ترجمةُ: محمَّد حلمى الرِّيشة
أَبول فروشان شاعرٌ من إِيرانَ، ولدَ فِي طهرانَ في (10/10/1957). غادرَ إِيرانَ إِلي لندنَ سنةَ (1975) للعيشِ والدِّراسةِ فِيها. حصلَ علي درجةِ البكالوريوس في الهندسةِ الميكانيكيَّةِ من كليَّةِ إِمبريال/ جامعة لندن في سنةِ (1979)، وحصلَ منها علي شهادةِ الماجستير والدُّكتوراه. يكتبُ الشِّعرَ بالفارسيَّةِ والإِنجليزيَّةِ، وصدرتْ لهُ عدَّةُ أَعمالٍ شعريَّةٍ وغيرُها.القصائد ترجمها الشاعرٌ والباحثٌ الفلسطيني محمد حلمي الريشة
فِي نهايةِ المطافِ
ماذَا سأَكونُ فِي نهايةِ المطافِ
بالنِّسبةِ إِليكَ؟
ماذَا عليكَ أَن تكونَ فِي نهايةِ المطافِ
مِن أَجلِ هذَا القلبِ الخافقِ طوالَ اللَّيلِ، والَّذي يَغلي كمِرجَلي المحتدمِ حيثُ
يريدُ أَن يعرِفَ قَبلاً
أَنَّ الأَبقارَ تعودُ إِلي البيتِ،
ويومَ السَّبتِ هيَ مكرَّسةٌ لكَ،
أَو تَهيمُ علَي وجوهِها عندَما
تكونُ السُّحبُ المتعرِّجةُ أَقلَّ بكثيرٍ،
ويجلسُ شخصٌ وحيدًا بجانبِ بُحيرةِ البجعِ ليكُونَ هوَ
لَها؟
إِنَّه إِغواؤها
الَّذي يتذبذبُ فيهِ.
يجلسُ قُربَ تَرنيمةِ طيورِ البجعِ،
... والماءُ الَّذي يعكسُ ربطةَ العقدةِ،
وتضربُ شبكةُ حِجابِ غيرِ المتزوِّجاتِ
الرِّيحَ فِي الأَسفل،
واللَّوحاتِ الورقيَّةَ العائمةَ،
ورفرفةَ الأَنسجةِ...
يبتسمُ عصفورٌ في القلبِ فَراشاتٌ
غيومٌ مدهشةٌ تقمعُ الجنازاتِ عاليًا
نعوشٌ تحلِّقُ مثلَ بجعاتٍ سوداءَ
أَطوالُ الأَجنحةِ الَّتي تتلاشَي فِي امتدادِ الرِّيحِ
مَا
حقلُ اللَّعبِ الأَزرقِ لغيومِ القطنِ الصُّوفيِّ
سيكونُ فِي نهايةِ المطافِ
بالنِّسبةِ إِليكَ؟
صَرخةٌ!
بينَ الشَّاعرِ والنَّجمِ
جلسَ القمرُ،
وأَنا جلستُ فِي الشُّرفةِ عاريًا
فِي صُحبةٍ غائبةٍ،
وشعرتُ أَنَّ الأَرضَ خاطئةٌ.
بينَ الشَّمعةِ والنَّافذةِ
غنَّي القمرُ،
وجلستُ علَي أَريكةٍ أَعانقُ نَفْسي
للتَّخفيفِ مِن تَنافرِ
الفِراقِ.
وقفَ الشَّاعرُ ومَسكَ القمرَ،
وذهبتُ إِلي الثَّلاجةِ،
وأَغلقتُها،
وسمِعتُ طنينًا
تحوَّلَ إِلي صَرخةٍ.
لاَ يوجد ُموتٌ فِي وفاةٍ
لاَ يوجدُ موتٌ فِي وفاةٍ،
أَو سفنٌ إِلي جسدِي مثلَ امرأَةٍ تَنفِي لِي رعشةَ
عدمِ امتلاكِها.
المكانُ هوَ الرَّائحةُ، وغموضُ المرأَةِ الأُولي،
وقهوةُ الصَّباحِ، وفتحُ النَّافذةِ،
والأَبُ الَّذي يعلِّقُ البحرَ علَي الجدارِ.
أَيُّ شخصٍ مُبتلَي بالحبِّ يتَّصلُ بِي،
لذلكَ تستطيعُ أَعدائي الفَراشاتُ أَن تزدادَ.
