ترجمة محمد العلي (السعودية)
الحلقة الأولى
;كنتَ في الثامنة من عمرك في هذا الفوتوغراف ،
تقف خلف طاولة يجلس إليها رجال
يغمسون الرغيف في الحمص.
رجالٌ على مقاعد بسيطةٍ
و يعتمرون أغطية رأسٍ مختلفة،
رجالٌ منهمكون في الأكل
لا يرون شيئاً سوى طعامهم،
طاولة خشبية متينة،
أطباقٌ صغيرة،
كومةٌ ساخنة من الأرغفة
مطويّةً على شكل مثلثات.
أتمنّى لو أنني وجدتُ هذه الصورة
خلال حياتك.
هل تركوا لك اللّقمة الأخيرة؟
تبتسمُ كأنك تملك المدينة كلها،
و تستطيع الذهاب إلى القدس..
تراقبهم يأكلون بِوِدٍّ
منتظراً دورك.
كانت صديقتي الجديدة تُعلّقُ هذه الصورة
على جدارها. لكنك تحدّثتَ داخل رأسي
في اللحظة التي سبقَتْ وقوع عيني عليها.
تتدلّى الصورة الآن بجانب مكتبي
محتفظةً بطبقاتٍ من عالمٍ ضاع
حيث كنتَ - لا الشخص الذي أعرفه فقط
بل الشخص الذي يسبق من أعرفه-
في كَونك،
و قصّةُ الطريق الآخر الذي كان ممكناً لحياتك أن تسلكه
لا تزالُ
مبتسمة.
أين هو البابُ إلى الحكاية؟
هل تُرك مفتوحاً؟
عندما جَلس عند أسرّتنا
مضت الأيّامُ مُسرعةً كالمياه؛
أخشابٌ طافية، طوبٌ،
صناديقُ شحنٍ ثقيلةٍ تختفي أسفل المجرى..
ولا يهم، لا يهم..
حتى الأشجار خلف مناخل نوافذنا
أمالت أوراقها الباردة لتستمع.
عُمنا بسهولة لقرية الحجارة؛
نساءٌ بثيابٍ سميكة،
رجالٌ بأنفاسٍ دُخانية،
جلسنا حول نارٍ أشعلناها
بأغصانٍ نحيلةٍ لنا،
أخذ العالمُ يتموّجُ من حولنا
يطيشُ و يطقطق..
لقد أسقطنا همومنا
في حضن الحكواتي
فصارت تحدّق نحو شخصٍ آخر
غيرنا.
في القرن الخامس عشر، كتب البحّار ابن ماجد
عن حركة النجوم،
أنشدَ التسابيحَ للقمر و الموج.
و اليوم، ملايينٌ من الناس
محشورون على شكل مُدُن،
يبيعون الفواكه على عرباتٍ متهالكة.
تصعُبُ رؤية النجوم
من الأضواء و السديم،
و بقايا الوصايات
تُثقل كواهلنا.
في مطار أبو ظبي
كان الجميعُ -شباباً و شيباً- يشبهون أبي..
أبناءنا.
عيونٌ تطرُفُ سريعاً- ثم تُشيحُ بعيداً،
عليك أن تَشِمَ هذا الليل في
باطن ساعدك.
لقد وُلدنا للشتات
للتأسُّف على سلالةٍ ضائعة،
مالّذي فعلناه ببعضنا البعض
في كوكبٍ مُتاحٍ جداً
لفعل أشياء أخرى؟
طائرُ ناشفيلي المُغرّد
يراك شجرةً مُرعبة.
تبدو لثعابين الحدائق الزّاحفة إلى السّوسن
كعاصفة.
البيتُ المنبوذُ يستقبلك كطبيبٍ محتمل.
تكنُسُ فُتَاةَ الطعام عن الفئران،
ثم تُديرُ ظهرك.
الأطفالُ في الجزء الآخر من العالم
يرونك لامعاً.
المُكتئبُ يرى في ابتسامتك تهديداً له.
الَولدُ عازفُ الرّاب الصّاخب
لا يرى المرأةَ العجوز سوى تحديقةٍ للوراء.
