في سنوات "العشرينات الذهبية" كانت برلين مركزاً للفكر والفن في العالم، وها هي اليوم تحث الخطى لاستعادة جزء من هذا الدور. وأحد الأنشطة التي تكسب المدينة صفة العاصمة الثقافية هو بالتأكيد مهرجان الأدب الذي يقام هذه الأيام ويستضيف كوكبة من أدباء العالم. ومن بين الأسماء اللامعة التي نجح المهرجان في استقطابها الشاعر النيجيري الحاصل على نوبل وول سوينكا الذي سيقرأ من كتابه "انطلِق في الفجر الباكر"، والروائي البيروفي الشهير ماريو فارغاس يوسا الذي سيقرأ من روايته "الفتاة الشريرة"، والروائية التشيلية إيزابيل الليندي التي ستقرأ من روايتها "إيناس توأم روحي"، والإسرائيلي دافيد غروسمان الذي ألقى كلمة افتتاح المهرجان مساء الرابع من الجاري. ويعتمد المهرجان أسلوباً معهوداً في ألمانيا لتقديم أعمال الأدباء الأجانب، وهو أن يقرأ الكتاب من أعمالهم باللغة الأصلية، على أن يقوم ممثلون مشهورون بإلقاء ترجمة نصوصهم بالألمانية. ويحضر من العالم العربي الى برلين الشاعر المصري عبدالمنعم رمضان والكاتب عبداللطيف لعبي والباحثة فاطمة المرنيسي من المغرب. أما البلد المُضيف فتمثله نخبة من الكتّاب المعروفين، على رأسهم حائز جائزة بوشنر هذا العام الروائي مارتين موزيباخ، والكاتب والمغني فولف بيرمان الذي سيقيم حفلة موسيقية بعنوان "العودة الى قلب برلين"، والروائيان البرلينيان ميشائيل كليبرغ وكاتيا لانغر مولر. وقد يكون نجم هذا المهرجان الإيطالي روبورتو سافيانو البالغ من العمر 28 سنة وهو الذي كتب تحقيقاً فاضحاً عن المافيا الإيطالية كانت نتيجته أنه يعيش الآن في حراسـة الشرطة.
عندما أسس المهرجان قبل سبعة أعوام كان مهرجاناً صغيراً مجهولاً، غير أنه كان كبير الطموح، ومنذ البدء كان يسعى الى القيام بدور أدبي يشبه دورَ مهرجان برلين في السينما. والفضل الأول والأخير في ذلك يرجع ولا شك الى أولريش شرايبر مدير المهرجان، الذي سعى طويلاً الى تحقيق حلمه في تنفيذ أفكار الكاتب الألماني بيتر فايس الذي كان يدعو الى المزاوجة بين السياسة والأدب. شرايبر – وهو في الأصل مهندس معماري – حلم بإقامة صرح أدبي كبير، وقد استطاع خلال سبع سنوات إرساء قاعدة متينة لهذا الصرح، جعلت الكاتب والمترجم الأميركي إليوت واينبرغر يقول مرة إن المهرجان سيصبح أهم تجمع أدبي في العالم.
وككل سنة يسلط المهرجان الضوء على أدب منطقة معينة، ومحور الدورة السابعة هو أدب أميركا اللاتينية. واستطاع المهرجان أيضاً في سنواته السابقة أن يجتذب عدداً كبيراً من كتّاب الأطفال والناشئة في محور خاص يلقى إقبالاً كبيراً. وبلغ عدد زوار فعاليات المهرجان في العام السابق 30 ألفاً.
في السنوات السابقة وجه متابعو المهرجان نقداً كبيراً له، ربما لطموح مؤسسيه الذي لا يعرف حدوداً، ونزعتهم لتحويل الملتقى الأدبي احتفالية ضخمة. لهذا، ولأسباب مالية أيضاً، تقلص المهرجان هذا العام بعض الشيء. لا يزال الملتقى حدثاً أدبياً يستضيف هذه السنة 150 كاتباً من مختلف أنحاء العالم، ويقدم في برنامجه كل سنة جديداً مثل "ماراثون" القراءة، الذي ستقرأ خلاله أشهر روايات النمسوي توماس برنهارد "محو" كاملة (600 صفحة)، وهو ما يستغرق نحو 24 ساعة.
الحياة
09/09/2007