أَيُّ فتاةٍ تلمسُ ثديَيْها حتَّي يمكِنُ لطائرينِ أَن يُندِّبا قَلبي،
سوفَ تنكمشُ بعيدًا.
...
أَنا أُحبُّ الحبَّ عندَما يتراجعُ الحبُّ.
أَنا أُحبُّ الزَّنبقَ الأَبيضَ
عندَما يذبلُ فِي يدِي، وينمُو فِي أُغنيتي -
انْتظِريني
أُغنيتي.
أَن نكونَ أَو لاَ نكونَ
أَنكُونُ أَو لاَ فِي الحبِّ
معَ صورتِكِ أَو أُنوثتِكِ؟
أَهذهِ أَزهارُ الفاوانيا الحسَّاسةُ،
أَوِ انعكاسُ ضوءِ الرُّكبةِ تِلكَ؟
كثيرةٌ هيَ الأَصابعُ
الَّتي تلعبُ علَي أَوتارِ هذَا القلبِ.
النَّاسُ بتلاتُ أَزهارِ الفاوانيا خاصَّتُكِ،
ومعرفةُ الفضاءِ المُنحنِي
لعروسِ الشِّعرِ الشَّقراء تركعُ
خارجَ نافذةِ محلِّ زهورِ (تشيلسي)
حيثُ سأَقطفُ غدًا
أَزهارَ الفاوانيا لكِ
فقطْ.
مفصلُ الإِصبعِ يطرقُ علَي 105،
وضغطةٌ علَي جرسِ هاتفِ البابِ،
ستَنزِلينَ
إِلي قميصٍ غيرِ مرتَّبٍ،
وزوجانِ مِن الصَّنادلِ،
وابتسامةِ شابٍّ،
ومُهرٍ سريعٍ
جاهزٍ للُعبةِ (البُولو)!
"السَّببُ أَنَّ (أَلِكْ) حازَ علَي صديقةٍ".
ثلاثيَّةٌ
I
كنتَ تنكِرُ ذاتكَ،
لكنَّ قلبيَ مرتاحٌ.
غيرَ أَنَّني تركتُ النَّافذةَ موارَبةً
بحيثُ يمكِنُ لطائرٍ مُنفردٍ أَن يطيرَ حولَ
غُرفتي فِي يومٍ مَا، ثُمَّ يغادرُ مرَّةً أُخري
قبلَ أَن أَفتحَ البابَ
لقِطَّةٍ.
كنتُ مجرَّدًا،
ونَفيتُ ذَاتي،
ولَم أَتساءَلْ مطلقًا
عنِ السِّرِّ الَّذي تحمِلهُ نظرتُه.
إِنَّها تتحدَّثُ عنْ عُسرةٍ حُمِلتْ
فوقَ شَرارةِ العالمِ.
إِنَّه أَبي،
وَ
أَنا.
الآنَ أَعرفُ
أَنَّ قلبيَ مرتاحٌ.
الصُّورةُ علَي رفِّ الموقدِ
بجوارِ (بيكاسو) و(الهندِ) فِي الواقعِ.
هذهِ هيَ الحياةُ
اثنتانِ منَ الكؤوسِ فِي الهواءِ،
وسبعُ كؤوسٍ موضوعةٌ بشكلٍ متقاطعٍ،
وتأْتي كأْسٌ مِن عصرِ ملكةِ (ساجيتَّاريان) للسُّيوفِ مِن الخارجِ.
يَمشي قشرُ البيضِ
متعاقبًا، وليسَ بإِخلاصٍ،
ووثبةُ الإِيمانِ فِي الحياةِ، وكلُّ واحدٍ
لاَ يشعرُ بشيءٍ ثابتٍ، ثمَّ
يقومُ بقفزةٍ أُخري.
كنتُ مجرَّدًا،
وتركتُ البابَ مواربًا،
وقطُّ البيتِ ركضَ إِلي الشَّارعِ.
جوقةُ الفجرِ هيَ أَكثرُ هدوءًا منذُ ذلكَ الحينِ.
يتَّجهُ الأَبُ نحوَ الحديقةِ.
مَا مِن كلمةٍ عادتْ إِلي نُصوصي.
إِنَّني أَحلمُ مرَّةً أُخري.
