عن دار الحرف للنشر، صدر الكتاب الثاني من ديوان " شرفة يتيمة " للشاعر صلاح بوسريف، الذي صدر جزءه الأول بعنوان " خبز العائلة "، عن نفس الدار سنة 2009.
في هذا الديوان يواصل صلاح بوسريف الحفر في سيرته الذاتية، من خلال استحضار لحظات فيها، تقااطعت ذات الشاعر مع غيرها من الذوات والأحداث والوقائع التي كان لها تأثير في نفس الشاعر وفي تكوينه.
في " حجر الفلاسفة " تظهر لحظات التكوين المعرفي، والعلاقة بالشعر والمعرفة، وكذلك السفر إلى " أرض السواد " التي هي إحدى المحطات المهمة، فيما يبدو في تكوين الشاعر وفي انقلاب حياته التي اتخذت مساراً مغايراً عن مسار الطفولة التي ظهرت في الديوان بجزئيه، كجرح عميق، طالما استشفت يَدُ الشاعر عذاباتها، وما أحاط بها من آلام.
كما أن العلاقةَ بالأب تبدو، في الديوان، بجزئيه، ذات أهمية، وتأثير خاصين، في هذه السيرة، التي اعتمدت إلى جانب السرد الشعري، على تلك اللُّمَع الشعرية، أو الومضات التي تختزل كثيراً من المواقف، والمراحل، في بضع صور ذات تكثيف شعري استعاري.
اختار صلاح بوسريف الكتابة وفق منظور العمل الشعري، كون الديوان، في جزئيه، هو كتاب متواصل، وليس نصوصاً شعرية متفرقةً، وهو ما يُساير مفهوم بوسريف للكتابة، وللاهتمام بالصفحة التي هي صفحة متموجة، متغيرة، تتخذ أوضاع وأشكال مختلفة، لا تستقر عند شكل واحد ثابت.
تتميز لغة الديوان بطبيعة التجربة اللغوية، وما تحتفي به من إيقاعات مختلفة، وهي التجربة التي أصبحت إحدى خصوصيات كتابة صلاح بوسريف، بما تتميز به من كثافة، وعمق، وما تحفل به من صور شعرية، تضع اللغة في منعطف مجازاتٍ، تجعل من الشعري يتبدى بصورة مختلفة، فيها تظهر الذات في مختلف تمظهراتها، وتقاطعاتها مع أغيارها الذين يشكلون جزءاً من هذا العمل الشعري، الذي يمكن اعتباره سيرة شعريةً بامتياز.
نقرأ على ظهر غلاف هذا الكتاب:
أيُّ كتابٍ هذا الذي سَكَنَ وجيبَكَ
وأفضى برؤاك إلى أجل غير معلوم...
ليس ما تَعَلَّمْتَه كان كافياً لوضع يدك على صًبِيبِ
وَتَرٍ، طيورُه جابت جرارك بلا كسل
بل
أنت من أسْدَيْتَ إلى نفسك كل هذا الرخاء
الذي
بَدَتْ أشرعته كتاباً
لا
يَدَ
قَبْلكَ
أقْبَلَتْ على شرفاته.