إلى أصدقائي الشعراء الجميلين
بطول البلاد وعرضها
عبد الوهاب
ولد راينركونسه عام 1933 فى أويلشنيتس بألمانيا لأب من عمال المناجم . درس الفلسفة والصحافة في جامعة كارل ماركس بمدينة لايبزيج وعمل معيداً بكلية الصحافة في نفس الجامعة حتى عام 1959 ، لكنة اضطر لتركها قبل أن يكمل رسالة الدكتوراه بفترة قصيرة ، بسبب اتهامه بتحريض الطلبة والاتصال بجماعات معادية للحكومة الاشتراكية. عمل كونسه مساعد ميكانيكي في ورشة للمعدات الثقيلة ثم كاتباً حراً عقب زواجه من طبيبة تشيكية . انسحب من الحزب الاشتراكي الألماني احتجاجا على تصفية حلف وارسو لما عُرف باسم " ربيع براغ " عام 1968. ثم انتقل للعيش في ألمانيا الغربية عام 1977 بسبب الصعوبات التي واجهها في النشر داخل ألمانيا الشرقية . وراينر كونسه عضو في العديد من الهيئات العلمية مثل الأكاديمية البافارية للفنون الجميلة ، أكاديمية برلين للفنون ، الأكاديمية الألمانية للشعر واللغة ومركز القلم فرع برلين الغربية الذي انسحب منه عام 1996 احتجاجاً على اندماجه مع فرع برلين الشرقية . كما حصل على جوائز عديدة من تشيكوسلوفاكيا والسويد والنمسا وألمانيا الاتحادية ، منها جائزة الكتاب الشباب (1971) ، جائزة الأكاديمية البافارية للفنون الجميلة (1973) جائزة جيورج تراكل
(1977) ، جائزة جيورج بوشنر (1978) ، جائزة جشفيستر شول (1981) ، نوط الاستحقاق من الدولة
(1993) ، جائزة فايلهايمر الأدبية (1996) جائزة الشعر الأوربي (1998) ، جائزة فريدريش هولدرلين (1999) . ولقد ترجمت أشعاره إلى أكثر من عشرين لغة ، ويُعَد راينر كونسه الآن واحدا ًمن الشعراء الأكثر تأثيراً في الجيل الجديد من الشعراء الشباب ، بما له من قدرة على التكثيف والنفاذ إلى المعنى من خلال مفردات قليلة .
من أهم أعماله :-
- طرق حساسة
- حديث مع الشحرور
- السنوات العجيبة
- الاسم المستعار شعر
- أحجار وأغنيات
- صور وملاحظات من ناميبيا
- يوم على هذه الأرض.
اثنان يُجَدّفان
اثنان يجدّفان
في قارب
أحدهما
خبير بالنجوم ،
والآخر
خبير بالعواصف ،
أحدهما سوف
يجتاز عبر النجوم,
والآخر
سوف يجتاز عبر العواصف
وفى النهاية ،
تماماً في النهاية
إذْ بالبحر في الذاكرة
أزرق
كتبت خطابات
كتبتُ خطابات
كتبتْ عيناي غابةً في بوهيميا ،
كتب عطشى بئراً في مورافـيا
وحُبى خصلة شعر ،
نافرة تحت مئات الآلاف من أضواء
لَيْبزج
في رأس غلامٍ صغير ،
نائم
وريشتي الفاحصة
كتبتْ ريشة فاحصة
رسم أطفال
رسمتَ مربعاً
يعلوه مثلث
فوقه ( من الجنب ) خطان يتصاعد
منهما الدخان
واكتمل
البيت
حقاً
لا يؤمن المرءُ مطلقاً،
بما ليس
يحتاجه
كيف يستغرق المرء في النوم
وسادتك مربعات بيضاء وزرقاء:
مربع سحابة مربعٌ سَمَاء
وحين تُغمض عينيك،
إذْ بها حصان أبيض
وعندما تتشبّث بقوةٍ حول عنقه
وتلتصق بمَعْرَفته
منتظراً أن يُقبل حلم –
إذا به يحملك من المكان
حديث مع الشحرور
أطرق باب الشحرور
يرتعش
متسائلاً
أنت ؟
أقول: يا للهدوء
إنها الأشجار
تُثني على أغاني اليرقات يقول
أقول .... اليرقات ؟
اليرقات لا يمكنها الغناء
لا بأس يقول ،
ما دامت خضراء
تحية ف. ب
ثلاثة خطوط متعرّجة
ثلاث ضربات بالفرشاة
الأفق بدائرةٍ كبيرة :
ثلاث سفن شراعية تسافر نحو الشمس
وتجلب الهواء
نهاية الخرافات
كان ياما كان ثعلب ...