البحر، السماء، الهواء.. يروننا كإزعاج..
و هم على حقٍّ بالطبع،
نحن ننظُرُ لبعضنا البعض
كما ننظُرُ للمعالم التاريخيّة،
التاريخُ لا يرانا، لا يرانا على الإطلاق.
و من هذا
علينا أن نستخلص أونصة واحدة
من التحرُّر.
هناك ما يريدونه دوماً.
و هذه هي المشكلة مع العائلة أساساً.
لا يستطيعون أن يفرحوا لمجرّد وصولك.
مالذي في الحقيبة؟ مالذي في جيوبك؟
هيّا، أنثر ما بها،
إنه لي
إن كان برّاقاً.
أراد أبي أن نكتب –أنا و هو- كتاباً مشتركاً. حوار، هكذا أسماه. لكنه استمرّ في إرسال مونولوجاتٍ له عبر الإيميل و الفاكس. يستفيض بغضبٍ في الحديث عن مواضيع لطالما سمعته يناقشها- خيبات الأمل، المصاعب، خصوصيات الحياة الطويلة في المنفى، وجهات النظر في هذا و ذاك.
كان مصاباً بفشل الكلى. لكنتُ فعلتُ أيّ شيء أراده.
حاولتُ مراراً أن أجيبه على ما يبعثه لي، لكنه كان يرسل مونولوجاً آخر أيضاً. لم يكن يرُدّ على الأسئلة. لم يكن هناك تسلسل.
سألته: أبي، ما هو الحوار إذاً؟ أين التراجع و التقدّم؟.
أنتِ تخيّبين ظنّي. هذا ما كتب. أنتِ لا تؤدّين الحوار بالشكل الصحيح. أريدُ أن أُجريه حقاً لكنك ترفضين.
لم يكن هناك خيطٌ ناظم.
و الآن تم تهجيره إلى بلادٍ بعيدةٍ عن الأنظار، ولا زلتُ أتحدث. بعد أسبوعين من وفاته، حملتُ رُزَماً من مفكّرات وكرّاسات غير مكتملة من مكتبه الفوضوي إلى مكتبي الفوضوي.
و ماذا الآن؟ هل تستطيعُ سماعي؟ هل أنت في أيّ مكانٍ حولي؟ أُكمِلُ كتابة بعض سطورك، خَطُّك الإنجليزي الأنيق الرفيع، و أرى إن كان سيجيبني أي شيء. قد لا أفلح في ذلك، لكنني أفكر في كيف –مالّذي عليّ فعله؟- لأكون أنتيمتك؟.
قد يكونُ كوبُك الفارغُ الذي أمسكتَه بيدٍ راعشة، أو شيئاً آخر، ما سيُجيبُني بعد قليل.
لم تكن فكرة أن يبقى هنا من أجلي هي ما تجتاجني. لكنها عدم قدرتي على تخيّل أن أعيش في عالمٍ لم يعد هو موجوداً بداخله.
لقد أحبّ العالم. العالم الذي خيّبه إلى الأبد، لكنه أحبه وكان يأملُ له.
كان يخرجُ من غرفة نومه كل صباحٍ بطريقة استعراضية، كأنه على خشبة مسرح. وجهٌ منتعش، قميصٌ نظيف.
أهلاً صاحبي!. يقولها للناس الذين يعبر بجانبهم. أشُكُّ الآن أن هذه كانت طريقته ليدفع بعيداً أيّة محاولة للإشارة العرقية أو ليتجنب الصدود. أهلاً صديقي! يقولها لكل نادل و بائع أحذية. جادلناه عندما كنا صغاراً على هذا الذي يفعل، أبي! حتى أنك لا تعرفها!. حسناً، ستكون صديقتي في وقت أسرع بعد أن أحيّيها.