II
أَنا عاينتُ لَها خناجرَ براءةِ اختراعِ الجلدِ
محشوَّةً بعنقِ بجعةٍ معَ علاَمةٍ.
أَصابعُها الـ (بوتيتشيليَّة) مزيَّنةٌ بحجرٍ رائعٍ
محضونٍ في ورقةٍ مِن الذَّهبِ.
الشَّفةُ العُليا تحتَ طيِّ أَحمرِ الشِّفاهِ
الَّذي يداعبُ الهواءَ فِي السَّيَّارةِ.
جلَستْ
قُربَ سطحِ
قَلبي.
وجِيبُ القلبِ الوحيدِ ضغطَ علَي الدُّوَّاسةِ،
وهرعَ إِلي مَا وراءِ الضَّوءِ الأَحمرِ فوقَ
الجادةِ الواسعةِ نحوَ الـ (هايد بارك).
ودارَ ودارَ ووقفَ
بجانبِ مفاجأَةٍ.
النَّصائحُ الرَّقيقةُ نديَّةٌ قليلاً
لقد لمَستْ بشكلٍ عَرَضيٍّ
إِلقاءَ الكلماتِ
- لقدْ أَحسُّوا ببرودةٍ.
مَا جوُّ حكمةِ العجوزِ الَّتي قلتُها؟
لقدْ حدَّقتْ بِي بذهولٍ،
و.. وجدَتْني ثمِلاً.
لَمْ أُفكِّرْ مطلقًا بمثلِ ذلكَ...
وبالتَّالي أَظهرتْ لِي الكتابَ
الَّذي كتبتْ بهِ عنْ رجالٍ فِي ثيابِ فِئران،
وكيفَ يخافونَ مِن القطِّ.
يسعلُ الطَّيرُ علَي نافِذتي!!!
قَلبي
لَم يَعدْ مرتاحًا!
إِنَّه يموجُ ويَغلي مثلَ المِرجلِ.
أَتذكرُ غذاءَ الأَميرِ المُراقِ،
وحدوثَ كسرٍ في سَاقَيْ (تشينغ)؟
III
فتحَ الأَبُ النَّافذةَ
اليومَ، وقامَ بتعليقِ البحرِ علَي الجدارِ.
يخرخرُ القطُّ النَّسيمَ بهدوءٍ.
ساقُه اليُسري الَّتي مثلَ عنقِ بجعةٍ قِبالةَ
جِلدِ الفهدِ علَي نعلِه
المكعَّبِ المربَّعِ يطقطقُ علَي الأَرضيَّة.
كانتْ كرةٌ مِن الصُّوفِ للقطِّ.
خُدشَ إِصبعُ قدمِه المفتوحِ.
نهضَ مِن لُعبةِ الكرةِ
يتذكَّرُ بعضَ نهايةِ اللُّعبةِ،
ثمُّ ذهبَ إِلي سكِّينِ المطبخِ
ليقطعَ خيطَ عجلةِ الغزلِ، يَا (مُوِيرا).
قياسُ الخيطِ وقطْعهُ
مثلَ حياكةِ أَبوابِ
جسدِها، أَو مَناديلي الورقيَّةِ.
اعذُريني حينَ أَعطسُ!
- أَمضغُ بذورًا!
أَرجوكِ.. أَرجوكِ تعالَي مَعي
إِلي الأَرضِ المحايدةِ، وأَريني
الطَّريقَ للخروجِ مِن هُنا
إِلي بابِكِ.
كمِّيَّةٌ كبيرةٌ جدًّا ومقرفةٌ مِن رَوثِ الطَّيرِ علَي نافذتِي المرقَّطةِ!
فِي اليومِ الآخرِ علَي الطَّريقِ، وتحتَ الشَّجرةِ
في الأَرضِ المحايدةِ.
جسدُها هوَ للأَرضِ المحايدةِ،
إِنَّه هندسةٌ معماريَّةٌ وهندسةٌ مصقولةٌ.
إِنَّه واسعٌ مثلَ صحراءَ لرياحِي،
وشاهقٌ مثلَ السَّماواتِ لأَجلِ أَجنحتي.
هووه، أَنا بحاجةٍ إِلي صحرائكِ من أَجلِ عَطسي!
آهٍ كمْ أَنا أُريدُكِ لتنمُوَ بُذوري!
اخبار الأدب- 05/02/2012 م