القاهرة ـ “القدس العربي”:
عقدت اللجنة التحضيرية للملتقى الثاني لقصيدة النثر ـ وهي لجنة مستقلة- مؤتمرا صحافيا بمقر نقابة الصحافييين وسط القاهرة، حيث أعلنت اللجنة انطلاق الاستعدادات لاعمال الملتقى الذي من المتوقع أن يعقد منتصف آذار( مارس) القادم. ووسط حشد من الشعراء والكتاب والصحافيين ألقى الشاعر فارس خضر عضو اللجنة التحضيرية نص البيان حيث قدمه الشاعر عاطف عبد العزيز لحضور المؤتمر. وقد أكد البيان على أهمية الملتقى كخطوة ايجابية في طريق هز سلطة المحافظين الذين يحتمون بتكلس المؤسسة الرسمية ويستغلون منابرها لشن حرب شعواء على التيارات الطليعية في الأدب المصري وهي حالة عبّر البيان عن حتمية مقاومتها مركزا على الدور الانساني الخلاق للفن عموما وعلى الشعر بصفة خاصة، حيث دعا البيان الى تحويله الى اداة من ادوات الحرية واعتباره ميثاقا جديدا من مواثيق العدالة.
يذكر أن اللجنة التحضيرية جددت نفسها باضافة خمسة شعراء جدد الى عضويتها لتضم نخبة من شعراء القصيدة الجديدة في مصر، هذا بالضافة الى اللجنة الأساسية التي تضم عددا من الشعراء العرب الى جانب الشعر اء المصريين. وقد أعلن البيان عن أن الملتقى سوف يعقد تحت عنوان ما زال قيد التداول هو “قصيدة النثر والتعددية الثقافية” كذلك سيكرس الملتقى محورا للاحتفاء بالتجربة السبعينية في مصر والعالم العربي، وسوف يعلن الملتقى عن جائزة للديوان الاول وكذلك سوف يتبنى الملتقى ـ حسب نص البيان ـ الافكار التي اثارت تفاعلا من الملتقى الاول ومنها اقامة عدد من الفعاليات المشتركة مع جامعتي عين شمس والقاهرة. وعلى المستوى الدولي أكد البيان أن هناك سعيا جادا لترتيب دعوة الشاعر الايرلندي الحاصل على جائزة نوبل شيموس هيني وسوف يصدر الملتقى انطولوجيا لخمسة من الشعراء الايرلنديين الشباب بالاضافة لمختارات من هيني هذا بالإضافة الى طبع كتاب للشعراء المشاركين واختيار عدد من الكتب النقدية التي تتناول قصيدة النثر من منظور النقد الجديد. وهنا نص البيان:
كان انطلاق الملتقى الاول لقصيدة النثر في الخامس عشر من آذار( مارس) الماضي ايذانا بتدشين حقبة جديدة في علاقة المثقف بالسلطة. تلك العلاقة التي شهدت التباسا كبيرا بعد ان تعاظم دور الدولة الشمولية، وتعاظم في اطارها دور المثقف التابع والتبريري، الذي انحسرت مهمته في تسويغ خطابها في الوعي العام.
كان الملتقى صدمة حقيقية لسلطة المحافظين الذين أسرفوا علينا وعلى أنفسهم في تقديسهم الفائض للماضي، واستخدام عصاه الغليظة في تأديب من يصنفونهم في عداد المارقين.
وقد كنا نطمع ـ حقا ـ في استعادة القيمة الإبداعية، باعتبارها القيمة الجوهرية التي يدافع عنها الشاعر الحق، عبر الدفاع عن التطور كقيمة مجتمعية كبرى في سلم الحاجات الانسانية، فلا شيء يمكنه أن يبقى طوطميا طالما سلمنا بحتمية الصراع التاريخي كواحد من قوانين الوجود.
وربما بسبب سطوة هذا الماضي، يبدو الشاعر الجديد هو الحفيد الأتعس حظا، فالميراث الذي يكلله بالتقاليد المزرية قشيب ويكتظ بالإغراءات، لكنه في وجهه الاخر، قيد عنكبوتي يجره كفريسة الى فخاخ أكثر نعومة.