عندما دعتني مجلة ميدويست الفصلية لنشر بعض قصائدي، فكّرت في كيف أن والدي هاجر لـ ميدويست الأمريكية عام 1951م كطالب جامعي.. فسلَلتُ بعض الأسطر التي كتبها في مفكّرته كعناوين لقصائد لم أكتبها، ظانةً أنه بمقدوري فعل ذلك. كتبتُ فصلاً صغيراً عنونته بـ "فقط أدعوني عزيز" مكوّن من قصائد تنامت بصوته هو، بالرغم عني. لذلك، لم يكن هناك حوارٌ أيضاً.
عندما كنا صغاراً، لم يكن بمقدوره أن يرى أحدَنا مريضاً. مرّةً عندما تقيّأ أخي عند نهر الميسيسبي، تقيّأ هو أيضاً ليُريحه!.
من كان يستطيع أن يخمّن على الإطلاق، أن رجلاً نحيفاً نابضاً بالحياة و التفاؤل و الطاقة، رجلاً كره كل الإجراءات الطبيّة، سينتهي بأن يُصابَ بجلطات القلب و بالسكّر و بفشلٍ كلويّ يتطلب الغسيل؟. كان يخُزُّ إصبعه ليقيس نسبة السكّر في دمه لسنوات طويلة. نما بارتياحٍ مع النزف.
لماذا أنت مصابٌ بالسُّكّر، يا جدي؟
أظن لأنني اعتدتُ على وضع السكر في قهوتي.
شَوقي إليه يمُرُّ بمراحل شديدة التأثير، لم أعُد أعرفُ كيف سأكمل حياتي.
أتوقف فجأة في الطريق، مصفوعة، فيتحدّثُ إليّ قلبُهُ، تتحدّثُ خِفّة دمه مرة أخرى،
فأمضي بألمٍ خفيف.
كلماته عن الحروب في العراق و أفغانستان كانت مركّزة و بسيطة:
أخرجوا.
أخرجوا أيها الأميركيون.
و الذين بقُربه يبدأون في التساؤل.. لكن ماذا عن...
فيقول: أخرجوا! مالذي نفعله هناك حقاً؟ علينا أن نخرج!.
لم يكن يشتم. كان أسوأ ما سمعته منه الأبله!.
و فيما يتعلّق بأرضه الأولى المتنازع عليها؟ لم يفقد الأمل أبداً.. يعتمدُ كُلّ شيءٍ على الاحترام المتبادل، حُزنُ والدي كانَ أرضاً يابسةً تحت المياه.
نبحثُ عن ضحكتك
نحاولُ الوصول لطريق العودة إليها
بين الأشجار المتهدّلة.
نُنصتُ لخشخشتك تحت سيقان البامبو،
لصوت كَنسِكَ لأوراق التين،
نشعُرُ بوقع خُطاكَ في الفارندَة..
زهرةُ لانتانا أنيقة
مدسوسة في فتحة زر قميصك.
نرى وجهك مُشرقاً
في كِلا طرفي النهار.
كيف حدث أنك عشتَ
عند حوافّ كل ما فعلناه؛
فصولٌ من التوجُّع و النمو،
جِبالٌ من الرسائل و ثياب الغسيل؟.
أبحثُ عنك أوّلاً و أخيراً
في الأماكن المعتمة
حين أُشيحُ بوجهي بعيداً
عن عناوين الأخبار في الغروب
راميةً صفحة الأخبار المكوّرة على الأرض.
لهُدوئك همهمةٌ
تنسكبُ فيَّ،
رِعايتُك تشفعُ لرحيلك منذ اليوم الأول،
أن أراكَ و أن ترقُبني
من كُلّ زاويةٍ
في فناء البيت.
ليس لأحدٍ أن يأخذ عليك هذا المَمسك،
إنه من وسائل البقاء.
ظننتُ أحياناً أن أفضل مواهبي كانت
أن آخذ حكايةً هزيلةً
أُلصقُ بها ذيلاً و أجنحة،
أُلبسُها عباءةً بدويّةً من الصوف
مُطرّزة الجوانب،
ألُفُّ غطاء الرأس عليها
لأَخرُجَ بصورةٍ أجمل.
غَضِبَت أمُّك مني بعض المرّات
لروايتي الحكاية بشكلٍ مُختلف..
