روتخر كوبلاند الذي أصدر أكثر من خمس عشرة مجموعة شعرية يعد من أكثر الشعراء الهولنديين عمقاً وشفافية، وتمتاز قصائده بحبكة قصصية تعتمد المفاجأة في نهاياتها كما هي حال قصيدة النثر الفرنسية. يبدو شعر كوبلاند بسيطاً للغاية لأول وهلة ولكن الحس الداخلي واللغة الحلمية الصافية هو ما يمنح شعره قوة وجمالاً كالسهل الممتنع. سبق لكوبلاند أن فاز بعدد مهم من الجوائز الشعرية في هولندا وألمانيا وأميركا وترجمت نصوصه الى لغات عدة. يعمل كوبلاند طبيباً نفسياً وقد وظف الكثير من الحالات المرضية الغريبة في شعره.
الخسة الصغيرة
استطيع أن احتمل كل شيء،
منظر الحبوب المتيبسة،
الأزهار الذاوية، العزلة
واستطيع أن أنظر الى البطاطا وهي تقتلع
من الحقل دون أن يرف لي جفن،
في مثل هذه الأمور أكون صلباً حقاً.
لكن أن ارى خسة صغيرة في أيلول،
زرعت للتو، لم تنضج بعد
في حاضنة رطبة، لا.
تحت شجرة التفاح
كانت الساعة حوالى الثامنة
حينما عدت الى البيت
وكان الطقس طيباً بشكل نادر في هذا الوقت من السنة،
الطاولة جاهزة في الحديقة
تحت شجرة التفاح.
جلست وأنا
انظر الى جاري كيف
كان يحرث حديقته، جاء الليل من الأرض
وضوء كان يزداد زرقة يحيط
شجرة التفاح.
وببطء ازدادت الأشياء روعة كما لو أنها كانت حلما
رتابة الأشياء اختفت
لتحل محلها رائحة التبن، من جديد كانت الدمى مرمية
بين الأعشاب وفي البيت بعيدا هناك
كركرة الأطفال وهم يستحمون
تصلني الى حيث اجلس،
هنا تحت شجرة التفاح.
وبعدها سمعت
خفق أجنحة الوز في السماء
وكيف كانت الأشياء تصير
هامدة وفارغة.
لحسن الحظ جاء شخص وجلس
بقربي، وبالتحديد كنت أنت
التي جاءت الى جواري
تحت شجرة التفاح،
لحظة شفافة ودافئة
نادرة في مثل عمرنا.
مغادرة البنات
كان يتوجب عليهن بالضبط المغادرة،
رأيت ذلك على ملامحهن التي بدأت
تتغير ببطء من الطفولة الى النضج،
من الماضي الى الحاضر.
عندما كن يقبلنني كنت اشم واشعر
بملامسهن التي لم تعد لي
مثلما في السابق،
عندما كان لدينا متسع من الوقت.
في بيتنا ازدهر عالم من الرغبة،
عالم من السعادة والالم،
في غرف نومهن عندما كن يجمعن حاجياتهن
التي سيأخذنها... ذكرياتهن.
الآن، وبعد ان رحلن
نظرت من خلال نوافذهن
كان المشهد كما هو،
العالم نفسه كما هو قبل عشرين عاما
عندما جئت كي اسكن هنا.
رحيل
الرحيل شيء اخر
ليس مثلما تتسلل من البيت
تغلق الباب بهدوء خلف حياتك
وتغادر دون رجعة.
ستبقى شخصا ينتظرك اخرون.
يمكنك ان تصف الرحيل
كما لو انه شكل من البقاء.
لا احد ينتظر
لانك مازلت موجودا
لا احد سيودعك
لانك لن ترحل
قوة الإيمان
السيد الذي فتح الباب
وطلبت منه بلطف ان يدعه مغلقا،
لم يستمع لي. اغلقت الباب. تحذير اول.
السيد يفتح الباب مرة اخرى
وعندما طلبت منه على الاقل
ان يغلق فمه،
لم يستمع لي. اغلقت الباب. تحذير ثان.
السيد حاول مرة اخرى فتح الباب
ولكن لانني امامه بحزم
لم يفلح. ابقيت الباب مغلقا. تحذير ثالث.
السيد رفس الباب بقوة كي يفتحها
ولانني تنحيت جانبا
سقط على ركبتيه
امام اقدامي. اغلقت الباب. تحذير رابع.
السيد كان غاضباً، يريد عراكا
لكنني عندما قلت له بلطف ان حسابي سيكون قاسيا فيما بعد
طلب المغفرة واختفى عبر الباب،
الباب الذي ابقيــته مفتوحا له
(كاتب عراقي)
السفير 16 يوليو 2010