جلوة أولى
ممسكا بعود أجدب أنكأ التراب ساهيا،اهتز رأسي،سقط العود من يدي، اندلع تنميل أسفل عنقي إثر لسعة صفعة، التفت سريعا و جدته يجري مطالبا إياي بأن ألحقه،نهضت، ركضت، خطى إسمنتية تدك الأرض أسمعها بجلاء، ظل يد يمسك بظهري، جذبتني من الخلف، أفزعني وجه محتقن تخنقه الكلمات و الزبد،يفح هواء نتنا...
صرخ بي:
-ألا تكف عن العبث؟
جمدت.
-حتام لاتركل رجلك إلا السوء؟
تأتأت.
-أنا ... أنا... لم.
صرخ في وجهي:
-أنت ماذا؟ هل أنا أهذي ؟ألم تقذف الكرة و كدت تكسر مرآة السيارة الجانبية؟
-نعم... و لكن... لست أنا.
لم يتركني حتى اعتصر أذني بيديه مخبرا إياي أنه لن يعيد الكرة عقابا لي ..
طوال الطريق كنت أفرك إذني مهدئا ألمها،وصلت للمنزل ولجت للديواني لأجده محدقا في شاشة التلفاز، قذفته بحذائي، انتبه، قفز مقهقها، تعاركنا، إلا أنه كشأنه ..غلبني..
سألته حانقا..
- لماذا تفعل ذلك بي؟
نظر لي مبتسما قال:
- ما شأني إذا كنت توأمي البليد؟
قبل أن أرد جاء صوتها قاطعا..
- كف عن ذلك أخوك ليس بليدا...هيا أغلق التلفاز الغداء جاهز.
نظر إلي متوعدا، ولم أخبر والدتي بشيء.
كنا لا نكف عن اللعب، مفضلا هو لعبة الاختباء لكونه الأكثر قدرة على ابتكار الغريب من الأماكن للانزواء بها... والخروج منتصرا.
و حين قررنا اللعب مع رفاقنا ذلك اليوم جذبني هامسا:
- لا تبتعد عني .
و بدأت اللعبة...
العد، العدو، والاختباء في أمكنه مكينة...
هرولنا مبتعدين،توقف فجأة، أمرني.
- هيا...
نظرت إليه مندهشا...
- أين؟
أشار إلىالطريق:
- هنا
فغرت فاهي ،أجبته رافضا:
- لا،أبدا.
لا مباليا قال لي:
- حسنا ابق ببلادتك هنا.
وهبط...
تلفت، لا بد أن اللعب بدأ، ترددت بقيت متشككا من هذا المكان زمنا،ثم تبعته...
من أول درجه أحسست بالرائحة اللاذعة، الظلام يغشى المكان .
همست:
- أين أنت؟
هبطت أكثر مشمئزا من تلك الجدران اللزجة، حوّم السواد داخل صدغي،ضاغطا بشدّه على وعيي، تخبطت محاولا العودة مرتقيا السلم، صوت الدوار يطن في رأسي، الرائحة تنبعث بقوة تثير الغثيان...
صرخت فيه عبر شهقاتي المتسارعة:
- لنخرج.
علا صوتي الضعيف مناديا،رأيت في الأعلى
عيون مبحلقة، أيادي مدلاة،وجوها هلعة، مددت يدي قبل أن تسقط متراخية..جذبت..شهقت.
صفحة الحوادث:
عثر في منطقة.... على صبيين في سن الثامنة محشورين في منهول، حيث سمعت استغاثات لأحدهما وتم إنقاذه بعد نقله إلى المستشفى بينما توفي توأمه الآخر مختنقا.
جلوة ثانية
نقرات ضئيلة آتية من مكان ما،اصطخاب حركة قريبة جدا...
فتحت عينيّ وجدته يتفرس في وجهي،تراجعت فزعا..الماء والحبل أبطآ حركتي...
دنا،نظر لي بحنو أسيان.
- أقلقتني بخرس حركتك.
بالكاد أجبته:
- أشعر بالوهن.
- لقد استيقظت توا،ستعتاد كل شيء قريبا.
اعتدت فعلا على قمقمنا الهلامي، شبعنا الدائم، أحاديث العتمة معا...و زعامته الدائمة.
لانأمة تعكر صفونا إلا ضيق بدأ زحفه الرخو فينا..
قال لي يوما بحنق..
- ألا تشعر بالضجر؟
متململا نظرت لقيودنا قلت:
- نحن محشوران هناما الذي نستطيع فعله؟
- لنحاول إيجاد منفذا للخروج.
- كيف؟
- نكتشف تلك الجدران.
- أنت تلمستها مرارا ولا شيء فيها.
بنفاذ صبر قال:
- أنا لن أستسلم...لن أبقى.
أطبقت الحيرة علي سألته:
- و العمل؟
- اركل معي...أيها البليد.
و بدأت اللعبة..
العمل بلا هوادة، بجرأته، بخفته، بخططه، وإصرارنا الذي لا يلين، أخذت الجدران تنكمش وتتمدد بعتمتها...
اقتحم خيط من الضوءالمكان، ارتج الماء بعنف، إنتفضت الجدران وتقيأت منهكة ...انزلق رفيقي للأسفل...
صرخت فيه محذرا:
-قاوم...لا...
بترت كلمتي...
انتزعوه، سمعت صرخته وصداها المذعور، تهاوى حبله، الوجوه الملثمة المعلقة في الخارج حملقت فيّ، أياديها ملوثة بدمائه، حاولت العودة، ثقلت حركتي..
رائحة الضوء تخنقني..
جالت عيناي مودعا، موقنا ببدايتي خارج هذا الدفء المعتم... جذبت ... شهقت.
صفحة المجتمع:
رزق بحمد الله السيد...و حرمه المصون بباكورة زواجهما بتوأمين أسمياهما...و... جعلهما الله من الأبناء الصالحين، مبروك.
يناير 2003