علي مدار يومي الأحد والاثنين من الأسبوع الماضي، أقيمت بمقر اتحاد الكتاب والمجلس الأعلي للثقافة فعاليات المؤتمر السادس للقصة الشاعرة تحت عنوان "القصة الشاعرة وآفاق التجريب"، برئاسة الدكتور جمال التلاوي نائب رئيس الاتحاد، محمد الشحات محمد أمينا عاما للمؤتمر، د.محمد سالمان ود.نوران فؤاد مقررين، وأشرف الخريبي سكرتيرا، وقد بدأ المؤتمر منذ عام 2010؛ حيث أقيم لأول مرة برئاسة الشاعر محمد الشحات محمد، ثم برئاسة د.شريف الجيار في العام التالي، وجاء الثالث عام 2012 برئاسة د.حسام عقل، والرابع عام 2013 برئاسة د.نادر عبد الخالق، ثم الخامس العام الماضي برئاسة د.السيد رشاد.
تغيب د. محمد أبو الفضل بدران، الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة عن حضور الافتتاح بمقر الاتحاد، ولكن كانت له كلمة في مقدمة الكتيب الخاص بالمؤتمر الذي أعده الخريبي تحمل عنوان "القصة الشاعرة.. توأمة الشعر والسرد""، والتي يقول فيها: "هذه الشاعرية بوتقة نسكب فيها السرد والمشاعر والإيقاع الخفي للروح... لذا فإن القصة الشاعرة تعيد للشعر رونقه، وللقص جمال الشعر ومشاعره. لم يتوقف النقد طويلا أمام الحكي في القصائد الشعرية الطوال عند امرؤ القيس وهو يحكي عن فاطمته، وعن صويحباتها.. وعن السيل والليل... لم يتوقف أمام سرد الأمكنة وتوظيفها الحكائي في المعلقات، وفي جدارية محمود درويش وقصيدة "الجنوبي" لأمل دنقل، وأقوال زرقاء اليمامة، لأن النقد كان مهموما بجنس أدبي معين بيد أنه في ظل تداخل الأجناس الأدبية كان عليه أن يتوقف كيف تتداخل رؤي النقد ومشاربه، لذلك هذه التجربة جديرة بالحفاوة النقدية وجديرة بالقراءة، لأنها توصل جنسا أدبيا يجمع بين جملة أسئلة الشعر وجمال السرد".
قوبل المؤتمر بهجوم شديد من قبل المثقفين بعد الإعلان عن تلك الدورة منذ شهور، حيث استهانوا بهذه الحركة الأدبية، علي حد تعبير التلاوي، حيث أكد أن الكتاب والأدباء اعتادوا مهاجمة أي شكل جديد، خاصة أنه بدأ عربيا ولم يأت إلينا من الغرب، وأضاف التلاوي: "تكمن أهمية المؤتمر في كونه يقدم جنسا أدبيا جديدا مازال في طور الاختبار، فمع كل تجديد في مجال الأدب يتعين علي كل كاتب أن يبدع وأن يكون له أسلوب خاص يميزه، وهو ما حدث مع القصة الشاعرة التي استحدثها الشحات محمد، ولكن وضع قواعد محددة لكتابتها يشعرني ببعض القلق حيال مستقبلها، لأن المبدع لابد أن يتحلي بالتمرد علي النمطية".
كما أكد د.جمال أن مشكلة أي مؤتمر تكون في قلة أبحاثه، ولكن هذا المؤتمر تمثلت أزمته في كثرة الأبحاث التي قدمت إليه، والتي جاء بعضها غير متماش مع المؤتمر نتيجة الفهم الخاطئ للمصطلح، حيث كتبوا عن القصة الشعرية بدلا من الشاعرة".
ومن جانبها أوضحت د.نوران تلك الأطر التي تحدث عنها التلاوي، والتي حاول المؤتمر وضعها للقصة الشاعرة، مثل الالتزام بتفعيلة، وتدوير شعري قصصي موضوعي في دفقة شعورية متمايزة، كما طالبت بعمل ببليوجرافيا للقصة الشاعرة، خاصة بعد انتشارها بغزارة علي الشبكة العنكبوتية، كما دعت إلي تكوين مكتبة للقصة الشاعرة، بما يتيح لها التجريب النقدي الإبداعي ومن ثم المراجعة والتصويب، وأضافت: "الخطأ يكمن في عدم وجود نظام أدبي عالمي مثلما يوجد نظام مالي عالمي".
ومن الأردن تحدثت الشاعرة ربيحة رفاعي، نائب رئيس الاتحاد العالمي للإبداع الفكري والأدبي، مؤكدة أن هناك عجزا في فهم القصة الشاعرة، وأنها لو كانت جاءت من بلاد أوروبية لاحترمناها، واستطردت مستنكرة: "ما نشهده في المرحلة الأخيرة يمكن اعتباره اختزالا للإبداع، فأهمية القصة الشاعرة تتمثل في خدمتها لمحورين أساسيين، الأول هو الحاجة الدائمة لتطوير الأدب، فلولاها ما كان الإنسان انتقل إلي مراحل بداياته الحضارية، أما الثانية فهي أن القصة الشاعرة تُفعل حالة فارقة في المرحلة الحالية من عمر الإبداع في المساحة العربية، باعتبارها ابتكارا عربيا صرفا غير مستورد".
وبدوره، أكد الشحات، مؤسس هذا الشكل الأدبي، علي أن وجود سمات مشتركة أو حتي متداخلة بين الفنون لا يمنع من خصوصية كل فن وتفرده، وأضاف: "القصة الشاعرة تحمل كثيرا من مميزات القصة القصيرة جدا وسماتها الشكلية والموضوعية، ولكن تزيد عنها في اتخاذها من شعر التفعيلة ثوبا تزهو به عليها".
شهد الافتتاح في نهايته عددا من التكريمات لأدباء ومثقفين يتصلون بشكل أو بآخر بالقصة الشاعرة، كما وقف الحضور دقيقة حدادا لوفاة الكاتبة والمترجمة ابتهال سالم قبل انعقاد المؤتمر بيوم واحد.
اخبار الأدب