لكنها لم تكن مُختلَقَة
لمُجرّد أنها بملابسَ ثانية
و أشياءَ أخرى أشدّد عليها.
لَبِسَت أُمّي الحكايات لمئة وستة أعوام
حتى ذاك الشتاء الأخير الذي
صعدَت فيه فِراشَها
كالقارِب، تتهيّئ للنوم.
قد يكون من واجبنا أن نتشكّل
مئات المرّات
عِبرَ نفس الحكايا.
يبدو لنا أننا نرويها فقط،
لكنها في الحقيقة
تُبقينا أحياءً؛
أوكسجين الذّاكرة
نتنفّسه، داخلاً
خارجاً.
أينَ هو الاسمُ الّذي
لم يُجب النداء عليه أحد؟
غادر ليحيى بنفسه
تحت أشجار الصنوبر الفاصلة
بين البيوت،
بلا صديقٍ أو فراش
بلا أبٍ يروي له الحكايا..
كم كان صعباً ذاك المسارُ الذي سلكه
كلّ هذه السنين
منتمياً للاشيء من صراعاتنا
مُنسرباً تحت صفحة التقويم،
مُراوغاً كالرُّفَات..
.. و حين قال أحدهم:
كيف كنتَ كُلّ هذا الوقت؟..
كان مُستَغرَبَاً جداً
أنّ من حاول الإجابة
كان هو نفسه
ذاك الإسم الأوّل.
في كُلّ يومٍ
تأتي الأخبارُ بـ"مسلّح"-
قد يكون طفلاً منفرط القلب
يتهوّرُ فيما يفعل،
و أشتاقُكَ. تَدري.
رحلَ أحمد موسى مبكراً جداً.
يَحتَجُّ على الجدار الذي
يقتلع أشجار الزيتون في قريته
من الأهالي الذين يعتنون بها،
يحملون دلاء الماء..
الأهالي الذين يجتمعون
يُغنّون أغنية الزيتون طوال أيامهم.
ترجوه عائلته
لا تذهب إلى هناك..
طفلٌ في العاشرة يحمي الشجر.
مَن غيره يمتلك هذا الجلد؟
رصاصةٌ لأحمد موسى
في جبينه.
"اجتمع المشيّعون حول أبيه
الذي استند إلى الجدار"،
لكنه جدارُ المشرحة هذه المرة.
أَوقِفها يا أبي،
مِن أيّ مكانٍ كنت، أَوقِف هذه الجدران.
و احمي الأشجار التي لا تعرف
أين ذهب أهلها، أو كم سيطولُ الوقتُ
قبل عودتهم.
في كُلّ يومٍ
تأتي الأخبارُ بـ"مسلّح"-
قد يكون طفلاً منفرط القلب
يتهوّرُ فيما يفعل،
و أشتاقُكَ. تَدري.
رحلَ أحمد موسى مبكراً جداً.
يَحتَجُّ على الجدار الذي
يقتلع أشجار الزيتون في قريته
من الأهالي الذين يعتنون بها،
يحملون دلاء الماء..
الأهالي الذين يجتمعون
يُغنّون أغنية الزيتون طوال أيامهم.
ترجوه عائلته
لا تذهب إلى هناك..
طفلٌ في العاشرة يحمي الشجر.
مَن غيره يمتلك هذا الجلد؟
رصاصةٌ لأحمد موسى
في جبينه.
"اجتمع المشيّعون حول أبيه
الذي استند إلى الجدار"،
لكنه جدارُ المشرحة هذه المرة.
أَوقِفها يا أبي،
مِن أيّ مكانٍ كنت، أَوقِف هذه الجدران.
و احمي الأشجار التي لا تعرف
أين ذهب أهلها، أو كم سيطولُ الوقتُ
قبل عودتهم.
في كُلّ يومٍ
تأتي الأخبارُ بـ"مسلّح"-
قد يكون طفلاً منفرط القلب
يتهوّرُ فيما يفعل،
و أشتاقُكَ. تَدري.
رحلَ أحمد موسى مبكراً جداً.
