بغداد ـ «القدس العربي»: حصل الشاعر والروائي والمترجم العراقي عبد الهادي سعدون على وسام الاستحقاق الذي يمنحه الصندوق الشعري العالمي سنوياً للشخصيات المؤثرة في إسبانيا من غير الإسبانيين.
وقد جاءت هذه المناسبة لتقييم مسيرة الأديب العراقي عبد الهادي سعدون، المقيم في العاصمة الإسبانية- مدريد منذ عام 1993، بنيله جائزة الاستحقاق الدولية من صندوق الشعر العالمي، وهي مؤسسة ثقافية مستقلة مقرها في مدريد.
والجائزة تمنح لأدباء وكتاب الدول الأخرى الأجنبية التي لها علاقة بالآداب الإسبانية أو ممن يكتب بالإسبانية. وجاء بيان ممثلي الصندوق بمنح جائزة الاستحقاق في دورتها التاسعة للعراقي سعدون لتميزه ونشاطه الكبير في الملتقيات والمحافل الأدبية في عموم إسبانيا وأمريكا اللاتينية، مما يشكل همزة وصل بين الثقافتين العربية والثقافات الناطقة بالإسبانية. وأضاف البيان: لكون الأديب العراقي أحد أهم ممثلي الثقافة العراقية في الأوساط الإسبانية، ولنشاطه الكبير في الكتابة بالعربية والإسبانية، وكذلك ما يقوم به من دور مهم في مسألة الترجمة من وإلى الإسبانية، إذ فاقت ترجماته أكثر من ثلاثين كتاباً في مختلف النتاجات الأدبية من شعر ورواية ودراسات. كما أشاد البيان بدوره بالتعريف بالثقافة العراقية عبر ترجمة آدابها للغة الإسبانية والتذكير بها في كل الأوساط الأدبية والصحافة الإسبانية.
وضمن جملة نشاطات التكريم، قام الشاعر الإسباني الكبير آنخلغيندا، ممثلاً عن الصندوق الشعري العالمي، بمنح وسام الاستحقاق، ثم تحدث مطولاً عن تجربة سعدون في الأوساط الإسبانية، ومن ثم عرج على أهم مراحل حياته وأنهاها بقراءات شعرية بالإسبانية ليقوم الشاعر العراقي نفسه بقراءتها باللغة العربية الأم. وعلى الرغم من كون الجائزة تقديرية في الدرجة الأولى، إلا أن أهميتها تكمن في كونها تقدم باسم الشعر والشعرية الإسبانية ممثلة بهيئتها الإدارية المكونة من أهم شخصيات الأدب الإسباني ومدعومة من قبل دار نشر أوليفانتي المعروفة. ومما يذكر أن الجائزة منحت في دوراتها الأخيرة لكتاب من تشيلي وبيرو وبلغاريا ومصر، وآخر الأسماء المتميزة التي حظيت بها شاعر أمريكا اللاتينية نيكانور بارا.
أما كلمة الكاتب عبدالهادي سعدون في مناسبة التكريم، فقد ذكر فيها بداياته الأدبية في بلده العراق، حاضنة تكوينه الأدبي، ومن ثم تحدث عن العراق في زمن الديكتاتورية الصدامية وظروف ما يعيشه البلد اليوم ولخص القول: «الثقافة والفن العراقي كان وما يزال سمة خالصة بالشعب الرافديني منذ ملحمة كلكامش حتى آخر الأصوات الأدبية الشابة، وأن الساحة العراقية اليوم تضج بالأسماء والحركات الأدبية والفنية بشكل لا مثيل له، سواء تلك التي تمارس نشاطها في العراق أو في المهاجر المختلفة، وهذا بحد ذاته كفيل بالاطمئنان على مصير الفكر والثقافة في البلد».
أما بخصوص هذه الجائزة، وأهميتها بالنسبة للجوائز والثقافة الإسبانية، فإن جائزة صندوق الشعر العالمي (FPI) جائزة تقديرية رمزية تمنح من قبل نقابة أهلية تضم أدباء وشعراء ومترجمين اسبانا ودور نشر إسبانية ينتخبون في ضوئها شخصية ثقافية أجنبية لها علاقة بإسبانيا، سواء بالإقامة في إحدى مدنها أو التواصل معها في الحضور والتلاقي والنشر أو الترويج. والجائزة بحد ذاتها مهمة لأنها تجيء من جهة أهلية، والاختيار يقع على عاتق مجموعة من الأدباء الإسبان والتقييم اعتباري من دون عائد مادي، ما يجعلها بعيدة عن شبهات الجوائز المادية وأسبابها وتقديراتها، وهي بالتالي تذكير بقيمة الأديب الأجنبي بوصفه حلقة وصل بين ثقافة بلده مع الثقافة الحاضنة وهي الإسبانية.
