"أفكّر بكِ يا لو" مجموعة قصائد ورسائل للشاعر الفرنسي غيّوم أبولينير صدرت عن "دار تاكستويل" في باريس وفيها كل القصائد والرسائل التي كتبها الشاعر لحبيبته "لو" في نسخة كاملة تُنشر للمرة الأولى، إذ سبق أن نشر أجزاء منها متفرقة في كتب له وعنه، لكن هذا الكتاب يكرّم علاقته بالمرأة التي أحب وكتب لها الشعر.
في مدينة نيس وفي أواخر صيف 1914، تعرّف غيّوم الى خنياف مارغريت دو كولينيه وأسماها على الفور "لو" بعد أن عاش معها تجربة الحب من أول نظرة. في اليوم التالي للقائهما، اعترف لها بحبه عبر رسالة أولى. و"ولو" المولودة عام 1881، كانت امرأة متحررة ومنطلقة ومثقفة وجريئة. وفي تلك المرحلة، كانت "لو" على علاقة غرامية مع أحدهم بعد طلاقها من زوجها الأول. لكن حب غيّوم غيّر مجرى الأمور ومع ذلك بقيت متأرجحة ما بين صديقها والشاعر الملهم الذي توّج تلك المرحلة، أي مرحلة انتظاره لها برسائل كثيرة كتبها وكأنها قصائد حب وغزل، حتى أنه ضمّن بعض الرسائل بعض القصائد غير المعروفة له وتنشر للمرة الأولى. لكن اللقاء الأول بينهما لم يتم سوى قبل أسبوع من مغادرته بعد تطوعه في الجيش بداية كانون الأول من العام 1914 أي مع اندلاع الحرب العالمية الأولى. والشاعر أبولينير من أصول بولونية وإيطالية، كان مواطناً فرنسياً وطنياً بامتياز واسمه الحقيقي ويلهلم أبوليناريس دو كوستروسكي، وهو كان شديد الحماسة للمشاركة بالدفاع عن وطنه فرنسا إبان الحرب. وأول انتقال له مع الفيلق العسكري المغادر من باريس، انتقل الى مدينة نيم، وانتقلت "لو" بدورها لتلقيه هناك، حيث أمضيا أسبوعاً كاملاً. ومع بعد ذاك الأسبوع، كتب أبولينير الكثير من الرسائل أيضاً، مع ابتعاده عنها. وفي نهاية كانون الثاني 1915، حصل على إجازة طويلة أمضاها معها، ثم ما لبثا أن افترقا، وتواعدا على الكتابة من جديد، وتوالت القصائد والرسائل المفعمة بالحب والحنين، وأجملها عمل على نشرها بنفسه في كتابه "كاليغرام" الذي صدر عام 1918، لكنه توفي في التاسع من تشرين الثاني من العام نفسه، ولم يتمكن من رؤية الكتاب عند صدوره. مات قبل نشر القصائد على جبهة القتال، وتمّ نشر بعضاً من تلك القصائد أيضاً بالتعاون مع "لو" التي عاشت حتى العام 1963، أما زوجته التي توفيت العام 1967، فهي كانت تمتلك عدداً كبيراً من قصائده غير المنشورة.
عام 1955، نشر السويسري "كايير" في داره الشهيرة التي تحمل اسمه كتاباً بعنوان "قصائد ورسائل الى لو" ظناً منه أنها كاملة، لكن تبيّن أنها لا تشكل ثلث تلك المجموعة، وهي تصدر اليوم كاملة وفي توطئة للكتاب كلمة من الشاعر الذي أحب "لو" ـ حسب تصريحاته لأقرب أصدقائه في تلك المرحلة ـ فوق طاقته، وجاء في كلمته: "أحببتكِ، وظننت أنني سأتمكن من أن أمسك بكل الجماليات من حولكِ، لكنني لم أحصل إلاّ على الجسد".
المستقبل
الاحد 13 كانون الثاني 2008