يضاف الى ذلك ميراثنا كأحفاد تعساء لعصور العقل الحديث، الذي تشكك في كل شيء، ووزع الحروب على خارطة أوسع من طاقة الحدوس الانسانية على التصور، كما وزع الموت على البشر بشكل يدفعنا الى البحث ـ بسخرية مرة ـ عن العدالة في توزيع تلك الآلام، والبحث في نظائرها الشعرية نقصد نظائرها في التسامي وابتكار الخلود لتلك الارواح التي أزهقها الطوطم الذي يراد لنا عبادته.
لقد ظل الشعر العربي بمنأى عن حقائق نافذة ودقيقة. فصليله أعلى من رهافة أذنه، وصوته المجلجل كان أغنية لفارس قديم يقاتل عبر البلاغة ويستدين حياته من سلافتها.
لقد ظل الشاعر فينا سادرا في الكلام في كل الاوقات التي كان عليه فيها أن يكون مستمعا فحسب. لذلك فان ما يريده لنا الأسلاف يبدو مخجلا بحق، اذا ما تصورناهم يتناسلون من خبز الماضي؛ هذا الماضي الذي تعفن حتى صار خميرة لعفن يتوالد عبر الاف السنين. فدعونا نصدق أن الشعراء يقتلهم ماضيهم، عندما يشيدون فيه قصورا يألفون هواءها، ويرفضون أن يتنفسوا غيره؛ ان قصورهم هذه تتحول الى مقابر حقيقية وان بقيت أثرا دالا لأحفادهم؛ هؤلاء الذين يعانون لكي يكتشفوا صنعة من أجل المستقبل، لا تكون، بالضرورة، ضد الماضي ، نقصد صنعة تستهدف الأحياء، الذين يحاذون الواقع، لكنهم لا يعرفون شيئا عن بلاغة شعرائه.
اننا مدفوعون حقا لإلقاء مزيد من النار على أغراض الشعر ولبوسها الكهنوتية، وعلينا التأكد من أن لحظة الحياد ستكون لحظة الضعف الحقيقية. واذا كان لزاما علينا أن نحترم ربة الشعر؛ فعلينا ألا نخاف شياطينه، بل علينا أن نزدري هؤلاء الذين يلبسون لبوس الأخيار ويتحدثون الينا دائما كواعظين باسم الماضي.
* * *
وها هو الملتقى الأول يتشكل جنينا مكتمل الملامح، بعد أن كان حلما فائضا. وكان اعتقادنا أن الحلم حق يولد مع الصرخة الاولى، لكن المناخ العام الذي أنتج أرتالا من الشمولية والفساد، أنتج ـ في الوقت نفسه ـ بذرة شيطانية ستحاول دائما أن تكون بذرة الفناء لملتقى الحالمين الذين يأملون في شعر يكتبه الناس جميعا، شعر يسعى لأن يكون رفيقا للحرية، وميثاقا جديدا من مواثيق العدالة.
ويبدو أن نجاح الملتقى الاول والتفاف المثقفين المصريين والعرب حوله، نقله ـ في نظر البعض - من كونه عملا أخلاقيا نبيلا وساميا، الى كعكة تتصارع على قنصها الضباع. لذلك لم تخل سجالات الملتقى الأول من مثل هذه الأوشاب سواء على مستوى عمل اللجنة التحضيرية أو على مستوى الضغوط القاسية للمؤسسة ومن يتبعون خطاها.
ورغبة في الحفاظ على بنيان الملتقى اضطرت اللجنة الى قبول العديد من الخيارات الناتئة والغليظة بما في ذلك الشائعات المكذوبة بانقسام اللجنة التحضيرية، بما صحب ذلك من اتهامات غير أخلاقية لأعضاء اللجنة على صفحات بعض الصحف وفي طول وعرض المواقع الإلكترونية.
وكان توسيع رئة اللجنة التحضيرية للملتقى الثاني مطلبا أساسيا، لا سيما وأن الأسماء المرشحة للمشاركة من بين الراسخين في الحركة الشعرية والنقدية، فضلا عن الاجماع الذي يحوزونه على مستوى الاداء الرفيع المتسم بدرجة عالية من الأخلاقية. فقد أصبحت اللجنة بعد تشكيلها الجديد تضم كلا من الشعراء والكتاب: ابراهيم داود، حسن خضر، شريف رزق، فارس خضر، فتحي عبدالله، عاطف عبد العزيز، علي منصور، غادة نبيل، محمد هاشم، محمود قرني، لينا الطيبي، نجاة علي، وهشام قشطة.