يشرع الديك
في نَظْم إحدى الخرافات
عندئذٍ يدرك
أن هذا لا يمكنه
لأن الثعلب إذا ما سمع بالخرافة
سوف يأتي به
كان ياما كان فلاح ...
يشرع الديك
في نظم إحدى الخرافات
عندئذ يدرك
أن هذا لا يمكنه
لأن الفلاح إذا ما سمع بالخرافة
سوف يذبحه
كان ياما كان ...
أنظر حولك جيداً
ما عدت هناك خرافات
نهاية الفن
لا ينبغي ، تقول البومة للديك البرّى ،
لا ينبغي أن تتغنّى بالشمس
ليست الشمس بالمهمة
انتزع الديكُ البرىّ
الشمسَ من قصيدته
أنت فنَان
قالت البومة للديك البرى
ثم كانت ظلمةٌ شديدة
قيادة الدراجات
ننحرف ،
صوب الغابات
سائقو العربات يبتسمون
كغلمانٍ يافعين
وفى الغابة
على الطريق الفرعية ، تصلصل
العجلات كشُخْشيخة الأطفال
وعندما ننزل
كأنما من غربال هزَاز ، إذْ بالروح
مثل الرمال الناعمة
ومفتونةٌ باللَعِب
أول أيام الربيع
أراكنَّ أيتها النساء
تلمِّعن النوافذ
والسماء ، ذاك الطائر البرّاق ،
سوف يهوي في فخاخكن الزجاجية
حتى المساء
حتى تنطفئ عينُه الملتهبة ،
الطائر الرماديّ الأعمى ،
الطائر الأسود ،
الذي تبدو عيه الصفراء مجردة لكن
أراكن أيتها النساء
تلمَعن النوافذ
وفى المساء سوف تتناقلن الضوء
مثلما تتناقلن كلماتٍ طيبة
كلماتٍ خجولة ، كلماتٍ
واليد مرفوعة أمام الفم ،
كلماتٍ عفوية
أراكن أيتها النساء
تلمّعن النوافذ
وحتى لا ينقر المطر
فوق الزجاج هذه الليلة على الأقل ،
تدق كلُّ نافذة
صليباً
تغيير الأسماء
أنت تخُزّ أنت
قنفذ
(الابن)
أنا قُنْفذ
بَيْد أن أشواكي باقةٌ من الزهور
في عيد ميلاد طفل
والفراشات تحطّ
وتطير
انسَ ، يا بُنىّ . إنني
لست أباك ، إنني فحسب
قنفذٌ
مُزْهر
من ضرورات الرقابة
منمّقٌ
كلُّ شئ
فقط
ما هو سلبي
ليس بداخلنا
الهوائي
(1)
بنَشْره هدَََد
الشارعُ
فهرب الهوائي
أسفل السقف ، هنا
أشار إليه
البيت
هرب الهوائي
داخل الحجرة ، هنا
أشارت إليه
الحوائط
هرب الهوائي
داخل الرأس ، قدَم له
الأمان
(2)
إلى حين
بعد عملية حسابية غير كاملة
كلُّ شيء
تتخلَّله الرياضيات ، يقول
المعلم : الطب
علم النفس
اللغات
وينسى
أحلامي
خلالها أحسبُ بلا انقطاع
ما لا يقبل الحساب
وأنهضُ مفزوعاً عندما يرنّ الجرس
مثلك
كل يوم
(إلى اليزابيث)
كلُّ يوم هو
رسالة
كلَّ مساء
نختمها بالشمع
الليل
يذهب بها ...