يَحتَجُّ على الجدار الذي
يقتلع أشجار الزيتون في قريته
من الأهالي الذين يعتنون بها،
يحملون دلاء الماء..
الأهالي الذين يجتمعون
يُغنّون أغنية الزيتون طوال أيامهم.
ترجوه عائلته
لا تذهب إلى هناك..
طفلٌ في العاشرة يحمي الشجر.
مَن غيره يمتلك هذا الجلد؟
رصاصةٌ لأحمد موسى
في جبينه.
"اجتمع المشيّعون حول أبيه
الذي استند إلى الجدار"،
لكنه جدارُ المشرحة هذه المرة.
أَوقِفها يا أبي،
مِن أيّ مكانٍ كنت، أَوقِف هذه الجدران.
و احمي الأشجار التي لا تعرف
أين ذهب أهلها، أو كم سيطولُ الوقتُ
قبل عودتهم.
للتَوّ، في الأسبوع الفائت،
بالكادِ قد مرّت ثلاثةُ أعوامٍ
على تحليقكَ
من جسدك البائس العزيز،
دفنتُ وجهي في ربطات عنقك.
الأزرق الداكن البيروفي
بحيوان اللّاما الأبيض الصغير.
كانت تبدو مرتاحةً مع بعضها البعض،
لا تزال متعانقة خلف باب خزانتك.
كانت علامةً على وجود رجل،
عائلةٍ من الألوان البرّاقة و الخيوط،
ربطاتٌ لأدوارك الصحفية و الدبلوماسية،
إنها تقول
حتى عندما نكره ما نفعله، أو
الكولونيا تُساعدُ الرّجُلَ
على الحياة..
لا يزالُ عبقُك هنا،
لكأنّ وجنتك لم تبرح كُلّ صباحٍ
عالميَ الفتي.
فكّرتُ في أن أستلّ بعضاً منها،
لكنني أحبَبتُها جميعاً هناك
في مكانها
حيث تركتَها.
و اليوم
عندما سمعتُ بأنها سوف تُهدَى
لدُكّان تبديل الثياب الرثّة
قُرب البحيرة،
كان عليّ أن أقف في الخارج
لوقتٍ طويلٍ
في الهواء الواسع،
بيتُك الحقيقيُّ الوحيد
لأجل كل الأيّام التي
مشيتَ فيها
بيننا.
قالت إحداهُنّ من أوريغن:
العزيزة آبي،
أُعاني من مشكلةٍ مع تعلُّق حبيبي
بعُلبة حليبٍ قديمةٍ جداً
لا تزال ممتلئة في ثلاجته..
قُلتُ له إمّا أنا أو الحليب،
هل يبدو ذلك غير منطقي؟.
العزيزة كارولين،
يرفض أخي أن يتحدث معي
لأنني منذ خمسين عاماً همستُ له
أن قرداً سوف يختطفه في الليل
ليعود به إلى عائلته الحقيقية.
كان عليه أن يفهم أنها كانت مِزحةً
عندما لم تحدُث،
ألا تعNتقدين ذلك؟.
الأعزاء مسؤولي التعليم:
لن يتذكّرَ أحدٌ أبداً
أيّ اختبار،
ولا أيّة إعادة...
الشّعر؟ المشاريع؟ التجارُب؟ الأذى؟
سيذكرونها جميعاً،
أمّا الاختبارات
فلا.
عزيزي
"الكلب خلف السياج،أنت بحاجةٍ حقاً إلى أن تهدأ الآن..
لَم تتوقف عن النُّباح
في كُلّ مرّةٍ أمشي فيها إلى المشتل
لعامَين،
و لم أكن أسرقُ منزلك..
إهدأ.
عندما سألتُ الرّجُل السّاكنَ
في الجهة الأُخرى
ما إذا كنتَ تُزعجه أيضاً،
ابتسمَ و قالَ:
لا.. إنّه يجعلُني أشعُرُ بوِحدَةٍ أقل.
هل عليّ بعد هذا أن أقلق أكثرَ على الكلب،
أم على الرّجُل؟.