ويسعد اللجنة التحضيرية للملتقى بهيئتها الجديدة أن تعلن انطلاق أعمال الإعداد للملتقى الثاني لقصيدة النثر؛ الذي ستنطلق فعالياته في آذار (مارس) القادم وتستضيفه اللجنة الثقافية بنقابة الصحافيين برئاسة الأستاذ علاء ثابت مقرر اللجنة، مؤكدين السير في الطريق نفسها نحو مشروعنا من أجل الشعر والثقافة، فلن تسطيع قوة، أيا كانت، أن تعطل مسيرتنا، لأننا نسعى دائما لأن يكون عملنا تعزيزا لمنظومة القيم الرفيعة التي يدافع عنها الشعر منذ كان هسهسات في كهوف المخلوقات الأولى، مع التأكيد أن الشعر ومؤتمراته ليسا حكرا علينا أو على غيرنا، فالساحة مفتوحة لكل من يريد خدمة الشعر بصدق تقضيه طبيعة الأشياء، وسوف نكون أول المؤازرين لكل نشاط يمتلك شرط الوجود الأخلاقي والموضوعي.
* * *
ستنطلق أعمال الملتقى الثاني لقصيدة النثر تحت عنوان ما زال قيد المداولات هو “قصيدة النثر والتعددية الثقافية”. وعلى ما في هذا العنوان من فوائض دلالية الا أننا نعتقد أنه بالامكان القبض على الكثير من القضايا الجوهرية التي تعتمل في اطاره، بما لقصيدة النثر من رصيد مهم داخل أفكار ومداولات ما بعد الحداثة، وكذلك بما لها من علاقة تحليلية وسردية تحتاج الى اعادة طرح أسئلة كثيرة حول مفهوم النص الانساني وكيف تتحقق له شروط الذيوع في اطار أفكارنا حول الهويات المجروحة، وثقافة الأقليات والهوامش المهملة، التي أقصاها النص الزاعق الذي قاد الدولة القومية الى الهلاك.
وسوف يتشكل ملتقانا القادم بالأساس حول تنمية الأفكار التي حققت درجة من الايجابية والتفاعل في الدورة المنصرمة، فالى جانب المشاركة العربية التي ستشمل أجيالا ومناطق مختلفة، ستكون هناك مشاركة عالمية فعالة وثمة اتفاق يجري التفاوض بشأنه حول دعوة شاعر ايرلندا الحاصل على جائزة نوبل شيموس هيني وكذلك سيقدم الملتقى مختارات من قصيدة النثر الإيرلندية، ومن المتوقع مشاركة خمسة من الشعراء الإيرلنديين بمشاركة من المركز الثقافي الإيرلندي في دبلن. كذلك سيشهد الملتقى تقديما لائقا لتجربة جيل السبعينيات في مصر والعالم العربي، بما لهذا الجيل من تأثير وفاعلية في مقابل الاستهلاك النقدي العاجز عن تقديم التجربة بالشكل اللائق.
كما ستكون هناك جائزة للديوان الأول ستعلن اللجنة عن تفاصيلها في القريب العاجل، كما سيقدم الملتقى عددا من الفعاليات المشتركة مع جامعتي عين شمس والقاهرة، بالإضافة الى اعداد عمل شعري مسرحي سوف يقدم على أحد مسارح القاهرة. وفي النهاية لم يتبق لنا سوى توجيه الشكر الغامر لكل المثقفين والشعراء العرب والمصريين الذين آزروا الملتقى وتابعوا أعماله، وما زلنا ننتظر منهم الكثير من الدعم والمساندة، فلولا حضورهم وتأييدهم لملتقانا الأول لما كنا هنا الآن. “
أعضاء اللجنة التحضيرية:
- ابراهيم داود
- حسن خضر
- شريف رزق
- فارس خضر
- فتحي عبدالله
- عاطف عبد العزيز
- علي منصور
- غادة نبيل
- محمد هاشم
- محمود قرني
- لينا الطيبي
- نجاة علي
- هشام قشطة.
القدس العربي
12/12/2009