مَنْ الذي
يرسلها
في ذلك الوقت كان هناك أيضاً
مَنْ يكتب
كلمةً كلمة
قصيدةً قصيدة
كان يكتب
في الصباح كانت الصحف
صامتة
وفى المساء عرضتْ شاشة التلفاز
صوراً
للصمود
مرثية
يا أجراس الجنائز
قرب أشجار البلوط في فايمار
تدُقّين
نحو قبر الأميرة
تدقين
نحو إترسبرج
تدقّين
أين إذن تمكث
الطيور
طرق حساسة
حساسةٌ هي
الأرض حول الينابيع : ما من شجرة ٍ
ينبغي أن تُقطَع ، ما من جذر
يُسْتَأصَل
قد تجِفُّ
الينابيع
فكَمْ من شجرةٍ تقطع ،
كمْ من جذر
يُسْتَأصل
بداخلنا
قرية في مورافيا
(إلى بيتر هوخل)*
خمسةُ أعوام ولا أحد
تزوَج في " توبور "
لم يمتْ أحد
لم يولدْ طفل
وعلى المنحدر دون صوت
تُزْهر نقطة المراقبة
* شاعر ألماني ( 1903- 1981)
تذكير بوَعْد
(إلى ميلان كونديرا)
ميلان ، صفحات
خالية في سجل
زيارتنا ، وفى كامل عريك تستلقي
مفتوحاً على الطاولة
لا بأس ، فالفتيات هنا لا يتحدثن
التشيكية
ليلة بيضاء
لا شئَ في السماء
يستر العشاق
ولا حتى نايلون أسود
على الجلد
لا شئ ، عدا
زرارٍ مخلوع
وهو أيضاً
يضئ ..
نوبة سلامة لفيتنام
كلماتي أود أن أرسلها في مواجهة
القاذفاتِ
القاذفات
القاذفات
بكلماتي أود أن ألْقَف
القنابلَ
القنابل
القنابل
غير أن كلماتي
مكبلة
شباب في حديقة القسيس
لم يصعد المسيحُ إلى السماء
داخل دخان السُجُق المشوي
الذي يُعدُّه القسيس (غير أن الدخان يشير إلى الطريق )
انتحار
أخرُ الأبواب جميعاً
لكن لم يحدث أبداً
أن طرق المرءُ عليها جميعاً
قصيدة عن الربيع تقريباً
عصافير ، حوذيو عربات البريد ,وحين
تنهضون يُقبل الخطاب
ذو الختم الأزرق ، ذو الطوابع
المزهرة وكلماتُه
تقول :
لا شيءَ
يدوم
إلى الأبد
وأمل أيضاً
قبرٌ في الأرض
لأجل بَعْث الأمل
في عُود
(ما من شواهد قبور
ليس في الموت أيضاً
الاصطدام بالحجر)
الصيف يَنْصَرم
تباهى الأشواكُ بجلدها الطريّ
زهورُ الخشخاش تبدّل أرديتها
كامرأةٍ حامل
البابُونَج تتهرّأ
براعِمُه
نقطة المراقبة على الطريق تُغْلَق
ويلحقها المشيب
يوهانيس ببروفسكى*
صورته
على أعمدة الإعلانات
الآن
صُفيّت التركة
والشاعرُ مات
مستريحَ البال
* شاعر ألماني (1917-1964)
ليْليَّة
كثيراً مالا تأتى أيها النوم
أنت أيضاً
مصاب بالخوف
في أفكاري تلمحُ
الحلمَ
قاتلك
سفر
الأبوان
بجوار الأتوبيس
" نريد فحَسْب أن نراك "
عينا الأم
طافحتان باللَوْم
للأب
الصامت
الحياةُ خاوية
والموتى يتمددون تحت الأرض
بينما يمكثُ
الكحول
والابن الذي
يواصل السفر
صدر للمترجم
- مراثي روما (ترجمة لمختارات من شعر جوته)
- غنوة البجعة (مجموعة شعرية)
تحت الطبع
- زهور خفيفة (مجموعة شعرية)
- نون النسوة بالألمانية
- (مختارات من الشعر الألماني الحديث)
18-1-09