بدأت هذه الجائزة نشاطاتها منذ أكثر من خمس سنوات، وهي تكرم شخصيتين ثقافيتين كل عام، وأحياناً شخصية واحدة، والغرض كما جاء على لسان رئيسها الحالي الشاعر الإسباني آنخلغيندا بأنها جاءت كرد فعل من قبل المؤسسة الثقافية غير الرسمية، ممثلة بالمثقف الإسباني بالرد على الجوائز الرسمية المادية التي تتبع مسارا آخر بعيدا عن الجهد الإبداعي في أغلب الأحيان. الجائزة تمنح للعراقي عبدالهادي سعدون في دورتها التاسعة وسبق أن منحت لشعراء من جنسيات مختلفة مثل: نيكانور بارا من تشيلي، زيفكابالتزييفا من بلغاريا، محسن عمادي من إيران، سبروباندوبراي من الهند، أحمد يماني من مصر، أنيس رامون من الأرجنتين.
وفي حديثه لـ«القدس العربي» مجيباً عما ستضيفه له هذه الجائزة عبر مسيرته الإبداعية، قال الكاتب والمترجم عبد الهادي سعدون إنها جائزة تقديرية، وأهميتها أنها جاءت من كادر مثقف من الأدباء الإسبان الذين واكبوا مسيرته الأدبية والترجمية وطالعوا نتاجه المنشور باللغة الإسبانية وتتبعوا جل النشاطات النشرية والفنية والأدبية التي مارسها وما يزال في المحافل الثقافية الإسبانية، و»هم يمنحونها لي كما منحوها لشخصيات أخرى تقديراً للدور الثقافي وللتواصل ما بين ثقافتين من خلال اللغة والترجمة والتقابل».
أما عن الاستفادة منها مستقبلاً، في النشر والإبداع، أفاد عبد الهادي بأن النشر والطباعة والاشتراك في المحافل الأدبية تم منذ زمن بعيد، وليس هناك عقبات كبرى بخصوص النشر والتواصل مع الجهات الثقافية الإسبانية، بل هو أحد أسباب التفاتة المثقف الإسباني لدورك على أرضه، من خلال ما يشهده من حركة نشر وترجمة وتواصل تقوم به. مضيفاً: الجائزة تمنحك اعتبارات وتقديرات جيدة من خلال تسليط الضوء على مجمل نشاطاتك التي مارستها خلال أكثر من عشرين عاماً على الأراضي الإسبانية، وهذه بدورها نقطة ضوء لصالحك تزيد من التعريف بك وفتح المنافذ بصورة أكبر لمشاركتك في مشاريع نشر وحضور أدبي، سواء داخل إسبانيا أو في أمريكا اللاتينية.
فضلاً عن وسام الاستحقاق هذا، فإن الكاتب عبد الهادي سعدون سيكرم في شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل كأهم شخصية أجنبية متواصلة مع الثقافة المكتوبة باللغة الإسبانية، وهذا التكريم سيكون في مهرجان الشعر العالمي الإيبرو أمريكي في مدينة سلمانكا، غير أن عبد الهادي رفض الحديث بالتفصيل عن هذا التكريم، معتبرا الكلام عنه سابقاً ومبكراً عنه، و»ما يمكنني قوله إنه تكريم متفرد من نوعه لأنه ينتخب وللمرة الأولى شخصية أجنبية للمشاركة في مهرجان مخصص للآداب الإسبانية والأمريكية لاتينية، وحسب كلمة مدير المهرجان ألفريد آلنكورت بأن التقيــيم والتكريم يأتي للجهد الكبير والدور المهم للتواصل ما بين الثقافتين العربية والإسبانية ولما قمت به من ترجمات وتعريف بالآداب المكتوبة بالإسبانية، بحثاً وترويجاً ومتابعة. التكريم سيكون في شهر أكتوبر المقبل وسيشهد مشاركة واسعة من شعراء وكتاب من إسبانيا وأمريكا اللاتينية وسيقوم المهرجان بنشر كتيب تعريفي ومنتخبات شعرية جديدة».
وللتذكير فإن عبدالهادي سعدون بهذا يكون قد حصل على ثالث تكريم من قبل مؤسسات أهلية وحكومية إسبانية، وكان قبلها قد حصل على جائزة أنطونيو ماتشادو الشعرية 2009، وسام الاستحقاق للمنتدى العربي الإسباني، وسيكون اسمه حاضراً أيضاً في شهر أكتوبر المقبل من خلال تكريمه كأهم شخصية أجنبية متواصلة مع الثقافة المكتوبة باللغة الإسبانية في مدينة سلمانكا الإسبانية ومهرجان الشعر الإيبروأمريكي العالمي.
القدس العربي- 27 يونيو 2016