وهي احتضنت المقدس والدنيوي من الأنواع التي راقت للناس العاديين والأشراف على السواء. وقد شكلت أغاني الصلاة والأغاني الشعائرية، فضلاً عن أغاني العمل وأغاني الحب جزءاً من نسيج الحياة اليومية. كما شكل الشعر والموسيقى والرقص جزءاً لا يتجزأ من كل مهرجانات الإنكا الدينية الكبيرة. وقد احتفظت كل منطقة على مدار الإمبراطورية بلغتها وثقافتها، كما عملت على صقل فنونها الجميلة، وكذلك أخذت على عاتقها الثقافة الناتجة أو الوليدة من تفاعل الكيوتشيوا والإنكا.
ويذكر أنه في بعض المناسبات الخاصة كانت ثمة مسرحيات تؤدى مع فواصل شعرية وموسيقية ولم تصل إلى العصر الحديث سوى مسرحية إنكا واحدة كاملة الأجزاء، وقد حملت عنوان «آبوا أو لانتاي» حيث يشكل باتشاكيوتيك، إمبراطور عظيم من الإنكا، شخصية رئيسية.
تعتبر الجايليز ـ الترانيم المقدسة ـ بمثابة صلوات وتأملات فلسفية. وقد جرت العادة بالنسبة إلى كهنة الإنكا أن يعمدوا إلى تحية الشروق والغروب مغنين الجايليز (الترانيم المقدسة) مع مصاحبة الموسيقى متضرعين إلى تيجيزي ـ ويراكوتسا (الخالق)، وإلى إنتي (الشمس)، وإيلابا (البرق ـ الرعد)، وباتشا ماما (الأرض الأم)، وماما كويلا (القمر) وكل اليواكاس (أرواح الأمكنة) طالبين منهم أن يمنحوا الشعب، الإنكا، كما الإمبراطورية، الصحة، الرخاء، والسعادة. وعادة كانت الترانيم المقدسة تنظم من قبل شعراء كانوا كهاناً أيضاً.
اعتبرت الترنيمة المقدسة الجايلي أرقى شكل شعري، لكن كان إلى جانبها ترانيم أخرى أيضاً. وقد طالت قصائد الجايلي المواضيع التاريخية والزراعية. واحتفت الترانيم البطولية بمآثر ملوك شعب الإنكا ومحاربيه. لكن لسوء الحظ أنه لم تصمد أي من الترانيم البطولية، وبقي بالمقابل عدد من الترانيم الزراعية التي لا يعرف واضعوها. وكانت هذه القصائد الزراعية تغنى من قبل الفلاحين خلال موسم البذار وموسم الحصاد لا سيما خلال العمل الجماعي في حقول «الشمس» وحقول «الإنكا».
الترانيم المقدسة
I
آواه، أيها الخالق، أصل كل شيء،
وميراكوتشا، سدرة منتهى الكل،
يا المولى في كساء ينبعث منه الإشعاع
يا من ينفخ من لدنه الحياة ويوضب كل الأشياء في أماكنها،
قائلاً، «ليكن ثمة رجل! لتكن في الهناك امرأة!»
يا الصائغ، الصانع،
منحت الحياة لكل الأشياء:
ارعهم
اجعلهم يعيشوا في رخاء مستديم، سعداء،
بكل أمان وسلام
أين أنت؟
أفي الخارج؟ في الداخل؟
فوق هذا العالم بين السحاب؟
تحت هذا العالم في غياهب العتمة؟
اسمعني!
أجبني!
أدخِل كلماتي إلى قلبك!
دعني أحيَ
أعماراً وأعماراً دون نهاية،
ضمني بين ذراعيك،
خذني بيديك،
تقبل هذا القربان
أينما كنت، يا ربي،
يا ويراكوتشايي أنا
II
} صلاة لازدياد أعداد الناس }
أيها الخالق،
رب البحيرة،
يا ويراكوتشا العاطي المعيل،
يا ويراكوتشا الكادّ المجدّ
الرافل في كساء ينبعث منه الشعاع
اجعل البشر يتكاثروا،
يعيشوا حياة مباركة رخية.
احفظ كل ما نفحتَ فيه الحياة
على مر العصور من دون توقف،
احفظه بيديك.
} إلى كل أرواح الأمكنة }
يا الخالق، يا سدرة منتهى كل شيء
يا أصل الكل،
رب البحيرة
يا ويراكوتشا النشط أبداً،
رب الجبال
رب الصلوات
رب الشعائر
يا الرب الذي لا يحده شيء،
الخالق، منتهى الكل،
يا الذي يجزي ويمنح:
اجعل الجماعات والأفراد ينعموا بالرخاء
وكذلك أولئك الذي يرتحلون داخلاً وخارجاً.
IV
يا ربي
الغني، السعيد، المنتصر، يا ويراكوتشا،
الرحيم الشفوق تجاه الناس:
قبل أن تبدأ بمحاسبة خدامك والفقراء
الذين وهبتهم الحياة ووضعتهم في أماكنهم
اجعلهم على قدر من السعادة وباركهم
هم وأولادهم وكل من تحدّر من صلبهم.
نجّهم من السقوط في لجة الأخطار الخفية
على الدرب الموحش،
اجعلهم يعيشوا عمراً مديداً
من دون وهن أو خسارة عزيز،
أمّن لهم الطعام، أمّن لهم الشراب.
V
يا ربي،
يا خالقي، وأصل كل شيء،
يا وراكوتشا، العامل أبداً
الذي ينفث الحياة والنظام في الكل
قائلاً: «دعم يأكلوا،
دعهم يشــربوا في هـذا العالم»،
أسألك مضاعفة البطاطا والذرة،
بل كل أنواع الأطعمة
لأولئك الذين وهبتهم الحياة،
الذين أعطيتهم كينونتهم.
أنت يا من تصدر الأوامر
وتحقق ما سننته،
دعم يزدادوا
وهكذا لا يعانون
ولعدم معاناتهم يؤمنون بك.
امنع الصقيع
أوقف تساقط البَرَد،
احفظ الأشياء جميعها في أمان وسلام
IV
} صلاة إلى الشمس }
يا الرب ويراكوتشا،
يا من يقول،
«ليكن ثمة نهار، ليكن ليل!»
يا من يقول،
«ليكن ثمة فجــر، لينــبلج النور!»
أنت يا من تجعل قرص الشمس، ابنكَ،
يتحرك سعيداً ومباركا كل يوم،
ليحظى الإنسان الذي صنعته بنعمة النور:
يا ويراكوتشايي أنا،
أرسل أشعتك على شعبك الإنكا،
أهنئ بنورك خدامك،
الذين كنت لهم الراعي الصالح،
اجعلهم يعيشوا
سعداء ومباركين،
احفظهم
بأمان وسلام،
لا يقربهم المرض، لا يحل بدارهم الألم.
13 يوليو 2012